عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2010, 07:30 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
اميرة صدفة

الصورة الرمزية اميرة صدفة

إحصائية العضو







اميرة صدفة غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: قصة من الواقع : ايامى فى الاسر

أيـامـي فـي الأسـر..*








الحلقة الثانية ...



وبدأت رحلة الأسر داخل الجيب العسكري..
يداي في القيد من خلفي وعصابة العين تخفي كل المشاهد..واجلس دون رحمة او رأفة بين أرجل الجنود.
سمعت صوت أميزهُ جيدا، صوت كاميرات الجوال.. ولم أتوقع اطلاقا بأن الجنود سيلتقطوا لي الصور الا بعد ان تأثر نظري من تحت عصبة العين باضاءة الفلاش .. وقد تكرر الصوت مع الفلاش لأكثر من مرة. كل هذا وانا جالس على ارضية الدورية بين ارجل الجنود...

وبدأت في الابتهال والتضرع الى الله وأدركت ان لا ملجأ من هؤلاء ومكرهم الا الله عز وجل..
كنت منتبها تماما لكل ما يدور من حولي، حتى خط سير الدورية عرفته من خلال انتباهي للاتجاهات التي تسلكها..


وبعد ما يقارب النصف ساعه من وقت التحرك
وصلنا الى الحاجز الشرقي للمدينة (DCO ) من طريق جلجولية.
توقفت الدورية..
انزلوني بقوة ونقلوني الى جيب آخر وبدأ في التحرك مرة أخرى.
ثم توقفت الدوريات جميعها مرة أخرى.. نزل الجنود وبقيت بالدورية لفترة لا تتتجاوز ربع ساعة.
وسمعت صوت المخاشير من داخل الجيب وصوت الجنود من خارجه يتمازحون..حضر احدهم وفتح باب الدورية بشراسة وهمجية وصرخ بالعبرية:

- يلا انزل
.وتظاهرت بعدم معرفتي باللغة العبرية
كرر النداء مرة اخرى،

فأجبته صارخا :
- بعرفش عبري شو بتحكي مش فاهم شي.

اُستُفِز جدا من حديثي فقال لي بالعربية المتكسرة من بين اسنانه
- انزل يلا.
فاجبته:
-مش شايف شي.
كرر عليّ الكلمة وبصوت اعلى:
- انزل يلاااا..(بالعبرية)

قصدت أن أرهقه بكثرة التحدث بالعربية التي لا يجيدها، وهذا ما حدث بالفعل.. واستمتعت بذلك كثيرا فملامحه دلت على ( ارتفاع الضغط) ان صح التعبير..

وما ان نزلت من الدورية ومشيت قليلا، حتى تفاجئت بصوت تعبئة الرصاص في الأسلحة !!
تمهلت قليلا لاكتشف بان الجميع يفرغ سلاحه من الرصاص.. عن طريق صوت الرصاص المتساقط على الأرض من اسحلتهم

كان الصوت اقرب ما يكون لساحة رماية يتدرب من فيها من جنود على اعدام الهدف..الذي هو انا بالطبع..



وبدأوا بالمسير بما يقارب 20 مترا سيرا على الأقدام..
وعرفت وقتها اننا بمعسكر قدوميم في احد المغتصبات المقامة على اراضي المدينة..

توقفنا فجأة.. وبدأت الأوامر من الجنود:
-(شيف) ( شيف)
كنت اعرف ان معناها ( اجلس) لكني واصلت التظاهر بعدم الفهم للعبرية وصرخت ثانية:
- ما بعرف عبري احكي عربي
فقال احدهم (اقعد) فجلست، وتحسست موضعي وعرفت انه رصيف شارع..
ذهبوا وتركوا المكان خالياً.. هكذا شعرت من هدوء المكان وصوت الهواء من حولنا.. والبرد القارص المخيم بالمكان..

دقائق.. ولم اتحمل الوضع وأردت معرفة الأمر،
فحاولت رفع العصبة شيئا فشيئا عن طريق ركبتيّ.. وبالفعل نجحت في ذلك وأتيح لي حيز قليل من الرؤية..


فوقع بصري على شابين تم اعتقالهما معي، وتسربت الطمأنينة الى قلبي وتماثل اليّ القول الشهير ( الموت جماعة رحمة)

وسمعت بضع كلمات مبعثرة من احدهما.. وفهمت منه انه يحذرنا من العصافير:
- ديروا بالكم من العصافير يا شباب

وحُفرت هذه الكلمة في ذاكرتي..

وصدح صوت اذان الفجر.. من القرى المجاورة للمكان .. وبدأنا بالصراخ المتتالي:
- نريد أن نصلي يا مجرمين.
لم اعرف من اين تلك الجرأة التي تمالكتنا جميعا في ذلك الوقت ولكن ايقنت بان الله معنا .



وكانت تحيط بنا مجموعة من جنود الحراسة ولكن لم يمنعونا من الكلام ولم يتحدثوا معنا اطلاقا.. وشعرت بأن مهمتهم هي تسليمنا لفرقة أخرى..

وهذا ما حدث.. فلم يمضِ الكثير من الوقت حتى حضرت وحدة من الجيش ترتدي زيًا خاصًا وكان قائدهم الكابتن جلال.

وقامت هذه الوحدة بالتوزع بالمكان واخذ كل شخص مكانه ..
ثم حضر الينا الكابتن جلال وانا انظر اليه خلسة من تحت العصبة

تقرب الينا قليلا ثم قال:

-اهلا بشباب قلقيلية اهلا اهلا
وملامحه تضج بالسخرية والاستهزاء


ثم بدأ ياخذ كل شخص على مكان قريب من جلوسنا..

اخذ الاول ثم اتى دوري ..,

واخذني ومشينا خطوات الى كرفان قريب من مكان جلوسنا ودخلنا فامرني بالتوقف واغلق الباب وازال العصبة وفك قيد يدي..
و نظرت الى المكتب المجاور فرأيت عدة اشخاص يرتدون الزي العسكري ومنهم زي مختلف عن الزي المعتاد للجيش الاسرائيلي ..

وهناك طبيبة تجلس على مكتب شبيه بالعيادة ولكن ليس بالعيادة ولكنه مجهز للفحص الاولي للمريض وليس اكثر
طلبت مني التقدم قليلا لاكون قريب من المكتب

فبدأت بالتحدث باللغة العبرية فلم اعرها أي اهتمام.. فكررت الجملة مرة ثانية وهي تسالني هل لدي امراض معينة فبقيت على صمتي

فسألني الكابتن جلال باللغة العربية :


-هل تعاني من امراض ؟

-هل هناك أي الام بجسدك؟ أو اصابات معينة ؟

فأجبته باني مصاب بمكان ما بجسدي فرأى الاصابة وسالني ما هذه

فاجبته .. اصابة منكم ..
فبدأ يسأل عن تفاصيلها وتاريخها وما شابه
وترجم لي ما تقوله الدكتورة ثم وقف جندي ممرض وقاس لي ضغطي وسجل النتيجة على الورق*


المهم اخذني جلال خارج هذه الغرفة الصغيرة وبدأ باستجوابي ..
وبين لي الوجه البريء المسكين ولكني كنت اعلم بانها اساليب يتحايلون علينا بها من اجل اخذ اكبر قدر من ..

كل سؤال كانت اجابتي : لا او لا اعرف

لم يعجبه قولي ابدا فضرب على ظهري قائلا:
- انصحك بمساعدة نفسك من اجل ان نساعدك وانصحك بانهاء موضوعك سريعا ولا تتعب المحققين لانك وقتها انت الخسران وليس نحن.

فاجبته:
-أي موضوع الذي سانهيه انا لا اعرف شئ وانت جئت الى العنوان الخاطئ ؟؟!!
فكررها لي :
- انت الخسران يا بطل ..
فضحكت واجبته:-
انا الخسران انا الخسران

وقبل أن يعيدني الى مكاني السابق طلبت منهم ان يسمحوا لي بصلاة الفجر..
فأذنوا لي.. من دون نفس
وقدر الله ان ينشغلوا عني بأمر لا اعلمه.
فانتهزت الفرصة وصليت ركعتين صلاة حاجه لعل الله أن يثبتني فيما انا قادم عليه وبعد انتهائي من الصلاة نادى الكابتن جلال احد الجنود وقال له باللغة العبرية ضع القيود والعصبة على عينيه.
فوضع ما طلب منه واخذني الى مكان جلوسي..

ما ان جلست دقائق معدودة حتى اتى شخص اخر وسحبني معه الى غرفة مجاورة

فك العصبة عن اعيني وبدأ يسالني باسئلة شخصية
وهذا الشخص يتقن اللغة العربية ولا يرتدي الزي العسكري
اسمك.. عمرك... اسم امك.. اسم اخوتك واعمارهم .. اسم اخواتك ... ماذا يشتغل فلان وماذا يعمل فلان

وبالنهاية ارقام الجوالات لجميع افراد العائلة .. فاجابته باني لا احفظها..
ثم عند الانتهاء من الاسئلة امر بتعصيب اعيني مرة اخرى..

ثم حضر جنود الى الغرفة.. واقتادوني عدة أمتار.. وكانها خارج المكان او الى البوابة الرئيسية للمكان في هذه الاثناء سمعت صوت شاحنة ..
الصوت يقترب شيئا فشيئا او نحن الذين نقترب من الشاحنة..




وصلنا للشاحنة المنتظرة ..
وطلب من أحد الجنود ان اتقدم وارفع قدمي للأعلى وفهمت انه أمر لصعود الشاحنة..فنفذت ذلك ولكن ببطء شديد..

ودلفت الى الداخل فأجلسني على مقعد حديدي..
وتركني وحدي واغلق الباب.. ولم استطع عدّ الاقفال التي سمعت صوتها يُقفل.

(الشاحنة هي عبارة عن شاحنة عسكرية مصفحة كبيرة الحجم وظيفتها نقل الجنود او الاسرى من مكان الى مكان مقاعدها حديدية متعبة..و شبابيكها صغيرة جدا لونها يميل الى اللون الاخضر مضاد للرصاص)

- من هنا؟ من الذي أتى؟

صوت قريب كرر السؤال.. فأدركت انه موجه لي ..فأجبته

- انا فلان.. ومن انت؟

- انا فلان من قرية كذا.داهمني الحذر ..

فما سمعت باسمه من قبل وقررت عدم الاطمئنان لأي شخص حتى وان كانت ثقتي به عمياء.


تسللت اشعة الشمس من الفتحات الضيقة في الشاحنة التي تسمى نوافذ وما هي الا منفذ لدخول بعض الهواء والضوء.. وبعد نصف ساعة من المسير بدأ الشاب في التحدث اليّ مرة اخرى،
فتشجعت ورفعت العصبة عن عيني وقد تمكنت من ذلك بسهولة لأن يداي مقيدتان الى الأمام.

ونظرت الى الشاب فتذكرت وجهه.. واطمأن قلبي وخصوصا بعد رؤيتي لقيود يديه والخوف الذي يبدو من ملامحه.. فتكلمت معه لأزيل عنه الرهبة والقلق.. وبدأت في ذكر الله عز وجل بصوت عال وانتهيت الى قراءة القرآن الكريم..

وعندما صَمَتُّ ..قال لي:
- يبدو أنك اسير سابق وليست المرة الأولى لك

سألته:
- وكيف عرفت؟
فأجاب:
- من تصرفاتك وملامحك..يبدو ان الامر اعتياديا بالنسبة لك.
ضحكت وقلت له:
- لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا.. وهذا سر اطمئناني. ولكن.. اين الشابين اللذان اعتقلا معي؟ هل رأيتهما؟
اجابني:
- اما ان يبقوا في هذا المعسكر او يتم تحويلهم الى معسكر حوارة..هذا ما سمعته من الجنود المحيطين بهما.





فوجدت اننا في طريق حيفا أي اننا في شمال فلسطين المحتلة..

توقعت وجهتنا القادمة وبدأت خيالات المعاناة بكل ملامحها ترتسم امام عيوني
المغمضة..
ونبض ايمانيّ في قلبي يحثني على الصبر والثبات..
فلم يكن هذا الطريق الذي تسير فيه الشاحنة..
الا طريق اخترته منذ البداية ولم أرضَ عن دروب الحق بديلا..

وفي الحلقة القادمة ان شاء الله.. ستتحول الخيالات الى واقع أصفه لكم..
إنتظرونا..


م.ن






آخر مواضيعي 0 ملابــس صيفـية للشباب
0 موت الفجأة.. الرحيل بلا مقدمات
0 تقرير كامل عن حب الشباب
0 كيف نصنع المستقبل للمعاق وذوي الاحتياجات الخاصة
0 برنامج سكاي هاي للمعاقين
رد مع اقتباس