موسوعة الفتاوى ( لسماحة المفتى العام بالمملكة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ) .. متجدد

[ابو عمر المصرى]

خيرهما الذي يبدأ بالسلام

صاحبت رجلاً سيئ الأخلاق مما أثر عليَّ فأصبحت مثله أسب كثيراً وأشتم كثيراً وبعد ذلك هجرني هذا الرجل وأصبح يرفض السلام عليَّ.. فماذا أعمل حياله؟
أولاً: على المسلم أن ينظر من يصادق، فيختار أصدقاءه ممن يتصفون بحسن الأخلاق والتقوى والاستقامة وعليه أن يبتعد عمن يتصفون بسوء الخلق حتى لا يتأثر بهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "المرء على دين خليله فلينظر من يخالل". أما المقاطعة والهجران بين المسلمين فلا يجوز ذلك وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"

[ابو عمر المصرى]

علاج الوساوس

يقول أنا شاب مستقيم والحمد لله ولكنني أحس بضيق في الصدر بسبب تفكيري مع نفسي بأشياء لا تجوز .. فما توجيه سماحة الشيخ؟
هذه كلها وساوس، والله يقول: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36)} [فصلت]. فعليك أن تقول الأذكار وتشغل نفسك بذكر الله وتلاوة القرآن شيئ يبعدك من هذه الأفكار التي تذهب بك في أودية سحيقة لا تستفيد خيراً منها.

[ابو عمر المصرى]

قراءة { يس} لتفريج الكرب.. لا أصل له

أنا رجل أمر بكربة في هذه الأيام وأخبرني أحد الإخوة بأن عليَّ أن أقرأ سورة "يس" سبع مرات لمدة سبعة أيام قبل صلاة الفجر فهل ورد هذا في السنّة؟
ما أظنها صحيحة لكن ورد "إذا قال العبد اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ماض في حكمك عدل فيَّ قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي وجلاء حزني وذهاب همي وغمي إلا بدل الله همه فرجا" فعليك بالدعاء واللجوء إلى الله، والله قريب مجيب.

[ابو عمر المصرى]

الدية حق لهم وتنازلهم يسقطها عنك

صدمت رجلاً وتوفي في الحال وكان اعترض لي في ليل على الطريق السريع وقرر رجال المرور عليَّ 52% فهل يلزمني كفارة في هذه الحالة علماً بأن أولاده تنازلوا؟
الدية حق لهم وتنازلهم يسقطها عنك، أما الكفارة فحق لله وما دام عليك نسبة 52% فعليك الكفارة.

[ابو عمر المصرى]

هل البسملة من آيات الفاتحة؟

هل البسملة من آيات الفاتحة، وهل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن افتتح الصلاة الجهرية بالحمد لله رب العالمين دون بسم الله الرحمن الرحيم؟
أولاً: اتفق العلماء على أن البسملة بعض آية من سورة النمل، ثم اختلفوا هل هي آية من سورة الفاتحة، والراجح والله أعلم أن البسملة ليست آية من سورة الفاتحة ولا من أول كل سورة، بل هي آية مستقلة نزلت للفصل بين السور، فيكون القرآن مائة وأربع عشرة سورة وآية واحدة وهي البسملة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. واستدل أصحاب هذا القول بحديث أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم وفيه: "فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين). قال الله تعالى: حمدني عبدي" الحديث. فالرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بقوله: (الحمد لله رب العالمين) دون أن يذكر البسملة، فلو كانت البسملة من الفاتحة لبدأ بها. واستدلوا أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه: "لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن" ثم قال: "الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته" أخرجه البخاري. فالنبي صلى الله عليه وسلم افتتح الفاتحة من قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين) دون البسملة، ولو كانت البسملة منها لابتدأ بها. ثانياً: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفتتح القراءة في الصلاة الجهرية بالحمد لله رب العالمين، دون الجهر بالبسملة، ولا أعلم حديثاً صحيحاً صريحاً دل على جهره بها في الصلاة، ومما ورد في ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون الصلاة ب (الحمد لله رب العالمين)" أخرجه مسلم. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة ب "الحمد الله رب العالمين" أخرجه مسلم. ولو أن الإمام جهر بالبسملة أحياناً؛ ليعلم من خلفه أنه يقرأها فلا بأس بذلك، ولكن الأفضل أن يكون الغالب الإسرار بها عملاً بالأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.

[ابو عمر المصرى]

ما هي "الباقيات الصالحات"؟

قال تعالى: { وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)} [الكهف ]، فما هي الباقيات الصالحات الواردة في الآية؟
اختلف المفسرون في المراد بالباقيات الصالحات: فمنهم من فسرها بالصلوات الخمس. ومنهم من فسرها بما ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الباقيات الصالحات: لا إله إلا الله، وسبحان الله، والله أكبر، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله" أخرجه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم. والصحيح أن (الباقيات الصالحات) لفظ عام يشمل الصلوات الخمس، والكلمات الخمس المذكورة في الحديث، وغير ذلك من الأعمال الصالحة التي ترضي الله تعالى؛ لأنها باقية لصاحبها غير زائلة ولا فانية كزينة الحياة الدنيا. وهذا ما رجَّحه الشيخ السعدي والشيخ الشنقيطي في تفسيريهما، والشيخ الصنعاني في سبل السلام، وغيرهم من العلماء رحمة الله عليهم أجمعين.

[ابو عمر المصرى]

حكم صلاة النافلة أثناء خطبة الإمام

ما حكم صلاة النافلة أثناء خطبة الإمام في صلاة الجمعة؟
يسن للمسلم إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد، ولو كان الإمام يخطب؛ لحديث جابر رضي الله عليه قال: "دخل رجل يوم الجمعة، والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: أصليت؟ قال: لا. قال: قم فصل ركعتين" أخرجه البخاري ومسلم. ولقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوّز فيهما" أخرجه مسلم في صحيحه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين" أخرجه البخاري ومسلم. أما التنفّل أثناء الخطبة بغير تحية المسجد فلا يشرع؛ لوجوب الاستماع إلى الخطبة.

[ابو عمر المصرى]

المسألة خلافية والأمر يسير

هل تصح قراءة المأموم الفاتحة في الجهرية بعد قراءة الإمام؟
النبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب" فمن العلماء من يقول بوجوبها على جميع المصلين: إماماً ومنفرداً ومأموماً. ومن العلماء من يقول: إنها تجب على الإمام والمنفرد، أما المأموم فإنه يكتفي بقراءة إمامه؛ لأن الله تعالى يقول: سورة الأعراف الآية 204 {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(204)} [الأعراف] وعلى كل حال إن قرأ المأموم الفاتحة وراء الإمام فلا ينكر عليه، وإن رأى وترجح عنده قول من لا يرى وجوبها فلا شيء عليه، فالمسألة خلافية، ولكل من الموجبين والمانعين دليل، والأمر يسير والحمد لله.

[ابو عمر المصرى]

تفضيل الأولاد بعضهم على بعض

ألاحظ أن أبي يفرق في عطية إخوتي، ويحرص على الذي يقدم له خدمات أكثر فقط. فما حكم ذلك؟
الأصل وجوب عدل الأب بين أولاده في العطاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع إليه بشير بن سعد أنه يريد أن يفضل ابنه النعمان على غيره، قال صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك منحتهم مثل ذلك؟ قال: لا. قال: اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم، وقال: أترضى أن يكونوا لك بالبر سواء؟ قال: نعم، قال: فلا إذا، وقال: إني لا أشهد على جور. وقال: أشهد على هذا غيري. فدل هذا الحديث على تحريم تفضيل الأولاد بعضهم على بعض، فإن التفضيل يسبب القطيعة بينهم وبغض بعضهم بعضاً ومفارقة بعضهم بعضاً وحقد بعضهم على بعض، والعدل بينهم يسبب التئامهم وجمع كلمتهم. وقد يكون في بعض الأولاد رقة مع الأب، وبعضهم منه جفاء وعقوق، ولكن لا ينبغي أن يعالج الشر بالشر، وإنما يعالج الشر بالخير والعدل.

[ابو عمر المصرى]

من استهزأ بالمستقيمين فكأنه هدم بناء الإسلام

ماذا تنصح شباباً يستهزئون بالشباب الملتزمين وبخاصة الذين يلبسون ملابس شرعية من ثوب وتقصير ويستهزئون ببعض أمور الدين؟
عالجتُ مثل هذه القضايا في أوقات مختلفة وكثيرة؛ لأنها انتشرت كثيراً، وأسأل الله أن يكف هذا المرض الخطير وأن يصلح شباب المسلمين ويوفقهم للاستقامة: { قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ (66)} [التوبة] فيا أيها الإخوة! ليس معنا إلا الدين، ما هو الذي نمتلكه في الحياة إلا "لا إله إلا الله محمد رسول الله" ما هي أصالتنا؟ ما هو تاريخنا؟ ما عمقنا؟ ما هو منهجنا إلا الكتاب والسنة فإذا أتينا نحارب الملتزمين به والمستقيمين معه فكأننا نهدم بمعول من غضب ومن سحق ومحق في هذا البناء الذي بناه محمد عليه الصلاة والسلام، فنسأل الله أن يهدي أولئك، وأن يردهم إليه رداً جميلاً، وأن يتقبل منا ومنكم خالص الأعمال.