هل يقبل العرب "ركل" قبر صلاح الدين مرة أخري؟
المصدر: جريدة التعاون
بقلم: تامر دياب
بشار الأسد
وكثيرا ما نسمع ونقرأ ونري تقارير ودراسات إسرائيلية وأمريكية أو لأي دولة صاحبة مطامع في المنطقة تتمحور فحواها إلي ضرورة إحداث القطيعة والانفصام بين مصر وسوريا فهل يسأل المزايدون لماذا هذا المخطط؟
من المؤكد أن هناك أهمية كبيرة تحظي بها سوريا بالنسبة للعرب بشكل عام ولمصر بالطبع بوجه خاص. بل وخاص جدا.
فإن كنا وسوريا قد شكلنا جسدا واحدا باسم الجمهورية العربية المتحدة برئاسة الزعيم الخالد جمال عبدالناصر فإنه عندما كان قرار الانفصال رفض عبدالناصر أن يطلق مصري رصاصة ضد سوري حفاظا علي الوحدة رغم أن أنصارها من السوريين أنفسهم طالبوا بأن يتصدوا للانفصاليين لكن عبدالناصر رفض أيضا.
وبعد الانفصال كان عشق مصر لسوريا أن لم تسم أحد فيالقها العسكرية بـ"الجيش الأول" لأن هذا الاسم كان يطلق علي الجيش السوري، وكان في مصر الثاني والثالث. وكان من عشق سوريا لمصر أن احتفظ شعبها بذات علم الوحدة الذي تمثل أحد نجمتيه مصر والنجمة الأخري سوريا وهي الحالة الوحيدة في العالم الذي تحمل فيه دولة علي علمها إشارة لدولة أخري تعبيرا عن حلم الوحدة مرة أخري مها طال الزمن.
- درع عربي:
وعلي مدار التاريخ كانت مصر وسوريا حائطا صلدا ضد أعداء الأمة العربية أو الدولة الإسلامية الكائنة في هذه المنطقة وعبرهما بشكل رئيسي تم سحق أعداء الأمتين عبر التاريخ من التتار إلي الصليبيين وقبلهما الروم والفرس وبعدهم جميعا ذلك الكيان السرطاني الاحتلالي الاستعماري المسمي بإسرائيل الذي كان أحد أهم أسباب دعم الغرب له هو أن يكون نقطة فصل لمصر من جهة وسوريا والعراق ودول المشرق العربي من جهة أخري تفتيتا للقوة العربية.
هذه مصر وهذه سوريا دولتان علي قلب واحد هو العروبة والإسلام تسعي أعداء المنطقة لتدميرها لأنهما الباقيتان بعد العراق المحتل. ولذا من المهم أن يفهم الجميع حقيقة ما يحاك من مخطط ضد سوريا فإذا كنا قد طالبنا بحقن دماء الاشقاء من إخواننا أبناء سوريا الكرام لأن كل قطرة دم وأرواح تزهق هي خسارة لمصر التي يعلم الجميع أنها الكعكة الكبيرة ـ كما قال الأمريكان ـ وبعد العراق وليبيا وتقسيم السودان وتدجين الخليج تكون سوريا هي آخر المحطات قبل التفرغ لمصر.
وهناك مخطط أمريكي إسرائيلي لدعم الفتنة في سوريا وإجهاض كل محاولات رأب الصدع بين أشقاء في الوطن السوري العربي لعدة أهداف أولها ما ذكرناه عن أهمية سوريا لمصر المستهدفة في المرحلة التالية.
ثانيا: الانتقام من سوريا لدورها المهم والخطير في احتضان أبناء العراق وعلمائه الفارين من المذابح الإسرائيلية الأمريكية ضدهم بعد الاحتلال.
ثالثا: دورها الهام بعد إحتلال العراق حيث أصبحت المعبر العربي الوحيد للمقاومة العربية والتي إنطلقت نحو العراق لتأديب الاحتلال الأمريكي والتي بسبب دورها الوطني هذا عاد آلاف الأمريكيين المحتلين إلي بلادهم في نعوش طائرة بعدما قتل هؤلاء الجنود المجرمين مئات الآلاف من العراقيين بل الملايين منهم معظمهم من النساء والأطفال والعجائز عند إحتلالهم للعراق ولذا تسعي أمريكا للانتقام فقد كانت تريد إبادة الشعب العراقي دون أن تخسر جنديا واحدا.!
رابعا: دور سوريا الوطني والقومي العربي في دعم فصائل المقاومة الفلسطينية خاصة قادة حماس والجهاد الإسلامي الذين أغلقت معظم الدول العربية ـ للأسف ـ أراضيها أمامهم إرضاء لأمريكا.
خامسا: رفض سوريا السلام الانهزامي الذي لا يحقق السيادة علي كامل أراضيها المحتلة وإعادة الجولان المحتل كاملا.
سادسا: دور سوريا الهام والمؤثر في دعم حزب الله ذلك الحزب الذي نجح في إيلام إسرائيل خلال عدوانها علي لبنان عام 2006 وقبلها عام 2000 عندما نجح في إجبار إيهود باراك وزير دفاع إسرائيل آنذاك ووزير دفاعها الحالي أيضا أن يفر بقوات جيشه تحت جنح الظلام هربا من لبنان وكان لسوريا دور هام في هذه المعارك بالدعم السياسي واللوجيستي والعسكري.
سابعا: التخلص من نظام الأسد الذي سعي لامتلاك أسلحة غير تقليدية كيماوية وصاروخية وربما نووية لمواجهة ترسانة الأسلحة النووية التي تملكها تل أبيب.
ثامنا: دور سوريا المؤثر في عجلة الصراع الإيراني مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ذلك أن سوريا حلقة الوصل بين طهران وفصائل وأحزاب المقاومة اللبنانية والفلسطينية المتوقع مشاركتها في الانتقام لإيران وقصف إسرائيل بالصواريخ في حال مهاجمة الأخيرة للبرنامج النووي الإيراني كما هو متوقع.
تاسعا: إغلاق أحد أهم المعابر التي يمكن أن يخفف الحصار السياسي والعسكري والاقتصادي علي إيران إن لم يكن آخرها فعليا بعدما أحكمت واشنطن قبضتها علي معظم الدول المحيطة بإيران سياسيا وعسكريا.
عاشرا: أن كل نقطة دم سورية تراق أو روح تزهق هي وإن كانت خسارة لمصر والعرب فهي بالطبع مكسبا لإسرائيل ويمنحها السعادة.
- الاستقواء بالأعداء:
وإذا كان من حق أي مواطن سوري أو عربي أن يعبر عن آرائه السياسية واتجاهاته نحو الحكم والنظام بكل حرية وأن يسعي عبر الطرق الديمقراطية للمشاركة في الحكم أو حتي تغييره لكن من العار ما تقوم به العديد من القوي المعارضة السورية بالارتماء في أحضان واشنطن الموجهة من تل أبيب فنجد الدعم القوي للمعارضة السورية ـ بالطبع ليس جميعها خاصة الوطني منها ـ ونجد الاحتضان التركي المدعوم من واشنطن للمجلس الوطني السوري الموحد والمنشقين السوريين المسلحين المدعومين أيضا عبر تمويل قطري خليجي كشفت عنه الحكومة السورية مرارا الأمر الذي أدي لصراعات مسلحة بين أبناء سوريا تتجه في تصاعدها نحو الحرب الأهلية الشاملة التي تحمل المجازر وبحور الدم لأبناء سوريا جميعا من كل الأطراف.
فالولايات المتحدة وعملاؤها في المنطقة وخارجها لا يعنيهم الشعب السوري حتي إذا سفكت دماؤه أنهارا ولا يعنيهم ما يقولون في بياناتهم الخادعة عن حقوق الانسان والديمقراطية وحرية التعبير وإلا فلم لا يطالبون إسرائيل بالكف عن جرائمها ضد الفلسطينيين والتي تتم بأسلحة أمريكية؟!
ولذا من المهم أن يدرك العرب والسوريون أهمية ومكانة سوريا منشأ صلاح الدين الأيوبي ـ الذي ذهب القائد الفرنسي "غورو" إلي قبره فور إحتلال فرسا لسوريا وركل القبر قائلا: "يا صلاح الدين أنت قلت لنا في إبان حروبك الصليبية أنكم خرجتم من الشرق ولن تعودوا إليه. وها أننا قد عدنا فانهض من قبرك لترانا هنا في سوريا".
فهل يقبل السوريون الوطنيون عودة "هرقل" مرة أخري لبلادهم في صورة أوباما أو ساركوزي أو نتانياهو؟. وهل يقبل الجميع "ركل" قبر صلاح الدين الايوبي مرة أخري. ولا مانع لذلك سوي أن يتخذوا موقفا إيجابيا للخروج بسوريا من عثرتها وألا يتركوها أو زمام أمتهم للاعداء المتربصين بالجميع. عاشت سوريا وشعبها حرة آمنة مستقرة.
09-25-2012, 11:55 AM
هل يقبل العرب "ركل" قبر صلاح الدين مرة أخري؟
رد: هل يقبل العرب "ركل" قبر صلاح الدين مرة أخري؟
