لبينا نداء بديع في زمانه قد أبدع
لبينا نداء شوقاً لعيد اكبر قد اقترب
لبينا نداء زحفاً لحج قد انعقد
لنرسل سلاما لراحلين إلى منى
ها قد لاح في الأفق الامتناهي
واقترب نورُ يتلألأ بنورِ شعاع الأيمان والتوحيد
نور يقدم ألينا عبر أثير نسمات جو اطهر بقاع الأرض قاطبةً
أترى ذلك النور أيها البديع الزماني !
انه نور التعزيز ونور الأمة الواحدة في المكان الواحد والزمن الواحد والدين الواحد
نعم انه نور الإسلام الدين الذي استطاع أن يجمع كافة الأجناس من جوانب الأرض المترامية ليكونوا "وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ" وحد ديننا الحبيب البشر على اختلاف أجناسهم وطباعهم وألوانهم ولغاتهم في كثير من تشريعاته المطهرة
انظر يا بديع إلى إبداع حكم الله جل في علاه في صلوات خمس جمعت مشارق الأرض ومغاربها لوجهة واحدة ولغة واحدة وعملاً واحداً نحو كعبة في بلاد حباها الله امـــنـــا وكــعــبــة
يـصـلــي الـيـهــا الــنــاس فــرضــا مـحـتـمــا وايــاتــهــا مــــــادام لــلــنــاس قــبــلـــة
بــهــا بـيـنــات تـنــثــر الافـــــق انـجــمــا مـــقـــام خــلــيــل الله فــيــهــا مـحـجــبــا
ومــشــرب اسـمـاعـيـل مــــن بــئــر زمــزمــا ومن امها من اي قطر وبلـدة ومـر علـي الميقـات لبـي واحرمـا فيها مقامات وفيهـا مشاعـر تبيـض وجـه الكـون فخـرا مسلمـا ولــــو عــــرف الانــســان حــرمــة ارضــهــا تــــــادب فــيــهــا واســتــقــام وعــظــمــا
يحجون في أشهر معلومة اسماً ورسماً ورقماً بلبس واحد ولون واحد ومناسك موحدة,
فتتوحد قلوبهم ونفوسهم وتتلاشى كل الفوارق ولسان حالهم يقول "نحن أمة واحدة "
تجاوزنا بشرائعنا الحدود النفسية والإقليمية والزمانية والجغرافية والفوارق الطبقية واللغوية ونسينا اختلاف الأجناس والمقامات كل ذلك من اجل ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة)
اتحدت أفراحنا وبسماتنا لترسم لنا لوحةً غناء بعيد الحج الأكبر , لوحة أمل تنير ظلمات التائهين و ليل المظلومين , لوحة رسمت فيها أروع الأحداث والتضحيات في تلك الأيام الكريمات (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) لنتخرج بها من مدرسة الحج
تلك مدرسة التوحيد فلبناء الكعبة الشريفة وقصد الجميع إليها دلالة توحيد وإفراد العبادة لله عزوجل "وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [الحج:26]
مدرسة الحج مدرسة أُسست بنياناها على يد خير البشر "خذوا عني مناسككم" ففي ثنايا جدران هذه المدرسة تلذذنا بطعم التأسي والإقتداء والمتابعة لحبيبنا صلى الله عليه وسلم
و مما زادني شرفا و فخرا و كدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي و أن سيرة أحمد لي نبيا
مدرسة الحج أظهرت لنا جلياً معنى " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "
إنْ كِيْدَ مُطَّرَفُ الإخـاء فإننا نغدو ونسري في إخاءٍ تالد
أو يفترق ماء الغمـام فماؤنا عذبٌ تحدّر من غمام واحد
أو يختلف نسـب يؤلف بيننا ديـن أقمناه مقـام الوالـد
مدرسة الحج مدرسة التوحد ولم الشمل الذي ابهر العالم بروعته وجماله
أنا الحجاز أنا نجد أنا يمن أنا الجنوب بها دمعي وأشجاني
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بالرقمتين وبالفسطاط جيراني
وفي ربا مكة تاريخ ملحمتي على ثراها بنينا العالم الفاني
في طيبة المصطفى عمري ويا ولهي في روضة المصطفى عمري ورضواني
النيل مائي ومن عمان تذكرتي وفي الجزائر إخواني وتطواني
فأينما ذكر اسم الله في بلد عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
يقول أحد المنصّرين عن مدى جدوى التنصير في البلاد الإسلامية : سيظل الإسلام صخرة عاتية تتحطم عليها سفن التبشير المسيحي ما دام للإسلام هذه الدعائم : القرآن و اجتماع الجمعة الأسبوعي و مؤتمر الحج السنوي .
الحج مدرسة سنوية تربي فينا الإيمان والانتماء وحب العقيدة وتحمل المشاق والصبر والثقة بالله عزوجل والتحلي بالأخلاق الكريمة الفاضلة وسلك منهج الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ( وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت:33) وكل ذلك مكتوب ومثبت "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ"
لنتخرج منها بشهادة المغفرة والتوبة "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"