السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بروتوكولات حكماء صهيون بين الوهم والحقيقة
لا أعتقد أن ثمـّـت خلافا على الأصابع اليهودية القذرة المتغلغلة في مجالات عديدة من حياة الشعوب والدول ، تلك الأصابع التي تهدف إلى غاية محددة هي (( الفساد في الأرض )) وهذا هو التعبير القرآني { ويسعون في الأرض فسادا } .
إن استعمال الفعل المضارع في الجملة يدل على التجديد والاستمرار ، فليس سعيهم للفساد مرحلة تاريخية انتهت ، لكنه قدرهم الكوني إلى يوم يبعثون ....
وقد استطاع اليهود أن يهيمنوا على كثير من مقدرات الأمم من خلال كيدهم المدروس ، وفي غيبة الوجود الإسلامي القادر على إحباط مؤامراتهم وفضح ألاعيبهم .
إن العبقرية اليهودية في الهدم والتخريب ليست – فيما أحسب – موضع جدل ، تلك العبقرية التي (( تستغل )) الأحداث لصالحها ، إنها لا (( تصنع )) الأحداث ، ولكنها (( تستثمرها )) .. وهذا يجعلها أقل تضحية وأوفر قوة ، وأبعد عن المواجهة التي لا تؤمن عواقبها .
ولليهود وجود مؤثر في الدول الكبرى .. اقتصاديا ، وسياسيا ، وإعلاميا ، ولم يكونوا غائبين عن النظامين العالميين ، الرأسمالية والشيوعية .. ولا عن الثورات الكبرى في العالم ، وثمت عدد غير قليل من المنظمات العالمية التي تسر على خدمة أهداف اليهود .. أبرزها الماسونية .. اللغز الذي حير أذهان الباحثين .. ثم (( الليونز )) و (( الروتاري )) و (( شهود يهوه )) … إلخ .
كل هذا ليس موضع حديث .
لكن ألا يحس الباحث الواعي أن في الأمر نوعا من المبالغة المقصودة أو غير المقصودة ؟
هذه الصورة الجاثمة في عقول الكثيرين : أن اليهود هم الذين يحركون العالم ، وهم زعماؤه السياسيون و مفكروه ومبدعوه و .. و .. وأن الشخصيات المهمة من غير اليهود ما هي إلا (( أحجار على رقعة شطرنج )) .. على حد تعبير وليام غاي كار ..؟!
ولم لا نفترض أن اليهود أنفسهم – بحكم نجاحهم إعلاميا – هم وراء نشر هذه التصورات التي تجعل خصومهم أسرى وهم كبير مؤداه أن اليهود قوة خفية لا تقهر ، وإخطبوط رهيب متغلغل في جميع الدول ، ولذلك فإن كل من يتصدى لهم عسكريا يتعرض لأقسى الهزائم – فردا أو مؤسسة أو دولة .
إن هذا الكم الهائل من الكتب التي تتحدث عن اليهود ودورهم العالمي الخطير تساهم في تهيئة الجو للتسليم بالأمر الواقع ، وتمنح تفسيرا جاهزا لجميع الهزائم التي منيت بها الأمة : الهزائم الحضارية والعسكرية على حد سواء .
إن إحساس الناس بأن (( كل شيء )) مدبر ومبيت ومدروس من قبل (( الماسونية )) التي أصبحنا نستنشقها مع الهواء الذي نتنفسه ، نتعاطاها مع الطعام والشراب يقعد بهم عن المقاومة و المواجهة والجهاد .
وبين يدي مجموعة غير قليلة من الكتب التي تتحدث عن هذا (( الأخطبوط )) المنفوخ ككتاب (( القوة الخفية التي تحكم العالم )) ، وكتاب (( بروتوكلات حكماء صهيون )) ، وكتاب (( أحجار على رقعة الشطرنج )) والذي تحدث مؤلفه عن (( النورانيين )) وهم جماعة سرية جديدة داخل الماسونية ، أي : خاصة الخاصة ! يضاف إلى ذلك عشرات الكتب عن الجمعيات السرية اليهودية .
وما يقال عن اليهود يمكن أن يقال عن أي عدو آخر ينتهج سياسة الإرهاب الفكري العسكري فمثلا الجماعات الباطنية في العالم الإسلامي والتي أصبحت ذات وجود قوي في عدد من المواقع والدول ، بل وأصبح لهم وجود قائم بذاته في أكثر من بلد إسلامي .
هذه الجماعات تجد أحيانا من يهول شأنها ويعطيها أكبر من حجمها .. فكل من يتحدث – مثلا – عن هذه الفئة الغالية المنحرفة أو يكتب أو يحاضر فهو مهدد في رزقه و حياته .. إذن فليسكت الجميع حفاظا على أرزاقهم وأرواحهم ..!
إن الله تعالى يقول : { فقاتلوا أولياء الشيطان ، إن كيد الشيطان كان ضعيفا }.
فأمام الإيمان الواثق تنهار جميع المؤامرات ، وتفشل جميع الخطط ، لكن لا بد من نزع عنصر (( الخوف )) الذي قتل كثيرا من الهمم ، وأحبط كثيرا من الأعمال . والأحداث تؤكد أن (( الوهم )) قد يقتل !
وحين توجد الفئة المؤمنة الصابرة يتحطم الكيد كله – يهوديا كان أو غير يهودي – أما صخرة التقوى { وأن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ، إن الله بما تعملون محيط } وهذا لا يعني – بحال من الأحوال – تجاهل قوة العدو أو التقليل من شأنه ، حتى لو كان عدوا حقيرا ، فضلا عن عدو مدجج ، وقديما كان الشاعر العربي يقول :
لا تحقرن صغيرا في مخاصمة *** إن البعوضة تدمي مقلة الأسد !
لكن من الممكن جدا أن نسلك طريق الاعتدال في تقدير حجم العدو ، فلا نبالغ في تهويل قوته بما يوهن قوانا ويفت عزيمتنا ويسوغ لنا الهزيمة ، ومن المقابل لا نستهين به أو نتجاهل وجوده .
فرق أي فرق بين من ينكر وجود (( الماسونية )) مثلا ، وبين من يعزو إليها كل ما يحدث في الكون !
ولعل مما يستفاد من الانتفاضة المباركة في فلسطين تعديل نظرة الكثيرين عن (( إسرائيل التي لا تقهر )) فلقد قهرها أطفال ليس في أيديهم سوى الحجارة .
وعما قريب لن يقف دور (( الحجر )) عند هذا الحد ، بل سيتعدى إلى أن يقول للمسلم : يا مسلم : يا عبد الله ! هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله ، كما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
سلمان بن فهد العوده
تحياتى