أذن المؤذن للصلاة....الله أكبر ...الله أكبر....حي على الصلاة.
ويبدوا أني كنت هذه المرة مشغولا ... فوجدت نفسي أكمل ما كنت فيه....ويبدوا أن الوقت أخذني لأكثر من هذا.
توضأت سريعا.... تسابقت مع الوقت لأدرك ولو الركعة الأخيرة من الصلاة.....فلما دخلت المسجد وجدت الإمام يرفع من السجود للتشهد الأخير.... ووجدت أربع صفوف....ولأني كنت آخر الداخلين فكان نصيبي هو آخر صف.
ثم تدبرت حالي وحال أصحاب الصف الأول... لماذا هم هناك في الصف الأول .. ولماذا أنا هنا في الصف الأخير؟
تفكرت بعدها مليا...لماذا؟؟
لماذا يسعى هؤلاء االى الصف الأول مسرعين ليغنموا به؟؟
يبدوا أن هناك شيئا نفيسا سيحصلوه من وراء هذا العمل .....ثم فجعت!!
يا ويلتي....انهم يسعون لنفس ما أسعى إليه.....انهم تسابقوا ليراهم الرحمن في الصف الأول.....ليراهم الله في المتقدمين كما أحب ان يراني الله....ليطلبوا الجنة كما أدعي أني أطلبها.
فلماذا تأخرت ؟؟ ولماذا تقدموا؟؟...وكيف أستوي معهم وقد سبقوا.
هذا الحدث طرق رأسي بشدة.....وماذا عن باقي حياتك.... هل أنت من المتأخرين أم من المتقدمين.
كلنا يسعى لها وكلنا يدعي حبها ... ولكن من بصدق عمل لها؟
رأينا كثيرا من عمل واجتهد وأخلص....سمعنا قصص أناس تحولوا من الكفر للإسلام فتركوا عنهم كل حرام تعودوا عليه وتلبسوا بكل مرضاة سمعوا أنها تقربهم من الجنة.
وأناس وفقهم الله للالتزام فكان هذا كافيا لهدم كل مظهر كان في حياة الجاهلية.
وأنت ؟!!..كم من عمرك قضيت في الخمول والناس تتسابق من حولك إلى رضى الرحمن باذلة كل غال ونفيس.
كأني راكب على دابة بطيئة الممشى من كثرة تسويفي وتأخيري..... والمخلصون حولي يتسابقون على صواريخ فائقة السرعة وأنا أنظر إليهم نظرة العاجز الذي ضيع التسويف وطول الأمل عمله وأجله...وأعزي نفسي بمن هم أكثر مني تأخرا وأبطأ مشيا.
إن الله عز وجل قد أمر المؤمنين بالتسابق الى مرضاته فقال سبحانه وتعالى (وسابقوا إلي مغفرة من ربكم وجنة)
وحض في المشي الى طريق الخير بالمسارعة (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة)
انتِ .... ماذا يكون شعورك عندما تجدين أختا لك قد غلبت هواها ومن الله عليها بالحجاب الشرعي الكامل وأنت لازلت تتأخرين في اتخاذ هذه الخطوة؟
لماذا تقدمت هي وتأخرت أنت؟
هل هي تسعى للجنة وأنت تسعين إلى غيرها؟....هل تسعى هي للفردوس وأنت قد ضمنت ما دونها؟
لماذا لم تأخذك الحمية وتغيرين؟.....ألا تستشعرين أنك في سباق ؟....وأنك مسبوقة؟
وأنت... حينما تعلم أن أخاك قد ختم القرآن وأنه يقوم الليل وأنه يهتدي عليه يديه الكثيرون.... لماذا لا تغير ؟؟....هل تسعون لهدف واحد؟ ...فلماذا تتأخر في الصفوف حتى كدت تخرج خارجها تماما؟
إننا نشعر بالغيرة حينما يسبقنا غيرنا في درجة أو مال أو صفقة؟؟....فلماذا لا تأخذنا الغيرة ونحن نسبق في أكبر صفقة في حياتنا...الجنة؟
أما تخشى أن تأخذك كثرة التأخر إلى نسيان الموعد؟....أما تخشى على نفسك الضيعة؟
ألا تخاف أن يصيبك موعود النبي (لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله)
قد كنت تتأخر تلاهيا وانشغالا وبإرادتك..... اليوم نؤخرك رغما عنك فلا تصل.
فيا له من موعود
احرص واشتد في السعي ... وليكن شعارك (لا يسبقني بعد اليوم إلى الله أحد)....ولا تتأخر فيؤخرك الله....ولا تتأخر واعزم العزم الأكيد
فالفتنة خطافة .... والدنيا أخاذة....ويتبعك شيطان وأهواء وشهوات يمسكون بخطام ناقتك ليسحبهوا للخلف ويعطلوك عن السباق...وبغيتهم الحقيقية ومناهم الأكيد ليس فقط تعطيلك عن السباق...لا يرضيهم إلا أن تسقط أنت وناقتك في نار جهنم.
فاعصهم ....اعص هواك وشيطانك وشهوتك وقرين السوء ومثبطي الانس.
ولتكن عينك دائما منصوبة نحو المتقدمين الذين يجدون السير إلى الله .....واياك ثم اياك أن تغتر بهؤلاء المتأخرين الذين يعوقونك عن طريق الله.
فإنك ان نظرت اليهم ستشعر وكأنك قد سبقت الأنام وأنك قد بلغت مأمنك.
قيل للحسن البصري: يا أبا سعيد كيف نصنع نجالس أقواماً يخوفونا حتى تكاد قلوبنا تطير! فقال: والله لأن تخالط أقواما يخوفوك حتى تجد أمنا خير لك من أن تخالط أقواما يؤمنوك حتى تجد خوفا.
فانصب نظرك تلقاء المتقدمين الذين يكسبون كل يوم وأنت كاسد البضاعة.... ولا تنظر إلى المتأخرين الذين يخسرون كل يوم فتكون أنت بالنسبة لهم رابح وكاسب.
فالأعمال والتكاليف كثيرة والعمر قصير لا يوفيها....ولما فهم الصحابة ذلك كانوا لا يسألون عن الحسن من العمل بل كان دأبهم دائما (ما أحسن العمل)...(ما أحب الاعمال الى الله)
وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "إن الله يحب معالي الأمور ولا يحب سفسافها"
فإن كنت تريد يا عبد الله أن تكون من الشاربين مع الفضلاء من يد النبي لابد أن تحزم أمتعتك لتدخل السباق وتنافس المتقدمين ... (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون)
كما كان يقول أبو مسلم الخولاني حينما كان يقف الليل كله قائما لله ويقول (أيظن أصحاب محمد أن يستأثروا به دوننا ، كلا والله ! لنزاحمنهم عليه زحاماً حتى يعلموا أنهم قد خلَّفوا وراءهم رجالاً !)
انظر في ساعتك وسل نفسك ...كم ساعة ضيعت؟.... بل كم من عمرك مضى وأنت غافل أنك في سباق.... وكيف ستستطيع اللحاق؟!!
فاتقوا الله يا أولي الالباب
الكلام لا يحوي الجديد... أكرره لعله يجد هذه المرة قلبا يقظا ذلك القلب القاسي الذي طالما غفل وتناسى
ومن يدري...علها تكون آخر تذكرة لا ينفع بعدها الندم
ومن يدري.... ربما من طول التأخر تؤخر فلا تستطيع تقدما
إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
أيها الساعي لكُحل المقل..
غافلاً عما به من كَحَل..
اسمع وعِ لاتغفلن...
وسببا لا تهملن..
واخلص اتبع تنجون..
مع الدليل تجرين..
وحق ذي حق اعطين..
وفاضل الامر اقصدن..
وخير خيرين اتبعن ..
وشر شرين ادفعن..
وكن زكيا واتزن ..
بكثرة لا تعجبن......وبعد , هذا البحر فاقصد ...وقناة خليَن
منقول