عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2008, 04:09 AM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ~*~فنون عربية وعالمية~*~

الدادائية.. فن الرافضين

لقد فقدنا الأمل في أن يحقق الفن غرضه في مجتمعنا وقد حز في نفوسنا كثيرا الوضع المشين الذي نعاني منه
مارسيل يانكو أحد أقطاب الحركة الدادائية

مدخل
دادا - الداداوية - الدادائية وكذلك الداديزم مسميات لحركة جريئة وخالدة وباقية بقاء الفن والأدب في حياة البشر وهي حركة شكلها وقاد فاعلياتها الشاعر الروماني تريستان تزارا ( 1896 - 1963 ) في سويسرا احتاجا علي اندلاع الحرب العالمية الأولى .




تميزت هذه الحركة عن غيرها من المدارس الفنية والأدبية التي سبقتها بمحاولة التخلص من قيود المنطق المعتادة والعلاقات السببية في التفكير والتعبير وكان من مهمتها الكبرى التخلص من كل ما يعوق الحرية ويكبح جموح التلقائية في التعبير والإبداع الفنيين .
وعند الدادئيين أن ترسم ليس المهم أن تستخدم الريشة والخطوط والأصباغ بل عليك أن ( تخربش ) كما يروق لك أو تلصق صحيفة أو أعقاب سجائر أو أحذية قديمة مع خوذات عسكرية مهشمة أو علب مواد غذائية فارغة هذه لوحة .

والسؤال !! ما هي البواعث التي أدت إلى ظهور هذه الحركة النشطة والتي استقطبت حولها مظاهر الإعجاب والتشكيك ومواقف القبول والرفض .

الدادا والحرب العالمية الأولى
تتفق جميع المصادر التشكيلية عند رصدها لهذه الحركة أنها قامت أساسا كموقف احتجاج علي اندلاع الحرب العالمية الأولي تلك الحرب التي أًهدرت فيها الطاقات البشرية وقُتل خلالها الرجال وقاسوا مصائبها وتشظي الرصاص في أجسادهم ثم ماتوا وهيل عليهم التراب أو غرزت علي بقايا عظامهم النصب حين يعثر رفاقهم علي جثث يدفنونها .
ففي أواخر عام 1914 كانت نوعية الحرب الدائرة قد تقررت واتخذت لها إطارا متميزا عن كل حرب سابقة إذ اتضح أنها لم تعد حرب نصر حاسم سريع ولا قتال بضعة أسابيع أو شهور ! كلا . لقد ظهر لكل قائد عسكري في أي هيئة أركان مشتركة في الحرب أنه يواجه حربا طويلة الأمد لا نصر فيها فالخنادق لا تتزحزح وكل هجوم مباشر عليها مكتوب له بالفشل .
وككل حرب علي نطاق واسع قذفت إلى الخطوط الخلفية بشيئين أثنين من صنف البشر . أولهما حطام من يتحملون مشاق الطريق قبل أن يموتوا . وثانيهما فئات المشوهين وذوي العاهات الذين تقعدهم عن العمل . وكان النقص في خطوط القتال والمجهود المدني في حاجة إلى تعويض وهذا التعويض تمثل في البالغين الذين يُستدعون إلى الالتحاق بالجيش طالما توفر منهم بيد أن هولاء سرعان ما نزح عددهم لان آلة الحرب كانت تلوك القتلى فتحولت الأنظار إلى الصبيان وطُلب إليهم الانخراط في الجيش مرة باسم الدفاع عن شرف الوطن ومرة أخري بدعوة ضرورة الإخلاص للملك والتاج .
وبمثل هولاء الصبية وذوي العاهات ظلت الجيوش المتحاربة يتضخم عددها بإمدادات جديدة حتى عام 1916 ثم أخذت جميعا أما في الثبوت مع تدني مستوي العمر أو الانكماش التدريجي المحتوم ¥ كما نتج عن حاجة الجبهات إلى العتد أن أقيمت مصانع الذخيرة في مختلف أنحاء أوربا .. وطبيعي أن أصحاب المال هم الذين أقاموها طمعا في ازدياد ثرواتهم فكان من مصلحتهم أن يطول أمد الحرب ويستهلك الجنود ما تشتريه حكوماتهم وبمعني آخر صار من سياسة هولاء ترويج صناعة الموت والمتاجرة بالأرواح .


اثر هذا الوضع تحول اقتصاد أوربا إلى اقتصاد عسكري وظهر إلى الوجود أنظمة توائم ذلك . فالعمال اُقنعوا بالمعروف أو اُجبروا بالتهديد بالحبس أو الوصم بالخيانة العظمي بان يتحولوا إلى آلات في المجهود الحربي وطُلب منهم أن يتناسوا مستوي حياتهم العادية في أيام السلم وأن يغفلوا تماما عن طموحاتهم .
والموظفون خضعوا لتعليمات الانضباط الرسمي ومجالس التأديب التي يعقبها قطع المرتبات إذا عاندوا والفلاحون أصبحوا مضطرين للعمل والقبول بتسعيرة الدولة . كل هذا لتزيد من أرباح الرأسماليين وتتضخم ولم تكتف الحرب العالمية الأولي بإبراز قضايا عسكرية واستراتيجية واقتصادية بالغة الأهمية وإنما انتقلت إلى الميدان الاجتماعي أيضا . فقد واجهت الحكومات المتحاربة تموين عائلات الغائبين في الميدان والتعويض عن المشوهين العائدين علاوة علي تفشي الانحرافات الخلقية وشاع بين الناس التذمر الصريح بعدم الرضا وتمثل ذلك بشكل واضح في قيام الدادائية والاحتجاج علي ما يحدث بالفن المشاغب والأدب غير المألوف .

تريستان تزارا .. مرة أخري
عند اندلاع الحرب العالمية الأولى تنصل ( تريستان تزارا ) من أعباء التجنيد في الجيش الروماني وفر هاربا عبر الأودية والبحيرات والأحراش إلى أن وصل إلى سويسرا البلد المحايد في تلك الحرب واستقر به المقام في مدينة زيورخ وألتف حوله لفيف من صعاليك الفن والأدب المناوئين للحرب .
وكان في زيورخ ثمة حركتان تُعدان الخطط المتوهجة لتغيير شكل هذا العالم ¥ ففي شقة رقم (12) في شارع شبيغلغاسة كان : لينين وبعض رفاقه يعدون لثورة تهدف إلى القضاء علي النظام الطبقي وإلغاء الحروب الاستعمارية .
وبمحض الصدفة وفي الشقة رقم (11) بنفس البناية والشارع يجتمع فنانون وأدباء هاربون أو منفيون من بعض بلدان أوربا المتحاربة .. اجتمعوا هولاء الصعاليك ليعبروا عن استنكارهم لهذه الحروب الطاحنة ويسفهوا الدول المتصارعة التي تدعي الحضارة والتي تأكل بعضها بعضا اجتمعوا بهدف رفض كل مظاهر الثقافة السائدة وفي مقدمتها الفن .

عند الساعة السادسة من مساء يوم : 6 . 2 . 1916 ولدت في مقهى كافيه دي لاتيراس في مدينة زيورخ كلمة : دادا - DADA ولقد صرح تريستان تزارا فيما بعد قائلا :
لقد ولدت كلمة دون أن يعرف أحد كيف كان ذلك .


تعدد معاني كلمة : دادا
في لغة الشاعر تريستان تزارا الرومانية تعني : أجل .. أجل . وفي الفرنسية إشارة إلى لعبة من لعب الأطفال علي شكل حصان خشبي هزاز وتستعمل الكلمة في الألمانية للدلالة علي السذاجة والغفلة والإيطاليون يطلقونها علي زهرة النرد وأحيانا الأم .
وفي بعض مناطق أفريقيا السوداء يسمون ذنب البقرة المقدسة : دادا . وفي الكثير من اللهجات العامية العربية تسمي المربية ومرضعة ولد غيرها : دادة .




الملتقي الأول للدادائيين

تأسس هذا الملتقي تحت اسم : كاباريه فولتير - ليسلي رواده ويقدم لهم أوجهًا من النشاطات الفنية والأدبية للسخرية من الحرب والنعرات القومية .
ويعرض تاريخ هذه الحركة أيضا إلى رجل ينتمي إلى بلد المفكرين والشعراء والموسيقيين الكبار( ألمانيا ) رجل طويل القامة بإفراط هزيل البنية اسمه : هوغوبال جاء إلى سويسرا عند نشوب الحرب العالمية الأولي مع صديقته : إيمي هينغز التي تجيد الغناء وإلقاء الشعر .
أما هوغوبال نفسه فكان فيلسوفا وروائيا وشاعرا وصحفيا وصوفيا وهو في كلمتين ( صعلوك مثقف ) وعندما لاحت لهذا الصعلوك فكرة إنشاء هذا الملتقي أتصل بشخص يدعي : أفرايم يمتلك صالة ليلية باسم : مييري ليجعل منها : ماخور ثقافي إذا جاز التعبير . فلبي : أفرايم طلبه وعلي الفور ذهب هوغوبال إلى معارف له من الشلة الدادائية وأخذ يقول للواحد منها :
هل لي بلوحة أو صورة .. قصيدة أو منحوتة بهدف إقامة أول ملتقى يجمع شتاتنا نحن الصعاليك .

ولم يكتف بذلك بل قصد بعض دور الصحافة في زيورخ لينشروا له إعلانات بالمناسبة، وفي الخامس من شهر فبراير 1916 تم تدشين كاباريه فولتير واشتمل المعرض الأول علي أعمال من بيكاسو قام بجلبها له : هانز آراب وتخلل ذلك أمسية روسية ألقيت فيها أشعار من بولنير وماكس جاكوب ورامبو وغيرهم .
وفي نفس العام صدر العدد الأول من مجلة : دادا وكان الشاعر تريستان تزارا رئيسا لتحريرها والمخرج الفني لصفحاتها وقد دعي للكتابة فيها كتاب وشعراء كبار من خارج سويسرا من أمثال أراغون - ايلوار - برايتون - سوبو .
وساهم في عروضها التشكيلية الموالية كل من بيكاسو - مودلياني - كاندنيسكي ولم تتوقف مجلة : دادا عن الصدور وكانت كعادتها تطبع بطريقة مشوهة .

في السابع من شهر مايو عام 1920 صدر العدد السابع ومن مقدمته نقتطف الفقرة التالية :
اصرفوا بأسنانكم .. اصرخوا .. اركلوني علي أسناني .. ثم ماذا !! لن أكف عن أن أنعتكم بأنصاف الموهوبين وبعد ثلاثة أشهر سوف نبيعكم أنا و أصدقائي صورا ببضعة فرنكات .

وهكذا راح الدالدئيون يواجهون العالم بكل ما يمكن أن يهزه من تخريب وافتعال الضجة والضحك علي الذقون والضحك فقط في غالب الأحيان ناهيكم عن الغطرسة والإساءات والإهانات والفضائح الفاقعة والسخرية من ذواتهم ومن الآخرين


وذات مرة أعلن الدادئيون في باريس عن بيان يتلى علي الناس في تاريخ معين وبدلا من هذا البيان قرأ : تزارا مقالا من صحيفة اختيرت بحسب الصدف بينما كان بول ايلوار و تيودور فرنكل يقرعان الأجراس .

قصيدة الصدفة
أو بالأحرى قصيدة من غير شاعر وكنموذج من هذا الشعر تناول : تزارا بضع مقالات من صحيفة يومية تافهة وقصها قصاصات صغيرة لا تزيد مساحة الواحدة منها عن معدل الحيز الذي تشغله الكلمة ثم وضع الكلمات المقطعة في كيس دقيق فارغ وخضها جيدا ثم تركتها تتناثر علي طاولة والترتيب أو اللاترتيب للكلمات سوف يؤلف برأي تزارا قصيدة من نظم الصدفة .

فوتوغرافيا دادائية
وفي مجال التصوير الفوتوغرافي كان أحد المصورين الدادئيين يقطع رحلة بين دوسلدورف وكولن في ألمانيا بان ثبت آلة التصوير في نافذة القطار وطفق يلتقط الصور كيفما أتفق كل خمس دقائق وشكل بترتيبها العشوائي فيما بعد أول معرض فوتوغرافي دادائي .
وحصل مع الموسيقي ما هو افضع من قرع العلب المعدنية الفارغة والطلقات النارية الحية مكان الإيقاع والنباح والعويل بدل الغناء .


الفولغا يصب في بحر قزوين
أما الكتابة التلقائية فأطلق لها العنان العبثي والصدفة واللاوعي وحل اللانظام محل النظام واللامنطق مكان المنطق والعفوية والبراءة سدت المنافذ في وجه التزمت والتصنع وفي الكتابة التلقائية أيضا ينبغي للمرء أن يكتب كما يقوده قلمه من غير أن يبحث عن الكلمات المناسبة أو الالتزام بقواعد النحو وتصريف الأفعال .
وتعتبر رواية : الفولغا يصب في بحر قزوين للكاتب بيليناك رواية كولاجية إذ ادخل بين أحداثها نصوص قصيرة مقتطفة من الصحف وقصاصات الأخبار وعناوين الإعلانات وتخلي بذلك عن الواقعية الموضوعية ذات الخط الواضح لقاء بحث جمالي وفن يلعب علي مستويات مختلفة . والفنان الدادائي - بيكابيا يري:
أن الجمال يمكن أن يولد من اتحاد أشياء غير متوقعة أكثر من غيرها بشرط أن تكون اليد التي تجمعها يد فنان .

البيان الدادئي الأخير



في منتصف شهر مارس عام 1922 وبحضور أقطاب الدادائية القي تريستان تزارا كلمة البيان الأخير لهذه الحركة نورد منها أهم الفقرات المثيرة للتأمل :
إن دادا تشق طريقها وهي ماضية لا في التوسع بل من أجل تخريب ذاتها وهي لا تبغي أن تتوصل إلى نتيجة أو تكسب مجدا أو فائدة عبر جميع إرهاصاتها المقرفة فقد كفت نهائيا عن الكفاح لأنها تدرك أن ذلك لا يخدم غرضا ما .

توقف تزارا برهة وابتلع ريقه .. جال ببصره علي وجوه رفاقه من شراذم الثقافة المحبطة تنهد وواصل تلاوة البيان :
إن دادا كانت حالتنا الذهنية الساخرة وكانت للرافضين من أمثالنا نقطة الارتكاز التي تلتقي عند نعم وعند لا وتحتوي كل المتناقضات السائدة ولان دادا كانت لا تؤمن بشيء فقد انتهت وانتهت لأنها لم تؤمن حتى بمبادئها .

في أثناء هذا البيان كان : دونزيرغ يذرف ابتسامة ساخرة وهانز آراب يعبث بلسانه في شاربه الدقيق وكان هانز ريختر يتقيأ آهاته وجعا بين وقت وآخر .
والدادائية التي حملت مشعل : بروميثيوس لتشعل الحرائق في كل مكان كانت من أكثر الحركات الفنية انتقائية وكانت تكره أن تلبس ثوبا واحدا وتكره أن تلبس الثوب أكثر من يوم واحد .. كانت ضد كل حالة كانتها وتكونها وضد الفن ثم ضد الفن المضاد وضد الصدفة وضد الصدفة المضادة ومن بين أنقاض وركام الصرح الدادائي المنهار انبثقت حركة أخري تولي زعامتها الشاعر الدادائي السابق : أندريه برايتون ليصبح وحده أكبر داعية للتجافي عن العقلانيات والمنطق والتنظيم مستجيبا لكل ما هو من الحلم واللاوعي والأشباح والطلاسم والرموز وأطلق علي حركته الجديدة اسم السريالية أو ما يعرف في لغتنا العربية بـ : ( السمو واقعية ) ليجعل منها وقفا علي المثقفين ولكن أي مثقفين .. انهم المثقفون الذين تلاعبوا في مجريات حركة المد والجزر وتصرفوا في عدد نبضات القلب و ألوان قوس قزح وما يستقر في مكنون العقل الباطن وسراديب الأحلام.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس