من كتب قصص القران قصة طالوت و جالوت
الجزء الاول:
كان من عادة بنى اسرائيل عندما يشتكبون مع اعدائهم فى معركة او حرب ان يحملوا فى مقدمة الجيش تابوتا مما يوفر لجيش اسرائيل الروح المعنوية العالية و سكينة النفس و مما ينزل الرعب و الهلع بصفوف جيش الاعداء اذا كان هذا التابوت صندوقا خشيبا يحتوى على عصا موسى عليه السلام و بقايا من الالواح التى التى انزلها الله على موسي و فيها شريعته الا انهم لما انحرفوا عن شريعتهم و خرجوا عن ايمانهم و غيروا ما بانفسهم اصيبوا بالم و عذاب كبيرين فقد غلبو على امرهم و طردوا من ديارهم و اخذ منهم تابوتهم فانفصمت عروتهم و تصدعت قوتهم فاستكانوا للذل و باتو على الهوان و هكذا ظل بنو اسرائيل على هذا الشكل ردحا طويلا من الزمن و اخذو يبحثون عن مخرج للحالة التى هم فيها و للوضع السئ الذى اصبحوا فيه و الذل و الضياع اللذين احاطا بهم فلجا نفر من بنئ اسرائيل الى نبيهم صموئيل لعلهم يجدون لديه المخرج الملائم و الانقاذ الصحيح و قد طلبوا منه ان يختار لهم ملكا ينصاعون لاوامره و يقوون تحت رايته و لعلهم يغلبون اعداءهم و يحرزون النصر المشرف قال تعالى:{الم تر الى الملا من بنى اسرائيل من بعد موسي اذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله قال هل عسيتم ان كتب عليكم القتال الا تقاتلوا قالوا و ما لنا الا نقاتل فى سبيل الله و قد اخرجنا من ديارنا و ابنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا الا قليلا منهم و الله عليم بالظالمين }
و كان صموئيل قد اطلع على احوالهم و لمس نقاط قوتهم و نقاط ضعفهم و لما الح على صموئيل بنو اسرائيل باختيار زعيم لهم وافق على ان يستخير الله فى امرهم لعله يجد الحل المنشود فاستخار صموئيل الله فيمن الاصلح و الافضل لتولى زعامة بنى اسرائيل فاوحى الله تعالى اليه : انى قد اخترت عليهم طالوت ملكا
قال تعالى : { قال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا}
و كعادة بنى اسرائيل فى الاعتراض على احكام الله قالوا لنبيهم كما فى قوله تعالى : {قالوا انى يكون له الملك علينا و نحن احق بالملك منه و لم يوت سعة من المال}
الجزء التانى:
سال صموئيل ربه قائلا:
يا رب ان طالوت انسان لم يسبق لى ان عرفته ولا سمعت به من قبل فاوحى اليه : انى سأرسله اليك و سوف تتعرف عليه بكل سهولة فعليك ان تسلمه الملك وراية الجهاد كان طالوت رجل يميل الى البدانة طويل القامة قوى البنية له عينان لامعتان و قلب ذكى و عقل ناضج الا انه لم يكن معروفا عند الجميع الا لدى قليل من الناس فقد كان قرويا يعيش مع ابنه فى احدى قري الوادى يقوم برعى الماشية و زرع الارض و يشذب الزرع و مرة كان طالوت يرعى ماشيته مع غلامه اذ ضل بعضها فى الارض الواسعة الوعرة فاخذا يبحثان عن الماشية الضالة فما لبثا ان شاهدا انفسهما فى اراضى صوف موطن النبي صموئيل فقال الغلام لطالوت : ان صموئيل كما اعلم نبى ياتيه الوحى و تهبط عليه الملائكة فهلم اليه نستوضحه و نطلب العون منه فوافق طالوت و تجدد لديه الامل و لمح بارق النجاح
الجزء الثالث:
و بينما كان طالوت و غلامه فى طريقهما الى صموئيل شاهدا فتيات خرجن يطلبن الماء فطلبا اليهن ان يرشداهما الى النبى صموئيل فقلن لهما : نعم ان القوم على ذروة الجبل فى انتظاره و هو على وشك الوصول فاذهبا و اصعدا قمة الجبل هذه
فما ان وصلا حتى لمحا مع القوم صموئيل من بعيد متجها اليهم الى هذا المكان فما لبث ان وصل صموئيل و اصبح بين النبوة يفوح من صموئيل و تحدثت قسماات و جهه و ان لم يتكلم بانه يحمل معه النبأ الهام عن ملك طالوت ذلك الرجل القوى و هنا التقت عينا صموئيل و طالوت حيث اعلمه بنبأ الزعامة و السلطان
توجه صموئيل الى طالوت قائلا:
ان الله قد اختارك ملكا لبنى اسرائيل لكى تجمع كلمتهم و تحزم امرهم و تخلصهم من اعدائهم و تعيد الايمان بالله الى قلوبهم
قال طالوت و قد فاجأه النبأ:
ما انا و الملك و الرئاسة انا من ابناء بنيامين اخمل الاسباط ذكرا و افقرهم مالا و اقلهم صيتا
قال صموئيل:
هذه ارادة الله ووحيه و امره فاشكره على هذه النعمة و هذا الاختيار
ثم امسك طالوت من يده و نادى قومه قائلا:
ان الله قد اختار لكم طالوت فله حق الزعامة و القيادة و التصرف و عليكم الاذعان و الطاعة له فاحزموا امركم و استعدوا للقاء اعدائكم
قال تعالى : {ان الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة فى العلم و الجسم والله يؤتى ملكه من يشاء والله واسه عليم}
فعندما انفض القوم من ذورة الجبل حيث بشروا بملك طالوت و جدوا التابوت فنزلت عليهم السكينة و تفاءلوا بالخير و اقروا لطالوت بالسلطة و اعترفوا له بالملك
قال تعالى:{قال لهم نبيهم ان اية ملكه ان ياتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم و بقية مما ترك ال موسى وال هارون تحمله الملائكة}
الجزء الرابع:
تسنم طالوت الملك و احسن قيادة الجيوش و اظهر حزما و عزما و حنكة و دراية فى اصول الحكم و تسير امور الناس و لما مضت فترة زمنية قصيرة كان قد جهز جيشه احسن تجهيز و اعاد نسجه من جديد قويا صلبا مقداما بارعا الا ان طالوت و هو الملك الحكيم اراد ان يحتاط لنفسه فاراد ان يختبرهم و يعدهم اى بنى اسرائيل للقاء المنتظر مع الاعداء و خشى طالوت ان يخذلوه ساعة المعركة الفاصلة فقال لهم :
انكم ستلاقون نهرا متدفقا فمن كان قوى الشكيمة مؤمنا واثقا من النصر لاعلاء كلمة الله عزيزة كريمة فلا ينهل من الماء الا القليل فأولئك هم الصابرون المؤمنون المخلصون اما من شرب الكثير من الماء عب منه ما شاء فقد جاوز الامر وألحق الأذى بنفسه و بجيشه و من ثم كان سببا فى الهزيمة و الانكسار و حدث ما توقع طالوت حدوثه فقد سارع الأكثرون الى النهر يعبون منه عبا الا القلائل منهم و هكذا انقسم جيش طالوت شعبيتين شعبة خارت قواهم و ضعفت عزيمتهم و تخاذلت قوتهم و شعبة قليلة ظلت قوية صامدة مقدامة هؤلاء الذين عمر قلوبهم الايمان و تشربوا حب الجهاد فى سبيل الله فلما حمى و طيس المعركة برز جالوت قائد جيش عدو بنى اسرائيل داعيا للمبارزة فخافوه و هابوا صولته و تهيبوا ملاقاته فوقفوا حوله خائفين متخاذلين متراجعين
الجزء الخامس:
كان يقيم فى بيت لحم رجل مسن قد احنت السنون ظهره و اشتعل رأسه شيبا و كان يعيش هادئا امنا مع اولاده الذين اصبحوا فى سن الفتوة و الشباب فلما قامت الحرب و استنفر طالوت بنى اسرائيل للجهاد اختار هذا الرجل ثلاثة من ابنائه للاشتراك فى الجهاد و قال لاصغرهم:
عليك انت يا بنى عليك ان تحمل الطعام لأخوتك و ان تكون رابطة الوصل بينى و بينهم حين تأتينى باخبارهم يوميا دون اهمال او تقصير اما ساحة الحرب و ميدان الوغى فاحذرك من الاقتراب منها او خوض غمارها فانت لست مؤهلا لها فدعها لاصحابها و انتبه لنفسك وخذ جانب الحذر منها لم يكن هذا الابن و الفتى الاصغر الا داود عليه السلام فقد كان على حداثة سنه وضئ الطلعة ذكيا فطنا شجاعا سار داود مع اخوته حتى بلغو ميدان المعركة و شاهد قائد جيش العدو ينزل افدح الخسائر بصفوفهم و يلحق بهم الهزائم فيقتل هذا و يجرح ذاك و الكل يتجنب ضرباته و الكل يخشى سطوته سأل داود اخوته عن هذا الانسان القوي فقالوا له :انه جالوت الذى لا يخشي احدا و هو الذي أذاق جيش بنى اسرائيل الامرين حتى الشجعان و البواسل منا قد هابوا لقاءه و منازلته و اطرق داود مفكرا بامر جالوت و رأى كيف ان هذا القائد قد الحق بنى اسرائيل و جيشهم الذل و العار فصمم على لقائه و مبارزته فقابل طالوت و ابدى له الرغبة فى مبارزة جالوت للقضاء عليه و كسر شوكة الاعداء الا ان طالوت لم يوفق داود فى بادئ الامر و هو الصغير الضعيف و خاف عليه من بطش جالوت القوى الشديد ثم ان طالوت وافق اخيرا تحت الحاح داود و رغبته فسمح له بمبارزة ذلك القائد الصنديد جالوت و كان ان توجه داود لملاقاة القائد و كان سلاحه الحجارة و المقلاع بدلا من السيف و الرمح و الدرع و الخوذة فلما شاهده القائد جالوت على هذه الحال و بهذا السلاح سخر منه و استخف به و جرت المبارزة و القتال امام انظار الجميع و كانت المفاجأة ان ارسل داود ضربه صائبه اصابت رأس جالوت بوسطة حجارة المقلاع ففارق الحياة
قال تعالى :{فهزموهم باذن الله و قتل داود جالوت واتاه الله الملك و الحكمة و علمه مما يشاء و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض و لكن الله ذو فضل على العالمين تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق و انك لمن المرسلين} .
و انتهت القصة التى اتعلمنا منها الحكمة و القوة
03-04-2011, 06:51 PM
طالوت و جالوت قصص القران
