عرض مشاركة واحدة
قديم 06-15-2008, 01:13 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي الجراح حين تنشد



الجراح حين تنشد

الليل ولى لن يعود وجاء دورك يا صباح
وسفينة الإيمان سارت لا تبالي بالرياح
وحياتنا أنشودة صيغت على لحن الكفاح
وطريقنا محفوفةٌ بالشوك بالدم بالرماح
إنا إذا وضع السلاح بوجهنا ضج السلاح
وإذا تلعثمت الشفاه تكلمت منا الجراح
يا دربنا يا معبر الأبطال يا درب الفلاح

هذه كلمات نشيدٍ قديم حفظته من صغري ورددته وترنمت به وأنشدته
في كل مجلسٍ ومناسبةٍ حتى أصبح عنصراً من تكويني – لست أدري لماذا!! –
غير أن ما كنت أعرفه أن هذه الكلمات كانت تهزني بكل مشاعري وأحاسيسي ووجداني وكل كياني
– ولا تزال كذلك إلى اللحظة –
وأخص بيتاً منها كان ولا يزال وسيظل يستوقفني ويبحر بي في عمق المأساة
لأعيش كل تفاصيلها ،
ولكي أرى تلك الكتائب وقد أضاءت من تلك الجراح النازفة الراعفة
شموعاً تضيء الدرب للأجيال نحو مجدٍ تليد ، ونصرٍ أكيد ، وعهدٍ زاهرٍ جديد :

(( وإذا تلعثمت الشفاه تكلمت منا الجراح ))

( حينما تتكلم الجراح )

إنها لغة فريدةٌ وبديعة رغم ألمها وحرقتها ومعاناتها ،
لأنها تصنع جيلاً قوياً صلباً متيناً ،
ليس بالهش ولا الضعيف ولا الواهي .
إنها لغة فريدةٌ وبديعة
رغم كل تلك التأوهات والصرخات والأنات
التي تنبعث من عمق الجرح النازف الراعف
فهي ترسم مع كل تأوهٍ خطّةً ،
ومع كل صرخةٍ تصنع ثورةً ،
ومع كل أنةٍ تحقق نصراً .

( حينما تتكلم الجراح )

فلكل متشدقٍ ومتقعرٍ بتحليلاته الجوفاء
وتأويلاته الشوهاء للواقع أن يصمت ،
ولكل قلم مأجورٍ مزورٍ أن يجف ويكسر

( حينما تتكلم الجراح )

فلكل المعاجم والقواميس اللغوية أن تقف لتؤدي التحية ،
لتلك اللغة الصادقة ، والحروف المتوقدة ، و الكلمات المتلهبة .

( حينما تتكلم الجراح )

فلكل أذنٍ أن تصغي ،
ولكل أمةٍ أن ترعي سمعها وبعناية لتلك الكلمات
التي هي بمثابة أناشيد الثوار التي غيرت مجرى التاريخ
في كثيرٍ من الحقب والعصور .

( حينما تتكلم الجراح )

فلكل (فرعونٍ) أن يحذر من (موسى )،
ولكل( أبرهةٍ )أن ينتظر (طيراً من أبابيل ، وحجارةً من سجيل) ،
ولكل (صنمٍ ووثنٍ) أن يترقب فأس( ابراهيم )،
ولكل (هُبلٍ ) أن ينظر ( محمداً )

( حينما تتكلم الجراح )

فلكل الشعارات الزائفة ، والدعايات الواهية أن تسقط ،
ولكل صوتٍ نشازٍ مخذلٍِ ومثبط أن يتلاشى ويغيب

( حينما تتكلم الجراح )

فلا يجوز بأي حالٍ من الأحوال أن يتكلم متكيءٌ على أريكةٍ وثيرةٍ ،
أو ملتهمٌ لأصناف اللذائذ ومستزيداً بحلوى أو فطيرة
ولا من غشي منه على البصر والبصيرة

( حينما تتكلم الجراح )

فليس يحق إلا للجراح أن تتكلم
لأنها هي الجديرة بأن تفصح عن حجم المأساة ،
وعن مدى الألم ، وعن عمق النكبة ،
ولأنها الأحق بأن تملي على التاريخ ما تشاؤه لكي يسطر بالأحمر القاني
ملحمة البطولة والحرية والفداء والتضحية على صفحاتٍ تشع وضاءةً ونوراً
لتنير الدروب وتوقد شموع العزم للسالكين طريق العزة والكرامة .

إنا إذا وضع السلاح بوجهنا ضج السلاح
وإذا تلعثمت الشفاه تكلمت منا الجراح









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس