عرض مشاركة واحدة
قديم 03-28-2008, 11:10 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: كتاب "الرحيق المختوم" ..والذي يتناول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم..

الرسول صلى الله عليه وسلم في الطائف :


في السنة العاشرة من البعثة خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام، فلم تجب إليه واحدة منها‏.‏


فلما انتهي إلى الطائف عمد ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، ودعاهم إلى الله، وإلى نصرة الإسلام، فردوا عليه رداً منكراً وفاجؤوه بما لم يكن يتوقع من الغلظة وسمج القول ،‏ فقام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم‏:‏ ‏[‏إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني‏]‏‏.‏


وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل الطائف عشرة أيام، يدعوهم فلا يستجيبون ، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السفه، حتى اختضب نعلاه بالدماء ‏.‏ وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شِجَاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لابني ربيعة ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم تحت ظلها ودعا :


‏(‏اللهم إليك أشكو ضَعْف قُوَّتِى، وقلة حيلتى، وهوإني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تَكِلُنى‏؟‏ إلى بعيد يَتَجَهَّمُنِى‏؟‏ أم إلى عدو ملكته أمري‏؟‏ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سَخَطُك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك‏)‏‏.‏ (حديث ضعيف لكنه دعاء يحبب إلى القلب ، فيه وفي كلماته من العظة الكثير)


فلما رآه ابنا ربيعة دعوا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له‏:‏ عَدَّاس، وقالا له‏:‏خذ قطفًا من هذا العنب، واذهب به إلى هذا الرجل‏.‏ فلما وضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه قائلًا‏:‏ ‏(‏باسم الله‏)‏ ثم أكل‏.‏


فقال عداس‏:‏ إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أي البلاد أنت‏؟‏ وما دينك‏؟‏ قال‏:‏ أنا نصراني من أهل نِينَوَى‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى‏)‏‏.‏ قال له‏:‏ وما يدريك ما يونس ابن متى‏؟‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ذاك أخي، كان نبيًا وأنا نبي‏)‏، فأكب عداس على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويديه ورجليه يقبلها‏.‏


ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيبًا محزونًا كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين ( جبلا مكة ) على أهل مكة‏.‏


فما كان من نبي الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه إلا أن قال : ( بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا‏ )‏‏.


ثم تقدم في طريق مكة حتى بلغ وادى نخلة، وأقام فيه أيامًا‏.‏ وخلال إقامته هناك بعث الله إليه نفرًا من الجن ذكرهم الله في موضعين من القرآن‏:‏ في سورة الأحقاف‏:‏ ‏{‏وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏29‏:‏ 31‏]‏‏.‏


وفي سورة الجن‏:‏ ‏{‏قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا‏}‏ إلـى تمـام الآيــة الخامـسة عشـر ‏[‏ الجن‏: ‏1: 15‏]‏‏.‏


والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم حضور ذلك النفر من الجن حين حضروا وسمعوا، وإنما علم بعد ذلك حين أطلعه الله عليه بهذه الآيات، وأن حضورهم هذا كان لأول مرة، ويقتضى سياق الروايات أنهم وفدوا بعد ذلك مرارًا‏.‏


ومضى بعزم ٍ في طريق العودة إلى مكة.. فقال له زيد بن حارثة‏:‏ كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك‏؟‏ يعنى قريشًا، فقال‏:‏ ‏(‏يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا، وإن الله ناصر دينه، ومظهر نبيه‏)‏‏.‏ وأرسل إلى المطعم بن عدي ليجيره فأجاره .. ودخل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى مكة..
وقد حفظ للمطعم هذا الصنيع ، فقال في أسارى بدر‏:‏ ‏(‏لو كان المطعم بن عدى حيًا ثم كلمنى في هؤلاء النتنى لتركتهم له‏)‏‏.‏


عرض الإسلام علي القبائل والأفراد :


عند اقتراب موسم الحج كان الناس يأتون إلى مكة لأداء فريضة الحج، فانتهز رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفرصة، فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إليه ، ويطلب منهم أن يؤووه وينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما بعثه الله به‏.‏


القبائل التي عرض عليها الإسلام :


1 ـ بنو كلب‏:‏ دعاهم فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم‏.‏


2 ـ بنو حنيفة‏:‏ دعاهم فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم‏.‏


3 ـ بنو عامر بن صعصعة‏:‏ فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم نفسه، فقال بَيْحَرَة بن فِرَاس ‏[‏رجل منهم‏]‏‏:‏ والله، لو إني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال‏:‏ أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الأمر إلى الله، يضعه حيث يشاء‏)‏، فقال له‏:‏ أفَتُهْدَفُ نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه‏.‏


المؤمنون من غير أهل مكة :


وكما عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام على القبائل والوفود، عرض على الأفراد والأشخاص، وحصل من بعضهم على ردود صالحة، وآمن به عدة رجال بعد هذا الموسم بقليل، وهاك نبذة منهم‏:‏
سويد بن الصامت‏ - إياس بن معاذ‏ - أبو ذر الغفاري‏ - طُفَيْل بن عمرو الدَّوْسى‏ - ضماد الأزدى


ست نسمات طيبة من أهل يثرب


وفي موسم الحج من سنة 11 من النبوة مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقبة منى، فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمدهم حتى لحقهم، وكانوا ستة نفر من شباب يثرب كلهم من الخزرج، وهم‏:‏
1 ـ أسعد بن زُرَارة
2 ـ عوف بن الحارث بن رفاعة ابن عَفْراء
3 ـ رافع بن مالك بن العَجْلان
4 ـ قُطْبَة بن عامر بن حديدة
5 ـ عُقْبَة بن عامر بن نابي
6 ـ جابر بن عبد الله بن رِئاب


وقد كان أهل يثرب يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيًا من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه قتل عاد وإرم‏.‏


فلما دعاهم الرسول عليه الصلاة والسلام قال بعضهم لبعض‏:‏ تعلمون والله يا قوم، إنه للنبى الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه، فأسرعوا إلى إجابة دعوته، وأسلموا‏.‏


وكانوا من عقلاء يثرب، أنهكتهم الحرب الأهلية التي مضت قريبًا، والتي لا يزال لهيبها مستعرًا، فأملوا أن تكون دعوته سببًا لوضع الحرب، ، فاستجابوا له ووعدوه أن يعودوا إليه في نفس الموسم من العام القادم
ولما رجع هؤلاء إلى المدينة حملوا إليها رسالة الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏


استطراد ـ زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة
وفي شوال من هذه السنة ـ سنة 11 من النبوة ـ تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها بالمدينة وهي بنت تسع سنين‏.‏


الإســراء والمعــراج :


وبينما النبي صلى الله عليه وسلم يمـر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقًا بين النجاح والاضطهـاد، وبـدأت نجـوم الأمل تتلمح في آفاق بعيدة، وقع حادث الإسراء والمعـراج‏.‏ واختلف في تعيين زمنه هل كان في العام العاشر من بعثته صلى الله عليه وسلم أم بعد ذلك ،
وروى أئمة الحديث تفاصيل هذه الوقعة، وفيما يلي نسردها بإيجاز‏:‏
أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكبًا على البُرَاق، صحبة جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد‏.‏
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا، فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد عليه السلام، وأقر بنبوته، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه، وأرواح الأشقياء عن يساره‏.‏
ثم عرج به إلى السماء الثانية فالثالثة.... وسلم على الأنبياء .. ثم رفع إلى سدرة المنتهى، حيث يسمع صَرِيف الأقلام‏.‏


ثم عرج به إلى الجبّار جل جلاله، فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه خمسين صلاة، فرجع حتى مرّ على موسى فقال له‏:‏ بم أمرك ربك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏بخمسين صلاة‏)‏‏.‏ قال‏:‏ إن أمتك لا تطيق ذلك، ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل، حتى جعلها خمسًا، فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف، فقال‏:‏ ‏(‏قد استحييت من ربي، ولكني أرضى وأسلم‏)‏، فلما بعد نادى مناد‏:‏ قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى‏.‏


وأما قوله تعالى في سورة النجم‏:‏ ‏{‏ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى‏}‏ ‏[‏النجم‏:‏8‏]‏ فهو غير الدنو الذي في قصة الإسراء، فإن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه، حيث رآى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل على صورته مرتين‏:‏ مرة في الأرض، ومرة عند سدرة المنتهى، والله أعلم‏.‏


وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الـرحلة أمورًا عديدة‏:‏


- عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل‏:‏ هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك‏.‏


ورأي أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى‏:‏ نهران ظاهران ونهران باطنان، فالظاهران هما‏:‏ النيل والفرات، عنصرهما‏.‏ والباطنان‏:‏ نهران في الجنة‏.‏ ولعل رؤية النيل والفرات كانت إشارة إلى تمكن الإسلام من هذين القطرين، والله أعلم‏.‏


- ورأى مالكًا خازن النار، وهو لا يضحك، وليس على وجهه بشر ولا بشاشة، وكذلك رأي الجنة والنار‏.‏


- ورأى أكلة أموال اليتامى ظلمًا لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعًا من نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم‏.‏


- ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن أماكنهم، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم‏.‏


- ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين‏.‏


- ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن‏.‏


- ورأى عيرًا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير نَدَّ لهم، وقد صار ذلك دليلًا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء‏.‏


فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى، فاشتد تكذيبهم له وأذاهم واستضرارهم عليه، وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس، فجلاه الله له، حتى عاينه، فطفق يخبرهم عن آياته، ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئًا، وأخبرهم عن عيرهم في مسراه ورجوعه، وأخبرهم عن وقت قدومها، وأخبرهم عن البعير الذي يقدمها، وكان الأمر كما قال، فلم يزدهم ذلك إلا كفوراً..


وقد سُمي أبو بكر رضي الله عنه صديقًا؛ لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس‏.‏


العبر والعظات :
إذا تأملنا بداية ً في هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وما انطوت عليه ، نستخلص الأمور التالية :


1- إن ما كان يلاقيه النبي عليه الصلاة والسلام من مختلف ألوان المحنة لا سيما هذا الذي رآه في ذهابه إلى الطائف إنما كان من جملة أعماله التبليغية للناس ، فكما أنه جاء يبلغنا العقيدة الصحيحة وأحكام العبادات والأخلاق والمعاملات كذلك جاء يبلغ المسلمين ما كلفهم الله به من واجب الصبر بل ويعلمنا فن الصبر على جميع الشدائد والمكاره في سبيل الله عز وجل..


2- إذا تأملنا في مشاهد سيرته صلى الله عليه وسلم مع قومه لوجدنا أن ما كان يجده عليه الصلاة والسلام من الأذى في هذه المشاهد قد يكون قاسياً شديداً ، بيد أننا سنجد في كل مشهد منها ما يعتبر رداً إلهياً على ذلك الإيذاء.. كي يكون في ذلك مواساة للرسول عليه الصلاة والسلام ..
ففي مشهد هجرته صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وما اكتنفها من العذاب المضني : الإيذاء والخيبة ، تجد رداً إلهياً واضحاً على سفاهة أولئك الذين آذوه ، تجد ذلك في مظهر الرجل النصراني ( عداس ) حينما جاء يسعى إليه وفي يده طبق فيه عنب ثم انكب يقبل رأسه ويديه ورجليه وذلك عندما أخبره عليه الصلاة والسلام أنه نبي..


3- وفيما كان يفعله زيد بن حارثة رضي الله عنه من وقاية للرسول عليه الصلاة والسلام بنفسه من حجارة السفهاء حتى إنه شج في رأسه عدة شجاج ، نموذج لما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم بالنسبة لقائد الدعوة ..
وبما أننا قد كتب علينا ألا ندافع عنه جسداً فالدفاع عنه يتحقق على نحو آخر هو أن لا نضن على أنفسنا بالمحن والعذاب في سبيل الدعوة الإسلامية وأن نسهم بشيء من تحمل الجهد والمشاق التي تحملها النبي عليه الصلاة والسلام..
4- من قصة استماع نفر من الجن إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي نفهم أن على المسلم أن يؤمن بوجود الجن وبأنهم كائنات حية كلفها الله عز وجل بعبادته كما كلفنا بذلك ..


5- يتضح لنا من الحوار الذي دار بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة حول دخوله مكة أن كل ما لاقاه عليه الصلاة والسلام من معاناة في الطائف لم يكن له أي تأثير على ثقته بالله عز وجل أو على قوة عزيمته.. وذلك لأن يقين النبوة كان ثابتاً في قلبه صلى الله عليه وسلم فهو يعلم أنه إنما ينفذ أمر ربه ومما لا ريب فيه أن الله بالغ أمره وقد جعل لكل شيء قدراً ..
والموعظة لنا من هذا الأمر هي ألا تصدنا المحن والعقبات التي تكون في طريق الدعوة الإسلامية عن السير وألا تبث فينا روح الكسل مادمنا نسير بإيمان بالله وتوفيقه .. فمادام الله عز وجل هو الآمر فلا شك أنه هو الناصر أيضاً..


ونأتي إلى الدروس المستفادة من معجزة الإسراء والمعراج :


1- جاءت ضيافة الإسراء والمعراج بعد رحلة الطائف تكريماً من الله تعالى للرسول عليه الصلاة والسلام وتجديداً لعزيمته وثباته ودليلاً على أن هذا الذي يلاقيه من قومه إنما هي سنة الله مع محبيه .. وهي سنة الدعوة الإسلامية في كل عصر وزمن..


2- المعنى الموجود في الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس :
وفي ذلك دلالة باهرة على مدى ما لهذا البيت من مكانة وقدسية عند الله تعالى .. ودلالة على العلاقة الوثيقة بين ما بعث به كل من عيسى بن مريم ومحمد بن عبد الله عليهما الصلاة والسلام.. وعلى ما بين الأنبياء من رابطة الدين الواحد ..
وفي ذلك دلالة على مدى ما ينبغي أن يوجد لدى المسلمين في كل عصر ووقت - وخاصة ً عصرنا - من الحفاظ على هذه الأرض المقدسة وحمايتها من كل رجس.. وإعادتها إلى أصحابها المؤمنين ..


3- في اختيار النبي صلى الله عليه وسلم اللبن على الخمر دلالة رمزية على أن الإسلام هو دين الفطرة الذي ينسجم في عقيدته وأحكامه كلها مع ما تقتضيه نوازع الفطرة الإنسانية الأصيلة..
وهذا من أسرار سعة انتشار هذا الدين العظيم وسرعة تقبل الناس له ..


- وفي دعوته صلى الله عليه وسلم لنفر من الخزرج في موسم الحج واستجابتهم له موعظة مهمة ..:
حيث بعد 11 سنة من هذا الجهاد والصبر والتعب وخوض الشدائد تأتي الثمار المنتظرة من خارج قريش .. بعيدة عن قومه عليه الصلاة والسلام .. وفي ذلك حكمة..: أن تسير الدعوة الإسلامية في سبيل لا تدع أي شك للمتأمل بها ، فكان أنصاره الأُول من غير بيئته وقومه حتى لا يظن ظان بأن دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في حقيقتها دعوة قومية حاكتها رغبات قومه وظروف بيئته..


اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس