عرض مشاركة واحدة
قديم 12-25-2010, 02:51 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: بيت أسس علي التقوى




لقد كان المعلم الأول، من تربية صلي الله عليه وسلم للأطفال أنه رباهم على الإيمان ، ثم إنه لبي لهم أغراضهم ومقاصدهم الإيمانية المباحة، فلم يحجر عليهم الدعابة.



لأن بعض الناس إذا رأي أطفاله يلعبون أو يصيحون أو ينشدون في البيت غضب عليهم وقال: لا تضيعوا أوقاتكم.



سبحان الله! تريد طفل صغير أن يكون كابن حجر أو كابن تيمية في طفولته.



لابد أ يلعب ، ولابد أن يضحك ، ولابد أن يغرد ، ولابد أن ينشد ، ولكن اجعل لعبه في حدود الشرع، واجعل نشيده ف حدود الأدب.



الأمر الثاني: أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يحيط الطفل بسياج من الآداب الشرعية عند الولادة، وعند التحنيك ، وعند التسمية، وعند العقيقة، وعند النوم، وعند اليقظة، وعند الأكل، وعند الشرب.



صح عنه صلي الله عليه وسلم أنه قال ـ كما عند أحمد وأبي داود بسند صحيح: ـ : (( مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع))النبي صلي الله عليه وسلم وفي هذا فوائد:



أولها: أن بداية الأمر في السبع وهو أمر بلا ضرب، لكن تدعوه وتحثه وتحبب إليه الصلاة.



الثانية: أن بداية التعزيز هي سن العاشرة.



الثالثة: أن تفرق بينهم في المضاجع، أي أن يناموا متفرقين لحكم جليلة يعرفها المسلمون.



وكان عمر ابن أبي سلمة يأكل معه مرة من المرات فجعلت يده تطيش في الصفحة، فقال له صلي الله عليه وسلم عدة آداب : (( يا غلام ، سم الله، وكب مما يليك، وكل بيمينك)).



فهي ثلاثة آداب ينبغي على الأب أن يوجه أطفاله إليها: التسمية، والأكل باليمين، والأكل مما يلي الطفل.



وعند الترمذي والنسائي بسند فيه ضعف يقول صلي الله عليه وسلم لأنس : (( يا بني إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة))، واستخدم صلي الله عليه وسلم لفظه( يا بني) لأنها محببة وأنيسة للطفل.



ولقمان عليه السلام يوم أوصي ابنه : (يَا بُنَيّ)(لقمان: الآية16) لأنها تجعل الأنس في قلب الطفل، وهي تستخدم لغير الابن من الصلب، فيقال تحبياً ( يا بني).



وكان له صلي الله عليه وسلم في جانب العقيدة مع الأطفال مواقف: يقول ابن عباس والحديث عند أحمد والترمذي : كنت ردف محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي حمار.



فقال: (( يا غلام)).



قلت : لبيك وسعديك يا رسول الله.



قال: (( إني أعلمك كلمات)) اسمع إلى الكلمات النيرة.. اسمع إلى الوصايا التي تشري بالدماء ، فهي أغلي من الذهب والفضة: (( أحفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فأسال الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)).



وصح عند البخاري والدرامي أنه صلي الله عليه وسلم كان يمر بالصبيان فيسلم عليهم فيقول: (( السلام عليكم ورحمة الله)).



وهذا من التواضع العظيم، لأن المتكبر لا يسلم على الأطفال ولا يسلم على الناس، بل ينتظر من يسلم عليه.



ولذلك (( يحشر المتكبرون يوم القيامة على هيئة الذر يطؤهم الناس)) حديث صحيح رواه مسلم.



فالمتكبرون:



ليســـوا كقــوم إذا لاقيتهم عرضـاً

أهدوك من نورهم ما يتحف الساري



تروي وتشبع من سيمــاء طلعتهم

بذكرهم ذكروك الواحد البـــاري

من تلق منهم تقــل لاقيت سيدهم

مثل النجوم التي يسري بها الساري



كان صلي الله عليه وسلم بالليل، فأتاه ابن عباس يصلي معه في ليلة هي من أحسن الليالي في حياة ابن عباس ؛ حيث بات رضي الله عنه عند خالته ميمونة ، لأنه يعلم أن الرسول صلي الله عليه وسلم سينام عندها تلك الليلة.



فنام في عرض الوسادة، وانتظر حتى جاء الرسول صلي الله عليه وسلم فأوهمهما أنه نائم رضي الله عنه، ونيته من المجيء أن يستفيد من المعلم الأول صلي الله عليه وسلم ، وليعلم كيف صلاته قيامه في الليل.



فلما قام صلي الله عليه وسلم يقضي حاجته أحضر له ابن عباس الماء ووضعه في مكان قريب منه، فلما رأي صلي الله عليه وسلم الماء عنده عرف أنه من ابن عباس فقال: (( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)).



وهذه الدعوة النبوية المباركة هي من أعظم ما حازه ابن عباس في حياته كلها، حيث أثرت على مستقبله فجعلته حبر الأمة وترجمان القرآن.



ثم قام صلي الله عليه وسلم يصلي فقام ابن عباس عن يساره ، فجعله صلي الله عليه وسلم عن يمينه، فصلي معه ما شاء الله، ونعم بليلة سعيدة هانئه هي اهنأ من لياليه عند أبيه وأمه.



ومر صلي الله عليه وسلم يوماً من الأيام بابن عمر وهو صغير فأخذ بمنكبه وقال له: (( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل))، وهذه وصية ما نسيها ابن عمر رضي الله عنهما، بل بقيت تطن في رأسه حتى مات.



يعطونه الخلافة فيتذكر حديث: (( كن في الدنيا كأنك غريب )).



يقدمون له الذهب والفضة فيتذكر حديث : (( كن في الدنيا كأنك غريب)).



يسجد عند المقام ويبكي في السجود ويقول: اللهم إنك تعلم أني ما تركت الخلافة إلا من مخافتك يا رب العالمين.



ومر صلي الله عليه وسلم يوماً فوجد الحسن يأكل من تمر الصدقة؛ وبنو هاشم محرمة عليهم الصدقة، لأنها أوساخ الناس وهم أطهار، قلوبهم طاهرة وبطونهم طاهرة.



فقال صلي الله عليه وسلم : (( كخ كخ، أما تدري أنا لا نأكل الصدقة)).



و(( كخ كخ)) لفظ تستخدمه العرب زجراً للطفل عن عمل أي شيء غير مناسب.



مات ابنه صلي الله عليه وسلم وعمره سنتان وأشهر، وقيل: أقل من ذلك.. فأخذه بين يديه وقال ودموعه تهراق صلي الله عليه وسلم بأبي وأمي: (( تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون)) فهذا من رحمته بهؤلاء الصغار إذا حلت بهم مصيبة أو كارثة.



وفي الصحيح أن زينب ابنته صلي الله عليه وسلم أرسلت إليه أن يأتي إليها فإن ابنها في سكرات الموت.



والرسول صلي الله عليه وسلم كان مشغولاً بوفد من وفود العرب فقال: (( أبلغوها مني السلام وقولوا لها: إن لله ما أخذ، وله ما أعطي، وكل شيء عنده بأجل مسمي، فاتصبر ولتحتسب)).



فأخبروها فقالت : والله ليأتين.



فقام صلي الله عليه وسلم ومعه جل الصحابة، وقدم له الطفل ونفسه تقعقع كأنها في شن، وأخذت دموعه تهراق صلي الله عليه وسلم النبي صلي الله عليه وسلم فيقول ابن عوف: ما هذا يا رسول الله؟ قال: (( هذه رحمة يضعها الله في قلب من يشاء من عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)).



وأتي الأقرع بن حابس ـ والحديث في الابخاري ومسلم ـ وكان صلي الله عليه وسلم يقبل الأطفال.



فقال الأقرع : تقبلون الأطفال عندكم؟



قال : (0 نعم)).



قال: والله إن عندي عشرة أطفال ما قبلت واجداً منهم.



وكان يظن أن الرسول صلي الله عليه وسلم سيقول له: شكراً لك **!!



لكنه صلي الله عليه وسلم قال : (( وما أمك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك))، لأن تقبل الأطفال رحمة، وكان يفعله صلي الله عليه وسلم كثيراً.



وصح عنه صلي الله عليه وسلم في صحيح البخاري أنه قال: (( غني لأدخل في صلاتي فأتجاوز فيها مما أسمع من بكاء الطفل خشية أن اشق على أمة)).



وعند البخاري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال عن الحسن والحسين: (( هما ريحانتاي في الدنيا)).



يقول ابن تيمية في مقتل الحسين بأنه من أعظم المصائب على المسلمين، وعلى المسلم إذا تذكر تلك القصة أن يقول: ( إنا لله وإنا إليه راجعون).



فنحن نحبه في الله لأنه من عباد الله ومن أولياء الله ولقرابته من الرسول صلي الله عليه وسلم .



وفي الصحيحين من حديث أبي قتادة قال: صلي بنا صلي الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، قيل العصر وقيل الظهر، فحمل أمامه بنت زينب في الصلاة على كتفه صلي الله عليه وسلم يصلى بها.



فتصور المشهد .. إمام البشرية يجمل طفلة وهو يصلى بالناس صلاة الفريضة بالمسجد.



أي رحمة.. وأي عطف هذا؟



قال: فإذا سجد وضعها وإذا قام رفعها.

وقد صلى الإمام الشوكاني في صنعاء ، فلما سجد سقطت عمامته في المحراب فأخذها وردها.



فأنكر عليه الناس وقالوا: تحمل العمامة وأنت في الصلاة ؟



فقال: حمل العمامة أخف من حمل أمامة؟.



وأما العنصر الرابع فمن أحكام الأطفال، وأنا أعرضها عرضاً موجزاً.



1- أحكام الأطفال أنه ينضح على بول الغلام ويغسل بول الجارية، لما ثبت في الحديث عند أبي داود والترمذي وغيرهما، كما سبق.



وذلك ما لم يأكل الغلام الطعام، فإذا أكل غسل من بوله.



قال الشافعي : لأن حواء خلقت من ضلع آدم فهي من لحم ودم، وأما الطفل فهو من تراب لأن اصل أبيه من تراب.



وهذا اجتهاد منه رحمه الله.



2- تصح إمامه الطفل لأنه ثبت في صحيح البخاري أن عمرو بن سلمة أم قومه وعمره سبع سنوات.



لكن أطفالهم كانوا كباراً في الفهم كباراً في الرجولة. ليسوا كحالنا الذي يبلغ فيه بعض الناس العشرين وهو سفيه.



فليس المقياس بالسن لكنه بالعقل والفهم عن الله عز وجل.



دخل الناس يبايعون عمر بن عبد العزيز وفيهم طفل صغير فسلم وأراد ان يتكلم، فقال عمر بن عبد العزيز: دونك يا طفل فيهم من هو أكبر منك.



فقال : يا أمير المؤمنين ، لو كان الأمر بالسن لكان في المسلمين من هو أولى منك بالخلافة!! هل رأيت رداً أحسن من هذا؟



3- متي يجاهد الطفل؟



بين أهل العلم خلاف: فالإمام أحمد يقول: أري في الخامسة عشر للحديث في الصحيحين ، قال ابن عمر: عرضت على رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سن فأجازني.



وقال سمره بن حندب: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يستعرض الأطفال للجهاد يريد ان يري من هو القوي منهم فيقبله.



قال: فعرضت عليه فردني.



فبكي سمره.. بكي على ترك الجهاد.



وقبل صلي الله عليه وسلم رافع بن خديج.



فقال سمره: يا رسول الله تقبل رافع بن خديج وأنا اصرعه؟!.



قال: (( صارعه أمام الناس)).



فتصارع هو ورافع فصرعه سمره، فأجاز سمرة.. فهو ما دام صرعه فهذا دليل على أنه يستطيع أن يحمل السلاح ويستطيع أن يقاتل .



4- وأما سن الرواية وهو التحمل فيختلف باختلاف الأشخاص.



يقول موسى بن هارون أحد المحدثين: إذا فرق بين الدابة والحمار..والدابة هي الحمار!



وبعضهم قال: إذا ميز الخير من الشر.. وهذا أمر نسبي.



وقال بعضهم: بل في السابعة ونحو ذلك.



وقيل: في الخامسة ، أن الحسن حفظ حديث: (( دع ما يريبك إلى ما لا يربيك)) في الخامسة.



والصحيح انه إذا ميز وأصبح عاقلاً يدرك ماذا يقال له واصبح مستعداً للتعليم فإنه يقبل منه.



أما العنصر الخامس وهو الأخير فالأطفال الكبار.



فهم أطفال نعيش معهم في التاريخ، كبار في إيمانهم ، وكبار في مقاصدهم، وكبار في منهجهم وحياتهم.



يعيشون أطفالاً بأجسام الأطفال، لكنهم كبار في معتقداتهم وطموحاتهم ومقاصدهم.



1- ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ وقد سبق معنا حرصه علي العلم والتعلم والاستفادة من حياة الرسول صلي الله عليه وسلم ، وهمته العالية التي جعلته ينظر للمستقبل ليتخيل نفسه قائداً وعالماً ومفسراً للأمة الإسلامية.. وقد تم له ذلك.



2- أسامة بن زيد يقود الجيوش العظيمة وهو صغير السن، حيث كان في أفراد جيشه كبار الصحابة وفضلاؤهم ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلى الخلفاء الراشدون.



فأي علو هذا؟ أن يكون هذا الفتي قائداً لأولئك الغر الميامين.



3- ابن الزبير : أول مولود في المدينة صاحب الحنكة السياسية والدهاء.



وقصته مشهورة مع عمر رضي الله عنه عندما فر الأطفال وهو لم يفر شجاعة وصلابة أمام فاروق الإسلام، فلما سأله قال: لم أعمل جرماً فأخاف منك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك !



فانظر إلى بلاغة الإجابة وحريتها وسموها.



4- أبو محذورة من فتيان مكة، يخرج يرعي الغنم فيعود مؤذناً لأهل مكة ببركة دعاء النبي صلي الله عليه وسلم له.



5- محمد بن القاسم يفتتح الهند والسند وهو فتي كما تعلمون، في جيش قوامه مائة ألف موحد وهو القائد آنذاك.



وهكذا غيرهم من فتيان هذه الأمة وأطفالها الذين كانوا صغاراً في السن لكنهم كانوا كباراً في العقل والفهم والهمة.



أسأل الله لي ولكم قره عين من أبنائنا، وان يجعلهم عبادا صالحين يخدمون هذا الدين الخالد في كل مكان.



والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.












آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس