ويؤكد كتاب " الأوراق السرية لمحمد نجيب " للكاتب الصحفي محمد ثروت أنه علي الرغم من خطورة الدور الذي قام بها اللواء محمد نجيب في نجاح الثورة إلا أن البعض حاول أن يقلل من دوره ..وحاولوا أنيصوروا انه لم يكن له علم بالثورة وإنما هو "ركب الموجة" والبعض حاول ادعاء أنالضباط الأحرار استخدموا نجيب مجرد واجهة لإنجاح الثورة ..بل وصل الأمر ببعضهم أن يدعي أن نجيب يوم الثورة كان مريضا في منزله وليس في ذهنه شئ عن أيه ثورة
كانت ثورة يوليو في بدايتها حركة , مجرد حركة عسكرية, لكنها لاقت قبول الشعب المصريواستقبلتها الجماهير بحفاوة بالغة وأطلقت عليها "ثورة".. فقد كان قائدها رجل شهد لهالكل بالشجاعة وكان نجيب سر نجاح الثورة.. فقد كان برتبة لواء ..أما باقي الضباطالأحرار فلم يتجاوز أكبرهم رتبة بكباشي... وبفضل نجيب تحولت الحركة إلي ثورة ، وإذاكان قد قدر لثورة يوليو أن تفشل لكان جزاء محمد نجيب الإعدام رميا بالرصاص طبقالتقاليد الجيش.
ويكشف تسجيل نادر انفرد بهالصحفي محمد ثروت بكتابه أنه في ليلة 23 يوليو لعب نجيب أخطر دور في نجاح الحركة, فقد انكشف سر الثورة الساعة 9:30 مساءا , وعرف نجيب أن مؤتمرا لرئيس الأركان سيعقدفي الساعة العاشرة في مقر القيادة لترتيب القبض علي الضباط الأحرار , فقام اللواءمحمد نجيب علي الفور بإبلاغ يوسف صديق بالتحرك قبل ساعة الصفر بساعة , وبالفعل تحركالبطل صديق ونجح في اقتحام مركز القيادة.. ولولا هذا التحرك لفشلت الثورة ولقضيعليها قبل أن تبدأ.
بمرور عام على قيام الثورة تركزتكل الأضواء علي اللواء نجيب باعتباره الرجل الذي قاد الثورة وطرد الملك وأنقذ مصرمن عهد الظلم والطغيان وأصبح أمل البلاد في تخليصها من الاستعمار البريطاني الجاثمعلي صدرها منذ 1882... كانت صور نجيب وخطبه تتصدر الصفحات الأولي من الجرائدوالمجلات المصرية والعربية والأجنبية .. ومع نجاح الثورة حاول بعض الضباط أن ينسبوالأنفسهم دورا لم يقوموا به
خلافات نجيب مع الضباط بعد الثورة
وبعد فترة ليست بالقصيرة بدأ بعض الضباط يحاولون أن يجنوا ثمار نجاح الحركة ولوعلي حساب المبادئ والأخلاق,, حتي شاع بين الناس أن الثورة طردت ملك وجاءت بثلاثةعشر ملك.. يقول نجيب في كتابه "كنت رئيسا لمصر" : لقد خرج الجيش من الثكنات ... وانتشر في كل المصالح والوزارات المدنية فوقعت الكارثة التي لا نزال نعاني منها إليالآن في مصر,, كان كل ضابط من ضباط القيادة يريد أن يكون قويا ..فأصبح لكل منهم "شلة" وكانت هذه الشلة غالبا من المنافقين الذين لم يلعبوا دورا لا في التحضيرللثورة ولا في القيام بها".
ولاحظ نجيب بعض السلوكيات الخاطئة التي يرتكبها بعضالضباط في حق الثورة وفي حق الشعب الذي وثق بهم .. فكان أول شئ فعله ضباط القيادةأنهم غيروا سياراتهم الجيب وركبوا سيارات الصالون الفاخرة, وترك أحدهم شقتهالمتواضعة واستولي علي قصر من قصور الأمراء حتي يكون قريبا من أحدي الأميرات التيكان قصرها قريبا من القصر الذي استولي عليه.. وصدمت هذه التصرفات باقي الضباطالأحرار الذين يتصفون بالمثالية فحمل بعضهم هذه الفضائح وواجهوا بها ضباط القيادة .. لكنهم سمعوهم وقرروا التخلص منهم مثلما حدث مع ضباط المدفعية .
كان أول خلاف بين نجيب وضباطالقيادة حول محكمة الثورة التي تشكلت لمحاكمة زعماء العهد الملكي , ثم حدث خلافثاني بعد صدور نشرة باعتقال بعض الزعماء السياسيين وكان من بينهم مصطفي النحاس , فرفض نجيب اعتقال النحاس باشا, لكنه فوجئ بعد توقيع الكشف بإضافة اسم النحاس, وأصدرت محكمة الثورة قرارات ضاعفت من كراهية الناس للثورة منها مصدرة 322 فدانا منأملاك زينب الوكيل حرم النحاس باشا, كما حكمت علي أربعة من الصحفيين بالمؤبدوبمصادرة صحفهم بتهمة إفساد الحياة السياسية, ويضاف إلي هذه القرارات قرارات أخريصدرت رغم أن نجيب رفض التوقيع عليها منها القرار الجمهوري بسحب الجنسية المصرية منستة من المصريين من الأخوان المسلمين, وزاد الصدام بين نجيب مجلس القيادة عندمااكتشف أنهم ينقلون الضباط دون مشورته , ورفض زكريا محي الدين أن يؤدي اليمينالدستورية أمام نجيب بعد تعيينه وزيرا للداخلية وكذلك رفض جمال سالم.... كل هذهالأمور دفعت نجيب لكي يفكر قويا في تقديم استقالته .
إستقالة نجيب فى فبراير 1954
بسم الله الرحمنالرحيم
السادة أعضاء مجلس قيادةالثورة
بعد تقديم وافر الاحترام , يحزنني أن أعلن لأسباب لا يمكنني أن أذكرها الآن أنني لا يمكن أن أتحمل من الآنمسئوليتي في الحكم بالصورة المناسبة التي ترتضيها المصالح القومية
ولذلك فإني أطلب قبول استقالتيمن المهام التي أشغلها, وأني إذ أشكركم علي تعاونكم معي أسأل الله القدير أن يوفقناإلي خدمه بلدنا بروح التعاون والأخوة
بهذه العبارات المختصرةقدم نجيب استقالته في 22 فبراير 1954 ..وفي 25 فبراير أصدر مجلس القيادة بيان أقالهنجيب , وحاول البيان الانتقاص من دور نجيب وتشويه صورته أمام الجماهير فقد أكدالبيان أن نجيب طلب سلطات أكبر من سلطات أعضاء المجلس وأن يكون له حق الاعتراض عليقرارات المجلس حتي ولو كانت هذه القرارات قد أخذت بالإجماع , وادعي البيان أنهاختير قائدا للثورة قبل قيامها بشهرين , وانه علم بقيام الثورة ليلة 23 يوليو منمكالمة تليفونية من وزير الداخلية فتحرك إلي مبني القيادة وهناك تقابل مع عبدالناصر الذي وافق علي ضمه وتنازل له عن رئاسة المجلس
إتخذ ضباطمجلس القيادة هذا القرار وكلهم ثقة في أنهم قد نجحوا في مخططهم بإزاحة نجيب, المخططالذي يؤكد محمد ثروت في كتابه أنه بدأ بإعلان الجمهورية حتي يكون نجيب رئيسا رمزيالها في حين يستحوذ عبد الناصر ومجموعته علي مجلس الوزراء , وكان من ضمن المخططإبعاد نجيب عن الجيش عن طريق تعيين الصاغ عبد الحكيم عامر قائدا عاما للجيشوبالتالي تستحوذ مجموعة عامر وعبد الناصر علي السلطة المدنيةوالعسكرية
وتصور مذكرات نجيب كيف أنه حينماأذيع بيان إقالته علي الملأ خرجت الجماهير تحتج عليه وانهالت البرقيات علي المجلسودور الصحف ترفض الاستقالة .. واندلعت المظاهرات التلقائية في القاهرة والأقاليملمدة ثلاثة أيام تؤيد نجيب وكانت الجماهير تهتف (محمد نجيب أو الثورة) وفي السوداناندلعت مظاهرات جارفة تهتف (لا وحدة بلا نجيب), وانقسم الجيش بين مؤيد لعودة اللواءمحمد نجيب وإقرار الحياة النيابية وبين المناصرين لمجلس قيادة الثورة , وكان سلاحالفرسان أكثر أسلحة الجيش تعاطفا مع نجيب فهو سلاح ثروت عكاشة وخالد محي الدينوحسين الشافعي وجميعهم من مؤيدي عودة الديمقراطية , وأشرفت البلاد علي حرب أهليةوتداركا للموقف أصدر مجلس القيادة بيانا الساعة السادسة من مساء 27 فبراير 1954 جاءفيه " حفاظا علي وحدة الأمة يعلن مجلس قيادة الثورة عودة اللواء أركان حرب محمدنجيب رئيسا للجمهورية وقد وافق سيادته علي ذلك"... وهكذا عاد نجيب إلي الحكم عليأكتاف الجماهير التي خرجت في مظاهرات شعبية لم تعدها مصر منقبل
بعد عودة نجيب علي أكتافالجماهير كان باستطاعته أن يتخلص من ضباط القيادة الذين وجهوا له إساءات كثيرةوحاولوا أثناء الأزمة تشويه صورته أمام الشعب إلا أن نجيب عمل علي إزالة الخلاف بينأعضاء مجلس القيادة . يقول اللواء جمال حماد المؤرخ العسكري أثناء ندوة كتاب "الأوراق السرية لمحمد نجيب " أي واحد كان يجي في هذا الموقف ويحرز هذا الانتصارالباهر... معاه سلاح الفرسان والشعب كله معاه ... ومع ذلك أنا رأيته بعيني ماسكأيديهم " أعضاء مجلس قيادة الثورة" ورفعها وقال "إحنا يد واحدة" ، وأن عبد الناصرأراد التخلص منه في مارس بعد هدوء الأزمة
أحداث مارس 1954
حينما يعاد كتابة تاريخ مصر , سوف يتوقف المؤرخون طويلا أمام أخطر أزمة في تاريخمصر الحديثة , فقد حددت هذه الأزمة تاريخ مصر إلي الآن, فلم تكن أزمة مارس مجردصراع علني علي السلطة بين أنصار اللواء محمد نجيب وأنصار البكباشي جمال عبد الناصربل كانت الأزمة أكثر عمقا, كانت صراعا بين اتجاهين مختلفين اتجاه يطالببالديمقراطية والحياة النيابية السليمة تطبيقا للمبدأ السادس للثورة ( إقامة حياةديمقراطية سليمة) , وكان الاتجاه الآخر يصر علي تكريس الحكم الفردي وإلغاء الأحزابوفرض الرقابة علي الصحف
كانت ضربة البداية في أزمةمارس من جانب اللواء محمد نجيب الذي بدء فور عودته إلي الحكم مشاوراته مع مجلس القيادةللتعجيل بعودة الحياة البرلمانية, وفي ليلة 5 مارس صدرت قرارات كما جاءت في كتاب " ثورة يوليو سنة 1952 ..تاريخنا القومي في سبع سنوات" للمؤرخ عبد الرحمن الرافعي ،حيث ركزت على ضرورة عقد جمعية لمناقشة الدستور الجديد وإقراره ، وإلغاء الأحكامالعرفية والرقابة على الصحف والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين
كانت هذه القرارات في صالحعودة الحياة الديمقراطية , وهنا أدرك الفريق المناوئ للواء نجيب أن كل الخطط التيأعدت للإطاحة به مهددة بالفشل, فبدأ يدبر مخططات أخري من شأنها الالتفاف علي قرارات 5 مارس والعودة إلي الحكم الفردي
وفي 25 مارس 1954 اجتمع مجلسقيادة الثورة كاملا وانتهي الاجتماع إلي إصدار القرارات التالية:السماح بقيامالأحزاب ، مجلس قيادة الثورة لا يؤلف حزبا، لا حرمان من الحقوق السياسية حتي لايكون هناك تأثير علي الانتخابات، تنتخب الجمعية التأسيسية انتخابا حرا مباشرا بدونتعيين أي فرد وتكون لها سلطة البرلمان كاملة والانتخابات حرة، حل مجلس الثورة في 24يوليو المقبل باعتبار الثورة قد انتهت وتسلم البلاد لممثلي الأمة، تنتخب الجمعيةالتأسيسية رئيس الجمهورية بمجرد انعقادها
يقول نجيب في كتابه "كنت رئيسالمصر" : "كانت هذه القرارات في ظاهرها ديمقراطية وفي باطنها فتنة وتوتر, فقد أثارتالناس الذين لم يرق لهم أن تعود الأحزاب القديمة بكل ما توحي من فساد وتاريخ اسود, وبكل ما توحي لهم بنهاية الثورة التي عقدوا عليها كل آمالهم في التطهر والخلاص, وأثارت هذه القرارات ضباط الجيش الذين أحسوا أن نصيبهم من النفوذ والسلطة والمميزاتالخاصة قد انتهي"
ووفق نفسالكتاب فقد ضاعف من قلة حيلة اللواء نجيب انشغاله مع الملك سعود الذي كان يزور مصروقتها , بينما كان معارضوه يدبرون لتوجيه الضربة القاضية إلي اللواء نجيب،فنشرت الصحف الموالية لعبد الناصر أن هناك اتصالات سرية بين اللواء نجيب والوفد , وفي نفس الوقت عقد عبد الناصر اتفاقا مع الأخوان المسلمين لكي يتخلصوا من الأحزابالسياسية ويخلو الجو للطرفان.. ووافق الأخوان وكان هذا خطأ استراتيجيا , وفي يوم 28مارس 1954 خرجت أغرب مظاهرات في التاريخ تهتف بسقوط الديمقراطية والأحزابوالرجعية,و دارت المظاهرات حول البرلمان والقصر الجمهوري ومجلس الدولة وكررتهتافاتها ومنها " لا أحزاب ولا برلمان", ووصلت الخطة السوداء ذروتها, عندما اشترتمجموعة عبد الناصر صاوي أحمد صاوي رئيس اتحاد عمال النقل ودفعوهم إلي عمل إضراب يشلالحياة وحركة المواصلات, وشاركهم فيها عدد كبير من النقابات العمالية وخرجالمتظاهرون يهتفون" تسقط الديمقراطية..تسقط الحرية", وقد اعترف الصاوي بأنه حصل عليمبلغ 4 آلف جنية مقابل تدبير هذه المظاهرات
كسب عبد الناصر ورفاقه المعركةمع نجيب وصدرت قرارات جديدة تلغي قرارات 25 مارس , وفي 26 أكتوبر وقعت حادثةالمنشية والتي اتهم فيها الأخوان بمحاولة التخلص من عبد الناصر ليتم بعدها القبضعلي قيادات الجماعة والزج بهم في السجن لينفرد جمال بالحكم
انهزم نجيب في معركة مارس 1954والواقع أنها لم تكن خسارة نجيب فقط وإنما كانت خسارة لمسيرة الديمقراطية في واديالنيل, أصر نجيب علي الاستقالة لكن عبد الناصر عارض بشدة استقالة نجيب خشية أنتندلع مظاهرات مثلما حدث في فبراير 1954 , ووافق نجيب علي الاستمرار انقاذا للبلادمن الحرب الأهلية ومحاولة إتمام الوحدة مع السودان
خلع نجيب و نفيه فى وطنه
يوم 14 نوفمبر 1954 لم يكن يوماعاديا في حياة نجيب , في هذا اليوم توجه نجيب لمكتبه بقصر عابدين وجاءه عبد الحكيمعامر وقال له في خجل " أن مجلس قيادة الثورة قرر إعفاءكم من منصب رئاسة الجمهورية "فرد عليهم نجيب في شجاعة "أنا لا أستقيل الآن لأني بذلك سأصبح مسئولا عن ضياعالسودان أما أذا كان الأمر إقالة فمرحبا" .. وأقسم اللواء عبد الحكيم عامر لنجيب أنإقامته في فيلا زينب الوكيل لن تزيد عن بضعة أيام ليعود بعدها إلي بيته, لكنه لميخرج من الفيلا طوال 30 عاما
خرج نجيب من مكتبه حاملا معهالمصحف فقط , وحزن علي الطريقة التي خرج بها فلم تؤدي له التحية العسكرية ولم يطلقالبروجي لتحيته , وقارن اللواء نجيب بين وداعه للملك الذي أطلق له 21 طلقة وبينطريقة وداعه
نلتم منى و لكن لن تنالوا من كرامتى
ولازلنا مع مذكرات محمدنجيب ؛ فعندما وصل إلي فيلا زينب الوكيل بدأ يذوق من ألوان العذاب مما لا يمكن أنيوصف, فقد سارع الضباط والعساكر بقطف ثمار البرتقال واليوسفي من الحديقة .. وحملوامن داخل الفيلا كل ما بها من أثاث وسجاجيد ولوحات وتحف وتركوها عارية الأرضوالجدران, وكما صادروا أثاث فيلا زينب الوكيل صادروا أوراق اللواء نجيب وتحفهونياشينه ونقوده التي كانت في بيته.. أصبح نجيب سجينا في فيلا المرج , وأقيمت حولالفيلا حراسة مشددة , كان علي من في البيت ألا يخرج منه من الغروب إلي الشروق , وكان عليهم أن يغلقوا النوافذ في عز الصيف تجنبا للصداع الذي يسببه الجنود , اعتادالجنود أن يطلقوا الرصاص في منتصف الليل وفي الفجر , كانوا يؤخرون عربة نقل الأولادإلي المدرسة فيصلون إليهم متأخرين ولا تصل العربة إليهم في المدرسة إلا بعد مدةطويلة من انصراف كل من المدرسة فيعودون إلي المنزل مرهقين غير قادرين عليالمذاكرة
كان علي ابن محمد نجيب يدرسفي ألمانيا وكان له نشاط واسع ضد اليهود هناك كان يقيم المهرجانات التي يدافع فيهاعن مصر والثورة وعن حق الفلسطينيين ولم يعجب هذا الكلام , علي حسب قول اللواءنجيب, المخابرات المصرية الذين رأوا في نشاطه إحياء للكلام عن أبيه وفي ليلة كان يوصلزميلا له فإذا بعربة جيب بها ثلاثة رجال وامرأة تهجم عليه وتحاول قتله , وعندما هربجرت وراءه السيارة وحشرته بينها وبين الحائط نزل الرجال الثلاث وأخذوا يضربونه حتيخارت قواه ونزف حتي الموت , ونقل جثمانه إلي مصر فطلب اللواء نجيب ان يخرج منمعتقله ليستقبل نعش ابنه ويشارك في دفنه ...لكنهم رفضوا
كان هذا في عام 1968 , ولم يسلمفاروق الابن الثاني لنجيب من نفس المصير , فقد استفزه احد المخبرين الذين كانوايتابعونه وقال له
ماذا فعل أبوك للثورة .. لا شئ ..أنه لم يكن أكثر من خيال مآتة ديكور واجهة لا أكثر ولا اقل
فلم يتحمل فاروق هذا الكلام وضربالمخبر , ويومها لم ينم فاروق في البيت فقد دخل ليمان طره وبقي هناك خمسة أشهر ونصف ..خرج بعدها محطما منهارا ومريضا بالقلب وبعد فترة قليلة مات
أما الابن الثالث يوسف فقد كانأكثر حظا, فقد صدر قرار جمهوري بفصله من إحدي شركات الدولة فعمل سائقا في شركةالمقاولون العرب في الصباح وعلي تاكسي أجرة اشتراه بالتقسيط فيالمساء
كانت سلوى نجيب طوال سنواتالإقامة الجبرية في المرج تربية القطط والكلاب .. واعتبر القطط والكلاب أكثر وفاءامن البشر واحتفظ نجيب بصورة نادرة لكلبه ترقد علي جنبها وترضع منها قطة فقدت أمها,, وهذه الصورة كما قال نجيب دليل علي أن الحيوانات أكثر ليونة ورقة في التخلص منشراستها من البشر
وحينما توفيأحد كلابه دفنه في الحديقة وكتب علي شاهد القبر : هنا يرقد أعز أصدقائي, , فقد اكتوينجيب من الثورة بينما لم يرتكب الرجل جريمة يستحق عليها أن يعامل بمثل هذه المعاملة, وكثيرا ما كان يردد : ماذا جنيت لكي يفعلوا بي كل هذا؟
حتى وصية دفنه إستكثروها عليه
أما المشهد الأخير للواء محمدنجيب فقد شهدته أروقة مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة، حيث لم يكن يعاني من أمراضخطيرة، لكنها كانت أمراض الشيخوخة. وعن اليوم الأخير، يقول ابن أخته اللواء حسنسالم: "كان يتحدث بشكل عادي ولكن ببطء وفجأة شعر بتعب ورفع يديه إلى السماء ثمأنزلهما ببطء ومال برأسه قليلا نحو الأرض واسلم الروح بسلام". وعلى الرغم من رغبةنجيب في وصيته أن يدفن في السودان، إلا أنه دفن في مصر في جنازة عسكرية مهيبة، وحملجثمانه على عربة مدفع، وقد تقدم الجنازة الرئيس المصري حسني مبارك شخصيا وأعضاءمجلس قيادة الثورة الباقين على قيد الحياة لتطوى صفحة رجل قاد أهم نقطة تحول فيتاريخ مصر الحديث