شعر : عصام علي خليفة
ويبقى النخيل
شعر : عصام علي خليفة
أيا قدس عذراً
أنا لست نبتاً
أنا لست زهراً
أنا حزن ليل عقيم طويل
وإيقاظ تفكيرنا المستقيلْ
وغيظ وحقد وهم ثقيلْ
وأشلاء مجد
وإنقاذ عرض
وبركان رفض .. بأرض النخيلْ
***
أيا قدس مهلاً
أنا لست حقلاً
يدقون رأسي بفأس الطغاة
ويسقون صدري بهم الحياة
أنا الجدب حين يصير المزارع فظ الصفات
وصحراء تحوي دجى الذكريات
وأفق يكن الجروح القديمة
وأرض عقيمة
من النيل .. حتى ضفاف الفرات
أنا اليوم أعلنت بدء الصيام
صيامي عجوز ..
شقوقي ستزداد مثل
التجاعيد في كل عام
أريد الطعام دماء تسيل
تسد الشقوق .. وتروي النخيل
أيا قدس صفحاً
أنا لست قمحاً
يجيء الجياع ..
لكي يطحنوه
وفوق الموائد تأتي القيادات من كل فج إلى الاجتماع ..
لكي يأكلوه ..
وقبل نهاية كل اجتماع
وقبل الفراق
يخطون رسماً ليوم التلاقي
أيا قدس إني برغم التشتت لا بد عائد
وأرسلت عبر حدود اختناقي ..
ندائي إلى كل عبد وقائد
أنا لست خبزاً لهذي الموائد
أنا برد ليل
وحر اشتياق
أنا بيت شعر مرير المذاق
تجيء المعاني تبكي لديه
تموت اللغات وتحيا عليه
على راحتيه ..
سيولد فجر البلاد الجديد
ومن مقلتيه ..
تسيل الدموع
تجوب البلاد وقبل الرحيل ..
تبث الحياة .. بأرض النخيل
***
أيا قدس صبراً
إذا صرت قبراً لكل القصائد
إذا ضاع مني زمام العبارة
وأفسحت صدري لكل النقائض
سألقاه شيئاً غريب الحدوث بكل
مقاييس تلك الحضارة
كضيف البحار
وجدب السواقي ..
ودمع الحجارة
سألقاه يمّا ..
يسوق البوارج نحو الغرق
سيخنق وسط الدخان الذي ..
يغادر فسطاطنا المحترق
وإن يأت يفرض حظر التجول
سألقاه خوفاً .. بصمت الطرق
سألقاه عند احتقان الأفق
وعند العيون الصغار اللواتي
حملن الشفق
سألقاه ليلاً ..
ومالي نجوم
سئمت النجوم
كرهت النجوم
لأن النجوم تخيف الكبار
لأن النجوم تثير القلق
لأن النجوم تحث المرارة والذكريات
لتسكن في صدرنا المختنق
لأن النجوم ستخفي الدليل
وحين نسير بهدي النجوم ..
نضل الطريق .. بأرض النخيل
***
أيا قدس مرحى
فقط صرت نخلاً
فهزي بجذعي
وإن طال فيك انتظار الطريق
وما من رفيق..
فنامي بظلي
ولا تعجبي ..
إذا توجونا بعيد الطفولة
وقالوا علينا .. بأنا صغار
وإنا نسالم مثل السنابل .. مثل الزهور
فهم يجهلون ..
بأنا هجرنا صفات الزهور
نسينا الجمال .. رفضنا العبير
فحين يحل الجفاف العسير
تموت السنابل وسط الحقول
وتفنى الزهور ..
ويبقى النخيل