عرض مشاركة واحدة
قديم 04-30-2011, 03:03 AM رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
marmer

الصورة الرمزية marmer

إحصائية العضو








marmer غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: شخصيات في تاريخ الاندلس من الفتح حتي السقوط

عبد الرحمن الناصر وتغيير التاريخ

بعد تولي عبد الرحمن الناصر الحكم وبهذه المؤهلات السابقة، بهذه التربية الشاملة لكل فروع ومقومات الشخصية الإسلامية السوية، وبهذه الثقة الشديدة بالله وبنفسه، أقدم على تغيير التاريخ، فقام بما يلي

أولا إعادة توزيع المهام والمناصب، أو ما يمكن تسميته "تنظيف قرطبة"

حين تولى الحكم لم يكن يملك عبد الرحمن الناصر من بلاد الأندلس سوى قرطبة وما حولها من القرى، ورغم أنها تعد أكبر بلاد الأندلس وتمثل مركز ثقل كبير لكونها العاصمة، إلا أنها لم تكن لتمثل أكثر من عشر مساحة الأندلس، بدأ عبد الرحمن الناصر من هذه المساحة الصغيرة يغير من التاريخ.

قام بتطهير المراكز المرموقة في قرطبة، من وزراء وقواد للجيش وغيرهم من رموز الفساد التي استولت عليها، واستبدالهم بمن ينتقيهم هو ممن يتصفون بالتقوى والورع ونظافة اليد وسعة العلم، وهكذا في كل المراكز القيادية في قرطبة.

ثم أعلى من شأن العلماء جدا، ورفع منزلتهم فوق منزلته نفسه، ورضخ لأوامرهم ونواهيهم، فطبق ذلك على نفسه أولا قبل أن يطبقه على شعبه، ثم طبق الشرع الإسلامي بكامله، ولم يتنازل ولو عن نقطة واحدة من أحكام الشرع الكريم، سواء أكان ذلك في كتاب الله أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قدوة في كل أفعاله وأعماله تلك.

ورد أنه رحمه الله كان يحضر خطبة الجمعة، وكان يخطبها المنذر بن سعيد من أكبر علماء قرطبة وكان شديدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى على عبد الرحمن الناصر رحمه الله الخليفة والأمير، وكان عبد الرحمن الناصر قد بنى لنفسه قصرا كبيرا، فأسرف المنذر في الكلام وأسرع في التقريع لعبد الرحمن الناصر لبنائه ذلك القصر.

وحين عاد عبد الرحمن الناصر إلى بيته قال والله لقد تعمدني منذر بخطبته، وما عنى بها غيري، فأسرف عليّ، وأفرط في تقريعي، ولم يحسن السياسة في وعظي؛ فزعزع قلبي، وكاد بعصاه يقرعني. وهنا أشار عليه رجل ممن كانوا حوله بعزله عن خطبة الجمعة، فرد عليه عبد الرحمن الناصر قائلا أمثل منذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه يعزل؟! يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الرشد سالكة غير قصد؟! هذا والله لا يكون، وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبينه سبحانه وتعالى في صلاة الجمعة شفيع مثل منذر في ورعه وصدقه، وما عزله حتى مات.

وعلى مثل هذه المبادئ وهذه المعاني بدأ عبد الرحمن الناصر رحمه الله يربي أهل قرطبة، وكان في انصياعه هو أفضل قدوة للناس جميعا.

ثانيا الاتجاه إلى الثورات ومحاولة ترويضها

بعد الانتهاء من الشأن الداخلي في قرطبة وتهيئته تماما بدأ عبد الرحمن الناصر رحمه الله يتجه إلى المحيط الخارجي، حيث الثورات المتعددة في كل أرض الأندلس، هداه تفكيره إلى أن يبدأ بعمر أو صمويل بن حفصون؛ وذلك لسببين

الأول أن هذا الرجل لا يختلف اثنان على أنه يستحق القتل؛ وذلك لأنه ارتد عن دين الله سبحانه وتعالى ومن ثم فقد أصبح قتاله فرضا على المسلمين. والسبب الثاني أنه يستطيع بذلك أن يحفز أهل قرطبة الذين كانوا قد ألفوا الثورات في هذه الآونة؛ حيث المعركة في منتهى الوضوح هي بين المسلمين والمرتدين



في الطريق للقضاء على ثورة صمويل بن حفصون

بعد نحو شهرين فقط من توليه الحكم قاد عبد الرحمن الناصر أول حملة له لقتال المرتدين استرد فيها مدينة أَسْتُجّه، وكانت من أحصن مدن الأندلس- كما علمنا عند بداية الفتوحات- ثم بعد ذلك بنحو شهرين أو ثلاثة أشهر قاد بنفسه حملة كبيرة على صمويل بن حفصون استمر مداها طيلة ثلاثة أشهر كاملة، هي شعبان ورمضان وشوال من سنة ثلاثمائة من الهجرة من نفس العام الذي تولى فيه رحمه الله فاسترد جَيّان، وهي أيضا من المدن الحصينة جدا في الأندلس، ويكفي لمعرفة هذا أنه استرد فيها سبعين حصنا من حصون صمويل بن حفصون.

ما زالت قوة صمويل بن حفصون كبيرة جدا؛ فالمدد يأتيه من الشمال من دول النصارى، ويأتيه أيضا من الجنوب من الدولة الفاطمية، هذا فضلا عن إمدادات مدينة أشبيلية والتي كان عليها حاكم مسلم من أولاد ابن حجاج، لكنه كان متمردا على سلطة قرطبة، وكان يملك جيشا مسلما كبيرا.

فكر عبد الرحمن الناصر كثيرا في كيفية قطع هذه الإمدادات على صمويل بن حفصون، اهتدى أخيرا في أن يبدأ بالهجوم على مدينة أشبيلية أكبر مدن الجنوب بعد قرطبة؛ وذلك بمنطق النزعة الإسلامية التي غلبت عليه، حيث أمّل إن هو ذهب إلى أشبيلية واستطاع أن يُرغم حاكمها على الانضمام له أو الانصياع إليه بالقوة أن ينضم إليه جيش أشبيلية المسلم الكبير، وبذلك تقوى جيوش الدولة الأموية، وتقوى شوكته.

وبالفعل وبعون من الله كان له ما أمّل، حيث ذهب إلى أشبيلية بعد أقل من عام واحد من ولايته في سنة ثلاثمائة وواحد من الهجرة، واستطاع أن يضمها إليه؛ فقويت بذلك شوكته وعظم جانبه، فعاد إلى صمويل بن حفصون بعد أن قطع عنه المدد الغربي الذي كان يأتيه من أشبيلية، واسترد منه جبال رندة ثم شذونة ثم قرمونة، وهي جميعا من مدن الجنوب.

تعمق عبد الرحمن الناصر بعد ذلك ناحية الجنوب حتى وصل إلى مضيق جبل طارق فاستولى عليه، ويكون بذلك أيضا قد قطع الإمدادات والمساعدات التي كانت تأتيه من الجنوب من الدولة الفاطمية عن طريق مضيق جبل طارق، وسعى عبد الرحمن الناصر إلى أكثر من هذا حيث قطع أيضا طريق الإمدادات التي كانت تأتيه من الدول النصرانية في الشمال عن طريق المحيط الأطلسي، ثم مضيق جبل طارق، ثم البحر الأبيض المتوسط حتى تصله، وبذلك يكون عبد الرحمن الناصر قد قطع عن صمويل بن حفصون كل طرق الإمدادات والمساعدات التي كانت تمده وتقويه.

لم يجد صمويل بن حفصون بدا من طلب الصلح والمعاهدة من عبد الرحمن الناصر على أن يعطيه اثنين وستين ومائة حصنا من حصونه، ولأن البلاد كانت تشهد موجة من الثورات والانقسامات يريد عبد الرحمن الناصر أن يتفرغ لها، فضلا عن أنه سيضمن في يده اثنين وستين ومائة حصنا وسيأمن جانبه فقد قبل المعاهدة ووافق على الصلح من صمويل بن حفصون.







آخر مواضيعي 0 حلمي لأيامي الجايه
0 صفات الله الواحد
0 عيش بروح متفائله ونفس مؤمنه
0 إبتهال قصدت باب الرجا
0 كونى انثي
رد مع اقتباس