عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-2010, 11:55 AM رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: فوضى الحواس من روايات الكاتبة: أحلام مستغانمي


أعتقد أن نظراته قد رافقتني حتى مغادرتي القاعة. فقد أحسست بها تودعني بصمت, ولكن دون أن يكلف نفسه مشقة استبقائي بكلمة.. أو بسؤال.
من الأرجح أنه كان مأخوذا بنهاية الفيلم. فلحظة غادرت القاعة, كان الأستاذ يجمع أشياءه من الصف. بينما كان ينوب عنه المدير العجوز في إعطاء درس الأدب, في انتظار تعيين أستاذ جديد.
كان المدير يبدو صارما ومتحمسا لإصلاح كلّ ما أفسده هذا الأستاذ. حتى أنه طلب من التلاميذ أن يفتحوا كتبهم على الدرس الأول. لأنه يريد تعليمهم كل البرنامج الدراسي منذ بديته.
ولكنّه فوجئ بهم يملكون نسخا مختلفة عن نسخته؛ تنقصها تلك المقدمة النقدية.
فقد ذهب الأستاذ, ولكن بعد أن ألقى ألى سلة المهملات, كل ما كان يعتقده غير صحيح. ولم يعد بإمكان أحد بعد الآن أن يقنع الطلبة بشيء مزّقوه ورموه.
كان الأستاذ يراقب المشهد بصمت, وهو يغادر الصف محمّلا بأشيائه الصغيرة, على مرأى من المدير.
وعندما وقف ليلقي نظرة أخيرة على طلبته, نهض أحدهم وصعد على مكتبه ليودّعه من علوّه, دون أدنى كلام, بذلك القدر من صمت البكاء.
لحظتها.. كانت عدوى الشجاعة تنتقل إلى بقية الطلبة, الذين راحوا يصعدون الواحد بعد الآخر على طاولاتهم ليوّدعوا صمتأ ذلك الأستاذ الذي طرد من وظيفته, لأنه علمهم الوقوف على الممنوعات والنظر إلى العالم بطريقة مختلفة.
وكما في الحياة, كان هناك قلّة فضلوا البقاء جالسين على كراسي الخضوع, تملقا للمدير.
ولكنهم في انحنائهم, لم يكونوا ليستوقفوا النظر, فقد قصرت قامتهم. وسط صف أصبح كلّه على الطاولات!
كان الأستاذ يغادر الصف. وكنت أغادر القاعة, واثقة من أنني تقاسمت مع ذلك الرجل الغريب لحظة بكاء, بعدما تقاسمت معه لحظة من الرغبة الصامتة.
ولم يكن مهماً لحظتها أن تكون تلك المرأة التي جلست إلى جواره "هي" أم "أنا"؛ فقد حدثت الأشياء بيننا كما أرادها في عتمة قاعة سينما.



[ يتبع ] ,

لنا عووودة مع فوضى لاتنتهى
نووووووووور








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس