عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2010, 12:36 AM رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو


ثورة يوليو والإخوان المسلمون 1

واجهت جماعة الإخوان المسلمون على مدى تاريخها إشكالية كبرى ، لقد قامت فى البداية كجماعة دينية تعمل فى مجال الدعوة وتخليص الإسلام من البدع الدخيلة عليه وترسيخ المفاهيم الصحيحة للدين بين أفراد المجتمع ، ولا ننكر أنها بذلك كسبت أرضية واسعة فى المجتمع ، ولكنها فى الوقت نفسه أبدت طموحا سياسيا كبيرا للعب دور مؤثر على المسرح السياسى ليس فى مصر وحدها بل فى العالم العربى كله مستغلة فى ذلك حالة الفوران السياسى التى أعقبت ثورة سنة 1919 وانتشار الاستعمار الأوروبى فى المنطقة ومن ثم تصاعد حركة المقاومة .
والأمر المنطقى أن ينصب الشق السياسى فى نشاط الإخوان المسلمين على مقاومة المحتل الأجنبى والتصدى لألوان الفساد فى الداخل ، لكن ما حدث بالفعل هو سعى قادة الجماعة -وفى مرحلة مبكرة جدا- إلى دخول المعترك السياسى كتيار صالح للاستخدام من جانب الملك وأحياناً من جانب البريطانيين أنفسهم لضرب تيارات أخرى وفى مقدمتها حزب الأغلبية ، واقدم هؤلاء القادة على بعض التصرفات لخدمة هذا الهدف ، لكنها أثارت ردود فعل معاكسة لأجنحة اخرى داخل الجماعة .
وقد تمثل أول هذه التصرفات عندما قبل الشيخ حسن البنا تبرع الشركة الفرنسية التى كانت تدير قناة السويس وقتئذ بمبلغ خمسمائة جنيه لبناء أول مقر للجماعة فى مدينة الإسماعيلية مما أثار اعتراض بعض الأعضاء المؤسسين باعتبار أنها شركة استعمارية لا يهمها الإسلام فى شئ ، لكن الشيخ كان مهتما فى المقام الول بتدبير التمويل اللازم لجماعته الوليد ، والأهم من ذلك هو طمأنة القائمين على الشركة ومن ورائهم الأجانب المنتشرين فى منطقة قناة السويس إلى اقتصار مقاصده على الجوانب الدينية فقط حتى يتمكن من ترسيخ قواعد جماعته فى هدوء .
وفى هذا السياق ارتبطت الجماعة بعلاقات متنامية مع الملك فاروق الذى رأى فيها عونا كبيرا له باعتبارها تنظيما يقاوم النشاط الشيوعى ، وكان الملك فاروق فى نفس الوقت يعمل على دعم وتمويل الجماعة لمواجهة حزب الوفد ، و يعتبر أن جماعة الإخوان المسلمين هى الجماعة الوحيدة التى تحتكم إلى قواعد شعبية تستطيع أن تنافس الوفد فى شعبيته ، ومن الصدف العجيبة أنه فى تاريخنا القريب جدا كان أنور السادات يتبع نفس الأسلوب الملكى ، ولكن بخلاف بسيط ؛ هو أنه أستخدم هذه الجماعة لمواجهة الناصريين مع انقلاب مايو 1971
ومما يؤكد العلاقة الوطيدة بين الملك فاروق وجماعة الإخوان المسلمين أنه فى أكثر من مرة عندما كان حسن الهضيبى المرشد العام للإخوان المسلمين-وهو فى نفس الوقت زوج شقيقة مراد باشا محسن ناظر الخاصة الملكية - يقابل الملك فاروق كان يخرج من كل مقابلة ليصرح بقوله :" زيارة كريمة لملك كريم " .
وبعد معاهدة1936 ظهرت جماعة الإخوان المسلمين على المسرح السياسى عندما اشتد الصراع بين الملك والوفد ، وكان على ماهر باشا رئيس الديوان الملكى والرجل القريب جدا من فكر وقلب الملك والمستشار الأكثر قربا وتأثيرا على القصر على علاقة طيبة بالشيخ حسن البنا المرشد العام للجماعة وبعض أفراد الجماعة، واعترض بعض أعضاء الجماعة رافضين هذه العلاقة ووجهوا إنذارا للمرشد العام للجماعة مطالبين فيه بقطع هذه العلاقة ، ولكن حسن البنا رفض هذا الإنذار، وطرد هؤلاء الرافضين، وقد كتب أحدهم مقالا يشرح فيه أسباب الانقسام، وذكر فيه " أنهم خرجوا؛ لأن الجماعة موالية للقصر الملكى ، كما أورد أسبابا أخرى تفيد التلاعب فى الأموال ، وبعض التصرفات غير الأخلاقية " .
ولقد خصص المؤتمر الرابع للجماعة للاحتفال باعتلاء الملك فاروق عرش مصر ، كما كانوا يقفون فى ساحة قصر عابدين فى المناسبات هاتفين : " نهبك بيعتنا ، وولاءنا على كتاب الله وسنّة رسوله ".
وقد ورد فى جريدة " البلاغ " فى 20ديسمبر 1937 ما يلى :
عندما اختلف النحاس باشا مع القصر خرجت الجماهير تهتف : " الشعب مع النحاس " فسيّر حسن البنا رجاله هاتفين : " الله مع الملك ".
وكتب أحمد حسين فى جريدة " مصر الفتاة " فى 17يوليو1946 مايلى :"إن حسن البنا أداة فى يد الرجعية ، وفى يد الرأسمالية اليهودية، وفى يد الإنجليز وصدقى باشا" .
وبمناسبة صدقى باشا ، فإنه عندما تولى رئاسة الوزارة سنة 1946 كان أول ما قام به هو زيارته للمركز العام للإخوان المسلمين فى الحلمية الجديدة ، ووقف أحد أصدقاءه من الإخوان المسلمين يهنئه بتوليه الوزارة قائلا :" واذكر فى الكتاب إسماعيل أنه كان صادق الوعد ، وكان رسولا نبيا".
وعندما شكل الطلبة والعمال اللجنة الوطنية ، انشق الإخوان المسلمين وشكلوا بالاتفاق مع إسماعيل صدقى رئيس الوزراء ومع الملك ما سمى " باللجنة القومية "، وإذا رجعنا إلى مذكرات كريم ثابت - المستشار الصحفى للملك فاروق ورئيس تحرير جريدة الزمان - والتى نشرت فى جريدة الجمهورية فى شهر يوليو1955 وجاء فيها متعلقا بجماعة الإخوان المسلمين أنه أى كريم ثابت تدخل لدى النقراشى باشا رئيس الوزراء لإيقاف قرار حل ومصادرة ممتلكات الجماعة باعتبارها عونا كبيرا للملك فاروق وللعرش فى مقاومة الشيوعية ، وأن الملك فاروق كان يعتبر أنهم الهيئة الوحيدة التى يمكنها أن تنافس الوفد، وتشجيعها يؤدى إلى انقسام معسكر القوى الوطنية وبالتالى إضعافه .
ويروى أحمد مرتضى المراغى وزير الداخلية الأسبق فى مذكراته التى نشرت فى مجلة "أكتوبر " أنه عندما كان مديرا للأمن العام ذهب إليه فى منزله فى حلوان الشيخ حسن البنا وطلب منه إبلاغ الملك الرسالة التالية وكان فى هذا الوقت يرأس الحكومة النقراشى باشا ، وكان يعادى الإخوان المسلمين الرسالة هى :" الإخوان المسلمين لا يريدون به شرا وأننا لا ننبذ تصرفاته ، إنه يذهب إلى نادى السيارات للعب الورق فليذهب!! ، وإلى النوادى الليلية ليسهر ، فليسهر! نحن لسنا قوامين عليه".
وفى سنة1950 حصل حزب الوفد على الأغلبية فى الانتخابات وسقط الأمر العسكرى بحل جماعة الإخوان المسلمين وانتخب المستشار حسن الهضيبى مرشدا عاما للجماعة .
وتقول جريدة اللواء الجديد فى 30يناير1950 : " إن مزراحى باشا محامى الخاصة الملكية كان له دور فى تحسين العلاقات بين الملك والإخوان المسلمين، وأن الصحف البريطانية أظهرت ترحيبا شديدا باختيار الهضيبى مرشدا عاما الذى يؤيده الملك فاروق لقرابته بمراد باشا محسن زوج شقيقته كما أنه وطيد الصلة بعائلات ثرية قريبة من السراى ، وكان الملك فاروق عندما يقابل المرشد العام يرسل له سيارة ملكية خاصة لإحضاره.. " .
وفى عام 1951 عقب إلغاء معاهدة 1936 وإعلان الكفاح المسلح ضد القوات البريطانية فى منطقة قناة السويس صرح حسن الهضيبى لجريدة الجمهور المصرى فى 19أكتوبر 1951 بقوله: "وهل تظن أن أعمال العنف تخرج الإنجليز من البلاد ، إن واجب الحكومة اليوم أن تفعل ما يفعله الإخوان من تربية الشعب . . وذلك هو الطريق لإخراج الإنجليز " .
كما خطب المرشد العام فى شباب الجماعة قائلا : " اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم " .
وقد رد عليه خالد محمد خالد الكاتب الإسلامى فى مجلة " روز اليوسف" بمقالة عنوانها "أبشر بطول سلامة يا جورج " ، وجاء فى المقال :" إن الإخوان المسلمين كانوا أملا من آمالنا ، ولم يتحركوا ، ولم يقذفوا فى سبيل الوطن بحجر ولا طوبة، وحين وقف مرشدهم الفاضل يخطب منذ أيام فى عشرة آلاف شاب قال لهم :" اذهبوا واعكفوا على تلاوة القرآن الكريم " . . وسمعت مصر المسكينة هذا التوجيه فقذفت صدرها بيدها وصاحت . . آه يا كبدى . . . أفى مثل هذه الأيام يدعى الشباب للعكوف على تلاوة القرآن الكريم، ومرشد الإخوان يعلم أو لا يعلم أن رسول الله وخيار أصحابه معه تركوا صلاة الظهر والعصر من أجل المعركة ، ويعلم أو يجب أن يعلم أن رسول الله نظر إلى أصحابه فى سفره فإذا بعضهم راقد وقد أعياه الصوم ، وبعضهم مفطر قام بنصب الخيام فابتسم إليهم ابتسامة حانية راضية وقال : "ذهب المفطرون اليوم بالأجر كله، فلقد وجد الوطن فى التاريخ قبل أن يوجد الدين ، وكل ولاء للدين لا يسبقه ولاء للوطن فهو ولاء زائف ليس من روح الله".
والوطن عماد الدين وسنده ولن تجدوا ديننا عزيزا مهيبا إلا إذا كان فى وطن عزيز مهيب، وإذا لم تبادروا بطرد الإنجليز فلن تجدوا المصاحف التى تتلون فيها كلام ربكم . . . أتسألون لماذا؟ لأن الإنجليز سيجمعونها ويتمخطون فيها كما حدث فى ثورة فلسطين سنـة1937 ، وإذا حسبتمونى مبالغا فراجعوا الكتاب المصور الذى أصدره المركز العام عن تلك الثورات لتروا صورة الضباط الإنجليز وهم يدوسون المصاحف ويتمخطون فى أوراقها . إن فى مصر قوى شعبية ضخمة تستطيع رغم ظروفها أن تردم القناة بجثث الإنجليز ، ولكن هذه القوى محتكرة . . . تحتكرها الهيئات والجماعات لصالح من ؟ وإلى متى ؟ " .
خالد محمد خالد



الإخوان بعملون فى الصفوف الخلفية:

كما كتب إحسان عبد القدوس مقالا فى " روزاليوسف " بتاريخ 27نوفمبر 1951 بعنوان "الإخوان . . إلى أين ؟ وكيف . . ؟ ينعى عليهم عدم مشاركتهم فى معركة القناة، ويقول: "إن هذه الأيام أيام الامتحان الأول للإخوان عقب محنتهم ، فإما أن يكونوا أقوياء بإيمانهم ، وإما فقدتهم مصر " .
وفى شهر يوليو1952 نشرت جريدة المصرى - التى تتبنى أفكار حزب الوفد - خبرا جاء فيه أنه كان قد تم الاتفاق بين الإخوان المسلمين والوفد على أن تشترك كتائب من الإخوان مع الوفد فى معركة القناة، وأن حكومة الوفد ستسلم الإخوان 2000 بندقية و50 رشاشا ومليون طلقة ، وأنه كان قد تحدد يوم 26يناير سنة1952 لتسليم هذه الأسلحة ، ولكن الملك فاروق حدد يوم 26يناير1952 لإقالة حكومة الوفد ، كما نشرت جريدة المصرى تصريحا للمرشد العام عقب مقابلته للملك فاروق جاء فيه إن الملك قال له: "أنه خائف على البلد من اللى بيعمله المصريين فى الإسماعيلية والسويس، وأنه يجب ألا يشترك الإخوان معهم فى هذه الأعمال؛ لأن الحركة دى حا تجر على البلد مصايب " .
وفى مذكرات اللواء فؤاد علام مفتش النشاط الدينى بمباحث أمن الدولة الأسبق والمنشورة بجريدة عالم اليوم فى 20 أغسطس 1995 قال : " أن السفير الأمريكى جيفرسون كافرى قدم تقريرا عن اجتماع مع أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين -لم يذكر اسمه-ووصفه بأنه ابن أحد مشايخ الأزهر، وقدم عضو الإخوان المسلمين المعلومات التالية عن موقف الإخوان :
قرر أن الثورة أبلغت الإخوان بأنها سوف تحارب القوات البريطانية فى الوقت المناسب، وأنهم يعتقدون بأن الثورة جادة فى شن حرب فى منطقة القنال .. وأن الإخوان سيلتزمون بالمشاركة فى مثل هذه الحرب من الناحية الأدبية فقط .
أشار إلى وجود مخازن سلاح سرية يمكن الاستيلاء عليها، ولا تعرف الثورة عنها شيئا، وهى عبارة عن أسلحة أوتوماتيكية متنوعة بدلا من النوعيات التى عفى عنها الزمن، وأنه شخصيا عاين أكثر من 100 قطعة سلاح، لكنه تهرب أكثر من مرة من تحديد موعد هذه الحرب.
قرر أكثر من مرة بأن صداما سوف يحدث قبل أكتوبر 1953، سواء ضد الثورة أو الإنجليز، وأكد أن شعورا عاما بالاستياء سوف يعم المواطنين.
وأشار إلى أن الإخوان الذين اعتقلتهم الثورة ليسوا فى الحقيقة إخوانا، وإنما شيوعيون تستروا بالإخوان كغطاء لإخفاء نشاطهم.
وفى صباح 23 يوليو استدعى حسن عشماوى لمبنى القيادة العامة للقاء عبد الناصر ، الذى طلب منه تأييدهم للثورة ، ورفض المرشد العام إصدار البيان ـ وكان فى المصيف بالإسكندرية - ولم يصدر بيان التأييد المقتضب إلا فى ساعة متأخرة من يوم 27يوليو1952 وبعد طرد الملك فاروق من مصر .
ويقول فضيلة الشيخ المرحوم أحمد حسن الباقورى عن خلافه مع جماعة الإخوان، وبين عبد الناصر والإخوان : " إن العملية كلها منذ جاء المرحوم على باشا ماهر ، وتحرك جماعة من الإخوان مثل الأستاذ عبد الحكيم عابدين وآخرين دون علمى لمقابلته؛ وأنا عضو فى مكتب الإخوان العام، ولابد أن يكون لى وجهة نظر معينة إذا ما أراد الواحد منهم أن يلتقى برئيس الوزراء، ثم التقوا لقاء غريب بالإنجليز .. أنا شعرت أن هذه العملية لعب، وأنهم يلعبون بنا .. وجمال عبدالناصر رحمة الله عليه كان زعلان منهم؛ لأنه فى ليلة القيام بثورة 23 يوليو كان قد اتفق مع بعض الإخوان المسلمين أن يشاركوا.. والذى حدث أنهم لم يحضروا فى الموعد المحدد ورفضوا التحرك ولم يتعاونوا كما يزعمون - ، واعتبر عبدالناصر موقفهم هذا هروبا ربما يكون قد فكر فى أكثر من الهروب .. بالخيانة مثلاً، ولكن لم يقل شيئاً سوى أنهم خذلوه..!!.

وأعتقد أنه بعد ما ذكر يمكن أن يتفهم القارئ الكريم الأسباب التى أدت بمجلس قيادة الثورة إلى اتخاذ القرار بحل جماعة الإخوان المسلمين 14يناير1954 :
التقاعس فى تأييد المرشد العام للإخوان المسلمين للثورة إلا بعد خروج الملك فاروق من مصر.
عدم تأييد الجماعة لقانون الإصلاح الزراعى ، والمطالبة برفع الحد الأقصى للملكية الزراعية فى حالة تطبيق القانون إلى خمسمائة فدان .
محاولة الجماعة فرض الوصاية على الثورة بعد حل الأحزاب السياسية القديمة .
اتخاذ موقف المعارضة من هيئة التحرير ( التنظيم السياسى ) .

بدء التسرب إلى الجيش والبوليس وقيام الجماعة بتشكيل خلايا سرية تحت إشراف المرشد العام للجماعة مباشرة ( المسئولين العسكريين كانوا أبو المكارم عبد الحى وعبد المنعم عبد الرؤوف وحسين حمودة وصلاح شادى ).
تشكيل جهاز سرى جديد بعد حل الجهاز السرى القديم الذى كان يشرف عليه عبد الرحمن السندى منذ أيام حسن البنا ، والمعروف أن السندى كان على اتصال بالرئيس جمال عبد الناصر من قبل الثورة عندما كان عبد الناصر على علاقة بشكل ما أو بآخر بأغلب التنظيمات السياسية فى مصر هو وبعض الضباط الأحرار الآخرين .
تم اتصال عن طريق د . محمد سالم الموظف فى شركة النقل والهندسة بين المستر إيفانز المستشار الشرقى فى السفارة البريطانية بالقاهرة فى خلال شهر مايو سنة1953 مع كل من منير دلة وصالح أبو رقيق ثم مع حسن الهضيبى بعد ذلك، واعتراض مجلس الثورة وقتها على هذه الاتصالات ولكنهم استمروا فيها وقد تم رصد هذه الاتصالات فى حينه، وتم تسجيل أغلبها بمعرفة أجهزة الأمن المعنية ( المخابرات العامة والمباحث العامة ).
زيارة حسن عشماوى يوم الأحد 10يناير1954 للمستر كروزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية بالقاهرة مرتين فى نفس اليوم ، الأولى الساعة الرابعة والثانية فى الساعة الحادية عشر مساء.
عبد الناصر والاخوان قبل الثورة وبعدها :
ولنقرأ ما قاله الرئيس جمال عبد الناصر فى نوفمبر1965 بالنص حول علاقة الثورة بالإخوان المسلمين :
" أنا قبل الثورة كنت على صلة بكل الحركات السياسية الموجودة فى البلد ، يعنى كنت أعرف الشيخ حسن البنا ، ولكن ماكنتش عضو فى الإخوان المسلمين 0 كنت أعرف ناس فى الوفد وكنت أعرف ناس من الشيوعيين ، وأنا أشتغل فى السياسة أيام ما كنت فى ثالثة ثانوى ، وفى الثانوى اتحبست مرتين أول ما اشتركت فى مصر الفتاة وده يمكن اللى دخلنى فى السياسة، وبعدين حصلت خلافات وسبت مصر الفتاة ، ورحت انضميت للوفد ، وطبعا أنا الأفكار اللى كانت فى راسى بدأت تتطور، وحصل نوع من خيبة الأمل بالنسبة لمصر الفتاة ، ورحت الوفد وبعدين حصل نفس الشىء بالنسبة للوفد ، وبعدين دخلت الجيش . . . وبعدين ابتدينا نتصل فى الجيش بكل الحركات السياسية ولكن ماكناّش أبدا فى يوم من الإخوان المسلمين كأعضاء أبدا ، ولكن الإخوان المسلمين حاولوا يستغلونا فكانت اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار موجودة فى هذا الوقت، وكان معانا عبد المنعم عبد الرؤوف وكان فى اللجنة التأسيسية ، وجه فى يوم وضع اقتراح قال إننا يجب أن نضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين . . . أنا سألته ليه ؟
قال : " إن دى حركة قومية إذا إتقبض على حد منا تستطيع هذه الحركة أنها تصرف على ولاده وتؤمن مستقبله " .
ولكن مش ممكن نسلم حركة الضباط الأحرار علشان مواضيع شخصية بهذا الشكل ، وحصل اختلاف كبير. . صمم عبد المنعم عبد الرؤوف على ضم حركة الضباط الأحرار إلى الإخوان المسلمين وإحنا رفضنا ـ كان طبعا فى هذا الوقت الشيخ حسن البنا الله يرحمه مات، وأنا كان لى به علاقة قوية ولكن علاقة صداقة ومعرفة.. زى ما قلت لكم ما كنتش أبدا عضو فى الإخوان المسلمين، وأنا لوحدى يمكن اللى كان ليه علاقة بحسن البنا وإخواننا كلهم مالهومش ، ولكن كنت بأقول لهم على الكلام اللى يحصل معاه . . . نتج عن هذا إن عبد المنعم عبد الرؤوف استقال وده قبل الثورة بستة شهور ، استقال عبد المنعم عبد الرؤوف وأنا كانت لى علاقة ببعض الناس من الإخوان المسلمين كعلاقة صداقة . . . وكان لهم تنظيم داخل الجيش، وكان يرأس هذا التنظيم ضابط اسمه أبو المكارم عبدالحى . . وقامت الثورة . . فى أول يوم من قيام الثورة جالى بالليل عبد الرؤوف ومعاه أبو المكارم عبدالحى، وطلبوا إننا نديهم أسلحة علشان الإخوان يقفوا جنبا إلى جنب مع الثورة . . أنا رفضت إن إحنا نديهم سلاح ، وقلت لهم إن إحنا مستعدين نتعاون . . وبدأ التعاون بيننا وبين الإخوان المسلمين وقلت لهم يشتركوا فى الوزارة بعد كده، ورشحوا عدد من الناس للاشتراك فى الوزارة ، ولكن جه بعد كده تصادم.. اتحلت الأحزاب كلها ، وما حليناش الإخوان المسلمين " .
وفى اليوم التاسع والعشرين من يوليو1952 تم لقاء بناء على طلب المرشد العام للإخوان المسلمين فى منزل صالح أبو رقيق ، حضره الرئيس جمال عبد الناصر والمرشد العام الذى طلب أن تطبق الثورة أحكام القرآن الكريم ، وأجابه الرئيس عبد الناصر بأن الثورة قامت حربا على الظلم والاستبداد السياسى والاجتماعى والاستعمار البريطانى ، وهى بذلك ليست إلا تطبيقا لأحكام القرآن الكريم .
فطلب المرشد أن يصدر قرار بفرض الحجاب حتى لا تخرج النساء سافرات ، وأن تغلق دور السينما والمسارح . . فرد الرئيس عبد الناصر - بعدما حسب الأمر أنت تطلب منى طلبا لا طاقة لى به . . فأصر المرشد على طلبه . . فقال الرئيس عبد الناصر :
" اسمح لى نتكلم بصراحة وبوضوح . . انت لك بنت فى كلية الطب . . هل بنتك اللى فى كلية الطب بتروح الكلية لابسة حجاب ؟ ! أنا أعرف بأنها بتروح الكلية بدون حجاب ، فإذا كنت فى بيتكم مش قادر تخللى بنتك تطلع فى الشارع حاطة الحجاب ، حاتخللينى أنا أطالب الناس كلهم وأقول لهم حطوا حجاب 000 وبعدين هل بنتك بتروح السينما وإلا ما بتروحش ؟ بتروح السينما.. طيب إذا كان الراجل فى بيته مش قادر يخللى أولاده أو بنته ما تروحش السينما ليه.. السينما إحنا علينا واجب أن نعمل رقابة عليها وعلى المسارح كمان حتى نحمى الأخلاق ، ونحن سوف نمنع من يقل عمره عن 21 سنة من إرتياد الملاهى .
لم يعجب المرشد هذا الكلام وطالب بمنع الناس كلها ، فرد عليه الرئيس عبد الناصر قائلا : "ولماذا لم تتكلم أيام فاروق ؟!! وكانت الإباحة مطلقة وكنتم تقولون " أن الأمر لولىّ الأمر".
ودار حوار طويل وبدا أن المرشد العام حدد موقفه من الثورة برفض التعاون ورفض الثورة ، وهذا ما سيتضح فيما بعد ، لكن عبد الناصر كان يتبع سياسة النفس الطويل ، ولا يريد أن يبدأ بالصدام بل فضل أن تتفاعل الأحداث .
وفى الثامن من أغسطس سنة 1952 ، كتب سيد قطب أحد أقطاب الإخوان المسلمين ، مقالا فى جريدة الأخبار فى شكل رسالة للواء محمد نجيب قال فيها :
" إن الدستور الذى لم يسمح بكل ما وقع من فساد الملك وحاشيته فحسب، ولكن فساد الأحزاب ورجال السياسة وما تحمل صحائفهم من أوزار . إن هذا الدستور لا يستطيع حمايتنا من عودة الفساد إن لم تحققوا أنتم فى التطهير الشامل الكامل الذى يحرم الملوثين من كل نشاط دستورى، ولا يبيح الحرية السياسية إلا للشرفاء . . . لقد احتمل هذا الشعب ديكتاتورية طاغية باغية شريرة مريضة على مدى خمسة عشر عاما أو تزيد أفلا يحتمل ديكتاتورية عادلة نظيفة ستة شهور ، على فرض قيامكم بحركة التطهير يعتبر ديكتاتورية بأى وجه من الوجوه ؟" .
وفى شهر أكتوبر 1952 صدر قرار بالإفراج عن 934 مسجونا ومعتقلا معظمهم من الإخوان المسلمين .
وعند تشكيل وزارة محمد نجيب بعد وزارة على ماهر اشترك اثنان من الإخوان المسلمين - الشيخ أحمد حسن الباقورى كوزير للأوقاف والمستشار أحمد حسنى كوزير للعدل- وذلك بعد اتصال تم بين عبد الحكيم عامر والمرشد العام الذى رشح له هذين الاسمين . . إلا أن الرئيس جمال عبد الناصر فوجئ بزيارة محمد حسن عشماوى ومنير دلّة اللذين أبلغاه أن مكتب الإرشاد قد رفض ترشيحهما هما الاثنين للوزارة، وأن ترشيح الباقورى وأحمد حسنى كان تصرفا شخصيا من المرشد العام ، وقد قوبل هذا المطلب باستغراب حيث أن الباقورى وأحمد حسنى كانا سيحضران فى نفس الوقت تقريبا لحلف اليمين الدستورية ، واتصل الرئيس عبد الناصر بالمرشد العام لاستيضاح الأمر، فقال المرشد العام أنه سيجمع مكتب الإرشاد ويرد على مجلس قيادة الثورة، ولكنه لم يتصل ، فأعاد الرئيس عبد الناصر الاتصال به مرة ثانية ، فقال له المرشد العام أن مكتب الإرشاد قرر عدم الاشتراك فى الوزارة، وفصلوا الباقورى عضو مكتب الإرشاد من الجماعة .
استثنيت الجماعة بعد ذلك من قانون حل الأحزاب ، كما شارك ثلاثة من أعضائها فى لجنة الدستور هم صالح عشماوى وحسن عشماوى وعبدالقادر عودة .
وتسجل هذه الفترة سبعة لقاءات تمت بين جماعة الإخوان المسلمين والسفارة البريطانية فى القاهرة ، وكانت هذه الاتصالات مرصودة من جهازين فى الدولة ، الأول إدارة المباحث العامة والثانى القسم الخاص بالمخابرات العامة ، الذى كان هو نواة هيئة الأمن القومى فى المخابرات العامة بعد ذلك ـ كان التنسيق والتعاون كاملا بين هاتين الإدارتين فى متابعة النشاط الداخلى شكلا وموضوعا لدرجة أن القسم الخاص كانت مكاتبه فى نفس مقر المباحث العامة لكى يكون الاتصال الشخصى أيضا ميسر وسهل دون إضاعة للوقت .
تم لقاءين من هذه اللقاءات مع السفارة البريطانية فى منزل الدكتور محمد سالم بالمعادى وحضرهما من جماعة الإخوان المسلمين كل من منير دلة وصالح أبو رقيق ومن الجانب البريطانى المستر إيفانز المستشار الشرقى بالسفارة البريطانية بالقاهرة فى ذلك الوقت.
كما تمت مقابلتين فى منزل إيفانز حضرهما منير دلة وصالح أبو رقيق لتناول الشاى ، ثم مقابلة خاصة فى منزل المرشد العام حضرها الهضيبى ومنير دلة وحسن عشماوى وإيفانز.
وفى مذكرات اللواء فؤاد علام مفتش النشاط الدينى بمباحث أمن الدولة الأسبق والمنشورة بجريدة عالم اليوم فى 20 أغسطس 1995 قال : " أنه فى 27 يوليو 1953 عقد اجتماع لمدة ثلاثة ساعات بين حسن الهضيبى ومستر التنج السكرتير السياسى للسفارة الأمريكية بالقاهرة.. وتحدث فيه الهضيبى عن موقف الإخوان المسلمين من مجلس قيادة الثورة، مشيرا إلى أن الإخوان يعلمون أن النظام حسن النية، وأنهم كإخوان ضد تحديد ملكية الأراضى الزراعية، ويسعدهم إزالتها، وأنهم يرغبون فى إزاحة بعض أعضاء مجلس قيادة الثورة مثل ناصر، وأنهم يخططون لعزل العسكريين من السلطة، وإحلال مجموعة مختارة محلهم من الأحزاب، وأن على المعارضة أن تنسق جهودها لتتعامل بالقوة مع الظروف إذا ما سقط النظام.
وأكد الهضيبى أن حكومة الثورة سوف تسقط فى وقت قريب؛ لأنها تبنت أحلاما كبيرة لن تستطيع أن تحققها مثل إخراج الإنجليز من القنال، وإصلاح الأوضاع الاقتصادية.
وقال أن مجلس قيادة الثورة أرتكب خطأ فاحشا بتبنيه رسميا للعمليات العسكرية ضد الإنجليز؛ فقد كان واجبهم أن يتركوا آخرين يفعلوا ذلك !!، وأن يتوقفوا عن التصريحات الرسمية التى جعلتهم فى فوهة المدفع .. كان يمكن للحكومة أن تعمل بشكل سرى ضد الإنجليز دون التورط الرسمى.
هذه عينة من التقارير التى تتضمن اتصالات الإخوان بالأمريكان مثل الصدام المباشر بينها وبين الثورة فى مصر، تؤكد أن المعلومات التى قدمها الإخوان للأمريكان فى مختلف الشئون السياسية والعسكرية والاقتصادية تخضع لوصف الخيانة العظمى فى قانون أى دولة، ولم يجد الهضيبى وأعوانه أى غضاضة فى عقد اجتماعات سرية مع السفراء الأجانب، والعاملين بالسفارات الأجنبية فى مصر؛ فالإخوان كانوا يلعبون على كل الأحبال؛ تارة يعمقون علاقاتهم بالسراى، وتارة يتعاونون مع الإنجليز، ثم يتصلون بالأمريكان من وراء ظهر حكومتهم، وكان هدفهم الرئيسى هو الوصول إلى الحكم، وكانوا يخاطبون كل جهة من هذه الجهات حسب هواها..
والأغرب من ذلك أنهم طلبوا تسوية سلمية مع إسرائيل .. وهنا يثور أكثر من تساؤل حول علاقة الإخوان باليهود؛ وقد اعترف على عبده عشماوى العضو القيادى فى جماعة الإخوان المسلمين بوجود علاقة بين الإخوان واليهود منذ نشأة الإخوان، وكان الإخوان يتصورون أن اللواء محمد نجيب مستعد لعقد اتفاقية سرية مع اليهود، ولكن العقبة كانت جمال عبد الناصر.
ثم عقد لقاءين آخرين فى شهر يناير سنة 1954 بين حسن عشماوى والمستر كروزويل الوزير المفوض بالسفارة البريطانية بالقاهرة ، وهاتين المقابلتين تمتا على فترتين ، الفترة الأولى من السابعة صباحا حتى الظهر ، والثانية فى نفس اليوم من الرابعة بعد الظهر حتى الحادية عشر مساء .
تمت هذه المقابلات السبعة فى الفترة من مارس1953 ، وخلال أشهر أبريل ومايو 1953 ويناير1954 ، وكانت الموضوعات التى أثيرت فى هذه اللقاءات هى مناقشة موقف جماعة الإخوان المسلمين من ثورة 23يوليو ، والقضية الوطنية ، والمفاوضات مع الإنجليز حول جلاء القوات البريطانية عن مصر 0 وكان رأى الإخوان المسلمين أن عودة الإنجليز إلى القاعدة فى القناة يكون بناء على رأى لجنة مشتركة مصرية بريطانية ، وأن الذى يقرر خطر الحرب هى الأمم المتحدة، وهو الرأى الذى تمسك به الإنجليز طوال مراحل المفاوضات، وهو فى نفس الوقت الشىء الذى لم تقبله ثورة 23يوليو1952 ، التى كان مطلبها واضحا ومحددا فى الجلاء الكامل والسيادة الكاملة على الأراضى المصرية ، وأن يكون القرار نابعا من ثورة 23يوليو فيما يتعلق بجميع شئون مصر ، وقد تم التحقيق فى هذا كله خلال محاكمات الإخوان المسلمين أمام محكمة الشعب(. هذا علاوة على ما اكتشف فى هذه الفترة من اتصال عبد المنعم عبد الرؤوف بالسفارة الأمريكية بالقاهرة؛ حيث أبلغهم أنه يتحدث باسم الإخوان المسلمين وأنهم يسعون لقلب نظام الحكم، وأنهم أى الإخوان المسلمين على استعداد للاشتراك فى حلف عسكرى ضد الشيوعية، وأن هذا الحلف لن يتحقق ما دام جمال عبد الناصر على قيد الحياة .
متوازيا مع هذه الأنشطة والمواقف فقد كان نشاط الإخوان المسلمين فى أوساط الجيش والبوليس مستمر، ولم يتوقف منذ أن ترك عبد المنعم عبد الرؤوف الجمعية التأسيسية للضباط الأحرار قبل قيام الثورة بستة شهور ، وكان المسئول عن الجهاز العسكرى مع أبو المكارم عبد الحى ، كما كان المسئول عن البوليس الصاغ صلاح شادى ، وكان الأب الروحى لهم محمود لبيب ضابط سابق - ، هذا علاوة عن تنظيم عسكرى ثالث كان عماده الصولات وضباط الصف ، وكان تجنيد هذا القطاع يعتمد على إقناعهم بأنهم هم الأحق بالقيادة فى مجال القوات المسلحة والبوليس باعتبارهم عصب العمل فى هذه المؤسسات الحيوية .
ولما ظهر هذا النشاط الأخير على السطح استدعى الرئيس عبد الناصر ، حسن عشماوى وقابله فى مبنى مجلس قيادة الثورة بالجزيرة، وقال له أن لدينا معلومات بنشاط لكم فى أوساط الجيش والبوليس وصارحه بالتفاصيل ، فلم يرد حسن عشماوى ولكنه وعد بأن يبلغ المرشد العام بالأمر ، ولما سأله الرئيس جمال عبد الناصر عن معلوماته هو عن هذا النشاط باعتبار أن هناك علاقة شخصية بين عبد الناصر وبينه تسمح بأن يسأله مثل هذا السؤال خارج الإطار الرسمى ، فنفى حسن عشماوى علمه بأى شىء عن هذا النشاط السرى العسكرى .






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس