عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-2011, 02:26 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الاقتصاد المصريّ من الاستقلال إلى التبعيَّة

رابعًا ـ التنمية الاقتصادية:
(1) الاستثمار الأجنبي المباشر:
أ- في تناول ما تحقق في التنمية، نبدأ بالإشارة إلى نتائج الاستثمار الأجنبي، باعتباره حلقة الاتصال مع الحديث السابق، فهو يتقدم في ظل التمهيد الذي تحققه الضغوط السياسية و"توصيات" صندوق النقد الدولي، وهو في نفس الوقت أداة أساسية لإعادة صياغة البنية الاقتصادية والاجتماعية على النحو المستهدف. وقد واصلت الحكومة في هذا القطاع نفس محاولاتها في الجهات الأخرى للمحافظة على سعر الصرف الرسمي، فرفضت مطالبات المستثمرين الأجانب لحساب قيمة المال المستثمر (دخولاً وخروجًا) بسعر السوق الموازية، وكان القانون 43 ينص بوضوح على احتساب النقد الأجنبي الحر الممول لجمهورية مصر العربية بالسعر الرسمي عن طريق أحد البنوك الأجنبية المسجلة لدى البنك المركزي المصري؛ لاستخدامه في تنفيذ أحد المشروعات أو التوسع فيها (م ـ 2). ولكن نفس القانون لجأ إلى صياغة أخرى أقلَّ وضوحًا، عند الحديث عن تحويل المال المستثمر إلى الخارج، فنص على أن يكون التحويل بذات العملة الوارد بها، وسعر الصرف المعمول به وقت التحويل (م ـ 21). وحاول المستثمرون الأجانب النفاذ من هذه الثغرة، على أساس أن نص "سعر الصرف المعمول به وقت التحويل "لا يلزم بالسعر الرسمي (في حالة تعدد أسعار الصرف)، أي: يمكن أن يكون سعر التحويل سعر السوق الموازية مثلاً؛ ولذا أكدت الحكومة موقفها في أواخر العام حين أعلن ممدوح سالم أن الحكومة "أعدت مشروعًا بقانون، ستقدمه إلى مجلس الشعب قريبًا، بتحديد سعر التحويل الخاص بالمال المستثمر الوافد إلى مصر؛ بحيث يكون السعر الرسمي، دخولاً وخروجًا؛ وذلك لتحقيق وضوح الرؤية، بالنسبة لشروط الاستثمار أمام المستثمرين الأجانب" (79).
ب ـ وهذا الموقف ـ مع أسباب أخرى أهم ـ جعل النتائج في العام الثاني من الانفتاح ـ كما في العام السابق ـ بعيدة جدًا عن الأحلام الرائجة في بداية 1974. في 31 مارس 1975 كان إجمالي المشروعات الموافق عليها (داخل البلاد) 189.2 مليون جنيه (منها 118 مليونًا بالنقد الأجنبي) وكان عدد المشروعات 178 مشروعًا. وفي 31 ديسمبر تغيرت الأرقام إلى 364 مليون جنيه (منها 207.2 بالنقد الأجنبي) في 290 مشروعًا. وبالنسبة للمشروعات الموافق عليها (بنظام المناطق الحرة) كان إجمالي رأس مال المشروعات الموافق عليها (حتى 31 مارس) 735 مليون جنيه (منها 727.9 مليونًا بالنقد الأجنبي). والعدد 32 مشروعًا. وفي 31 ديسمبر ارتفعت الأرقام إلى 856.4 مليون جنيه (منها 843.9 مليونًا نقد أجنبي) في 78 مشروعًا.
إلا أن هذه الموافقات تمخضت في واقع الحال عن استثمار فعلي داخل القطر، لا يتجاوز 5.5 مليون جنيه في 22 مشروعًا، وفي المناطق الحرة كان رأس المال المستثمر فعلاً 5.6 مليون جنيه في مشروعين اثنين. وباختصار، كانت نسبة الاستثمار الفعلي إلى الكلام المدون على الورق 0.9 % (80).
وكَما نذكر، حاول ممدوح سالم في بداية عهده أن يكسب من سخط الدوائر الخارجية، والمنتفعين من التعامل معها، على سياسة الضوابط التي انتهجت أثناء حكومة عبد العزيز حجازي، وانعكس هذا في إبداء مزيد من التنازلات، في أول مؤتمر صحفي، أعلن الرئيس الجديد لمجلس الوزراء "أن الأصل هو إباحة الاستثمار؛ ليتجه إلى مواضعه الطبيعية حسب حريته في السوق المصرية واحتياجاتها. وكل شرط هو قيد. وكل قيد هو انغلاق، وهو استثناء (....) يجب أن نرحب بكل مال عربي أجنبي، يجد سبيله إلى الاستثمار في البلاد" (81).
ج ـ إلا أن الحكومة عادت في بيانها الرسمي أمام مجلس الشعب (13 مايو) إلى مفهوم الضوابط، فقالت: "إننا نقبل في إطار خطط التنمية القومية الشاملة كل استثمار يضيف إلى ثروة المجتمع، ويفتح أبوابًا جديدة لتشغيل الأيدي العاملة المصرية". وعلى نهاية السنة، كان ممدوح سالم مُضطرًا إلى التعبير عن خيبة أمله بانفعال، وبنقد شديد للمستثمرين الأجانب، مع دفاع عن موقف الإدارة المصرية (لم يتمكن من مواصلته في السنوات التالية)، فأوضح "أن كل مشروع يعرض علينا ليس بالضرورة مشروعًا جادًا، أو يحقق مصلحة مشتركة بين المستثمر وبين مصر (...) وقد رأيت بعض المشروعات الصغيرة التي لا يتحقق فيها التكافؤ بين مصلحة المستثمر ومصلحة مصر، وفي رأيي أن المشروع الذي يستطيع أي مصري القيام به، فليس هناك ما يدعو لأنْ يقوم به أجنبي، وهناك مشروعات لا تزيد قيمتها على بضعة آلاف من الجنيهات؛ ولذلك تم رفضها، ولكن أصوات أصحابها مرتفعة، فيخرجون ليعلنوا أنهم أتوا لاستثمار أموالهم، ولكن مصر ترفض مشروعاتهم (....).
وما يقال عن البيروقراطية كمسئولة عن توقف كل المشروعات غير صحيح، فلقد درست كل مشروع من المشروعات التي رفضت، وإنني على استعداد لمناقشة أي مشروع، وأن أوضح أسباب رفضه (...) وهناك على سبيل المثال بعض المشروعات التي يشترط أصحابها الحصول على عمولة قيمتها 5 دولارات عن كل طن ينتج، وذلك بخلاف اشتراكنا في رأس المال، وبعد دراسة الموضوع تبين لنا أن المستثمر سوف يحصل على 80 مليون دولار خلال 10 سنوات دون أن يعمل شيئًا، بينما نقوم نحن بعمل كل شيء. إن الاستثمار ليس معناه أن يأتي المستثمرون للحصول على الأموال من مصر، ولكننا نريد أن نستفيد بالاستثمارات وعائد الاستثمارات ونشغل العمالة، ونطوّر صناعاتنا ونكتسب خبرة، وإلا فإن عملية الانفتاح لا تكون قد سارت في الطريق الصحيح".
وأعلن رئيس مجلس الوزراء بعد هذا "أنه في الحقيقة من كثرة استعمال كلمة الانفتاح؛ فإنني أستثقِلُها"، وكان ذلك أبلغ تعبير عن شعور مسئول كبير بالإحباط في أواخر 1975، إلا أنه قدم عزاء للنفس وللمستمعين (79)، فأدخل في حساب ما حول في عمليات استثمار رأس المال العربي والأجنبي خط أنابيب البترول (برأسمال 400 مليون دولار) والتوسع في الاتفاقيات مع شركات البترول (بلغت 27 اتفاقية تغطي مساحة 160.000 كم 2 وأنفقت الشركات في البحث والتنقيب حتى ذلك التاريخ حوالي 82 مليون دولار). وكان هذا الاستطراد من جانب ممدوح سالم ـ مغالطة؛ لأن خط الأنابيب شركة مشتركة بين الحكومة المصرية وحكومات عربية خليجية، والشركة - بهذه الصفة - قناة مستقلة لتحويل الموارد العربية (وكنا نرجو أن يتم التوسع في اجتذاب الأموال العربية عبر هذا المنهج)، وهي تختلف عن قناة قانون الاستثمار الذي يعتمد على مبادرات القطاع الخاص العربي والأجنبي، أما الاتفاقيات مع شركات البترول، فإنها فعلاً مما استخدم في استثارة الآمال الكاذبة (82)، ولكنها أيضًا عملية لها حساباتها ودوافعها الخاصة لدى الشركات الأجنبية، وتخرج أيضًا عن دائرة القانون 43.
ولكن يقع في دائرة القانون ـ وهذا ما لم يذكره ممدوح سالم أن هيئة الاستثمار أعطت موافقاتها لـ 25 بنكًا كي تبدأ العمل.
(2) الخطة الانتقالية في التنفيذ:
أ ـ تهليل البنك الدولي للنتائج:
ورثت حكومة ممدوح سالم تعهدًا من الحكومة السابقة بوضع خطة خمسية (1976 ـ 1980) خلال عام 1975، وورثت الخطة الانتقالية التي كانت قد اعتُمِدت وبُوشر تنفيذها. وقد أسقطت الحكومة التزامها بالتعهد الأول (وضع خطة خمسية)، بل بدا في بيانها أنها لا تفكر في الموضوع، مركزة اهتمامها على التخطيط القصير الأجل. وفي هذا النطاق تظاهرت الحكومة بأنها بصدد إدخال تعديلات أساسية على خطة (أو برنامج عام 1975) (83). ولكن ثبت أن الحكومة أرادت ـ بالكلمات فقط ـ أن ترسخ الإيحاء بأنها تمثل شيئًا إيجابيًا جديدًا. وعلى ذلك، شهد عام 1975 تنفيذًا لنفس الخطة، مع مزيد من النشوة؛ نتيجة الانتصارات التي حققها أصحاب الانفتاح.
ماذا كانت نتائج التنفيذ؟ نبدأ بتقييم البنك الدولي: سجل البنك أن الخطة أسفرت عن معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الإجمالي يصل إلى 9.8 % (نقلاً عن تقديرات وزارة التخطيط، وهذا المعدل الواضح الارتفاع يرجع جزئيًا إلى عامل خارجي طارئ هو إعادة فتح قناة السويس (يونيو)، واسترداد حقول البترول في سيناء (نوفمبر). ويقول تقدير البنك الدولي: إنه باستبعاد أثر هذا العامل، يهبط معدل النمو إلى 8 %. ولا شك أن المعدل (بعد خفضه) يظل شكله مفرحًا ومحترمًا؛ ولذلك لم يحاول البنك أن يثير حوله أي شك، واستطرد إلى المقارنة مع معدلات النمو التي أعلنها التخطيط للعام 1973 (وكانت 2.7 %) والعام 1974 (وكانت 3.2 %)؛ إذ إن القفزة إلى معدل 9.8 %، أو حتى إلى 8 %، أجازت للبنك أن يقول "إن السياسات الاقتصادية الجديدة التي اتخذتها الحكومة تسببت في أن النشاط الاقتصادي تسارع عام 1975 (...) وقد جاءت الدفعة الأساسية لهذا النمو التوفر المتعاظم للمعونة الأجنبية التي سمحت لمصر أن تزيد وارداتها من السلع الوسيطة عام 1975، وأدت إلى استخدام أكبر للطاقة الإنتاجية. كذلك مكنت مصر من الاحتفاظ بمستوى أعلى جدًا من الاستثمار (شاملاً الإنفاق على تعمير مدن قناة السويس). وفي نفس الوقت، فإن استعادة حقول سيناء، وإعادة فتح قناة السويس، واستعادة النشاط السياحي، أدَّت إلى زيادة كبيرة في موارد النقد الأجنبي" (84).
البنك الدولي أراد أن يقنعنا – إذًا - بأن السياسة التي ساهم في فرضها، أنجبت نتائج سعيدة في مجال التنمية،
أو "معجزة اقتصادية مصرية"، وهذا حقه. ولكن جرت العادة في الهيئات العلمية، أن تستر العواطف والتحيزات بشيء من التدقيق والتحليل، والتظاهر بذلك ـ في حالة سوء النية ـ أفعل في تسريب النتائج التي يُراد تسويقها، ولكن البنك الدولي تكاسل عن مجرد القيام بهذا الجهد. لقد سبق أن أوضحنا رأينا حول معيار معدل النمو، وأوضحنا أنه
لا يمكن أن يكون معيارًا منعزلاً عن الهدف (الاستقلال بمفهومه المركب)، وهو في كل الأحوال لا يمكن أن يكون معيارًا منعزلاً عن الهدف (الاستقلال بمفهومه المركب)، وهو في كل الأحوال لا يمكن أن يكون المعيار الوحيد
أو الأساسي لنجاح التنمية، وبعض الكتابات النظرية لمسئولين في البنك الدولي قد تقترب الآن مما نقول، ولكن في السياسات العملية (كما تنعكس في تقاريره عن مصر)، اعتمد معيار معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي باعتباره المرجع الأساسي أو الوحيد لقياس النجاح الذي حققته التنمية. وأسوأ من ذلك أن تقارير البنك اعتبرت أن ارتفاع معدل النمو - كنتيجة للانفتاح - مسألة لا تستحق عناء الإثبات.

صحيح أن معرفة النتائج الفعلية للخطة الانتقالية (1975) مسألة بالغة الصعوبة (بالنسبة للباحث المصري)؛ لأن التقارير الرسمية تضاربت كثيرًا في الأرقام المُعلَنة (وسنعرض حالاً جولة حول المتغيرات الأساسية كما وردت في بعض التقارير التي أُتِيح لنا أن نطلع عليها) ولكن هذا التضارب لا يفسر تقاعس خبراء البنك الدولي عن التمحيص، وتعجلهم في إصدار الأحكام، ولا شك أن حقوقهم في الاطلاع، وصلاحياتهم في المساءلة، كانت تسمح لهم بأكبر اقتراب ممكن من الحقيقة.. لو كانوا يريدون.
ب ـ الاستثمار:
أعلن وزير المالية في بيانه (ديسمبر 1975) أنه كان قد تقرر خفض إجمالي الاستثمار الثابت (أو العيني) إلى 890 مليون جنيه (بدلاً من 1154.4 مليونًا كما كان مستهدفًا في مشروع الخطة الانتقالية)، وأعلن نفس البيان أيضًا أن متابعة الإنجازات المالية (عن الفترة المالية من 1/ 1/ 1975 إلى 30/ 9/ 1975) دلت على أن الاستخدامات الاستثمارية للقطاع العام بعد ثلاثة أرباع العام لم تتجاوز 287.3 مليون جنيه فقط، أي لم تتجاوز 36 % من الرقم المستهدف لعام 1975 (بعد خفضه). ويعني هذا ـ من ناحية ـ أن الإنفاق الاستثماري الحكومي المستهدف لعام 1975 كان 798 مليون جنيه. ولكن نلحظ هنا أن تقرير البنك الدولي نقل عن مصادر وزارة المالية، أن الإنفاق الاستثماري للحكومة كان 757.3 مليون جنيه فقط (85) ـ ولكن ما يعنينا أكثر ـ من ناحية أخرى ـ هو ما قيل حول أن المحقق من الاستخدامات الاستثمارية الحكومية طوال تسعة شهور لم يتجاوز 36 % من الإجمالي المستهدف، فقد جاء بعد ذلك في تقديرات المتابعة المالية للباب الثالث، أن ما تم الخصم به على هذا الباب حتى 31/ 12 قفز إلى 856.5 مليون جنيه (بعد أن كان 287.3 مليونًا فقط في آخر سبتمبر!). ونذكر أن عضوًا في مجلس الشعب قدم سؤالاً إلى وزير المالية تضمن (ضمن علامات استفهام عديدة) طلب تفسير لهذه القفزة الغربية في الإنفاق الاستثماري الحكومي، وقد لزِمت وزارة المالية الصمت في هذه النقطة أثناء جلسة المواجهة مع العضو صاحب السؤال (86).
على أية حال. القفزة إلى رقم 856.5 مليون جنيه، اقتربت بنا مما أوضحته بيانات وزارة المالية الخاصة بمتابعة الموازنة النقدية لعام 1975. فقد أثبتت الأخيرة أن إجمالي قيمة الواردات من السلع الاستثمارية في تلك السنة بلغ نحو 255 مليون جنيه، وهذا الرقم قد يكون مؤشرًا لاستثمارات تبلغ 827 مليونَ جنيه (بافتراض مكون أجنبي 35 % ـ رغم أن المكون الأجنبي المُستهدَف في الخطة كان 40 %).
أيضًا اقتربت تقديرات وزارة التخطيط مع رقمَي المتابعة المالية، والموازنة النقدية. فالوزارة قدرت حجم المباني والتشييدات بنحو 420 مليون جنيه، على أساس الكميات المُتاحة للاستخدام المحلي من الأسمنت وحديد التسليح (الإنتاج ـ الصادرات + الواردات) وهي السِّلَع الاستراتيجية في تقدير قيمة التشييد، ومع افتراض أن المباني والتشييدات تمثل 50 % من إجمالي الاستثمار، خلصت وزارة التخطيط إلى تقديرات الاستثمار المنفذ في عام 1975 بحوالي 840 مليون جنيه.
إلا أن هذه التقديرات التي تراوحت بين 830 و 860 مليون جنيه تعارضت تعارضًا واضحًا مع قيمة الاستثمارات المنفذة؛ وفقًا لبيانات الوزارات، وجهات التنفيذ الأخرى. فوفقًا لهذا المصدر بلغ الإجمالي 1210.4 مليون جنيه، فإذا أبعدنا نصيب القطاع الخاص ونصيب الشريك العربي والأجنبي في قطاع البترول، أصبح إجمالي الاستثمارات نحو 1031.3 مليون جنيه، هذا الرقم الأخير يزيد حوالي 17
أو 24 % عن التقديرات المتقاربة السابقة. أيضًا كان المكون الأجنبي للاستثمارات ـ وفقًا لجهات التنفيذ ـ نحو 367.2 مليون جنيه (بنسبة 35.6 %)، وهذا الرقم يزيد عن نظيره في الموازنة النقدية حوالي 44 %، وقد أبدت وزارة التخطيط دهشتها من هذه المفارقة، فطلبت قيام الوزارات وجهات التنفيذ بمراجعة تقديراتها للاستثمار المحقق في تلك السنة؛ لأن عدم دقة التقديرات كان سببًا محتملاً للتضارب، أو تكون الوزارات قد أدخلت في حساب الاستثمارات الدفعات المقدمة لشركات المقاولات (هذه المبالغ لا تمثل استثمارًا حقيقيًا بمفهوم التنمية، وهي بالتالي نوع من التقديرات الخاطئة)... أو يكون سبب التضارب أن حجم الاستثمار المنفذ قد تضخم فعلاً بهذا القدر. (وهو الاحتمال الأبعد في تقديرنا).

على أيَّة حال، مضت الأمور بغير تصويب، وحين أعلنت أرقام نهائية عن حجم الاستثمار المنفذ عام 1975، كانت متضاربة تمامًا، فقد اعتمدت وزارة التخطيط على البيانات الواردة من جهات التنفيذ، وبعد كل المراجعات والتدقيقات، نشر تقرير واحد للبنك الدولي رقمين متباينين (كأرقام نهائية) عن إجمالي الاستثمار الثابت (بالأسعار الجارية)، فذكر مرة أنه 940 مليون جنيه، وذكر في الصفحة التالية مباشرة أنه 1194 مليون جنيه (بزيادة 27 % عن الرقم السابق) (87)، ولم تتوقف بعثة البنك لحظة للمراجعة أو التفسير. نفس الشيء فعله صندوق النقد الدولي، فنشر في تقرير واحد أن إجمالي الاستثمار الفعلي (الاستثمار الثابت + التغير في المخزون) كان ـ نقلاً عن نفس وزارة التخطيط ـ 1328 مليون جنيه، والاستثمار الثابت وحده 1227.9 مليون جنيه (وهو رقم مخالف للرقمين السابقين). وكان نصيب القطاع العام من هذا الاستثمار الثابت 1047.9 مليونًا. ثم نَشر التقرير بعد صفحات من الجدول الأول، أرقامًا أخرى عن الإنفاق الاستثماري الفعلي للقطاع العام - عن وزارة المالية- فإذا بالرقم لا يتجاوز 863 مليون جنيه، ومفروض أيضًا أن هذا الرقم، يتضمن إنفاقًا استثماريًّا، لا يدخل في حسابات الاستثمار الثابت (88). ومع ذلك لم تتوقف بعثة الصندوق بدورها لكي تراجَع أو تفسر.
ليس أمامنا - إذًا - إلا أن نتابع الدلالاتِ الأساسية للأرقام، وليس الأرقام ذاتها، ونبدأ بتسجيل أن الأرقام المختلفة عن حجم الاستثمار تعكس في جزء كبير منها ارتفاعًا في التكلفة، وقد أثبت تقرير المتابعة الأولى للتخطيط "أنه يخشى أن يتحول الأمر إلى مجرد تنفيذ مالي، يؤدي إلى ارتفاع أسعار التشييد والبناء، دون أن يتحقق المستهدف من استثمار حقيقي ملموس، يعطي الثمار المنشودة". وأكد التخطيط - في تقرير المتابعة الثاني - أن الأرقام المعتمدة "مقدرة بالأسعار الجارية، وبالتالي فإن الزيادات الموضحة (عن العام السابق) لا تعني بالضرورة زيادة في كثافة الجهد الاستثماري بنفس القدر، بل تعكس أيضًا الزيادات الكبيرة في أسعار التشييد والسلع الرأسمالية المستوردة وتكلفة تمويلها".
اتجاه آخر نستنتجه من الأرقام، فقد التزم هيكل الاستثمار المنفذ بنفس التشوهات الواردة في مشروع الخطة، فكان هيكل الاستثمارات المحققة عام 1975 لصلاح مجموعتي التوزيع والخدمات، على حساب مجموعة القطاعات السلعية؛ إذ هبطت نسبة الاستثمارات المحققة في مجموعة القطاعات السلعية إلى إجمالي الاستثمارات من 51 % عام 1974 على 44.8 % عام 1975. بينما ارتفعت النسبة في قطاعات التوزيع والخدمات من 29.8 % و19.2 % (1974) إلى 31.9 % و23.3 % (1975)، وغني عن البيان أن هذه النسب تختلف من تقرير إلى آخر، ولكنها تشير إلى اتجاه ثابت في كل التقديرات، والاتجاه هو الذي يعنينا. وتفسير الاتجاه (في الخطة وفي التنفيذ) كان في الأولويَّات التي حكمت الخطة، أو بالتحديد: التعمير (يقال إن استثماراته كانت حوالي 200 مليون جنيه) وقناة السويس.
ج ـ الإنتاج والناتج:
هنا أيضًا يمكننا القيام بجولة "طريفة" حول تضارب البيانات، ويكفي أن نشير إلى أن الشذوذ يكون أحيانًا صارخًا، فقد سجل تقرير المتابعة الأولى (التخطيط) أن الخطة تؤدي ـ حسب بيانات جهات التنفيذ ـ إلى الوصول برقم الإنتاج المحلي لعام 1975 إلى 8392 مليون جنيه بدلاً من 7915.6 مليون جنيه كما كان مستهدفًا. ونفس التقرير كان يقول إن الأرقام الأولية الخاصة بالنصف الأول من عام 1975 تشير إلى أن الاستثمار خلال العام قد لا يتجاوز 75 أو 80 % من المعدل المخطط. وصحيح أن التقرير مبدئي، وعن النصف الأول من السنة، ولكن يظل مثيرًا للدهشة أن الخطة الانتقالية كانت تهدف إلى زيادة الإنتاج (بالأسعار الجارية) بنسبة 12.6 %، وحين لم تتحقق الاستثمارات المطلوبة ـ كمًا وكيفًا ـ يتوقع زيادة الإنتاج بنسبة 20.8 %، وهذه النتيجة الشاذة لم تتغير تغيرًا أساسيًا - على أيَّة حال- في التصويبات المتتالية، فقد ظل المعدل في حدود 16%.
والناتج المحلي الإجمالي (بتكلفة العوامل) تفاوتت تقديراته (بالأسعار الجارية) بين 4008 مليون جنيه و4070 (في مصدر واحد: تقرير خطة 1976)، ثم ارتفعت إلى 4401.7 وإلى 4653.4 مليون جنيه (كأرقام فعلية)، وفي كل الأحوال تجاوز المعدل المحقق وفق هذه البيانات ما كان مستهدفًا، حتى في الأرقام المقومة بالأسعار الثابتة، وقد يصعب تصديق هذا، ولكن لا بأس من إضافة التالي:
تعديل أرقام الأسعار الجارية إلى الأسعار الثابتة يتحقق على أساس الأرقام القياسية الرسميَّة للأسعار، ومعروف أن هذه الأرقام غير واقعية، ومجرد استخدام المعدل الحقيقي لارتفاع الأسعار، يهبط بالمعدل الحقيقي لنمو الدخل هبوطًا شديدًا عن المعدل المذاع المزعوم، ويضاف إلى ذلك أن التغيرات التنظيمية التي أحدثت عام 1975، جعلت المقارنة بين هذا العام والأعوام السابقة ـ على أساس واحد ـ مسألة في غاية الصعوبة. ونذكر على سبيل المثال أن ناتج قطاع الكهرباء الذي ارتفع بنسبة 49.8 % عن عام 1974 (بالأسعار الجارية) كان يرجع إلى أن المؤسسة حسبت قيمة إنتاج الطاقة الكهربائية المُباعة، اعتبارًا من أول يناير 1975 (واستجابة لتوصية البنك الدولي)، بأسعار جديدة فارتفع متوسط السعر لجميع أوجه الاستخدام (عدا الاستخدام المنزلي) (89).
ومن ناحية أخرى، أبدت وزارة التخطيط ارتيابًا صريحًا حول كل المعدلات المعلنة (ومن بينها معدلات الإنتاج والناتج) من زاوية أنها لا تتسق مع بعضها البعض، فقد لاحظت أن الواردات من السلع الاستهلاكية زادت بأكثر من 20 % من عام 1974، ودلت تقارير المتابعة على أن الاستهلاك الفردي، تزايد بوجه عام بنحو 8.6 %، وإذا عدلت أرقام الاستهلاك الفردي باستبعاد أثر الدعم، يكون إجمالي الاستهلاك الفردي قد ارتفع بنسبة 15.9 %، ولكن يبدو باستقراء المؤشرات السعرية أن هذه النسبة الأخيرة مبالَغٌ فيها، ويرجع هذا إلى أن نسبة الاستهلاك الفردي إلى الناتج المحلي بسعر السوق، انخفضت في 1975 إلى 64.3 % مقابل 67 % في 1974، إذا كان هذا الانخفاض غير صحيح؛ بسبب أن "أرقام الإنتاج والدخل المتولِّد في القطاعات الواردة من الوزارات والقطاعات مبالغ فيها" (90).
وقد انحرفَ هيكل الزيادة المحققة في الناتج عن الهيكل المستهدَف؛ فمعدل النمو المحقق في القطاعات السلعية (وهي القطاعات الفائدة والضامنة لاستمرار نمو اقتصادي حقيقي) كان نحو 8 % مقابل 12.8 معدل مستهدف (الزراعة 1.7 % بدلاً من 3.5 % مستهدف ـ الصناعة والتعدين 9.7 % بدلاً من 16.3 %)، ولكن في قطاعات التوزيع بلغ معدل النمو المحقق 20.2 % مقابل معدل مستهدف 10.6 %، وفي قطاع الخدمات كان معدل النمو المحقق 20.2 % مقابل معدل مستهدف 10.6 %، وفي قطاع الخدمات كان معدل النمو المحقق 11.8 % مقابل معدل مستهدف 6.3 %، وكانت النتيجة الطبيعية لذلك، أنْ تغيَّر هيكلُ الناتج المحلي الإجمالي في غير صالح القطاعات السلعية، على عكس ما استهدفت الخطة الانتقالية. فنصيب القطاعات السلعية كان 59.8 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1974، وكان مُستهدفًا أن تزيد النسبة إلى 60.5 % فهبطت إلى 58.3%.
مرة أخرى.. لم تعد تهمنا النسب في حد ذاتها، ولكن تهمنا الدلالة العامة أو الاتجاه، وهذا الاتجاه نحو نقص الأهمية النسبية للقطاعات السلعية في الإنتاج، والناتج المحلي لصالح قطاعات التوزيع والخدمات لا يتمشى مع هدف إحداث تنمية حقيقية ذات قدرة على التواصل الذاتي، ويعني هذا اختلالاً متزايدًا بين الدخول، وبين حجم ونوع المُتاح من السلع والخدمات، وفي الظروف المحددة لهذا الاتجاه، فإنه يشير أيضًا (كما قالت بحق لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب) على "أن العمليات التجارية أصبحت أكثر ربحية وإغراء من العمليات الإنتاجية، كما يشير إلى عمليات المضاربة في أسعار العقارات والأراضي" (91). وقد نشير أيضًا إلى أن الزيادة في الخدمات (وهي تستأثر وحدها بأكثر من ربع الزيادة الإجمالية في الناتجة المحلي بتكلفة العوامل) كانت في الأساس تعبيرًا عن الزيادة في أجور موظفي الحكومة في 1975 عنه في 1974 نتيجة تنفيذ قانون الإصلاح الوظيفي، ولا يمثل هذا أي نمو حقيقي، بقدر ما يمثل زيادة في الإصدار النقدي، دون مقابل مناسب ومطلوب من توسيع أو تحسين الخدمات. نشير كذلك إلى أن الزيادة الكبيرة في قطاع التوزيع، لم تكن فقط بسبب زيادة الهامش التجاري لارتفاع حجم الواردات السلعية بمعدل 29 % تقريبًا، ولكن أيضًا بسبب إيرادات قناة السويس (38.8 مليون جنيه)، وهذا مصدر خارجي لا يعكس جهدًا تنمويًا حقيقيًا، ونفس الأمر يقال عن إنتاج النفط، الذي حقق معدلاً في نمو الناتج 29.8 % بدلاً من 15.9 كما كان مُستهدفًا. والقطاع السلعي الذي أسهم النفط في رفع أرقامه، تضمَّن أيضًا القيمة المضافة المتولدة في قطاع التشييد (أجور + عوائد المقاولين) التي زادت بمعدل 45.3 %، وقد استأثر التعمير (وهو قطاع غير إنتاجي) بنصيب كبير منها (ومع ذلك لم يحقق القطاع السلعي ـ كما أشرنا ـ أرقامه المستهدفة).
د ـ قطاع التعمير:
ولكنَّ الحديثَ عن قطاع التعمير لا يمكن أن يمر بهذه السرعة، وبالأرقام الجافة، لقد تناولنا أشكال التبديد في الموارد المخصصة لهذا القطاع عام 1974، واستمر العمل في هذا القطاع بنفس الأسلوب خلال الخطة الانتقالية. وأُثير الأمر في تقارير رسمية ومناقشات حامية بلا نتيجة. كشف رئيس لجنة الإسكان في مجلس الشعب (أحمد حلمي بدر) أن اللجنة قامت "بزيارة ميدانية للسويس خلال شهر فبراير وأعدت تقريرًا مهمًا، ولكنه مرَّ في هذا المجلس مر الكِرام" (العضو كان يتحدث في 28 ديسمبر) وللأسف لم نحصل على هذا التقرير الهام، ولم يفصح عضو المجلس عن محتوياته، واكتفى بأن أضاف أنه "ورد على رد على ما تضمنه التقرير من نقاط، من مكتب السيد رئيس مجلس الوزراء، ولن أناقش الموضوع؛ لأنني لا أريد الدخول في حديث وكلام، ولكنني رجوت السيدين؛ رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشعب، أن يقوما بزيارة للسويس، وبعد ذلك يمكن أن نتكلم في الموضوع (...) إن ما ورد في بداية خطة 74/ 1975 هو متابعة نقدية (للمنفذ في قطاع التعمير) ولكنني أريد متابعة عينية، عندئذ يمكننا التعرف على الانحرافات وأسبابها (...) أمَّا أن تكون هناك خطة دون متابعة فعلية خلال السنة أو بعدها، فإنه غير سليم، ويكون دور هذا المجلس في الرقابة غير موجود، أو أن المجلس
لا يمارس حقه في الرقابة بجدية" (92).

إلا أن الموضوع انفجر بعد ذلك بشكل أخطرَ، حين عرضت أشكال التبديد والانحراف بلا مواربة، على لسان محمود القاضي في مجلس الشعب (93)، فأثبت أن وزير الإسكان والتعمير (عثمان أحمد عثمان) عرض تكوين جهاز التعمير على اللجنة الوزارية المختصة فرفضت اللجنة مشروعه، فما كان من الوزير إلا أن أصدر قرارًا بتشكيل الجهاز الخاص بالتعمير، وتعيين رئيسه، وقد انتفخ الجهاز وانتفخت الوزارة بعدد كبير من المستشارين والخبراء أصحاب الامتيازات الهائلة. "ووجه الخطورة ليس فقط في تعيين هؤلاء المستشارين بمخصصات ضخمة، ولكن في قيام هؤلاء المستشارين بالبت في أضخم العمليات، بينما يجب أن يقوم بها موظفون مسئولون ثابتون، يمكن محاسبتهم عند اللزوم، لا أن يقوم بها مستشارون يُعيَّنون بعقود سنوية يجددها أو يلغيها الوزير حسب رغبته". لقد بت هؤلاء المستشارون في عملية أنفاق القناة، وتتكلف 200 مليون جنيه، وعطاءات المساكن الجاهزة وتتكلف 40 مليون جنيه، وغير ذلك من العطاءات الهامة التي يجب أن تخضع للقواعد والأصول.
وثبت أيضًا أمر خطير، فالعمليات التي يتولاها القطاع الخاص لم تعد تخضع في قطاع التعمير عادة لنظام المناقصات، وإنما تعطي عمليات يقوم بتنفيذها، ثم تشكل لجنة تقدر تكاليف العمل الذي تم، وتضيف على التكلفة 10 % "إن هذا الأمر غريب حقًا. إننا بهذا نلغي أساس المقاولات، وهو المنافسة والمظاريف المغلَقة، فكيف يحدث هذا في الوقت الذي نتكلم فيه عن الفساد والانحراف (...) إنني أرجو أن يوقف هذا فورًا؛ لأنه يمثل قمة الفساد،
ولا يمكن لأي شخص أن يوافق على هذا التصرف بأي شكل من الأشكال" (94).

وقد حاول المسئولون في جهاز التعمير أن ينفوا أولاً صحة ما قيل حول أسلوب التعامل مع القطاع الخاص، فاتضح أن بياناتهم مزيفة (انظر الهامش)، ثم ادعوا ثانيًا أن نصيب مقاولي القطاع الخاص في عمليات التعمير (والذي يتصور أنه مجال التلاعب الأساسي) هو نصيب محدود جدًا، ففي عام 1974 كانت نسبة أعمال البناء والتشييد المسندة للقطاع الخاص ـ حسب زعمهم ـ 1.9 % (954 ألف جنيه) مقابل 93 % للقطاع العام و5.1 % لجمعيات الإنشاء والتعمير. والنسب المقابلة في عام 1975 كانت 0.4 % (336 ألف جنيه) و94.7 % ـ على التوالي، وهذا الكلام بين الكذب، إذا معروف تمامًا أن عقود التوريد والمقاولات التي تكلف بها شركات القطاع العام، تحول أغلبها من الباطن إلى موردي ومقاولي القطاع الخاص، دون عقود حكومية. وتجري المحاسبة عليها بعد التوريد أو التشطيب، بأسعار تزيد كثيرًا عمّا كان ممكنًا الإنفاق عليه وقت التعاقد، بحجة أن الأسعار في ارتفاع مستمر (ومقاولو الباطن يتسببون ويبالغون في ارتفاع الأسعار هذا طبعًا).
وكما أوضح عبد السلام الزيات في مجلس الشعب، كان سعر المتر المسطح من الخرسانة عشرةَ جنيهات حتى سنة 1965، ووصل إلى 35 جنيهًا في بداية 1974، وعند التشطيب وصلت المحاسبة عليه إلى 50 جنيهًا، ومن المنتظر أن يصل إلى 60 جنيهًا (95). ولعل هذا يفسر مطالبة أحمد حلمي بدر أن تكون المتابعة في قطاع التعمير عينيه وليس نقدية؛ حتى ينكشف الانحراف.
وكان طَبَعيًّا أن ينتقل الحديث عن انحرافات قطاع التعمير إلى شركة المقاولون العرب (عثمان أحمد عثمان) التي استحوذت على نصيب الأسد من هذه العملية، ودخلت في علاقات متشابكة مع الشركات الأجنبية التي أسهمت بالخبرة والتصميمات أو التنفيذ، ودخلت في الشركة المصرية الإيرانية المشتركة التي كان مفروضًا أن تتولى تنفيذ أعمال ضمن القرض الإيراني قيمتها حوالي 250 مليون جنيه، لقد هُوجم أخطبوط المقاولون العرب وسُئل عن طبيعة العلاقة بين وزير الإسكان والتعمير وأعمال هذه الشركة خارج القطر (شركة المقاولون السعوديون، عثمان أحمد عثمان، وغيرها) ولم تحدث إجابة عن هذا السؤال رغم خطورته السياسية ومخالفته الدستورية، وكشف أن مجلس إدارة "المقاولون العرب" يتألف بالكامل من أسرة وأصدقاء الوزير المشرف على قطاع التعمير والمقاولات. وردَّ عثمان على ذلك ردًا فريدًا لا يُنسَى؛ حيث قال - لا فُضَّ فوه -: "لي الشرف؛ فإن لم يكن لي خير في أقاربي، فمن يكون لي خير فيه؟ إن هؤلاء الناس أحق بشركتهم التي أممت 100 %" (96).
بكل هذه الخلفية، ندرك حقيقية إسهام القيمة المضافة في قطاع التشييد في زيادة الناتج المحلي.
بقي أن نشير إلى قطاع الصناعة والتعدين، وكنا قد ذكرنا في الفصل السابق، أن التركيز على توفير المستلزمات، وعلى مشروعات الإحلال والتجديد في القطاع العام، يبدو كما لو كان إنجازًا إيجابيًا وحيدًا في الخطة الانتقالية، وتدل الأرقام النهائية أن الخطة قد اقتربت من أهدافها في هذه الناحية، ويمنعنا من الإشادة الحارة بهذا الإنجاز، أنه تم في غيبة سياسات صحيحة متكاملة، فتحقق بالتالي في ظل فوضَى الاستيراد والديون، وتحقق بمنطق أن المشكلة الوحيدة المسببة للطاقات العاطلة كانت نقص النقد الأجنبي، وليس أيضًا: الصيانة، أو التنظيم، ونظم الإدارة، والجو السياسي العام. وفي هذا الإطار كانت إنجازات قطاع الصناعة في تلك السنة انتعاشًا مؤقتًا يحمل عوامل هزيمته في السنوات التالية. ويقودنا هذا إلى بحث المتغير الأخير في بحثنا حول مصير الخطة الانتقالية.
هـ ـ تمويل الخطة الانتقالية:
سبق أن أوضحنا التشوُّه البشع في هيكل تمويل الخطة.
إلا أن المسألة أصبحت أكثر بشاعة في التطبيق. ونذكر أن أبا إسماعيل ـ قبل أن يصبح وزيرًا ـ كان يقدم بعض الاقتراحات؛ ليحد من مخاطر الاعتماد المبالَغ فيه جدًا على التمويل الخارجي، فاقترح مصدرين لزيادة الموارد المصرية: المصدر الأول محاولة تأجيل سداد ديون الحرب، أو تقسيطها على آجال طويلة جدًا، مع تخفيض الفوائد المقررة، والمصدر الثاني مطالبة الدولة العربية بزيادة الدعم المقدم لمصر، وقدر الدعم الإضافي المطلوب بـ 1000 مليون جنيه، وقد علقنا يومها على هذه الاقتراحات بأنها جميلة، ولكن تخرج عن يدنا وتتعلق بإرادة الآخرين، وقلنا: إن "الدكتور بحث عن حل في العالم العربي، بل وفي كل أنحاء الأرض، ولكن لم يخطر على باله الحل الذي يبدو أنه في أرضنا، وفي متناول يدنا، ألا وهو أن نزيد حجم الفائض الاقتصادي المحلي الموجه للتنمية" (97). وطبعًا كان مستحيلاً أن يبحث مثل هذا التوجه؛ لأنه يعني معارضة اتجاهات الغزو الخارجي المسمى بالانفتاح، وهو غزو مدعوم بالطبقة الصاعدة التي تلتهم بشراهة (مع حلفائها الخارجيين) فائضنا الاقتصادي.

ولكن حدث على أيَّة حال خلال 1975 أن تبين أمام أي اقتصادي وطني إفلاس الحلول التي قدمها أبو إسماعيل. فقد وصلت بالفعل تدفقات نقدية خارجية تزيد عمّا تمناه أبو إسماعيل، فتضاعف حجم الكارثة، وثبت من جديد أن التدفقات الإضافية ليست حلاً سحريًّا، وليست حلاً محايدًا له أثر إيجابي بالضرورة وفي كل الظروف. ثبت من جديد أن الأساس في مواجهة المصاعب الاقتصادية، يكمن في مجموعة سياسات متكاملة، تكون قادرة على الاعتماد على النفس، واستخدام القروض والمنح الخارجية (إذا كانت ضرورية) من موقع الاستقلال والتصرف الرشيد. وبغير ذلك، كان حتمًا أن تصبح التدفقات الخارجية أداة في يد القوى الخارجية لإحداث مزيد من الاختلال في الأجل القصير، والسيطرة على اتجاه التنمية في الأجلين المتوسط والطويل. إن الاندفاع في تنفيذ الخطة لتحقيق "معجزة" النمو الاقتصادي، بهيكل تمويلها المستهدف، كان كارثة، وتضاعفت الكارثة مع استمرار التزاوج بين "الانفتاح الخارجي والانفتاح الداخلي" الذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها في الخارج والداخل، وانعكس هذا في زيادة معدلات الاستهلاك، فانحط معدل الادخار المحلي إلى أقل مما كان مقدرًا، بل هبط الحجم المطلق للادخار المحلي إلى درجة مفزعة ـ في تقدير وزارة التخطيط.
فتقرير وزارة المالية قرر أن الادخار المحلي، هبط إلى 201 مليون جنيه (ونسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي 5 %)، ولكن وزارة التخطيط سجلت أنه بينما كان المستهدف للادخار المحلي 116 مليون جنيه في الخطة الانتقالية (وهو قدر زهيد جدًا)، حدث أثناء العام أن الادخار المحلي كان تحت الصفر بكثير (الاستثمار ـ العجز الجاري = الادخار المحلي/ أي/ 1150 ـ 1404 = ـ 254 مليون جنيه). وبصورة أخرى، تم إنفاق كل الناتج المحلي على أوجه الاستهلاك النهائي (استهلاك أفراد أو عائلي + استهلاك جماعي أو حكومي)، ولم يكفِ أيضًا الناتج المحلي الإجمالي، فأنفقنا أكثر من دخلنا (بالاستدانة) لتلبية حاجات الاستهلاك وحدَه، الناتج المحلي الإجمالي، فأنفقنا أكثر من دخلنا (بالاستدانة) لتلبية حاجات الاستهلاك وحده. الناتج المحلي الإجمالي (بسعر السوق) كان 4403 مليون جنيه، والاستهلاك النهائي كان 4500 مليون جنيه (أي 102.2 % من الناتج المحلي الإجمالي). وإذا استبعدنا إسهام القناة
وأبو رديس في الناتج المحلي الإجمالي (49 مليون جنيه)، تصبح نسبة الاستهلاك النهائي إلى الناتج المحلي الإجمالي المعدل 103.5 %. إلا أن هناك تقديرًا ثالثًا يقول: إن الادخار المحلي وصل إلى 29 مليون جنيه (أي إلى 0.6 % من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بـ 4653 مليون جنيه) (98). وقد ألفنا مثل هذا التضارب، وما يهمنا هو الإشارة إلى أن فجوة الادخار ازدادت اتساعًا. والتمويل الخارجي ـ كما أوضحنا ـ كان تحت أسوأ الشروط الاقتصادية والسياسية.

و... هكذا كانت "معجزة" النمو الاقتصادي في أول خطة انفتاحية؛ ولذا ساد المناقشات حول السياسة الاقتصادية في آخر العام، جوٌ من التشاؤم العام، والمعارضة، وضُح هذا في مناقشة بيان رئيس الحكومة أمام مجلس الشعب (أواخر أكتوبر)، ثم في مناقشة مشروع خطة 1976 أمام اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي (أواخر نوفمبر)، ثم في مناقشات خطة وموازنة 1976 أمام مجلس الشعب (أواخر ديسمبر). بات الكل يستشعر الخطر، ويستشعر السخط الجماهيري الشائع، وذوت أحلام الأموال والمساعدات المنهمرة. فوكيل مجلس الشعب (السيد علي السيد) الذي عوَّدنا على البِشر والتفاؤل بهذه الأموال، كان مضطرًا في آخر 1975 إلى أن يبدأ كلمته بالآية الكريمة: }وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ{. وقال "إن هذه الآية الكريمة تذكرتها، وأنا أستمع إلى بيانَي السيدين؛ وزير التخطيط، ووزير المالية" (99). وبالفعل كانت البيانات والتصريحات الرسمية قاسية في صراحتها وعبارتها. وزير المالية كان يستخدم وصف الكارثة للتعبير عن الموقف الاقتصادي، ووزير التخطيط كان يقول: "إننا في مأزق حرج (...) وإن عجزًا كبيرًا قدره 1800 مليون جنيه بالنسبة لدخل يبلغ 4000 مليون جنيه أو يزيد قليلاً لا أسميه عجزًا، وإنما أسميه: انهيارًا لميزان المدفوعات" (100). والوكيل الآخر لمجلس الشعب (جمال العطيفي) كان يحذر من أن مشاكل الغلاء والإسكان تمتد إلى الطبقات المتوسطة ذات الصوت الأكثر ارتفاعًا من الطبقات المكدودة الفقيرة" (أي: أن القلاقل السياسية ستصبح أكثر اتساعًا وأعظم خطرًا) وأضاف: "كيف تتوقع أن تحتفظ بالسيارة التي تركبها أو بالمسكن الأنيق وبالسيجار، بينما الملايين لا تستطيع مواجهة الحد الأدنى للمعيشة" (101).
(3) مشروع خطة 1976 وإطار خطة خمسيَّة:
أ ـ مشروع خطة 1976 كان مجرد امتداد لخطة 1975 التي أسميت خطة انتقالية. نفس التشوهات والنواقص كانت في مشروع الخطة الجديدة. نفس الأولويات تحكمت: الاستكمال ـ والإحلال والتجديد ـ والتعمير. وحجم الاستثمارات الموجهة إلى المشروعات الجديدة كان أيضًا ضئيلاً. الاختلال في هيكل التمويل لم يختلف؛ فالاستثمار المستهدف كان 1350 مليون جنيه (مقابل 1150 مليون جنيه استثمار مقدر في خطة 1975). وابتدع مشروع الخطة- أمام مصاعب التمويل - فكرة تقسيم الاستثمارات إلى شريحتين؛ لأن "مجموع النقد الأجنبي المطلوب لعام 1976 نحو 2400 مليون جنيه، وقد تم (تقدير) توافر نحو 1600 مليون جنيه من مصادر مختلفة، ويؤكد (الترجيح السياسي) إمكانية استكمال الـ 800 مليون جنيه الباقية خلال الأشهر القادمة، وفي ظل هذا التفاوت بين اليقين والترجيح، رُئِيَ توزيع الاستثمارات إلى الشريحتين" (102)، الأولى تبلغ نحو 780 مليون جنيه، وقد خصصت بالفعل لمشروعات محددة، ولجهات الإسناد المنفذة، والشريحة الثانية مؤجلة لحين التأكد من توفر الموارد، وقيمتها 570 مليون جنيه.
واضح - إذًا - من فكرة الشريحتين، وحيثيات وزير التخطيط، أن مشروع خطة 1976 أُعد في ظروف اختناق شديد في التمويل، وفي النقد الأجنبي، وقد قدم مشروع خطة 1976 على أنه برنامج السنة الأولى من الخطة الخمسية (76 ـ 1980)، رغم أن هذه الخطة الخمسية لم تكن قد أُعِدَّت بعدُ، ولكن حرصت وزارة التخطيط على الإشارة إلى الإطار العام المرشَّح لها، فقبل أن الخطة الخمسية ترمي إلى زيادة الدخل القومي بحوالي 60 % (أي: بمعدل نمو سنوي 10 %)، ويتم تحقيق هذا الهدف في إطار تخفيض العجز في ميزان المدفوعات من 33 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى 7 % سنة 1980. ولتحقيق هذا، تتطلب الخطة حجمًا من الاستثمارات خلال السنوات الخمس يبلغ 8 بليون جنيه (يأتي 70 % من هذا المبلغ من الخارج)، ويمكن ذلك من رفع معدل الاستثمار إلى 30 % من الناتج عام 1980. وينخفض الاستهلاك (العام والخاص) كنسبة من الناتج من 102 % سنة 1975 إلى 76 % من الناتج المحلي سنة 1980 (أي يرتفع معدل الادخار بالتالي إلى 24 %). والحقيقة أن هذا الإطار بدا كما لو كان يعبر عن تمنيات وزير التخطيط لما ينبغي أن يكون عليه الوضع، أكثر منه كلامًا جادًا حول أهداف واقعية، فالاقتراب من هذه المعدلات كان يفترض استراتيجية للتصنيع، ونمطًا في الاستهلاك وتوزيع الناتج، وسياسات اقتصادية بعيدة تمامًا عن الحاصل. وخاصة فيما يتعلق بإمكانيات رفع الميل الحدي للادخار بالمعدلات المقترحة. وهي مسألة محورية بالنسبة لكل المتغيرات الأخرى.
وبالتأكيد كان وزير التخطيط يدرك إن إطاره المقترح يتطلب سياسات جريئة؛ ولذا تجنب تمامًا أن يحدد السياسات التي يقترحها، كان مكتفيًا بشرح خطورة الاختلالات القائمة، وبضرورة الاتفاق حول هدف إصلاح الاختلالات بمعدلات قريبة من المقترح، "فإذا وافقتم حضراتكم على هذه الأهداف؛ فسوف يكون تحديد السياسة أمرًا سهلاً؛ لأننا في هذه الحالة سنكون على علم بما نريد عمله". وكانت قضية العجز
(أو الانهيار) في ميزان المدفوعات (حسب تعبيره) شاغلاً أساسيًا. "فوفقًا لاستراتيجية التنمية طويلة المدى التي أقرَّ مجلس الوزراء معالمها الرئيسية؛ أمامنا مراحلُ ثلاث متتابعة: الأولى تسمى (اختصارًا): مرحلة إصلاح ميزان المدفوعات، والثانية: (اصطلاحًا أيضًا) مرحلة جذب رءوس الأموال والوصول إلى الإنتاجية الكاملة للقوى البشرية، والثالثة الانطلاق إلى الوصول إلى الأهداف التي تقرر للسنوات الخمس والعشرين القادمة. والمرجو أن تتم المرحلة الأولى (مرحلة إصلاح عجز المدفوعات) قبل نهاية السبعينيات، أي: في خلال سني الخطة الخمسية 1976/ 1980" (102). وزعم تقرير الخطة "أن خطة 1976 تحاول بوصفها السنة الأولى من الخطة الخمسية 76/ 1980، ومن مرحلة إصلاح ميزان المدفوعات ـ الحد من الزيادة في العجز الجاري (...) ولذا فهي تولي اهتمامًا بالمشروعات التي تؤدي إلى علاج العجز في ميزان المدفوعات، وهذه الأولوية هي التي تتميز بها خطة 1976 عن أولويات 1975 (103)، وأكد وزير التخطيط هذه النقطة في بيانه فقال: "إنه أخذ في الاعتبار أثر كل مشروع على العجز الجاري في ميزان المدفوعات الذي يعتبر إصلاحه السمة الأولى من سمات خطة عام 1976". وتحدث تقرير الخطة بما يشبه النقد عن الخطة الانتقالية 74/ 1975 فقال إنها "اعتمدت على الجهود السياسية لمقابلة هذا العجز وتوفير ما يلزم لمواجهته، ورغم فائدة هذه الجهود، ونجاحها حتى الآن في مواجهة الموقف المتفجر، وضرورة استمرارها مستقبلاً دون هوادة أو تراخ، إلا أنه كان واضحًا للخبراء والمختصين أن هذا حل مرحلي لا يمكن الاستمرار فيه إلى الأبد، وأنه من الضروري الانتقال بأسلوب معالجة المشكلة من مرحلة الجري وراء الأزمات لحصرها، وإزالة آثارها، إلى مرحلة البحث المنظم عن مخرج واضح المعالم ذي أبعاد زمنية ومراحلَ تنفيذيَّة".

ج ـ إلا أن هذا الكلام الفخم، كان لا يزيد بدوره عن تمنيات لما يجب أن يكون، فتنفيذه يحتاج إلى مجموعة من السياسات تختلف عن السياسات التي أوصلتنا إلى الانهيار، ووزير التخطيط رفض اقتراح أية سياسات لتحسين الموقف خلال 1976، كما سبق أن رفض اقتراح سياسات لمدى سنوات خطته الخمسية، وقد ألحف الأعضاء (في اللجنة المركزية ومجلس الشعب) في الاستفسار عن هذه السياسات؛ حتى اضطر رئيس الجلسة في مجلس الشعب، إلى توجيه السؤال بنفسه: "إنني أودّ أن أستفسر من السيد الدكتور وزير التخطيط، عن السياسات التي تقترحها الحكومة، فلقد حددت الخطة أهدافًا معينة، نبغي الوصول إليها، والمجلس يهمه أن يعرف السياسات التي يمكن أن تساعد على تحقيق هذه الأهداف؛ حتى يقوم المجلس بمناقشتها".
وقد غمغم الوزير بكلمات غير محددة ولا مفهومة في مجال الرد، فتصور رئيس الجلسة أن الوزير لم يفهم السؤال، فأعاده عليه: "لقد أشار السيد الوزير إلى أن الخطة تهدف إلى الحد من الاستهلاك، والسؤال هنا هو: ما السياسة المحددة التي تؤدي إلى تحقيق ذلك؟ كما أشار سيادته أيضًا إلى أن الخطة تهدف إلى زيادة المدَّخرات، والسؤال هو ما السياسة التي وضعتها الحكومة لتحقيق هذا الهدف؟ إذ من المفروض أن تتقدم الحكومة بالوسائل التي تؤدي إلى تحقيق الأهداف التي رسمتها في الخطة". ولكن مع هذا الإحكام في الصياغة، والذي لا يقبل إجابات عائمة، قرر الوزير ـ ومعه الحكومة- أن يتجاهل الموضوع صراحة، ويمتنع تمامًا عن أية إجابة أو تعليق (100)!
هذا الموقف من الحكومة، كان يكشف حالة العجز والارتباك التي وصلت إليها، وهو يكشف - في نفس الوقت- أن تحديد السياسات واتخاذ القرارات، لم يعد من صلاحيات الحكومة المصرية وحدها، فصندوق النقد والبنك الدولي جهتان تشاركان مشاركة متزايدة في صياغة السياسات والقرارات، ولم تكن المباحثات معهما قد وصلت إلى نتائجَ مبلوَرة بعد. ويبدو أن السلطات المصرية كانت تأمُل في تلك الفترة في مواقفَ ومعوناتٍ من دول الخليج، تساعد في الحد من شروط الهيئات الدولية.
د ـ وفي غيبة أية تعديلات في السياسة الاقتصادية، كان تقرير خطة 1976 يفخر بأن "الخطة استهدفت ليس فقط وقف التزايد في العجز، وإنما خفضه بنحو 200 مليون جنيه، أي: من حوالي 1400 مليون جنيه متوقعة في سنة 1975 (ومتجاوزة ما كان مستهدفًا في خطة 1975 بنحو 50 مليون جنيه) إلى نحو 1200 مليون جنيه في سنة 1976". ولكن هذا التحسن المستهدف لم يكن نتيجة أي ترشيد للاستيراد (الذي شكت تقارير التخطيط عن المتابعة من انفلات أمره)، ولم يكن لإعادة ضبط أنماط ومعدلات الاستهلاك، أو بسبب مراعاة "أثر كل مشروع (في الخطة) على العجز الجاري في ميزان المدفوعات" ـ كما قيل. باختصار لم يكن التحسن بسبب تعظيم القدرات الذاتية للاقتصاد المصري، أو تغيير السياسات، ولكن كان التحسن المستهدف مستندًا إلى نفس ما تعرض للنقد خلال الخطة الانتقالية، أي: الاعتماد "على الجهود السياسة لمقابلة هذا العجز، وتوفير ما يلزم لمواجهته".
وبشكل أعمَّ، نقول: إن التحسن المستهدف كان بسبب عوامل لا دخل للمخطط المصري في تحققها، فقد استهدفت الخطة زيادة إجمالي الموارد من النقد الأجنبي بمبلغ 355 مليون جنيه (أي: زيادة نحو 46 % عن المستوى الذي كان متوقعًا لسنة 1975). ولكن هذه الزيادة كانت ترجع إلى زيادة الصادرات السلعية من حقول بترول سيناء (بعد عودة أبو رديس) وإلى زيادة الصادات غير المنظورة، المتمثلة في زيادة إيرادات قناة السويس، وقدرت بنحو 140 مليون جنيه. ويقابل هذا أن الخطة استهدفت أن تكون الزيادة في الواردات أقل من هذه الزيادة المقدرة للمتحصلات، فالزيادة المستهدفة في إجمالي الاستخدامات (أي: الواردات، 155 مليون جنيه فقط) كانت تشكل نحو 70 % بالنسبة للاستخدامات المتوقعة عام 1975 إلا أن هذا التحكم في معدل الزيادة للاستخدامات (أو للواردات) لم يكن أيضًا بسبب جهد خاص للسياسات الاقتصادية؛ فهو نتيجة انخفاض الحجم المطلق للواردات الوسيطة، وبالتحديد من البترول والأسمدة (الأول بسبب
أبي رديس، والبند الثاني بسبب الانتهاء من مشروعات الإحلال والتوسع في الإنتاج المحلي). هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، كان متوقعًا اتجاه الأسعار العالمية إلى الانخفاض في كثير من المستوردات.

وعلى ذلك لم يكن في احتمال خفض العجز الجاري بحوالي 200 مليون جنيه، ما تستحق الحكومة ثناءً من أجله. ونفس الشيء يقال عن حجم ومعدل الادخار المحلي، ونسبة إجمالي الاستهلاك النهائي إلى الناتج المحلي بسعر السوق، فالادخار المحلي كان مستهدفًا في خطة 1975 ألا يتجاوز 116 مليون جنيه، وأصبح مستهدفًا في خطة 1976 أن يكون 196 مليون جنيه، وإذا أزحنا عن الأخير أثر زيادة دخل القناة وأبي رديس؛ نجد أن الادخار المحلي كان في نفس المستوى المنحط، أيضًا كان مستهدفًا أن يستوعب الاستهلاك النهائي 93.9 % من الناتج المحلي الإجمالي، ولكنْ صار المتوقع على آخر السنة، أن يكون الاستهلاك النهائي الفعلي قد ابتلع كل الناتج وتجاوزه، أو لم يعد الناتج يسمح بتغطية الاستهلاك، وغنيٌّ عن البيان، أننا نهتم هنا كالعادة بالاستنتاج العام، وليس بتفاصيل الأرقام والنسب، خاصة وأن المفارقات بلغت مستوى لا يُصدق.. فوفقًا لصورة الموازنة القومية عن عام 1976 بالمقارنة بالمتوقع عام 1975، كان المستهدف كناتج محلي إجمالي (بتكلفة العوامل) يبلغ 4778 مليون جنيه بعد تنفيذ مشروع خطة 1976، وفي تقرير متابعة هذه الخطة، أصبح نفس الرقم ـ بقدرة قادر ـ ممثلاً للناتج المحلي الإجمالي لعام 1975!(104).
المهم - إذًا - هو الاتجاه أو الدلالة العامة، وهي في هذا السياق تؤكد أن كافة الاختلالات الهيكلية التي أصابت خطة 1975 (وعلى رأسها الاختلال البشع في هيكل التمويل) ظلت من المكونات الأصلية لمشروع خطة 1976ـ على عكس ما زعم تقرير الخطة ـ ففي ظل ادخار محلي ضئيل، كان ضروريًّا أن تعتمد الخطة ـ حتى في نطاق الشريحة الأولى ـ على التمويل الخارجي كأساس. ولم يكن ممكنًا أن يختلف الحال، طالما أن السياسات والاعتبارات التي حكمت الخطتين واحدة، بل كان متوقعًا أن تؤدي مواصلة هذه السياسات، إلى مزيد من التدهور في بناء خطة 1976. وحدث هذا فعلاً، في الاتجاهين التاليين:
"ارتكزت الخطة في إعدادها على بعض التعديلات في مفهوم ومسئوليات التخطيط، تكمُن أساسًا في أن التخطيط في المرحلة السابقة، كان يتسم بأنه تخطيط ملزم قانونًا (...) ولا يعني هذا أن يكون التخطيط في ظل الانفتاح الاقتصادي تخطيطًا تأشيريًّا، بل ينبغي أن يكون أداة ضبط وتنسيق بين القطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدميَّة" (103). وهذا التغير في مفهوم ومسئوليات التخطيط عبر عن استجابة لتدخل البنك الدولي الذي بدأ نشاطه الواسع في عام 1975، على مستوى اتفاقيات القروض الجزئية، وعلى مستوى الاقتصاد الكلي واستراتيجيات النمو، وهو تغير يرتبط أيضًا بما آل إليه القطاع العام (بعد البنوك الأجنبية وإلغاء المؤسسات.. إلخ)، وبما يستهدف من تحول إلى ما يُسمَّى باقتصاد مختلط بدلاً من النظام الاقتصادي الذي يقوده القطاع العام، وقد أدخل الوزير هذا التعديل المخفف لسلطة التخطيط، رغم أنه القائل في مناقشات المجلس أنه "قد يقول البعض إنه لا داعي لوضع خطة مع وجود هذه الصعوبات، فهل هذا أمر معقول، إنني أنادي بالعكس؛ ففي وقت الشدة يجب وضع خطة تسير على أساسها، والمعروف أن كل شخص يدبر أموره وأمواله بدقة وقت الشدة. أما وقت الرخاء، فالأمر يختلِف".
وبعد أن أصبح الاعتماد على التمويل الخارجي؛ كأساس، تقليدًا متكررًا للعام الثاني، كان طبَعيًّا أن يثبت في نص مشروع خطة 1976 أن "المشروعات المرتبط على تمويلها مع جهات أجنبية ويجري تنفيذها خلال 1976 تعطي أولوية خاصة"، ويعني هذا النص ـ في ظل سيادة التمويل الأجنبي ـ أن تحديد أولوية المشروعات انتقل رسميًا إلى الجهات الخارجية المقرضة، وكذلك إلى المستثمرين الأجانب، فقد أكد التقرير في موضع آخر أن استخدام رءوس الأموال العربية والأجنبية على النحو الذي تستهدفه سياسة الانفتاح يفرض "ضرورة التنسيق بين الأولويات الداخلية والمعبر عنها بالخطة القومية، وبين الأولويات التي قد تتطلبها مصادر التمويل الخارجي". وانكشاف هذه الحقيقة آثار الاعتراض المشروع، فقال إبراهيم حلمي عبد الرحمن "أذكر أنني قلت: إن الأولويات قد تعدل نتيجة لحصولنا على أموال من الخارج، ولقد قلت هذا فعلاً، فهل في قول الصراحة خطأ؟!" لم يقل أحد إن الصراحة - أو كشف الحقيقة- خطأ.. موضوع هذه الحقيقة هو الخطأ؛ إذ ماذا بقِي بعد ذلك من الاستقلال الاقتصادي، والتخطيط المركزي، خاصة إذا كان أغلب التمويل يأتي من الخارج؟!
(4) مُناقشات آخر العام:
أ ـ في الواقع كانت مناقشات آخر العام (بيان رئيس الحكومة ومشروعا الخطة والموازنة) حامية ومرة. خطورة العجز وتراكم الديون الخارجية، صارت همًا ثقيلاً جاثمًا على الصدور (رغم أن إبعاد المصيبة على النحو الذي سجلناه في هذا الكتاب لم تكن مُتبيَّنة). ونذكر أن اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي، سجلت أن التساؤل يثور عن مدى ملاءمة سياسة الخروج من المأزق، بمزيد من المديونية الخارجية، في وقت بلغت فيه هذه المديونية حجمًا كبيرًا"(105). أيضًا سجل تقرير اللجنة المركزية وتقرير لجنة الخطة في مجلس الشعب، وسجلت المناقشات، كشفًا واضحًا لارتباك الحكومة وعجزها عن وضع وإعلان سياسات محددة. والحقيقة أن كافة المناقشات حول خطة العام التالي، كانت جذورها ممتدة في أرض الواقع الممثل في ممارسات عامين من الانفتاح الاقتصادي، وكانت المناقشات بهذا المعنى تعكس جو المعارضة النامي بين عديد من الأوساط، فالمنتسبون إلى الحكومة، والمنتفعون منها، لم تكن مداخلاتهم أقل حدة أو مرارة من موقف القوَى التي تتحدث باعتبارها معارضة. وقد علقت "الطليعة" أيامها على المناقشات، فتحدثت "عن الفساد الذي استشرى وفاح، وماذا فعلت الحكومة في هذا المجال؟ لقد أعلن السيد رئيس مجلس الوزراء في بيان حكومته أمام مجلس الشعب أن الحكومة ستلتزم (بمواصلة) اتخاذ الإجراءات لمكافحة التسيب والانحراف، وضرب أمثلة بالمضاربة والمغامرة والتهريب والاتجار في السوق السوداء والتلاعب في أقوات الجماهير والتهرب من الضرائب وتكوين ثرواتٍ لا تقوم على الجهد المشروع، وتُبنَى على الفساد. ونحن نسأل بمنتهى الجدية عن المقصود بكلمة (مواصلة). هل يعني هذا أن الحكومة قد اتخذت بالفعل خلال توليها المسئولية عام 1975 إجراءات مشددة ضد كل هذه الأنواع من التسيب والانحراف التي عددها البيان، دون أن يلحظ الشعب شيئًا من هذا؟ (...) لقد أصبحت العمولات مثار الشكوى والتهكُّم من كل المُستثمرين الأجانب والعرب وكل الصحفيين والمراسلين الأجانب، بل إنها أيضًا حديث الشارع في مصر، ومع ذلك فإن ممدوح سالم يقول: (أما بالنسبة للعمولات وما قيل عنها، فأودُّ أن أقول إن الحكومة ليست لديها أية معلومات عن أن شخصًا تقاضَى عمولة، ولم يُتخَذ إجراءٌ ضده)، ثم يضيف: (وإذا كان لدى الصحف أو لدى من نشروا عن موضوع الـ 2000 مليون جنيه عمولات أيُّ دليل، فيمكنهم تقديم هذا الدليل). هل يُعقل مثل هذا الكلام؟! إن الحكومة إذا كانت فعلاً لا تعلم فإنها مصيبة، وإذا كانت تعلم؛ فإن المصيبة أعظم، وللأسف فإننا في الحالة الثانية، أي أن المصيبة أعظم" (106).
كان هذا ما كتبتْه الطليعةُ، وأعتقد أن كافة القوى الوطنية كانت تردد مثل هذا الكلام، وتسخر من ادعاء رئيس الحكومة بأن أنفَه لا تشم كل هذا العفن؛ ولذا شملت مناقشات تلك الفترة هجومًا بالغ العنف على ظاهرة المليونيرات الجدد. نقل عبد السلام الزيات في مناقشته لبيان ممدوح سالم ما نشرته فاينا نشيال تايمز، ونوفيل أوبزرفاتير، وتايم، حول أعداد المليونيرات في مصر، وأنه وصل إلى 500 مليونيرًا. فكان الرقم مفجرًا للهجوم العام، وشاع في مناقشات مجلس الشعب وفي الصحافة تعبير "القطط السِّمان"، وطور التعبير رفعت المحجوب، (وكان الأمين الأول للجنة المركزية) إلى "البقرات السمان" أثناء مناقشات اللجنة للخطة.
ب ـ والحقيقة أن بعض التأمل في دلالة هذا الرقم كان يكشف عمق الانتكاسة في هيكل توزيع الثروة والناتج (رغم أن الرقم في تقديرنا أقل من الواقع). إن كلمة مليونير تعني الرجل الذي يملك ثروة (وليس دخلاً) تزيد قيمتها عن مليون جنيه. فإذا تصورنا أن متوسط ما يملكه الفرد الواحد من هؤلاء الخمسمائة هو مليونان من الجنيهات (وهو فرض متواضع جدًا؛ لأن بعضهم كما نسمع يملك عشرات الملايين) أصبح مجموع الثروة التي يستحوذ عليها هؤلاء 1000 مليون جنيه، وإذا تصورنا أيضًا أنه توجد إلى جوار هؤلاء الخمسمائة ـ بالضرورة ـ شريحةٌ أخرى من أنصاف المليونيرات، وفرضنا فرضًا جُزافيًا (ولكن منطقيًّا)، أن عددهم 1000، وثروة الواحد منهم في المتوسط 500 ألف جنيه فقط، صار حجم ثروة هذه الشريحة الأخرى 500 مليون جنيه، وأمكننا بالتالي أن نقول إن 1500 أسرة تملك ما يناهز 1500 مليون جنيه.. إن الـ 1500 أسرة لا تمثل 0.5 % (كما كان يقال عن مجتمع ما قبل الستينيات)، وإنما أقل من 0.005 %!
وللعلم، فإن حجم الثروات التي استولت عليها الدولة في ظل ثورة 23 يوليو (منذ الإصلاح الزراعي الأول إلى تأميمات الستينيات إلى الحراسات) كان ـ وفق إحدى الدراسات العلمية حول الموضوع ـ كالتالي: الإصلاح الزراعي (203.8 مليون جنيه) + نقل ملكية بعض العقارات للقطاع العام (51.5 مليون جنيه) + الحراسة والمصادرة (25 مليون جنيه)، ومجموع كل هذا 453.9 مليون جنيه فقط لا غير! وقد أوضح صاحب الدراسة "أن هذه التقديرات تمثل الحد الأدنى، إلا أنها على درجة كافية من الضخامة لإيضاح مدى عمق التغير الاجتماعي الذي أحدثته القوانين الاشتراكية؛ سواء في مراكز الثروة في المجتمع المصري، أو في توزيع الدخل القومي بين مختلف طبقات الشعب (107). ولكننا مع ذلك لن نأخذ بهذه التقديرات المتواضعة للدراسة، والتي تمثل الحد الأدنى، فهناك تقدير آخر كان الرئيس جمال عبد الناصر، قد أعلنه عام 1964، هذا التقدير يقول إن الثروات المُؤمَّمَة بلغت قيمتها 1000 مليون جنيه، وقد عقب على هذا عبد الناصر بأنه "لا يتصور، ولا يظن أن أحدًا يتصور، أن المجتمع كان يمكن أن يحتمل ذلك" (108).
ليس مقصودًا من هذا الكلام عرض دراسة عن إعادة توزيع الثروات والدخول، ولكنه مجرد شرح دلالة أن يكون في مصر 500 مليونير (وتؤكد ثانية تصورنا بأن هذا الرقم أقل من الحقيقة، حتى في عام 1975)، ويزيد من خطورة الرقم، أن هذه الطبقة الصاعدة تدين بالولاء لقوَى الغزو الخارجي التي نفختها (بشكل مباشر وغير مباشر) ووفرت لها الحماية.
وقد تساءلت الطليعة أيامها "عما فعلت الحكومة، وعمّا تنوي أن تفعل في مواجهة هذا التمركز المتنامي للثروة في يد حفنة صغيرة، والذي يخلق تناقضًا طبقيًا حادًا؟ إن طبقة المليونيرات الجدد لا تستثمر في الإنتاج، ومع ذلك فكلما تحدثت الحكومة عن الاختلال بين الاستهلاك والإنتاج؛ اتجهت إلى الأجور، وأشارت إلى ارتفاع معدل الزيادة فيها، ولم تشِر بكلمة إلى دخول هؤلاء المليونيرات ومَن يحيط بهم (...). إن السياسة الحازمة، والرشيدة من وجهة نظر المصالح القومية العليا، في مواجهة هؤلاء المليونيرات مسألة لا تمليها فقط الاعتبارات الاجتماعية، ولكن أيضًا الاعتبارات الوطنية والاقتصادية والتنموية" (106).
ويبدو أن الطليعة كانت فاترة في هذا التعليق، فعضو مجلس الشعب (القمص بولس باسيلي ـ وكان مؤيدًا دائمًا للحكومة) قال: إن "الحديث يدور حول الخمسمائة مليونير، الذين نريد ـ وهذا رأيي ـ أن نقيم لهم المشانق في الميادين العامة" (109) وكان طبعيًّا أن يرتبط كل ذلك في النهاية بقضية الغلاء غير المحتمل، وكان ممدوح سالم مصيبًا حين لاحظ بعد مناقشات اللجنة المركزية أن مشكلة الغلاء تقف على قمة اهتمامات أعضاء اللجنة (110)، ولكنه زعم أن هذا الموضوع قمة اهتمامات الحكومة أيضًا دون أن يحدد كالعادة ـ أي سياسات عملية تؤكد جدية الاتجاه (إذا كان قائمًا).
ج ـ وباختصار، كان الجو العام ـ بجملته ـ لا يعكس أبدًا تصديق الناس لمسألة أننا "عبرنا مرحلة الظلام والألم، وندخل اليوم مرحلة النور والأمل" كما قال الرئيس السادات (أكتوبر)، وقد علق رئيس مجلس الوزراء على عضو مجلس الشعب (محمود القاضي) الذي قرر أن الخطة لن تؤدي إلى تنمية الاقتصاد القومي، بل ستؤدي إلى تنمية ثروات بعض الأفراد على حساب غالبية الشعب، وقال: "إنني أعتبر هذا القول موجهًا في الحقيقة إلى الحكومة، وأقرر أن هذه الحكومة لا تخطط لفئة معينة، وإنما تخطط للقاعدة الشعبية الكبيرة والجماهير الكادحة".. وكتبت الطليعة "أن هذا التعليق يعتبر ردًا عليه أيضًا، فنحن نتفق تمامًا مع الدكتور محمود القاضي (....) ومن ناحية أن هذا الكلام موجه إلى الحكومة، فإنه بالقطع موجه إليها. ويعلم الله أننا نقول هذا، وعيننا على أرضنا التي لا زالت محتلة، وعلى محاولات الاحتواء التي تدبرها القوى الإمبريالية لإجهاض دورنا التحرري القيادي"(106).
بقي أن نُشير في ختام هذا الفصل ـ مجرد إشارة ـ إلى دور انتقال أعداد متزايدة من قوة العمل المصرية إلى الدول النفطية، فهذا الانتقال المتزايد (بالطريقة العشوائية التي تم بها، وفي إطار السياسات العامة الممارسة) لعب دورًا تخريبيًّا خطيرًا بالنسبة للاقتصاد المصري، وأسهم إسهامًا أساسيًا في تصفية التوجه الاستقلالي بأقل مقاومة ممكنة، أي أسهم في موازنة عوامل السخط المتصاعدة ضد الغلاء والمليونيرات، وضد تقويض البنية الاقتصادية المستقلة.

هوامش الفصل السابع
"Interview with Henry Kissinger". Business week, (13 – 1 – 1975).
"Interview with Gerald Ford". Time, (13, 1, 1975).
(1) انظر: عادل حسين: النفط من خلال الثورة، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1977)، ص ص 47 ـ 48.
أنور السادات، نص الرسالة، مجلة الطليعة، عدد (آذار/ مارس 1975).
انظر: عادل حسين، "لا نطالب بالمساواة المُطلقة، بل بالمساواة في الأعباء"، الطليعة، (عدد آذار/ مارس 1975).
أنور السادات، حديث إلى لوموند، (28/ ظ/ 1975). نقلاً عن مصر وأمريكا، (القاهرة: مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، مؤسسة الأهرام، 1976)، ص 100.
(2) أنور السادات، لقاء مع العلماء المصريين"، الأهرام (والصحف القاهرية الأخرى)، (13/ 1/ 1975).
(3) أنور السادات، حديث إلى صحيفة البيرق، نقلاً عن الأهرام، (10/ 1/ 1975).
(4) أنور السادات، حديث إلى لوفيجارو، نقلاً عن الأهرام، (25/ 1/ 1975).
(5) أنور السادات، حديث إلى تايمز، نقلاً عن الأهرام، (11/ 2/ 1975).
(6) الأهرام، (30/ 1/ 1975).
(7) بعد تلميحات عديدة، حدث في 2/ 12/ 1974 أن فجر إفرايم كتسير (رئيس دولة إسرائيل) تصريحًا يعترف بأن "لدى إسرائيل طاقة نووية، كما أنها تملك مفاعلين نووين منذ أكثر من عشر سنوات؛ أحدهما في مكان سري قرب ديمونا، والآخر في ناحال سوريك قرب أشدود.. وأن لدى إسرائيل القدرةَ على إنتاج أسلحة نووية، وإذا احتجنا إلى ذلك فسننفذه (معاريف ـ نقلاً عن هيثم الأيوبي، اتفاق فصل القوات الثاني في سيناء 1975، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1975)، ص 209.
وكان السادات يحرك نفس الموضوع في عدة مناسبات، فصرح مثلاً: "إن تقارير المخابرات المصرية، أكدت إلى حد ما الأنباء التي ترددت عن امتلاك إسرائيل لأسلحة ذرية تكنيكية، وأن ذلك خلق موقفًا جديدًا تمامًا، يجب علينا مواجهته"، الأهرام، (8/ 10/ 1974).
وبالنسبة لما قيل حول مشروع بيع مفاعلات أمريكية، انظر الفصل السادس.
(8) الأهرام، (6/ 2/ 1975).
(9) للتفاصيل انظر: M. Golan, The secret conversations, op. cit., pp. 243 – 246، هيثم الأيوبي، مرجع سابق، ص ص 240 ـ 248.
(10) M. Golan, The secret conversations, op. cit., p. 242..
(11) أنور السادات، حديث إلى النهار، نقلاً عن الأهرام، (14/ 4/ 1975).
(12) أنور السادات، انظر نص الخطاب، الطليعة، عدد (أيار/ مايو 1975).
(13) نقلاً عن د. أحمد أبو إسماعيل، جريدة الأخبار، مرجع سابق.
(14) John Waterbury, Egypt 1976, Field staff Reports, Africa, North Africa Series, Vol. XXI, N". 3. p. 6.
(15) د. أحمد أبو إسماعيل، البيان المالي والاقتصادي، مرجع سابق.
(16) محمود أبو وافية، تقرير اللجنة المشتركة، مرجع سابق.
(17) عثمان أحمد عثمان، ندوة تليفزيونية نشر تسجيلها بالأهرام، (15/ 4/ 1975).
(18) أحمد أبو الفتح، جريدة الأخبار، (17/ 4/ 1975).
(19) مصطفى أمين، جريدة الأخبار، (19/ 4/ 1975).
(20) بيان السيد ممدوح سالم رئيس مجلس الوزراء عن برنامج الحكومة أمام مجلس الشعب (12 مايو 1975).
(21) World Bank, Report N". 870 a – EGT, Op. cit., P. 28.
(22) مصدر الأرقام وزارة المالية؛ وفقًا لوزارة التخطيط كان الرقمان المقابلان 381، و640 مليون جنيه و30 مليونًا (1972) و82 مليونًا (1973).
(23) World Bank Arab Republic of Egypt (Economic Report N". 1624 – EGT, (March 22, 1977), For official use only (Its *******s may not be disclosed without world bank authorization), P. 4.
(24) Ibid p. 4.
(25) انظر: البنك المركزي المصري، تقرير مرفوع إلى مجلس الشعب عن الأوضاع النقدية والائتمانية، خلال العام المالي 1975 ـ مارس 1976، (تقرير محظور النشر)، ص 15.
(26) وزارة التخطيط، التقرير المبدئي لمتابعة الخطة العامة للدولة عن عام 1975 (17/ 3/ 1976). مُذكرة رقم 19، ص 5.
(27) نشرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن الأسعار.
(28) حديث خطير لوزير المالية إلى إبراهيم نافع، الأهرام، (22/ 8/ 1975.
(29) د. زكي شافعي، حديث إلى محمود المراغي"، روز اليوسف (9فبراير 1976).
(30) ممدوح سالم: مضبطة الجلسة 5 (صباح 9/ 11/ 1975) الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(31) تختلف أرقام التجارة الخارجية بين مصدر الموازنة النقدية (وزارة المالية) ومصدر ميزان المدفوعات (البنك المركزي)، ويرجع الاختلاف إلى اختلاف العرض الذي تعمل له كل جهة، فعلى جانب التصدير ترسل كل جهة إلى البنوك استمارة خاصة بمتابعتها، ولا تلتزم بنفس التبويب أو درجة الشمول، ويجري البنك المركزي في نهاية الفترة على قيمة المتحصِّلات بعض التسويات، خاصة فيما يتعلَّق بالقطن والبترول الخام. ومن الأسباب الهامة في اختلاف أرقام الموازنة النقدية في المدفوعات عن أرقام الواردات ما تتضمنه الأولى من المُنفق على الطوارئ والمتنوعات بالكامل، بالرغم من أن هذا الإنفاق يشتمل على مصروفات غير منظورة بطبيعتها، وتدخل ضمن البنود غير المنظورة في إحصاءات ميزان المدفوعات، كما أن عملية الخصم من الحصص النقدية وإصدار الموافقات النقدية، وفتح الاعتمادات، ما هي إلا مجرد عمليات دفترية فقط ويمكن أن تتم دون أن يستتبع ذلك الاستيراد الفعلي، أو يستخدم جزء فقط من الاعتماد المفتوح وتحول دون تنفيذ الباقي عوائقُ أخرى، ويعني كل هذا أن أرقام الصادرات أقل في الموازنة النقدية، وأرقام الواردات أعلى ـ ونظرًا لأن تقديرات الموازنة النقدية هي التي سبق الأخذ بها عند إعداد خطة 1975؛ فقد استخدمنا ـ في هذا المقام ـ بيانها؛ لحساب مدى التباين في التنفيذ من المقدر ـ والمصدر هنا: وزارة المالية ـ تقرير متابعة تنفيذ الموازنة النقدية، حسب المركز في 21/ 12/ 1975، والصادر في (24/ 2/ 76).
(32) بمتابعة الصحف في هذا العام يلاحظ أن مشكلة التكدس أصبحت غريبة، في أوائل العام (30 يناير) بحث مجلس الوزراء المشكلة ـ (5 مارس) تابعت اللجنة الوزارية للنقل والمواصلات بحث الإجراءات المُتَّخذَة لإخلاء أرصفة الميناء وإزالة التكدس ـ (22 آذار/ مارس) زار عبد العزيز حجازي بنفسه ميناء الإسكندرية لمدة ساعتين؛ لبحث المشكلة على الطبيعة ـ (11 مايو) كثَّفت النيابة الإدارية جهودَها لبحث جميع البلاغات الخاصة بتكدُّس البضائع.. (في يونيو ويوليو) أُشيع أن المشكلة قد انتهت، والبحث يدور حول وضع خطة تمنع تكرار الظاهرة ـ (8 آب/ أغسطس) تم الاعتراف "بعودة" التكدس، وأُعلِن أن القوات المسلحة، تقرر إشراكها بقوات رمزية لعلاج المشكلة ـ وفي بداية 1976 نُشر أن ممدوح سالم يبحث تقريرًا عن التكدس بميناء الإسكندرية!
(33) Customs Data, Arab republic of Egypt, (Cairo: Ministry of Planning, February 1976), Memorandum N 112.
(34) وزارة التخطيط، مذكرة رقم 19، مرجع سابق، ص 8 ـ 9.
(35) تقرير البنك المركزي، مرجع سابق، هامش رقم (30)، ص 21 ـ 22.
(36) المرجع السابق، ص 30.
(37) وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري، كانت التسديدات والتفويضاتauthorization الجديدة لاستخدام قروض خارجية مصرفية (كانون ثان/ يناير ـ تشرين أول/ أكتوبر) بملايين الجنيهات كالتالي:
تسديدات
خطابات الاعتماد الجديدة المصرح بها
يناير
فبراير
مارس
أبريل
مايو
يونيو
يوليو
أغسطس
سبتمبر
أكتوبر
75
62
45.2
60.7
41.4
35.2
137.1
70.4
76.5
40.1
80.3
46.5
56.5
60
35
68
59.5
45.2
45.6
19.6
677
487.4


(38) المصدر في أرقام هذا الجزء ـ ما لم يذكر غير ذلك ـ البنك الدولي:
Report N". 1815 EGT., Vol. IV, Op. cit.,
والرقمان المتناقضان هنا عن نفس التقرير: الأول بند 16.28 والثاني بند 23.
(39) يمكن - على ضوء الأرقام السابقة - حساب صافي التسهيلات المصرفية لعام 1975 مثلاً كالتالي: 2125 ـ 1996 = 129 مليون دولار.
(40) وزارة التخطيط، التقرير الثاني عن متابعة الخطة والموقف العام، في منتصف 1975، (القاهرة: وزارة التخطيط، أغسطس 1975).
(41) وزارة التخطيط: مذكرة رقم 19، مرجع سابق، ص 2.
(42) انظر:
World Bank, Report N', 1624 – EGT, op. cit. Statistical Appendix, Table 4, 5..
(43) Ibid., P. 1. (48)
(44) تدل تصريحات وزير المالية في البيان المالي، أن ودِيعتَي السعودية والكويت، وصلتا في شهر يونيو. ولكن كان تاريخ مشروع القانون بالإذن لوزير المالية بافتراض قيمة وديعتي المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، لدى البنك المركزي المصري ـ محولاً على اللجنة الاقتصادية، ومكتب لجنة الخطة والموازنة بتاريخ 22 نوفمبر 1975. قد يفسر هذا بأن فترة زمنية انقضت بين الوعد بإيداع الودائع، وبين السماح الفعلي للحكومة باقتراضها في تشرين ثان/ نوفمبر. على أيَّة حال، تشير إلى أن استخدام الودائع، جاء بعد اتفاقية الفصل الثاني للقوات. أيضًا قد يُفَسَّر تضاربُ التواريخ، بأن استخدامًا جزئيًّا للودائع قد تم قبل استكمال الإجراءات القانونية (انظر الهامش رقم 53). والله أعلم!
(45) أنور السادات: حديث إلى النهار، نقلاً عن الأهرام، (18/ 6/ 1975).
(46) أنور السادات: حديث إلى صحف هيرست (الأمريكية)، نقلاً عن الأهرام، (10/ 7/ 1975).
(47) انظر حديث فورد في: New York Times, (8 – 8 – 1975).
(48) عن نص اتفاقية القرض مع إمارة "أبو ظبي"، ونص اتفاقية القرض مع قطر، الجريدة الرسمية، (25/ 3/ 1976) العدد 13، ويُلاحظ أن اتفاقية قطر (المُوقَّعة بتاريخ 23 أغسطس) كانت تقضي بأن يتم سحب الدفعة الأولى في أول سبتمبر، رغم أن القرار الجمهوري صادر برئاسة الجمهورية في 21 كانون أول/ ديسمبر 1975، والنشر في الجريدة الرسميَّة كان في (25 آذار/ مارس 76).
(49) نقلاً عن سليم اللوزي، في حديثه مع الرئيس أنور السادات، الحوادث، (2/ 2/ 1976).
(50) ننقل هنا تعليق ووتر بيري: "حتى ممولي مصر (مثل المملكة العربية السعودية) الذين قد يريدون حلاً للصراع بمساندة أمريكية، حرصوا - بكياسة - على عدم الالتزام بموقف في قضية الفصل الثاني للقوات؛ على أساس أنه لا داعي ـ في هذه اللحظة الحرجة ـ لإنهاء عزلة مصر في العالم العربي؛ حيث أن أهداف السعودية نحو مصر ـ كما أصبح واضحًا الآن إلى حد كبير ـ يتألف من الوصول بدورها في الشئون العربية إلى الحد الأدنى؛ (فالسعوديون لا يمكن أن ينسوا عُزلتهم الخاصة حين وضع عبد الناصر مصر في صدارة القومية العربية الراديكالية)، إنهم يساندون النظام المعتدل للرئيس السادات، ولكنهم لا يساعدون مصر للخروج من متاعبها الاقتصادية الأساسية، وهم يشجعون التغير في ارتباطات مصر، من الاعتماد على الاتحاد السوفيتي إلى الاعتماد على الولايات المتحدة وعلى العربية السعودية نفسها. وهذه الأهداف بالتأكيد ليست متعارضة مع أهداف السياسة الأمريكية".
Waterbury, Egypt 1976, op. cit., p. 6.
(51) المصدر: بيانات البنك المركزي المصري (بيانات غير منشورة).
(52) أنور السادات: حديث إلى السياسة (الكويتية)، نقلاً عن الأهرام، (8/ 1/ 1976).
(53) نص المذكرة كان محصورًا توزيعه بين كبار المسئولين ـ ولكن يمكن الرجوع إلى العرض الوافي لمضمون المذكرة الذي سربته السلطات للصحف، وأفضل عرض منشور في الأهرام، (9/ 6/ 1975).
(54) نص المذكرة كان محصورًا توزيعه بين كبار المسئولين ـ ولكن يمكن الرجوع إلى ما سربته السلطات من هذه المذكرة ونُشر في الجمهورية، (12/ 6/ 1975).
(55) سيد مرعي: مضبطة الجلسة 66 (5/ 7/ 1975)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(56) د. جمال العُطيفي: "الرد على بيان ممدوح سالم" (8/ 11/ 1975)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(57) نص القانون: الجريدة الرسمية، (25/ 9/ 1975)، العدد 39.
(58) World Bank, Report N", 1624 – EGT., Op. Cit., P. 14.
(59) نص القانون: الجريدة الرسميَّة (18/ 9/ 1975)، العدد 38.
(60) حضر المؤلف هذه المناقشات، ويمكن الرجوع إلى عرض جيد لها في الأهرام الاقتصادي عدد (أول أيلول/ سبتمبر 1975) بعنوان "حول إلغاء المؤسسات العامة".
(61) World Bank. Report N". 1624 – EGT.. Op. cit.. P. 14.
(62) عادل حسين، "لماذا نعارض بيع أسهم القطاع العام؟"، الطليعة عدد (يونيو 1975)، المقال مُوقَّع باسم الطليعة؛ باعتباره موقفًا مُعلنًا باسم أسرة التحرير.
(63) المذكرة نقلاً عن الأهرام الاقتصادي عدد (أول أيلول/ سبتمبر 1975)، بعنوان "بيع أسهم القطاع العام: تنمية أم تصفية؟"
(69) ننقل هنا على سبيل المثال عن نبيل الصباغ. والنقاط التي اقترح أن يناقشها اتحاد العمال هي:
1- رفض أولويات الاكتتاب التي حدَّدها القرار الجمهوري رقم 262 لسنة 1975؛ لأنه يسلب المساهمين القُدامَى في الشركات المشتركة حقًا من حقوقهم؛ حيث إنهم أولى بالاكتتاب في أية زيادة جديدة في رأس المال. كلٌّ بنسبة ملكيته السابقة، "فهذا أقرب إلى سياسة الانفتاح".
2- إذا اقتصرت زيادة رأس المال على العملة المحلية، فإنها لن تأتي بكل الفائدة المرجوة؛ لأن عملية التوسعات والإحلال والإبدال، تحتاج إلى نقد أجنبي، لماذا – إذًا - لا نكون أكثر مرونة، ونطرح حصة ولو 10 % أو 20 % من رأسمال الشركات العامة بالعُملة الصعبة؛ ليقتصر الاكتتاب على المواطنين المقيمين وغير المقيمين الذين يعملون في الخارج.
3- بالنسبة للشركات التي يمتلكها القطاع العام بمفرده، ما المانع
لو طُرحت حصةٌ من زيادة رأسمال هذه الشركات لاكتتاب العاملين فيها؟

4- وبخصوص حق الاكتتاب للمصريين، فلا مانع أيضًا من أن يمتد ليشمل المهاجرين؛ لكي نستفيد من مُدخراتهم بالعملات الأجنبية(68).
ويُلاحظ أن هذا الاتجاه، لا يمانع في مبدأ المراحل، والبرنامج المُقدَّم هنا، يسهل إدراك أنه خطوة نحو "الانفتاح الكامل". ولكنه يرفض مرحلة القرار 262 لأنه يريد أن تمتد مرحلة الهجوم الأولى على كل الجبهات: شركات القطاع العام تُفتح بلا حدود أمام القطاع الخاص ـ القطاع العام 100 % يُفتح للعاملين ـ الإلحاح على الإسهام بالنقد الأجنبي ـ وإذا سمح للمهاجر (وهو نصف أجنبي، أو أجنبي باسم مصري) أن يدخل اللعبة؛ فالباقي يصبح سهلاً. نبيل الصباغ، باب سوق المال، "شركات القطاع العام ليست للبيع.. ولكن للتطوير". الأهرام الاقتصادي، (أول أغسطس/ آب، 1975).
(70) نص القانون: الجريدة الرسمية، (25/ 9/ 1975)، العدد 39.
(71) حضر المؤلف جلسات اللجنة الاقتصادية، ويمكن الرجوع إلى بعض ما جاء بها كما نُشر في الأهرام الاقتصادي عدد (أول أغسطس 1975)، تحت عنوان "نقاش ساخن حول الجهاز المصرفي".
(72) راجع "البنوك" ملحق خاص بجريدة الأهرام، (21/ 12/ 1974).
(73) كان قد صدر قرارٌ برفع الحد الأقصى لودائع التوفير بالبنوك (28/ 3/ 1974)، كما تم رفع سعر الفائدة لشهادات الاستثمار ذات القيمة المتزايدة إلى 6 % سنويًا (1/ 1/ 1975) كما تقرر رفع سعر الفائدة على ودائع التوفير في البنوك ليصبح
4% (28/ 10/ 1974) ـ بدلاً من 2.5 %، وزيادة الحد الأقصى للودائع إلى 10 آلاف جنيه.

(74) وزارة المالية، متابعة الموازنة النقدية (1975). (غير منشورة).
(75) تقرير البنك المركزي، مرجع سابق، هامش (30)، ص 31.
(76) بالنسبة للسيد ممدوح سالم. انظر مثلاً مضبطة مجلس الشعب (9/ 11/ 1975) مرجع سابق؛ حيث قال: "إن أبسط شيء لتشجيع السوق الموازية هو وقف الاستيراد دون تحويل عملة، فالنقود والمدخرات التي يشترون بها الأشياء العينية من الخارج ستحول إلى هنا، وبالتالي ستزيد السوق الموازية".
(77) زكريا توفيق عبد الفتاح، مؤتمر صحفي، الأخبار، (24/ 10/ 1975).
(78) زكريا توفيق عبد الفتاح عن (عادل حسين: "الحكومة و... الديون ـ التنمية المليونيرات"، الطليعة عدد (شباط/ فبراير 1976).
(79) بيان السيد ممدوح سالم رئيس مجلس الوزراء عن برنامج الحكومة أمام مجلس الشعب، (29/ 10/ 1975).
(80) البيانات الرسمية لوزارة الاقتصاد والتعاون الاقتصادي، (الهيئة العامة للاستثمار العربي والأجنبي والمناطق الحرة، 1976).
(81) عادل حسين، "رؤية نقدية لبيان الحكومة"، الطليعة عدد (حُزيران/ يونيو 1975).
بعد تبدد الأحلام التي رُوِّجت في بداية 1974 (انظر الفصل السادس) حول تدفُّق الأموال العربية والأمريكية، ظلَّ من لا يريدون أن يفيقوا متعلقين بمنظر النفط الذي سيتدفق من الصحارَى المصرية (على يد الشركات الأمريكية) وعلَّق رئيس تحرير الأهرام الاقتصادي على هذه الظاهرة المَرَضية على النحو التالي: "الواقع أن هذا التمني البترولي الذي لا يفترق في شيء عن أحلام اليقظة، قد أصبح مسيطرًا لدرجة كبيرة على فكر المسئولين، وكذلك على الطبقات العريضة من شعبنا، وهو ما نعتقد أنه يشكل خطورة على مسار التنمية في بلدنا.. ونحن لا نودُّ أن نسيطر على التنمية في بلادنا ما يمكن أن نسميَّه بعُقدة البترول، ونقول عقدة؛ لأنه يبدو أن القفزة الواسعة التي حققها الثراء العربي من حولنا نتيجة للبترول، قد أصابتنا بدرجة كبيرة من التعقيد، وأصبحنا نعتقد أن الأمل الأكبر في تحقيق الرخاء للشعب المصري وتعويضه عمَّا تحمله من تضحيات جِسام، وتحقيق مستوى من الرخاء له يماثل ما أصبح إخوته العرب يتمتعون به، كل ذلك رهنُ اكتشاف البترول" وقد اضطر الكاتب إلى تذكير المسئولين بالحقائق الأولية: "فإنتاج كل من ليبيا والكويت وقَطر من الزيت الخام يبلغ حوالي 90 مليون ـ 130 مليون ـ 25 مليونًا من الأطنان في السنة على التوالي. ومن المعروف أيضًا أن تعداد السكان في تلك الدول الثلاث على الترتيب، هو حوالي 1.750.000 ـ 750.000 ـ 250.000 نسمة، وكذلك المعروف أن تعداد مصر يبلغ حوالي 37 مليون نسمةـ وبعملية حسابية بسيطة، نتبيَّن أنه حتى تحقق مصر مستوى الثراء البترولي لليبيا؛ يجب أن نستخرج في السنة 1890 مليون طن، وحتى تحقق مستوى ثراء قطر؛ فيلزمها استخراج 3750 مليون طن في السنة، وحتى تحقق مستوى ثراء الكويت؛ يجب أن يصل إنتاج الزيت الخام إلى 6500 مليون طن في السنة. هذا مع ملاحظة أن الإنتاج العالمي من الزيت الخام يبلغ حوالي 2900 مليون طن في السنة، وأن إنتاج مصر من الزيت الخام قد بلغ - في النصف الأول من عام 1974 - حوالي 3.5 مليون طن، وأن أقصَى الآمال الواقعية أن تصل مصر إلى إنتاج 50 مليون طن من الزيت الخام في السنة" أ. د. لطفي عبد العظيم، "التنمية وعقدة البترول"، الأهرام الاقتصادي، عدد (كانون ثاني/ يناير 1975).
(82) في البيان الأول لممدوح سالم أمام مجلس الشعب، أسقط التزام حكومته بتعهد حكومة حجازي بوضع خطة خمسية، بل بدا في بيانها أنها لا تفكر في الموضوع، فجاء في إحدى الفقرات: "إنه نظرًا لأن التغييرات في الداخل في تطور مستمر وسريع؛ فسيعمل جهاز التخطيط بالتعاون مع الوزارات المعنية على إقامة نظم للتخطيط قصيرة المدى، قادرة على متابعة التنفيذ على فترات سريعة، مع إعادة تقدير الموقف والتنبؤ بالأحداث المتوقعة سلفًا، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حدود السياسات العامة للدولة"، وهذا الكلام كان يعكس أن مجال التركيز في اهتمام الحكومة، هو التخطيط قصير الأمد والابتعاد من جديد عن فكرة التخطيط المتوسط والطويل الأمد. وبالنسبة لخطة 1975 الانتقالية، أعلن بيان الحكومة في هذا الشأن فقرة غير واضحة فقال: "إن الوزارة تضع بين يدي المجلس وهي تعرض سياستها عزمها على التقييم المستمر لعناصر الخطة الانتقالية وفروضها استجابة لكل هذه الظروف وأداء لمُهمتها الرئيسة في تصحيح المسار".. وقد أوحت هذه العبارة بأن الحكومة تنوي إدخال تعديلات أساسية، خاصة إذا كان البيان يقول إن التعديلات "استجابة لكل هذه الظروف"، وكان المقصود بكل هذه الظروف أن "العمل الوطني قد تعرض لصعوبات وتحديات والجماهير، قد بلغت شكواها من ارتفاع الأسعار وصعوبة الحصول على بعض الخدمات إلى الحد الذي نعرفه جميعًا". ولكن لم يحدث طبعًا أي تعديل، إلا في اتجاه مزيد من التدهور أو التراجع أمام قوَى الغزو الخارجي.
(83) World Bank. Report N" 1264 – EGT, op. Cit., pp. 1 – 2.
(84) World Bank, Report N". 870 a – EGT, op. cit., statistical appendix, Table 5.6.
(85) كان عضو مجْلس الشعب - أحمد منصور سليمان - قدَّم سؤالاً إلى وزير المالية، تضمَّن عرضًا لعديد من الأمثلة التي تصورها العضو؛ أرقامًا مُتضارِبة أو غير معقولة، وتلقَّى العضو إجاباتٍ على كل تساؤلاته (معقولة أو غير معقولة،
لا يهُم) إلا التساؤل الذي شاركناه فيه هنا، حول الإنفاق الاستثماري عام 1975. انظر: لجنة الخطوة والموازنة، التقرير 33، "بشأن السؤال الموجَّه إلى السيد الدكتور وزير المالية، من السيد العضو الدكتور أحمد منصور سليمان، مساعد، عن السنة المالية 1976 والإجابة عنه)"، الفصل التشريعي الأول، (17/ 6/ 1976) ص 13 ـ 14.

(86) World Bank. Report N". 1624 – EGT, Op. cit., statistical appendix., Table 2.3 and table 2.4.
وأشار التقرير إلى أن مرجع الجدول الأول: وزارة التخطيط والبنك المركزي، وتقديرات بعثة البنك الدولي، ومرجع الجدول الثاني: وزارة التخطيط والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
(87) تقرير بعثة الصندوق عام 1977.
Appenidx III, Table 22, 23 (Source: Ministry of planning) and 31 (Source: Ministry of finance).
(88) انظر: وزارة التخطيط، مذكرة 19، مرجع سابق، ص 25.
(89) المرجع السابق، ص 19.
(90) "تقرير لجنة الخطة والموازنة، عن مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المالية لمشروع الموازنة العامة للدولة، للسنة المالية 1976، مضبطة الجلسة 13، (22/ 12/ 1975)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(91) أحمد حلمي بدر، "استمرار مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة عن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسة المالية لمشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 1976"، مضبطة الجلسة 17، (28/ 12/ 1975)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(92) د. محمود القاضي، "بدء مناقشة تقرير اللجنة الخاصة لدراسة بيان السيد رئيس مجلس الوزراء"، مضبطة الجلسة 31 (10/ 2/ 1976)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب ـ انظر أيضًا مضبطة الجلسة 32 (11/ 2/ 1976)، وبها ردُّ وزير الإسكان والتعمير على ما جاء في كلمة محمود القاضي. تعقيب القاضي على الوزير مُثبَت في نفس المضبطة.
(93) تولت لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير، دراسة الموضوعات التي أثارها د. محمود القاضي، وردِّ عثمان أحمد عثمان عليها، واعتمدت اللجنة في ردها على المعلومات التي قدمها "المتهمون" في جهاز التعمير وشركة "المقاولون العرب"، فكانت في موقف المحامي وليس الحَكَم. لم تجرِ اللجنةُ أي بحث حول حقيقة واكتمال البيانات المُقدَّمة من المتهمين،
ولم تلجأ إلى المصادر الأخرى في الدولة، أو للزيارات الميدانية، فجاء تقرير اللجنة دفاعًا حارًا عن كل ما يتم في قطاع التعمير، رغم أن رئيس اللجنة أحمد حلمي بدر كان صاحب مواقفَ معلنة عن فضائح التعمير (كما أشرنا) وقدم تقريرًا عن هذا الموضوع في فبراير 1975، وطلب تدخل مجلس الشعب، ورئيس مجلس الشعب، ورئيس مجلس الوزراء، ولكنه غيَّر موقفَه كليةً، بعد أربعة أشهر، وسبحان مغيِّر الأحوال، ولكن الملاحظ أن المناصب توالت عليه منذ ذلك التاريخ. ورغم كل ذلك جاء في هذه النقطة حول إسناد عمليات للقطاع الخاص، على أساس محاسبة المقاول "بالتراضي" بعد انتهاء العملية، وسجَّل ما يلي: أثبتت اللجنة أنه جاء في أقوال رئيس مجلس الوزراء، أنه: "بالنسبة لموضوع المناقصات لمقاول القطاع الخاص، فنحن هنا نحتم تقديم العطاءات والمناقصات في جميع أعمالنا، ولم يصلْ إلى علمي وحتى تلك اللحظة، أن هناك شركاتٍ من القطاع الخاص، أخذت بعض العمليات بلا دخول في مناقصات" وكان هذا كلامًا مسئولاً من رئيس الحكومة، يدرك خطورة الاعتراف بأنّ أسلوب العمل كان على غير هذا النحو. وسار في نفس الاتجاه ممثلو الوزارة بعد ترتيب خطتهم في الدفاع، فأثبت تقرير اللجنة (الصادر بعد شهرين من إثارة الموضوع) أنه "جاء بالمذكرة والأوراق المقدمة من الوزارة، وفي المناقشات التي دارت في اللجنة، أن العمليات التي أُسندِت إلى القطاع الخاص كانت عن طريق مناقصات سنة 1974 وحتى 25/ 12/ 1975". وصدقت اللجنة ذلك، رغم أن المتهم الأول (العليم بحقيقة ما يجري) سبق أن اعترف بإسناد العمليات للقطاع الخاص، دون مناقصات! وقد تورَّط عثمان أحمد عثمان في هذه السقطة أثناء لحظة ارتباكه أمام الهجمة المفاجئة (11/ 2). اعترف الوزير بأنه "حدد أرباحًا للقطاع العام نسبتها
25% زيادة على المصاريف الفعلية، بينما حددنا نسبة 10% تزيد على المصاريف الفعلية للقطاع الخاص، ومعنى ذلك أن يعملَ القطاعان - العام والخاص - جنبًا إلى جنب بنفس المواصفات.. إن هذه النسبة التي تُمنح للقطاع الخاص والقطاع العام في مجال المقاولات وهي 10 و25 % معروفة، وإنني أدعو أي مقاول من القطاع الخاص للعمل معنا، وأمنحه هذا الامتياز والتشجيع، ولا شك أنه سوف يعمل (طبعًا) وهذا هو الحل الوحيد لبناء بلدنا؛ سواء بالنسبة لقطاع الإسكان،
أو بالنسبة لغيره". وقد اضطرت لجنة مجلس الشعب إلى الإشارة من بعيد، إلى أن اعتراف عثمان يبدو متعارضًا مع ما سجله ممدوح سالم، ومع ما قدمه مسئولو الوزارة، ولكن كان طبَعيًّا ـ بعد الإشارة ـ أن تمتنع عن أي تعليق؛ إذ ماذا يمكن أن يقول أي تعليق إلا الطعن ـ أو على الأقل الشك ـ في كافة بيانات الوزارة؟!

انظر: لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ـ التقرير الثاني، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب (15/ 4/ 1976)، ص 28 ـ 32.
(94) عبد السلام الزيات، "بدء مناقشة بيان اللجنة".. مضبطة الجلسة 31، مرجع سابق.
(95) عثمان أحمد عثمان، "بيان السيد وزير الإسكان والتعمير"، مضبطة الجلسة 32 (11/ 2/ 1976) الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(96) عادل حسين، الطليعة عدد (نيسان/ أبريل 1975)، مرجع سابق.
(97) تقدير وزارة المالية: البيان المالي والاقتصادي، مرجع سابق: تقدير وزارة التخطيط، د. إبراهيم حلمي عبد الرحمن: خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 1976، (القاهرة: وزارة التخطيط 1975)، التقدير الثالث: تقرير البنك الدولي.
World Bank, Report N" 1624 – EGT, Op. cit., table 23.
ومصدره: وزارة التخطيط والبنك المركزي، وتقديرات بعثة البنك الدولي.
(98) د. السيد علي السيد: "استمرار مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة لمشروع الموازنة العامة لميزانية 1976"، مضبطة الجلسة 20 (30/ 12/ 1975)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(99) د. إبراهيم حلمي عبد الرحمن: "استمرار مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة لمشروع الموازنة العامة لميزانية 1976"، مضبطة الجلسة 16 (28/ 12/ 1975) الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(100) د. جمال العطيفي: مضبطة الجلسة 20، الفصل التشريعي الأول (مرجع سابق).
(101) د. إبراهيم حلمي عبد الرحمن: "بيان السيد الدكتور وزير التخطيط عن مشروع خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 1976"، مضبطة الجلسة 10 (25/ 11/ 1975)، الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(102) وزارة التخطيط، خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 1976، مرجع سابق.
(103) انظر خطة التنمية لعام 1976 المرجع السابق، جدول رقم 18، وقارنه بجدول تطور الدخل المحلي الإجمالي في عامَي 1975 و1976، وكذا كل أرقام المتابعة المتعلقة بالموضوع والواردة بالتقرير المبدئي، لمتابعة تنفيذ خطة عام 1976، (القاهرة. وزارة التخطيط، يوليو 1977).
(104) تقرير اللجنة المركزية عن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، (القاهرة: اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، 1975)، ص 8، جاء في التقرير أيضًا: "لا نريد بداهَةً أن نرفض الالتجاء إلى المديونية الخارجية، للمساهمة في تمويل التنمية الاقتصادية، وإنما يلزم أن نضع الضوابط الضرورية لترشيد هذه السياسة، ونخص منها بالذكر ما يلي:
1- مدى أعباء الديون الخارجية، بما في ذلك الفوائد ومواعيد سدادها أو شروط تحويل الأرباح إلى الخارج.
2- التدقيق في استخدام هذه الديون؛ بحيث لا تشارك في تمويل نفقات جارية، بل في تمويل الاستثمارات التي تسهم في رفع المقدرة الإنتاجية مع التركيز على الاستثمارات ذات العائد السريع.
3- قدرة الاقتصاد القومي على استيعاب الديون الخارجية.
4- العلاقة بين عجز ميزان المدفوعات وجذب رءوس الأموال الأجنبية؛ إذ يجب أن نلاحظ أن زيادة العجز في ميزان المدفوعات تؤدي بالضرورة إلى عدم إقبال رءوس الأموال الأجنبية على مصر.
ونص التقرير - في موضع آخر - على أن يكون الالتجاء إلى رءوس الأموال العربية والأجنبية اللازمة لتمويل هذه الخطة، طبقًا للأولويات التالية:
(*أ) القروض غير المشروطة من الحكومات الأجنبية.
(*ب) قروض المؤسسات الدولية لمشروعات التنمية.
(*ج) المشروعات الحكومية المشتركة.
(*د) قروض ومشروعات رأس المال الخاص؛ العربي والأجنبي (ص 24).
هذا الموقف كان يعكس تنبهًا إلى خطورة تطورات الدَّيْن الخارجي، وبالتالي كان يعكس نقدًا وقلقًا، ونعتقد أنه يعكس أيضًا نقص المعلومات.
(105) عادل حسين، "الحكومة و... الديون... إلخ"، الطليعة (فبراير 1976)، مرجع سابق.
(106) د. حسين إبراهيم الغمري، "دراسة الطلب وتقرير الاستهلاك خلال خطة التنمية والتحول الاشتراكي في الجمهورية العربية المتحدة"، (رسالة مقدمة للحصول على درجة دكتوراه في الاقتصاد، كلية التجارة جامعة عين شمس، 1966)،
صـ 161. حاولت الرسالة محاولة مُستفيضة لحصر كمية الثروة التي نقلت ملكيتها من أصحابها الإقطاعيين والرأسماليين. والاقتباس المنقول عن المؤلف.

خطاب الرئيس جمال عبد الناصر، التحول العظيم، (القاهرة: دار المعارف، 1964)، ص 56.
(107) القمص بولس باسيلي: "بدء مناقشة تقرير لجنة الخطة والموازنة"... مضبطة الجلسة 15/ (27/ 12/ 1975) الفصل التشريعي الأول، مجلس الشعب.
(108) تقرير اللجنة المركزية.. مرجع سابق، صـ 50.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس