عرض مشاركة واحدة
قديم 09-23-2010, 12:38 AM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ابحاث ثورة يوليو




تم تشكيل محكمة مخصوصة برئاسة قائد الجناح جمال سالم وعضوية القائمقام أنور السادات والبكباشي حسين الشافعي لمحاكمة المتهمين بخيانة الوطن والعمل على قلب نظام الحكم الحاضر وأسس الثورة.
والعقوبات التي تطبقها المحكمة هي كل العقوبات من الإعدام إلى الحبس. ولا يجوز تأجيل القضية أكثر من 48 ساعة للضرورة القصوى ولمرة واحدة.. على أن يحضر المتهم شخصيا أمام المحكمة وتنطق المحكمة بأحكامها في جلسات علنية، ويجوز لمجلس قيادة الثورة تخفيفها.
وكان مجلس قيادة الثورة قد أصدر أمرا بتشكيل محكمة الشعب يقول:
"تشكيل محكمة مخصوصة وإجراءاتها.. بعد الاطلاع على المادة 7 من الدستور المؤقت قرر مجلس قيادة الثورة:
مادة (1) تشكل محكمة على الوجه الآتي.. قائد الجناح جمال مصطفى سالم عضو مجلس القيادة (رئيسا) قائمقام أنور السادات عضو مجلس القيادة (عضوا) بكباشي أركان حرب حسين الشافعي عضو مجلس القيادة (عضوا).
وتنعقد المحكمة بمقر قيادة الثورة بالجزيرة بمدينة القاهرة أو في المكان الذي يعينه رئيسها وفي اليوم والساعة اللذين يحددهما.
مادة (2) تختص هذه المحكمة بالنظر في الأفعال التي تعتبر خيانة للوطن أو ضد سلامته في الداخل والخارج. وكذلك الأفعال التي تعتبر موجهة ضد نظام الحكم الحاضر. أو ضد الأسس التي قامت عليها الثورة. ولو كانت قد وقعت قبل هذا الأمر.
كما تختص المحكمة بمحاكمة كل من أخفى بنفسه أو بواسطة غيره متهما بارتكاب الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة وتطلبه المحكمة. وكذلك كل من أعان بأي طريقة كانت على الفرار من وجه القضاء.
كما تختص هذه المحكمة بالنظر فيما يرى مجلس قيادة الثورة عرضه عليها من القضايا أيا كان نوعها حتى ولو كانت منظورة أمام المحاكم العادية، أو غيرها من جهات التقاضي الأخرى مادام لم يصدر فيها حكم. وتعتبر هذه المحاكم أو الجهات متخلية عن القضية؛ فتحال إلى المحكمة المخصوصة بمجرد صدور الأمر من مجلس قيادة الثورة بذلك.
مادة (3) يعاقب على الأفعال التي تعرض على المحكمة بعقوبة الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالسجن أو بالحبس، المدة التي تقدرها المحكمة أو أي عقوبات أخرى تراها المحكمة.
مادة (4) ينشأ بمقر قيادة الثورة مكتب للتحقيق والادعاء يلحق به نواب عسكريون وأعضاء من النيابة العامة يتولى رئاسته البكباشي أركان حرب زكريا محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة. وعضوية كل من البكباشي محمد التابعي نائب أحكام والبكباشي إبراهيم سامي جاد الحق نائب أحكام. والبكباشي سيد سيد جاد نائب أحكام والأستاذ عبدالرحمن صالح عضو النيابة.
ويتولون التحقيق ورفع الدعوى بالادعاء بالجلسة. في الأفعال التي تختص هذه المحكمة بنظرها. ولهم حق الأمر بالقبض على المتهمين وحبسهم احتياطيا، ولا يجوز المعارضة في هذا الأمر.
مادة (5) يخطر المتهم بالتهم، ويوم الجلسة بمعرفة المدعي قبل ميعادها بأربع وعشرين ساعة على الأقل. ولا يجوز تأجيل القضية أكثر من مرة واحدة، ولمدة لا تزيد على 48 ساعة للضرورة القصوى.
ويجب على المتهم أن يحضر بنفسه أمام المحكمة وإذا تخلف جاز القبض عليه وحبسه.
مادة (6) للمحكمة أن تتبع من الإجراءات ما تراه لازما لسير الدعوى، ولا يجوز المعارضة في هيئة المحكمة أو أحد أعضائها.
مادة (7) تجري المحاكمة أمام هذه المحكمة بطريقة علنية إلا إذا قررت جعل الجلسة سرية لأسباب تراها، ويصور الحكم ويتلى في جلسة علنية ويصدق عليه مجلس قيادة الثورة ويجور له تخفيف الحكم إلى الحد الذي يراه.
مادة (8) أحكام هذه المحكمة نهائية ولا تقبل الطعن بأي طريقة من الطرق أو أمام أي جهة من الجهات. وكذلك لا يجوز الطعن في إجراءات المحاكمة أو التنفيذ.
مادة (9) يعمل بهذا الأمر من تاريخ صدوره. القاهرة في أول نوفمبر 1954.

ولم تكن هذه القضية وحدها التي تقرر أن تنظرها المحكمة، بل كان هناك أربع قضايا أخرى تخص الإخوان؛ الأولى هي قضية الأسلحة التي ضبطت في عزبة عشماوي بالشرقية، والمتهم فيها حسن العشماوي وابنه محمد حسن العشماوي، والثانية قضية تجمهر أول مارس 1954 والمتهم فيها عبدالقادر عودة واثنان آخران بالتجمهر والتظاهر في ميدان الجمهورية ومحاولة قلب نظام الحكم؛ مما أدى إلى وفاة بعض الأشخاص نتيجة الاحتكاكات بين البوليس وبينهم.
والقضية الثالثة قضية العمل على قلب نظام الحكم المتهم فيها إسماعيل الهضيبي وحسن دوح و11 آخرون اتهموا بالتجمهر، والدعوة لقلب نظام الحكم في مسجد الروضة والاعتداء على رجال البوليس. أما القضية الرابعة فكانت قضية مسجد طنطا المتهم فيها خطيب مسجد عزيز فهمي بالتحريض على قلب نظام الحكم.
وكان من أخطر الاعترافات التي أدلى بها المتهمون ونشرتها الصحف؛ اعتراف المحامي هنداوي دوير التي أدت إلى كشف شخصية الضابط السابق البكباشي عبدالمنعم عبدالرؤوف وتورطه مع الإخوان والجهاز السري.
وقال هنداوي دوير في هذه الاعترافات: "جاءني الضابط السابق عبدالمنعم عبدالرؤوف وهو أحد زعماء الجهاز السري ومكث عندي ثلاثة أيام، وقال إن الجهاز السري وضع خطة الاغتيال جمال عبدالناصر بطريقة النسف!" ، وطلب مني عبدالمنعم عبدالرؤوف البحث عن فدائي ليتولى هذه العملية. وهذه الطريقة هي تجهيز حزام مواد ناسفة وديناميت متصل بسلك كهربائي وبطارية، ويرتدي الفدائي هذا الحزام تحت ملابسه، ثم يتقدم ويعانق الرئيس جمال عبدالناصر ويضغط على السلك، وهنا ينفجر الديناميت في الرئيس والفدائي!

وقد عرضت على محمود عبداللطيف قبل قيامه بمحاولة اغتيال جمال عبدالناصر أن ينفذ هذه العملية بالحزام الناسف لكنه رفض أن يعرض نفسه للنسف، وقال إنه يفضل اغتيال جمال عبدالناصر بإطلاق الرصاص عليه! فعرضت على محمود نصيري الطالب بكلية الحقوق أن يتولى هذه العملية الفدائية فرفض كذلك، لكنه وافق على أن ينفذ عملية الاغتيال بإطلاق الرصاص!.
هكذا اعترف هنداوي دوير أن هذا الحزام الناسف موجود في منزل عبدالحميد البنا وهو أحد أعضاء الجهاز السري، فانطلق رجال البوليس إلى منزل البنا في منطقة وراق العرب حيث عثروا على الحزام، وداخله الديناميت وقبضوا على عبد الحميد البنا.

وفي نفس اليوم تم الإعلان عن ضبط مخبأ جديد للإخوان يحوي كميات هائلة من المفرقعات تكفي لنسف القاهرة والإسكندرية معا! وكان الكشف عن هذا المخبأ عملية مثيرة.
فقد وصلت معلومات إلى البكباشي حسين حتاتة قائد مخابرات السواحل في الإسكندرية أن عصابة لها اتصال بجهة سياسية ستدخل كمية من المفرقعات إلى مدينة الإسكندرية لاستخدامها في أغراض خطيرة بعد توزيعها على أعضاء العصابة، وبالفعل وصلت سيارة كبيرة تحمل المفرقعات، وخبئت هذه المفرقعات في قبو تحت الأرض بجوار مطار الدخيلة.
لكن رجال المخابرات أسرعوا إلى المكان وأخرجوا المفرقعات، والتي كانت عبارة عن 590 صفيحة كبيرة، بها 554 قطعة جلجانيت، وعشرة جوالات بها قطع ديناميت وبندقيتين و40 طلقة رصاص، وتم الإعلان عن أن المحاكمات سوف تبدأ بعد يومين.
وتقرر أن تكون القضية الأولى التي تنظر هي قضية محمود عبداللطيف وحده، على أن يحاكم شركاؤه في جلسات أخرى.

وفى يوم المحاكمة سمع صوت حارس الجلسة الصول عبد الرحمن الحفناوي يعطي تعليماته بصرامة.. ويلقي أوامره إلى الجنود الذين يعاونونه في مهمته.. وفي هذا الجو جلسنا.. وفي الساعة العاشرة إلا خمس دقائق دخل المتهم محمود عبداللطيف قاعة الجلسة!
وواصل الصحافي محمد لطفي حسونة نقل الصورة المثيرة قائلا: "كان محمود عبداللطيف يجر قدميه، وينتقل ببصره في كل اتجاه بقميصه الأزرق ذي الخطوط البيضاء وبنطلونه الرمادي.. واتجهت إليه كل الأنظار وكل العدسات.. وهي تمعن في ذلك المخلوق الذي اختار لنفسه هذا المصير حين أسلم قياده إلى فئة ضالة مضللة.. تحركه فيتحرك، وتأمر فيأتمر، وتدفعه إلى أبشع جريمة فيسافر إليها أميالا طويلة ليرتكبها في استهتار!".

وجلس محمود عبداللطيف وإلى يساره حارسه اليوزباشي محمود محمد محمود الضابط بالبوليس الحربي، وإلى يمينه حارس آخر.. وظل بصره ينتقل في أرجاء القاعة؛
تارة يبصر إلى الخلف متمعنا في وجوه المتفرجين وكأنه يبحث عن أحد بينهم، وتارة ينظر إلى علم التحرير، ويثبت بصره على عبارة "الثورة.. محكمة الشعب" ، وتارة ينظر إلى المصورين الذين ركزوا عدساتهم عليه.
وبعد دقائق تهيأ جو المحكمة لدخول قضاة الشعب.. وتحول بصر محمود عبداللطيف إلى الباب الذي سيدخلون منه.
وظل هكذا حتى صاح حارس المحكمة بصوت مرتفع: محكمة!
ودخلت هيئة المحكمة.. قائد الجناح جمال سالم، والقائمقام أنور السادات، والبكباشي حسين الشافعي، وممثلا الادعاء البكباشي محمد التابعي، والأستاذ مصطفى الهلباوي، ووقف كل من في القاعة.. ثم جلسوا عندما جلست هيئة القضاة.
ثم فتح قائد الجناح جمال سالم رئيس المحكمة الجلسة!
قائد الجناح جمال سالم "رئيس المحكمة": فتحت الجلسة.. أولى جلسات محكمة الشعب ..
المتهم موجود؟

ممثل الادعاء البكباشي محمد التابعي : المتهم موجود والقضية جاهزة.
رئيس المحكمة: المتهم محمود عبداللطيف؟
.....وقف محمود عبداللطيف من مكانه.....
المتهم: أفندم.
رئيس المحكمة: أنت متهم بأنك في يوم 26 أكتوبر 1954 وما قبله في مدينتي القاهرة والإسكندرية أولا بالاشتراك مع آخرين في تنفيذ اتفاق جنائي. الغرض منه إحداث فتنة دامية لقلب نظام الحكم. وذلك بإنشاء نظام خاص سري مسلح للقيام باغتيالات واسعة النطاق، وارتكاب عمليات تدمير بالغة الخطورة وتخريب شامل في جميع أرجاء البلاد تمهيدا لاستيلاء الجماعة التي تنتمي إليها على مقاعد الحكم بالقوة. وثانيا بالشروع في قتل البكباشي أركان حرب جمال عبدالناصر رئيس الحكومة تنفيذا للاتفاق الجنائي المشار إليه في الفقرة الأولى.. مذنب أم غير مذنب؟
....لم يرد المتهم محمود عبداللطيف...
قال رئيس المحكمة: سمعت الادعاءات اللي قلتها.. فاهم الادعاء اللي عليك؟
المتهم: أيوه.
رئيس المحكمة: مذنب ولا غير مذنب؟
المتهم: مذنب!
المدعي العام: المتهم لما أعلناه بالادعاءات سألنا إذا كان له محام فقال معندهوش محام. وقانون تشكيل المحكمة لا يستلزم وجود محام مع المتهم، والقضية جاهزة ونطلب نظرها.
رئيس المحكمة: المتهم عايز حد يدافع عنه؟
المتهم: عايز.
رئيس المحكمة: عايز مين؟
المتهم: محمود سليمان الغنام.
رئيس المحكمة: مين؟
المتهم: محمود سليمان الغنام المحامي.
رئيس المحكمة: وإذا كان سليمان غنام ما يرضاش؟
المتهم: فتحي سلامة.
رئيس المحكمة: وإذا كان سلامة ما يرضاش؟
المتهم : مكرم عبيد.
رئيس المحكمة: وإذا كان سلامة ما يرضاش؟
المتهم: يبقي أي واحد!
رئيس المحكمة: أي واحد؟ طيب.. الادعاء يتصل بالمحامين اللي قال عنهم المتهم بحسب ترتيبهم فإذا رفضوا ينتدب له محام للدفاع عنه.. وتتأجل القضية 48 ساعة لجلسة الخميس 11 نوفمبر الساعة العاشرة صباحا.. رفعت الجلسة!

ورفض كل من محمود سليمان غنام، وفتحى سلامة، ومكرم عبيد الدفاع عن المتهم؛ لأنهم جميعا استنكروا الجريمة التى أقدم عليها، وقال الأستاذ مكرم عبيد : "أنها جريمة موجهة إلى قلب الوطن؛ فمن المستحيل أن أدافع عنه .. مستحيل!".


وفى صباح يوم الخميس 11 نوفمبر 1954 وقف المحامي هنداوي دوير أمام محكمة الشعب ليدلي بأخطر اعترافاته.
ولأول مرة في قضية محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر يظهر اسم الرئيس محمد نجيب على لسان أحد المتهمين "كمتورط" مع جماعة الإخوان.

هنداوي دوير: أبلغني إبراهيم الطيب رئيس الجهاز السري أن الإخوان على اتفاق مع اللواء محمد نجيب أن "يمشي معنا" بعد قتل جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس الثورة، وأن هناك اتصالا بمحمد نجيب، على أن يتولى تهدئة البلاد بعد الاغتيالات! وتأكدت من هذا عندما كنت في بيت المرشد العام للإخوان حسن الهضيبي يوم عودته من سوريا، واتصل محمد نجيب بالتليفون الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وطلب أن يتحدث إلى الهضيبي.. إن الهضيبي كان من رأيه أن تتولى الحكم حكومة تتجه بالبلاد نحو الاتجاه الإسلامي ولا تكون حكومة إخوان مسلمين؛ لأن البلاد غير مستعدة الآن لتقبل النظم الإسلامية بأكملها.

وأضاف هنداوي؛ أنه سأل قبل أن يسلم محمود عبد اللطيف المسدس هل الهضيبي موافق على اغتيال جمال عبد الناصر؟؛ فقال له إبراهيم الطيب رئيس الجهاز السري إن الهضيبي وافق على هذا، وبناء على ذلك أمر محمود عبد اللطيف بتنفيذ الخطة، وقال دوير انه صدرت إليه الأوامر بدراسة منزل القائم مقام أنور السادات ومقر عمله تمهيدا لقتله، وقد نفذ هذه الأوامر.
وكشفت أقوال هنداوي دوير أمام المحكمة أن القرار باغتيال جمال عبد الناصر كان يقضي بقتله بثلاث طرق؛ أولا بالمسدس وقد كلف اثنان بذلك، وثانيا بأن يرتدي أحد الفدائيين حزام ديناميت ويعانقه فينسفه وينسف معه، ثالثا بعمل كمين له وقتله بالمدافع وهو في الطريق إلى بيته.

عقدت محكمة الشعب جلستها الثانية في الساعة العاشرة صباحا لاستئناف محاكمة المتهم محمود عبد اللطيف. وقد جيء بالمتهم في حراسة البوليس الحربي، ولزم مكانه في مقعد الاتهام، وجلس إلى يساره محاميه الأستاذ حمادة الناحل.
عقدت المحكمة جلستين الأولى صباحية، والثانية مسائية بدأت في السادسة مساء وانتهت قرابة منتصف الليل.
رئيس المحكمة: فتحت الجلسة.. المتهم موجود؟ ..جاهزين؟.
المدعي: جاهزين .
رئيس المحكمة: سمعت الادعاء اللي عليك. وقلت انك مذنب أيه أقوالك؟ السيد حمادة الناحل رايح يترافع عنك.. وأحب أقول إن المحكمة تشكره على تطوعه للدفاع عنك.
المحامي حمادة الناحل: وأنا بدوري أشكر المحكمة على هذه الثقة وأدعو الله أن يوفقني في مهمتي.
رئيس المحكمة للمتهم محمود عبد اللطيف: اتفضل قول للمحكمة ايه أقوالك.. تتكلم انت أو السيد المحامي يتكلم؟
المتهم: السيد المحامي.
رئيس المحكمة: بس يقول إيه أقواله؟
المحامي حمادة الناحل: يقول وبرضه نناقشه تاني!
المتهم: أنا في الإخوان من سنة 1942 ومن مدة 4 شهور بس.. انضميت للمنظمة السرية، ودي مكونة من 3 أشخاص محمود عبد اللطيف وهنداوي دوير المحامي وسعد حجاج.
رئيس الحكمة: على صوتك شويه وإتكلم على مهلك.. وخليك هادي.
المتهم: وكنا احنا الثلاثة نجتمع كل أسبوع يوم الاثنين من نصف ساعة إلى ساعة في بيت هنداوي دوير لحفظ القرآن ودراسة السيرة والجهاد في سبيل الله، وقبل الحادث بأسبوع واحد هنداوي قال لنا على حكاية اتفاقية الجلاء. وإن الرئيس وقعها وإن دي خيانة في حق البلد ولازم نقتل الرئيس جمال، واتفقنا احنا الثلاثة إن اللي تتاح له فرصة ينفذ الاغتيال. وقبل الحادث بيومين هنداوي جاب لي المسدس، وقال لي مسدس سعد ماجاش نفذ انت الخطة. وقبل الحادث بيوم قرأت في جريدة القاهرة إن الرئيس مسافر إلى الإسكندرية لحضور المهرجانات.. فرحت لهنداوي وقلت له إني رايح إسكندرية.. فقال على بركة الله!
والصبح جاني سعد وقلت له، فأبدى تأسفه لأن سلاحه لم يكن موجودا، وتوكلت ومشيت على الإسكندرية.. رحت المحطة ركبت قطار الساعة التاسعة صباحا، ووصلت هناك الساعة 12 ومشيت في شارع محرم بك، واتغديت ورحت لوكاندة دار السعادة، وأخذت حجرة خاصة وغيرت ملابسي، ورحت المحطة وبعدين رحت ميدان المنشية.
ولما وصلت وقفت لغاية ما جه الرئيس وهو بيلقي كلمة ألقيت عليه طلقات من المسدس. والناس قبضوا عليّ.. ورحت البوليس الحربي في الإسكندرية وقلت كل الأقوال على يد النائب العام وهو اللي كتب المحضر.
ينظر جمال سالم رئيس المحكمة إلى البكباشي محمد التابعي المدعي في القضية ويقول له: عايز تسأله؟
المدعي: أيوه.. ما دور المنظمة السرية للجماعة؟.
المتهم: محاربة أعداء الإسلام والدعوة الإسلامية .. الإنجليز واليهود واللي يقف في سبيل الدعوة، وقبل الحادث بأسبوع اجتمعنا احنا الثلاثة ودرسنا اتفاقية الجلاء، وقررنا أنها أعطت الإنجليز حقوقاً في البلد وخيانة وطنية.
المدعي: قرأت الاتفاقية؟
محمود عبد اللطيف: قرأت.. وقرأت بعض الملاحق، وقرأت في الجرائد أنها استبدلت 500 مليون جنيه الديون بتاع مصر بمبلغ 33 مليون جنيه.
رئيس المحكمة: يعني ده اللي كان مزعلك من الاتفاقية؟!!
..يسكت محمود عبد اللطيف ولا يرد..
رئيس المحكمة: ده بس اللي مزعلك.. والا فيه حاجة تانية؟
المتهم: فيه حاجه تانية.. هي أنه مش ضروري الاتفاقية.. وهم سنة 1956 كانوا رايحين يرحلوا؛ لأنهم يبقوا قاعدين غير شرعيين، وهم رايحين يطلعوا ويفرقوا قواتهم من القنال خوفا من القنابل الذرية.
رئيس المحكمة: يعني انت كمان جنرال تعرف في الشؤون العسكرية كويس؟
المدعي الآخر مصطفى الهلباوي: إذا لم تعمل الاتفاقية.. كان الإنجليز حايخرجوا ازاي؟.. إيه رأيك كأخ مواطن؟
المتهم: خروجهم يحتاج لجهاد، والجهاد جربناه قبل كده لما راحت كتائب الجامعة للقنال، وانزعج الإنجليز وقالوا انهم مستعدون للجلاء بس نوقف حرب العصابات.. ومعاهدة 1936 دي كانت تعطي للإنجليز كل حق في البلد بالثمن.. التموين المواصلات بالفلوس.. وعشان كده ترتبت ديون لمصر على إنجلترا.
رئيس المحكمة: تفتكر مافيش داعي للمناقشة في المعاهدات
المدعي: ثقافتك ايه؟
المتهم: درست أربع سنين في قسم ليلي بعد الابتدائية!
المدعى: ماذا درست؟
المتهم: الجهاد في سبيل الله ودراسة القرآن والسيرة.
المدعى: الجهاز السري كان بيشتغل لحساب مين؟
المتهم: الإخوان .. الإخوان المسلمين.
رئيس المحكمة: يعني كنتم تحاربوا أعداء الإسلام عشان الإخوان المسلمين يتريسوا، والحكومة يعني عدوة الإسلام، وعشان كده رحت تقتل رئيسها، والا فهموك أن الرئيس بس هو اللي عدو الإسلام؟
المتهم: فهمونا إن الرئيس هو عدو الإسلام.
رئيس المحكمة: لوحده؟
المتهم: آه.
رئيس المحكمة: ده اللي فهموه لك؟
المتهم: أيوه.
رئيس المحكمة: وجهازكم كان لحساب الإخوان المسلمين؟
المتهم: لا.. بس اعرف أن رئيسنا هنداوي.. لكن الرئيس العمومي معرفهوش.
رئيس المحكمة: هل بينك وبين الرئيس جمال حاجة؟.
المتهم: لا
رئيس المحكمة: كلمته؟
المتهم: لا.
رئيس المحكمة: سلمت عليه؟
المتهم: لا .
رئيس المحكمة: آمال ايه اللى خلاك تحاول تقتله؟
المتهم: فهموني إن الاتفاقية خيانة
رئيس المحكمة: مين اللي فهمك؟
المتهم: هنداوي دوير.
رئيس المحكمة: طيب.. اطلبوا هنداوي دوير نسمع كلامه.
لكن قبل استدعاء هنداوي دوير لسماع أقواله يستكمل المدعي محمد التابعي سؤال محمود عبد اللطيف، ويقول له: هل سبق أن طلب منك لبس حزام وتنسف به الرئيس؟
المتهم: هنداوي عرض علي الساعة 12 مساء ليلة الحادث؛ وقال لي فيه عندنا حزام تلسبه.. وتعانق الرئيس ينفجر وينسف الرئيس وينسفك ..رفضت.
رئيس المحكمة: مارضيتش له؟
..لا يرد محمود عبد اللطيف..
رئيس المحكمة: خفت على نفسك؟
المتهم: لا.. ماخفتش على نفسي.
رئيس المحكمة: ليه.. دي أضمن من المسدس؟
..لا يرد محمود عبد اللطيف..
رئيس المحكمة: اتكلم.. حد ماسكك؟ ما تخافش
المتهم: أنا قلت له ما ينفعش عشان الزحمة!
المحامي حمادة الناحل: ويمكن ما يرضاش الرئيس يحضنه!
رئيس المحكمة : ايه معلوماتك الدينية؟
المتهم: جزء من سورة البقرة!
رئيس المحكمة: وايه تاني.
المتهم: بعض آيات!
رئيس المحكمة: تقدر تقول شوية منها؟
المتهم: سورة يس وثلاثة ارباع آل عمران.
* جمال سالم: بس؟
المتهم: وسورة صغيرة.

في محكمة الشعب أطاحت اعترافات الإخوان باللواء محمد نجيب، وبرغم أن هذه الاعترافات كانت بمثابة صدمة عامة للمصريين الذين كان كثير منهم يعجبون بمحمد نجيب، فهو رئيس الجمهورية، وهو الرجل الأكبر سنا والأكثر حكمة بين الضباط الأحرار الذين صنعوا الثورة.
برغم كل ذلك فقد وضعت هذه الاعترافات فصل النهاية لوجود محمد نجيب على رأس الثورة.. وعلى رأس الحكومة المصرية، وصدرت الجرائد في صباح يوم 15 نوفمبر 1954تحمل الأخبار الأكثر إثارة:
"إعفاء نجيب" ..
"مجلس الثورة يقرر بقاء منصب رئيس الجمهورية خالياً "

تولى اللواء عبدالحكيم عامر القائد العام ووزير الحربية، وقائد الجناح حسن إبراهيم وزير القصر إبلاغ هذا القرار لمحمد نجيب في الساعة الحادية عشرة في قصر عابدين، وغادر محمد نجيب القصر بعد إبلاغه القرار.

واجتمع مجلس الوزراء وأحيط بقرار مجلس قيادة الثورة، وأقام اللواء محمد نجيب مع أسرته في قصر المرج، وهو القصر الذي كانت تملكه السيدة زينب الوكيل زوجة مصطفى النحاس باشا.

وصرح الدكتور محمود فوزي وزير الخارجية عقب الاجتماع بأن الرئيس جمال عبدالناصر رئيس مجلس الوزراء كلفه بإبلاغ قرارات مجلس قيادة الثورة إلى جميع السفارات والمفوضيات المصرية في الخارج، وقال الدكتور محمود فوزي أنه سيجتمع في وزارة الخارجية باللواء علي نجيب سفير مصر في سوريا لاطلاعه على تفاصيل الموقف في سوريا.

وكان البوليس في فجر اليوم السابق قد ألقى القبض على إبراهيم الطيب رئيس الجهاز السري للإخوان، وبمجرد القبض عليه سالت اعترافاته الخطيرة، وكانت أكثرها خطورة هي اعترافاته على اللواء محمد نجيب؛ فقد اعترف إبراهيم الطيب بأن محمد نجيب كان على صلة سرية بالإخوان من شهر أبريل بنفس العام، وأنه قبل أن يلعب دورا هاما في انقلاب الإخوان الدموي، وأن محمد نجيب أفهم الإخوان أنه يستطيع أن يسيطر على الموقف بعد اغتيال جمال عبدالناصر.



واعترف إبراهيم الطيب بأن حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان وفي بعض الأحوال عبدالقادر عودة أو صلاح شادي كانوا صلة الاتصال السري بين الإخوان واللواء محمد نجيب، وأحيانا تكون الصلة أشخاصا آخرين من المتصلين بالهضيبي.

وتوالت اعترافات إبراهيم الطيب.. فقد اعترف بأن المجلس العالي للجهاز السري هو الذي وضع خطة الاغتيالات والانقلاب، وأن هذه الخطة لا علاقة لها باتفاقية الجلاء، وإنما وضعت للتخلص من النظام الحاكم، وأن المرشد العام حسن الهضيبي أقر هذه الخطة وصدق عليها.
وقال ابراهيم الطيب لقد كنت مستمرا في تنظيم باقي الإخوان الذين لم يعتقلوا، وكنت أبذل محاولة نهائية لتنفيذ خطة الانقلاب؛ كانت الخطة تتلخص في إعداد الإخوان وتعبئتهم وتدريبهم، والقيام بحوادث اغتيالات للجهاز الحكومي كله من رئيس الوزراء جمال عبدالناصر إلى كل معاونيه وعدد من ضباط الجيش، وقد تقرر في الخطة أن نقتل جمال عبدالناصر بأي شكل في منزله أو في مكتبه أو في الشارع؛ لأننا كنا نعتبره المسؤول عن الجهاز الحكومي.
وبعد اغتيال جمال عبدالناصر نقوم بحركة شعبية ومسلحة، وأن يتم تأمين الجيش بواسطة محمد نجيب، وفي الوقت نفسه يقوم الإخوان بمظاهرات شعبية مسلحة، ومن أجل هذا جمعنا السلاح لاستعماله في هذه المظاهرات، وقد أبلغت يوسف طلعت هذه الخطة وأبلغني أن المجلس العالي هو الذي وضعها، وأنه عرضها على المرشد العام الأستاذ الهضيبي فصدّق عليها، وكان المتفق عليه بعد الاغتيالات وقيام المظاهرات المسلحة أن يتولى محمد نجيب تأمين الثورة الجديدة، وإلقاء بيان للتهدئة؛ فإذا حصلت مقاومة بعد ذلك تحدث اغتيالات جديدة.

ويضيف إبراهيم الطيب أنه عندما تلقى هذه التعليمات من يوسف طلعت أبلغها إلى جميع قادة الفصائل لتنفيذها، وأن القصد من اغتيال جمال عبدالناصر ألا يقع صدام بين الشعب وبعضه، وأن محمد نجيب أفهمهم أنه يستطيع أن يسيطر على الموقف.
ويقول الطيب : " وكنا نظن أن الذين سينجون من الاغتيالات سوف يسلمون أنفسهم حقنا للدماء؛ وخصوصا عندما يرون أن رئيس الجمهورية محمد نجيب هو القائم على رأس الوضع الجديد، والخطة ليس لها أية علاقة باتفاقية الجلاء، ولكن السبب في وضعها هو التخلص من الوضع الحالي.. وعندما فشل حادث اغتيال جمال عبدالناصر لم أيأس!
وكنت أحاول من مخبأي إعادة تنظيم الفصائل التي بقيت بعد الإعتقالات لنحاول أن نقوم بالخطة التي وضعها المجلس العالي، وكنت أستعين ببعض الأخوات المسلمات في نقل التعليمات إلى أعضاء الفصائل. وكان محمد نجيب قد وعدنا في شهر أبريل بأن الجيش معه، فلما تبين أن هذا غير صحيح رأينا أن نستعيض عن الجيش بالمظاهرات الشعبية المسلحة" .
ولم يكن هذا فقط هو كل ما اعترف به ابراهيم الطيب؛ فقد قال فيما بعد أمام محكمة الشعب: " أن اللواء محمد نجيب كان يكتب المنشورات ويكلف الإخوان بطبعها وتوزيعها!
وأن عبدالقادر عودة سلمه منشورا مكتوبا بالقلم الرصاص ليس بخطه وبتوقيع محمد نجيب يهاجم فيه اتفاقية الجلاء، وأن الجهاز السري أعد خطة الاغتيالات بعد أن تم التفاهم مع محمد نجيب، وأنهم قرروا اغتيال كل من يقف ضد ثورتهم المسلحة".
وقال إبراهيم الطيب أيضا: " إن حزام الديناميت كان معدا لتفجيره في الرئيس جمال عبدالناصر وزكريا محيي الدين وزير الداخلية".
ومن اغرب ما قاله أنه قرر قتل جمال عبدالناصر رغم انه لم يقرأ اتفاقية الجلاء، واكتفى بما قاله له عبدالقادر عودة بأنها تنص على عودة الإنجليز إلى القنال في حالة خطر الحرب، وهذا معناه أن الإنجليز لن يخرجوا من مصر لأن خطر الحرب قائم.

وفي محكمة الشعب.. كشف جمال سالم رئيس المحكمة عن أسرار خطيرة، فقال إن الإخوان طلبوا من مجلس قيادة الثورة خلال شهري يوليو وأغسطس سنة 1952 -أي فور قيام الثورة- إقامة حكم عسكري مطلق دون دستور أو برلمان لمدة عشر سنوات ليكون الحكم تحت وصاية الإخوان!
وقال جمال سالم: إن مجلس قيادة الثورة رفض هذا العرض وطلب من الأحزاب تطهير نفسها تمهيدا لإعادة الحياة النيابية لكنها لم تفعل!

ولم تكن الاعترافات فقط هي التي قدمها إبراهيم الطيب.. لكن أيضا فور القبض عليه أرشد عن مخبأ يوسف طلعت رئيس الجهاز السري الهارب. وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت عن مكافأة قدرها ألفا جنيه لمن يرشد عن يوسف طلعت، وكان رجال البوليس يعملون ليل نهار في البحث عنه.. لكن إبراهيم الطيب بعد القبض عليه وفي الساعات الأولى أرشد عن الأماكن التي يتردد عليها يوسف طلعت، ومن هذه الأماكن شقة في مصر الجديدة، وأسرع رجال البوليس إلى هذه الشقة وحطموا بابها ودخلوا ليجدوا يوسف طلعت جالسا بالبيجامة حليق الذقن يقرأ في جريدة " أخبار اليوم "، وكان بجوار يوسف طلعت مدفع معد للاستخدام في أية لحظة.. لكنه بمجرد أن وجد رجال البوليس في الشقة يحيطون به استسلم ورفع يديه إلى أعلى.

وعثر رجال البوليس في الشقة التي كانت تقع بالطابق الرابع في العمارة رقم 9 بشارع الوالي على مدفع "تومي جن" ومدفعين "برن" وخمسة مدافع "استن" وتسع بنادق "لي انفيلد"، وماسورة مدفع عيار 11 ومدفع "فيكرز" و23 قايش بندقية مشحون بالرصاص، و19 خزانة مدفع، وصندوق كبير مليء بالمتفجرات والمواد الناسفة والقنابل، وماكينة طبع "رونيو" لطبع المنشورات. ولم يكتف رجال البوليس بالصيد الثمين وهو القبض على يوسف طلعت؛ فقد حملوه بعيدا وأصلحوا باب الشقة وظلوا داخلها وانتظروا وصول زواره من رجال الإخوان، ثم قبضوا عليهم جميعا.
وبدأت بقية رموز الإخوان الكبيرة تتساقط، وكان من بين الذين تم القبض عليهم سيد قطب، ونشرت "أخبار اليوم" بعضا من اعترافاته فقالت:
اعترف الأستاذ سيد قطب أحد زعماء الإخوان اعترافات خطيرة. اعترف بأنه زار المرشد العام حسن الهضيبي عقب عودته من سوريا وأبلغه الأستاذ الهضيبي بأنه سيحدث انقلابا في الحكم قريبا، وأن هذا الانقلاب سيتم مع بقاء محمد نجيب رئيسا للجمهورية.

وقال سيد قطب للهضيبي: خلي بالكم شوية واعملوا احتياطات من الناحية الدولية؛ لأن منطقة الشرق الأوسط منطقة حساسة وقد تتدخل بعض الدول.
المرشد العام حسن الهضيبي: لقد اتخذت احتياطيات دولية والإخوان قاموا بالاتصالات في هذا الشأن حتى تعترف الدول بانقلاب الإخوان.

واعترف سيد قطب بأنه كان يصدر نشرة سرية للإخوان بعنوان "هذه المعاهدة لن تمر" ، ونشرة أخرى بعنوان " لماذا أكافح "؟!

صدم الشعب فى جماعة الإخوان الذين كانوا كعادتهم دائما- يتسترون بعباءة الدين للوصول إلى أهدافهم فى السيطرة على الحكم فى مصر، وبدأ الناس يشعرون بكراهية شديدة للإرهابيين من جماعة الإخوان للأعمال الإجرامية التي ارتكبوها، واخذوا يساعدون رجال البوليس في الكشف عنهم وعن مخابئ ذخيرتهم؛ فكان بعد أن انتهت صلاة الجمعة في مسجد الظاهر أن شعر الناس بأن الأستاذ صالح عشماوي كان يؤدي الصلاة بين المصلين فظنوه حسن عشماوي المطلوب القبض عليه، فقاموا بالقبض عليه وساقوه إلى قسم الظاهر ولكن رجال البوليس أخلوا سبيله!

لكن اخطر ما حدث كان القبض على بعض عناصر الإخوان في الجيش، وكشف هؤلاء عن أنه كانت توجد خطة لنسف طائرة جمال عبدالناصر. فقد اعترف الضابط طيار محمد علي الشناوي بأنه تلقى أمرا من البكباشي أبو المكارم عبدالحي قائد الجهاز السري للإخوان في الجيش بأن ينسف طائرة الرئيس جمال عبدالناصر التي سافر بها الى أسوان، وانه كلف الأونباشي فاروق حسن المسيري والأونباشي سعيد ندا من قوة الطيران بوضع قنبلة زمنية داخل محرك طائرة جمال عبدالناصر!
وكان على الطائرة مع الرئيس جمال عبدالناصر جمال سالم وصلاح سالم والدكتور احمد حسن الباقوري وزير الأوقاف ونور الدين طراف وزير الصحة والشرباصي وزير الأشغال وحسن مرعي وزير التجارة وحسني فهمي رئيس مجلس الإنتاج، والبكباشي احمد أنور قائد البوليس الحربي، وأمين حشاد قائد اللواء الجوي وسعد رفعت قائد السرب، وعبداللطيف الجيار سكرتير الرئيس، وكان معهم أيضا الكاتب الصحافي الأستاذ محمد حسنين هيكل.

واعترف الأونباشي سعيد ندا من سرب المواصلات بأن الطيار الشناوي كلفه بوضع قنبلة في طائرة الرئيس جمال عبدالناصر؛ فسأله لماذا نقتل جمال عبدالناصر، قال له الطيار الشناوي لأنه عدو للإسلام ويحل دمه.
قال له الأونباشي: ما دام الأمر كذلك فلنقتل جمال عبدالناصر، ولكن ما ذنب زملائه الذين سيكونون في الطائرة؟
فأفتى له البكباشي أبو المكارم بأنهم سيكونون شهداء! وقال أنهم سيدخلون الجنة.
وعاد الطيار الشناوي ليبلغ هذه الفتوى للأونباشي سعيد ندا، لكن الأخير لم يستطع وضع القنبلة في طائرة الرئيس جمال عبدالناصر لأسباب خارجة عن إرادته.

لم تكن هذه القصة مثيرة فقط لكنها كانت أيضا خطيرة، لأنها كانت المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن عناصر للإخوان داخل الجيش المصري غير الضابط الهارب السابق عبدالمنعم عبدالرؤوف، ولم تكن الشرطة العادية هي التي كشفت هذه القضية بل البوليس الحربي، وكان قائد البوليس الحربي هو احمد أنور، والذي كان مفروضا أن يقتل في نفس الطائرة مع جمال عبدالناصر.

وبالعودة إلى المحاكمات، تحولت شهادة حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين في القضية المتهم فيها محمود عبداللطيف الذي حاول قتل الرئيس جمال عبدالناصر واطلق عليه ثماني رصاصات في ميدان المنشية بالإسكندرية إلى ما يشبه المحاكمة العلنية للجهاز السري للإخوان ولجماعة الإخوان وأفكارها وأعمالها.

وكان مشهد الهضيبي داخل قاعة محكمة الشعب يدعو للرثاء، وهو يقول أمام القضاة والشهود بأنه لم يكن على علم بما يفعله الجهاز السري، وأنه كان مجرد " واجهة لا اكثر ولا اقل للإخوان"؛ كل مهمته السفر وتوقيع الأوراق كل شهر.. والتحدث إلى الصحافيين!

وكان الهضيبي يتحدث عن لقائه بيوسف طلعت رئيس الجهاز السري في مخبئه بالإسكندرية، وكيف أنه لم يسمح إلا بالمظاهرات، وطالب بأن تشترك عناصر الأمة في هذه المظاهرات.
وواصل حمادة الناحل محامي محمود عبداللطيف سؤال المرشد العام للإخوان.. وسأله عن نتيجة التصادم الذي سيحدث في المظاهرات بين الناس والحكومة.
- فقال الهضيبي: نتيجة سيئة!
المحامي حمادة الناحل: هل يمكن أن تكون مذبحة؟
الهضيبي: ممكن!
المحامى: ماذا قلت ليوسف طلعت بهذا الشأن؟
الهضيبي: أنا ما قلتش ليوسف طلعت إلا الكلام اللي قلته.
المحامي: هل تؤمن بالحديث الذي يقول: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده.. الخ"؟
- الهضيبي: أيوه.
جمال سالم"رئيس المحكمة": لا تتدخل في إيمان الشاهد؛ لأن هذا بينه وبين ربه.
رئيس المحكمة: ما فيش حد من اللي هنا كان عايز يقعد القعدة دي.. لا احنا ولا الحاضرين.. ولا كنا عايزين ده كله.. ولكن نعمل ايه؟ امرنا لله.. هل اتصل بك الرئيس جمال عبدالناصر على يد أعضاء مكتب الإرشاد وطالبك بحل الجهاز السري ونشاط الإخوان في الجيش والبوليس؟
الهضيبي: حصل!
رئيس المحكمة: ماذا عملت لتنفيذ ذلك؟
الهضيبي: الأول هو طلب ألا يكون لنا تنظيمات في الجيش، فأنا قلت أنى لا اعلم انه فيه تنظيمات في الجيش.. يجوز فيه ناس قابلين الدعوة بس، وقلت إن الضابط محمود لبيب جاني في الفترة اللي كنت فيها رافض تولى رياسة الإخوان، وعرض عليّ أسماء ضباط في الجيش منضمين للإخوان، وأنا اعتذرت له عن معرفتهم لأني ماكنتش قبلت الرياسة.. وأنا قلت الكلام ده لجمال عبدالناصر.
رئيس المحكمة: وماذا عملت بالنسبة للجهاز السري المدني الذي طلب منك رئيس الحكومة حله. وطلب ذلك منك مباشرة وبواسطة أعضاء الجماعة.. وطلب منك تسليم أسلحتهم؟
- الهضيبي: لا.. أنا ماكنتش أعرف إن فيه أسلحة أو إن الجهاز فيه منه خطر.
كان الإرهاق قد بدأ يظهر واضحا على حسن الهضيبي..
جمال سالم "رئيس المحكمة": انت تعبان من الوقوف؟
الهضيبي: أيوه.
نظر جمال سالم إلى احد الجنود في القاعة.. وقال له: هات له كرسي من فضلك!
لكن الهضيبي قال: لا معلهش
رئيس المحكمة: إذن نأخذ راحة إلى أن تستريح.. توقف الجلسة ربع ساعة.
كانت هذه أجزاء من وقائع محاكمات المتآمرين من جماعة الإخوان على قلب نظام الحكم أمام محكمة الشعب.

وهذه هى التمثيلية التى يدعون أن الرئيس عبد الناصر قد دبرها ، وبعد ذلك فالزعم بأن حادث محاولة الاعتداء على الرئيس جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية سنة 1954 هو حادث مدبر من الرئيس عبد الناصر ، لا يقول به إلا أحد اثنين :
إما أن يكون هو نفسه شريكا فى تدبير الاعتداء .
أو أن يكون من الذين يحرصون على أن يقذفوا بالغيب من مكان بعيد .

لقد قال الشيخ أحمد حسن الباقورى حول هذا الحادث ما يلى :
" إن الذى يصر على أن ما حدث فى المنشية كان مفتعل من جانب الرئيس جمال عبدالناصر فهو مخطئ؛ فقد كنت أجلس فى شرفة هيئة التحرير بميدان المنشية، وكنت أجلس بالقرب من الرئيس ، وبجوارى الأستاذ ميرغنى حمزة وزير الزراعة السودانى.. ورفع يده بعد إطلاق الرصاص، وإذ بيده غارقة فى الدماء نتيجة تناثر شظايا الزجاج فى يده .. هذه واحدة، أما الأخرى ؛ كان هناك سكرتير هيئة التحرير بالإسكندرية وأصيب برصاصة فى بطنه ونقل إلى المستشفى، وذهبنا لزيارته مع جمال عبد الناصر فى اليوم التالى .. هل هذا كله تلفيق".

ومن واقع حديث لجمال عبد الناصر مع رئيس تحرير الجمهورية كامل الشناوى يوم30مايو1956 جاء فيه :
"الشناوى : لقد قررتم رفع الرقابة على الصحف نهائيا ، فهل سيتبع ذلك اتخاذ قرار بتخفيض قيود الأحكام العرفية ؟
الرئيس : إن الأحكام العرفية استمرار لقرار آخر برلمان فى 26يناير1952 مع فارق أنها كانت تستخدم ضد المواطنين ، أما الثورة فقد استخدمتها ضد أعداء الوطن ، وسأعلن وجهة نظرى فى نهاية الأسبوع .
الشناوى : والمعتقلون ؟
الرئيس : لقد قررنا الإفراج عنهم .
الشناوى : جميعا ؟
الرئيس : جميعا وبلا استثناء ، ولكن هل تعرف عدد المعتقلين ؟

الشناوى : ليس عندى معلومات أكيدة من عددهم، ولكن كل ما أعلم أن كثيرين ممن اعتقلوا أو ممن صدرت ضدهم أحكام قضائية ونشرت قوائم بأسمائهم قد تم الإفراج عنهم فى صمت ولست أعرف الحكمة من كتمان هذه الأنباء .
الرئيس : سأذيع خلال أيام قليلة بيانا عن من تم اعتقالهم ومن أفرجنا عنهم، وسيفاجأ الرأى العام حين يعلم أن حملات التضليل قد ضربت الرقم الحقيقى للمعتقلين فى عشرة أو عشرين ، وسيعلم الرأى العام أيضا أننا لم نؤذ معتقلا فى رزقه لم نهمل شأنه أو شأن أحدا ممن يعولهم ، وأن الاعتقال كان إجراء تحفظيا لسلامة الدولة وحماية مصلحتها العليا، وأن الاعتقال بالنسبة إلى كثيرين من المتعقلين لم يكن عقوبة بل كان علاجا ووقاية .
الشناوى : هل أستطيع أن أعرف عددهم ؟
الرئيس : إن عدد المعتقلين الآن 571 معتقلا سيفرج عنهم جميعا قبل يوم22يونيو".

وبعد يومين من هذا الحديث أعلن الرئيس عبد الناصر ضمن الحملة الإعلامية لإعلان الدستور سنة1956 ما يلى:
"إ ن أكبر عدد للمعتقلين طوال هذه الأيام بلغ فى 24 أكتوبر 1954 عدد 942 معتقلا بعد اكتشاف القنابل ومخازن السلاح والمنظمات السرية وكلكم تعلمون الفترة التى مررنا بها 0 وقبل هذا الوقت وهذه الحوادث كان أكبر عدد للمعتقلين فى أكتوبر 1954 وكان عددهم فى عامى 1952 و1953 حوالى 237 شخص فقط ، ولما قامت الحوادث المؤسفة باسم الدين قام بعض الناس ممن خدعوا وغرر بهم ودفعوا دفعا لمقاومة هذه الثورة ورغم هذا كله فإن عدد المعتقلين وصل إلى 2943 وفى سنة 1948 و1949 لم تكن البلاد تحكم أحكاما استثنائيا وصل عدد المعتقلين إلى خمسة آلاف شخص وأنتم تعلمون أن هذه الأرقام مع فارق واحد هو أن المعتقلين فى الماضى كانوا الذين يعملون من اجل الوطن والحرية وتحقيق الآمال والمعتقلين الذين اعتقلوا فى الثورة كانوا وبالا على الشعب وآماله وأهدافه وكانوا يمثلون خطرا على مستقبل هذا الوطن وكيانه الذى يسعى إلى التحرر من الاستعمار وأعوانه".
ثم شرح الأسباب التى دفعت للاعتقال قائلا :
" فإن علينا أن نفكر فى الأسباب والدوافع قبل الحكم على قرار ما حتى نستطيع أن نحكم عليه حكما سليما.
إنه فى السنوات الماضية أقيمت محاكم عسكرية وحكمت على الأشخاص الذين كانوا يقاومون هذه الثورة والذين كنا نعتبر أن أى نجاح لهم يعد انتكاسا لهذه الثورة، وأن أى نجاح قد يثبت الاستعمار وأعوانه ، المحاكم العسكرية حكمت على 254 فردا بأحكام متفاوتة وعلى ما أعتقد أحكاما لا يتجاوز أقصاها 8 سنوات. كما أقيمت محاكم الشعب التى حاكمت الجهاز السرى والتنظيمات المسلحة التى كانت موجودة فى مصر والفصائل التى كانت موجودة فى شبرا ومصر القديمة وفى إمبابة وفى كل مكان ، التنظيم المسلح والتنظيم العسكرى ولم يكن المقصود به جمال عبد الناصر أبدا كان المقصود به أنتم ، كان المقصود به حريتكم .
وبعد أن انتهت معركة الجهاز السرى ، ولم تكن خسائر هذه المعركة كبيرة ـ حكمت محاكم الشعب على 867عضوا فى الجهاز السرى البالغ عددهم حوالى أربعة آلاف أو خمسة آلاف موجودين فى شعب وخلايا مسلحة يمثلون فصائل وجماعات ومناطق ، جيش حر فى داخل البلاد .
فى المحاكم العسكرية حكم على 254 وفى محاكم الشعب حكم على 867 ولو قارنا هذه الثورة بثورات العالم أجمع نجد أنه ما من ثورة قامت فى العالم واستطاعت أن تثبت أقدامها وتقاوم الرجعية والانتهازية والسيطرة والتحكم إلا ببحر من الدماء .
محكمة الثورة كانت درسا سمعتم ما كان فيها وعرفتم ماذا كان يجرى فى الماضى وراء الستار وعرفتم كيف كانت تحكم مصر ومن أين كانت تحكم 00 كان يحكمها الخدم والشماشرجية .
هذا هو الدرس الذى أخذناه من محكمة الثورة ، أما من حكم عليهم من محكمة الثورة فقد أفرج عنهم جميعا تقريبا ، ولم يكن الغرض انتقاما ولم يكن الغرض حقدا ، ولم يكن هناك أى عامل شخصى " .
مؤامرة 1965:


هذا ما حدث سنة 1956؛ أما ما حدث سنة 1965 فكانت الصورة أعنف وأشد ضراوة من جانب الجهاز السرى للإخوان المسلمين ـ وهى قصة أخرى ـ وكانت الإعتقالات حوالى خمسة آلاف فرد أخذا بالأحوط؛ لأن الصورة كانت غير واضحة من حيث نوايا وقدرات المتآمرين، وخصوصا أن هذه المؤامرة أكتشفت بواسطة التنظيم الطليعى وليس بواسطة أجهزة الأمن .

لم يكن أسلوب الرئيس عبد الناصر هو تصفية الحسابات مع خصومة، ولكنه كان يرفض وبإصرار تصفية البشر عزوفا منه عن سفك الدماء باسم الثورة أو حتى طلبا لحمايتها. وكان فى نفس الوقت يتصرف كإنسان، يخطئ ويصيب، ومن أول يوم للثورة وقف ضد إعدام الملك فاروق، ورفض منذ البداية الديكتاتورية العسكرية .

وفى عام 1960 أصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارا بالإفراج أيضا عن كل المسجونين من الذين كانت قد صدرت ضدهم أحكام من الإخوان المسلمين، وتم صرف جميع مستحقاتهم بأثر رجعى بموجب قانون جرى استصداره من مجلس الأمة ينص على أن تعاد لجميع المفرج عنهم حقوقهم كاملة، وأن يعودوا إلى وظائفهم بمن فيهم أساتذة الجامعات الذين يملكون حرية الاتصال والتوجيه للنشء الجديد... هذا هو جمال عبدالناصر الإنسان والقائد والزعيم.

خرج الإخوان المسلمين من السجون بفكر إرهابي مبنى على تكفير الحكم ، وضعه سيد قطب فى كتابه "معالم على الطريق " ، وأمكن بواسطته أن يجذب إليه العديد من العناصر التى كانت بالسجن معه ، كما وجدوا فى انتظارهم مجموعة موازية على قدر عال من التنظيم ويعملون على نشر فكر الجماعة فى مختلف المحافظات؛ وخاصة فى الدقهلية والإسكندرية والبحيرة ودمياط ، وكان على رأس هؤلاء على عشماوى وعبدالفتاح إسماعيل وعوض عبدالعال ومحمد عبدالفتاح شريف وغيرهم . وتوفر لهم تمويل خارجى كان الشيخ عشماوى سليمان هو حلقة الاتصال المسئول عن توصيل هذا التمويل إلى الداخل .

والتفت المجموعات المختلفة من الإخوان حول فكرة واحدة هى تكفير الرئيس عبد الناصر ومن ثم استباحة اغتياله ، كما اتضح فيما بعد كما كان مقررا أن تشمل عملية الاغتيالات عدد كبير من رجال الدولة والكتاب والأدباء والصحفيين والفنانين وأساتذة فى الجامعات وغيرهم رجالا ونساء ، وبيان تفاصيل هذا الأمر محفوظ فى أرشيف سكرتارية الرئيس للمعلومات بمنشية البكرى ، وأرشيف المباحث العامة وأرشيف المخابرات الحربية .

خطط هؤلاء على إدخال بعض عناصرهم كضباط فى القوات المسلحة عن طريق الالتحاق بالكلية الحربية كما حاولوا اختراق الشرطة أيضا بنفس الأسلوب ، يضاف إلى ذلك تجنيد عدد لا بأس به من شباب الجامعات خاصة فى الكليات العملية، وبالذات كليتى العلوم والهندسة التى يمكن لعناصرهم فيها أن يتمكنوا من إعداد المتفجرات بأيسر الطرق ، كما كان داخل التنظيم قسم لتجميع المعلومات يتولى مسئوليته أحمد عبد المجيد الموظف بإدارة كاتم أسرار حربية بوزارة الحربية 0 كما أجمعت قيادات التنظيم على اختيار سيد قطب لتولى رئاسة هذا التنظيم الجديد ، وتم الاتصال به داخل السجن وأعرب عن موافقته، وقدم لهم كتابه " معالم على الطريق "، ونشط فى بناء التنظيم وتوسيع بنائه وقواعده بعد خروجه من السجن .

فى 7 أغسطس1965 كان الرئيس جمال عبد الناصر يتحدث إلى الطلبة العرب فى موسكو خلال زيارة كان يقوم بها للاتحاد السوفيتى، وأعلن فى هذا الحديث عن ضبط مؤامرة جديدة للإخوان المسلمين فقال :
" بعد أن رفعنا الأحكام العرفية منذ سنة وصفينا المعتقلات ، وأصدرنا قانونا لكى يعودوا إلى أعمالهم نضبط مؤامرة وسلاحا وأموالا وصلت إليهم من الخارج، وهذا دليل على أن الاستعمار والرجعية بيشتغلوا من الداخل " .

وتوالى بعد ذلك كشف تفاصيل المؤامرة ...
كانت نقطة البداية فى الكشف عن التنظيم الإخوانى هى رصد بعض مجموعات التنظيم الطليعى فى محافظة الدقهلية نشاطا لعناصر من الإخوان أخذ شكل جمع تبرعات قيل أنها لعائلات الغير قادرين منهم ، لكن اتضح أن هذه التبرعات بعد متابعة هذا النشاط كانت تستهدف تجنيد عناصر جديدة ليس لها تاريخ سابق فى جماعة الإخوان المسلمين أو فى سجلات أجهزة الأمن ، وتبين بعد ذلك أن هذا النشاط لا يقتصر على محافظة الدقهلية وحدها ، بل تبعه إلى عدد من المحافظات الأخرى .

والحقيقة أن الرئيس عبد الناصر عندما تلقى معلومات التنظيم الطليعى ، طلب تأكيدها عن طريق أجهزة الأمن التى لم يكن لديها بعد مؤشرات عن هذا النشاط، وبناء على ذلك شكلت مجموعة عمل خاصة من شعراوى جمعة وسامى شرف وحسن طلعت لتلقى المعلومات وتحليلها كما تم التنسيق مع شمس بدران فيما يتعلق بالقوات المسلحة .

وبعد إجراءات التنسيق التى تولت المتابعة بشكل جدى ودقيق ورصد كل تفصيلاته، وكان كتاب سيد قطب " معالم على الطريق " قد صدر ، لكن مشيخة الأزهر الشريف طلبت مصادرة الكتاب لما يحويه من أفكار جديدة مستوردة ومستوحاة من تعاليم أبو الأعلى المودودى الباكستانى، وبعبارات مختصرة فقد قام فكره على تكفير الحاكم والمجتمع وتغريبه بما يشمل استباحة التخلص من الأنظمة التى لا تتماشى فى الحكم مع هذه التعاليم والمبادئ ، وبعد إطلاع الرئيس عبد الناصر على الكتاب طلب السماح بطبعه وتداوله فى سوق الكتاب مع المتابعة بالنسبة لتوزيعه ، وقد ثبت أن الكتاب قد أعيد طبعه فى أربع طبعات على مدى قصير وبدون إعلان أو دعاية للكتاب ، وعندما قدم التقرير إلى الرئيس كان قراره وتحليله أنه مع تزايد التوزيع وإعادة الطباعة فهذا يعنى شىء واحد فقط هو أنه هناك تنظيم وراء هذا العمل، وبدأت أجهزة الأمن تتابع هذا النشاط بالنسبة للمشترين والموزعين ومن يحصلون على الكتاب .. الخ، وكان هناك أيضا وفى نفس الوقت تكليفات للتنظيم الطليعى بمتابعة هذا الموضوع جماهيريا وسياسيا، وكانت كل البيانات تجمع وتعرض على اللجنة الخاصة التى تولت تحليلها.

وحدث أنه أثناء قيام الرئيس جمال عبد الناصر بزيارة الجامع الأزهر فى شهر أغسطس 1965 أن اكتشف وجود شخص يحمل مسدس ويندس بين صفوف المصلين، وكان ذلك قبل وصول الرئيس فقبض عليه وبدأ التحقيق معه .
كذلك أفادت المعلومات عن نشاط مكثف يقوم به سعيد رمضان وهو من قادة الإخوان المسلمين، وكان هاربا ومقيما فى ألمانيا ، وأنه دائم التنقل بين مقر إقامته وبيروت وجدة و طهران إيران الشاه وبعض العواصم الأوروبية الأخرى، وكان وقتها يحمل جواز سفر دبلوماسى أردنى .

وكانت جماعة مصر الحرة التى يقودها أحمد أبو الفتح من زعماء حزب الوفد فى مصر والذى كان يقيم متنقلا بين سويسرا وفرنسا قد حصلت على مبلغ مائتان وخمسون ألف جنيها إسترلينيا من الملك سعود ووقع خلاف بين هذه الجماعة من جانب ، وبين سعيد رمضان من جانب آخر على أسلوب اقتسام هذا المبلغ بعد أن كان الطرفان قد شكلا جبهة عمل واحدة للعمل ضد نظام ثورة يوليو1952 و الرئيس جمال عبد الناصر بالذات.






آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس