إن خالفك الجميع فأنت على وشك إنجاز غير مسبوق
جاء في لسان العرب (ثبط) بمعنى ثبطه عن الشيء أو شغله عنه وريثه وثبته وأقعده.. وجاء في قوله تعالى (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين)..
والتثبيط - أيها السادة - عادة متأصلة في الإنسان كونه مخلوقاً محافظاً ومتشككاً بطبعه . وهو أولى عقبات الإبداع والتفكير الخلاق كونهما يتطلبان الاستعداد لاقتحام المجهول والخروج عن المألوف وعدم التقيد بالموروث والمعروف..
ولأن التفكير التثبيطي هو النمط السائد لدى عامة البشر أصبح العباقرة والمبدعون عملة نادرة (لدرجة اعتبار العبقرية حالة مرضية وفلتة اجتماعية من قبل بعض المؤرخين).. وجميعنا في الحقيقة سمع جملاً تثبيطية جاهزة ومقولبة يلقيها - حتى أقرب الناس إلينينا - فور تقديمنا لاقتراح رائد أو فكرة مبتكرة ..
وقبل كتابتي لهذا المقال استرجعتُ شخصيا (نصائح) كل من أراد تثبيطي عن هذا العمل أو ذاك ووجدت أنه كلما كانت الفكرة جديدة ومختلفة زادت عبارات التثبيط وضرب الأمثلة السالبة.. ليس هذا فحسب ؛ بل لاحظت أن معظم الحجج المثبطة التي يقدمها الناس متشابهة ومتماثلة - من حيث معناها - وسلبية ومتشائمة من حيث توجهها ...
@ فأنت مثلا في عملك لابد أنك سمعت هذه الحجج المثبطة بتعابير مختلفة منها :
الأنظمة لا تسمح (وكأن الانظمة قرآن منزّل) ، جربنا هذا من قبل (ولعلهم جربوه بطريقة خاطئة) ، فكرتك معقولة ولكن...(ولكنه يخاف من المجهول) ، لا نملك الميزانية اللازمة (وبالطبع تتوفر للخدمات الشخصية) ،
لا نملك الصلاحية (لأنك في بيئة لا تشجع على الإبداع) ، اهتم بعملك فقط (فرئيسك متحجر التفكير)، سيرفض المدير فكرتك (تجاهلءه فهو يغار منك) ، قدّم إلينا الدليل (يريد تعجيزك) ، اكتب عنها تقريرا (على أمل أن تنسى) ، سنرى (سينسى هو) ، لا تكن سخيفاً (يحسدك على الفكرة) ، الناس تكره التغيير (وأنت أحدهم) ، لن نجازف في أمور لا نفهمها (وبالتالي ننتظر الصينيين ليفعلوها !) ، مكلفة أكثر مما تستحق (كيف يحكم بدون دراسة) ، ينظر إليك بابتسامة ساخرة (ورب نظرة خير من ألف تعبير) ، ماذا سيقول عنا الناس (متخلفين) ، لالالا نحن دائما نعمل بهذه الطريقة (وصل لمرحلة الشيخوخة الفكرية) ، المؤسسة الفلانية جربت ذلك من قبل (إذاً لنستفد من أخطائها) ، افعل ماتسمح به اللوائح (يحتمي بسلطة الروتين)، كن واقعيا (بمعنى كن ضمن القطيع) ، سأفكر وأرد عليك (طريقة مؤدبة في الرفض) ، امشي جنب الحيط (مجرد مثل عامي)!!
هذه أبرز العبارات المثبطة التي ستواجه بها إن كنت مبدعا أو صاحب فكرة جديدة.. وكن على ثقة دائما بأن الناس قسمان الأول قلة تبني وتبدع، والثانية كثرة تنتقد وتثبط.. فإن كنت من القسم الأول فتجاهل القسم الثاني وضع نصب عينيك ما يلي:
إن خالفك الجميع فأنت على وشك إنجاز غير مسبوق..
وإن أثرت غيرة منافسك فأنت تسير في الاتجاه الصحيح ..
أما إن تجاهلك أعداؤك فتأكد أنك وصلت!!
بقلم الكاتب الرائع / فهد الاحمدي