عرض مشاركة واحدة
قديم 05-04-2011, 10:29 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: شخصيات حيرت العالم

راسبوتين
غريغورى راسبوتين شخصية تاريخية روسية أثارت الكثير من الجدل، ولعبت أدوارا هامة فى الحياة السياسية لآخر قياصرة سلالة رامانوف، نيقولاى الثاني. وصُف راسبوتين بمختلف النعوت، فقد رأى فيه البعض قديسا، بينما نظر إليه آخرون باعتباره مشعوذا ماجنا. ولد راسبوتين، ولقبه الحقيقى "نوفيخ"، فى 29 يوليو/تموز عام 1871 بقرية فى سيبيريا تدعى بوكروفسكي.

لم يعرف عن حياة راسبوتين المبكرة إلا القليل نظرا لبعد القرية التى ولد فيها عن المناطق الحضرية وانعزالها وصعوبة الوصول إليها، لذا فإن ما حفظ عن حياته فى مسقط رأسه عبارة عن شذرات قليلة جاء معظمها على لسانه هو نفسه. يعتقد بعض الباحثين أن راسبوتين كان كاهنا، بينما يرى البعض الآخر بأنه ليس إلا ممثلا بارعا أتقن دور الكهانة وأقنع الكثيرين بأنه قديس مختار.

قدرات خارقة

عاش راسبوتين فى شبابه المبكر زائراً للكنائس والأماكن المقدسة ماشيا على قدميه، حسب زعمه، ووصل فى تجواله الى اليونان وبيت المقدس. بعد هذه الزيارات الدينية اعتبر نفسه قديسا مختارا وأعلن عن ذلك مؤكدا امتلاكه لقدرات خارقة تجلب الشفاء.

انتشرت الشائعات عن هذا الكاهن فى أنحاء روسيا، فسعى الناس إليه من أقاصى البلاد طلبا للبركة وللعلاج من مختلف الأمراض.

لم يدخل راسبوتين أية مدرسة، وكان أميا ولا علم له بالتطبيب، إلا أنه لعب دوره بشكل متقن، وبالفعل استطاع أن يساعد من لجأ إليه، وكان موهوبا فى القدرة على تهدئة المتوترين وإعطاء الأمل لمن كان يائسا.

قال عنه كارهوه، إنه ابن سارق خيل، وأنه هو نفسه أصبح فيما بعد سارق خيل ولصا. وأتهمه أعداؤه بأنه تمرن فى مهنة السرقة، فنمت مهاراته وعلا مكره. ألقى القبض عليه أكثر من مرة بالجرم المشهود وتعرض للضرب المبرح، وأنقذه رجال الأمن من قبضات الرجال الغاضبين بصعوبة بالغة. كان يمكن أن يفقد راسبوتين حياته فى مثل هذه المعارك والمخاطرات، لكنه تحمّل ما مر به من أهوال وصار قويا قادرا على اجتياز أشد المشقات.

من هذه الملاحظات يُحتمل أن يكون راسبوتين قد لجأ للدين متأثرا بهذه الظروف الإجرامية والقاسية. لكن من الثابت أنه لم يتلق أى تعليم ديني، وأنه كان غريبا ً على تعاليم الكنيسة الأرثوذوكسية، فتدينه كان ذا طبيعة خاصة لا تتفق مع محيطه. ليس هناك أية معلومات مؤكدة عن الأماكن التى زارها، أو بمن التقى وعاشر، إلا أن الثابت أنه تردد مرارا على إحدى الكنائس التى كان يرسل إليها معتنقو الطوائف الأخرى للإصلاح.

فى أحد الأيام عندما كان راسبوتين يحرث الأرض، ظهرت له مريم العذراء وأخبرته عن مرض "ألكسي"، الابن الوحيد للقيصر نيقولاى الثانى والذى كان يعانى من مرض وراثى يسبب النزيف الدائم. ادعى راسبوتين أن مريم العذراء أمرته أن يمضى إلى مدينة بطرسبورغ "عاصمة الإمبراطورية الروسية آنذاك" لإنقاذ حياة ولى العهد.

خدمته للعائلة الإمبراطورية

وصل راسبوتين فى وقت مناسب إلى عاصمة الإمبراطورية الروسية عام 1905، إذ أن الكنيسة كانت فى حاجة لأناس يثق بهم العامة، وكان راسبوتين أفضل من يؤدى هذا الدور، بمظهره الفلاحى وبلهجته البسيطة وأعصابه المتينة وتأثيره الساحر. إلا أن أعداء راسبوتين قالوا إنه يستعمل الدين كستارة لأهدافه الخاصة ولروحه المتعطشة للمال وللسلطة وللنساء.

دعى راسبوتين للبلاط الإمبراطورى فى عام 1907، أثناء إحدى نوبات مرض ولى العهد ألكسي. اشتداد حالة الطفل المرضية أجبرت العائلة الإمبراطورية على اللجوء لخدمات راسبوتين، الأمر الذى حاولت تفاديه خوفا من انتشار خبر المرض الوراثى وحدوث اضطرابات نتيجة لذلك.
هذه الدعوة كانت حدثا هاما وفر أرضا خصبة لنشاط راسبوتين، وأثرت مضاعفاتها على مصيره وعلى مصير الإمبراطورية كلها، فقد وثقت به وبقدراته الخارقة الإمبراطورة ثقة عمياء، وحاولت إقناع زوجها بذلك.

كانت الإمبراطورة "المريضة هى وابنها" مقتنعة بأن المعجزة وحدها كفيلة بإنقاذ ابنها، وراسبوتين استغل هذا الشعور بأن أقنعها بأن حياة وحيدها مرهونة بقربه من القيصر ووجوده فى القصر. الإمبراطورة كانت جاهزة للإيمان بأى شيء، لذلك لم ينجح راسبوتين بإقناعها بضرورته لإنقاذ ولى العهد فقط، بل إن الإمبراطورة أكثر من ذلك كانت تؤمن بأنه المخلص لروسيا من أزماتها المستعصية، وأنه مبعوث إلهى لهذه المهمة.

لم يرحب القيصر نيقولاى الثانى بتواجد راسبوتين الدائم بالقصر أول الأمر، نظرا للإشاعات التى راجت عن سلوكه الشائن وغير اللائق، بالإضافة الى ما قيل عن استغلاله لنفوذ الإمبراطورة، فى تقاضى رشاوى نقدية وعينية مقابل تقديم خدمات إدارية. كما قيل إنه كان سكيرا عربيدا، زرع الرعب فى شوارع العاصمة بمجونه. كل ذلك أضر بسمعة القيصر، خاصة ما دار من همس حول العلاقة الحميمة التى جمعت بين راسبوتين والإمبراطورة.

تعاظم نفوذ راسبوتين بفضل رعاية الإمبراطورة وعجز القيصر عن إبعاده وصل الى درجة أنه أصبح يتدخل فى تعيين الوزراء، كما أشيع عنه. وكانت قصاصة من راسبوتين مكتوبة بخط لا يكاد يُقرأ كفيلة بتسلم أى شخص لوزارة. مرت روسيا بفترة أزمات وتقلبات سياسية عاصفة فخلال فترة ستة عشر شهرا ابتداء من عام 1915، تم تغيير أربعة رؤساء وزراء، وخمسة وزراء للداخلية، وأربعة وزراء زراعة وثلاثة وزراء حربية. إصبع الاتهام على كل هذه الفوضى توجه إلى شخص واحد، اكتسب أعداء كثر هو راسبوتين. اتسمت العلاقة بين راسبوتين والأسرة الإمبراطورية الروسية الأخيرة بالعمق والتقدير الأعمى حد التقديس، فقد قالت عنه الإمبراطورة: "أنا أحب الشعب. ها هو راسبوتين، فعلا من الشعب!". بينما اعتقد الإمبراطور أنه "رجل طيب، بسيط، وروسى متدين!"

من الناحية الأخرى الايجابية، يقال إن راسبوتين حاول منع اشتراك روسيا فى الحرب العالمية الأولى، أو على الأقل تأخير دخولها للحرب متنبأ بأشد العواقب فى حالة انغماسها فيها، وأنه كتب مرارا رسائل للقيصر بهذا الخصوص، إلا أن محاولاته لم تفلح. بل إن البعض يؤكد أن راسبوتين تنبأ بالثورة وحاول تحذير القيصر وحثه على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفاديها، إلا أن نصائحه لم يُعمل بها، وذهبت أدراج الريح مثلها مثل الإمبراطورية نفسها!.

كتب راسبوتين فى ديسمبر/كانون الأول عام 1916 رسالة حررها محامى وأرسلت للإمبراطورة، تضمنت ثلاثة احتمالات لنبوءة. واحدة جاء فيها:" أكتب لك وأترك خلفى هذه الرسالة فى بطرسبورغ... أحس بأنى سأفارق الحياة قبل الأول من يناير/كانون الثانى "1917 م"... إذا قتلنى قاتل بسيط وبالأخص إذا كان أخاً روسيا، فيمكنك يا قيصر روسيا أن لا تخاف أى شيء على أولادك، فهم سوف يحكمون روسيا مئات السنين الأخرى.. أما إذا كان قاتلى من الأعيان فالبلد سيدخل فى فتنة قاسية... أما إذا كان قاتلى من عائلة رامانوف فلا أحد من عائلتك، لا أحد من أولادك وأقربائك سيبقى على قيد الحياة، لن تمضى سنتان حتى يقتلهم الشعب الروسي....".

نهايته

عشق راسبوتين الحياة الناعمة والسلطة وانغمس فى الملذات، ونال من المجد والتقديس ما أسكره وأفقده توازنه البسيط حتى صار سلوكه ومغامراته تشبه الخيال. دخول راسبوتين للبلاط وهو الفلاح البسيط ونفوذه الكبير بالإضافة الى شخصيته الغريبة ألبت عليه الأعيان الذين كرهوه أشد الكره فتآمروا على حياته.

اشترك فى التآمر على حياة راسبوتين كل من ابن عم القيصر الأمير دميترى رامانوف، والأمير فيليكس يوسوبوف رامانوف، النقيب بالقوات البرية، والأمير بوريشيفيتش، النائب فى البرلمان، والدكتور لازوفير. دعا المتآمرون راسبوتين إلى وليمة فى 30 ديسمبر/كانون الأول عام 1916 فى قصر يوسوبوف، وأوهموه أن حفيدة الإمبراطور، الحسناء الفاتنة، ترغب فى رؤيته. وضعوا السم الزعاف فى الفطائر وفى النبيذ وانتظروا أن يخر راسبوتين ميتاً، إلا أنه لم يبد أى علامة للتأثر بالسم. فى النهاية لجأ المتآمرون للسلاح النارى فأطلق النقيب يوسوبوف النار عليه من مسدسه، إلا أن راسبوتين لم يسقط واندفع خارجا فى محاولة للنجاة بحياته، فلحقه الأمير بوريشيفيتش وأطلق النار مباشرة عليه فسقط مضرّجاً بدمائه. مع ذلك حاول راسبوتين النهوض على قدميه، فأسرع المتآمرون وأوثقوه ووضعوه فى كيس ورموا به فى حفرة فى الثلج. فيما بعد تم انتشال جثته، وحين كشف عنها وجد أنه ناضل قبل موته وحاول أن يخلص نفسه من القيود والكيس إلا أنه اختنق غرقا.

أصبح راسبوتين، رمزاً للتهتك والشر حتى قبل مقتله. وتبارى الكتاّب فيما بعد فى نسج الخيالات عنه تعبيرا عن مفارقات اجتمعت فى تاريخ مفصلي، دفع بإمبراطورية تلفظ أنفاسها الأخيرة بنظامها الإقطاعى البالي، للجوء لمشعوذ أمى من عامة الشعب بعدما فقدت أية قدرة على التغيير والإصلاح. ربما يكون راسبوتين قد حدس باقتراب نهايته ونهاية الإمبراطورية التى انغمس فى شؤونها، كما تقول الروايات، إلا انه لم يستطع تفادى الموت الزعاف رغم ما أشيع عنه من قدرات خارقة. انتهت مغامرة هذا المشعوذ نهاية مأساوية، فدخل التاريخ كظاهرة تعكس أزمة دولة وأمة. وظل رمزاً للمتناقضات بين طرفين للتقديس واللعنة.

لم يفلح راسبوتين فى تغيير مصير الإمبراطورية المحتوم، إلا أنه ما يزال حتى اليوم يعبر عن التوق الإنسانى للمعجزة وللنبوءة، يقدم تفسيرا يضفى الغموض على عالم يفقد فى كل يوم سحر المجهول فيه.








آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس