عرض مشاركة واحدة
قديم 10-05-2014, 05:29 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
طارق سرور

الصورة الرمزية طارق سرور

إحصائية العضو







طارق سرور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: حكمة الحج ومشاهده

الحج ومشاهد القيامة
نحن هنا والحمد لله بأجسامنا وأرواحنا في بلد الله الحرام مع حجاج بيت الله نتابع خروجهم من مساكنهم في مكة إلى منى ليصلوا هناك الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبعد صلاتهم الصبح يتوجهون جميعاً إلى عرفات الله ماذا يستحضرون في أعمالهم؟إن الشريعة المطهرة أمرت المؤمن والمؤمنة أن يستحضر في كل عمل يعمله بأعضائه وحركات جسمه مشهداً قلبياً يشهد فيه سراً من أسرار حكمة ربه وسنسوق على حسب المقام بعض ما يشهده حجاج بيت الله الحرام في أداء مناسكهم رغبة في رضا الرحمن في صباح هذا اليوم يغتسلون ويتذكرون بهذا الغسل آخر غسل لهم بعد وفاتهم للقاء ربهم ثم يخلعون ملابسهم ويلبسون ملابس الإحرام ويتذكرون بها الأكفان التي يلبسونها يوم يدعوهم الديان فإذا خرجوا من ديارهم تذكروا صيحة الله عندما ينادي(ياأيتها العظام النخرة وياأيتها الأعضاء المتقطعة ويا أيتها الشعور المتهالكة اجتمعوا واخرجوا ليوم الجمع)فيتذكروا هذا النداء فيقولون ملبين لله(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك)وكلمة لبيك يعني جئت إليك مسرعاً طائعاً يا ربَّ العالمين فهي تعني سرعة الإجابة وسرعة التلبية لله فإذا وصلوا إلى عرفات تذكروا يوم الميقات{فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ}وقد تسارع الجميع لا شهرة لغني ولا ظهور لفقير ولا مكان مخصص لأمير أو وزير بل الكل سواسية أمام العلي الكبير ملابس واحدة وفي مكان واحد وألسنة مختلفة وأصوات متنوعة ووجوه متباينة كأنه يوم الحشر فيضرع الإنسان إلى الله إذا تذكر يوم العرض على الله وعلم أن هذا هو اليوم الذي سيحاسبه فيه مولاه على ما قدمت يداه فيسارع إلى التوبة ويبكي بدموع الندم على الذنوب ويضرع إلى الله أن يتغمده بغفرانه وأن يشمله بعفوه ورضوانه ولذا قال النبى{أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن إن الله لم يغفر له}[1]ثم يدعوهم الله بعد خروجهم واعترافهم على عرفات بذنوبهم للقاء حضرته فيتذكر الحاج بالذي يقطعه على الله والذي يباعد بينه وبين طريق الله وهو إبليس اللعين فيرجم الجمرات كأنه يعلن البراءة من وسوسة إبليس ومن تلبيس إبليس ويتذكر أن النفس تعوقه في مهمته فيسارع إلى إراقة الدماء وكأنه يقول يا ربَّ إن لم يكن يرضيك إلا قتل نفسي في سبيل مرضاتك فها أنا ساعي في مرضاتك بكل ما أستطيع ثم يذهبون إلى بيت الله الحرام والله لايحده بيت ولا يحيط به مكان ولكنه مثال جعله الله لنتذكر به يوم العرض على الله فيتذكر وقوفه بين يدي مولاه عندما يطوف ببيت الله وكيف يكون موقفه وكيف يكون شأنه في يوم يقول فيه سيد الأولين والآخرين{إن الوجوه لتتهدل حتى لا يكون عليها مزعة لحم من شدة الخجل والحياء من الله}هذا للمسرفين والعصاة والمذنبين أما المؤمنون الصالحون ففيهم يقول رب العالمين جل وعلا فى محكم التنزيل{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}ثم يطوف ويمشي بين الصفا والمروة ويتذكر مشيه بين كفتي الميزان فالصفا إشارة إلى كفة الحسنات والمروة إشارة إلى كفة السيئات وهو يمشي بينهم يتهادى تارة ويسرع أخرى ويتعشم أن تثقل كفة حسناته ولو بحسنة واحدة حتى يكون فيمن قال فيهم الله{فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ}هذه باختصار شديد بعض المعاني التي يستحضرها الحجيج لكي يغفر الله لهم ويقول لهم انصرفوا لقد غفرت لكم وقد أكرم الله المسلمين أجمعين في هذا اليوم ووعدهم بالمغفرة وقد قال النبى{خَيْرُ الدّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ}[2] لم يقل دعاء المؤمن على أرض عرفة لكنه جعل دعاء يوم عرفة لمن هناك ولمن هنا على أن يشاركهم في حالهم ويهيئ نفسه لاستحضار أحوالهم ولذلك دعا النبي المؤمنين والمؤمنات إلى صيام هذا اليوم وقال في شأنه{صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}[3]لأن الصيام يقوي الاستحضار ويقوي الناحية الروحانية فيعيش المؤمن في هذا اليوم في أي زمان وفي أي مكان وكأنه على عرفات الله مع الحاج يدعو الله أو يتلو كتاب الله أو يستغفر الله أو يبتهل ضارعاً إلى الله المهم ألا يشغل نفسه في هذا اليوم إلا بطاعة الله فإذا أكرم الله الحجيج بإجابة الدعوات كان دعاؤه معهم وإذا أكرمهم الله بغفران الذنوب غفر الله له معهم وإذا تفضل عليهم بشئ من الرحمات عمته الرحمة معهم لأنه شاركهم بنفسه وبروحه وإن لم يستطع أن يشاركهم بجسمه ويشهد لذلك قول رسولكم الكريمeفيما يرويه الإمام البخاري عندما توجه بجيشه إلى تبوك ببلاد الشام ووقف هناك وقال لمن حوله{إِنَّ بِالْمَدِينَةِ لَقَوْماً مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِياً إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ}[4]ولأن العذر حبسهم فقد شاركوا إخوانهم في أجورهم وفي مكافآتهم وفي كل أحوالهم هكذا الأمر يا جماعة المؤمنين لمن حبسهم العذر عن الذهاب إلى بيت الله لكنه عاش في هذه الأيام بروحه وبنفسه وبعقله وبقلبه وبكله في هذه البقاع المباركة حتى أنه عندما ينام من شدة شوقه لهذه الأماكن قد يجد نفسه يطوف بالبيت أو يسعى بين الصفا والمروة أو يقف على عرفات لشدة شوقه إلى هذه الأماكن المباركات فدعانا النبي إلى أن نصوم هذا اليوم وإلى أن نكبر الله من صبح الغد وهو يوم عرفة إلى عصر يوم الرابع من أيام العيد نكبر الله بعد كل صلاة سواء صلينا في جماعة أو صلينا فرادى الرجال والنساء وإن كانت النساء تكبر بصوت خافت والرجال بصوت عالي لكن الكل يكبر الله عقب كل صلاة سواء كانت فريضة أو سنة فمن صلى ركعتي الضحى عليه أن يكبر في هذه الأيام حتى لو حضرتنا جنازة في هذه الأيام علينا بعد الانتهاء من صلاة الجنازة أن نكبر الله{وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }قال النبى{مَا رُؤِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمَاً هُوَ أَصْغَرُ وَلاَ أَحْقَرُ وَلاَ أَدْحَرُ وَلاَ أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ }[5]وقال{ما مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ يَنْزِلَ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى سَمَاءِ الدَّنْيَا فِيُبَاهِي بِأَهْلِ الأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ فَلَمْ يُرَ يَوْمُ أَكْثَرُ عِتْقاً مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ} [6]وقال ايضاً{صومِ يومِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضِيَةَ والبَاقِيَةَ}[7]يكرم الله عباده المؤمنين في هذه الأيام بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فالمؤمن الذي يقتدي بنبي الله إبراهيم ونبي الله إسماعيل يشتري أضحية بشروطها الشرعية إن كانت من الماعز يشترط أن يكون مرّ عليها عامين وإن كانت من الأغنام يشترط أن يكون مرّ عليها ستة أشهر وإن كانت من الأبقار يشترط أن يكون قد مرّ عليها سنتين وإن كانت من الجمال يشترط أن يكون قد مر عليها خمس سنوات وألا تكون بها عيوب لا عوراء ولا جرباء ولا هزيلة ولا مريضة ولا مشقوقة الأذن ولا مكسورة القرن لأن المؤمن لا ينال البر حتى يعطي أفضل ما يحب لله Uوأن يكون ذلك بعد صلاة العيد وسماعه الخطبة لقوله{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}ويجوز أن نذبحها في أول يوم أو ثاني يوم أو ثالث يوم على أن يذبح بالنهار ويكره الذبح بالليل وأيضاً لا يعطي الجزار شيئاً منها على سبيل الأجرة كما يفعل الكثير منا يحضر الجزار فيذبح الأضحية ثم يحمل الجلد على كتفه ويخرج على أنه أجرته هذا ممنوع فقد قال على رضى الله عنه وكرم الله وجهه{أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ أَنْ أَقُومَ عَلَىٰ بُدْنِهِ. وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا. وَأَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا. قَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا }[8]ماذا نفعل بالجلد؟ يمكن أن نبيعه ونتبرع بثمنه لأي مشروع من مشروعات الخير أو عمل من أعمال البر فإذا وفى المسلم بهذه الشروط خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وليس هذا فقط بل قال{لصاحبها بكلِّ شعرةٍ حسنةٌ ويُرْوَى بِقُرُونِها}[9]من يستطيع أن يعد؟{ولكم بكل قطرة من دمها حسنة وإنها لتوضع في الميزان بقرونها وأظفارها ولحومها ودمائها فطيبوا بها نفساً وأبشروا}ثم ماذا يا رسول الله؟قال{إِسْتَفْرِهُوا ضَحَايَاكُمْ فَإنَّهَا مَطَايَاكُمْ عَلَى الصرَاطِ}[10] أى هي الركوبة التي تكربها على الصراط يوم القيامة إن شاء الله فالأضحية سنة على الموسر يفعلها في عمره كله ولو مرة لكن لا يجب في سبيلها أن تحدث المشكلات في البيوت كأن نريد أن نضحي حتى لا نكون أقل من الجيران ولا يجب أن يستدين المرء ليضحي لله Uفالذي معه سعة عليه أن يضحي خوفاً من قول رسول الله r{ مَنْ وَجَدَ سَعَةً لأَنْ يُضَحيَ فَلَمْ يُضَح فَلاَ يَحْضُرْ مُصَلاَّنَا}[11] لكن الذي ليس معه لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لأن المؤمن لا يعمل العمل إلا لله فإذا ضحى فإنما يضحي طمعاً في ثواب الله ورغبة في رضاء الله لا سمعةً بين جيرانه ولا شهرةً بين أقرانه وقد يحدث في البيوت ما لا تحمد عقباه من هذا أن الزوجة قد تصرّ على الأضحية ولو شكى لها الزوج ألف عذر لا ترحمه لأنها تقول له كيف أقابل الجيران وأتحدث مع الإخوان وليس عندنا أضحية؟ وهذا لا يرضي الرحمن Uفالمؤمن لا يعمل إلا لله ولا يعمل إلا ابتغاء ثواب الله وطلباً لرضوان الله Uلكن المؤمن الذي ليس معه سعة عليه أن يحاول أن يضحي ولو مرة واحدة في عمره كله وهذا ليس بالصعب العسير ليحصل على هذا الثواب يغفر الله له ولأهل بيته وتوضع بكل ما فيها في كفة حسناته ويكون له ركوبة يركبها على الصراط يوم لقاء الله هذا فضلاً عن متابعته لسنة سيد الأنبياء وإمام الأنبياء سيدنا رسول الله وسيدنا إبراهيم فإذا ضحى فإن الأضحية يصلح شأنها ويرفع ثوابها أن يعطي المرء منها للفقراء والمساكين وعليه أن يتحرى في ذلك فإن كثيراً منا يعطي السائلين وكثيراً منهم ليسوا محتاجين وإنما يستكثرون من هذا الخير لعلمهم أن الناس يعطون من سألهم لكن المؤمن يتحرى موضع صدقته وخير موضع يضعها فيه الموظف الذي عنده أولاد ودخله لا يكفيه كيف يعطيها له؟ إن هذا أمر لو هدى الله العبد له لألهمه بالطريقة السليمة الرشيدة التي يستطيع بها أن يضع صدقته في موضعها لقد قال{لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ وَلاَ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ إِنَّمَا الْمِسْكِينُ الْمُتَعَفِّفُ أبا العيال }[12]وقال الله واصفاً الفقراء الذين يبحث عنهم الأغنياء{لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ}لا يقدر أن يمد يده لأحد{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً}لا يشكو فقره إلا إلى ربه مثل هذا يجب علينا أن نغنيه في هذا اليوم فإن السائل الذي يمد يده إلي وإليك تعلمون جميعاً أنه يملأ ثلاجات العمارة كلها بما تسوله من اللحوم أما الفقير المتعفف فقد لا يستطيع إحضار كيلو واحد من اللحم لأولاده في هذا الوقت ولا يستطيع أن يمد يده ولا تطاوعه نفسه أن يسأل لأنه رجل عفوف النفس قوي الإيمان وهذا الذي يجب علينا أن نبحث عنه جميعاً أيها المؤمنون وإياك أخى المسلم أن تقول أنه ليس بموجود أو أنه أصبح مفقوداً بل موجود وكثير ولا يغرك المظهر ولا يغرك الشأن العام ولكن ابحث في جوهر الناس وتحسس في طلبات الناس بلا تجسس والتماس عورات ولكن ابحث عن الفقير المتعفف ذو العيال الذى اغلق بابه وكف لسانه وسأل ربه وليسوا الذين سدوا ابواب الطرقات وغصت بهم باحات المساجد وإن أغلبهم لتجار كما نهر عمر أحدهم لما رآه يسأل المرة تلو المرة فقال له إنك لتاجر فلنبحث عن المتعففين المحتاجين لنضع الصدقة في موضعها الحقيقي.

[1] قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: رواه الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بسند ضعيف، كشف الخفاء

[2] رواه الترمذي في سننه عن عمر بن شعيب ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن عمرو

[3] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري

[4] رواه البخارى وأحمد عن أنس

[5] رواه الإمام مالك في الموطأ والبيهقي من طريقه وغيرهما عن طلحة بن عبيد الله بن كريز

[6] صحيح ابن حبان عن جابر

[7] رواه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي قتادة الأنصاري

[8] صحيح مسلم

[9] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن زيد بن أرقم

[10] رواه السيوطي في الكبير والديلمي عن أبي هريرة

[11] رواه ابن ماجة في سننه ورواه أحمد والحاكم عن أبي هريرة.

[12] رواه ابن ماجة في السنن والسيوطي في الكبير عن عمران بن حصين.







آخر مواضيعي 0 خوف
0 اسرار
0 اللهم اجعلنا من المحسنين
0 اعرف مين هى مصر
0 البقلة
رد مع اقتباس