ماذا نفعل لحامل ميت وجنينها حى..يوميات طبيب3
أعود مرة أخرى الى سرد يومياتى ..حيث أننا إنتهينا فى الحلقة السابقة الى
انتهاء سنة أولى طب وقد استكملنا تشريح الجسد الآدمى (الجثة) كاملة ماعدا
الرأس والرقبة التى سوف تكون منهج السنة الثانية طب بإذن الله
قد تتسائل كيف يتم تشريح ودراسة جسد كامل فى عام كامل
بينما الرأس والرقبة تحتاج وحدها الى عام كامل بمفردها..
نعم ..إن الرأس تستحق أن يكون لها عاما كاملا وحدها ..
إيه ياجماعة ..؟؟ لا تستغربوا ..انتوا ناسيين إنها الرئيس ..!!
الزعيم ..إنها من تدير الحكم ..والجسد ماهو إلا الرعية ..أتستكثرون على الرئاسة
والزعامة عاما واحدا ..هناك زعماء يجلسون على كراسي الحكم منذ 30 عاما وتستكثرون على الرأس
عاما واحدا دراسيا ..؟؟ عندما تقرأوا التالى ستعرفوا أنها تستحق بل و أكثر
رأس الانسان يتكون من الجمجمة العظمية وهى صندوق عظمى لحماية أهم جوهرة فى الانسان
وهو المخ ..ذلك العضو الذى اذا تعرض جزء من أنسجته للتلف لا يمكن تعويضه على عكس
أنسجة الأعضاء الأخرى التى يحدث فيها التئام وتعويض للخلايا
وتكتسى الجمجمة بعضلات الوجه و ملحقاتها من أوعية دموية وأعصاب كأى عضو
ذكرناه فى حلقاتنا السابقة
ويتصل بالمخ الحبل الشوكى الذى يمر داخل قناة عظميه هى الأخرى لحمايتها وهو العمود الفقرى
وبصورة مبسطة يخرج من المخ والحبل الشوكى كل الأعصاب الرئيسية التى تمد سائر الجسد
بالحركة و بالإحساس
أذا أى ضرر يحدث قد يسبب فقد الحركة أو الإحساس أو كلاهما
وببساطة أشد لا تنسى محتويات الرأس ..العين ..الأنف والأذن والفم ومحتوياته
وهذه كلها حكايات وقصص لا سبيل لها الآن ..
عندما نشرت يومياتى فى دراسة التشريح فى سنة أولى وثانية طب فى الحلقتين
السابقتين كنت أقر بواقع حدث بالفعل ولم أتطرق الى الجانب الشرعى فى الموضوع ..
والحقيقة أننى يجب أن أعترف
أن هذا السؤال تطرق الى ذهنى كما جال بخاطر القراء وتعليقاتهم عن حرمة الأموات وانتهاكها بالتشريح ؟؟..
ويجب أن أعترف أننى لست مؤهلا للفتاوى الشرعية وأن هذا الموضوع يحتاج الى
فتاوى الأزهر الشريف مع العلم أن هناك كلية طب الأزهر أيضا
وقطعا يتم دراسة علم التشريح فى طب الأزهر..
وهو موضوع يستحق الدراسة ومن جانبى فقد بحثت
عن فتاوى فى هذا الموضوع لأفيد نفسى قبل غيرى فوجدت الآتى ..
الطب تعلما وتعليما فرض على الكفاية حث عليه الشرع الشريف ومن مقدمات فن الطب
ومقوماته تشريح الأجساد فلا يمكن للطبيب أن يقوم بطب الأجسام وعلاج المرض
إلا أن يعرف مكونات جسم الإنسان من خلال التشريح.
وبوجوب العلاج يأخذ التشريح حكمه.. إذ أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب..
فوجوب الصلاة يوجب معه الوضوء.. فكذا ما دام الشارع قد أوجب التطبيب
فالتشريح يأخذ حكمه بالنسبة لمن سيتخصص في تطبيب الناس.
أما التشريح لمعرفة سبب الوفاة لإثبات الجريمة على مرتكبها أو نفيها لإقرار الحق وحماية الحي
من أثر تلك الجريمة فلا شبهة أيضا في جوازه ما دام الوصول للحق لن يتم إلا بهذه
الطريقة لإقرار العدل حتى لا يظلم بريء أو يفلت مجرم من العقاب
..
هذا وقد أجاز كثير من الفقهاء شق بطن المرأة الميتة لاستخراج جنينها الحى رعاية لحق الحي في الحياة
.. وتقديم هذا الحق على حق الموتى.
والحقيقة أن هذا الشق لابد أن يحدث فى خلال عشر دقائق لا أكثر لأن الجنين لن يتحمل
مقاومة نقص الأكسجين مدة أطول وإلا تعرض لإعاقة أو الوفاة ..
وفى الواقع فإن هذا الوقت القصير واقعيا قد يسبب تردد كثير من الأطباء فى اتخاذ قرار
شق بطن المرأة الحامل المتوفاة لتجنب التعرض للمساءلات القانونية
ولا زال للحديث بقية عن عم صالح حارس المشرحة وقصص وغرائب ...أنتظركم فى الحلقات القادمة
***