السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الغضب والقلق يدمران نظام عمل القلب ويمكن وتتضاعف نسبة الإصابة بالنوبة القلبية القاتلة بنسبة 850 % لنقرأ هذه الدراسة الجديدة ....
دراسة جديدة (24/2/2015) لجامعة سيدني University of Sydney تؤكد أن الغضب يدمر أنظمة عمل القلب، ويزيد احتمال الإصابة بالنوبة القلبية القاتلة أكثر من ثمانية أضعاف وذلك خلال الساعتين اللتين تعقبان نوبة الغضب!
ويقول الباحثون: بمجرد أن تغضب فإن نبضات القلب تتسارع ويزداد ضخ الدم وتزداد نسبة التخثر وتضيق الأوعية الدموية ويزداد ضغط الدم.. وبالتالي يرتفع احتمال الإصابة بالنوبة القلبية. الجدير بالذكر أن القلق يحدث نفس أعراض الغضب أيضاً!
يقول البروفسور Professor Geoffrey Tofler من جامعة سيدني:
"Our message to people is they need to be aware that a burst of severe anger or anxiety could lead to a coronary event, so consider preventative strategies where possible," رسالتنا للناس أن ينتبهوا لمخاطر الغضب الشديد أو القلق الذي يمكن أن يؤدي لمشاكل قلبية ويجب تجنبه قدر المستطاع.
وهكذا ينصح العلماء بضرورة عدم الغضب، وإذا ما حدث الغضب فيجب اتخاذ إجراءات تهدئة لمنع حدوث نوبة قلبية، مثل الجلوس والاسترخاء وصب شيء من الماء على الوجه وشغل النفس بشيء آخر لنسيان أسباب الغضب...
إذاً الحقيقة العلمية تقول بأن الغضب خطير جداً على القلب ويمكن أن يؤدي لنوبة قاتلة، وأفضل علاج هو الاترخاء والهدوء والإقلاع عن التفكير بالموقف الذي سبب الغضب.
وسبحان الله، هذا ما فعله حبيبنا عليه الصلاة والسلام قبل أربعة عشر قرناً. فقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني قال: (لا تغضب، فردد مرارًا، قال: لا تغضب) [رواه البخاري]. هذا النهي عن الغضب يكشفه العلماء اليوم وينصحون به، والنبي الكريم نصحنا به من قبل!
وكذلك فإن النبي اعتبر أن القوة تكون بامتلاك النفس وليس بالقوة الجسدية. وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس الشّديد بالصُّرعة، إنّما الشّديد الذي يملك نفسه عند الغضب) [متفق عليه]. وفي هذا الحديث الشريف تميز بين القوة الجسدية والقوة النفسية، وهذا الأمر لم يكن معروفاً زمن النبي عليه الصلاة والسلام، فأشار إشارة خفية إلى علم النفس الذي يدعي الغرب أنه هو أول من وضع قواعده!
اتباع إجراءات تحدّ من تأثير الغضب طبياً مثل سكب الماء قد سبق إليه النبي الكريم عندما أمر بالوضوء لدى الغضب، قال النبي الكريم: (إنّ الغضب مِن الشّيطان، وإنّ الشّيطان خُلِق مِن النّار، وإنّما تُطفأُ النّارُ بالماء، فإذا غضِب أحدُكُم فلْيتوضّأ) [رواه أحمد]... إن هذا الحديث يتفق مع الحقائق العلمية تماماً. كما أن العلماء ينصحون من لديه مشاكل في القلب إذا غضب بأن يأخذ فترة من الصمت والهدوء للحفاظ على قلبه... وهذا ما نصح به حبيبكم عليه الصلاة والسلام بقوله: (وإذا غضب أحدُكم فليسكُت) [رواه أحمد].
كما أن الخبراء ينصحون بضرورة تخفيف ضغط الدم أثناء الغضب من خلال الاسترخاء.. وسبحان الله، هذا ما نصح به حبيبنا قبل قرون طويلة، فقد روى سيدنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع) [رواه أحمد].
إن هذه الأحاديث تشهد على أن النبي عليه الصلاة والسلام كان هادئاً لا يغضب إلا إذا انتهكت حرمات الله، وهذا عكس ما يروج له أعداء الإسلام أن النبي كان انفعالياً أو عصبياً أو متسرعاً.
وبعد هذه الحقائق هل أدركتم معي عظمة هذا الهدي النبوي الشريف؟!
وأخيراً نتذكر أن المغفرة والتسامح هو خير علاج للغضب.. كما قال الله تعالى في هذه الآية العظيمة: (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ) [الشورى: 37].
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل