1؛ ( إستهِزاءُ )
في يومٍ مِن الأيام خَرَجتِ فيها ثَكلّى إلى المَدَرَسةِ
وما أنَ رُنّ جَرسُ الخُروُجُ حَتى أسرَعت جُموعُ الفتيات بالتجمهُرْ وتبادُلِ أطرافِ الحَدِيثِ
مِن بيّن جُموعُ الفتيات كانتْ هُناكَ فَتاةٌ تَجلّسُ وَحيدَةً
ذَهبّتُ إلى مَجموعةِ فتياتٍ وسألتُهنّ عَنهَا
ف سَخرِت إحدّاهُنَ ضَاحِكِة : أ تَحكيّنَ صِدقاً يا ثكلّى !
و قطبّت جبينيها بـ تَعجُبٍ : إنها ترتَدّي جَوربيّنَ مُختلّفيِنِ اللونِ ؟
وَ مِن ثُمّ يا ثكلّى إنّ تَسريّحْ شَعرِها إسلّوبُهُ قَديمٌ ؟
إبتَسمُت لَها إبتسِامَةَ إحتقارٍ ؛ ومَضيّتْ
ذَهبتُ إلى كُرسييّ تِلّكَ الفتاةَ المَنبوذِ
وسألتُها عَن سبب إرتِدّائها للجوربيّنْ المُختلّفيّن ؟
أجابتّنِيّ في أنّها تُحِبْ أن تَكوُن مُختلّفَةٍ , وإن كانَوا يرتّدُونَ جَوارِبَ مُتطابقَةٌ ف هِيّ لا تَفعَلُ ؟
فـ إبتَسمَتُ أيضاً ومَضيّتُ مِن عِندّها
وخَرجّتُ ذَلّكَ اليّوم وعلاَمَةُ الإستفاهِمِ الكَبيّرَةِ فَوقَ رأسيّ
كَيفَ لـ فتاةٍ أن تَكرَهَ اُخرى مِن أجلِ لِباسِها وذَوقّها ؟
أما فَكرتَ في أنّ ذوقها هِيّ قد لا يُعجِبُ شَخصاً ويَكرَهَها ؟
كُنتُ دائماً اُقابلّ تَفكيّرَ الفتياتِ بـ ( سَخطٍ ) وأظُنني سـ أبقى وأفعلُ
2 ؛ ( سلساتُ مُتغيّرةٍ )
أكرَهُ المُجتّمعْ ؛ أصبّحِتُ أسمَعُها كَثِيراً ؛
فـ كُلّ مُجتَمعٍ يلقى نُفوراً إن كانَ يتعادا مَعْ تَفكيّرِ أفرادِهِ
وإن كانتَ هُناكَ قائِمَةٌ تُحصيّ كُارهيّ المُجتّمعُ فـ إسميّ في المُقدَمَةِ
لَكِن مِن البؤسْ أن نَقعُدّ ونُردِدُ : نَكرَهُهُ , دُونَ فِعلّ أيّ شَيءٍ
والكارِهُ الحَقيقيّ هُوَ مَن يُحِبُ أن يُغيّرَ ما يَكرَههُ مَهما كانتَ الصُعوبة
إن غَيّرتَ مِن شَخصٍ فـي المُجتّمعِ فـ هذا الشَخصُ سـ يغيّرُ آخراً ، وتَبقى مَسيّرةٍ
وحَتى يَتغيّر أكبر قَدرٍ مُمكِنٍ تِباعاً شَخصاً بَعدَ شَخصٍ ؛ عَلّيَكَ أن تبدأ حَتى يبدأ الآخرَونَ
أن لا أتَحدّثُ هوائاً بلّ أتَحدّثُ عَن ما فعلّتُهُ " وَنجَحَ "
لّكِن عَليكَ قبلاً أن تُفكِرُ لِماذا تَكرَههُ ؟
أ لأنَ المَعاصيّ تَكثُرُ فِيّهُ ، حَتى ضَننَتَ أنَكّ تَجلّسُ مَع مُنافقيّن وكَفرةٍ ؟
أمْ لِأنكَ تَسموا وتُريّدُ أن يُصبّحوا أفضَلّ ؛ إن كَانتَ أسباباً غَيّرَ هذهِ
فـ لا تَفعَلْ ، لأنَكَ ستَدمُرُ إن غَيّرتَ أكثرَ مِن ما ستُرَمِمُ
فمَنْ لَن يُغيّرَ مِن أجلِ خَيرٍ ودِيّنٍ ؛ خَيرٌ مِنهُ أن لا يَفعَلّ شَيئاً ؟
أتَعجَبُ لـ أمرِ مَن يُغيّرُ ويَنشُرُ فساداً
كـ مَن يَرقُصُ وَسطَ الساحَاتِ ؛ ومَن يُرقِمُ الفتيّاتِ في الشَوارِعِ
وَمن يَجمعْ الأقارِبْ فِيّ المَنازِل ويدّنِدْنُ على وَترِ عُودِهِ
ومَن ومَن وَمن وَمن .. كَثيّرُونَ جِداً ؛ ويصلّونَ لـ حَدٍ لَنْ أعلّمَهُ " مِن كَثرَتِهِمِ "
قِف إن كُنتّ مِنهُم , مُيقّنٌ أنَ شَخصاً صالِحاً يَوماً ما ؛ سيُغيّرُ فِيّكَ ؟
3 ؛ ( العلاقَةُ باللهِ )
دَعوتُ يا ثكلّىْ , فَلّم يُستَجَبُ
ولَيسَ هُناكَ دُعاءٌ غَيّر مَقبولٍ ولّكِن .. فَكِر قبلَ أن تَدعوا
كَم مِن مَرةٍ عَصيّتَ اللهَ ؟
تتذّمر وتَغضَبُ مِن دَعوةٍ لَمْ تستّجَبُ , حَتى قُلّتَ أن اللهَ قد لا يُحبّنِيّ ؟
ولّم تتفكَر في كُلّ مَرةٍ تَعصي اللهَ فيّها ؟
ومِن بَعدِها كَيفَ اللهُ رعاَكّ ؛ سَهلّ لّكَ ؛ رَزقّكَ ولّبسَتَ خَيرَ اللباسِ ؛ اُطعِمْتَ خَيرَ الطَعامِ
حماكّ فلّمْ تُصَب بـ مَرضٍ ؛ ولَم تَفقِد عزيزاً ؛ ولّم تُودِعُ الدّنيا
لّم تُصَب بأي شَرٍ مُطلّقاً , والعَظيّمُ أنّكَ بَعدَ هذا تَذهَبُ وتَعصيّ اللهِ
فَتسَهرَ راقِصاً ؛ وتسمع حراماً ؛ وتَغتابُ مُسلّماً ؛ وتنتَهِكُ عِرضَ شَخصٍ بحديّثِكَ
تؤذِيّ مُسلّماً ؛ وتُحزِنُ مُسلّماً ؛ وتَنشرُ مُحرماتٍ على الإنترنت " مثل الأغانيّ "
أ تَنشرُ مُحرماتٍ بـ يّمينِكِ ؟ يّميّنُكَ اللتِيّ اللهُ رعاها لّكَ مِن سُوءٍ فلّم تُبتّر ولمْ تَنزِف دماً مَسمُومَاً
لّو بُترتْ لّكانَ خيّراً ؛ رُبما في بّترِها لّن تَكسِِبَ ذُنوباً بلّ تُطهَرُ مِنها
سؤاليّ الَوحِيّد ، هَؤلاءِ المُسلّمُون المُصلّيّنَ أحقاً يُحِبُونَ اللهَ ؟
إن كانَ نَعَمْ ؛ فَلّمَ يَعصُونَ اللهُ ؟
يا نساءً تُحبّوُنَ أزواجّكُنّ ؛ ويا أزواجّن تُحبونَ نسائَكُمُ
ويا أبً تُحب إبنّتّكِ ، ويا بنتاً تُحِبُ والّدّها
أنتُم حَتماً مِن حُبّكُمْ لا تَكسِروَن أوامِرَ بَعضّكُم ؛ واوامِرُكُمُ لـ بَعضّكِمُ مُستجابةٌ
فـ أيّن اللهُ مِن حُبكِمُ ؛ وهُو الذيّ هداكُمُ لـ بَعضِكُم وقّدْرَ لّكُمُ هذهِ المَحَبَةَ ؟
قبلّ ثلاثِ سَنواتٍ رأيّتُ فتاةً ذاتَ 9 سَنواتٍ
تَقرصُ نَفسّها بشّدِةِ حَتى إحمّرتّ يَدُها ودّمعَت عينّاها مِن الألّم
صَرخّتُ بها " لماذا ؟ " فقّالّت أخرّتُ صلّاتِيْ وأستحِقُ النارِ والنارُ ما وازّت رُبعَ ألّمِ قَرصَتِ
اللهُ أعطّانِيّ كُلّ حياتِي ، فما أعطّيتُ حياتِيّ اللهُ
فـ بَكّيتُ مِن براءَةِ وِعظِمَ حَدّيثها لَليلّةً ورُبعُ لّيلّةٍ
فِيّ نَفسِ العامِ ذَهبتُ إلى مَتجرِ كُتّبٌ "مَكتَبةٍ"
رأيّتُ رَجلاً يَبحَثُ عَن كِتابٍ عَن العلاقَةِ باللهِ ؟
فـقلّتُ في دَواخلّي ( لَو تأملّ حَوادِثَ حيّاتَهُ لَعرَفَ مِنها كَيفَ يَربِطُ نَفسّهُ باللهِ )
والعلاقَةُ باللهِ ، لَيستِ الكُتُبّ وَحدها تَحكيّها
فـ نَحنُ العُبادّ ؛ ونَعبّدُ اللهِ ؛ نَمتلّكِ علاقاتٍ لا نَستشِعرُهاَ
أحقاً ما رأى صَدرَهُ يَضيّقُ حِينمّا سَمعَ اُغنيّةً ؟ وما سألَ نَفسَهُ لِماذا ؟
أكادُ أتأكّدُ أنَ هذا الضِيّقِ ، تَذكيرٌ مِن اللهِ بِاللهِ
إن ضَاقَ صَدرُهُ لِمّنَ سيلجئُ أليسَ للهِ ؟ أ يلجئُ لَهُ وهُوَ لِلتو يَعصيّهِ
و المُزعِجُ حَقاً أن يَأتيّهِ خَطبٌ مُزعِجٍ بَعدَ هذا
فـ يقولُ لِما يَحصُلُ هَذا مَعيّ ؟
وينسى أنّ الشَوكّةِ إن إخترقّت جِسمَهُ وهِيّ شَوكة ؛ تَطهيرٌ مِن اللهِ عَن الذَنوبِ
حَقاً أنا عُجبى مِنهُمُ أجمّعِيّنَ
4 ( تَفكيّرُكِ مُرتَجِلٍ )
يَرونِيّ أنشَغلُ بالكُتُبُ والبُحوثِ ؛ بالتحليل والتَدقيقِ والتَفكُرِ
وهُم لا يَصدُمونِي أبداً حِينما يَقولونَ أنَ مَن مِثلّكِ إنقرضوا مِن العَصرِ الحَجريّ ؟
وأن تَفكيريّ إرتجاليٌ واُنافيّ العَصريّةَ الفِكريّةِ ؟ ولّو كُنتُ رَجلاً لـ كُنتُ أكثرَ إزدِهارٍ
وإننيّ قَريبَةٌ لَكونيّ ( عَجوزاً ) أكثرَ مِن مَقرُبّتِيّ لَكونِي ( فتاةٌ شابَةٍ )
أيّ عَصريّةٍ فِكريّةٍ يَتحدّثُونَ عَنها
كُتّبُ الألحانِ ؛ تاريّخُ فَيروزِ ؛ الكُفارُ الكَتَبَةِ ؛ التَحررُ الجّنِسيّ الذيّ شغلَ المُفكريّنَ الآنِ ؟
يا عِبادَ اللهِ ؛ إن كانوا قِلّةٌ المُسلّميّنَ الشُبانُ المُفكريّنَ , أينَكُمُ أنتُمُ ؟
أيّن العِلّم الذي تشاببّنا عَلّيهِ ، والمَدارسُ التي نَذهَبُ لَها كُلّ صَباحٍ ؟
أيّن ما تعلّمنا مِنها , أكادُ لا أجِدُ أيّ مفعولٍ إيجابيٍّ مِنهُم ، غيرَ أنهَمُ تعلّموا القراءةَ والكِتابَة والفصاحَةَ واللُغاةَِ - هذا إن لَمْ ينسوها - ؟
فـ رائِعٌ جِداً ، إن تذكرَ مُراهِقٌ عَدَدَ ركعاتِ الصلاةَ ؟
كيفَ مِنهُ أن يَبنيّ مَجداً واُمَةً ؟
فالشُبانُ الآنَ ( طَنش تَعِش تَنتَعشِ )
لّن أقولَ لَهُم أيّ شَيءٍ ، فقط سأبتِسُم وأقولُ ( مَن قالَ أنَكُم عائشُونَ ) ؟
فالدُنيّا ليستَ لَعباً ولّهو ، لّكِنها رُبما مُعتقداتُ ( عابريّنَ طائِشيّنَ )
أ لأننيّ فَتاةٌ لا أستَطيعُ أن أكوُن كاتبَةٌ ؟ أ حَتى الكِتابَةِ مُحتَكرَةٌ على الرِجالِ ؟
( لا أتَحدثُ عَني بل عَن ما أسمَعُ مِن المُجتمع النسائي المُحيّط " مِن تَحطيم " )
رُبما الرَجلُ مِن شِدّةِ أنَهُ لَم يلقى لَهُ رادِعاً ، أصبَحَ يَحتكرِ الرَوعةَ لِذاتِهِ والنساءُ جِداً يستسلّمونَ أمامَهُ
فـ ألأبطالُ الخارِقيّن دائماً رِجالِ
والأديباتُ دائماً يَتحدّثونَ عَن الشَغفِ لوجودِهِ بالحَياةِ ؟
وأنا لَستُ حُكاكَةَ قِدرٍ ؛ ونِهايّةُ النِهايّةِ
أضَحكَ بصوتٍ عالٍ فيّ كُلَ مَرةٍ أسمعَ الهَمزاتِ تتحدّثُ فيّ سخافَةٍ
يا نساءَ المُسلّميّنِ ؛ إنهضوا وإقهرواَ قاهِرَكُمُ ؟
ويا مُتحجرِيّ العُقولِ ( شُبوا بـ تفكيركِمَ قبلَ أن تَشيبوا )