الموضوع: لحظة فرح
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-29-2010, 10:16 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

Icon24 لحظة فرح

لحظة فرح




بؤس بشع في النهار ، وحزن فظيع في الليل ،

ذاك حالي يا أمي، موت بطيء أعيش ، ذكرى قاتلة لا تفُكّ طعني ،
فينهمر البكاء مني ، ودموع ووحشة وسأم وأسى وكمد وأشياء أخر ، وعند الله الخبر .

صباح السرور، وحبور الطيور ..
صباح السعادة بتفتح الزهر ، بانبلاج الفجر ..
صباح التفاح إذ أينع، وشمس البهجة إذ تشرق، ولـــيل الكدر قد أهجع ..
.. صباحك أم تفطّر طفلتها ، تظفر جديلتها ، حليبا تسقيها ، تعطيها قبلة، و"عيوني سيري شاطرة" تهديها ..
صباحك يتيم ، ينسى فقده ، يتجاوز أساه ، لا أمّ تقبله ، على جناح الأمل يطير ، ويرزقه الرب خيرا وفيرا غزيرا ..
..
صباحك العامل المثابر، في أهوال مهنته : المغامر، نزر الأموال راتبه، لا يريد شيئا، فقط أن يكمل ابنه دراسته، ثم يسقط من إحدى "السقالات" .. ويموت ..
صباحك ابن العامل ذاته، يكمل مسيرة شتاته، مات والده، وتكالبت الأرزاء عليه من كل جانب، شقاء ومن الحياة أتاه كل ناصب، وأمه امرأة سوء صارت ..
صباحك أمه "ماغيرها"، أرملة بأيتام، والرزق لا يسد رمق، وبالديون تختنق، وجمعية النصارى تفك أزمتها: نرزقك رزقا كالغيث هنيئا مريئا .. "بس ها تتنصرين أول"، وتتذكر الجوعى وتوافق .
..
صباحك أب ، أولادا كثرا ربى ، خدماته لهم أسدى ، وبحبهتضحياته ما "قصّر" ، فلما "عجّز" ، في دار العجزة ركزوه "يابوي أريح لك" ، ويبكي الشيخ ويتلظى الشيخ ، وتجلطه جلطة ويرحل، وفرحوا بأدلة دمعاتهم على حبه..

صباحك الأخت الكبيره ، ياهذا استيقظ ، يا هذا البس ، يا هذا لا تتأخر، فيمضي الوقت، ويفوت الدرس .. وصغيرهم يودعها بعد أن يأخذ مسافة كبيرة ، بحيث لا تلحقه ضربة "يادجاجة اللي ترجّنا مع الصبح مع السلامة" .. وتضحك ويضحك ، ويذهبون ..
صباحك آخر الطابور، ملل لإذاعة، نعاس الحصة الأولى، العريفة الكريهة ـ ليس أنا، الكراسة، البرّاية أم مراية، حزام المريول المفكوك، الشريطة التي لا ألبسها، القَبّة التي تكرهينها، الزمْزميّة التي يطلب الجميع الشرب منها، انتظار الفسحة، بهجة الصرفة، كيس الخياطة المنسي في السيارة، صور ريكو، شيبس حروف، حليب الشكولاتة ـ الأخير هذا من أجلي ..
نور: صباح الخير، وانتهينا ..

لا شيء .. سوى الملل وتلك الكلمات، الهروب من المذاكرة ، والتحدث بأحاديث تافهة لتسرية الوقت،
ولا يسري ..
والصباح كان جميلا وجدا .. إلا أن الـ جدا كانت مبالغة كبيرة ، كيف؟، سأقول لك:
الذباب الصغير كان لعينا ، أطيره من ساقي ، فيحط على رأسي، وأضرب رأسي، فيتوجه إلى ساعدي، أحرك ساعدي، ييمم وجهته إلى الأوراق المجمعة كصحيفة عمل فاسق، وعندها لا أطيره، أتملص من المذاكرة بالتفكر في خلقته وحركاته البغيضة: لماذا عندما نشرده يرجع سريعا؟، هل لهذا علاقة بأن الأشياء الكريهة تعود سريعا، أو أن قذارات العالم قريبة منا لدرجة أنها تلامسنا دائما ..

وهذه تفكرات جميلة للهروب من الحفظ، من قال إني أحفظ أصلا؟، كنت فقط أنظر للورقة، وإذا أحسست أني أطلت النظر فيها ، أنتقل إلى الورقة الأخرى ... وهكذا ، إلى أن انتهيت من النظر إلى عشرين ورقة من أصل مائة ورقة ، الساعاتان المتبقية أعتقد أنها تسع للنظر فيها ..

ثم انتبهت بعد فترة من النظر ، أن الكون أشرق، أن السماء ازرقت أكثر ، أن الطيور تغرد أعلى وأكثر ، أن الشمس استلقت على جدار المنزل أطول وأكثر ، أنني أنا أنظر للأوراق الكئيبة أكثر وأكثر ..
وعندها فكرت ـ وأنتِ تعرفين يا صديقتي أن التفكير مفيد للهروب من الواقع أكثر ـ أن انشغالنا وانهماكنا بأشياء غير جميلة يفوت علينا لحظات جميلة ربما لن تتكرر ..


ثم بدأت أفكر بأشياء غير جادة إطلاقا: لماذا خلق الله السماء زرقاء في النهار وسوداء في الليل ، ماذا لو كانت حمراء في النهار وبنية في الليل ، أكنا سنشعر أنها غير مناسبة، هل لأن الأزرق مناسب لنكون كنسمة صَبا ، كبسمة صِبا، أوفياء ويسكن السلام في نفوسنا، ولمن لم يعتاد النظر في الأعالي ، هيأ الله له الفرع الآخر من السماء في الأرض، أقصد البحر، وأن السواد في الليل كان إشارة لنا لنركد، لنكف عن الحياة وننام، شرور الليل السوداء المرسلة لنا من حضرة الليل في النهار ، ستكون مكثفة ومركزة إذا عشنا في هذا الوقت، أم لأن هذا اللون المناسب لتعرض فيه النجوم ببهاء ، برونق، يقلده التجار الآن في معروضاتهم ..

وقبل أن أفكر في الأضرار التي ستكون عليها السماء بألوان أخرى، إذا بخطوات مصحوبة بضحكات صبيانية ، تبدأ بالقرب مني، وأجسام تظهر من خلف الشجرة، أوه، دعيني من الوصف ، اقتربوا الآن ، ولا حيلة، إلا أن وضعت الورقة أمام وجهي لأبدو كتمثال لم ينحت وجهه بعد، يجلس على كرسي وتظهر أجزاء من "بيجامته"، بعد وهلة، أي عند الاصطدام برؤيتي ، وظهور مشهد شرقي أزلي، إذا بتلك الجلبة المحدثة تأخذ طريقها السريع إلى السكون، وتولي أدراجها بخطو لا صوت له نحو الباب، وضحكت لما حدث ، بخّره الأخ الشرقي بـ"الله يفضحك". للأمانة المشاعرية: فكرت من البداية الحكمة في عدم جعل السماء حمراء، إذن لاستغلها المبطلون في التغني بالحب كل وقت، ولذا الاحمرار متستر داخلنا، لا يخرج إلا بقطع!.

ثم طلعت، ولا شيء غير الكلمات تعرض نفسها عليّ، وأنهرها أنا في رمضان ، لا كلمات إلا كلمات الرحمن ، وتأبى، من قال أن الشياطين هي كائنات شريرة لا تشبه الإنسان أبدا ..
إذا لقيتِ الذي قالها ، فاصفقيه ـ أجزم أنك لن تفعلي ذلك ، لكن أرجوك "مرة وحدة وريني قوتك" ـ
وقولي له : غبي، ذلك المعنى اللفظي ، الاصطلاحي : كل اختلاجة نفس، تحمل في طياتها، كمية من الشر واللؤم، ولو كان بحجم نملة ـ النمل الذي تأكليه، أضحك ـ ثم يتفرع إلى مخلوقات ضارة مطرودة من الرحمة، أو مخلوقات ضالة إن اتبعت هذا الشر وجعلته محركا لها وباعثا؛ سترمى في الجحيم .


وتصحيحا لما سبق : الهروب من الواقع كذبة كبيرة ، اخترعها بعض الفوضويين، وصدقها كثير من الكسلانين ، ذلك أن الهارب وإن طال هربه، سيقبض عليه الواقع ـ والواقعيون أقوياء على كل حال ـ وسيودعه في سجنه، وسيرمي عليه أوراقه ، ويقول له: ذاكر، تلك جناة يدك ، وما جنى عليك أحد. وعندها ستغدو لحظات الهرب القصيرة ، شيئا قبيحا وتافها ، لا قيمة له ، وذنب يجدر التوبة منه .
لكن لن أتوب ، من قال أن الهاربين كلهم مجرمون ، حسنا لا أحد يقول ، لكي لا آمرك بأشياء غير طيبة .
على العموم أحدث نفسي بمصيبة المجيء عندكم الأيام القريبة المقبلة ، وهذا التحديث يتم من أيام سحيقة كما تعرفين ..
لا شيء .. سوى الملل ، الهروب من المذاكرة ، التحدث بأحاديث تافهة لتسرية الوقت، ولا يسري ..

(إن نشرته، فتيقني أنك عما قريب، لن تجدي رقبتك لتتحسسيها بأناملك ..
هذا لا يعني قتلك، ربما يعني أنني سأضع شال على رقبتك من الخلف هدية لك مني ..
وهذا لا يعني أني أخنقك، أبدا ..
ربما يعني أني ...
لا أدري ..
الهام أن سأمضي الآن .. سلاما
جنود القبض على الهاربين يقتربون الآن ..) .
م0ن






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس