عرض مشاركة واحدة
قديم 09-30-2011, 01:13 AM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: الفراسة فى القرآن الكريم


المبحث الثانى
القضاء بالفراسة
إن القضاء مهمة صعبة انتدب الله إليها بعضا من خلقه واستأمنهم على هذه المهمة وهى مهنة الأنبياء "يا داوود إنا جعلناك خليفة فى الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى "وهى وصية الله لكل من تَنَصبَ مهمة القضاء أن يتحرى الدقة ويحكم بين الناس بالحق ولا يركن إلى الهوى .
ومعلوم اختلاف العلماء حول قضاء القاضى بعلمه هل يجوز أولا يجوز؟ والأرجح أنه لا يجوز ، لأن الحكم يقوم على الأدلة والبراهين الظاهرة والله يتولى السرائر ، لذا فإن حكم الحاكم وقضاء القاضى لا يحل حراما ولا يحرم حلالا وإلى هذا المعنى أشار النبى r"فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هى قطعة من النار فليأخذها أو فليتركها "الحديث الحديث رواه البخارى فى صحيحه عن آم سلمة برقم 2326 2/867،ومسلم أيضا فى الأقضية باب الحكم بالظاهر واللحن بالحجة 3/1337برقم 1713.
والفراسة كما هو معلوم حالة فردية وفى أغلب أحوالها أنها لا ضابط لها ، وعليه فالقضاء بالفراسة أمر مرفوض وغير معول عليه حتى لا يصير القضاء فوضويا لا ضابط له بل هى أدلة وبراهين وقرائن ،والنبى ذاته قد يطلعه الله على بعض الغيب حسب إرادة الله ومع ذلك كان فى قضائه وقافا عند الأدلة الواضحة والبراهين الساطعة "ولعل أحدكم يكون ألحن بالحجة من أخيه فأقضى له " جزء من الحديث الذى سبق تخريجه فى الصفحة السابقة .
وإذا كان النبى لم يحكم فى الخصومات لا بعلمه و لا بالفراسة فأولى بنا أن نقتدى برسول الله ونقف فى القضاء عند ما توفر من الأدلة والبراهين والله تعالى يتولى السرائروهذا لا يعنى إهمال الفراسة على الإطلاق لكن المراد ألا تكون الفراسة مصدرا من مصادر القضاء والتشريع ومع هذا فيمكن الاستعانة بالفراسة فيما يخص الحكم والقضاء كالاستماع الى الشهود بفراسة أو التفرس فى الشهود الصدق أو الكذب حسب ما يظهر للمتفرس مما يعينه على تثبيت وجهة نظره .
يقول الإمام أبو بكر بن العربى :"إذا ثبت أن التوسم والتفرس من مدارك المعانى فإن ذلك لا يترتب عليه حكم ولا يؤخذ به موسوم ولا متفرس ،وقد كان قاضى القضاة الشامى المالكى ببغداد أيام كونى بالشام يحكم بالفراسة فى الأحكام جريا على طريق إياس بن معاوية أيام كان قاضيا ، وكان شيخنا فخر الإسلام أبو بكر الشاش صنف جزءا فى الرد عليه كتبه لى بخطه وأعطانيه ، وذلك صحيح فإن مدارك الأحكام معلومة شرعا ،مدركة قطعا وليست الفراسة منه ."تفسير القرطبى 1./39
ويقول ابن القيم فى مسألة الحكم بين الخصوم بالفراسة :"هذه مسالة كبيرة عظيمة النفع جليلة القدر إن أهملها القاضى أو الحاكم أضاع حقا كثيرا وأقام باطلا كثيرا ،وإن توسع فيها وجعل معوله عليها دون الأوضاع الشرعية وقع فى أنواع الظلم والفساد"
وقد سٌئل أبو الوفاء ابن عقيل عن هذه المسالة فقال:ليس ذلك حكما بالفراسة بل هو حكم الإمارات ، وإذا تأملتم الشرع وجدتموه يجوز التعويل على ذلك وقد ذهب مالك رحمه الله تعالى إلى التوصل بالإقرار بما يراه الحاكم ، وذلك مستند إلى قوله تعالى " إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ " يوسف 27فالحاكم إذا لم يكن فقيه النفس فى الإمارات ودلائل الحال ومعرفة شواهده وفى القرائن الحالية والمقالية كفقهه فى كليات الأحكام أضاع حقوقا كثيرة على أصحابها وحكم بما يعلم الناس بطلانه .
فههنا نوعان من الفقه لابد للعالم منهما :
1-فقه فى أحكام الحوادث الكلية .
2-فقه فى نفس الواقع وأحوال الناس يميز به بين الصادق والكاذب والمحق والمبطل ،ثم يطابق بين هذا وهذا فيعطى الواقع حكمه من الواجب ولا يجعل الواجب مخالفا للواقع ....... الطرق الحكمية 1/6
وهكذا فالحكم فى القضاء بالفراسة أمر جلل يجب الحذر منه والتحرى ففيه خيط دقيق يجب مراعاته وإلا ترتب عليه ضرر بالغ .
أما استخدام الفراسة فيما يتوصل به إلى الحكم فهو أمر مجمع على جوازه بل وضرورته كالتفريق عند سماع شهادة الشهود ومحاولة استخراج الحق من كلامهم .
يقول صاحب الطرق الحكمية :"ولم يزل حذاق الحكام والولاة يستخرجون الحقوق بالفراسة والإمارات فإذا ظهرت لم يقدموا عليها شهادة تخالفها ولا إقرار وقد صرح الفقهاء كلهم بأن الحاكم إذا ارتاب بالشهود فرقهم وسألهم كيف تحملوا الشهادة وأين تحملوها وذلك واجب عليه متى عدل عنه أَثِمَ وجار فى الحكم ..." الطرق الحكمية 1/34
وعليه فاستخدام الفراسة فى القضاء والحكم أمر يحتاج إلى ضبط ومراعاة فلا يمنع على عمومه ولا يقبل أيضا على عمومه ،والقاضى أحذق من أن ينبه إلى مثل هذه الأمور.







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس