مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، فى رحـــاب القرآن الكريم
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، فى رحـــاب القرآن الكريم
ومع آية راائعه من الكتاب المبارك نتواصل بها معكم ,,
,, ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ )
هو المالك لكل شىء فى الدنيا والاخره
قوله تعالى: { مالك يوم الدين } صفة لـ{ الله }؛
و{يوم الدين } هو يوم القيامة؛
يعني أنه سبحانه وتعالى مالك لذلك اليوم الذي يجازى فيه الخلائق؛ فلا مالك غيره في ذلك اليوم؛
و "الدين" تارة يراد به الجزاء، كما في هذه الآية؛ وتارة يراد به العمل،
كما في قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6] ،
ويقال: "كما تدين تدان"، أي كما تعمل تُجازى..
وفي قوله تعالى: ( مالك ) قراءة سبعية: { مَلِك}،
و "الملك" أخص من "المالك"..
وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛
وهي أن ملكه جلّ وعلا ملك حقيقي؛
لأن مِن الخلق مَن يكون ملكاً، ولكن ليس بمالك:
يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء؛
ومِن الناس مَن يكون مالكاً، ولا يكون ملكاً: كعامة الناس؛
ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ ملِك..
. من فوائد الآية:
إثبات ملك الله عزّ وجلّ، وملكوته يوم الدين؛
لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات، والملوك..
فإن قال قائل: أليس مالك يوم الدين، والدنيا؟
فالجواب: بلى؛
لكن ظهور ملكوته، وملكه، وسلطانه، إنما يكون في ذلك اليوم؛
لأن الله تعالى ينادي: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16]
فلا يجيب أحد؛ فيقول تعالى: {لله الواحد القهار} [غافر: 16] ؛
في الدنيا يظهر ملوك؛ بل يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم؛ فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات، والأرض؛
يرون أن الحياة: أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو رئيسهم..
.
ومن فوائد الآية:
إثبات البعث، والجزاء؛ لقوله تعالى: ( مالك يوم الدين )
. ومنها:
حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون..
وتخصيص الملك بيوم الدين لا ينفيه عما عداه ،
لأنه قد تقدم الإخبار بأنه رب العالمين ، وذلك عام في الدنيا والآخرة ،
وإنما أضيف إلى يوم الدين لأنه لا يدعي أحد هنالك شيئا ،
ولا يتكلم أحد إلا بإذنه ،
كما قال سبحانه وتعالى:
( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لايتكلمون الا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) النبأ 38
وقال تعالى : ( وخشعت الأصوات للرحن فلا تسمع الا همسا) طه : 108
، وقال : ( يوم يأت لاتكلم نفس الا بأذنه فمنهم شقىّ وسعيد ) هود 105
وقال الضحاك عن ابن عباس : ( مالك يوم الدين )
يقول :
لا يملك أحد في ذلك اليوم معه حكما ، كملكهم في الدنيا .
قال : ويوم الدين يوم الحساب للخلائق ،
وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر ،
إلا من عفا عنه .
وكذلك قال غيره من الصحابة والتابعين والسلف ، وهو ظاهر .
وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه ذهب إلى تفسير مالك يوم الدين
أنه القادر على إقامته ، ثم شرع يضعفه .
والظاهر أنه لا منافاة بين هذا القول وما تقدم ،
وأن كلا من القائلين بهذا وبما قبله يعترف بصحة القول الآخر ، ولا ينكره ،
ولكن السياق أدل على المعنى الأول من هذا ،
كما قال تعالى : (الملك يومئذ الحق للرحمن ) الفرقان 26
والملك في الحقيقة هو الله عز وجل ؛
قال الله تعالى : ( هو الله لااله الا هو الملك القدوس السلام )
و عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
يقبض الله الارض ويطوى السماء بيمينه ثم يقول انا الملك , أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟
وفي القرآن العظيم : ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهّــار )
وفي الحديث : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت
أي حاسب نفسه لنفسه ؛
كما قال عمر رضي الله عنه : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا ، وتأهبوا للعرض الأكبر على من لا تخفى عليه أعمالكم :
( يومئذ تعرضون لاتخفى منكم خافيه )