عرض مشاركة واحدة
قديم 05-20-2008, 09:34 PM رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: ۩۩๑لآلئ الآيمان في مصلىواحة الآيمان وبين رياض الجنة تسمو ارواحنا معآ ๑۩۩๑



السماحة في الإسلام د. علي بن عمر بادحدح

أما بعد معاشر المؤمنين :
السماحة - وهي السهولة واللين والعفو والإغضاء، والبذل والعطاء - لها أثر عظيم تنشأ به محبة القلوب، ومودة النفوس، وتثبت به لحمة الأخوة، ويكون به صف المسلمين مترابطاً قوياً، واليوم وقد غلبت على الناس كثير من أمور الحياة المادية فتجهمت وجوههم، وتقطبت جباههم، وغلظت معاملاتهم، وساءت كلماتهم وأقوالهم صارت بين النفوس نفرة، وفي القلوب جفوة، وفي الصفوف ليس فجوة بل فجوات كثيرة، فما أحرانا أن نعود إلى أصل ديننا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: "عندما سئل عن أحب الدين فقال: (الحنيفية السمحة)" (1) وعن خلقه صلى الله عليه وسلم وهو يحب اليسر إذا ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وإلى أصل ديننا فيما أراده الله عز وجل لنا من اليسر والعفو.
ودعونا نمضي في حلقات أو تتابع مستمر في هذه السماحة في دوائرها المختلفة، السماحة بين الأهل والأحباب، السماحة بين المختلفين من الناس، السماحة بين الأزواج والزوجات، السماحة بين الأبناء والآباء والأمهات، كم نحن في حاجة إلى كل ذلك، والأمر هين سهل ليس فيه مشقة ولا صعوبة، ولا حرج ولا عنت، إذ ما إن تمتلئ هذه القلوب بالصفاء والمودة حتى يكون أمر السماحة طبعاً لا تكلف، ويكون سهلاً لا عسيراً، هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما روى الإمام أحمد من حديث أبي هريرة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال : (الكلمة الطيبة صدقة) (2) وكلنا يحفظ هذا الحديث ويكتبه ويقرأه، فهل شيء صعبً أن تخرج الكلمة الطيبة، وهل يثقل ذلك عليك أو يحملك عناء كبيراً؟ وهذا حديث مسلم في الصحيح من رواية أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل، الكلمة الحسنة الكلمة الطيبة ) (3) وفي بعض الروايات أنه سئل: ما الفأل فقال: ( الكلمة الصالحة الكلمة الحسنة ) (4)
أي شيء سوف يكون لك إن قلت هذه الكلمة، إنها مفتاح لمغاليق القلوب، وإنها تمهيد لشرح الصدور، وإنها رسول للمحبة والمودة، والله سبحانه وتعالى يأمرنا بذلك على سبيل العموم الواسع الشامل { وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} [الإسراء : 53].
وهذا الترابط في الآية جميل وعجيب { قُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ} إما أن بأن يجعلهم يقولوا التي هي أسوأ، وإما وهذا ظاهر في المعنى أنهم إذا لم يقولوا التي هي أحسن وجد الشيطان فرصته لينزغ بينهم، فكم من كلمة تقال تحوك في الصدر، وتبقى في القلب، وتوجد البغضاء وقدرتها وتسقي ماء الشقاق بين النفوس وتفصم عرى الصلات والعلاقات، كم كلمة يقولها المرء فيجرح ويخدش علاقة ربما دامت أعواماً، ولقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفاً) (5)



صور من سماحة المعاملة، صور من الإحسان إلى كل شيء حتى إلى البيئة بإماطة الأذى من الطريق، صور من التعاون والتكامل فيها إفراغ من دلوك إلى دلو أخيك، صور تعبر عن نفوس باذلة معطاءة، عن نفوس ليس فيها شح ولا غل ولا حقد ولا حسد، عن نفوس ترى حقوق المسلمين فتبادر إليها، وتخف نحوها وتشعر بأريحية وسعادة فيها كما قال عز وجل: { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [الحشر : 9 - التغابن : 16]. كم نحن في حاجة إلى مثل هذه التوجيهات، وكلها ليس فيه شيء من عناء ولا مشقة، ابتسامة صافية تقدم بها بين لقائك بأخيك، حتى في وقت شدة أو عسر، وقد كان هذا دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والوعد منه قائم كما في حديث أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اسمح يسمح لك) (8) عامل الناس بالسامحة فستجدها منهم، وستجدها في طريقك وفي سائر أحوالك.
وتأملوا سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في صورة عجيبة فريدة تبين لنا سمو سماحته عليه الصلاة والسلام، هذا جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه يقول: (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي، وشكوت إليه أني لا أثبت على الفرس، فضرب على صدري وقال: اللهم ثبته واجعله هادياً مهدياً) (9)
ما الذي جعل جريراً يروي هذا الحديث، لقد تغلغلت معاملة النبي صلى الله عليه وسلم إلى أقوال نفسه وأعماق قلبه، لقد ملكت عليه أقطار نفسه، لقد جعلته منجذبا إلى هذا المثل الأعلى والقدوة الأسمى (ما حجبني صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت) في أي وقت يرحب به، في أي لحظة يستقبله، رغم أنه القائد الأعلى والحاكم لأمة الإسلام ورغم مشاغله الكثيرة، كانت سماحة نفسه تفيض فتستوعب كل الناس حتى غير المسلمين، (وما رآني إلى تبسم في وجي) هل نتبسم على الأقل في وجوه زملاء العمل، ورفقاء الدراسة الذين نراهم كل يوم؟ أم هل نتبسم في وجوه أزواجنا وأبنائنا ونحن نخالطهم في يومنا وليلتنا؟ أم أنه قد تجهمت الوجوه فلا تكاد ترى ابتسامة ولا كلمة طيبة، وبالمناسبة فإن بعض الناس يقول: كيف تريدنا أن نبتسم أو نتبادل الكلام الطيب والأمور صعبة والحياة قاسية، والمعاناة والمشكلات كثيرة، فأقول إن سماحة نفسك وابتسامة ثغرك، والكلمة الطيبة من فمك هي علاج لك يعينك على مواجهة الصعاب، فأي شيء ينفعك إذا زدت فوق الصعوبة الحياتية هما في قلبك و غما في نفسك وكدراً في خاطرك، وظلمة في وجهك وفضاضة في فعلك وفحشا في قولك، إنك لا تزيد الأمر إلى سوءاً ولا تزيد نفسك إلا مزيداً من العناء والمشقة، ولكنك إن تبسمت وتكلمت بكلام طيب سر ذلك عن نفسك، وكان علاجاً لهمك وغمك بإذن الله عز وجل.







آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس