إلى السيد/حزن، مع التحية.
الأشقياء في الدنيا كثير، وليس في استطاعة بائس مثلي أن يمحو شيئا من بؤسهم وشقائهم
فلا أقل من أن اسكب بين أيديهم هذه العبرات ،علهم يجدون في بكائي عليهم تعزية وسلوى.
(المنفلوطي)
..
.
إلى من يحجزون في قلوبنا تذاكر طويلة الأمد، لا يغيبون عنا
و إذا رحلوا علِقوا على جدار القلب ولم يبرحونا
إليهم وحدهم دموع ليلة كاملة ...
..
.
..
.
كأي آلة من آلات هذا الزمن المبرمج، أرتب فراشي بنفس الآلية المعهودة
أتفحص وجهي في المرآة بنفس الحركات الرتيبة ذات اليمين واليسار
هكذا كل صباح ، نسخة من الصباح الآخر ولكن بتاريخ جديد ووجع جديد!
..
.
أربع انحناءات جهة اليسار تلك التي تؤدي بي إلى عملي
ولا أدري لما لم تمهد لي الحكومة الطريق جهة اليمين!
هكذا مارست الاعتراض على هذا الوطن في كل كبيرة وصغيرة
ولكنه كالحزن ملتصق بنا منذ أن رأت أعيننا النور.
..
.
..
.
بكرم غير مسبوق لم أحاول التفاوض معه،هذا الجاثم على صدري منذ أكثر من عشرين خريفا
بل تركت له هذه المساحة التي يحتلها ليلهو بها كيفما يشاء، فليس هناك من يجيد العربدة في صدور الضعفاء مثله، وليس هناك بأقدر منه على نشب أظافرة ومحاولة تماشيها مع كل شريان ووريد.
.
إلى السيد /حزن مع التحية،،
أما آن لك أن ترحل عن هذا القلب ، فقد فاض عليك كرمه وطاب لك المقام سنوات طوال؟
..
.
كنت صغيرا بما يكفي كي أدرك أن نهاية هذا الكون هناك حيث يمتد شريط القطار الحديدي للأبد!
واليوم أنا كبير بما يكفي كي أدرك أن نصيبي من الدنيا هذه الغرفة التي اقتسم فيها وجعي مع الزمن، وأن هناك كواكب أخرى خارج الجدران يقطنها من يسمون بالبشر!
..
.
..
.
يكفيك بلاهة أن تنقاد خلفهم تردد :
"كم هو مالح طعم الدموع"
هل تذوقتها؟
هل سالت يوما واقتحمت أسوار شفتيك كي تلجمك؟
تلك طقوس الحزن يا عزيزي
لاهمس ولا صوت سوى أنينك.
..
.
أيها المسلوق فوق صفيح ألسنتهم
يا من تعاني من برودتهم
هل فكرت مثلي يوما
أن تستيقظ قبلهم، وتسلبهم هذه الشمس؟
تضعها في جيبك حتى لا يهنئوا بدفئها!
..
.
لا أخشى على الذين أحبهم أكثر من أن أهدي إليهم هذا القلب فيشقون به.
منقولى باحساس