عرض مشاركة واحدة
قديم 03-28-2008, 11:27 AM رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: كتاب "الرحيق المختوم" ..والذي يتناول سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم..





أما المسلمون فقد فرض الله عليهم القتال بعد وقعة سرية عبد الله بن جحش في شهر شعبان سنة 2 هـ، وأنزل في ذلك آيات بينات‏:‏


‏{‏وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ فَإِنِ انتَهَوْاْ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ‏}‏ ‏البقرة‏‏190‏:‏ 193‏.‏


ثم لم يلبث أن أنزل الله تعالى عليهم آيات من نوع آخر، يعلمهم فيها طريقة القتال، ويحثهم عليه، ويبين لهم بعض أحكامه‏:‏


{‏فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ‏}‏ ‏محمد‏ 4‏:‏ 7‏‏‏.‏


ثم ذم الله الذين طفقت أفئدتهم ترجف وتخفق حين سمعوا الأمر بالقتال‏:‏


‏{‏فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ‏}‏ ‏محمد‏20‏‏.‏


وإيجاب القتال والحض عليه، والأمر بالاستعداد له هو عين ما كانت تقتضيه الأحوال، فالظروف كانت تقتضى عراكاً دامياً بين الحق والباطل، وكانت وقعة سرية عبد الله بن جحش ضربة قاسية على غيرة المشركين وحميتهم.‏







وقفة مع الإيذان بالقتال



أعطى الله تعالى المسلمين إشارة الإنتصاف من ظلم الكفار , بعد أن كانوا مكفوفين عن دفعه وهم في مكة , وقيل لهم: (كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة).. وكان هذا الكف لحكمة قدرها الله ::


كان يراد أولا تطويع نفوس المؤمنين من العرب. فقد كانوا في الجاهلية شديدي الحماسة , يستجيبون لأول داع, ولا يصبرون على الضيم،. وبناء الأمة المسلمة التي تنهض بالدور العظيم الذي نيطت به هذه الأمة يقتضي ضبط هذه الصفات النفسية , وتطويعها لقيادة تقدر وتدبر.


الأمر الثاني، هو أن البيئة العربية , كانت بيئة نخوة ونجدة . وقد كان صبر المسلمين على الأذى , وفيهم من يملك رد الصاع صاعين , مما يثير النخوة ويحرك القلوب نحو الإسلام.


ومما يتعلق بهذا الجانب أن القيادة الإسلامية لم تشأ أن تثير حربا دموية داخل البيوت . فقد كان المسلمون حينذاك فروعا من البيوت. ولو أذن للمسلمين أن يدفعوا عن أنفسهم يومذاك , لكان معنى هذا الإذن أن تقوم معركة في كل بيت؛ مما كان يجعل الإسلام يبدو دعوة تفتت البيوت.. فأما بعد الهجرة فقد انعزلت الجماعة المسلمة كوحدة مستقلة، تواجه سلطة أخرى في مكة.



هذه بعض الأسباب التي تلوح للنظرة البشرية من وراء الحكمة في كف المسلمين في مكة عن دفع الفتنة والأذى . وقد يضاف إليها أن المسلمين إذ ذاك كانوا قلة , وهم محصورون في مكة , وقد يأتي القتل عليهم لو تعرضوا لقتال المشركين . فشاء الله أن يكثروا , وأن يتحيزوا في قاعدة آمنة , ثم أذن لهم بعد هذا في القتال .



طبيعة الجهاد في الإسلام


إنه الجهاد للعقيدة . لحمايتها من الحصار ; وحمايتها من الفتنة ; وإقرار رايتها في الأرض بحيث يرهبها من يهم بالاعتداء عليها قبل الاعتداء ; وبحيث يلجأ إليها كل راغب فيها لا يخشى قوة أخرى في الأرض تتعرض له أو تمنعه أو تفتنه . هذا هو الجهاد الوحيد الذي يأمر به الإسلام , ويقره ويثيب عليه .




من أحكام القتال في الإسلام


في أول آية من آيات القتال نجد التحديد الحاسم لهدف القتال :


( ‏وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ )


إنه القتال لله , لا لأي هدف آخر من الأهداف التي عرفتها البشرية في حروبها الطويلة . القتال في سبيل الله . لا في سبيل الأمجاد والاستعلاء في الأرض , ولا في سبيل المغانم والمكاسب ; ولا في سبيل الأسواق والخامات ; ولا في سبيل تسويد طبقة على طبقة أو جنس على جنس . .


و مع تحديد الهدف , تحديد المدى :


( وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ )


العدوان يكون بتجاوز المحاربين المعتدين إلى غير المحاربين من الآمنين المسالمين الذين لا يشكلون خطرا على الدعوة الإسلامية ولا على الجماعة المسلمة , كالنساء والأطفال والشيوخ والعباد المنقطعين للعبادة من أهل كل ملة ودين . . كما يكون بتجاوز آداب القتال التي شرعها الإسلام , ووضع بها حدا للشناعات التي عرفتها حروب الجاهليات الغابرة والحاضرة على السواء.


وقد كان المسلمون يعلمون أنهم لا ينصرون بعددهم - فعددهم قليل - ولا ينصرون بعدتهم وعتادهم - فما معهم منه أقل مما مع أعدائهم - إنما هم ينصرون بإيمانهم وطاعتهم وعون الله لهم . فإذا هم تخلوا عن توجيه الله لهم وتوجيه رسول الله عليه الصلاة و السلام، فقد تخلوا عن سبب النصر الوحيد الذي يرتكنون إليه..








تحويل القبلة



وفي هذه الأيام - في شعبان سنة 2 هـ - أمر الله تعالى بتحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، وأفاد ذلك أن الضعفاء والمنافقين من اليهود الذين كانوا قد دخلوا صفوف المسلمين لإثارة البلبلة، انكشفوا عن المسلمين ورجعوا إلى ما كانوا عليه، وهكذا تطهرت صفوف المسلمين عن كثير من أهل الغدر والخيانة‏.‏


ولعل في تحويل القبلة إشارة لطيفة إلى بداية دور جديد لا ينتهي إلى بعد احتلال المسلمين هذه القبلة، أو ليس من العجب أن تكون قبلة قوم بيد أعدائهم، وإن كانت بأيديهم فعلا فلابد من تخليصها يوما ما إن كانوا على الحق‏.‏


وبهده الأوامر والإشارات زاد نشاط المسلمين، واشتد شوقهم إلى الجهاد في سبيل الله، ولقاء العدو في معركة فاصلة لإعلاء كلمة الله‏.‏ ‏








وقفة مع الحكمة في تحويل القبلة



كان التوجه إلى بيت المقدس - وهو قبلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى - سببا في اتخاذ اليهود إياهل في الإسلام , إذ أطلقوا في المدينة ألسنتهم بالقول , بأن اتجاه محمد ومن معه إلى قبلتهم في الصلاة دليل على أن دينهم هو الدين , وقبلتهم هي القبلة ; وأنهم هم الأصل , فأولى بمحمد ومن معه أن يفيئوا إلى دينهم لا أن يدعوهم إلى الدخول في الإسلام!..


وفي الوقت ذاته كان الأمر شاقا على المسلمين من العرب , الذين ألفوا في الجاهلية أن يعظموا حرمة البيت الحرام; وأن يجعلوه كعبتهم وقبلتهم.



لقد كان تحويل القبلة أولا عن الكعبة إلى المسجد الأقصى لحكمة تربوية.. فقد كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم.. ولما كان الإسلام يريد تخليص القلوب من كل عصبية لغير المنهج الإسلامي المرتبط بالله مباشرة. فقد نزعهم نزعا من الاتجاه إلى البيت الحرام , واختار لهم الاتجاه - فترة - إلى المسجد الأقصى , وليظهر من يتبع الرسول اتباع الطاعة الواثقة الراضية المستسلمة, ممن ينقلب على عقبيه..


حتى إذا استسلم المسلمون , واتجهوا إلى القبلة التي وجههم إليها الرسول عليه الصلاة و السلام، وفي الوقت ذاته بدأ اليهود يتخذون من هذا الوضع حجة لهم , صدر الأمر الإلهي الكريم بالاتجاه إلى المسجد الحرام الذي بناه إبراهيم وإسماعيل ، والأمة المسلمة هي الوارثة لعهد الله مع إبراهيم وإسماعيل ; فطبيعي إذن ومنطقي أن ترث بيت الله في مكة , وأن تتخذ منه قبلة . .



إن في النفس الإنسانية ميلا فطريا إلى اتخاذ أشكال ظاهرة للتعبير عن المشاعر المضمرة. على هذا الأساس الفطري أقام الإسلام شعائره التعبدية كلها..


ولم يكن بد من تمييز المكان الذي يتجه إليه المسلم بالصلاة والعبادة وتخصيصه كي يتميز هو ويتخصص بتصوره ومنهجه واتجاهه.


ومن هنا كذلك كان النهي عن التشبه بمن دون المسلمين في خصائصهم , التي هي تعبير ظاهر عن مشاعر باطنة كالنهي عن طريقتهم في الشعور والسلوك سواء . ولم يكن هذا تعصبا ولا تمسكا بمجرد شكليات . وإنما كان نظرة أعمق إلى ما وراء الشكليات . كان نظرة إلى البواعث الكامنة وراء الأشكال الظاهرة . وهذه البواعث هي التي تفرق قوما عن قوم , واتجاها في الحياة كلها عن اتجاه .


ثم هو نهى عن التلقي من غير الله ومنهجه الخاص الذي جاءت هذه الأمة لتحققه في الأرض . نهى عن الهزيمة الداخلية أمام أي قوم آخرين في الأرض . فالهزيمة الداخلية تجاه مجتمع معين هي التي تتدسس في النفس لتقلد هذا المجتمع المعين . والجماعة المسلمة قامت لتكون في مكان القيادة للبشرية ; فينبغي لها أن تستمد تقاليدها - كما تستمد عقيدتها - من المصدر الذي اختارها للقيادة . . والمسلمون هم الأعلون . وهم الأمة الوسط . وهم خير أمة أخرجت للناس . فمن أين إذن يستمدون تصورهم ومنهجهم ? ومن أين إذن يستمدون تقاليدهم ونظمهم ? إلا يستمدوها من الله فهم سيستمدونها من الأدنى الذي جاءوا ليرفعوه !










آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس