أحمد شوقي (..وتعطلت .. لغة الكلام ..وخاطبت عيني في لغة الهوى عيناك )
كان شوقي شيخا طاعنا في السن ، عندما زار ملاعب الصبا ، في (زحلة ) بلبنان ، التي تتعرض يوميا الآن للقصف من العدو الاسرائيلي ، وكانت (زحلة) أيامها من أجمل منتجعات الدنيا ، بغاباتها الوارفة الظلال ، وعيون مياهها الجارية ، وأثارت الطبيعة الجميلة شجون أمير الشعراء ، فكتب قصيدة رقيقة ، معروفة عند العامة بقصيدة (يا جارة الوادي ) بعد أن لحنها وغناها عبد الوهاب وغنتها من بعده فيروز ، والحقيقة أن القصيدة في ديوان أمير الشعراء ( الشوقيات) بعنوان( زحلة) وربما اعتقد عبد الوهاب وشوقي أن اسم المدينة لا يصلح كعنوان لأغنية عاطفية ، خاصة وأنه لا فرق بين الاثنين في القصيدة ، فالمقصود ب (جارة الوادي) زحلة المدينة جارة وادي النيل ، ومحبوبة شوقي في وقت واحد ، وهناك اتفاق بأن غناء القصيدة جار على أجمل مقاطعها ، فقد حذف عبد الوهاب استهلال القصيدة برغم انه أصدق أجزائها ، ويصعب فهم القصيدة بدونه ، وفي هذا المطلع يتحسر شوقي على شبابه الذي دفن معه أحلامه ، ويعترف بان قلبه لم يعد كما كان قادرا على الصراع وأن كل ما يستطيع أن يفعله أن أن يتمتع بهواء (زحلة ) العليل ويتذكر أيام الماضي الجميل .
تقول القصيدة :
شيعت أحلامي بقلب باكي ولمحت من طرف الملاح شباكي
وبجانبي واه كأن خفوقه لما تلفت جهشه المتباكي
شاك السلاح اذا خلا بضلوعه فاذا أهيب به فليس بشاك
ويح ابن جنبي كل غاية لذة بعد الشباب عزيزة الادراك
قد راعه أني طويت حبائلي من بعد طول تناول وفكاك
يا قلب ما عادت لدينا فضلة لفتوة وبقية لعراك
وكنت اذا صفقت نستبق الهوى ونشد شد العصبة الفتاك
واليوم تبعث فيّ حين تهزني ما يبعث الناقوس في النساك
ياجارة الوادي طربت وعادني ما يشبه الأحلام من ذكراك
مثلت في الذكرى هواك وفي الكرى والذكريات صدى السنين الحاكي
ولقد مررت على الرياض بربوة غناء كنت حيالها ألقاك
ضحكت الي وجوهها وعيونها ووجدت في أنفاسها رياك
لم ادر ما طيب العناق على الهوى حتى ترفق ساعدي فطواك
وتأودت أعطاف بانك في يدي واحمر من خفريهما خداك
ودخلت في ليلين فرعك والدجى ولثمت كالصبح المنور فاك
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت عينيّ في لغة الهوى عيناك
ووجدت في كنه الجوانح نشوة من طيب فاك ومن سلاف لماك
لا أمس من عمر الزمان ولا غد جمع الزمان فكان يوم رضاك
رائعة
رائعة
هي لكم اليوم
من همس الحب