عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2008, 04:00 AM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الفن التشكيلي الكويتي البحث عن الذات1/2

بالرغم من حداثة "الحركة التشكيلية الكويتية المعاصرة" وصغر سنها بالنسبة لمثيلاتها في الوطن العربي والأجنبي إلا أنها استطاعت أن تبرز بزمن قياسي كحركة فنية ذات شخصية مميزة استمدت هويتها من مكونات المجتمع الكويتي

الاجتماعية والثقافية وأصبحت معالم بيئتها صورة صادقة من هذه التركيبة الخاصة لهذا المجتمع الذي أخذ بكل أساليب الحضارة الحديثة· لكنه لم ينسى عاداته وتقاليده وتراثه ا لعربي ا لإسلامي.
إن إطلاله على هذه الحركة الفنية لن تمكننا من الإيفاء بشكل كامل بجوانب "الفن التشكيلي الكويتي "· ولكن تلمس أهم مقوماتها التي تشكل خط سيرها الفني سيعطي قدرتم كافتا من الإيضاح تمتهن القارئ من التعرف عليها وفهم شخصيتها بشكل عام.
الماضي الملهم والمعلم
بين البحر والصحراء عاش الإنسان الكويتي قصة كفاح طويلة· وهي قصة مليئة بمشاهد الصراع الإنساني مع الطبيعة وظروف الحياة المعيشية الصعبة التي فرضتها عوامل المناخ والموقع على أهل الكويت في الماضي· فقد كانت الكويت عبارة عن ميناء عريي صغير نسبيا يحتل مساحة من الأرض تقدر بثمانية كيلومترات مريع على رأس (جون) خاص بها يعرف بخليج الكويت- أقصى الشمال من الخليج العربي- ويحيط بهذه المدينة سور من الطين بنيئ لصد الغزاة· وكانت منافذ هذا السور (لأريعه) تفضي بالمدينة إلى صحراء قاحلة مترامية الأطراف تحيط بها من كل جانب.
لقد تكاتفت ظروف المناخ الصعبة وطبيعة الأرض الصحراوية ضد سكانها مما دفعهم ذلك إلى الاتجاه ناحية البحر للاشتغال بصيد اللؤلؤ والأسماك· والتجارة التي عمادها صناعة السفن والقوارب وقد أعطاهم ذلك خبرة ودراية بطرق التجارة البحرية فتجاوزوا بهذه الخبرة البلدان المجاورة إلى شبه القارة الهندية وسواحل أفريقيا كما أكسبتهم هذه


المهنة ثروة مهنية ومادية وثقافية· وفتحت أذهانهم للأساليب المعيشية والاجتماعية في هذه الأقطار· وهذا ما زاد تقبلهم بسرعة للأفكار الجديدة وعرس في نفوسهم الاستعداد للتطور والنمو.
ومن ناحية أخرى لم تقف ظروف الصحراء الصعبة عائقا أمام ولوجها والإبحار بها للاتصال بالدول العربية المتاخمة لحدودها والاتجار معها والاستزادة مما فيها من علم ومعرفة.
إن تاريخ الكويت "ملحمة" نسجت أجزاءها قصة حب عظيمة بين الكويتي وأرضة· وظل بتنامي هذا الحب جيلا بعد جيل ويتعمق بين الإنسان والأرض· فكانت الكويت هي "درة الخليج ".
بين رائحة اللون وطعم الماضي
لقد ظل حب الماضي والإخلاص له يسيطر على عاطفة وفكر أبناء الكويت· وظلت مشاهد الملحمة الإنسانية التي عاشها الأجداد تتراءى أمام مخيلتهم مسترشدين بحكايات كبار السن من رجالات الكويت· ورموز التراث الكويتي التي مازالت شاهده على فصول هذه الفترة· ولذلك فقد اتجهت عواطفهم وأحاسيسهم أول ما اتجهت إلى تسجيل مشاهد بيئتهم المحلية في صياغات مليئة بالحب والإخلاص للماضي.
ويعتبر الفنان القدير"أيوب حسين " أكثرهم إخلاصا وتمسكا بهذا الاتجاه فهو يسجل بعفوية وواقعية صادقة أشكال وأساليب الحياة الاجتماعية مسترشدين بذاكره واعية لكل الأنماط والممارسات اليومية للشعب الكويتي في تلك الفترة قبل أن تمتد إليها يد التغيير والتبديل بدخول تيار الحضارة الحديثة مع تدفق· فالسكيك الترابية- الحواري- والبيوت الطينية وساحل البحر تشكل نموذجا حيا للمحيط الذي يتحرك فيه سكان تلك المدينة البسيطة التي طبعت بساطها على أسلوب الحياة اليومي لهم· تتجلى في حركة النساء الرتيبة وهن يغسل الثياب على ساحل البحر بينما يهم بعضهن



بالانصراف إلى بيوتهن بعد الانتهاء من هذه المهمة· أما الصغار فيلهون بحيوية على رمال الشاطئ أو يسبحون في البحر· وفي مشاهد أخرى يبدو الرجال منصرفين إلى أعمالهم من بيع وشراء أو تعليم وتعلم أو استعداد لبدء موسم الغوص أو السفر بقصد التجارة· كما صور فرحة العودة من البحر بعد أشهر من العناء والتعب في سبيل لقمة العيش· أو ممارسة أهل الكويت لنشاطاتهم الاقتصادية والاجتماعية البسيطة الخالية من التعقيد والتكلف.
لقد عالج كثير من التشكيليين الكويتيين هذه الأنماط الحياتية أمثال المرحوم "معجب الدوسري " الذي توفى في صيف 1956 والفنان "بدر القطامي " الذي صاغ عناصره بأسلوب تأثيري شفاف· فشكلت أعماله مجموعة خاصة اعتنت بتسجيل زوايا ورموز من التراث والبيئة بحس عاطفي تداخله في بعض الأحيان نظرة فلسفية لهذه الأشكال والأشياء كما في أعماله: وثول- كباكب- البراقع- دكان قديم- العودة من البحر.
أما الفنان "محمود رضوان " فقد ركز جل اهتمامه على تسجيل الأنماط المعمارية في الكويت القديمة· وهو قد سلك هذا الاتجاه باندفاع شديد لاحتواء صورة هذه الأساليب في البناء قبل أن تعمل بها معاول الهدم لتفسح الطريق أمام الكتل الخرسانية الصماء الخالية من كل تعبير عاطفي أو حس إنساني· وقد برزت مساحاته وكتله بتعبيرية مميزة أضفت على هذه الأشكال نبضا حيا ينبعث من داخل هذه المنازل الطينية فيشعرك ذلك بحركة ساكنيها رغم سماكة الجدران المعمارية القديمة التي زال بالفعل أغلبها وهو هنا قد أكمل الخط الذي شكله باقي التشكيليين الكويتيين والذي ينتهي غالتا عند الممارسات المعيشية اليومية للإنسان الكويتي.
وعملية التفاعل العاطفي بين البيئة والفنان التشكيلي لم تقتصر على بعضهم بل هي خطوة طبيعته للتواصل بين الإنسان الكويتي وماضية المليء بقص الكفاح من أجل ترسيخ دعائم بناء هذه الدولة الفتية· (فسكيك) "مساعد فهد" بهدوئها وبساطتها الشفافة· أو حكايات " خليفة القطان " الذي شكلها ببراعة مميزة عن أيام الانتظار الطويلة التي تعيشها أم أو زوجة أو أبناء مترقبين عودة رجلهم الذاهب إلى رحلة غوص أو سفر بعيد إلى سواحل الهند أو أفريقيا· أو تلك


اللمحات الوامضة التي سجل فيها بعض من أشكال تراثنا البحري له دليل صادق على هذا الارتباط.
ويقتفي أثر هذه الخطوات كل من "علي نعمان " و "يوسف القطامي " و "خزعل القفاص " و"عبدالرضا باقر" وداوود الشميمري " و افهد حبيب " ونادر عبد الحميد" وغيرهم.
الخروج عن إطار المألوف
لاشك بأن البيئة الكويتية القديمة برموزها المعبرة وعناصرها المحببة للنفس قد هيمنت بشكل واضح على فكر وعاطفة الفنان التشكيلي الكويتي وقد كانت هي موضوعة المفضل في بداية الحركة التشكيلية الكويتية قبل أن يخرج ويحتك بالأساليب والتجارب الفنية عربتا وعالمتا عن طريق البعثات والدورات الدراسية الأكاديمية المتخصصة التي أرسلتها الحكومة الكويتية أو من خلال سعي الفنانين أنفسهم بالسفر إلى جميع أنحاء العالم لزيارة المتاحف والمعارض الفنية والاختلاط بالفنانين والتعرف على أساليبهم وثقافاتهم الفنية· وحتى بعد أن هضم كل هذه الأساليب والتجارب وعايش مختلف الثقافات العالمية بعاطفة ملتهبة وذهن متفتح لكل ما هو جديد· لم يبعده ذلك عن محيط النقطة التي بدأ منها بل زاده ذلك تعلقا بها من خلال توظيف ما شاهده وتعلمه في إيجاد صيغ جديدة لهذه الأشكال والمشاهد وتعدى بذلك إطار المشهد العاطفي- التسجيلي- إلى استخلاص مفاهيم فكرية وفلسفية أمسكت هذه المواضيع من السقوط في هوة التكرار الممل وبالتالي فقدان قيمتها العاطفية والفكرية.
لقد حاول "عبد الله القصار" إبراز الجانب الفلسفي لهذه المشاهد وهي محاولة متقدمة وناجحة لانتشالها من تقليديتها وهو بذلك ومع باقي زملائه الذين شاطروه البحث في هذا الاتجاه قد أوجدوا صياغة تجديدية لعناصر ورموز البيئة فأعماله: (وحش البحار- طريق الحصى- الهودج- السعلوه ا· أبرزت عناصر التراث المادية بنسيجها الأدبي برؤية فنية عصرية وأضافت إلى قيمتها الأدبية والمعنوية قيمة فكرية وفنية مميزة.
وأيضا من الذين تناولوا رموز التراث الأدبي الفنان المرحوم "أحمد عبد الرضا" في مجموعته: (السعلوه- الطنطل- حمارة القايله)· وهي شخصيات خرافية من التراث الأدبي للمنطقة طالما أثارت الخوف في نفوس الأطفال قديما عند سماع حكاياتها من أفواه الكبار· ومكنه اتجاهه هذا من الخروج عن مألوف المعالجة التقليدية للرموز المادية للتراث الكويتي إلى الرموز الفكرية وهي خطوة جريئة حاول بعض الفنانين ولوجها ولكن توقفوا بعد أول تجربة "كالقصار" و "عيسى صقر" بينما أثرى "الصالح" مجموعته الفنية بشخوصها المتنوعة.
وإذا كان "القصار"أو غيره من التشكيليين قد سجلوا أشكال الممارسات المعيشية لسكان الكويت في البحر الذي كان عماد حياتهم الاقتصادية وأبرزوا المعاناة والمخاطر التي كانوا يواجهونها في أعماقه المخيفة أو على سطحه المليء بالمفاجآت المأساوية· فإن "عبد الله السالم " قد اهتم بتراث الصحراء اهتماما كبيرا وركز جهده على إبرازه برؤية حديثة تبعده عن (الرؤية الكربونية) التي انجرف إليها في فترة معينة كثير من الفنانين الذين تناولوا رموز البيئة البحرية والصحراوية والتي اعتمد تناولهم لها على (شف) هذه العناصر التراثية من بعض الصور الفوتوغرافية القديمة بشكل جاف وخال من أي حس عاطفي فجاءت أعمالهم غريبة عن البيئة التي استمدت أفكارها وعناصرها منها وخرجت للجمهور وكأنها (نسخ كربونية) باهتة.



ويسير "إبراهيم إسماعيل " و" سعود الفرج " في نفس الاتجاه الذي يسير فيه "عبد الله السالم " فقد صاغا مواضيعهما ورتبا عناصرهما بطريقة خاصة أبعدت أعمالهم عن روتين التكرار الممل· مستغلين لذلك الحركة الهندسية ذات الخطوط إلحاده بشكل مميز لم يفقد الحدث حسه الإنساني والعاطفي كما أن "محمد الشيخ الفارسي " قد أوجد لهذه الرموز شخصية خاصة من خلال توظيفه لمفاهيم رسوم الأطفال في صياغة مواضيعه وهو منفذ ذكي حرر"الشيخ "به أفكاره ومواضيعه من روتينية الأداء في التشكيل الفني المعتاد· ومن أعماله كمثال: لعبة اللقصة- ألعاب شعبية- طبق حنه وطبق ماش- حبيبتي الكويت- ا لفتاه والصندوق ا لمبيت.
أما الفنان المرحوم "أمير عبد الرضا" و"محمد البحيري " و "محمد قمبر" و"صفوان الأيوبي " و"جعفر دشتي " و فاضل العبار" و"أمين الصالح " فقد اتجه كل منهم لاستغلال حركة الخطوط والمساحات اللونية في صياغة الأفكار المعالجة والوصول بعناصر العمل إلى شكلها النهائي المجرد في شخوصيتها العامة لكنها في نفس الوقت لم تفقد حس الطبيعة للبيئة الكويتية فطعم ملوحة البحر أو حرارة الصحراء أو خطوط الحركة العمرانية في المدينة الكويتية الحديثة تتوالف مع هذه المساحات اللونية لتطبعها برؤية محلية صادقة رغم صياغتها المفرطة في الحداثة.
كما يأخذ الحرف العربي والزخرفة الإسلامية مكانة خاصة في المعالجات التشكيلية الحديثة والتي تبنى صياغتها كل من الفنانة "سعاد العيسى" والفنان "قاسم ياسين " و ا فريد العلي " وأخيرا "محمد الشيخ "و"حميد خزعل ".
تظل حركة الإنسان المعاصر المعاشية هي المشهد الوحيد الغائب عن ذهن التشكيلي الكويتي ربما لأن هذا المشهد- باعتقاد الفنانين- توفرت له أكثر من فرصة تعبيرية سجلت حركته الزمنية لحظة بلحظة بدأ من آلة التصوير الضوئية إلى السينمائية والتلفزيونية وغير ذلك من وسائل الإعلام المختلفة ولذلك فالذين تناولوا هذه المواقف قلة أبرزهم هو الفنان "جاسم بو حمد" الذي صور الحد وته اليومية لحركة الإنسان المعاصر بدأ بالسوق وحركته المستمرة بين البائع والمشتري كأعماله: بائع السجائر- سوق الخضار- خواطر وأفكار عن القنص- وهي رياضه تشد أبناء الكويت كهواية



محببة إليهم لازمتهم منذ القديم وتعيدهم اليوم إلى أجواء الصحراء التي طالما جابهها الأجداد في ترحالهم بحتا عن المرعى أو التجارة أو طلب العلم· وقد أفرد لهذا الموضوع المميز مجموعة فنية من عشرة أجزاء.
ويوازي "بوحمد" في هذا الاتجاه الفنان "حسين مسيب " الذي سجل كثير من المواقف الإنسانية التي حفت عن الكثير منا برغم معايشتنا لها كل يوم· لكن المسيب احتواها بنظرة مدققة· من (الحمال) وهو يجلس على الأرض تعبا إلى (الصباغ) الذي غفت عينه بعد عناء يوم من العمل إلى (الشاب) راكب الدراجة الذي يلاحق فتاة تسير في الشارع يحاول مغازلتها بإلحاح بريء· أما "عبد العزيز آرتي " فقد خص هذه الرؤية بمجموعة لا بأس بها من أعماله الفنية مصورا فترة الخمسينات والستينات من خلال مشاهد عديدة من أهمها: أ الشارع الجديد- شارع فهد السالم سنة 54- شارع تونس- السالمية وقت المطر- هدف عرباوي· وهي فترة لم ينتبه إليها الكثير من الفنانين خاصة وأنها تعتبر فترة انتقال وتحول في الحياة العامة بين القديم والحديث.
ربما ستظل هذه الحكايات اليومية البسيطة مدار بحث وتقصي طويلين من قبل "بوحمد" و"مسيب " فالعلاقات الإنسانية مستمرة باستمرار دورة الزمن الأبدية ولذلك فالمشاهد تتكرر وتتجدد· وربما سيلتفت غيرهما من الفنانين لهذه العلاقة بين حركة الإنسان وحركة الزمن اليومية






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس