عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2008, 01:28 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
بسمه أمل

الصورة الرمزية بسمه أمل

إحصائية العضو








بسمه أمل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: رحلة بين ثنايا كتاب

الفصل الحادي عشر - مع الحجيج في عرفات


إلهي! إن حجيجك واقفون الآن بين يديك شعثاً غبراً، شبه عراة، يمدُّون إليك أيديهم بالدعاء، ويملأون منك قلوبهم بالرجاء. وحاشا لكرمك أن تردَّهم وتردَّ من كان بقلبه وروحه معهم، فأفض علينا من رحماتك، وأمددنا بسبب إلى سماواتك، وطهر قلوبنا من نزعات الشر، واملأ نفوسنا برغبات الخير، وأعنَّا على طاعتك، وكرِّهنا بمعصيتك، وارزقنا الصبر على مرِّ بلائك، والشكر على حلاوة قضائك، ولا تمتحنَّا بما لا نستطيع، ولا ترهقنا من أمرنا عسراً، واجعل ما نكرهه من الأذى سبيلاً إلى ما تحبُّه من الطاعة، وما نرغبه من المعافاة وسيلة إلى ما تطلبه من العمل، ولا تحرمنا لذَّة مناجاتك، ولا رقّة الانكسار إلى عظيم ذاتك، واجعلنا من أصفيائك، واحشرنا في زمرة أوليائك، ولا تكتب علينا ظلم أحد من عبادك، ولا انتقاص واحد من مخلوقاتك، وأكرمنا عن مهانة العصيان، ومذلة الحرمان، وجبروت الطغيان، والتبرُّم بالقضاء، والشكوى من البلاء، وفقدان النعمة مع فوات الثواب، وسعة الرزق مع كثير العقاب، وصنَّا عن ذلِّ الحاجة إلا إليك، وعجز التوكل إلا عليك، ورهبة الخوف إلا منك، وخداع الأمن إلا بك، وضراعة الرجاء إلا لك، وخضوع العبوديّة إلا لربوبيَّتك، وهوان الذلِّ إلا لكبريائك، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وتذكّرونا بالدعاء، وخففوا عنا وقع البلاء، بجميل العزاء، ربنا إنك رؤوف رحيم.

· إذا قسَّم الكريم عطاياه على المحرومين، وعفا الرحيم عن أسراه من المذنبين، ومنح القوي حمايته للعاجزين، وأضفى الحليم رحمته على المتمردين، أبى له كرمه أن يخصَّ الواصلين إليه دون المنقطعين، والقريبين منهم دون البعيدين، والمسرعين إلى تلبيته دون المتخلِّفين، فما سار من سار إليه إلا بعونه، ولا تخلَّّف من تخلَّف عنه إلا بقضائه، ولا عجز من عجز عن الرحيل إليه إلا ببلائه، ولا أسرع من أسرع في الوصول إليه إلا بمعافاته، وحسبه من تخلَّف عجزاً، وتلكأ ابتلاء، صدق الحب مع صفاء الود، وعظيم الشوق مع بالغ اللهفة، وإعلان الطاعة ولو مع العيِّ في البيان، وإخلاص النيَّة ولو بعد لأي وتوان، وحسبنا منه أنه اللطيف الخبير المنَّان.

· مولاي..! إن المؤمنين بك قد اجتمعوا إليك تلبية لدعوتك، ووقفوا بين يديك رغبة في مرضاتك، فاجمعهم على العمل لدينك كما جمعتهم على السعي لعبادتك، وارفع عزائمهم للضرب على أيدي أعدائك، كما رفعت أيديهم في الرجم عند جمراتك، ونقّ قلوبهم من الضغينة، كما ألبستهم بياض الثياب، ووفقهم للتعاون على الجهاد، كما وفقتهم لرجاء الثواب، وجمِّع قلوبهم عند شريعتك، كما جمعت أجسامهم عند كعبتك، وألهمهم الرحمة فيما بينهم، كما ألهمتهم بطلب الرحمة منك، وردّهم إلينا رسلاً عنك يصلحون، كما بعثناهم إليك رسلاً عنا يلبُّون، وفرِّحنا بهم هداة مرشدين، كما فرحت بهم عصاةً منيبين، واجعلهم أيمن وفودك إلينا، كما جعلناهم أسرع وفودنا إليك، واقبلنا بقبولك لهم، وارحمنا برحمتك إياهم، وارض عنا برضاك عنهم، وتجلَّ علينا بتجليك عليهم، فهم منا، ونحن منهم، ونحن جميعاً عبادك التائبون.

· وقفوا وقوف الراجين، ونفروا نفور المؤمّلين، وباتوا مبيت الخاشعين، وضحُّوا تضحية الشاكرين، ورموا رمي المعاهدين، وتحلَّلوا تحلل المبتهجين، وطافوا طواف المودّعين، فيا حسن ذهابهم راغبين، ويا حسن إيابهم تائبين، ويا حسن لقائهم طائعين.

· مولاي..! إن في هذه الألوف التي تضجُّ إليك بالدعاء في عرفات، ومنى والبيت الحرام، عشرات، وعدوني أن يدعوا لي بالمغفرة والشفاء، وأنا أعجز من أن أشكرهم، وأنت أقدر على أن تثيبهم، وهم في دعائهم لي وأنا غائب، أطهر مني في رجائي منك وأنا حاضر، فإن لم تقبل دعائي لعجزي وتقصيري، فاقبل دعاءهم لطهرهم وبرهم، وإن لم تقبل تضرعي لتخلُّفي عنك، فاقبل تضرعهم لتلبيتهم لك، وأنت أكرم من أن ترفض دعائي ودعاءهم، وتعرض عن تضرُّعي وتضرُّعهم وأنت البرُّ الرحيم.



هرعوا مسرعين في زحمة العيش طلاباً للبرِّ والحسنات

ثم طافوا بالبيت يعطون عهداً بالتزام الإيمان والطاعات

وانثنوا محرمين. ملبِّين سراعاً إلى ثرى عرفات

وقفوا وقفة الأذلاَّء منه مازجين الدعاء بالعبرات

أعلنوا في الجمار عهد وفاء لا يصيخون سمعهم للغواة

قد دعاهم له، فلبوا سراعاً ليس يلقاهم بغير الهبات

ربِّ قد حلت بيني وبينهم اليوم برغم الأشواق والحسرات

فاغفرن زلتي لديك وبارك عزماتي، ولا تطل من شكاتي

واكتبن لي عوداً لتلك الديا رات وفيضاً من تلكم الرحمات

لذَّة العيش طول مناجاة ال عبيد للمَلك والسادات

ودنوٌ من سدَّة الملأ الأعلى بالذلِّ تارة وبالآهات

ضلَّ من يغبط البعيدين عنه ربَّ عيش فيه هوان الموات

الفصل الثاني عشر - في العيد


اليوم تراق دماء الأضحيات في منى بين فرح الحجاج وتكبيرهم، وما فرحتهم لأنهم أراقوا دماً، بل لأنهم أدوا فريضة، وفعلوا واجباً، وتعرَّضوا لنفحات الله في عرفات، فهنيئاَ لمن قبله الله منهم، ولمَ لا يقبلهم جميعاً، إلا ظالماً أو مغتصباً أو قاطع طريق من أميرٍ أو حاكم، أو غني أو قوي؟



العيد فرصة

العيد فرصة أتاحها الله أو أتاحها الناس، لنسيان همومهم ومتاعبهم.



عيد السعداء وعيد الأشقياء

في المجتمع المتماسك، يكون العيد عيداً لجميع أبناء الأمة، وفي المجتمع المتفكك يكون العيد عيداً لأقوام ومأتماً لآخرين.



عيد العاقل والجاهل والغافل

العاقل يرى في العيد فرصة للطاعة، من صلة رحمٍ، وإغاثة ملهوف، وبر فقير، والجاهل يرى في العيد فرصة للمعصية، يعبُّ فيها من الشهوات عبًّا، والغافل يرى في العيد فرصة للعبث، يتفلَّت فيها من قيود الحشمة والوقار، وكذلك يرى الأطفال العيد.



العيد لمن أنقص همومه

ليس العيد لمن زاد فيه همومه، ولكنه لمن أنقص منها همًّا، ونستطيع بالإيمان بالقضاء والقدر أن نجعل من كل يوم لنا عيداً.



درس اجتماعي في العيد

العيد يعطينا درساً اجتماعيًّا عظيم النفع، ذلك أن الفرح العام أعمق أثراً في النفس من الفرح الخاص الذي لا يشارك فيه الآخرون؛ ففي العيد تدخل الفرحة كل قلب حتى المحزونين والمرضى، والمثقلين بالأعباء، وهي فرحة ليست نابغة من نفوسهم بل من مجتمعهم ومحيطهم، ففرحة المجتمع تطغى على آلام الفرد، ولكنَّ فرحة الأفراد لا تغطي آلام المجتمع، ولذلك كان العيد تنمية للشعور الاجتماعي في أفراد الأمة.



فلسفة العيد في الإسلام

في الإسلام عيدان: أحدهما بعد طاعة عامة وهو عيد الفطر، وثانيهما: بعد طاعة خاصة وهو عيد الأضحى، ولكن الإسلام يعتبر الطاعة الخاصة ذات نفع عام؛ فألزم غير الحجاج أن يفرحوا بتمام فريضة الحج، مشاركة في الشعور، واعترافاً بفضل العاملين.



افرحوا بالعيد

أيها المرهقون بالآلام! افرحوا بالعيد؛ لأن آلامكم تخفُّ بالمواساة فيه.

أيها المثقلون بالأعباء! افرحوا بالعيد؛ لأن أعباءكم ألقيت عن عواتقكم قليلاً.

أيها المثخنون بالجراح! افرحوا بالعيد؛ لأن جراحكم قد وجدت من يضمِّدها.

أيها المحرومون من النعيم! افرحوا بالعيد؛ لأن أيام حرمانكم قد نقصت فيه بضعة أيام.

أيها الموجعون بالأحزان! افرحوا بالعيد؛ لأنه أعطاكم أياماً لا تحزنون فيها.

أيها المنهكون بالمصائب! افرحوا بالعيد؛ لأنه يمنحكم أملاً بانتهاء مصائبكم.



لو كبرت قلوب المسلمين

لو كبَّرت قلوب المسلمين كما تكبِّر ألسنتهم بالعيد، لغيَّروا وجه التاريخ، ولو اجتمعوا دائماً كما يجتمعون لصلاة العيد، لهزموا جحافل الأعداء، ولو تصافحت نفوسهم كما تتصافح أيديهم؛ لقضوا على عوامل الفرقة، ولو تبسمت أرواحهم، كما تتبسم شفاههم؛ لكانوا مع أهل السماء، ولو ضحوا بأنانياتهم كما يضحون بأنعامهم؛ لكانت كل أيامهم أعياداً، ولو لبسوا أكمل الأخلاق كما يلبسون أفخر الثياب؛ لكانوا أجمل أمة على ظهر الأرض.



لو عرف المسلمون

لو عرف المسلمون مغزى العيد كما أراده الإسلام، لكان عيدهم الأكبر يوم يتمّ لهم تحرير الوطن الأكبر.



عيد في الأرض ومأتم في السماء

إن عيداً في الأرض يضحك فيه أناس ويبكي آخرون هو مأتم عند أهل السماء.



فرح أولاد جارك

اجتهد أن يفرح أولاد جارك بالعيد، كما يفرح أولادك؛ لتتم لأولادك فرحتهم.



التقاليد والدين

أعمق التقاليد جذوراً ما كان منها متَّصلاً بالدين، وفي العيد تقاليد كضرب المدافع، لو ألغيت لهاج الناس لها كما يهيجون لإلغاء العيد نفسه، ومع ذلك فلست أرى إلغاء مثل هذه التقاليد.



الأعياد الدينية والتقاليد

حين تصبح الأعياد الدينية تقاليد قومية، تفقد في النفوس معناها، وفي المجتمع آثارها، وتصبح فرصة للراحة أو العبث.


الفصل الثالث عشر - الأولاد حظوظ آبائهم

مناجاة

إلهي! لقد رغبت من عبادك أن يصلوا في العيد أرحامهم، ويتفقَّدوا مساكينهم وضعفاءهم، فهب لي رحمة تصلني بك، ولطفاً يجبر كسري ويقوِّي ضعفي ويعافيني من الآلام والأسقام، فإنك أكرم من بر، وأصدق من وفَّى، وأرحم من أحسن.



الأولاد حظوظ آبائهم

الأولاد حظوظ الآباء من الدنيا، فمن رزق أولاداً سيئين كان سيئ الحظ ولو اجتمع له المال والجاه.



أغروه ثم شكوا منه

حبَّبوا إلى هذا الجيل العبث والاستمتاع باللذة، ثم اعتذروا عن إرضاء رغباته في الإذاعة والتلفزيون والصحافة والكتب بأنه يريد ذلك.. أفليس مثلهم كمن أغرى إنساناً بالمخدِّرات، حتى اعتادها، ثم جاء يشكو منه، ويعتذر عن تقديم المخدِّر له بأنه لا يستطيع عنه صبراً؟!



بين الأولاد وآبائهم

جنِّب ولدك قرين السوء، كما تجنِّبه المرض المعدي، وابدأ ذلك منذ طفولته، وإلا استشرى الداء، ولم ينفع الدواء.

· القسوة في تربية الولد تحمله على التمرد، والدلال في تربيته يعلِّمه الانحلال، وفي أحضان كليهما تنمو الجريمة.

· الولد كالمهر إذا أعطي كل ما يريد نشأ حروناً يصعب قياده، وإذا منع كل ما يريد نشأ شرساً يكره كل ما حوله، فكن حكيماً في منعه وعطائه. وإياك وتدليله باسم الحب له؛ فذلك أقتل شيء لسعادتك وسعادته.

· يحبون الصبيان ويكرهون البنات، أما أنا فرأيت في أكثر من عرفت، بناتهم أسعد لهم من صبيانهم.

· عوِّد ولدك على الاعتماد على نفسه ولو كنت غنيًّا، فإذا أصبح قادراً على الكسب وهو غير طالب علم فحذار أن تطعمه على مائدتك، أو تسكنه في بيتك، أو تسدِّد نفقاته من جيبك. فإنك تقتل فيه روح الكفاح في سبيل العيش، وقد رأيت من هؤلاء كثير.

· إذا يئس الولد من عطف أبيه عليه نشأ عاقاً، وإذا طمع في عطفه عليه نشأ كسولاً، وخير الآباء من لم يؤيس ولده من حنانه، ولم يطمعه في الاعتماد على إحسانه.

· إفراطك في القسوة على ولدك، يقطعه عنك، وإفراطك في تدليله يقطعك عنه، فكن حكيماً وإلا أفلت من يدك الزمام.

· لأن ترى ولدك يقاسي متاعب الحياة وهو يعمل لها، خير من تراه غارقاً في النعيم وهو يعتمد عليك.

· إياك أن تترك لأولادك ثروة إذا كانوا فاسدين، فإنهم يُتْلِفُون في أيام ما جمعته في أعوام، ثم هم يشوِّهون سمعتك، ويثلمون شرفك، ويسلمونك إلى من هو سريع الحساب.

· ولد صالح يدعو لك، ويذكرك الناس به بكل خير، أبقى لك من ولد ينساك ويسيء إليك بما يسيء في الحياة من سلوك، أولادك قطع من كبدك، أتراك تريد أن تصاب بكبدك بما يسبِّب لك الأسقام والآلام، أم تريده صحيحاً معافى؟.

· لو أن كل أب خصص جزءاً من يومه لرعاية ولده لما تعب الآباء في أبنائهم كثيراً.

· الأب الجاهل يفرح بجمال صورة ولده، ولا يبالي بقبح أخلاقه، والأب العاقل يفرح بجمال أخلاق ولده ولو كان من أقبح الناس.

· الأب العظيم من يحاول أن يجعل ولده أعظم منه، والأب العاقل من يحاول أن يجعل ولده مثله، ولا أتصور أن أباً يحاول أن يجعل ولده أقل منه.

· فرحة الأب بولادة ولده، تذهب بها غصته بسوء نشأته، فمن استطاع أن تتمَّ له فرحتا الولادة والنشأة فقد فرح بولادته مرتين.

· حين يخلفك ولد صالح تولد عند موتك، وحين يخلفك ولد سيِّئ تموت ميتتين.

· اللهم لولا ما خلقت فينا من غريزة الأبوة، ووعدتنا من عظيم الأجر، لكانت ولادتنا للأولاد وشقاؤنا في سبيلهم سفهاً من الرأي، لا يصير إليه عاقل.

· لا ينسى الأب شقاءه في سبيل ولده، إلا أن يراه بارًّا مستقيماً، ولا يجعله نادماً على ولادته وتعبه فيه، إلا أن يراه عاقًّا منحرفاً.

· جهاد الآباء في ميدان التريبة، أشق من جهاد الأبطال في ميدان الحروب.

· أكثر ما يعيق الأب عن تربية ولده كما يريد هو تقدم السن، فباكر ما استطعت إلى الزواج.

· إلى الله نشكو! ما نبذله من جهد على أولادنا في البيوت تذهب به المدارس والشوارع.

· الولد مفطور على حبِّ التقليد. وأحب شيء إليه أن يقلِّد أباه ثم أمه، فانظر كيف يراك في البيت معه ومع أمه، وكيف يراك في المعاملة معه ومع الناس.

· من أدخل الشَّر إلى بيته فقد دعا زوجته وأولاده ليشاركوه فيه، ولو زعم أن يقصيهم عنه.

· قال أب مسيء لولده السيئ: ألا تخجل مني؟ تسيء إليَّ وقد ربيتك؟

فقال له ولده: أولى بك أن تخجل من ربك، تسيء إليه وقد خلقك وأنعم عليك.

قال الأب: ولكن ربي غفور رحيم.

قال الابن: أولى بك أن تكون معي غفوراً رحيماً.

قال الأب: ولكن رحمة الله تدخلني الجنة، ورحمتي لك تدخلك النار.

قال الابن: لو عنيت بي وأنا صغير لاستغنيت برحمة الله عن رحمتك.

قال الأب: ألا تعود إلى طاعتي؟.

قال الابن: هيهات! حتى تعود أنت إلى طاعة الله.

قال الأب: فلا تسئ إليَّ بين الناس.

قال الابن: يداك أوكتا، وفوك نفخ.

· يولد الولد معه طباعه، فأبواه لا يستطيعان تبديلها ولكن يستطيعان تهذيبها، أما أخلاقه فهي بنت البيئة والتربية، وهنا يؤدي الوالدان دورهما الكبير في سعادته أو شقائه.

· الابن يتأثر بالأب أكثر، والبنت تتأثر بالأم أكثر، والأمهات الجاهلات طريقهن في التربية: الشتيمة والدعاء بالموت والهلاك، والآباء الجاهلون طريقهم في التربية: الضرب والاحتقار.



أخطر شيء على الأسرة

أخطر شيء على الأسرة أن يميِّز الأبوان بعض الأولاد على بعض في الحب والدلال والإغضاء عن الزلاّت، وأخطر من ذلك: أن يعلنا كرههما للواحد وحبهما للآخر، فتلك هي بذرة العداء بين الإخوة والأخوات، تثمر بعد رشدهم واستقلالهم بشؤون أنفسهم جفاء وخصومة قد ينتهيان إلى الجريمة.



أعن ولدك على برك

أعن ولدك على برك بثلاثة أشياء: لطف معاملته، وجميل تنبيهه إلى زلاَّته، وحسن تنبيهه إلى واجباته.



ضرب الأولاد

لا تستعمل الضرب في تأديب ولدك إلا حين تخفق الموعظة والتأنيب، وليكن ضربك له ضرب تربية لا ضرب انتقام، وتجنَّب ضربه وأنت شديد الغضب منه، واحذر موطن الأذى من جسمه، وأشعره وأنت تضربه أنك لا تزال تحبُّه. وقلل ما استطعت من استعمال الضرب وسيلة للتأديب. ولأن يهابك ويحبك خير من أن يخافك ويكرهك.



سبيل التربية الصحيح

اسلك في تربية ولدك طريق الترغيب قبل الترهيب، والموعظة قبل التأنيب، والتأنيب قبل الضرب، وآخر الدواء الكي.


الفصل الرابع عشر

الشوق إلى ديار الأحبة

شوق الذين زاروا ديار الأحبة، ثم منعوا عنها، أشدُّ من شوق الذين لم يزوروها بعد، فمن استطاب الذواق مرَّة، أحب العودة مرّة بعد أخرى.



من..

من أنست نفسه بالله لم يجد لذة في الأنس بغيره، ومن أشرق قلبه بالنور لم يعد فيه متَّسع للظلام، ومن سمت روحه بالتقوى لم يرض إلا سكنى السماء، ومن أحب معالي الأمور لم يجد مستقرًّا إلا في الجنة، ومن أحب العظماء لم يقنعه إلا أن يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أدرك أسرار الحياة، لم يرَ حديراً بالحبِّ حقّ الحبّ إلا الله تبارك وتعالى.



فرحة الحجيج

لست أرى في الدنيا فرحة تعدل فرحة الحجيج بعد أدائهم مناسك الحج، ومن شكَّ فليجرب.



تجديد معاني العبادة

لو جدَّد المسلمون معاني العبادة في نفوسهم، لجدَّدوا للإنسانية شبابها، ولو وجدت حكومة إسلامية تهيئ للمسلمين الاستفادة من مؤتمر الحج، لاقتلعوا من أوطانهم جذور الاحتلال والطغيان والفساد والشَّتات.



لماذا يتسابق الحجاج في العودة إلى بلادهم؟

رأيت الحجاج يتسابقون في العودة إلى بلادهم، بعد أداء شعائر الحج، ولو كان الحج قد عمل عمله في أرواحهم لأحبوا أن يمكثوا بعده قليلاً.



مرض الأبوين

إذا كانت الزوجة مريضة في تفكيرها، والزوج مريضاً في جسمه فمن يربِّي الأولاد؟ حسبنا الله وعليه فليتوكل المؤمنون.



استغلال الدعوة

بعض الناس يستغلون الدعوة إلى الله لأمراض في قلوبهم، ويتظاهرون بالحماس لها والله أعلم بما في نفوسهم، ليت شعري! أيعلمون أنهم بذلك يشككون الناس في إخلاص كل داعية إلى الله؟.. أم أن الشيطان الذي اشترى ضمائرهم جعلهم لا يبالون بنتائج ما يفعلون.



من سوء فهم الدين

من سوء فهم الدين أن يقيم بعضهم الدنيا ويقعدها من أجل معصية اعتبرها المشرع صغيرة، ثم هم يسكتون عن منكرات اعتبرها المشرع كبائر, وهي تهدم كيان المجتمع من أساسه، وأن يشدِّدوا النكير على من فرَّط في حقٍ من حقوق الله مع أن الله قد يغفره، ويهملون النكير على من تعدَّى على حقوق العباد، مع أن الله لا يغفر الذنب فيها إلا بردِّ الحقوق إلى أصحابها.



من مكر الشيطان

من مكر الشيطان ببعض جنود الدعوة: أن يهيجهم لإنكار منكرٍ هو عند الله صغير أو أمر يرونه منكراً وهو عند صاحبه طاعة، فيقعون في كبائر محققة يتلو بعضها بعضاً من الغرور، والبهتان، واحتقار المسلم، وتجاوز حدود الله، وتفريق كلمة الجماعة، والغيبة، والكذب، وهم يتأوَّلون ذلك كله بأنه حميَّة لله ودفاع عن دعوته، لطالما يقهقه الشيطان من حماقاتهم!.



مشكلة الشباب

مشكلة الشباب اليوم: تحديد الهدف، وملء الفراغ، وللثاني صلة وثيقة بالأول.



الفن والشر

ليس الفنُّ كله شرًّا، بل منه ما هو خير ومنه ما هو شر، والشرُّ منه هو ما يهيج الشر.



متى تظهر أخلاق الأمة

تظهر أخلاق الأمة على حقيقتها في موطنين: في الأغاني التي تحبُّها، وفي الأعياد والمواسم.



الجيل الذي لا خير فيه

حين تنتشر أغاني الحب المائع، الماجن، بين شباب الأمة وفتياتها، انتظر جيلاً جديداً آخر، يكون أهلاً لأن يحمل الأعباء الثقال في حماية أمجاد الأمة ومثلها العليا.



أيهما أصل الثاني

لست أدري أيهما أصل الثاني: هل الأغاني هي التي توجِّه الأمة؟ أم الأغاني هي التي تعكس مشاعر الأمة؟



أدب الحب

حين يكون الحب محور أدب الأمة، فاعلم أنها أمة أوهام لا أمة حقائق، وأمة منشغلة عن بناء المجد بما يهدم أقوى صروح المجد.



أمران متلازمان

حيث يكون الماء تكون الخضرة، وحيث يكون الإيمان يكون العمل الصالح.



اغتنم وقت السرور

إذا واتاك وقت للسرور المباح وأنت محزون أو مريض فاغتنمه؛ فإنك بذلك تنقص ساعة من ساعات حزنك وألمك، وساعات السرور قد لا تعود.



استعمل المباح

أكل الطيبات من غير سرف، والاستجمام من غير إفراط، واستعمال النعمة من غير ترف، فيه معنى الشكر، ويؤدي إلى النشاط لعمل الخير، ويكبح ميل النفس نحو اللهو والعبث والظلم.



شيء مفيد

ربَّ نزهة قصيرة مع عائلتك، تحلُّ لك كثيراً من المشكلات.



لولا..

لولا إيماننا بالقضاء والقدر لقتلنا الحزن، ولولا إيماننا برحمة الله لقتلنا اليأس، ولولا إيماننا بانتصار المثل العليا لجرفنا التيَّار، ولولا إيماننا بخلود الحق لحسدنا أهل الباطل أو كنا منهم، ولولا إيماننا بقسمة الرزق لكنا من الجشعين، ولولا إيماننا بالمحاسبة عليه لكنا من البخلاء أو المسرفين، ولولا إيماننا بعدالة الله لكنا من الظالمين، ولولا رؤيتنا آثار حكمته لكنا من المتحيِّرين.



نتائج فساد التربية

رأيت كثيراً من الآباء أفرطوا في تدليل أبنائهم ردّة فعل لقسوة آبائهم معهم، وهكذا يؤدي عدم الحكمة في التربية إلى متاعب جيلين فأكثر.



الأولاد وأعمار الآباء

بعض الأولاد يطيلون في أعمار آبائهم، وبعضهم يسرقون منها.



مناجاة...

إلهي..! جلّت ذاتك عن أن تدركها أبصارنا، وجلَّت أفعالك عن أن تدرك تمام حكمتها أفهامنا، وجلَّت ألوهيَّتك عن أن تقوم بحقِّها عبادتنا، وجلّت نعمتك عن أن تؤدي شكرها جوارحنا، وجلَّت عظمتك عن أن تخشع لها حق الخشوع قلوبنا، وجلَّت رحمتك عن أن نستوجبها بقليل أعمالنا. نعوذ بك منك، ونفرُّ منك إليك، لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك.

يتبعـ.. بإذن الله.. وللحديث بقيهـ..







آخر مواضيعي 0 الهزيمة النفسية
0 في رحاب الحبّ النبويّ
0 عرض نبينا ينتهك ؟!!.
0 أطيــاف ملونــة
0 عش مع القرآن تعش سعيدًا
رد مع اقتباس