عرض مشاركة واحدة
قديم 04-20-2008, 05:23 PM رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: خطوات على الجمر

المحاولة الرابعة:
ذكر إبن جبير تفاصيل هذه المحاولة حيث وصل مدينة الإسكندرية بمصر أثناء رحلته يوم السبت / التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة سنة 578 هـ ( 1) ورحل منها يوم الأحد / الثامن لذي الحجة من السنة نفسها، (2) وذكر في رحلته ما شاهد بالإسكندرية:

لما حللنا الإسكندرية في الشهر الموؤرخ أولا عاينا مجتمعا من الناس عظيما بروزا لمعاينة أسرى من الروم أدخلوا البلد راكبين على الجمال ووجوههم إلى أذنابها وحولهم الطبول والأبواق. فسألنا عن قصتهم ، فأخبرنا بأمر تتفطر له الأكباد إشفاقا وجزعا. وذلك أن حملة من نصارى الشام اجتمعوا وأنشأوا مراكب في أقرب المواضع التي لهم من بحر قلزم "البحر الأحمر – ثم حملوا أنقاضها على جمال العرب المجاورين لهم بكراء اتفقوا معهم عليه ، فلما حصلوا بساحل البحر سمروا مراكبهم وأكملوا إنشاءها وتأليفها ودفعوها في البحر وركبوها قاطعين بالحجاج، وانتهوا إلى بحر النعم فأحرقوا فيه نحو ستة عشر راكبا، وانتهوا إلى عيذاب فأخذوا فيها مركبا كان يأتي بالحجاج من جدة، وأخذوا أيضا في البر قافلة كبيرة تأتي من قوص إلى عيذاب، وقتلوا الجميع ولم يحيوا أحدا، وأخذوا مركبين كانا مقبلين بتجار من اليمن، وأحرقوا أطعمة كثيرة على ذلك الساحل كانت معدة لميرة مكة والمدينة أعزهما الله، وأحدثوا حوادث شنيعة لم يسمع مثلها في الإسلام، ولا انتهى رومي إلى ذلك الموضع قط.

ومن أعظمها حادثة تسد المسامع شناعة وبشاعة، وذلك أنهم كانوا عازمين على دخول مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وإخراجه من الضريح المقدس. أشاعوا ذلك وأجروا ذكره على ألسنتهم. فأخذهم الله باجترائهم عليه وتعاطيهم ماتحول عناية القدر بينهم وبينه. ولم يكن بينهم وبين المدينة أكثر من مسيرة يوم. فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية دخل فيها الحاجب المعروف بلؤلؤ مع أنجاد المغاربة البحريين. فلحقوا العدو وهو قد قارب النجاة بنفسه فأخذوا عن آخرهم. وكانت آية من آيات العنايات الجبارية، وأدركوهم عن مدة طويلة كانت بينهم من الزمن نيف على شهر ونصف أو حوله. وقتلوا وأسروا، وفرق من الأسارى على البلاد ليقتلوا بها، ووجه منهم إلى مكة والمدينة. وكفى الله بجميل صنعه الاسلام والمسلمين أمرا عظيما، والحمد لله رب العالمين. (3)

لاحظ في هذه المحاولة البغيضة، أن من قاموا بها كانوا من النصارى، ورغم أن النصارى ينكرون نبوة النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن هذه العصابة كانوا على يقين ببقاء جسده الطاهر لم يتحلل بعد أكثر من خمسمائة عام من دفته، وتحديدا في عام سنة 578 هـ. والمحاولة الثالثة التي قام بها بعض ملوك النصارى ونفذت بواسطة اثنين من النصارى المغاربة 557 هـ. وكانوا بالفعل في طريقهم إلى المدينة على مسيرة أكثر من يوم لاستخراج جثمانه لولا أن قدر الله تعالى للمسلمين أسرهم وقتلهم.

المحاولة الخامسة:
"يا صواب: (4) يدق عليك الليلة أقوام المسجد، فافتح لهم ومكنهم مما أرادوا ولا تعارضهم ولا تعترض عليهم". (5)

كلمات قالها أمير المدينة النبوية لشيخ خدام المسجد النبوي الشريف في شأن ناس من أهل حلب جاءوا لإخراج جسد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من الحجرة الشريفة ، وفيما يلي تفصيل ذلك:

لقد ذكر المحب الطبري في "الرياض النضرة في فضائل العشرة"، قال: أخبرني هارون ابن الشيخ عمر ابن الزعب – وهو ثقة صدوق مشهور بالخير والصلاح والعبادة – عن أبيه، وكان من الرجال الكبار – قال: كنت مجاورا بالمدينة المنورة وشيخ خدام النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك شمس الدين صواب اللمطي، وكان رجلا صالحا كثير البر بالفقراء والشفقة عليهم، وكان بيني وبينه أنس، فقال لي يوما: أخبرك بعجيبة، كان لي صاحب يجلس عند الأمير ويأتيني من خبره بما تمسُّ حاجتي إليه، فبينما أنا ذات يوم إذ جاءني فقال: أمر عظيم حدث اليوم، قلت: وما هو؟ قال: جاء قوم من أهل حلب وبذلوا للأمير بذلا كثيرا، وسألوه أن يمكنهم من فتح الحجرة وإخراج أبي بكر وعمر رضي الله عنهما منها، فأجابهم على ذلك، قال صواب: فاهتممت لذلك هما عظيما، فلم أنشب أن جاء رسول الأمير يدعوني إليه، فقال لي: يا صواب: يدق عليك الليلة أقوام المسجد، فافتح لهم ، ومكنهم مما أرادوا ولا تعارضهم، ولا تعترض عليهم، قال: فقلت له: سمعا وطاعة، قال: وخرجت ولم أزل يومي أجمع خلف الحجرة أبكي لا ترقأ لي دمعة ولا يشعر أحد ما بي، حتى إذا كان الليل وصلينا العشاء الآخرة وخرج الناس من المسجد وغلقنا الأبواب فلم ننشب أن دق الباب الذي حذاء باب الأمير، أي باب السلام ، فإن الأمير كان سكنه حينئذ بالحصن العتيق.

قال: ففتحت الباب، فدخل أربعون رجلا أعدهم واحد بعد واحد، ومعهم المساحي والمكاتل والشموع وآلات الهدم والحفر. قال: وقصدوا الحجرة الشريفة، فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ماكان معهم من الآلات، ولم يبق لهم أثر،
قال: فاستبطأ الأمير خبرهم، فدعاني، وقال: يا صواب ألم يأتك القوم؟ قلت: بلى، ولكن اتفق لهم ماهو كيت وكيت، قال: انظر ما تقول، قلت: هو ذلك، وقم فانظر هل ترى منهم باقية أو لهم أثراً، فقال: هذا موضع هذا الحديث، وإن ظهر منك كان يقطع رأسك، ثم خرجت عنه، قال المحب الطبري: فلما وعيت هذه الحكاية عن هارون حكيتها لجماعة من الأصحاب فيهم من أثق بحديثه فقال: وأنا كنت حاضرا في بعض الأيام عند الشيخ أبي عبد الله القرطبي بالمدينة والشيخ شمس الدين صواب يحكي له هذه الحكاية سمعتها بأذني من فيه ، انتهى ماذكره الطبري.

قال السمهودي: وقد ذكر أبو محمد عبد الله بن أبي عبد الله بن أبي محمد المرجاني هذه الواقعة باختصار في تاريخ المدينة له، وقال: سمعتها من والدي، يعني الإمام الجليل أبا عبد الله المرجاني، قال: وقال لي: سمعتها من والدي أبي محمد المرجاني سمعها من خادم الحجرة، قال أبو عبد الله المرجاني: ثم سمعتها أنا من خادم الحجرة الشريفة، وذكر نحو ما تقدم، إلا أنه قال فدخل خمسة عشر – أو قال عشرون – رجلا بالمساحي، فما مشوا غير خطوة أو خطوتين وابتلعتهم الأرض ولم يسم الخادم ، والله أعلم. ( 6)


وتجدر الإشارة إلى أن هذه المحاولة كانت في منتصف القرن السابع الهجري ويدل على ذلك قوله بعد ذكره هذه القصة: وأما أهل بغداد فقد تقدم في الباب الاعتذار عنهم بأنهم كانوا مشغولين بما داهمهم من أمر التتار فلذلك لم يرد جوابهم عن هذا الأمر. (7)

فعلم أن هذه المحاولة كات عند انشغال العباسيين بأمر التتار، ومعلوم أن ذلك كان في منتصف القرن السابع الهجري. ( 8)

وإنه لمن الغريب حقا أن يأتي ناس علنا يقصد إخراج أجساد الشيخين جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلاحظ أن هؤلاء الناس لم يستخدموا في هذه المحاولة أسلوب السرداب كما سبق ضمن بعض المحاولات لأن السور الرصاصي الموجود حول القبور الشريفة حال دونهم فلجاوا إلى مؤامرة علنية لدخول الحجرة الشريفة وحفر القبور المباركة بكل مكر ودهاء وبالتعاون مع أمير المدينة آنذاك، وقد باءت هذه المحاولة بالفشل وحفظ الله جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبور الشريفة. اهـ.

وهذه المحاولة الأخيرة قام بها الشيعة أيضا، فهؤلاء كانوا (قوم من شيعة حلب وأغروا أمير المدينة آنذاك بالأموال الجزيلة لكي يمكنهم من نقل جثمان الصديق والفاروق ليحرقوهما فأجابهم هذا الأمير لذلك، لأن الشيعة في ذلك الوقت كان لهم النفوذ في الحجاز ... وقيل: إن ذلك الأمير تاب بعد ذلك وكتب عما شاهده من أمرهم، هذه الحادثة ذكرها المحب الطبري وعزا للقرطبي أنه سمعها من شمس الدين بنفسه وهو في المدينة المنورة، وذكرها السيد السمهودي).

وكان هناك محاولة استهزاء من أحد سفهاء النصارى أخزاهم الله، لا نقول أن من قام بها ساحر، ولكن حتما كان الشيطان يدفعه ويغرر به لا محالة، (ورد في بناء الوليد بن عبد الملك للمسجد النبوي الشريف أن أحد الروم الذين استخدمهم في البناء رأى ظهراً أن المسجد خال من الناس فقال هذا الرومي: لأذهبن وأبولن على قبر صاحبهم فقال له زملاؤه من الروم: إنك لن تستطيع ذلك، فأصر عدو الله على الذهاب، فلما تجاوز المنبر وقبل أن يصل إلى المحراب صرخ صرخة منكرة وسقط على الأرض، فلما جاء قومه وجدوا بطنه قد انفجرت ودماغه قد انتثر).

ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ

[1] (رحلة ابن الجبير) ص12.
[2] (رحلة ابن جبير) ص17.
[3] (رحلة ابن الجبير) ص31 ، 32 .
[4] هو صواب الشمس الملطي شيخ الخدام، وذكر السخاوي حكايته والثناء عليه ضمن ترجمة هارون بن الزغب.
انظر: التحفة اللطيفة (2/247) نرجمة رقم 1829. (هكذا ذكره سخاوي ولعل الصواب اللمطي ).
[5] (وفاء الوفا) (2/653) والوفا بما يجب لحضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ص 153.
[6] (وفاء الوفا) (2/653 ، 654).






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس