قياس تكلفــة التشغيل الكليــة للمستشفى
دالــة لقياس كفاءة الإداري فيه
- مستشفى البشير نموذجاً-
د. عبد الإلـه نعمه جعـفر
كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية
بحث مقدم للمؤتمر العلمي الأول الذي تنظمه كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية جامعة العلوم التطبيقية تحت عنوان :
- اقتصاديات الأعمال في عالم متغير -
وذلك للفترة من 12 – 14 / 5 / 2003
قياس تكلفة التشغيل الكلية للمستشفى
دالة لقياس كفاءة الأداء الإداري فيه
- مستشفى البشير نموذجا -
مقدمة :
منذ اكثر من عقد من السنين ،تبنت وزارة الصحة الأردنية ، أهدافا استراتيجية تقوم على تقديم مجموعة من خدمات الرعاية الصحية ، العلاجية منها و الوقائية ، لكافة المواطنين في المملكة ، و ذلك عن طريق استكمال البنية الأساسية للخدمات الصحية ، و المتمثلة في إنشاء العديد من المستشفيات و المراكز الصحية الشاملة ، أو توسيع الخدمات القائمة منها ، و يرافق ذلك تحسين معدلات الأداء و رفع مستوى جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين في هذه المرافق ، لتضاهي مستوى جودة الخدمات الصحية المقدمة في العديد من البلدان العربية ، كدولة الكويت و المملكة العربية السعودية ... و غيرها(1) .
و لتحقيق هذه الأهداف الطموحة ، لابد من تخصيص مجموعة من الموارد المالية و البشرية و التي أولت الحكومة الأردنية الاهتمام الكافي لها ، و ذلك من خلال زيادة نفقات وزارة الصحة من إجمالي الإنفاق العام للدولة عاما بعد عام ، حتى بلغ حجم الإنفاق الصحي الإجمالي لعام 2001 ما مقداره 491 مليون دينار أردني أي ما نسبته 7,8 % من الناتج المحلي الإجمالي بسعر السوق هو 1208 دنانير لعام 2001 ، أي أن حصة الفرد الأردني من الإنفاق الصحي لذلك العام هو 95 ديناراً .
و فيما يلي جدولا يوضح زيادة نفقات وزارة الصحة الأردنية ، خلال السنوات الخمس الأخيرة (1997 – 2001 ) . ( جدول رقم 1 )
جدول رقم ( 1 )
تطور موازنة وزارة الصحة الأردنية للسنوات 1997/ 2001
( الألف دينار )
1997
1998
الموازنة العامة للدولة
1916000
1987000
2160000
2210000
2300000
موازنة وزارة الصحة
1068109
116167
120774
131000
137270
نسبة الزيادة قياسا بنسبة
الأساس / 1997 %
-
8
13
6،22
5،28
نسبة موازنة وزارة الصحة
من الموازنة العامة للدولة %
6،5
8،5
6،5
9،5
6
المصدر : وزارة الصحة الأردنية ، التقرير الإحصائي السنوي لعام 2001، إعداد مركز المعلومات في الوزارة .
(1) يشمل القطاع الصحي العام في المملكة الأردنية الهاشمية ما يلي :
- وزارة الصحة .
- الخدمات الملكية الطبية .
- الخدمات الطبية في الجامعات الرسمية .
- الخدمات الصحية في الوزارات والمؤسسات الحكومية .
(2) وزارة الصحة الأردنية ، التقرير الإحصائي السنوي ، لعام 2001، إعداد مركز المعلومات في الوزارة . ص3.
وإزاء هذه الزيادة المستمرة في نفقات الخدمات الصحية لوزارة الصحة الأردنية سنة بعد أخرى ، والتي أصبحت تشكل عبئاً اقتصاديا على الموازنة العامة للدولة ، كان لابد من الاهتمام بوضع الأسس العلمية لضبط هذا الإنفاق ومراقبته ، ليعطي افضل الخدمات الصحية بأقل ما يمكن من التكلفة ، وهذه هي المهمة الرئيسية التي تقع على إدارة مستشفيات الوزارة ومراكزها الصحية الشاملة ، وهي دالة لقياس كفائتها الإدارية والتنظيمية . ولعل في مقدمة هذه الأسس هو وجود نظام موحد لمحاسبة التكاليف لعموم مستشفيات الوزارة ومراكزها الصحية ، لضبط عملية تدفق التكلفة وقياس مدى الاستفادة منها في تحسين مستوى صحة المواطنين ، إضافة إلى مزايا هذا النظام في الرقابة وتقييم الأداء لعموم مستشفيات الوزارة ومرافقها الصحية المختلفة .
مشكلة البحث :
مما هو معلوم إن الخدمات الصحية لها العديد من الصفات والسمات التي جعلتها تتميز عن غيرها من الخدمات الأخرى ، كالنقل والتعليم وغيرها ، وذلك لصعوبة إدارتها ، وصعوبة تخطيط ورقابة تكاليف الإنتاج فيها بدرجة عالية من التحليل والدقة والموضوعية ، نظرا للتنوع الكبير في مواصفات الخدمات الصحية ، وتعدد الأمراض ، وأساليب علاجها ، وتعدد التخصصات الطبية من أطباء وفنيين وممرضين وغيرهم .
وإزاء هذا الوضع فقد تركز البحث على تحديد المزايا المرجو تحقيقها من تطبيق نظام موحد للتكاليف لعموم مستشفيات وزارة الصحة الأردنية ، لدعم جهود المسؤولين في الوزارة وأجهزة التخطيط فيها في سعيهم نحو تخفيض تكاليف أداء الخدمات الصحية في هذه المستشفيات مع الاحتفاظ بجودة الخدمة المقدمة ، إضافة إلى وجود معايير لتقييم الكفاءة والأداء بين إدارات هذه المستشفيات ، بهدف ملافاة السلبيات ومعالجتها ، وتدعيم الإيجابيات وتعميمها .
ولابد من الإشارة إلى الصعوبات التي تواجه الباحث عند الانتقال إلى الجانب التطبيقي ، وخضوع هذه المشكلة إلى الدراسة العملية ، بسبب نقص المعلومات والبيانات الصحية المتوفرة في مستشفيات الوزارة ، بشكل عام ، وهذا هو أحد الأسباب التي حدت بالكثير من الباحثين العرب إلى التطرق إلى دراسة تكاليف الخدمات الصحية في المستشفيات الحكومية من الناحية النظرية فقط ، بصفتها منظمات غير هادفة للربح ، وليس هناك مالكين يراقبون أداءها وينتظرون أرباحها ، بل إن هدف هذه المستشفيات هو توفير الخدمات العلاجية والوقائية للمواطنين مجانا ، أو مقابل عائد بسيط ، لا يغطي إلا جزءً يسيراً من التكلفة .
أهمية البحث :
إن زيادة الطلب على الخدمات الصحية من قبل المواطنين ، لابد وان يقابله الارتفاع المتزايد في تكلفة أداء تلك الخدمات ، بالكمية والنوعية المطلوبتين ، وهذه المشكلة لا يعانيها الأردن ، فحسب ، بل هي شاملة لجميع بلدان العالم ، وعلى الأخص منها بلدان العالم الثالث ، ففي الأردن – مثلا – ارتفع عدد المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة وغيرها من 28الى 37 مستشفى ، قابلة ارتفاع في عدد الأسرة فيها من 4820 إلى 5640 سريرا خلال الأعوام 1997-2001 ، هذا إلى جانب الزيادة المتواصلة في عدد المراكز الصحية الشاملة والأولية وعيادات طب الأسنان ومراكز رعاية الأمومة والطفولة .
ويوضح الجدول التالي (رقم 2) تطور الخدمات الصحية التي تقدمها وزارة الصحة الأردنية للسنوات 1997-2001 ، لتعكس بدورها واقع وسبب تزايد تكلفة هذه الخدمات عاماً بعد آخر .
جدول رقم (2)
تطور خدمات مستشفيات وزارة الصحة الأردنية
خلال الأعوام (1997-2001)
السنة
البيــان
1997
1998
1999
2000
2001
الإدخالات
نسبة أشغال الأسرة %
معدل إقامة المريض/ ليلة
عدد العمليات الجراحية
عدد حالات الولادة
عدد الكوادر البشرية
85024 91093 101393 110000 114270
21795 25074 19381 21000 23000
موازنة وزارة الصحة :
(بالألف دينار)
الجارية
الرأسمالية
المصدر : وزارة الصحة الأردنية ، التقرير الإحصائي السنوي لعام 2001.
ويوضح لنا الجدول السابق ، تطور حجم الطلب على الخدمات الصحية في الأردن ، وما يقابله من الزيادة في الإنفاق على هذا الجانب ، وبذلك فان ارتفاع تكلفة أداء الخدمات الصحية يرجع إلى عدة أسباب ، إضافة إلى زيادة الطلب ، ومنها :
- زيادة تكلفة مدخلات الرعاية الصحية ، من الكوادر البشرية ، وارتفاع أسعار الأجهزة والمعدات الطبية والمستلزمات المعملية باهظة التكاليف ، وما يرافق ذلك من تطور سريع في تقنيتها.
- ارتفاع متوسط أعمار المواطنين ، وما نتج عنه من تغير هيكلي في التركيبة السكانية .
- تزايد عدد الإصابات بالأمراض الوبائية سنة بعد أخرى ، كالأمراض السارية ، والتيفوئيد الوبائي ، وامراض السرطان ، باهضة التكاليف.
- ارتفاع معدلات التضخم العام في أسعار مستلزمات إنتاج الأجهزة الطبية والمواد الخام اللازمة لتصنيع الدواء ، ومواد الأشعة وغيرها .
- الهدر في استخدام مدخلات الرعاية الصحية ، وعدم مراقبتها وترشيد إنفاقها ، والتي تشمل :
- عدم الاستغلال الأمثل لطاقات الكوادر البشرية ، بما يؤدي إلى تحسين مستوى
جودة الخدمة بأقل تكلفة ممكنة .
- الاستخدام الجائر للأجهزة والمعدات الطبية ، لنقص الخبرة ، وقلة الصيانة .
- وجود حالات تنويم غير ضرورية في مستشفيات الوزارة ، أي بقاء المريض في
المستشفى دون أن تستدعي حالته الصحية ذلك .
فهذه الأسباب مجتمعة ، لابد وان تمتد بآثارها السلبية إلى تكلفة أداء الخدمات الصحية ، وبالتالي زيادة مخصصاتها السنوية ، الأمر الذي يشكل عبئاً على الموازنة العامة للدولة يزداد تأثيره عاماً بعد آخر ، الأمر يستدعي دراسته ووضع الحلول الصائبة له ، ولابد للمحاسبة من أن تأخذ دورها المعهود في خدمة هذا القطاع الاجتماعي العام في حياة المواطنين وهو ما يهدف البحث إلى تحقيقه .
أهداف البحث :
سعى الباحث في دراسته هذه نحو تحقيق الأهداف الرئيسية التالية :
1. تحديد مستوى الاستخدام الأمثل لموارد المستشفيات المادية منها والبشرية ، لرفع مستوى
جودة الخدمة الصحية بتكلفة اقل ، ولما كانت عملية قياس تكلفة أداء الخدمات الصحية دالة لقياس كفاءة الاداء الإداري للمستشفى ، فان هذه العلاقة بين هذين المتغيرين ، يحتمان إخضاع هذه التكاليف لعملية قياس على درجة عالية من الدقة والموضوعية ، يتيح لادارة التخطيط والرقابة في وزارة الصحة استخدام هذا الإطار لترشيد ورقابة تكلفة مستشفياتها ، والتعرف على العوامل المؤثرة في الكفاءة الإنتاجية للمستشفى ، لغرض تعميمها على بقية مستشفيات الوزارة .
2. تصميم نظام موحد لمحاسبة التكاليف ، يجري تطبيقه على عموم المستشفيات - وعلى مراحل – ليضع الأسس العلمية السليمة لقياس تكلفة الخدمات الصحية ، من خلال مراكز التكلفة في كل مستشفى ، ليكون هذا النظام رافداً علمياً لقياس تكلفة الاداء وإجراء المقارنات السليمة بين المستشفيات والأقسام العلاجية المختلفة ، لأغراض الرقابة وتقييم الاداء .
3. تحديد مقومات قياس الكفاءة الإدارية للمستشفى ، والعوامل المؤثرة فيها، من خلال استغلال مخرجات نظام التكاليف الموحد من التقارير والقوائم المالية الواردة من المستشفيات ، لهذا الغرض .
وقد اتخذ الباحث مستشفى البشير بعمّان العاصمة ، نموذجا امثل لتحقيق أهداف هذه الدراسة ، نظرا للأهمية النسبية لهذا المستشفى ، من بين باقي المستشفيات وزارة الصحة الأردنية ، والبالغ عددها 26 مستشفى ضمت في مجملها 3357 سريرا ، حصة مستشفى البشير منها 811 سريرا أي بنسبة 24% من مجموع أسرة مستشفيات الوزارة في المملكة وذلك حتى نهاية عام 2001 (1) .
(1) تتحدد معايير الأهمية النسبية للمستشفى فيما يلي :
- حجم العمل من حيث عدد المترددين عليه ، وعدد العمليات الجراحية ، وعدد الأسرة.
- حجم المخصصات المالية السنوية اللازمة لإدارته وتشغيله.
- المنطقة الجغرافية والسكانية التي يخدمها المستشفى.