الحمد لله والصلاة والسلام على اشرف خلق الله سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
سنتكلم اليوم عن صحابى جليل ومجاهد عظيم فتحت على يده قطرين كبيرين هما فلسطين ومصر وترك للمسلمين سيرة ضخمة ملات الدنيا وشغلت الناس قرونا عديدة
وقد قال عنه النبى (اسلم الناس وآمن عمرو ابن العاص )رواه احمد والترمذى
كان عمرو ابن العاص من اشد الناس عدواة للاسلام قبل اسلامه وقد اختارته قريش كمبعوث لها الى النجاشى ملك الحبشة لاستعادة المهاجرين من تعذيب الكفار من المسلمين
ولما قابله بحب شديد لما كان بينهم من اواصر ود قديم
وقال له ( ان نفرا من قومنا كفروا بدين آبائهم واجدادهم واستحدثوا لانفسهم دينا جديدا .... وقد ارسلتنى قريش لاستئذانك باستعادتهم الى قومهم ليردوهم عن دينهم ويعيدوهم الى ملتهم )
فاستدعى النجاشى نفرا من الصحابة سألهم وسمع منهم فملأ كلامهم قلبه يقينا فأبى ان يسلمهم الى عمرو ابن العاص واعاد له ما كان اتى به من هدايا
وعندما اهمّ الرحيل عن الحبشة قال له النجاشى (كيف يعزب عنك امر محمد يا عمرو على ما اعرفه عنك من رجاحة عقلك وبعد نظرك ؟!
فوالله انه لرسول الله اليكم خاصة والى الناس كافة فاطعنى يا عمرو وآمن بمحمد -- وما جاءكم به من الحق
فظل يفكر فى هذا الامر تفكيرا شديدا يدفعه الى لقاء النبى لكنه لم يكتب له ذلك الا فى السنة الثامنة من الهجرة حيث شرح الله صدره للاسلامفذهب الى المدينة ليعلن اسلامه هو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة رضى الله عنهم جميعا
وعندما بسط له رسول الله يده له ليبايعه قبض عمرو يده فال له رسول الله (مالك يا عمرو )
فقال له ابايعك على ان يغفر لى ما تقدم من ذنبى
فقال له رسول الله (ان الاسلام والهجرة يجبان ما قبلهما ) .... فبايعه عند ذلك
كان من اكثر العرب دهاءاً
ولما مرض عمروبن العاص مرض الموت واحس بدنو الاجل غلبته العَبرة وقال لابنه
(كنت على ثلاث حالات عرفت فيها نفسى فيها
كنت اول شئ كافرا فلو مت حينئذ لوجبت لى النار
فلما بايعت الرسول كنت اشد حياءً منه حتى انى ما ملات عينى منه قط فلو مت حينئذ لقال الناس هنيئا لعمرو اسلم على خير ومات على خير
ثم تلبست بعد ذلك بأشياء فلا ادرى اعلىّ ام لى )
ثم ادار وجهه الى الجدار وقال
( اللهم امرتنا فعصينا ونهيتنا فما انتهينا ولا يسعنا الا عفوك يا ارحم الراحمين )
ثم وضع يده فى موضع الغل من عنقه ورفع طرفه الى السماء وقال
( اللهم لاقوى فأنتصر .... ولا برئ فأعتذر .... زما انا بمستكبر .... وانما مستغفر .... فاغفر لى يا غفار ..)
ولم يزل يرددها حتى فاضت روحه رضوان الله عليه
رحم الله عمروبن العاص رحمة واسعة
المصدر
كتاب صور من حياة الصحابة للدكتور عبد الرحمن رأفت