لهفة وحنان الام
أشعلت شمعة علها تنير ظلمتها في تلك الليلة الحالكة. تصل إلى غرفة الجلوس خائفة من الوحدة ومن الظلمة. ازداد خوفها عندما سمعت أصوات وقع أقدام سريعة تقترب من بابها. انكمشت في مقعدها وبخاصة عندما سمعت طرقاً على الباب . لم تسأل من الطارق في البدء, وعندما ازداد الطرق بإصرار سألت متلعثمة: من هناك ؟ أجابها من خلف الباب صوت تعرفه قائلاً: أنا يا أمي افتحي لي.
ذهب الخوف منها. ركضت من فرحها مسرعة لتحتضن من كان ينتظرها بالباب واقفاً. أرادت أن تعاتبه على غيابه الطويل لكنها قبل أن تتكلم أخذته في حضنها وبكت على كتفه بكاء مراً يشبه بكاء الأطفال ثم حمدت ربها على وصول ابنها بالسلامة بالوقت المناسب و بعد أن اطمأنت على أحواله وأحوال عائلته استغربت زيارته لها ليلاً , وسألته عن السبب :أجابها بأنه ليس هناك سبباً سوى أن يراها ويسمع دعواتها له , لأن هذه الدعوات هي التي تنير له دربه , وتفتح أمامه كل الأبواب المغلقة . فرحت بما سمعته منه وأحست بقيمتها أمامه , وانهالت بالدعوات له بالتوفيق والرزق وراحة البال وكل ما يتمناه في هذه الدنيا , لكن رغم ذلك رأته حزيناً , اقتربت منه وقالت هامسة : ما بك يا مهجة قلبي ؟ أفصح لي عما يدور في داخلك, ولم ذلك الحزن؟ أجابها: كيف يمكنني مساعدتك ؟ أجابها: أشعر أن هناك شيئاً يجثم على صدري وحبلاً يلف رقبتي يكاد يخنقني كل ذلك بسبب شعوري أنني تخليت عنك وتعيشين في هذه الوحدة القاسية . أشعر أن ضميري يؤنبني يومياً أريحيني يا أمي وأجيبي على سؤالي : هل أنا تخليت عنك وانصرفت لحياتي ومشاغلي ؟. أسئلة أسألها لنفسي كل ليلة ولا أجد جواباً لها فيزداد قلقي عليك.
أريحيني بإجابتك يا أمي وأصدقيني القول كي أعرف أين أنا ؟
داعبت شعره بيديها قالت له بصوت حنون: اسمع يا بني هو خياري الشخصي أن أعيش هكذا. لم يجبرني أحد على هذا الخيار . صحيح أنني أتمنى العيش بين أولادي وأحفادي , لكنني مقتنعة بأن من حق كل شخص أن يعيش حياته كما يرغب بها . أنت وإخوتك تعيشون بطريقتكم وأنا هنا في بيتي إلى أن يشاء الخالق وأغادره مطمئنة عليكم . عندما يشعر أحدكم بالشوق إلي فإن قلبي قبل بيتي سيكون مفتوحاً له . ارتح يا بني. لا تحمل نفسك أكثر مما يلزم بل نم مطمئناً قرير العين لأنني لا أعتبركم أولاداً عاقين . بل أفتخر بكم جميعاً .
قبل جبينها ثم ودعها وغادر البيت وهو مرتاح لما سمعه منها . أغلقت الباب خلفه وعادت إلى مقعدها وحيدة تبكي نار الشوق والفراق له ولأخوته, لكن راحة نفسها وشعورها بالرضا كان كبيراً لقرارها الابتعاد عن حياتهم كي يعيشوا بسعادة وراحة بال.
رائعة هى دوما
راق لى