عرض مشاركة واحدة
قديم 05-29-2011, 09:55 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: بحث فى أدارة المخاطر

إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية
ملخص محاضرات الأستاذ محمد سهيل الدروبي


مقدمة :

مفهوم المخاطر وإدارتها:

يمكن تعريف المخاطر بأنها احتمالية مستقبلية قد تعرض البنك الى خسائر غير متوقعة وغير مخطط لها بما قد يؤثر على تحقيق أهداف البنك وعلى تنفيذها بنجاح، وقد تؤدي في حال عدم التمكن من السيطرة عليها وعلى آثارها الى القضاء على البنك وإفلاسه.

ويمكن تعريف إدارة المخاطر بأنها نظام متكامل وشامل لتهيئة البيئة المناسبة والأدوات اللازمة لتوقع ودراسة المخاطر المحتملة وتحديدها وقياسهاوتحديد مقدار آثارها المحتملة على أعمال البنك وأصوله وإيراداته ووضع الخطط المناسبة لما يلزم ولمايمكن القيام به لتجنب هذه المخاطر أو لكبحها والسيطرة عليها وضبطها للتخفيف من آثارها إن لم يمكن القضاء على مصادرها.

المخاطر المحتملة وأنواعها:

يقسّم الباحثون المخاطر بطرق مختلفة من ذلك تقسيم المخاطر إلى مخاطر عامة وهي التي ترتبط باحوال السوق والإقتصاد عامة ومخاطر خاصة وهي التي تتصل بالمؤسسة ذاتها. وقسم آخرون المخاطر إلى مخاطر أعمال وهي التي يكون مصدرها طبيعة المنشأة او المؤسسة وتتصل عوامل تؤثر وتتأثر بمنتجات السوق ، ومخاطر مالية التي تؤدي إلى خسائر محتملة نتيجة تقلبات المتغيرات المالية وتكون في الغالب مصاحبة لنظام الإستدانة ( أو مايسمى بالرافعة المالية) حيث تكون المؤسسة في وضع مالي لاتستطيع مقابلة التزاماتها من أصولها.
ويقسم بعض الباحثين المخاطر من حيث إمكانية إداراتها الى:
- مخاطر يمكن التخلص منها.
- و مخاطر يمكن تحويلها لأطراف أخرى.
- ومخاطر بإمكان المؤسسة التعامل معها وإداراتها بنفسها.

ونرى أنه يمكن تقسيم المخاطر التي قد تتعرض لها المؤسسات المالية عموما الى مجموعتين:
1- المخاطر المالية.
2- مخاطر التشغيل.
بالإضافة الى مجموعة ثالثة من المخاطر والتحديات النظرية والعملية تتعرض لها المصارف الإسلامية على وجه الخصوص.
وسنتناول فيما يلي ببعض التفصيل المخاطر المندرجة في المجموعتين وطرق ووسائل إدارتها لتجنبها أو التخفيف من آثارها. ثم سنتناول المخاطر التي تتعرض لها المصارف الإسلامية على وجه الخصوص ومسائل تثيرها طبيعة عمل المصارف الإسلامية والطرق المقترحة لإداراتها.


المخاطر التي تواجه المصارف وإدارتها


أولا – المخاطر المالية:

وهي المخاطر المتصلة بإدارة الموجودات والمطلوبات ، وأهم مايمكن توقعه من مخاطر مالية مايلي:

1- مخاطر الإئتمان :

وترتبط بالطرف الآخر (العميل) والوفاء بالتزاماته في موعدها. وقد يكون عدم الوفاء العميل ( المدين) بالتزاماته تجاه البنك في موعدها عائدا الى عدم قدرته على الوفاء أو عدم رغبته بالوفاء.
والدين قد يكون قرضا بفائدة كما هو الحال في الغالب في المصارف التقليدية أو دين بالذمة ناتج عن تمويل إسلامي بأحد المنتجات المالية الإسلامية، فهو في صورة مخاطر تسوية أو مدفوعات بحيث يكون على أحد أطراف الصفقة أن يدفع نقودا ، أو عليه أن يسلم أصلا" ، وقد يتأتى في المصارف الإسلامية أيضا من عدم قيام الشريك بتسليم نصيب المصرف من رأس المال أو الربح كما هو الحال في المشاركة أو المضاربة.

2- مخاطر السيولة:

وهي تكون في عدم توفر السيولة الكافية لمتطلبات التشغيل او للإيفاء بالتزامات المصرف في حينها . وقد تنتج عن سوء إدارة السيولة في المصرف وعن صعوبة الحصول على السيولة بتكلفة معقولة وهو مايدعى بمخاطرة تمويل السيولة ، أو تعذر بيع اصول وهو مايدعى مخاطرة بيع الأصول.

وتنشأ مشكلة السيولة عادة من أن هناك مفاضلة بين السيولة والربحية وتباينا بين عرض الأصول السائلة والطلب عليها، فالمصرف لايستطيع السيطرة على من مصادر أمواله من الودائع ولكن لابد من الإشارة إلى أن المصرف يمكنه السيطرة على استخدامات هذه الأموال وتوظيفها وهذه الحقيقة تشكل إحدى الطرق الرئيسية للوقاية من مخاطر السيولة كما سنرى عند تعرضنا لإدارة مخاطر السيولة.

ومخاطر السيولة قد تكون أكثر شدة في المصارف الإسلامية نظرا لطبيعة المصارف الإسلامية ولأسباب منها:
1- إن المصارف الإسلامية لاتستطيع الإقتراض بفائدة لتغطية أحتياجاتها للسيولة عند الضرورة.
2- ولا تستطيع بيع الديون مبدئيا إلا بقيمتها الإسمية.
3- ولاتقوم المصارف المركزية ( حتى الآن على الأقل ) بدور المقرض الأخير للمصارف الإسلامية كما هو الحال بالنسبة للمصارف التقليدية . ولابد من التنويه هنا أنه على المصارف المركزية العمل على تطوير أدواتها ووسائلها لتقوم بدور المقرض الأخير للمصارف الإسلامية بوسائل تنطبق مع الشريعة الإسلامية وتستطيع المصارف الإسلامية الإستفادة منها.
4- معظم الودائع في المصارف الإسلامية هي ودائع في الحسابات الجارية ( حوالي 76% من إجمالي الودائع طبقا لدراسة أخيرة) وتعتبر قرضا حسنا من المودع للبنك يلتزم البنك بضمانه وسداده عند الطلب.
وتجدر الملاحظة أنه حتى في الودائع الإستثمارية لايستساغ أن لاتقوم المصارف الإسلامية بردها الى المودع عند الطلب حتى ولو قبل حلول أجلها رغم أنها غير ملزمة بذلك من الناحية الشرعية والقانونية نظرا لضرورة حفاظ المصارف الأسلامية على ثقة المودعين وسمعتها. وفي الحقيقة وعلى حد علمنا لم تسجل أي حالة رفضت فيها المصارف الإسلامية رد وديعة استثمارية قبل حلول أجلها.

3- مخاطر سعر الفائدة – ( هامش الربح ) :

ومخاطر سعر الفائدة يجب أن تواجه في الأساس المصارف غير الإسلامية أو الربوية التي تعتمد على الفائدة ومعدلاتها في تعاملاتها. وتنجم هذه المخاطر عن امكانية اختلاف سعر الفائدة خلال مدة القرض اقتراضا او اقراضا مما قد يؤدي إلى خسائر ناجمة عن الإقتراض بسعر أعلى من السعر الذي تم الإقراض به. أو قد ينشأ خطر سعر الفائدة بسبب التفاوت الزمني لآجال وإعادة تقييم الأصول والخصوم والبنود خارج الميزانية وقد يكون سببا لما يدعى بمخاطرة الأساس وهو الفرق بين السعر الآني والآجل ومخاطرة منحنى العائد أو عدم التأكد من الدخل ومخاطر أدوات الخيارات ( options) وهذه في مجموعها تشكل مايدعى بمخاطر التقييم.
ولكن المصارف الإسلامية تتأثر حقيقة بهذه المخاطر ( سعر الفائدة) أو مايدعى أيضا بمخاطر هامش الربح وربما كان ذلك يعود في حقيقته للسعر المرجعي الذي تعتمده المصارف الإسلامية لتحديد أسعار منتجاتها وادواتها المالية ففي حال اعتمادها على أسعار الفائدة كسعر مرجعي لتحديد هامش ربحها وتسعير منتجاتها ستتأثر تلقائيا بالمخاطر الناشئة عن سعر الفائدة، ونرى أيضا أن ذلك سيعرض المصرف الإسلامي الى مخاطر أخرى كمخاطر الثقة والتنافس ومخاطر السحب ( أن يقوم المودعون بسحب ودائعهم نظرا لانخفاض العائد ) لأنه قد يؤدي الى أن يكون العائد الموزع على المودعين أو المستثمريين في المصارف الإسلامية أقل من العائد أو الفائدة التي قد يحصل المودعون في المصارف التقليدية عليه. ولذلك لابد من الإشارة هنا إلى أننا نرى أنه لابد من تطوير أدوات و اعتماد سعر مرجعي لايعتمد على سعر الفائدة بشكل أساسي.
ولعله من المفيد التنويه أن مخاطر هامش الربح تتفاوت في شدتها من منتج اسلامي لآخر، فيمكن اعتبارها أكثر شدة في عقود السلم والإستصناع لطول أجلها عادة وعدم امكانية تغيير أسعارها مبدئيا واقل شدة نسبيا في عقود المرابحة حيث لايمكن تغيير السعر أو إعادة التقييم ولكن جرت العادة أن تكون عقود المرابحة قصيرة الأجل وتكون أقلها شدة وتأثيرا في عقود الإجارة نظرا لأن الإيجار يقبل التعديل.

5- مخاطر السوق:

ويضع البعض مخاطر سعر الفائدة أو هامش الربح ضمن مخاطر السوق، وعلى كل فإن مخاطر السوق يمكن تحديد ملامحها بمايلي:

- مخاطر أسعار السلع : وتبدو تأثيراتها واضحة في المنتجات الإسلامية المختلفة حيث أن المصرف هو مالك السلعة في فترات مختلفة فقد يحتفظ المصرف مخزون من السلع بقصد البيع ، أو كنتيجة لدخوله في عقد استصناع أو عقد سلم ، أو أن يمتلك عقارا أو ذهبا مثلا، أو ان يمتلك معدات أو آليات بغرض أيجارها بعقود إجارة تشغيلية ، وبالتالي فإن انخفاض سعرها بشكل لم يسبق توقعه أو دراسة احتمالياته سيؤدي الى خسارة محققة. وتجدر الإشارة الى اختلاف مخاطر أسعار السلع التي تكون نتيجة عن تملك المصرف لسلع أو أصول حقيقية عن مخاطر هامش الربح الناتج عن احتفاظ البنك بمطالبة مالية.

- مخاطر أسعار الأسهم : حين يكون البنك مالكا لأسهم وتنخفض أسعارها ، أو تكون الأسهم ضمانا لديه فينخفض قيمة الضمان الذي لديه مقابل تسهيلات أو تمويل ممنوح لعملائه.

- مخاطر أسعار الصرف : والمقصود اختلاف أسعار صرف العملات المختلفة.

ومن الملاحظ أن هذه المخاطر قد تكون متعلقة بأسباب أو ظروف عامة كانخفاض في غالبية الأسهم في بلد معين أو ارتفاع صرف عملة معينة مقابل معظم العملات الأخرى أو ارتفاع سعر سلعة معينة أو سلع مرتبطة ببعضها نتيجة لظروف عامة . كما قد تكون مرتبطة بأسباب تتعلق بمنشأة معينة أو بسلعة معينة نتيجة تغير في ظروف منشأة أو مؤسسة بعينها أو أحوال جزئية.

ومن الممكن أن تكون المصارف الإسلامية أكثر تعرضا لهذه المخاطر نظرا لعدم جواز استخدامها المشتقات المالية المعروفة في إدارة هذه المجموعة من المخاطر كما تفعل المصارف التقليدية، وان كان بالإمكان استخدام طرق أخرى فعالة مطابقة للشريعة كما سنأتي على ذكره لاحقا.


ثانيا – مخاطر التشغيل

وهي المخاطر التي يكون مصدرها الأخطاء البشرية أو المهنية أو الناجمة عن التقنية أو الأنظمة المستخدمة أو القصور في أي منها، أو التي تنجم عن الحوادث الداخلية في المصرف كما تشمل أيضا المخاطر القانونية حيث اعتبرتها اتفاقية بازل للرقابة المصرفية جزءا من مخاطر التشغيل.
ومخاطر التشغيل يمكن أن تنتج عن عوامل داخلية وخارجية وتسبب خسارة للمصرف مباشرة أو غير مباشرة.
ويمكن أن نتصور بعضا من مصادر هذه المخاطر وتحديد ملامحها بمايلي:

1- الإحتيال المالي والإختلاس والجرائم الناجمة عن فساد ذمم الموظفين.
بناء على دراسة اعتمدت مراجعة لخمس سنوات في عدد من البنوك العالمية ، تبين أن 60% من حالات الإختلاس قام بها موظفون في البنك ، منها 20% قام بها مديرون ، وأن مانسبته 85% من خسائر البنوك كانت بسبب عدم أمانة الموظفين.
ومن المفترض مبدئيا أن تكون المصارف الإسلامية أقل عرضة لهذا النوع من المخاطر نظرا للأهمية التي يفترض أن توليها هذه المصارف للمستوى الأخلاقي لموظفيها والبيئة الأخلاقية التي يتوجب توفرها في معاملات المصارف الإسلامية داخليا وخارجيا.

2- مخاطر ناجمة عن أخطاء بشرية للموظفين قد تكون غير مقصودة ولكن نتيجة الإهمال أو عدم الخبرة.
وتتعرض المصارف الإسلامية بجدية لهذا النوع من المخاطر نتيجة لواقع نقص الكوادر والخبرات والمؤسسات التي تعني بتدريب وتطوير المهارات للكوادر البشرية اللازمة للمصارف الإسلامية وخاصة في ظل واقع توسعها السريع.

3- مخاطرالتزوير : وتشمل تزوير الشيكات والمستندات والوثائق المختلفة واستخدامها، وتقدر إحدى الدراسات الإحصائية أن جرائم التزوير تشكل 10-18% من أسباب خسائر البنوك.

4- تزييف العملات :
قدرت إحدى الجهات الأمريكية المسؤولة أن كمية العملات النقدية المزورة من عملة الدولار والمتداولة خارج الولايات المتحدة والتي لايتمكن أي خبير من كشف تزويرها بحدود البليون دولار أمريكي ، وهذا يبين حجم هذه المشكلة وخاصة لو تصورنا حجم العملات الأخرى المزورة والتي قد تكون أقل تقنية من الدولار.

5- السرقة والسطو:

6- المخاطر الناشئة عن استخدام أجهزة الصرف الآلي.

7-المخاطر الناتجة عن الجرائم الإلكترونية وخاصة بعد التوسع في استخدام التقنيات المختلفة في المعاملات المصرفية وتشمل بطاقات الإئتمان ، ونقاط البيع بالبطاقات ، واستخدام الإنترنت، والهاتف والجوال ، وعمليات التجزئة الآلية كسداد الفواتير المختلفة، وكذلك الناجمة عن تبادل المعلومات إلكترونيا.

8- مخاطر ناشئة عن أخطاء أو عيوب أو أعطال أو عدم كفاية في الأجهزة والبرامج التقنية المستخدمة في المصارف.

9- المخاطر القانونية:

نستطيع توقع احتمالات عدد من المخاطر القانونية منها:

- المخاطر الناجمة عن أخطاء في العقود أو المستندات أو التوثيق.
- المخاطر الناجمة عن عدم فعالية النظام القضائي في بلد ما أو فساده.
- المخاطر الناجمة عن التأخر باتخاذ بعض الإجراءات القانونية في مواعيدها الملزمة.
- المخاطر الناجمة عن مخالفة بعض القوانين أو الإتفاقيات الملزمة، كمخالفة قوانين مكافحة غسيل الأموال أو مكافحة الإرهاب، أو القوانين المقيدة لتحويل العملات أو تداول العملات الأجنبية في بعض الدول أو قوانين المقاطعة الملزمة.
ومن الممكن أن تكون المصارف الإسلامية أكثر عرضة لهذه المخاطر نظرا لتعدد العقود واعتمادها على صيغ مختلفة لكل منها لكل منها شروطها وإجراءاتها الخاصة.

10- المخاطر السياسية: وخاصة في ظل مايدعى اليوم بالنظام العالمي الجديد أو مايدعى بالعولمة الناتجة عن سيطرة إمبرطورية منفردة تقريبا على العالم وعلى المنظمات الدولية، ومن ذلك القرارت الصادرة عن بعض الدول الكبرى أو عن مجلس الأمن أو المنظمات الدولية الأخرى بالحصار الإقتصادي أو المقاطعة لدولة ما أو لمؤسسة بذاتها ومثال ذلك حديثا القرار الأمريكي بمقاطعة المصرف التجاري السوري.
كم يندرج تحت المخاطر السياسية الثورات والإضطربات الداخلية والتأميم والمصادرة.

ثالثا – مخاطر وتحديات ومسائل تنفرد بها المصارف الإسلامية

بالإضافة إلى المخاطر السابقة التي يحتمل أن تتعرض المصارف بشكل عام لها والتي استعرضناها فيما سبق، فإن بعض المخاطر يمكن توقع تعرض المصرف الإسلامية دون غيرها بالإضافة إلى بعض التحديات والمسائل التي لابد من تناولها بالكثير من الجدية والمرونة بالوقت نفسه من قبل الباحثين في الإقتصاد الإسلامي وخبراء المخاطر في المصارف الإسلامية ، ومن ذلك:

1- مخاطر غياب الفهم الصحيح للمخاطر في العقود الإسلامية:

إن غياب الفهم الصحيح لعمل المصارف الإسلامية ورسالتها ومبدأي الخراج بالضمان والغنم بالغرم سواء" لدى المتعاملين والأخطر من ذلك أن يكون لدى العاملين في المصارف الإسلامية قد يؤدي إلى مخاطر في الثقة وإلى مخاطر السحب (بأن يسحب المودعون ودائعهم ) بسبب الشعور بأن قد لايوجد فروق جوهرية بين المصارف الإسلامية والبنوك التقليدية من حيث النتيجة على الأقل وبسبب أن العائد على الودائع قد لايكون منافسا مقارنة بالفوائد التي يتقضاها المودعون لدى البنوك التقليدية.
وقد يولد ذلك أيضا مايدعى بمخاطر الإزاحة التجارية وتحدث بشكل رئيسي في حال لجوء المصارف الإسلامية بسبب المنافسة إلى دعم عائدات المودعين من أرباح المساهمين. أو إلى محاولة ضمان بعض الودائع الإستثمارية بالإعتماد على اجتهادات فقهية لاتتمتع بالإجماع والإستقرار.

2- المخاطر المؤسسية :

والتي قد تفقد المصارف الإسلامية رسالتها وأهدافها ، وقد تجعل المصارف الإسلامية تتجه الى الإبتعاد عن العمليات التي تتضمن مخاطر أكثر صعوبة في إدارتها وتحتاج إلى خبرة وكوادر بشرية ونظم أكثر فعالية ، إلى الحد الذي جعلنا نرى عددا من الباحثين في الإقتصاد الإسلامي يجهدون في محاولة جعل مخاطر الصيغ الإسلامية للتمويل مساوية تماما لمخاطر التمويل بالفائدة. وأرى أن هذا الأمر ليس فقط غير مطلوب بل أساسا ينطلق من أساس خاطئ بعيد عن الفهم الصحيح للعمل المصرفي الإسلامي وأهدافه ووسائله ، فالمصارف الإسلامية وجدت لتكون بديلا متكاملا عن المصارف الربوية بمفاهيم ووسائل مختلفة جذريا وأهداف واضحة منسجمة مع بعضها ومع الغايات الكلية للشريعة.

3- مخاطر تتعلق بصيغ التمويل الإسلامية.

تنفرد صيغ التمويل الإسلامي بمخاطر تتعلق بشروطها الشرعية وطبيعتها وقد تكون الأراء المتباينة للفقهاء في بعض مسائلها وخاصة إذا لم يوجد نظام قضائي فعال، مصدرا لما يدعى بمخاطرالطرف الآخر من ذلك مثلا :
- تراجع العميل عن اتمام الصفقة حتى بعد صدور الوعد عنه ودفع العربون.
- عدم زيادة السعر أو العائد في حال تأخر العميل عن السداد في الموعد المتفق عليه.
- عدم تسليم السلع أو الخدمة في الوقت المتفق عليه كما هو الحال في عقود السلم أو الإستصناع. ويمكن أن يكون ذلك أيضا لسبب لايعود للزبون مباشرة :انعكاس مخاطر الزراعة في عقود السلم.
- مخاطر عجز العميل عن الوفاء بالتزاماته نتيجة ظروف عامة.
- عدم جواز تداول بعض العقود في الأسواق المنظمة أو خارجها بشكل مباشر.
- عدم لزومية بعض العقود وإمكانية التراجع عنها ( مثال حالة تمتع الزبون بخيار التراجع في عقد الإستصناع مثلا).
- المخاطر الناشئة عن عدم تصور ضرورة وجود خبرة تجارة أو صناعية أو زراعية أو في الترتيبات الضرائبية مثلا .
- تلف السلع المملوكة من قبل المصرف الإسلامي قبل انجاز بيعها وتسليمها للزبون أو تلفها وهي مؤجرة.
- ضمان العيب الخفي في المرابحة مثلا" أو عدم توفر المنفعة في العين في عقود الإجارة.

4- مخاطر الدخل الحلال والدخل الحرام : وهي من المخاطر العامة الخطيرة ، وتظهر أكثر ماتظهر بالمصارف التقليدية الربوية التي تقدم خدمات إسلامية أو لديها فروع الإسلامية ، فإذا لم يكن لديها رقابة جدية وحقيقية من هيئة رقابة شرعية تقوم بدورها كما يجب ، قد يتم خلط المال الحلال بالمال الحرام وقد ينشأ ذلك من بداية افتتاح أو تأسيس الفرع أو الوحدة الإسلامية إذا ما استعمل المال الحرام الناجم عن المراباة في ذلك.

5- عدم جواز استخدام المشتقات المالية التقليدية:

اعتادت البنوك التقليدية استخدام عددا من المشتقات المالية كالخيارات مثلا والمستقبليات والمقايضات بأسعار الفائدة وهذه المشتقات تفيد هذه البنوك التقليدية من حيث يمكن اعتبارها من وسائل إدارة المخاطر والتخفيف من آثارها وكذلك تعتبر مصدرا للدخل.
هذه المشتقات في معظمها اتفق الفقهاء على عدم جوازها وبالتالي فليس باستطاعة البنوك الإسلامية استخدمها . ويحاول الباحثون ابتكار طرق متطابقة مع الشريعة الغراء وتحقق بعض النتائج المرجوة في هذا المجال مما قد نأتي على ذكره خلال بحثنا بإدارة المخاطر.



6- تحديات إنتقال المخاطر:

لمسألة انتقال المخاطر جوانب متعددة لعل ابرزها يكمن في انتقال المخاطر بين الحسابات الجارية ( الودائع الجارية تحت الطلب) والودائع الإستثمارية ، وكذلك انتقال مخاطر رأس المال في المصارف الإسلامية الى الودائع الجارية.

فأساس الحسابات الجارية في المصارف الإسلامية أنها قرضا حسنا" لأصحاب المصرف لايستحق أية فائدة وتلتزم المصارف برده عند الطلب. وبالتالي فمن المفترض وجوب حماية كاملة لأصحاب الودائع الجارية من مخاطر أعمال المصرف.
ولكن الواقع أنه في الغالب لايتم التفرقة بدقة بين الأصول المختلفة ( حقوق أصحاب المصرف، ودائع جارية ، ودائع استثمارية) والمصرف يقوم باستثمار كافة هذه الأصول في استثمارات مختلفة وإن اختلفت سياساته في هذا المجال وهذا قد يكون لابأس به من الناحية الشرعية كون الحسابات الجارية تعتبر قرضا حسنا للمصرف والمصرف يضمن سدادها عند الطلب، ولكن في حقيقة الأمر فإن المخاطر التي قد يتعرض لها المصرف وخاصة المخاطر العامة ومخاطر السوق لابد أن تصيب أصحاب الودائع الجارية بنصيب منها ، وفي حال حدوث أزمة -لاسمح الله- فإن مخاطر الأصول المكونة لحسابات الإستثمار ( الودائع الإستثمارية) سيتحمل جزء منها أصحاب الحسابات الجارية، وهذا يضعنا أمام تساؤل مدى انطباق هذا الواقع على قاعدتي الخراج بالضمان والغنم بالغرم.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى نرى أن حسابات الإستثمار أيضا يمكن أن تتأثر أيضا بالمخاطر العامة للودائع الجارية ، فالودائع الجارية كقرض تزيد من المديونية (الرافعة) للمصارف الإسلامية وبالتالي من مخاطرها المالية.

استعرضنا فيما سبق بعضا من المخاطر المختلفة التي يحتمل أن تتعرض لها المصارف العامة والمصارف الإسلامية بشكل خاص ، ولعله من المفيد التنويه أن ماتم ذكره سابقا لم يكن على سبيل الحصر وإنما على الغالب، ومن خلال الدراسة النظرية والتجربة . ومن الممكن أن تتعرض المصارف لمخاطر أخرى، بل من الممكن أيضا أن لاتتعرض لأي من المخاطر السابقة وتتعرض لأنواع من المخاطر الجديدة وخاصة نظرا للتطور الكبير التي تشهده المصارف والمصارف الإسلامية على وجه الخصوص في الوسائل والأدوات والمنتجات والتقنية في أعمالها بشكل عام وفي إدارتها للمخاطر. وتبقى من الوسائل الأساسية لإدارة المخاطر كما سنأتي على ذكره الرقابة المستمرة والكشف المبكر عن المخاطر المحتملة



إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية

قبل الحديث عن طرق ووسائل إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية لابد أن نذكر بعض الملاحظات الهامة:

- إدارة المخاطر يجب أن لاتشكل عائقا أمام المصارف الإسلامية للعمل وتنفيذ أهدافها، وليس الهدف من إدارة المخاطر القضاء على المخاطر فهذا غير ممكن وغير مطلوب، وانما العناية بتحسين أداء المصارف الإسلامية والحد من آثار هذه المخاطر وضبطها، والكشف المبكر أداة رئيسة لأدارة المخاطر والسيطرة عليها.

- إن قاعدتي الخراج بالضمان والغنم بالغرم تفترض في طبيعة المعاملات المصرفية الإسلامية وجود مخاطر وإلا فلا معنى ولا مسوغ للربح بدون مخاطر، ومن العناصر المهمة لفهم إدارة المخاطر فهم المفاضلة بين المخاطرة والعائد، فالمبدأ أن العائد المتوقع يفترض أن يزداد مع زيادة المخاطر، ولما كان من أهم أهداف المؤسسات المالية زيادة العائد على أسهم المساهمين وودائع المودعين فإدارة المخاطر لابد أن تعني بتعظيم العائد كوظيفة أساسية وتقليل المخاطر والتخفيف منها ومن آثارها، وهذه المعادلة الصعبة تكمن بين طياتها ومن خلال النجاح بحلها نجاح المؤسسة بكاملها، وعادة تقوم المؤسسة في سبيل ذلك بتنويع كفء مدروس للمخاطر الخاصة واختزال وتحويل المخاطر العامة.
والمخاطر الخاصة هي التي لايمكن للمصرف التخلص منها أو تحويلها لطرف آخر ويرجع ذلك إلى صعوبة الفصل بين الخطر ومصدره أوالأصل المرتبط به ، وعلى المصارف قبول هذا النوع من المخاطر على أساس كونه خطر ملازم لأنشطتها ولاينفك عن هذه الأنشطة، وعليها إدارته بالطريقة المثلى الممكنة.

- أن لاتزيد تكلفة درء خطر ما عن قيمته ، وهذه ملاحظة هامة أيضا فليس من المنطق أن يتكلف المصرف مبلغا أكبر من الخسارة الناجمة عن الخطر حال حدوثه لدرء احتمال حدوثه.

- لابد لنا من التفريق بين قياس المخاطر بمعنى كشفها وقياس شدتها ومدى تأثيرها وحجم التعرض لها، وبين إدارتها بمعنى محاولة التخفيف من آثارها وكبحها والسيطرة عليها. ولابد أيضا من الفصل بين واجبات قياس المخاطر ومراقبتها وبين واجبات السيطرة عليها.

- يتضمن مفهوم إدارة المخاطر الوقاية من المخاطر المحتملة من جهة والإكتشاف المبكر للمشاكل حال وقوعها والعمل على تصحيحها . وهي عملية مستمرة شاملة تشترك الموظفين على جميع المستويات فيها.


مضامين إدارة المخاطر:

كم سبق ذكره في مقدمة البحث فإن إدارة المخاطر هي نظام متكامل وشامل لتهيئة البيئة المناسبة والأدوات اللازمة لتوقع ودراسة المخاطر المحتملة وتحديدها وقياسهاوتحديد مقدار آثارها المحتملة على أعمال المصرف وأصوله وإيراداته ووضع الخطط المناسبة لما يلزم ويمكن القيام به لتجنب هذه المخاطر أو لكبحها والسيطرة عليها وضبطها للتخفيف من آثارها إن لم يمكن القضاء على مصادرها.

فهي نظام شامل متكامل، بمعنى أنه يشمل جميع أعمال المصرف وجميع العاملين فيه وجميع المعاملات والوسائل المستخدمة فأنواع المخاطر المختلفة قد يقع في أي مفصل منها وتأثير المشكلة حال حدوثها قد يصيب كامل المصرف وأعماله . ونتيجة لذلك لابد أن تعني إدارة المخاطر بكل عناصر العمل والنشاط، وبمستويات مختلفة متوازية أحيانا ومتقاطعة أحيانا أخرى لإكتشاف أي خطر وتلمسه مع بدايات حدوثه، وبالتالي معالجته معالجة فعالة تشترك فيها المستويات المختلفة في المصرف.

وتهيئة البيئة المناسبة، تعني وجود أهداف وسياسات واستراتيجيات وإجراءات واضحة
مكتوبة معروفة من قبل العاملين ، بالإضافة الى تعليمات ونماذج ونظم كافية لقياس وتسجيل المخاطر ومراقبتها وكذلك السيطرة عليها.
كما أن تحضير البيئة المناسبة والأدوات المناسبة يتضمن أيضا":
- توفر معايير واضحة خاصة بالمشاركة بالمخاطر بالنسبة للعمليات المختلفة.
- وجود نظام مسبق دقيق لرصد احتمالات التعرض للمخاطر. بل أنظمة متعددة لقياس المخاطر المختلفة والتحكم بها مما سنأتي على ذكره لاحقا ببعض التفصيل.
- ومعايير واضحة لتصنيف ومراجعة مستمرة لهذه المخاطر.
- ووجود نظام لتقارير متعددة دورية نمطية. وتقارير خاصة في حالات معينه ، وتشمل هذه التقارير المخاطر المختلفة المحتملة .
- وجود وسائل مراقبة داخلية مناسبة وكافية.
- نشر ثقافة إدارة المخاطر لدى كافة العاملين ، ووجود نظام حوافز ومحاسبة مدروس وجيد. ولابد من التأكيد أن للعاملين في المستويات المختلفة دور رئيس وهام جدا في مدى المخاطر التي قد تتعرض لها المصارف ومدى إمكانية السيطرة عليها وإدارتها إدارة سليمة.
والرقابة الفعالة أداة أساسية لإدارة المخاطر وتتخذ عادة ثلاثة وسائل أو ثلاثة أشكال رئيسية:
- الرقابة الداخلية أو الضبط ، بمعنى الوسائل المعتمدة داخل المصرف لملاحظة المخاطر قبل وبعد العمليات المختلفة.
- المراجعة الداخلية: أو الفحص الداخلي النظامي للعمليات المختلفة للتأكد من انطباقها على الإجراءات والتعليمات والسياسات الموضوعة. وإبلاغ الإدارة العليا المختصة بنتائج تدقيقها.
- والمراجعة الخارجية : وهي التي تقوم جهة خارجية بها لتقييم أداء المصرف وانطباقه مع القوائم والضوابط المعتمدة.

وهكذا فإن الإدارة الفعالة للمخاطر وجدت لتقوم بثلاثة وظائف متماسكة مع بعضها :

وظيفة وقائية : للوقاية من المخاطر المتوقعة أو التي يمكن توقعها قبل حدوثها.
ووظيفة إكتشافية : لكشف المشاكل حال حدوثها والتعرف على النتائج غير المرغوب بها، ودراسة مدى شدة تأثيرها.
ووظيفة تصحيحية: لتدارك آثار المخاطر المكتشفة وتلافيها والعمل على عدم تكرارها.


عناصر رئيسية في إدارة فعالة للمخاطر


قبل أن نبدأ باستعراض وسائل إدارة المخاطر المختلفة، لعله من المفيد أن نستعرض بعض العناصر التي نراها أساسية لإدارة فعالة للمخاطر، ويمكننها تحديدها بمايلي:

- بيان الرسالة والقيم الجوهرية للمصرف الإسلامي:

ان وضوح الرسالة والقيمة الإجتماعية والإنسانية بالإضافة الى الجانب الأخلاقي والديني للعمل المصرفي الإسلامي وافهامها وتأكيدها لكافة العاملين في المصرف قد تكون الخطوة الرئيسية الأولى لإدارة مخاطر ناجحة، وبذلك نطور اقتناع العاملين بالأهداف العامة للمصارف الإسلامية بأبعادها المختلفة الدينية والأخلاقية والإجتماعية والإنسانية، وتعلقهم بهذه الأهداف يؤدي بالضرورة في حال توفر العناصر الضرورية الأخرى الى تعلق العاملين وولائهم للمصرف.
كما أن توضيح هذه القيم ونشرها بين الجمهور وزبائن المصرف يساعد بشكل جيد على ابعاد جزء لايستهان منه من المخاطر المحتملة ويساعد في السيطرة على بعض هذه المخاطر حال حدوثها وعلى كشفها المبكر أيضا.
ومن المفيد أن تتضمن عملية نشر رسالة المصرف وثقافة الصيرفة الإسلامية الإشارة إلى سبب وجود المصارف الإسلامية وأساسيات مفاهيمها واختلافها عن المصارف التقليدية (الربوية)، ووسائل الإستفادة من عملياتها وخدماتها والجهات المستفيدة من هذه الأنشطة والخدمات، والآثار الإجتماعية العامة والآثار الخاصة على المتعاملين.
وطبعا من المهم أن تجسد السياسات والتعليمات المكتوبة والممارسة اليومية للإدارة التنفيذية مضامين رسالة المصرف وأهدافه، وإلا فقدت المؤسسة مصداقيتها.

- العاملون المتحمسون المؤمنون بأهداف المصرف ورسالته:

فوجود أفراد مؤمنون بأهداف ورسالة المصارف الإسلامية مدركون لأهمية نجاحه في مجتمعاتهم أهمية قصوى لنجاح المصرف ونجاح سياسات إدارة المخاطر فيه والتخفيف من آثار المخاطر التي قد تتعرض لها المصارف الإسلامية، بل نستطيع القول بكل ثقة أن امتلاك المصرف لمجموعة من الأفراد المؤمنين برسالته ، المتحمسين لأهدافه ، الواثقين من أنفسهم ومن إدارتهم والمدربين على أعمال الصيرفة الإسلامية المختلفة يشكل أساسا لإدارة مخاطر فعالة، بل ولنجاح المصرف وتطوره.
ويمكن للمصارف الإسلامية الإعتماد على عناصر رئيسية لبناء مثل هذه الكودار الفعالة الضرورية تبدأ من التعيين وذلك بأن يكون للمصرف سياسة واضحة شفافة وعملية ونظام مدروس لجذب الأشخاص الجيدين للعمل في المصرف ويمكن الإعتماد على اختبارات ومهارات شخصية وسؤال بعض الجهات أو حتى الإعتماد على العلاقات الخاصة للتأكد أولا من أخلاقيات المرشحيين للتعيين ومدى امكانية الإستفادة منهم في الأقسام والإدارات المختلفة.
ومن ثم يكون للتدريب الأهمية القصوى والذي يجب أن يشمل بالإضافة الى التدريب التخصصي شرح الأهداف العامة للمصارف الإسلامية وبيان رسالتها وجوانبها الأخلاقية والإجتماعية والإنسانية المختلفة مقارنة مع المصارف التقليدية. لما لذلك من أهمية في غرس الإنتماء للمصرف في نفوس العاملين وعدم تغاطيهم عما قد يسبب ضررا للمصرف. والتدريب ليكون فعالا يجب أن يكون دائما ومستمرا ، كما أن التدريب يمكن أن يشكل وسيلة أساسية لتقييم العاملين وتقييم مهاراتهم.
ولتكوين مجموعة متميزة ومناسبة من الأفراد لابد من أن يكون لدى المصرف جداول رواتب ومكافآت وتعويضات مناسبة ومقبولة بل ومحفزة، محددة بطريقة واضحة ومفهومة للعاملين وشفافة، ومن دوافع ومصادر المخاطر وخاصة مخاطر التشغيل عدم شعور العاملين بعدالة رواتبهم .
كما يجب وجود نظام تقييم واضح وشفاف وعادل للعاملين أثناء عملهم وللنتائج التي يحققونها وأن يكون نظام التقييم هذا مرتبط بشكل واضح أيضا بنظام التعويضات والمكافآت والترقي في الوظائف وكذلك بنظام العقوبات أيضا" ويجب أن لايقتصر نظام التقييم فقط على الرؤساء فقط بل يجب أن يصمم بطريقة تمكن من التقييم في الإتجاهين أيضا بين الرئيس والمرؤس بدون أن يشكل ذلك خللا في العلاقات الإدارية أو سوء استخدام لهذا النظام بشكل ما، كما يمكن أن يتضمن تقييما خارجيا بوسيلة الزبون المفترض مثلا والمتبع في العديد من المؤسسات.
كما أن وجود نظام واضح وسريع للإقالة أو الإستغناء عن خدمات العاملين المسيئين أو المخلين بالأمانة ضروري ، ويجب أن يكون نظام الإقالة معروفا من قبل العاملين ويتضمن ليس فقط الإقالة بل وتقديم المسئ للقضاء والملاحقة الجزائية والمدنية ، مع ضوابط كافية لعدم إساءة استخدام مثل هذا النظام بدوافع شخصية.

- وجود استراتيجيات وسياسات وإجراءات واضحة وشاملة:

والسياسات هي الإرشادات المكتوبة الموجهة لإدارة العمليات ، كسياسة التمويل ، والشروط المطلوبة في العميل، ووصف المنتجات الخ... أما الإجراءات فهي التعليمات المكتوبة التي تبين كيفية تنفيذ السياسات.

وهذه السياسات والإجراءات يجب أن تكون مكتوبة وواضحة ومتاحة للموظفين أصحاب العلاقة، وسهلة الفهم ، مبسطة ، ويمكن دعمها بنماذج ويتم تدريب الموظفين عليها والتأكد من أنهم فهموها وقادرين على تطبيقها ، كما يجب أن يلتزم الموظفون على كافة المستويات من ذوي العلاقة بتطبيقها وأن تتأكد الإدارة بأنها مطبقة ومنفذة في العمليات المختلفة. وأي تعديل في هذه السياسات أو الإجراءات يجب تبليغه بسرعة للموظفين أصحاب العلاقة وان يكون بالطبع مكتوبا واضحا ومفهوما ويتم تدريب العاملين عليه .

- توفر المعلومات بشكل دائم ومنظم للإدارة:

وتشكل المعلومات وتوفرها وتوفر نظام معلومات وأرشفة متطور عنصر هام من عناصر إدارة المخاطر ، ويجب أن تشمل هذه المعلومات جميع أوجه العمل داخل المصرف من عمليات وعملاء وموظفين بالإضافة الى معلومات عن العموميات خارج المصرف والتي يمكن أن تؤثر على عمله كالمعلومات عن تقلبات أسعار الأسهم والعملات وأحوال الإقتصاد ومعلومات عن السوق وكذلك توجهات السوق والتشريعات والقوانين الجديدة الخ....
كما أن التقارير الدورية النمطية وغير النمطية عنصر هام من عناصر توفر المعلومات وسلاسة توصيلها للإدارة العليا في الوقت المناسب . ويعتمد ذلك على تحديد التقارير المطلوبة ومضمانيها وسهولة إنشاءها وتدقيقها ومراجعتها، ومن المفيد أن نتذكر هنا أن التقارير المنتظمة وسيلة من وسائل تقييم العاملين وعلى الإدارة إفهام االعاملين هذه الحقيقة كدافع لهم للشعور بأهمية التقارير المطلوبة منهم.
وبالطبع فإن وجود أنظمة إلكترونية وحاسوبية متطورة ومدروسة يسهل توفر المعلومات ويسهل الحصول عليها وكذلك يسهل عملية التقارير الدورية ويسهل عملية مراجعتها وتدقيقها والإستفادة منها.
ونستطيع تحديد معالم وصفات المعلومات الجيدة التي يجب توفرها والتقارير المرتبطة بها باختصار كما يلي:
1- يجب أن يتوفر لدى المصرف خريطة أو مخططا للتقارير يشمل نماذجها ومايجب أن تحويه من معلومات والموظفين المسؤولين عن انشائها أو تدقيقها أو استلامها وكذلك التواريخ الدورية لها أو الحالات المتوجبة فيها إن لم تكن نمطية أو دورية.
2- ويجب أن تكون المعلومات المتوفرة ذات علاقة ، ومستخدمة بمعنى أن متلقيها سيستفيد من استخدامها، ويجب أن تصل في الوقت المناسب ، وبالطبع يجب أن تكون دقيقة.
3- أن تذهب هذه التقارير للجهات المناسبة التي تحتاج هذه المعلومات،وأن تكون متاحة للأفراد المعنيين فقط.
4- أن تكون نماذج التقارير سهلة الصياغة والفهم والإستيعاب.
5- أن توجد وسيلة سهلة عملية لحفظ هذه التقارير واسترجاعها.
6- أن يمكن تدقيق هذه التقارير والمعلومات الواردة فيها. أي بتعبير آخر أن تكون قابلة للتتبع تدقيقا ومراجعة.

- توزيع وتفويض واضح للمسؤليات وعدم تداخل في الواجبات:

فلابد من وجود هيكل مؤسساتي داخل المصرف يتضمن الوصف الوظيفي وخطوط السلطات وخطوط التقارير .
ويجب الأخذ بعين الإعتبار دائما ضرورة عدم تداخل الصلاحيات والسلطات بمعنى فصل الجهات الموجهة عن الدارسة عن المقررة عن المنفذة وطبعا عن المراقبةأو المدققة.



- توفر سجلات محاسبية ومستندية مناسبة

وهنا تأتي الأهمية الكبيرة للأنظمة الإلكترونية والحلول الحاسوبية ، وكذلك أنظمة الأرشفة الإلكترونية. وهذه السجلات يجب أن تكون دقيقة قابلة للتدقيق والمراجعة والمطابقة ، كما يفضل وجود نسخ احتياطية متطابقة تماما مع الأصل، بالإضافة الى السجلات يجب وجود رقابة كافية للتأكد من الوجود الفعلي والدائم لهذه السجلات واستخداماتها.

- وجود أنظمة رقابة داخلية وخارجية وأنظمة تحقق من مستوى الأداء:

ووجود هذه الأنظمة ضرورة ملحة وهي أداة فعالة لإدارة المخاطر، ولكن عند تصميم أنظمة الرقابة هذه يجب الأخذ بعين الإعتبار بعض الثغرات التي طالما رأيناها، من ذلك مثلا":
- بعض القرارات التي قد تؤخذ بناء على التقدير الشخصي لمتخذ القرار أو الضغوط الإدارية أو ضغوط العمل أو لأسباب شخصية أ بناء على المعلومات المتوفرة الغير دقيقة أو غير واضحة.
- الأخطاء الناجمة عن عدم فهم التعليمات أو الإجراءات أو الناتجة عن أخطاء باستخدام الأنظمة الإلكترونية والحلول الحاسوبية من قبل بعض العاملين، أو الأخطاء غير المقصودة للعاملين.
- الأخطاء المقصودة وتواطؤ الموظفين في محاولة منهم لتحقيق مكاسب غير شرعية.
- مخالفة التعليمات وخاصة من بعض الإداريين في المستويات الإدارية العليا وهنا يجب التفريق بأن بين حالات مخالفة التعليمات والإجراءات النافذة بسوء نية او لتحقيق مكاسب أو ميزات شخصية وبين مخالفات للأنظمة النافذة كقرارات إدارية تهدف لمعالجة حالة إدارية قائمة تتطلب مثل هذا القرار بالمخالفة لأسباب شرعية أو قانونية.
- ويجب الأخذ بعين الإعتبار موضوع تكلفة انشاء أنظمة مناسبة متكاملة للرقابة، فهذه التكلفة يجب أن تكون متناسبة مع حجم المصرف وحجم عملياته ومحل الرقابة المطلوبة.

ولكن بكل الأحوال يجب أن تتوفر أنظمة وإدارة رقابة داخلية مناسبة في المصرف وكذلك يجب توفر جهة رقابة خارجية قادرة وفعالة. فأنظمة الرقابة بأنواعها تعطي إدارة المخاطر أداة فعالة ضرورية للتخفيف من آثار المخاطر حال وقوعها واكتشافها المبكر لأنواع المخاطر المختلفة للتمكن من السيطرة عليها في الوقت المناسب.



- وجود إدارة مستقلة لإدارة المخاطر :

لم يكن يوجد في السابق إدارة مستقلة في المصارف لإدارة المخاطر و كانت تقوم إدارة الإئتمان أو التمويل والإستثمار بأعمال إدارة المخاطر. ولكن تطور العمل المصرفي والتجارب المستقاة من ممارسته أوجبت وجود إدارات مخاطر مستقلة عن الإدارات الأخرى ، مما يسهل عملية التقدير والدراسة المستقلة عن الدوافع والإعتبارات الأخرى للمخاطر بالإضافة يزيد بوضوح من امكانية الكشف المبكر للمشاكل حال حدوثها وتداركها أو التخفيف من آثارها.
وهذا ماجعل معظم البنوك المركزية يفرض وجود إدارة مستقلة للمخاطر في المصارف وحدد مهامها بالتعرف على مصدر الخطر وقياس احتمالية وقوعه وتحديد مقدار تأثيره على ايرادات وأصول المصرف وتقييم هذا الأثر المحتمل على أعمال المصرف وكذلك تخطيط مايجب القيام به في مجال الضبط والسيطرة لتقليل الأثر أو إلغاء مصدر الخطر، كما قسم هذه الإدارة لأقسام متخصصة لكل منها مهامها سواء تعلق ذلك بنوع المخاطر المحتملة أو قياسها أو إدارتها.
وللأسف ورغم أهمية وجود مثل هذه الإدارة المستقلة فإن تجاوب بعض المصارف الإسلامية كان محدودا أو شكليا بحيث أنشأت إدارة مخاطر من شخص أو شخصين فقط بحجة أنهم لم يتعرضوا خلال تجربتهم السابقة الطويلة في العمل المصرفي الإسلامي لمخاطر جدية أثرت بشكل فعال على أعمال المصرف أو بحجة أن وجود إدارات مخاطر قوية قد تجعل المصرف غير قادر على القيام بمهامه وتحقيق أهدافه في التمويل والإستثمارويمكن الرد على هذه الحجة بأن عدم التعرض لمخاطر جدية في الماضي ليس دليلا على عدم امكانية تعرض المصرف لمخاطر مؤثرة مستقبلا نظر لظروف السوق والمنافسة الحامية مع المصارف التقليدية التي لابد أن تزداد كلما زاد انتشار المصارف الإسلامية وازدادت فعاليتها في الحياة الإقتصادية ، ومن جهة أخرى فإن وجود إدارة فعالة للمخاطر متفهة لدورها ومدربة تدريبا جيدا لن يكون عائقا أمام أعمال المصرف في التمويل والإستثمار بل سيكون عاملا فعالا لتطور هذه الأعمال ومستوى أدائها وسيكشف مبكرا عن المخاطر المحتملة ويتدراكها ويزيد من فعالية المصارف الإسلامية في تحقيق أهدافها الإقتصادية والإجتماعية ، فإدارة مخاطر محترفة لن تمنع من القيام بتمويل أو عمل لتوقعها مخاطرا فيه وإنما ستضع الوسائل لتجنب الخطر أو التخفيف من آثاره والعمل على تدارك آثاره والسيطرة عليه حال حدوثه.
ولكن من جهة أخرى كان تجاوب بعض البنوك إيجابيا جدا حيث قامت بإنشاء ماأسمته مجموعة إدارة المخاطر ( بنك البلاد مثلا) تضم عدة إدارات ، كإدارة مخاطر الإئتمان ، إدارة مخاطر السوق ، إدارة ورقابة الإئتمان ، إدارة معالجة وتحصيل الديون ، وإدارة السياسات الإئتمانية وإدارة المحفظة الإستثمارية.
ونتوقع في المستقبل القريب أن يدفع تطور العمل المصرفي الإسلامي والتحديات التي تواجهها المصارف الإسلامية هذه المصارف للعناية أكثر فأكثر بموضوع إدارة المخاطر.

- دور فعال للمصارف المركزية:

للمصارف المركزية دور فعال في دعم ومساعدة وحماية المصارف التقليدية ، ومعظم المصارف المركزية بل ربما جميعها ليس لها دور مماثل بالنسبة للمصارف الإسلامية، على الأقل حتى الآن، بل أن بعض أنظمتها يشكل عائقا وصعوبات أمام عمل المصارف الإسلامية ، ولتوضيح هذه الفكرة سنستعرض باختصار مثلا":
- نظام التسهيلات التي تقدمها المصارف المركزية من خلال وظيفتها المقرض الأخير، فعند حاجة المصارف الى سيولة إضافية تقوم المصارف المركزية بإقراض هذه المصارف مبالغا لفترات محدودة أو تقوم بخصم بعض السندات التي تكون بحوزة هذه المصارف، وكون المصارف المركزية تقوم بذلك لقاء فوائد محددة ولاتستطيع المصارف الإسلامية الإقتراض بفائدة أو بيع ديونها الآجلة بخصم ما فإن هذه المصارف الإسلامية لاتستطيع الإستفادة من وظيفة المصارف المركزية كمقرض أخير،
ولهذا فلابد أن توجد منتجات إسلامية مبتكرة مقبولة من الوجهة الشرعية تستطيع المصارف المركزية بموجبها توفير السيولة التي قد تحتاجها المصارف الإسلامية بشكل طارئ.
وعسى أن يكون مصرف سوريا المركزي أول المصارف المركزية التي قد توجد حلا مقبولا لهذه القضية وهذا مايوحي به القانون الذي أنشأ المصارف المصارف الإسلامية والذي أوجب على البنك المركزي بالبحث عن منتجات إسلامية مناسبة.

- إصلاحات قانونية وإدارية لتسهيل عمل المصارف:

فالواقع القانوني والقضائي والأنظمة الإدارية في معظم دول منطقتنا تحتاج لإصلاحات جذرية حقيقية لتسهل عمل المصارف بشكل عام والمصارف الإسلامية بشكل خاص، ومالم تحدث هذه الإصلاحات بشكل عاجل وفعال ، لن تستطيع المصارف التوسع بأنشطتها بشكل فعال وسلس، وستضطر غالبا ال تجنب بعض الحالات وبعض وسائل الإستثمار التي تضطرها للجوء الى القضاء ي حال حدوث مشكلة ما، ولايقتصر الأمر على ذلك بل إن الإصلاح والتطوير المطلوب إحداثه يجب أن يشمل القوانين والأنطمة التي تتعلق بشكل مباشر أو غير مباشر بأعمال المصارف الإسلامية بدءا من قانون التجارة مرورا بقانون الإجارات وأصول الإثبات والمحاكمات ، وأنظمة القطع والإستيراد والضرائب الخ...

- معايير موحدة لعمل المصارف الإسلامية:

ومما يساعد بشكل فعال بتحقيق إدارة فعالة للمخاطر في المصارف الإسلامية وجود واعتماد معايير متفق عليها ومستقرة لعمل هذه المصارف ، والواقع أنه تم إنشاء بعض الهيئات لوضع هذه المعايير وتم اصدار بعض المعايير ومن ذلك المعايير المحاسبية الموحدة. ولابد من استكمال هذا التوجه لإنجاز معايير معتمدة مدروسة ومناسبة تغطي الجوانب المختلفة لنشاط المصارف الإسلامية ويأتي على رأسها معايير شرعية موحدة للمنتجات الإسلامية ، ومن جهة أخرى يجب أن تعتمد المصارف الإسلامية هذه المعايير وتلتزم بها .
كما إن انشاء مجلس أعلى للرقابة على البنوك الإسلامية خطوة هامة في هذا المجال، وقد يتم إنشاء هيئات لذلك من تجمع البنوك الإسلامية وبالمشاركة مع البنوك المركزية في الدول التي لديها قوانين تحكم البنوك الإسلامية.


- السعر المرجعي:

والمقصود بالسعر المرجعي هو الأساس الذي تعتمد عليه البنوك الإسلامية لتحديد أسعار منتجاتها أو هامش ربحها، وحاليا تعتمد معظم المصارف الإسلامية على سعر الفائدة (نسبة الربا) السائدة كسعر مرجعي، وأرى ذلك في ذاته يشكل خطرا محتملا إن لم يكن أكيدا على عمل المصارف الإسلامية وحسن أدائها، وفي نيتي إفراد بحث خاص لهذا الموضوع مستقبلا إن شاء الله، ولكن أود الإشارة هنا إلى أن وجود سعر مرجعي لايعتمد على سعر الفائدة السائد أراه ضرورة قصوى، يقع على المصارف الإسلامية وعلى الباحثين والفقهاء العمل بجدية لإيجاد بدائل مقبولة مستقلة إلى حد ما عن عجلة الإقتصاد الربوي.

أدوات إدارة المخاطر في المصارف الإسلامية

تتعدد أدوات وعمليات إدارة المخاطر بتعدد المخاطر نفسها ، وبعض هذه الأدوات يمكن أن يتم اللجوء إليه لإدارة مخاطر عدة عمليات أومنتجات إسلامية. وقبل أن نبدأ باستعراض بعض هذه الأدوات المتاحة لابد لي من أن أذكر أن كل ماورد في هذا البحث من مخاطر محتملة لايمكن أن يشكل حصرا للمخاطر التي قد تتعرض لها المصارف الإسلامية، فمع تطور عمل المصارف الإسلامية وتوسعها وتعدد منتجاتها وممارساتها لابد أن تنشأ إحتماليات لمخاطر جديدة وعلى إدارات المخاطر في المصارف الإسلامية البحث الدائم عن هذه الإحتماليات وحصرها ودراستها وابتكار وسائل قياسها وتحديدها وتحديد آثارها وطرق إدارتها والسيطرة عليها. وكنتيجة لذلك فإن طرق ووسائل وعمليات إدارة المخاطر التي سنستعرضها في هذا البحث ماهي إلا وسائل عرفناها بالتجربة أو الدراسة ولايمكننا حصر جميع الطرق والوسائل المتاحة والتي يقع على الباحثين وإدارات المصارف العمل الدائم لإيجاد وسائل وطرق جديدة فعالة ومناسبة لإدارة المخاطر.

ولنستعرض أهم الوسائل والطرق التي نراها فعالة في عملية إدارة المخاطر:

1- توزيع وتنويع الإستثمار ( الإئتمان):

من الطرق المتبعة لتخفيف وإدارة المخاطر بشكل عام ومخاطر الإئتمان ومخاطر السوق بشكل خاص توزيع وتنويع الإستثمار أو المحفظة الإستثمارية، وقد يتم هذا التوزيع على أساس قطاعات ( زراعة ، صناعة ، عقارية ، الخ..) أو على أساس المناطق الجغرافية، أو على أساس الآجال أو الربحية، ويؤدي ذلك الى جودة المحفظة الإستثمارية بشكل عام ونمو الأصول والمراجحة المفيدة بين المخاطر والعائد.

ويندرج ضمن نفس الإتجاه أيضا توزيع سلطات القرار بمنح التمويل بين مستويات الإدارة المختلفة ، وكذلك وضع سقوف ائتمانية أو حدود عليا لكل عميل أو لكل مجموعة عملاء مترابطة بشكل أو آخر ( مهنة متشابهة مثلا).

وعادة تعكس السياسات والإجراءات (التعليمات المكتوبة) سياسة توزيع وتنويع الإستثمارات هذه، ويجري تتبع تنفيذها والإلتزام بها من قبل الإدارات المختلفة. ويمكن لهذه التعليمات أن تتغير بتغير ظروف السوق أو لظروف تتعلق بعمل المصرف.

ويمكن الإستفادة من أنظمة تصنيف المخاطر المعتمدة من جهات موثوقة أو الإعتماد على نظام داخلي لتصنيف المخاطر الذي يؤشر الى المخاطر المتعلقة بكل نوع من المنتجات أو العملاء ويمكن الإستفادة من تجارب المصرف السابقة أو تجارب المصارف الأخرى ومن دراسة التقارير المختلفة لوضع مثل هذا التصنيف.





2- نظام فعال للمعلومات والتقييم والرصد وقياس المخاطر:

والمعلومات مطلوبة عن العملاء وعن السوق وأحوال الإقتصاد بشكل عام .
وتقييم العميل ربما كانت الخطوة الأساسية الأولى لإتخاذ القرار بتمويل العميل أو منحه الإئتمان، ومن المفيد في هذا المجالات وجود مايسمى بوكالات الإئتمان المتخصصة حيث تستطيع تزويد المصرف بمعلومات شبه كاملة عن العميل وعن تاريخ تعاملاته المالية مع المصارف وجهات التمويل الأخرى. وعلى المصرف وخاصة في حالة عدم وجود مثل هذه الوكالات ، الإعتماد على نظام وجهاز داخلي يمكنه سبر المعلومات التي قد تتوفر من مصادر مختلفة ويقوم بالحصول على المعلومات من العميل نفسة وممن يعرفونه ومن البنوك الأخرى إذا أمكن وحتى من منافسية، ومن خلال القيام بزيارة العميل في موقع عمله ومراجعة علاقاته مع العاملين لدية ومع زبائنه والموردين . وبدراسة هذه المعلومات ومقاطعتها ببعضها يمكن للقسم المختص في البنك تكوين فكرة عن العميل ومدى التزامه ومدى قدرته ومستوى تعامله الأخلاقي وبالتالي يستطيع تقديم تقييم للعميل طالب التمويل قريب من الحقيقة.
وطلب العميل بحد ذاته والمعلومات التي يمكن يستقيها موظف المصرف المختص من العميل عند تقديمه الطلب تساعد بفعالية بتقييم العميل والعملية المطلوبة، من ذلك معرفة الغرض من التمويل واستخدام السلعة الممولة أو مبلغ التسهيل، وسؤال العميل عن أحوال السوق وأسعار السوق وبشكل أساسي فيما يتعلق بالعملية المطلوب تمويلها ومدى تأثر النشاط المطلوب تمويله بتقلبات السوق، والإطلاع على أنشطة العميل السابقة من نفس نوعية الشاط وعلى نتائجها. وكذلك الضمانت المقترحة من قبل العميل وتقييم العميل لها وقابليتها للتسييل إالخ...

ومن الضروري أن لايقتصر التقييم على مرحلة ماقبل منح العميل التسهيل الذي يطلبه وإنما يجب أن يستمر خلال فترة استخدامه للتمويل ويجب رفد الإدارة المختصة في المصرف بسير العملية التي أشترك المصرف بتمويلها، وهذه المعلومات قد تؤشر لإحتمال التعرض لمخاطر أثناء العملية وقبل تصفيتها، وهذا مايدعى بالرصد ويشمل عادة : - علاقة المصرف وحركة حسابه لدى المصرف.
- علاقة العميل مع زبائنه، مع الموردين ، مع عماله وموظفيه.
- أسعار السلعة أو الأصول المتعلقة بموضوع التمويل في السوق وتقلبات السوق.
- وضع الضمانات المقدمة من قبل العميل للمصرف وقيمتها السوقية الحالية في حالة البيع الجبري.
- أي اختلافات عما هو مخطط للعملية أو طوارئ أو أحداث جديدة خاصة بالعملية أو العميل أو عامة قد تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على وضع العملية المالي أو على التزامات وحقوق المصرف.

كما يتطلب الأمر معلومات متتابعة عن السلعة أو العملية الممولة في السوق، فالمصرف الإسلامي هوبائع أو مشتري أو مستثمر أو شريك وليس مقرض، وبالتالي فهو يتعرض لمخاطر تتأتى من طبيعة العملية ذاتها التي يمولها أويستثمر بها أو من السلعة موضوع العملية ذاتها. وقد يقوم المصرف بذاته بإدارة مدربة فيه بمتابعة هذه المعلومات بشكل مباشر، كما يمكن له التعاقد مع جهات متخصصة محترفة بهذا الخصوص .

وهنا نرى الأهمية القصوى أيضا للتقارير الدورية النمطية وغير النمطية التي سبق ذكرها سابقا والتي يجب أن تغطي باستمراركل جوانب عمليات البنك وعملائه. ويمكن تحديد بعضا من عنواين تقارير المخاطرالتي يمكن أن تتطلبها إدارة المخاطر بصور نمطية بالتالي:
- تقرير رأس مال المخاطر.
- تقرير مخاطرة الإئتمان.
- تقرير مخاطرة السوق الإجمالية.
- تقرير مخاطرة سعر الفائدة أو هامش الربح.
- تقرير مخاطرة السيولة.
- تقرير مخاطرة سعر الصرف.
- تقرير مخاطر التعامل في اسواق السلع والأسهم.
- تقرير مخاطر التشغيل.
ويمكن للإدارة بشكل مستمر دراسة احتياجاتها من التقارير لمتابعة المخاطر المحتملة ولقياس هذه المخاطر على ضوء نشاط البنك وظروفه.

ويندرج أيضا تحت موضوع التقييم ، تقييم دراسات الجدوى للمشاريع المقدمة للمصرف بقصد تمويلها ، ويجب أن يكون لدى المصرف الخبراء المتمرسون بتقييم دراسات الجدوى وإجراء التحليلات المالية ودراسات التدفق النقدي، وهناك العديد من الوسائل العلمية لتقييم دراسات الجدوى والتدفق النقدي - ربما سنستعرضها بالتفصيل في سلسلة محاضرات خاصة بدراسات الجدوى – والتي تلجأ لها عادة الإدارات المختصة لتقييم الجدوى الإقتصادية للمشاريع المقدمة لها من ذلك إختبارات الحساسية وأساليب المحاكاة لتقييم مخاطر متعددة، وتحاليل الفجوة والفجوة الزمنية ،والعائد المنقح وفق المخاطر... الخ... ويجب أن ننتبه أيضا للأخذ بعين الإعتبار تقييم الجدوى الإجتماعية أيضا للمشاريع المقدمة للمصرف الإسلامي بما يحقق أهذاف المصارف الإسلامية في التنمية.

3- بيئة وإدارة ومتابعة قانونية مناسبة:

تعدد العقود واعتماد المصرف الإسلامي على عدة عقود كأساس لعمليات الإستثمار والتمويل تتطلب دقة في صياغة هذه العقود بما يتوافق مع المتطلبات الشرعية وطبيعة العمليات والظروف القانونية والوضع القانوني الساري في موطن المصرف، ويمتد ذلك ليشمل عمليات الضمانات المستوفاة والتوثيق القانوني والمتابعة الدقيقة للإجراءات والمطالبات في مواعيدها الملزمة طبقا للقوانين والأنظمة السائدة، وهذا يستلزم إدارة متخصصة تتضمن عددا من رجال القانون المتمرسين يتابعون بإستمرار الجانب القانوني والإجرائي للعمليات التي يشترك المصرف بتمويلها بشكل أو بآخر ومراجعة مستمرة للواقع القانوني والمستندات والوثائق المتعلقة بهذه العمليات حتى تصفيتها.

4- إحتياطيات ومخصصات كافية لمجابهة المخاطر المحتملة .

ورغم أن المصارف المركزية تفرض نسبا معينة على البنوك الإحتفاظ بها كسيولة لمجابهة بعض المخاطر المحتملة، إلا اننا نرى انه يتوجب على المصارف الإسلامية دراسة احتيجاتها من المخصصات بدقة عالية طبقا لظروفها وظروف عملياتها والودائع التي لديها كودائع جارية أو ودائع استثمارية آخذة بعين الإعتبار حجم ونسبة كل منها إلى الآخرى وآجال الإستحقاقات للودائع التي لديها من جهة ومطالباتها لدى عملائها من جهة أخرى.وذلك لمجابهة مخاطر السيولة وكذلك لإمتصاص الخسائر المحتملة.
ويعتمد قرار المصرف بخصوص حجم الإحتياطيات الوقائية على تقييم إدارة المصرف لمخاطر السيولة، ويجب مراجعة القرارات المتعلقة باحتياجات السيولة باستمرار وذلك لتجنب فائض السيولة أو نقصانها، وفي هذا المجال يفترض بإدارة المصرف أن تعرف وتأخذ بعين الإعتبار مواسم العمليات الكبيرة من سحب وإيداع ، وعلى الإدارة أت توجد طريقة عملية وفعالة لرصد وقياس فائض السيولة من خلال تقييم التدفقات النقدية الواردة والصادرة، وتلجأ عادة المصارف لعدة طرق لتقدير احتياجاتها من السيولة من ذلك دراسة ومراقبة مصادر واستخدامات الأموال، ، وطريقة مؤشر السيولة، إلخ..
وموضوع مخاطر السيولة وإدارة السيولة له أهمية كبرى في المصارف بشكل عام وفي المصارف الإسلامية بشكل خاص نظرا للنسبة الكبيرة للودائع الجارية تحت الطلب والتي تعتبر قرضا من المودع للمصرف يستحق الإداء عند الطلب ، وكذلك نظرا لعدم قيام البنوك المركزية في الغالب بوظيفة المقرض الأخير مع المصارف الإسلامية. والمصارف الإسلامية عليها أن تلجأ لعدة وسائل لإدارة السيولة لديها إدارة فعالة، وتنشأ عادة مشكلة السيولة من تباين بين العرض والطلب على الأصول السائلة والذي قد يكون عائدا لأسباب عديدة منها تتعلق بالمصرف ذاته وبعضها لظروف عامة سياسية أو إقتصادية أو إجتماعية ، وإذا كان المصرف لايستطيع السيطرة على مصادر أمواله من الودائع، إلا أنه يستطيع السيطرة على استخدامات هذه الأموال من خلال إعطاء الأولوية مثلا لموقف السيولة عند توظيفه لهذه الأموال.
وبكل الأحوال من المفيد جدا أيضا إن لم يكن من الضروري أن يكون لدى المصرف خططا لمقابلة الحالات الطارئة لنقص السيولة ونظام تحكم داخلي مناسب.

5- إدارة أو جهة خبرة فنية وإدارية:

طبيعة العمليات المصرفية الإسلامية التي يكون المصرف فيها بائعا أو مشتريا أو مؤجرا أو شريكا، وضرورة تملك البنك للسلع قبل بيعها وبالتالي مسؤليته عنها وعن مواصفاتها وعن العيوب الخفية التي قد توجد فيها، حيث أن المصارف الإسلامية تمارس عملا حقيقيا ولايقتصر على المال والمستندات كما هو الحال في المصارف التقليدية، كل ذلك يتطلب خبرات جيدة لدى المصرف الإسلامي في مختلف نواحي النشاط الإقتصادي، وفي إدارة المشاريع الإقتصادية والتجارية المختلفة، وفي العادة وإن كانت المصارف الإسلامية في معظم الحالات تعتمد في مجالات الخبرات المذكورة على عملائها الذين تمولهم بشكل أو بآخر إلا أنها قد تضطر في حالات عديدة لأن يكون لديها الإمكانية للقيام بنفسها وبشكل مباشر بهذه الأعمال، وأرى أن ذلك قد يكون أفضل لنشاطها ومنطبقا أكثر مع طبيعة المصارف الإسلامية، وبالتالي فعلى المصارف الإسلامية أن تكون لديها إدارات فنية، فإن لم يكن فعليها الإستعانة بجهات تخصصية واستشارية موثوقة لتوكيلها لتقوم بدلا عن البنك بهذه الأعمال الضرورية أو بجزء منها حسب الحاجة.



6- الـتأمين (التكافلي):

يعتبر التأمين أو التكافل بصيغه الموائمة للشريعة الإسلامية وسيلة من الوسائل المهمة في عملية إدارة المخاطر، وهو في حقيقته تحويل لبعض المخاطر أو لجزء منها لشركة التأمين أو التكافل وفي حدود ماتبيحه الشريعة الغراء، وبالتالي فيجب على المصارف اعتبار التأمين التكافلي المتاح شرطا" رئيسيا في العمليات التي يشترك المصرف في تمويلها.



7- الضمانات والرهونات:

وتعتمد المصارف على الحصول على ضمانات أو رهونات من المتعاملين وذلك في محاولة منها لتغطية وإدارة مخاطر الطرف الآخر ( المتعامل) ومخاطرعدم التزامه بتنفيذ التزاماته التعاقدية مع المصرف ، ويجب بكل الأحوال أن يكون الحصول على هذه الضمانات واستخدامها عند الحاجة متطابق مع أحكام الشريعة وطبقا لما تقرره الهيئات الشرعية . وفي الواقع فإن هذه الضمانات بغض النظر عن قيمتها لاتغطي كل المخاطر التي تتعرض لها المصارف الإسلامية كما هو الحال في المصارف التقليدية، وإنما تقتصر كما ذكرنا في الغالب على تغطية الحالات التي يكون عدم التزام العميل أو الطرف الآخر ناشئا عن سوء تصرفه أو سوء أمانته أو سوء نيته،

وفي مجال الرهونات تقوم المصارف عادة بالأخذ بعين الإعتبار الخسارة المحتملة في قيمة الرهن بسبب المخاطر المختلفة وهو ماسمى فنيا (قص الشعر) ، وقد جرت البنوك على اعتماد نسب لقص الشعر مختلفة بالنسبة لكل نوع من الضمانات المرهونة ، وقد تختلف هذه النسبة من وقت لآخر طبقا لظروف السوق والإقتصاد عامة.

ومن المناسب أن نذكر أنه على المصارف الإسلامية الأخذ بعين الإعتبار في مجال قبولها أو حصوله على الضمان عدة اعتبارات من أهمها:
- قيمة الضمان حاليا والقيمة المستقبلية له عند استحقاق الإلتزام وقيمة البيع الجبري في حالة الضرورة.
- سهولة تسييل الضمان والمدة التي قد يستغرقها تحويل الضمان الى سيولة، وهذا يتعلق عادة بطبيعة الضمان ذاته وسيولته من جهة وبالإجراءات القانونية أو الإدارية اللازمة لإنجاز عملية تحويل الضمان إلى سيولة لتغطية الإلتزامات في أقرب موعد ممكن عند الإستحقاق. وكنتيجة لذلك على المصارف أن تحاول الحصول على الضمانات المناسبة القابلة للتسييل بسرعة أو ابتكار وسائل قانونية تسهل مثل عملية التسهيل المذكورة.
كما يتوجب على المصارف القيام بمراجعة دورية للضمانات التي بحوزتها لمعرفة أسعارها الآنية وفعاليتها.

8- المشتقات والبدائل :

والمشتقات هي أدوات تعتمد قيمتها على قيمة شئ آخر. وتعتبر في المصارف التقليدية وسيلة لإدارة المخاطر بالتخفيف من آثارها وكذلك مصدرا" للدخل. ويمكن تصنيفها في ثلاث مجموعات: - المستقبليات: وهي عقود تسليم كميات محددة معيارية من سلع يتم الإتجار بها في أسواق منظمة ، في زمن مستقبلي متفق عليه.
- الخيارات : وهي إعطاء الحق بالبيع أو الشراء بسعر محدد لأحد طرفي العقد دون الزامه بالتنفيذ .
- والمقايضة : وهي اتفاق لتبادل مجموعة تدفقات نقدية في المستقبل وفق شروط محددة ومن ذلك مقايضة أسعار الفائدة وتبادل المشتقات الإئتمانية أو مايدعى أيضا بتبادل المخاطر الإئتمانية.

والواقع أن معظم المشتقات المالية إن لم يكن جميعها تم الإتفاق على عدم شرعيتها وعدم جواز قيام المصارف الإسلامية بها ، و قد أوجدت المصارف الإسلامية عقود ووسائل شرعية قد تشكل بدائل مقبولة إلى حد ما، من ذلك:

- عقود الخطوتين: كأن يشتري البنك مرابحة ويبيع مرابحة، وينطبق ذلك على السلم والإستصناع ( السلم الموازي والإستصناع الموازي).
- عقود معدل العائد المتغير : كعقود الإجارة مثلا.
- بعض المقايضات المتفقة مع الشريعة الإسلامية ، والمقايضة في الأساس هو مبادلة تكاليف استقطاب الأموال على أساس الميزات النسبية ( العائد والزمن) . ومن ذلك مثلا شراء سلعة مطلوبة للمصرف حالا" مقابل ديون للمصرف على جهة ما.
- عقود بيع التوريد مع شرط الخيار لكل من المتعاقدين بالتراجع عن العقد، بحيث يمكن تحديد سعر أدنى وأقصى مع الخيار. وفي مثل هذه العقود يكون البدل والسلعة غير موجودين عند التعاقد.
- العقود الموازية من أنواع مختلفة، فمثلا بيع أصل بعقد مرابحة لمدة ستة أشهر أو سنة يمكن تغطيته بشراء سلم لنفس المدة.
- بيع العربون: وهو سداد جزء من الثمن مع خيار فسخ العقد وترك العربون كجزاء مالي ، ويستخدم ذلك أيضا بديلا عن عقود الخيارات.
- التحصين ، وهو شراء مبلغ من العملة الأجنبية أو بالعملة الأجنبية واستثماره للفترة التي يراد تحصينها من تقلب أسعار الصرف.

9- معالجات للمخاطر التعاقدية:

للعقد أهمية كبيرة في معاملات المصرفية فالقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين ، طبعا فيما لايخالف المبادئ الشرعية الملزمة، ولهذا كان على المصارف صياغة عقودها مع المتعاملين معها بدقة وروية واحتراف.، بالإضافة الا أن اختيار صيغة التعاقد لعملية ما يؤثر تأثيرا فعالا على إدارة المخاطر التي يمكن أن تنجم عن العملية المذكورة. ومن الممكن تضمين العقود بعض البنود المشروعة التي تخفف من المخاطر المحتملة ومن ذلك على سبيل المثال:
- شرط الإحسان في عقود السلم، وهو امكانية زيادة السعر عن السعر المتفق عليه، وقد درجت البنوك السودانية على تضمينه في عقود السلم (السلع الزراعية) ، نتيجة لأن اختلاف سعر السلعة اختلافا كبيرا وقت التسليم عن السعر المتفق عليه في عقود السلم كان يدفع المسلم إليه الى عدم التسليم .
- أو توكيل البائع المسلم إاليه في عقد السلم ببيع السلعة بسعر يتفق عليه بحيث يضمن التكلفة وربحا مقبولا للمصرف ومازاد فللبائع الوكيل أو نسبة كبيرة من الزيادة له.
- كما أن شرط تسديد الثمن على دفعات في عقد الإستصناع جائز شرعا ويخفف من المخاطر.
- وفي عمليات المرابحة ، سداد مقدم مصروفات كبيرة أو ماقد يسمى بهامش ربح جدية، يخفف من المخاطر أيضا.
- وفي عقود كثيرة يمكن أن يكون تنازل الدائن (المصرف) عن المتبقي من هامش الربح ( في المرابحة مثلا) عاملا لدعم فرص الإسترداد في المواعيد المتفق عليها بإعطاء حافز جيد للمدين في الوفاء بالتزاماته في المواعيد المتفق عليها.
- الإتفاق على طرق سهلة واضحة ميسرة سلسلة لتسوية النزاعات في عقد من العقود أداة جيدة أيضا للتخفيف من آثار المخاطر المحتملة.
- كم يمكن عن طريق اضافة شروط في العقود المختلفة، تحويل بعض المخاطر الى الغير، وهذه أداة من أدوات إدارة المخاطر والتخفيف من آثارها، كأن يشتري البنك سلعة ما بشرط ضمان شامل لها ولصلاحيتها لفترة معينة، أو بشرط يغطي العيب الخفي، أو شراء ماكينة صناعية بضمان طاقة إنتاج دنيا متفق عليها.

ويجب أن نؤكد أن كل ماسبق من شروط في التعاقد أو طرق يجب التأكد من مطابقتها لعدم تعارضها مع الأحكام الشرعية، وبكل الأحوال يجب أن تعتمد من هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية.








10- التصكيك:

ويمكننا إعتبار التصكيك من المبتكرات الهامة لاستقطاب موارد جديدة في المصارف الإسلامية وتخفيض إحتمالات التعرض للمخاطر.
والتصكيك هو حصر وتجميع لمجموعة من الأصول المتشابهة وإنشاء سندات مقابل هذه الأصول وبيعها في السوق، فبواسطة التصكيك يتم تحويل أصول غير سائلة إلى سندات متداولة تقوم على هذه الأصول.
وتمر عملية التصكيك بعدة مراحل:
- المرحلة الأولى : يتم تجميع الأصول المراد تصكيكها في أوعية إستثمارية تضم الأصول المشابهة أو العائدة لمشروع واحد أو عملية واحدة أو عدة مشاريع وعمليات.
- المرحلة الثانية: يتم إنشاء وحدة تنظيمية لغرض التصكيك ، وهي وحدة مستقلة قائمة بذاتها لاتتأثر قيمة الموجودات التي تديرها بأعمال المصرف . وتنقل لها الأصول التي تم تجميعها . وتسمى هذه الوحدة التنظيمية بالمُصدر.
- المرحلة الثالثة: يتم إصدار سندات يقابل كل سند في قيمته جزء من الأصول وتعرض هذه السندات ويتم بيعها للمستثمرين.
- ويتطلب الأمر وجود جهة مستقلة تسمى الأمين تضمن وتتأكد من أن المصدر (الوحدة التنظيمية الخاصة التي أصدرت السندات) قد التزم بالشروط الواردة في السندات المصدرة ، كما تقدم كافة الخدمات المطلوبة ، كتحويل الموجودات إلى الوعاء الإستثماري، وتوفر المتطلبات الخاصة بشراء السندات ، وتحصيل العوائد وتحويلها للمستثمرين.

ويقدم التصكيك عدة فوائد للمصارف:
- فعن طريق التصكيك يمكن للمصرف تنويع مخاطر الإئتمان التي يمكن أن يتعرض بها وتحويل جزء منها للآخرين.
- ويخفف الحاجة لمتابعة المدفوعات الناتجة عن كل أصل على حدة.
- والمواءمة بين آجال الأصول والخصوم من خلال الإستثمار في القاعدة العريضة من السندات المتوفرة، يخفف من آثار مخاطر سعر الفائدة أو هامش الربح.
- بالتصكيك يتم تحويل الأصول ذات المخاطر من ميزانيات المصرف الى خارج الميزانية ( الدفتر التجاري).

ومن المفيد أن نشير الى أن المصرف المنشئ في عملية التصكيك ، يختلف مقدار تعرضه للمخاطر طبقا للحالة التي أنشأ عملية التصكيك عليها وشروطها، والتي لاتخرج عادة عن الحالات التالية:
- أن يصل المصرف منشئ عملية التصكيك الى نقطة التصفية الكاملة للأصول موضوع التصكيك، أي أن يتم تحويل قيمة الأصل بكامله بعملية بيع قانونية وشفافة.
- أو أن يكون المصرف المنشئ قد تحمل خسائر فعلية أو التزم بضمان خسائر عمليات أو (قروض) فعلية ، وتم طرح قيمة هذه الخسائر أو الإلتزام من رأس المال أو من قيمة الأصول التي يتم تصكيكها.
- أو أن يتضمن الإصدار ضمانا من الدرجة الثانية على المصرف.

وهكذا نرى أن التصكيك في كل الحالات يحقق فوائد جيدة للمصارف الإسلامية سواء" كانت مصدرة للصكوك أو مستثمرة فيها وخاصة في ظل سوق منظمة لتدوال السندات، وسنتناول عملية التصكيك بشكل أكثر تفصيلا في محاضرات قادمة نظرا لأهمية الموضوع.

11- الشركات التابعة:

وتقوم المصارف بإنشاء شركات متخصصة للقيام بمشاريع كبيرة تقرر المصارف المشاركة فيها أو تمويلها أو تقوم بإنشاء شركات للقيام بمنتج معين متكرر كتأجير السيارات والتأجير المنتهي بالتملك مثلا".
وإنشاء مثل هذه الشركات يساعد بفعالية في إدارة المخاطر والتخفيف من آثارها وذلك بعدة طرق منها:
- أن هذه الشركات يمكن أن تملك الخبرة الفنية المتخصصة اللازمة لإدارة ومتابعة النشاط المنوط بهذه الشركة مما قد لايتوفر لدى البنك.
- يزيد من فعالية الرقابة .
- يمكن أن يجعل جزء لايستهان به من الأنشطة بشكل مباشر وغير مباشر خارج ميزانية المصرف.
ولكن على المصارف أن تكون دقيقة في تعاملها مع هذه الشركات بعد إنشائها وأن تعاملها دائما كشخصية إعتبارية مستقلة وخاصة من حيث قرارت الإئتمان الممنوجة لها ومتابعة الإئتمان بعد منحه وأن تتجنب أن تكون ضامنة لأنشطتها بشكل مباشر إلا لو قررت الإدارة ذلك استنادا إلى معطيات رأت فيها مصلحة مناسبة للمصرف.
كما إن إنشاء بعض أنواع هذه الشركات قد يحل بعض الإشكالات الشرعية كموضوع ضمان بعض الودائع الإستثمارية، وطبعا كل ذلك لابد أن يخضع للرقابة الشرعية ولموافقة هيئة الرقابة الشرعية في المصرف.




والخلاصة:

إن إدارة المخاطر عملية أساسية وضرورية للمصارف الإسلامية وهي عملية متكاملة وشاملة، ولتكون فعالة لابد أن تشمل:
- تهيئة البيئة المناسبة في المصرف من خلال السياسات والإجراءات والتعليمات المناسبة ونشر ثقافة إدارة المخاطر لدى العاملين.
- وتوفر أدوات لتوقع المخاطر وقياسها وقياس لأثارها على أعمال المصرف وموجوداته.
- وتوفر أدوات مناسبة للكشف المبكر عن المخاطر حال حدوثها.
- وتوفر الخطط المناسبة والأدوات والمخصصات والبدائل والإحتياطيات لتدارك هذه المخاطر والتخفيف من آثارها
- ويجب أن لانغفل أهمية توافر الأفراد الغيورين المتحمسين المؤمنين برسالة المصرف الإسلامي والمتمرسين على أعماله وأنشطته المختلفة، وبالتالي لابد من توفر جو عمل مريح ومناسب وحوافز للمجيدين وعقوبات للمسيئين .
- وإن إدارة المخاطر في طبيعتها عملية مستمرة من التطوير والإبتكار فعلى الإدارات أن تكون لديها الأهلية والخبرة لعميلة لتوقع المخاطر المحتملة والمستجدة وابتكار الوسائل المناسبة لعملية الكشف المبكر عن المخاطر وأدوات القياس والمتابعة الواعية المستمرة من خلال التقارير النمطية وأن تكون قادرة على ابتكار الحلول المناسبة للمشاكل التي قد تعترض المصرف.


وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين

محمد سهيل الدروبي







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس