عرض مشاركة واحدة
قديم 04-19-2010, 02:48 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي تفسير أحاديث من الأربعين النووية :الحديث السابع والعشرون: {البر حسن الخلق}

البر حسن الخلق والإثم ما حاك في الصدر

وعن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن البر والإثم، فقال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس أخرجه مسلم .

نعم حديث النواس بن سمعان -رضي الله عنه-: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في النفس -أو في نفسك- وكرهت أن يطلع عليه الناس" حديث وابصة بن معبد عند أحمد والدارمي: البر حسن الخلق في لفظ: جئت تسأل عن البر والإثم، البر حسن الخلق، أو فقال: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك .
وفي حديث، هو حديث جيد، وفي حديث أبي ثعلبة الخشني وكذلك لا بأس به، عند أحمد -رحمه الله- أنه قال: البر ما سكنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وفي حديث أبي أمامة أيضا عند أحمد أنه سأله لما سأله عن الإثم، قال: إذا حاك شيء في صدرك فدعه .
جاء في هذا المعنى أخبار عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن فيها ضعف، وهذه الأخبار هي أجودها، وأجودها وأصحها حديث النواس، ثم يليه حديث أبي ثعلبة الخشني، ثم رواية وابصة بن معبد، وكذلك حديث أبي أمامة، لكنه من باب الحسن لغيره في الشواهد.
وثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: إياكم وحواز القلوب، وهي الحكاكات التي تحك في القلب وتحك في النفس. فالأخبار اتفقت على تفسير البر والإثم، وإن اختلفت في اللفظ لكنها متفقة في المعنى.
"البر حسن الخلق" والبر يطلق على معاملة الخلق بمحاسن الأخلاق والأعمال بالإحسان إليهم وصلتهم وإكرامهم وأمرهم ونهيهم وبذل المعروف لهم، وبذل الخير لهم، والاجتهاد.
كما قيل: بذل الندى، وكف الأذى، وطلاقة الوجه. هذا هو البر. فسره بعضهم: بذل الندى، وكف الأذى، وطلاقة الوجه. ويروى عن بعض السلف، ابن عمر وغيره، أنه قال: البر شيء هين؛ وجه طليق، وكلام لين.
هذا هو البر، ما يكلفك شيء، أمر فعلي، وأمر قولي، وجه طليق وهو الابتسام: وتبسمك في وجه أخيك صدقة في اللفظ الآخر عند أحمد بإسناد لا بأس به: وأن تلقى أخاك ووجهك منبسط إليه ووجهك يعني بجميع وجهك منبسط إليه.
حينما توقع السرور في نفس أخيك وتتقرب إلى الله بذلك، وهذا من أعظم الحسنات؛ لأن سرور النفس من مصالحها في الدنيا، حينما تسرّ، كذلك يسر أخوك وتسر أخاك. ثم هو أيضا يكون سببا في الخير لك عند الله عز وجل.
وكذلك البر في معاملة الله -عز وجل- وعلى هذا يشمل جميع أنواع الطاعات، فشملت كلمة البر جميع أعمال الخير؛ لأن البر في أصلها من الاتساع ومنه البَر لاتساعه سمي بر، ومنه البُر حب البُر سمي بُرا لكثرة منافعه، ومنه البِر. والبَر، واسمه -سبحانه وتعالى- البَر.
فهذه الكلمة في اشتاقاقاتها وفي مواردها ومصادرها تدل على الاتساع في الخير، في كل ما تطلق عليه، ومنه بر الوالدين، سمي بر الوالدين برا حتى يجتهد المكلف في جلب أنواع الأعمال التي تسرهم، ويحسن بها إليهم، من أقوال وأفعال، وكذلك الإحسان إليهم بنفقة ونحوها، في جميع أعمال البر، وكذلك ما يعامل به ربه سبحانه وتعالى.
" البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في النفس وكرهت أن يطلع عليه الناس ". وهذه كلمة من جوامع الكلم، وهي تتفق مع قوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث النعمان بن بشير أنه قال: من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه وهكذا كلامه -عليه الصلاة والسلام- يتفق يفسر بعضه بعضا ويلتئم حتى يكون شيئا واحدا، لكن الشأن في معرفة كلامه- عليه الصلاة والسلام- خلاف ما عليه أهل الضلال الذين همهم إيراد الشبهات، وأن يصدم النصوص بعضها ببعض، ويعارض بعضها بعضا، لكنها مؤتلفة متفقة؛ فلهذا قال في اللفظ الآخر أنه أمر بالاستبراء، بأن يستبرئ: فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه .
وهذا الخبر وهو قوله: الإثم ما حاك في الصدر وكرهت أن يطلع عليه الناس جمع الحرام البين والحلال البين والأمر المشتبه بهذه اللفظة، الحلال البين والحرام البين والأمر المشتبه؛ لأنه قال: ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس. فالشيء إذا اجتمع فيه أمران، حاك في النفس يحك في الصدر يجد حرج وضيق، ثم هو عند الناس أمر مستنكر، هذا لا يكون إلا أمرا اشتهر بأنه من الأمور المحرمة؛ لأنه وجد حرجا وضيقا ثم عند الناس يعلمون أنه من الأمور التي تستنكر.
ولا يشتهر ولا يستنكر إلا الأمر المحرم، وهذا لا يكون إلا في المحرمات من الربا والزنا وشرب الخمر والكذب والنميمة، ولهذا سماه إثما، والإثم لا يكون إلا في أمر ظاهر تحريمه، ولا يكون في أمر مشتبه، وقابله بالبر ويفهم منه ما يقابله وهو ما انتفى عنه الأمران وهو ما لم يوجد فيه حرج ولم يكن مستنكرا، فانتفى الأمران.
هذا لا يكون إلا في الأمور التي تظهر من أعمال البر والخير ومن المباحات التي يعملها الإنسان ويظهرها ولا يستخفي بها؛ لأنها ظاهرة ولا تستنكر، بل هي إما مأمور بها مثاب عليها، أو مسكوت عنها؛ لأنها مباحة مثل سائر الطاعات من زكاة وصلاة وصوم وحج، وجميع أعمال البر، وكذلك سائر أنواع المباحات من شرب وأكل ولبس في غير محرم.
ثم يحصل بين ذلك مرتبتان، وهما الشبهة، وهو ما حاك في النفس ولم يستنكره الناس، ليس فيه استنكار، لكنه حاك في النفس وليس أمرا مستنكرا، أو استنكره الناس ولم يحصل في نفسه تردد ولا ضيق، فهذه مراتب كثيرة وهي مراتب الشبهات، وتقوى وترتفع بحسب قوة الشبهة، وبحسب ضعفها، يقوى ما يحيك في النفس، ثم ربما وصل إلى درجة الحرام، وربما ضعف ويكون إلى درجة الحلال.
ثم تحت هذا مسائل كثيرة وهي أنه يختلف هذا من إنسان إلى إنسان ومن شخص إلى شخص، ففي الأمور المشتبهة، إذا كان الناظر من أهل العلم والبصيرة فما حاك في نفسه فدعه، ولهذا قال في حديث أبي أمامة فدعه، يعني إشارة إلى الإعراض عنه لأن أقل أحواله أنه شبهة، فدعه، وفيما أحل الله سعة للمكلف.
كذلك أيضا إذا كان يستنكره الناس، وأنت لا تستنكره، لكن استنكار الناس مما يجعلك تقف وتتردد ويحصل عندك تردد، وهذا كله إذا كان الاستنكار مستند إلى شبهة، أما إذا كان الاستنكار غير مستند إلى شيء فلا التفات إلى استنكار الناس، بل الواجب العمل بالأدلة، وعند الجهل وعدم العلم، فلا يلتفت إلى استنكار الناس.
ولهذا ما أكثر ما يعرض ويحيك في النفس في هذه الأيام مما يسمع الإنسان في بعض الأمور وبعض المعاملات، وما يحصل له في نفسه من الأشياء المترددة المشتبهة، فإذا حاك في نفسه شيء ولم يكن هذا الأمر تركه فيه حرج عليه فالحمد لله، فيدع هذا الأمر ويتركه إلى ما لا حرج فيه.
لكن الشيء الذي يحيك في النفس والسنة دلت على أنه لا بأس به فلا يلتفت إلى مثل هذا، ولهذا بعض الناس ربما حاك في نفسه بعض الأمور المشتبهة عنده، وهي في نفس الأمر ليس فيها شبهة، فلا يلتفت إليها، ولهذا النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمر الصحابة في مواضع لم يلتفت إلى إنكارهم، بل أمرهم أن يعملوا كما عمل، ولهذا في الصحيحين من طرق كثيرة في صلح الحديبية لما أنه أمرهم بفسخ العمرة بالتحلل منها وأمرهم أن ينحروا الهدي ترددوا، ثم بعد ذلك لما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أقدموا. وكذلك في قضية الكتاب لما حصل ما حصل من عمر -رضي الله عنه- جماعة عدوا هذا ذنبا يستغفر الله منه، وكذلك لما أنه أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة، وحصل عندهم تردد غضب -عليه الصلاة والسلام- في هذه المواطن، ولهذا قال: وإن أفتاك الناس وأفتوك .
إذا كان الذي يفتيك عن غير بينة وعن غير بصيرة، في هذه الحال، ويكون أمره أمرا مشتبها يرجع إلى حواجز النفوس، والرجوع إلى حواجز النفوس وحكاكات القلوب هذا أمر معروف مطرد، وعمل به السلف رحمهم الله حينما تشتبه الأمور ويحصل فيها شيء من التردد من جهة الإقدام عليها أو تركها، نعم.
موقع الشيخ بن تيمية






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس