أدري أن الموضوع يحتاج لسنوات من العمر لإقناع الجمهور من الأمة بترك هذه العادة السنوية التي علقت بالأمة الإسلامية والدين الإسلامي، والدين الإسلامي منها بريء ألا وهي (عادة المولد النبوي) .
وعندما أقول عادة فإنني أؤكد على اعتقاد أهل السنة والجماعة على أنها ليست من دين الله في شيء ، وأنها ليست إلا موسما مبتدعا أدخل على الأمة على حين غفلة منها ، فكل من حادثناهم عن المولد وجالسناهم ومن جالسهم من العلماء واطلعوا عليه من كتب وأشرطة لمروجي هذه (الدخيلة) لا يعدون أكثر من شبهة ممجوجة ، وقياسات مردودة ، وأهواء مقدمة من دلائل الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح رضوان الله عليهم.
قالوا: هذه ذكرى سنوية نتذكر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: وهل نحن ننسى النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي يذكر في اليوم ست مرات عند كل أذان ، فمنذ الصباح إلى المساء يدوي اسمه في العالمين ، وهل ننساه وقد أمرنا بالصلاة عليه بعد كل أذان ؟
وهل ننساه وصلاتنا لا تصح إلا بالصلاة عليه،
وهل ننساه والخطباء لا يفتتحون الخطبة إلا بالصلاة عليه .
وهل ننساه ونحن نقرأ القرآن فنذكره ونتذكر الحديث فنصلي عليه.
قلنا: إن كان المحتفلون بالموالد أهل غفلة عن ذكره وعن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم !فنقول لهم تعالوا تذكروه صلى الله عليه وسلم معنا كل السنة ، بل وفي كل يوم ، بل وفي كل ساعة أيضا والذي نحن عليه أولى من بدعتكم هذه أدخلتموها على الأمة من غير دين ولا ملة.
قالوا: في الموالد نسمع شمائله صلى الله عليه وسلم ومعرفة نسبه الشريف.
قلت: وهل شمائله وصفاته الخلقية والخلقية تحتاج ليوم لتذكر فيه !
ألم يأت الناس طوال العام ممن يريدون معرفة النبي صلى الله عليه وسلم عن قرب فيسألون الصحابة عنه ، أو أهل بيته الكريم ، أو زوجاته أمهات المؤمنين ، وأنهم لا يردون سائلا من المحبين له صلى الله عليه وسلم فيجيبونه ويعلمونه ويذكرون له حاجته عن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم خلقا وأخلاقا (كان خلقه القرآن صلى الله عليه وسلم كما قالت أمي عائشة رضوان الله عليها».
قلنا: فما كان سلف الأمة ينظمون يوما لذكراه وهم أشد الناس له حبا ولا لذكر شمائله وأخلاقه وهم الأكثر له اتباعا لأنهم يعلمون السنة من البدعة ، ويعلمون الجائز من المحرم رضوان الله عليهم (والله يهدي ضال المسلمين) ، وأما نسبه الشريف فمعروف ومكتوب ومحفوظ ... فما الحاجة لذكر نسبه إذن ؟!
قالوا: نظهر الفرح بيوم ميلاده ونطعم الطعام فيه دليلا لحبنا له.
قلت: إن كان الفرح من أجل ميلاده فأهل الإيمان يفرحون به صلى الله عليه وسلم في كل يوم، ودليل فرحهم به أنهم يذكرونه ويصلون عليه ، ويدرسون سنته تعليما وتعلما وعملا وهذا الذي جعل سلف الأمة ونورها ونجومها يتركون هذه الموالد وهم القادرون على إقامتها ، ولكنهم تركوها لعلمهم أنها مخالفة للدين وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم ، وهذا فعل المحبين له اتباعا لا ابتداعا.
قلنا: وأما إطعام الطعام فما كان صلى الله عليه وسلم يخصّ أياما للإطعام ، ولكنه كان الكريم الجواد في كل أيامه ، وهذا دليل على أن هذه الفضيلة يستحب العمل بها طوال العام ، ولا حاجة لا عقلا ولا شرعا لتخصيصها بيوم (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيراہ إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).
قلت: وفي النهاية ان الموالد ليست هي التي نعوّل عليها فان في ديننا ما هو غني عن الموالد ، فلو نظرنا في كتاب الله وسنة رسوله ، والتزمنا طريق سلفنا الصالح ، ووقفنا حيث وقفوا لحصل لنا العزة والنصر والتمكين التي فقدته الامة اليوم بسبب ظواهر دخيلة، الاسلام منها بريء.
قلنا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تركت فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا ولن تهلكوا ابدا كتاب الله وسنتي».
جريدة الوطن الكويتية ( خالد سلطان )