"اللى يضربك أضربه".. آخر نصائح الأم العصرية
تقوية شخصية الطفل بدلاً من غرس سلوك العنف والضرب لينفع نفسه والمجتمع
"مذاكرتك فى دماغك ومطوتك فى جيبك.. اللى يقولك غششينى غزه".. على طريقة الفنانة عبلة كامل فى فيلم اللمبى، أعطت بعض الأمهات نصائحها لأطفالها فى أول يوم مدرسة قائلة: "اللى يضربك أضربه.. خد حقك بأيدك.. اقعد فى الصف الأول وماتقومش لحد" وغيرها من النصائح التى تنشأ الطفل على البلطجة والعنف.
تحكى سامية سرحان موظفة عن موقف تعرضت له، قائلة: "كنت راكبة الأتوبيس عائدة من عملى، والأتوبيس كعادته زحمة والجو شديد الحرارة، وكان هناك طفل حوالى 7 سنوات يجلس على كرسى بمفرده طلب منه أكثر من رجل عجوز وسيدة مسنة أن تجلس بجواره، ولكن كانت الأم تتصدى لكل من يطالب الطفل بالوقوف من أجل المسن، مؤكدة أنها دفعت له ثمن التذكرة ومن حقه الجلوس على كرسى بمفرده، ورفضت تعليقات الركاب بضرورة أن تعلم طفلها احترام الكبير".
وفى المقابل تقول نرمين صالح مدرسة روضة أطفال، إن أغلب الأطفال التى تتعامل معهم يضربون بعضهم البعض دون الرجوع إليها، وفى كل مرة تنبه عليهم أن يلجأوا إليها إذا ضربهم أحد، ولكن السائد بينهم طبقاً لما تعلموه فى بيوتهم "خد حقك بأيدك، واضرب اللى يضربك".
وتضيف، ذات مرة تدخلت بعد أن ضرب طفل زميله أثناء اللعب دون قصد، وبكى الطفل بحرقة شديدة، لأنها منعته من أخذ حقه ورد الضرب لزميله، وفى اليوم التالى جاءت أم الطفل تريد أن تمسك زميل ابنها كى يضربه ويأخذ حقه، حاولنا منعها وتغيير تفكيرها من التفكير العدوانى، الذى ينشئ الطفل على البلطجة والعنف، ولكنها ترى أن هذا الأسلوب الأنسب مع المجتمع.
وتعلق الدكتورة نعمت عوض الله خبيرة العلاقات الأسرية على هذه النصائح، قائلة: إن هذه السلوكيات الغريبة تعكس الأنانية التى تفشت فى المجتمع المصرى، الكل يبحث عن مصلحته الخاصة، مؤكدة أن أولياء الأمور كانوا قديماً يعلمون أبناءهم إعلاء المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، لأن أمانهم ومصلحتهم جزء من مصلحة المجتمع، وضربت المثل بنفسها حيث تعلمت أن تفسح المجال للأتوبيس فى الطريق وتحافظ على أمانه وسلامته، لأن سلامته تعنى سلامة 50 فرداً على الأقل فى داخله بعكس السيارة الملاكى، مهما زاد العدد فيها فلن يتعدى 4 أشخاص، مشيرة إلى أن الأم والأب أول من يحصد هذه الأنانية، وسيأتى يوم يعلى فيه الابن مصلحته على مصلحة أبيه أو أمه.
بينما تبرر سلوك الأمهات وتعليمها لأبنائها "اللى يضربك تضربه" لافتقاد الأسر الإحساس بالأمان داخل المجتمع، فإذا حدث مكروة لأحدنا ولجأ للشرطة، فلن تقوم الشرطة بواجبها وتعيد له حقه، وإن كانت القاعدة والأخلاق تؤكد على ضرورة أن تعلم الاعتذار والاحترام فيما بيننا.
وتضيف عوض الله إذا غرست الأم فى طفلها العنف وأخذ حقه بيده فسيأتى عليه يوم يقابل من هو أقوى وأكبر منه، وبالتالى لن يستطيع ضربه، وقتها سيشعر بالقهر والإحباط، والعجز فى استرداد حقه وهو إحساس صعب نفسياً أقوى من الضرب.
وترى أن البديل هو فى تقوية شخصية الطفل، بدلاً من اللجوء للعنف والضرب، وتدريبه على أن يحترم نفسه ويفرض احترامه على الجميع، ويأتى ذلك من خلال التميز العلمى أو الرياضى أو التميز فى أى مجال يعطيه الثقة بالنفس ويقوى من شخصيته.