عرض مشاركة واحدة
قديم 10-04-2015, 02:44 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ندى الورد

الصورة الرمزية ندى الورد

إحصائية العضو







ندى الورد غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: فوائد من دراسة السيرة النبوية



الأمر السادس : أنَّ في دراسة السيرة عونا لفهم الدين كله؛ عقيدةً وعبادةً وخُلقا ، لأنَّ حياته -كما أسلفت- حياة عمل لهذا الدين ؛ قياماً به ودعوة إليه وتضحية وجِدّا واجتهادا وجهادا لنصرة هذه العقيدة التي هي رأس الأمر وأساس دين الله تبارك وتعالى ، ومن يطالع سيرته عليه الصلاة والسلام يجد أنه أول ما بدأ في دعوته بدأ بالدعوة إلى العقيدة والتوحيد ، ومضى على ذلك سنوات عديدة من حياته لا يدعو إلا للعقيدة والتوحيد كما أمره الله سبحانه وتعالى بذلك ، ثم بعد ذلك جاءت الفرائض والأوامر شيئاً فشيئا ؛ ففي دراسة السيرة دراسة للعقيدة ، ودراسة لمراحل التشريع ، ودراسة لنزول الفرائض والعبادات ، ومعرفة بالتطبيق العملي لدين الله تبارك وتعالى عقيدةً وعبادةً وخُلقا . قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في مختصر السيرة ص21 : " اعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وقومه وما جرى له معهم في مكة وما جرى له في المدينة ، واعرف ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم. لعلك أن تعرف الإسلام والكفر ؛ فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر ، وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح "


الأمر السابع : أن السيرة فيها تعليم للنهج الصحيح في الدعوة إلى الله على بصيرة، والدعاة إلى الله سبحانه وتعالى حقاً هم أهل الدراية بهديه ونهجه وسيرته صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى: ( قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)[يوسف:108] فالدعوة إلى الله جل وعلا على بصيرة لابد فيها من معرفة هديه ونهجه صلوات الله وسلامه عليه في الدعوة إلى الله عز وجل ، والسيرة النبوية مشتملة على بيان هديه عليه الصلاة والسلام في الدعوة من حيث بم بدأ عليه الصلاة والسلام ، ومن حيث طريقته وأسلوبه صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى الله عز وجل ، ومن حيث أخلاقه وآدابه وتعاملاته ولين جانبه ورفقه صلى الله عليه وسلم ، إلى غير ذلك من الأمور التي هي مقوِّمات للدعوة إلى الله تبارك وتعالى .


الأمر الثامن : أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نفسها آية من آيات نبوته ، وعلَمٌ من أعلام صدق ما جاء به عليه الصلاة والسلام ، وهي أكبر عونٍ على تصديقه والإيمان به صلى الله عليه وسلم ، فمن طرق معرفة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم وصدق ما جاء به معرفة سيرته ، وإلى ماذا يدعو ، وكيف تكون معاملته للناس ، وما هو هديه ، وما هي أخلاقه ، وما هي تعاملاته ؛ ومن يطالع السيرة يجد حياةً عطرة عامرة بالخير والعطاء والخُلق والأدب والكرم والسخاء ، إلى غير ذلك من الصفات الفاضلة والآداب الكاملة الشاهدة بصدقه، حتى شهد كثيرٌ من أعدائه صلى الله عليه وسلم بصدقه لكمال سيرته عليه الصلاة والسلام قبل أن يبعث وبعد بعثه صلى الله عليه وسلم .


الأمر التاسع : أن دراسة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام باب عظيم مبارك من أبواب السعادة ؛ بل إن السعادة متوقفة على معرفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا سعادة إلا بسلوك نهجه ولزوم هديه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه . يقول ابن القيم -رحمه الله- في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد: "ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوقَ كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر به، وطاعته فيما أمر، فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل - إلى أن قال - وإذا كانت سعادةُ العبد في الدارين معلقةً بهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فيجِب على كلَ من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته وشأنه مَا يَخْرُجُ به عن الجاهلين به ويدخل به في عِداد أتباعه وشِيعته وحِزبه ، والناس في هذا بين مستقِل ، ومستكثِر ، ومحروم ، والفضلُ بيد اللّه يُؤتيه من يشاء ، واللّه ذو الفضل العظيم " .


الأمر العاشر : أنَّ شمائله وسيرته العطرة صلى الله عليه وسلم تعدُّ منهج حياة لكلِّ مسلم يرجو لنفسه الخير والرفعة والحياة الكريمة في الدنيا والآخرة، يُربى عليها الأبناء وينشأ عليها الأجيال، وإذا حاد النشءُ عنها حصل لهم الضياع كما هو حال كثير من الشباب والشابات عندما يمموا في قراءاتهم للسير والأخبار نحو سير التافهين والتافهات، وأخبار الضائعين والضائعات من الهمل كيف ترتب على ذلك الانحراف في العقائد والعبادات! والانحلال في الآداب والأخلاق والاختلال في القِيَمِ والموازين، فما أَحوج هؤلاء إلى العودة الصادقة إلى هذه السيرة العطرة والشمائل المباركة؛ ليقِفوا على هذا المعين المبارك والمنهل العذب الذي مَن وقف عليه واهتدى بهداه تحقق له تمام الصَّلاح والفلاح والسَّعادة بإذن الله, «فالله سبحانه علَّق سعادة الدَّارين بمتابعته، وجعل شقاوة الدارين في مخالفته، فلأتباعه الهدى والأمن والفلاح والعزة والكفاية والنصرة والولاية والتأييد وطيب العيش في الدنيا والآخرة، ولمخالفيه الذلة والصغار والخوف والضلال والخذلان والشقاء في الدنيا والآخرة»«زاد المعاد» لابن القيِّم (1/36).


ثم من ينظر إلى واقع الناس من حيث العناية بسيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام يجد أن حالهم كما ذكر ابن القيم رحمه الله بين مقل ومستكثر ومحروم ؛ بل إنهم في هذا الباب:
إما رجل ابتُلي بالجفاء في حق إمام الخلق وقدوة الناس أجمعين ؛ فتجد أيامه تمضي وحياته وأوقاته تمر ولا يعطرها ولا يطيـّبها بدراسة هدي وسيرة خير العباد التي هي زاد يبلّغ إلى رضوان الله ، وإلى هذا يلمح ابن القيم رحمه الله في عنوان كتابه " زاد المعاد في معرفة هدي خير العباد " ، لأن هذه المعرفة المثمرة للعمل هي الزاد للمعاد .
وقسم آخر أصيب في هذا الباب بغلو وتجاوز للحد ، وأصبحت السيرة والعناية بهدي النبي صلى الله عليه وسلم عنده نوع من المغالاة والإطراء المنهي عنه ، وإحداث البدع التي ما أنزل الله تبارك وتعالى بها من سلطان ، وإحداث المواسم التي تخصص في أوقات من السنة لقراءة القصائد أو المدائح أو أحيانا لقراءة شيء من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ؛ مع تقصير بيّن وتفريط واضح في إتباع هديه ولزوم نهجه صلى الله عليه وسلم ، حتى إن بعضهم ليضيّع الفرائض المكتوبات وفي مقدمتها الصلوات الخمس ولا يضيّع ولا يفوّت تلك الاحتفالات .
وقسم - وهم خيار الناس - وسط في هذا الباب : لا غلو ولا جفاء ولا إفراط ولا تفريط، وخير الأمور أوساطها لا تفريطها ولا أفراطها.


وينبغي أن يُعلم أن دراسة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ليست متوقفة على قراءة الكتب المؤلَّفة بهذا العنوان "سيرة النبي صلى الله عليه وسلم " ، لكن هذه الكتب رتبها أهل العلم وهذبوها واعتنوا بها تقريـباً وتيسيرًا ، فمن تأمل مثلاً في صحيح البخاري وصحيح مسلم والكتب الستة وغيرها من كتب الحديث ؛ فهذه في الحقيقة تعد دراسة لهديه وسيرته ودعوته صلوات الله وسلامه عليه . وهكذا كتب التفسير كلها مصادر لتلقي السيرة النبوية ؛ فكلما كان الإنسان ذا عناية بالقرآن والحديث علماً وعملاً وتطبيقاً فهو على خير عظيم في باب دراسة سيرة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ، لكن هذه الكتب التي كتبها أهل العلم مختصرة ومطوّلة تقرّب الفائدة وترتب الموضوع بترتيب حياته عليه الصلاة والسلام بدءً من ولادته فنشأته فبعثه عليه الصلاة والسلام وهجرته إلى غير ذلك من أحداث السيرة العظيمة المباركة .



والله أسأل التوفيق لفقه سيرته ودوام العمل بسنته ، اللهم إنا نسألك إيمانا لا يرتد ونعيما لا ينفد ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد، اللهم آمين






آخر مواضيعي 0 القصة في القرآن الكريم
0 لطائف من سورة يوسف
0 كن بوجه واحد.
0 البشائر العشر لمن حافظ على صلاة الفجر
0 أعرف صفاتك من القرآن الكريم
رد مع اقتباس