العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى إسلام، سنة، قرآن، دروس، خطب، محاضرات، فتاوى، أناشيد، كتب، فلاشات،قع لأهل السنة والجماعة الذين ينتهجون نهج السلف الصالح في فهم الإسلام وتطبيقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-04-2010, 03:59 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين


فصل المرتبة السادسة مرتبة البيان العام

وهو تبيين الحق وتمييزه من الباطل بأدلته وشواهده وأعلامه ، بحيث يصير مشهودا للقلب ، كشهود العين للمرئيات .

وهذه المرتبة هي حجة الله على خلقه ، التي لا يعذب أحدا ولا يضله إلا بعد [ ص: 66 ] وصوله إليها ، قال الله تعالى وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون فهذا الإضلال عقوبة منه لهم ، حين بين لهم فلم يقبلوا ما بينه لهم ، ولم يعملوا به ، فعاقبهم بأن أضلهم عن الهدى ، وما أضل الله سبحانه أحدا قط إلا بعد هذا البيان .

وإذا عرفت هذا عرفت سر القدر ، وزالت عنك شكوك كثيرة ، وشبهات في هذا الباب ، وعلمت حكمة الله في إضلاله من يضله من عباده ، والقرآن يصرح بهذا في غير موضع ، كقوله فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم ، وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فالأول : كفر عناد ، والثاني : كفر طبع ، وقوله ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون فعاقبهم على ترك الإيمان به حين تيقنوه وتحققوه ، بأن قلب أفئدتهم وأبصارهم فلم يهتدوا له .

فتأمل هذا الموضع حق التأمل ، فإنه موضع عظيم .

وقال تعالى وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فهذا هدى بعد البيان والدلالة ، وهو شرط لا موجب ، فإنه إن لم يقترن به هدى آخر بعده لم يحصل به كمال الاهتداء ، وهو هدى التوفيق والإلهام .

وهذا البيان نوعان : بيان بالآيات المسموعة المتلوة ، وبيان بالآيات المشهودة المرئية ، وكلاهما أدلة وآيات على توحيد الله وأسمائه وصفاته وكماله ، وصدق ما أخبرت به رسله عنه ، ولهذا يدعو عباده بآياته المتلوة إلى التفكر في آياته المشهودة ويحضهم على التفكير في هذه وهذه ، وهذا البيان هو الذي بعثت به الرسل ، وجعل إليهم وإلى العلماء بعدهم ، وبعد ذلك يضل الله من يشاء ، قال الله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم فالرسل تبين ، والله هو الذي يضل من يشاء ويهدي من يشاء بعزته وحكمته .

فصل المرتبة السابعة البيان الخاص

[ ص: 67 ] وهو البيان المستلزم للهداية الخاصة ، وهو بيان تقارنه العناية والتوفيق والاجتباء ، وقطع أسباب الخذلان وموادها عن القلب ، فلا تتخلف عنه الهداية البتة ، قال تعالى في هذه المرتبة إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل وقال إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء فالبيان الأول شرط ، وهذا موجب .

فصل المرتبة الثامنة مرتبة الإسماع

قال الله تعالى ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون وقد قال تعالى وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير وهذا الإسماع أخص من إسماع الحجة والتبليغ ، فإن ذلك حاصل لهم ، وبه قامت الحجة عليهم ، لكن ذاك إسماع الآذان ، وهذا إسماع القلوب ، فإن الكلام له لفظ ومعنى ، وله نسبة إلى الأذن والقلب وتعلق بهما ، فسماع لفظه حظ الأذن ، وسماع حقيقة معناه ومقصوده حظ القلب ، فإنه سبحانه نفى عن الكفار سماع المقصود والمراد الذي هو حظ القلب ، وأثبت لهم سماع الألفاظ الذي هو حظ الأذن في قوله ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وهذا السماع لا يفيد السامع إلا قيام الحجة عليه ، أو تمكنه منها ، وأما مقصود السماع وثمرته ، والمطلوب منه فلا يحصل مع لهو القلب وغفلته وإعراضه ، بل يخرج السامع قائلا للحاضر معه ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم .

والفرق بين هذه المرتبة ومرتبة الإفهام أن هذه المرتبة إنما تحصل بواسطة الأذن ، [ ص: 68 ] ومرتبة الإفهام أعم ، فهي أخص من مرتبة الفهم من هذا الوجه ، ومرتبة الفهم أخص من وجه آخر ، وهي أنها تتعلق بالمعنى المراد ولوازمه ومتعلقاته وإشاراته ، ومرتبة السماع مدارها على إيصال المقصود بالخطاب إلى القلب ، ويترتب على هذا السماع سماع القبول .

فهو إذن ثلاث مراتب : سماع الأذن ، وسماع القلب ، وسماع القبول والإجابة .

فصل المرتبة التاسعة مرتبة الإلهام

قال تعالى ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها وقال النبي صلى الله عليه وسلم ل حصين بن منذر الخزاعي لما أسلم قل : اللهم ألهمني رشدي ، وقني شر نفسي .

وقد جعل صاحب المنازل الإلهام هو مقام المحدثين ، قال : وهو فوق مقام الفراسة ، لأن الفراسة ربما وقعت نادرة ، واستصعبت على صاحبها وقتا ، أو استعصت عليه ، والإلهام لا يكون إلا في مقام عتيد .

قلت : التحديث أخص من الإلهام ، فإن الإلهام عام للمؤمنين بحسب إيمانهم فكل مؤمن فقد ألهمه الله رشده الذي حصل له به الإيمان ، فأما التحديث فالنبي صلى الله عليه وسلم قال فيه إن يكن في هذه الأمة أحد فعمر يعني من المحدثين ، فالتحديث إلهام خاص ، وهو الوحي إلى غير الأنبياء إما من المكلفين ، كقوله تعالىوأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه وقوله وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي وإما من غير المكلفين ، كقوله تعالى وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون فهذا كله وحي إلهام .

[ ص: 69 ] وأما جعله فوق مقام الفراسة فقد احتج عليه بأن الفراسة ربما وقعت نادرة كما تقدم ، والنادر لا حكم له ، وربما استعصت على صاحبها واستصعبت عليه فلم تطاوعه ، والإلهام لا يكون إلا في مقام عتيد ، يعني في مقام القرب والحضور .

والتحقيق في هذا أن كل واحد من " الفراسة " و " الإلهام " ينقسم إلى عام وخاص ، وخاص كل واحد منهما فوق عام الآخر ، وعام كل واحد قد يقع كثيرا ، وخاصه قد يقع نادرا ، ولكن الفرق الصحيح أن الفراسة قد تتعلق بنوع كسب وتحصيل ، وأما الإلهام فموهبة مجردة ، لا تنال بكسب البتة .


فصل درجات الإلهام

قال : وهو على ثلاث درجات :

الدرجة الأولى : نبأ يقع وحيا قاطعا مقرونا بسماع ، إذ مطلق النبأ الخبر الذي له شأن ، فليس كل خبر نبأ ، وهو نبأ خبر عن غيب معظم .

ويريد بالوحي والإلهام : الإعلام الذي يقطع من وصل إليه بموجبه ، إما بواسطة سمع ، أو هو الإعلام بلا واسطة .

قلت : أما حصوله بواسطة سمع فليس ذلك إلهاما ، بل هو من قبيل الخطاب ، وهذا يستحيل حصوله لغير الأنبياء ، وهو الذي خص به موسى ، إذ كان المخاطب هو الحق عز وجل .

وأما ما يقع لكثير من أرباب الرياضات من سماع فهو من أحد وجوه ثلاثة لا رابع لها ، أعلاها : أن يخاطبه الملك خطابا جزئيا ، فإن هذا يقع لغير الأنبياء ، فقد كانت الملائكة تخاطب عمران بن حصين بالسلام ، فلما اكتوى تركت خطابه ، فلما ترك الكي عاد إليه خطاب ملكي ، وهو نوعان :

أحدهما : خطاب يسمعه بأذنه ، وهو نادر بالنسبة إلى عموم المؤمنين .

والثاني : خطاب يلقى في قلبه يخاطب به الملك روحه ، كما في الحديث المشهور إن للملك لمة بقلب ابن آدم ، وللشيطان لمة ، فلمة الملك : إيعاد بالخير ، وتصديق بالوعد ، [ ص: 70 ] ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد ثم قرأ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا وقال تعالى إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا قيل في تفسيرها : قووا قلوبهم ، وبشروهم بالنصر ، وقيل : احضروا معهم القتال ، والقولان حق ، فإنهم حضروا معهم القتال ، وثبتوا قلوبهم .

ومن هذا الخطاب واعظ الله عز وجل في قلوب عباده المؤمنين ، كما في جامع الترمذي ومسند أحمد من حديث النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما ، وعلى كنفتي الصراط سوران ، لهما أبواب مفتحة ، وعلى الأبواب ستور مرخاة ، وداع يدعو على رأس الصراط ، وداع يدعو فوق الصراط ، فالصراط المستقيم الإسلام ، والسوران حدود الله ، والأبواب المفتحة محارم الله ، فلا يقع أحد في حد من حدود الله حتى يكشف الستر ، والداعي على رأس الصراط كتاب الله ، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن فهذا الواعظ في قلوب المؤمنين هو الإلهام الإلهي بواسطة الملائكة .

وأما وقوعه بغير واسطة فما لم يتبين بعد ، والجزم فيه بنفي أو إثبات موقوف على الدليل ، والله أعلم .













آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 04:01 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين




فصل : النوع الثاني من الخطاب المسموع : خطاب الهواتف من الجان ، وقد يكون المخاطب جنيا مؤمنا صالحا ، وقد يكون شيطانا ، وهذا أيضا نوعان :

أحدهما : أن يخاطبه خطابا يسمعه بأذنه .

[ ص: 71 ] والثاني : أن يلقي في قلبه عندما يلم به ، ومنه وعده وتمنيته حين يعد الإنسي ويمنيه ، ويأمره وينهاه ، كما قال تعالى
يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا وقال الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وللقلب من هذا الخطاب نصيب ، وللأذن أيضا منه نصيب ، والعصمة منتفية إلا عن الرسل ، ومجموع الأمة .

فمن أين للمخاطب أن هذا الخطاب رحماني ، أو ملكي ؟ بأي برهان ؟ أو بأي دليل ؟ والشيطان يقذف في النفس وحيه ، ويلقي في السمع خطابه ، فيقول المغرور المخدوع : قيل لي وخوطبت ، صدقت لكن الشأن في القائل لك والمخاطب ، وقد قال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه لغيلان بن سلمة وهو من الصحابة لما طلق نساءه ، وقسم ماله بين بنيه : إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك ، فقذفه في نفسك . فمن يأمن القراء بعدك يا شهر ؟ .
فصل : النوع الثالث : خطاب حالي ، تكون بدايته من النفس ، وعوده إليها ، فيتوهمه من خارج ، وإنما هو من نفسه ، منها بدأ وإليها يعود .

وهذا كثيرا ما يعرض للسالك ، فيغلط فيه ، ويعتقد أنه خطاب من الله ، كلمه به منه إليه ، وسبب غلطه أن اللطيفة المدركة من الإنسان إذا صفت بالرياضة ، وانقطعت علقها عن الشواغل الكثيفة صار الحكم لها بحكم استيلاء الروح والقلب على البدن ، ومصير الحكم لهما ، فتنصرف عناية النفس والقلب إلى تجريد المعاني التي هي متصلة بهما ، وتشتد عناية الروح بها ، وتصير في محل تلك العلائق والشواغل ، فتملأ القلب ، فتنصرف تلك المعاني إلى المنطق والخطاب القلبي الروحي بحكم العادة ، ويتفق تجرد الروح ، فتشكل تلك المعاني للقوة السامعة بشكل الأصوات المسموعة ، وللقوة الباصرة بشكل الأشخاص المرئية ، فيرى صورها ، ويسمع الخطاب ، وكله في نفسه ليس في الخارج منه شيء ، ويحلف أنه رأى وسمع ، وصدق ، لكن رأى وسمع في الخارج ، أو في نفسه ؟ [ ص: 72 ] ويتفق ضعف التمييز ، وقلة العلم ، واستيلاء تلك المعاني على الروح ، وتجردها عن الشواغل .

فهذه الوجوه الثلاثة هي وجوه الخطاب ، ومن سمع نفسه غيرها فإنما هو غرور ، وخدع وتلبيس ، وهذا الموضع مقطع القول ، وهو من أجل المواضع لمن حققه وفهمه ، والله الموفق للصواب .
فصل

قال : " الدرجة الثانية : إلهام يقع عيانا ، وعلامة صحته أنه لا يخرق سترا ، ولا يجاوز حدا ، ولا يخطئ أبدا " .

الفرق بين هذا وبين الإلهام في الدرجة الأولى : أن ذلك علم شبيه بالضروري الذي لا يمكن دفعه عن القلب ، وهذا معاينة ومكاشفة ، فهو فوقه في الدرجة ، وأتم منه ظهورا ، ونسبته إلى القلب نسبة المرئي إلى العين ، وذكر له ثلاث علامات :

إحداها : أنه لا يخرق سترا ، أي صاحبه إذا كوشف بحال غير المستور عنه لا يخرق ستره ويكشفه ، خيرا كان أو شرا ، أو أنه لا يخرق ما ستره الله من نفسه عن الناس ، بل يستر نفسه ، ويستر من كوشف بحاله .

الثانية : أنه لا يجاوز حدا ، يحتمل وجهين :

أحدهما : أنه لا يتجاوز به إلى ارتكاب المعاصي ، وتجاوز حدود الله ، مثل الكهان ، وأصحاب الكشف الشيطاني .

الثاني : أنه لا يقع على خلاف الحدود الشرعية ، مثل أن يتجسس به على العورات التي نهى الله عن التجسس عليها وتتبعها ، فإذا تتبعها وقع عليها بهذا الكشف ، فهو شيطاني لا رحماني .

الثالثة : أنه لا يخطئ أبدا ، بخلاف الشيطاني ، فإن خطأه كثير ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صائد ما ترى ؟ قال : أرى صادقا وكاذبا ، فقال : لبس عليك فالكشف الشيطاني لا بد أن يكذب ، ولا يستمر صدقه البتة .
قال : " الدرجة الثالثة : إلهام يجلو عين التحقيق صرفا ، وينطق عن عين الأزل محضا ، والإلهام غاية تمتنع الإشارة إليها " .

عين التحقيق عنده هي الفناء في شهود الحقيقة ، بحيث يضمحل كل ما سواها في ذلك الشهود ، وتعود الرسوم أعداما محضة ، فالإلهام في هذه الدرجة يجلو هذا العين للملهم صرفا ، بحيث لا يمازجها شيء من إدراك العقول ولا الحواس ، فإن كان هناك إدراك عقلي أو حسي لم يتمحض جلاء عين الحقيقة ، والناطق عن هذا الكشف عندهم لا يفهم عنه إلا من هو معه ، ومشارك له ، وعند أرباب هذا الكشف أن كل الخلق عنه في حجاب ، وعندهم أن العلم والعقل والحال حجب عليه ، وأن خطاب الخلق إنما يكون على لسان الحجاب ، وأنهم لا يفهمون لغة ما وراء الحجاب من المعنى المحجوب ، فلذلك تمتنع الإشارة إليه ، والعبارة عنه ، فإن الإشارة والعبارة إنما يتعلقان بالمحسوس والمعقول ، وهذا أمر وراء الحس والعقل .

وحاصل هذا الإلهام أنه إلهام ترتفع معه الوسائط وتضمحل وتعدم ، لكن في الشهود لا في الوجود ، وأما الاتحادية القائلون بوحدة الوجود فإنهم يجعلون ذلك اضمحلالا وعدما في الوجود ، ويجعلون صاحب المنازل منهم ، وهو بريء منهم عقلا ودينا وحالا ومعرفة ، والله أعلم .

فصل المرتبة العاشرة من مراتب الهداية : الرؤيا الصادقة

وهي من أجزاء النبوة كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

[ ص: 74 ] وقد قيل في سبب هذا التخصيص المذكور : إن أول مبتدأ الوحي كان هو الرؤيا الصادقة ، وذلك نصف سنة ، ثم انتقل إلى وحي اليقظة مدة ثلاث وعشرين سنة ، من حين بعث إلى أن توفي ، صلوات الله وسلامه عليه ، فنسبة مدة الوحي في المنام من ذلك جزء من ستة وأربعين جزءا ، وهذا حسن ، لولا ما جاء في الرواية الأخرى الصحيحة " إنها جزء من سبعين جزءا " .

وقد قيل في الجمع بينهما : إن ذلك بحسب حال الرائي ، فإن رؤيا الصديقين من ستة وأربعين ، ورؤيا عموم المؤمنين الصادقة من سبعين ، والله أعلم .

والرؤيا مبدأ الوحي ، وصدقها بحسب صدق الرائي ، وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثا ، وهي عند اقتراب الزمان لا تكاد تخطئ ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لبعد العهد بالنبوة وآثارها ، فيتعوض المؤمنون بالرؤيا ، وأما في زمن قوة نور النبوة ففي ظهور نورها وقوته ما يغني عن الرؤيا .

ونظير هذا الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصحابة ، ولم تظهر عليهم ، لاستغنائهم عنها بقوة إيمانهم ، واحتياج من بعدهم إليها لضعف إيمانهم ، وقد نص أحمد [ ص: 75 ] على هذا المعنى ، وقال
عبادة بن الصامت : رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده في المنام ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لم يبق من النبوة إلا المبشرات ، قيل : وما المبشرات يا رسول الله ؟ قال : الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له وإذا تواطأت رؤيا المسلمين لم تكذب ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه لما أروا ليلة القدر في العشر الأواخر ، قال أرى رؤياكم قد تواطأت في العشر الأواخر ، فمن كان منكم متحريها فليتحرها في العشر الأواخر من رمضان .

والرؤيا كالكشف ، منها رحماني ، ومنها نفساني ، ومنها شيطاني ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا ثلاثة : رؤيا من الله ، ورؤيا تحزين من الشيطان ، ورؤيا مما يحدث به الرجل نفسه في اليقظة ، فيراه في المنام .

والذي هو من أسباب الهداية : هو الرؤيا التي من الله خاصة .

ورؤيا الأنبياء وحي ، فإنها معصومة من الشيطان ، وهذا باتفاق الأمة ، ولهذا أقدم الخليل على ذبح ابنه إسماعيل عليهما السلام بالرؤيا .

وأما رؤيا غيرهم فتعرض على الوحي الصريح ، فإن وافقته وإلا لم يعمل بها .

فإن قيل : فما تقولون إذا كانت رؤيا صادقة ، أو تواطأت ؟ .

[ ص: 76 ] قلنا : متى كانت كذلك استحال مخالفتها للوحي ، بل لا تكون إلا مطابقة له ، منبهة عليه ، أو منبهة على اندراج قضية خاصة في حكمه ، لم يعرف الرائي اندراجها فيه ، فيتنبه بالرؤيا على ذلك ، ومن أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق وأكل الحلال ، والمحافظة على الأمر والنهي ، ولينم على طهارة كاملة مستقبل القبلة ، ويذكر الله حتى تغلبه عيناه ، فإن رؤياه لا تكاد تكذب البتة .

وأصدق الرؤيا : رؤيا الأسحار ، فإنه وقت النزول الإلهي ، واقتراب الرحمة والمغفرة ، وسكون الشياطين ، وعكسه رؤيا العتمة ، عند انتشار الشياطين والأرواح الشيطانية ، وقال
عبادة بن الصامت رضي الله عنه : رؤيا المؤمن كلام يكلم به الرب عبده في المنام .

وللرؤيا ملك موكل بها ، يريها العبد في أمثال تناسبه وتشاكله ، فيضربها لكل أحد بحسبه ، وقال مالك : " الرؤيا من الوحي وحي " ، وزجر عن تفسيرها بلا علم ، وقال : أتتلاعب بوحي الله ؟

ولذكر الرؤيا وأحكامها وتفاصيلها وطرق تأويلها مظان مخصوصة بها ، يخرجنا ذكرها عن المقصود ، والله أعلم .










آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 04:04 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

فصل : في اشتمال الفاتحة على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل


فصل : في اشتمال الفاتحة على الرد على جميع المبطلين من أهل الملل والنحل ، والرد على أهل البدع والضلال من هذه الأمة

وهذا يعلم بطريقين ، مجمل ومفصل :

أما المجمل : فهو أن الصراط المستقيم متضمن معرفة الحق ، وإيثاره ، وتقديمه على غيره ، ومحبته والانقياد له ، والدعوة إليه ، وجهاد أعدائه بحسب الإمكان .

والحق : هو ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وما جاء به علما وعملا في باب صفات الرب سبحانه ، وأسمائه وتوحيده ، وأمره ونهيه ، ووعده ووعيده ، وفي حقائق الإيمان ، التي هي منازل السائرين إلى الله تعالى ، وكل ذلك مسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دون آراء الرجال وأوضاعهم وأفكارهم واصطلاحاتهم .

فكل علم أو عمل أو حقيقة ، أو حال أو مقام خرج من مشكاة نبوته ، وعليه السكة المحمدية ، بحيث يكون من ضرب المدينة ، فهو من الصراط المستقيم ، وما لم يكن كذلك فهو من صراط أهل الغضب والضلال ، فما ثم خروج عن هذه الطرق الثلاث : طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، وطريق أهل الغضب ، وهي طريق من عرف الحق وعانده ، وطريق أهل الضلال وهي طريق من أضله الله عنه ، ولهذا قال عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم : " الصراط المستقيم : هو الإسلام " ، وقال عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما : " هو القرآن " ، وفيه حديث مرفوع في الترمذي وغيره ، وقال سهل بن عبد الله : " طريق السنة والجماعة " ، وقال بكر بن عبد الله المزني : " طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

ولا ريب أن ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه علما وعملا وهو معرفة الحق وتقديمه ، وإيثاره على غيره ، فهو الصراط المستقيم .

وكل هذه الأقوال المتقدمة دالة عليه جامعة له .

فبهذا الطريق المجمل يعلم أن كل ما خالفه فباطل ، وهو من صراط الأمتين : الأمة الغضبية ، وأمة أهل الضلال .
وأما المفصل : فبمعرفة المذاهب الباطلة ، واشتمال كلمات الفاتحة على إبطالها ، فنقول :

الناس قسمان : مقر بالحق تعالى ، وجاحد له ، فتضمنت الفاتحة إثبات الخالق تعالى ، والرد على من جحده ، بإثبات ربوبيته تعالى للعالمين .

وتأمل حال العالم كله ، علويه وسفليه ، بجميع أجزائه : تجده شاهدا بإثبات صانعه وفاطره ومليكه ، فإنكار صانعه وجحده في العقول والفطر بمنزلة إنكار العلم وجحده ، لا فرق بينهما ، بل دلالة الخالق على المخلوق ، والفعال على الفعل ، والصانع على أحوال المصنوع عند العقول الزكية المشرقة العلوية ، والفطر الصحيحة أظهر من العكس .

فالعارفون أرباب البصائر يستدلون بالله على أفعاله وصنعه ، إذا استدل الناس بصنعه وأفعاله عليه ، ولا ريب أنهما طريقان صحيحان ، كل منهما حق ، والقرآن مشتمل عليهما .

فأما الاستدلال بالصنعة فكثير ، وأما الاستدلال بالصانع فله شأن ، وهو الذي أشارت إليه الرسل بقولهم لأممهم أفي الله شك أي أيشك في الله حتى يطلب إقامة الدليل على وجوده ؟ وأي دليل أصح وأظهر من هذا المدلول ؟ فكيف يستدل على الأظهر بالأخفى ؟ ثم نبهوا على الدليل بقولهم فاطر السماوات والأرض .

وسمعت شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قدس الله روحه يقول : كيف يطلب الدليل على من هو دليل على كل شيء ؟ وكان كثيرا ما يتمثل بهذا البيت :



وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل
[ ص: 83 ] ومعلوم أن وجود الرب تعالى أظهر للعقول والفطر من وجود النهار ، ومن لم ير ذلك في عقله وفطرته فليتهمهما .

وإذا بطل قول هؤلاء بطل قول أهل الإلحاد ، القائلين بوحدة الوجود ، وأنه ما ثم وجود قديم خالق ووجود حادث مخلوق ، بل وجود هذا العالم هو عين وجود الله ، وهو حقيقة وجود هذا العالم ، فليس عند القوم رب وعبد ، ولا مالك ومملوك ، ولا راحم ومرحوم ، ولا عابد ومعبود ، ولا مستعين ومستعان به ، ولا هاد ولا مهدي ، ولا منعم ولا منعم عليه ، ولا غضبان ومغضوب عليه ، بل الرب هو نفس العبد وحقيقته ، والمالك هو عين المملوك ، والراحم هو عين المرحوم ، والعابد هو نفس المعبود ، وإنما التغاير أمر اعتباري بحسب مظاهر الذات وتجلياتها ، فتظهر تارة في صورة معبود ، كما ظهرت في صورة فرعون ، وفي صورة عبد ، كما ظهرت في صورة العبيد ، وفي صورة هاد ، كما في صورة الأنبياء والرسل والعلماء ، والكل من عين واحدة ، بل هو العين الواحدة ، فحقيقة العابد ووجوده أو أنيته : هي حقيقة المعبود ووجوده وأنيته .

والفاتحة من أولها إلى آخرها تبين بطلان قول هؤلاء الملاحدة وضلالهم .
والمقرون بالرب سبحانه وتعالى أنه صانع العالم نوعان :

[ ص: 84 ] نوع ينفي مباينته لخلقه ، ويقولون : لا مباين ولا محايث ، ولا داخل العالم ولا خارجه ، ولا فوقه ولا تحته ، ولا عن يمينه ولا عن يساره ، ولا خلفه ولا أمامه ، ولا فيه ولا بائن عنه .

فتضمنت الفاتحة الرد على هؤلاء من وجهين :

أحدهما : إثبات ربوبيته تعالى للعالم ، فإن الربوبية المحضة تقتضي مباينة الرب للعالم بالذات ، كما باينهم بالربوبية ، وبالصفات والأفعال ، فمن لم يثبت ربا مباينا للعالم ، فما أثبت ربا ، فإنه إذا نفى المباينة لزمه أحد أمرين ، لزوما لا انفكاك له عنه البتة : إما أن يكون هو نفس هذا العالم ، وحينئذ يصح قوله ، فإن العالم لا يباين ذاته ونفسه ، ومن هاهنا دخل أهل الوحدة ، وكانوا معطلة أولا ، واتحادية ثانيا .

وإما أن يقول : ما ثم رب يكون مباينا ولا محايثا ، ولا داخلا ولا خارجا ، كما قالته الدهرية المعطلة للصانع .

وأما هذا القول الثالث المشتمل على جمع النقيضين : إثبات رب مغاير للعالم مع نفي مباينته للعالم ، وإثبات خالق قائم بنفسه ، لا في العالم ولا خارج العالم ، ولا فوق العالم ولا تحته ، ولا خلفه ولا أمامه ، ولا يمنته ولا يسرته فقول له خبيء ، والعقول لا تتصوره حتى تصدق به ، فإذا استحال في العقل تصوره ، فاستحالة التصديق به أظهر وأظهر ، وهو منطبق على العدم المحض ، والنفي الصرف ، وصدقه عليه أظهر عند العقول والفطر من صدقه على رب العالمين .

فضع هذا النفي وهذه الألفاظ الدالة عليه على العدم المستحيل ، ثم ضعها على الذات العلية القائمة بنفسها ، التي لم تحل في العالم ، ولا حل العالم فيها ، ثم انظر أي المعلومين أولى به ؟

واستيقظ لنفسك ، وقم لله قومة مفكر في نفسه في الخلوة في هذا الأمر ، متجرد عن المقالات وأربابها ، وعن الهوى والحمية والعصبية ، صادقا في طلب الهداية من الله ، فالله أكرم من أن يخيب عبدا هذا شأنه ، وهذه المسألة لا تحتاج إلى أكثر من إثبات رب قائم بنفسه ، مباين لخلقه ، بل هذا نفس ترجمتها .
ص: 85 ] ثم المثبتون للخالق تعالى نوعان :

أهل توحيد ، وأهل إشراك ، وأهل الإشراك نوعان :

أحدهما : أهل الإشراك به في ربوبيته وإلهيته ، كالمجوس ومن ضاهاهم من القدرية ، فإنهم يثبتون مع الله خالقا آخر ، وإن لم يقولوا : إنه مكافئ له ، والقدرية المجوسية تثبت مع الله خالقين للأفعال ، ليست أفعالهم مقدورة لله ، ولا مخلوقة لهم ، وهي صادرة بغير مشيئته ، ولا قدرة له عليها ، ولا هو الذي جعل أربابها فاعلين لها ، بل هم الذين جعلوا أنفسهم شائين مريدين فاعلين .

فربوبية العالم الكاملة المطلقة الشاملة تبطل أقوال هؤلاء كلهم ، لأنها تقتضي ربوبيته لجميع ما فيه من الذوات والصفات والحركات والأفعال .

وحقيقة قول القدرية المجوسية : أنه تعالى ليس ربا لأفعال الحيوان ، ولا تناولتها ربوبيته ، وكيف تتناول ما لا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه ؟ مع أن في عموم حمده ما يقتضي حمده على طاعات خلقه ، إذ هو المعين عليها والموفق لها ، وهو الذي شاءها منهم كما قال في غير موضع من كتابه وما تشاءون إلا أن يشاء الله فهو محمود على أن شاءها لهم ، وجعلهم فاعليها بقدرته ومشيئته ، فهو المحمود عليها في الحقيقة ، وعندهم أنهم هم المحمودون عليها ، ولهم الحمد على فعلها ، وليس لله حمد على نفس فاعليتها عندهم ، ولا على ثوابه وجزائه عليها .

أما الأول : فلأن فاعليتها بهم لا به ، وأما الثاني : فلأن الجزاء مستحق عليه استحقاق الأجرة على المستأجر ، فهو محض حقهم ، الذي عاوضوه عليه .

[ ص: 86 ] وفي قوله وإياك نستعين رد ظاهر عليهم ، إذ استعانتهم به إنما تكون عن شيء هو بيده وتحت قدرته ومشيئته ، فكيف يستعين من بيده الفعل وهو موجده ، إن شاء أوجده وإن شاء لم يوجده بمن ليس ذلك الفعل بيده ، ولا هو داخل تحت قدرته ولا مشيئته ؟ .

وفي قوله اهدنا الصراط المستقيم أيضا رد عليهم ، فإن الهداية المطلقة التامة هي المستلزمة لحصول الاهتداء ، ولولا أنها بيده تعالى دونهم لما سألوه إياها ، وهي المتضمنة للإرشاد والبيان ، والتوفيق والإقدار ، وجعلهم مهتدين ، وليس مطلوبهم مجرد البيان والدلالة كما ظنته القدرية ، لأن هذا القدر وحده لا يوجب الهدى ، ولا ينجي من الردى ، وهو حاصل لغيرهم من الكفار ، الذين استحبوا العمى على الهدى ، واشتروا الضلالة بالهدى .
فصل : النوع الثاني : أهل الإشراك به في إلهيته ، وهم المقرون بأنه وحده رب كل شيء ، ومليكه وخالقه ، وأنه ربهم ورب آبائهم الأولين ، ورب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، وهم مع هذا يعبدون غيره ، ويعدلون به سواه في المحبة والطاعة والتعظيم ، وهم الذين اتخذوا من دون الله أندادا ، فهؤلاء لم يوفوا " إياك نعبد " حقه ، وإن كان لهم نصيب من " نعبدك " لكن ليس لهم نصيب من إياك نعبد المتضمن معنى : لا نعبد إلا إياك حبا وخوفا ورجاء وطاعة وتعظيما ، ف " إياك نعبد " تحقيق لهذا التوحيد ، وإبطال للشرك في الإلهية ، كما أن " إياك نستعين " تحقيق لتوحيد الربوبية ، وإبطال للشرك به فيها ، وكذلك قوله اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم فإنهم أهل التوحيد ، وهم أهل تحقيق " إياك نعبد وإياك نستعين " وأهل الإشراك هم أهل الغضب والضلال .














لنا عوووووودة
بعد صلاة العصر
ان شاء الله






آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:51 PM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين




فصل في تضمنها للرد على الجبرية

وذلك من وجوه :

أحدها : من إثبات عموم حمده سبحانه ، فإنه يقتضي أن لا يعاقب عبيده على ما لا قدرة لهم عليه ، ولا هو من فعلهم ، بل هو بمنزلة ألوانهم ، وطولهم وقصرهم ، بل هو يعاقبهم على نفس فعله بهم ، فهو الفاعل لقبائحهم في الحقيقة ، وهو المعاقب لهم عليها ، فحمده عليها يأبى ذلك أشد الإباء ، وينفيه أعظم النفي ، فتعالى من له الحمد كله عن ذلك علوا كبيرا ، بل إنما يعاقبهم على نفس أفعالهم التي فعلوها حقيقة ، فهي أفعالهم لا أفعاله ، وإنما أفعاله العدل ، والإحسان والخيرات .

الوجه الثاني : إثبات رحمته ورحمانيته ينفي ذلك إذ لا يمكن اجتماع هذين [ ص: 88 ] الأمرين قط أن يكون رحمانا رحيما ويعاقب العبد على ما لا قدرة له عليه ، ولا هو من فعله ، بل يكلفه ما لا يطيقه ، ولا له عليه قدرة البتة ، ثم يعاقبه عليه ، وهل هذا إلا ضد الرحمة ، ونقض لها وإبطال ؟ وهل يصح في معقول أحد اجتماع ذلك والرحمة التامة الكاملة في ذات واحدة ؟ .

الوجه الثالث : إثبات العبادة والاستعانة لهم ، ونسبتها إليهم ، بقولهم " نعبد ، ونستعين " وهي نسبة حقيقية لا مجازية ، والله لا يصح وصفه بالعبادة والاستعانة التي هي من أفعال عبيده ، بل العبد حقيقة هو العابد المستعين ، والله هو المعبود المستعان به .









آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:52 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين



فصل : في بيان تضمنها للرد على منكري تعلق علمه تعالى بالجزئيات

وذلك من وجوه :

أحدها : كمال حمده ، وكيف يستحق الحمد من لا يعلم شيئا من العالم وأحواله وتفاصيله ، ولا عدد الأفلاك ، ولا عدد النجوم ، ولا من يطيعه ممن يعصيه ، ولا من يدعوه ممن لا يدعوه ؟

الثاني : أن هذا مستحيل أن يكون إلها ، وأن يكون ربا ، فلا بد للإله المعبود ، [ ص: 90 ] والرب المدبر ، من أن يعلم عابده ، ويعلم حاله .

الثالث : من إثبات رحمته ، فإنه يستحيل أن يرحم من لا يعلم .

الرابع : إثبات ملكه ، فإن ملكا لا يعرف أحدا من رعيته البتة ، ولا شيئا من أحوال مملكته البتة ، ليس بملك بوجه من الوجوه .

الخامس : كونه مستعانا .

السادس : كونه مسئولا أن يهدي سائله ويجيبه .

السابع : كونه هاديا .

الثامن : كونه منعما .

التاسع : كونه غضبان على من خالفه .

العاشر : كونه مجازيا ، يدين الناس بأعمالهم يوم الدين .

فنفي علمه بالجزئيات مبطل لذلك كله .








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:53 PM رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين


فصل إذا ثبتت النبوات والرسالة ثبتت صفة التكلم والتكليم

فإن حقيقة الرسالة تبليغ كلام المرسل ، فإذا لم يكن ثم كلام فماذا يبلغ الرسول ؟ بل كيف يعقل كونه رسولا ؟ ولهذا قال غير واحد من السلف : من أنكر أن يكون الله متكلما ، أو يكون القرآن كلامه : فقد أنكر رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، بل ورسالة جميع الرسل التي حقيقتها تبليغ كلام الله تبارك وتعالى ، ولهذا قال منكرو رسالته صلى الله عليه وسلم عن القرآن
إن هذا إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر إنما عنوا القرآن المسموع الذي بلغوه ، وأنذروا به .

فمن قال : إن الله لم يتكلم به ، فقد ضاهأ قوله قولهم : تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا








آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:54 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين







فصل أقسام الناس في العبادة والاستعانة

إذا عرفت هذا ، فالناس في هذين الأصلين وهما العبادة والاستعانة أربعة أقسام :

[ ص: 100 ] أجلها وأفضلها : أهل العبادة والاستعانة بالله عليها ، فعبادة الله غاية مرادهم ، وطلبهم منه أن يعينهم عليها ، ويوفقهم للقيام بها ، ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته ، وهو الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لحبه
معاذ بن جبل رضي الله عنه ، فقال " يا معاذ ، والله إني لأحبك ، فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " .

فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته ، وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب ، وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا ، وعلى دفع ما يضاده ، وعلى تكميله وتيسير أسبابه ، فتأملها .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه : تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ، ثم رأيته في الفاتحة في
إياك نعبد وإياك نستعين .

ومقابل هؤلاء القسم الثاني ، وهم المعرضون عن عبادته والاستعانة به ، فلا عبادة ولا استعانة ، بل إن سأله أحدهم واستعان به فعلى حظوظه وشهواته ، لا على مرضاة ربه وحقوقه ، فإنه سبحانه يسأله من في السماوات والأرض يسأله أولياؤه وأعداؤه ويمد هؤلاء وهؤلاء ، وأبغض خلقه عدوه إبليس ومع هذا فقد سأله حاجة فأعطاه إياها ، ومتعه بها ، ولكن لما لم تكن عونا له على مرضاته ، كانت زيادة له في شقوته ، وبعده عن الله وطرده عنه ، وهكذا كل من استعان به على أمر وسأله إياه ، ولم يكن عونا على طاعته كان مبعدا له عن مرضاته ، قاطعا له عنه ولا بد .

وليتأمل العاقل هذا في نفسه وفي غيره ، وليعلم أن إجابة الله لسائليه ليست لكرامة السائل عليه ، بل يسأله عبده الحاجة فيقضيها له ، وفيها هلاكه وشقوته ، ويكون قضاؤه له من هوانه عليه ، وسقوطه من عينه ، ويكون منعه منها لكرامته عليه ومحبته له ، فيمنعه حماية وصيانة وحفظا لا بخلا ، وهذا إنما يفعله بعبده الذي يريد كرامته ومحبته ، ويعامله بلطفه ، فيظن بجهله أن الله لا يحبه ولا يكرمه ، ويراه يقضي حوائج غيره ، فيسيء ظنه [ ص: 101 ] بربه ، وهذا حشو قلبه ولا يشعر به ، والمعصوم من عصمه الله ، والإنسان على نفسه بصيرة ، وعلامة هذا حمله على الأقدار وعتابه الباطن لها ، كما قيل :



وعاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدرا
فوالله لو كشف عن حاصله وسره لرأى هناك معاتبة القدر واتهامه ، وأنه قد كان ينبغي أن يكون كذا وكذا ، ولكن ما حيلتي ، والأمر ليس إلي ؟ والعاقل خصم نفسه ، والجاهل خصم أقدار ربه .

فاحذر كل الحذر أن تسأله شيئا معينا خيرته وعاقبته مغيبة عنك ، وإذا لم تجد من سؤاله بدا ، فعلقه على شرط علمه تعالى فيه الخيرة ، وقدم بين يدي سؤالك الاستخارة ، ولا تكن استخارة باللسان بلا معرفة ، بل استخارة من لا علم له بمصالحه ، ولا قدرة له عليها ، ولا اهتداء له إلى تفاصيلها ، ولا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، بل إن وكل إلى نفسه هلك كل الهلاك ، وانفرط عليه أمره .

وإذا أعطاك ما أعطاك بلا سؤال تسأله أن يجعله عونا لك على طاعته وبلاغا إلى مرضاته ، ولا يجعله قاطعا لك عنه ، ولا مبعدا عن مرضاته ، ولا تظن أن عطاءه كل ما أعطى لكرامة عبده عليه ، ولا منعه كل ما يمنعه لهوان عبده عليه ، ولكن عطاءه ومنعه ابتلاء وامتحان ، يمتحن بهما عباده ، قال الله تعالى
فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن كلا أي ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته فقد أكرمته ، وما ذاك لكرامته علي ، ولكنه ابتلاء مني ، وامتحان له أيشكرني فأعطيه فوق ذلك ، أم يكفرني فأسلبه إياه ، وأخول فيه غيره ؟ وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه ، وجعلته بقدر لا يفضل عنه ، فذلك من هوانه علي ، ولكنه ابتلاء وامتحان مني له أيصبر فأعطيه أضعاف أضعاف ما فاته من سعة الرزق ، أم يتسخط فيكون حظه السخط ؟ .

فرد الله سبحانه على من ظن أن سعة الرزق إكرام ، وأن الفقر إهانة ، فقال : لم أبتل عبدي بالغنى لكرامته علي ، ولم أبتله بالفقر لهوانه علي ، فأخبر أن الإكرام والإهانة لا يدوران على المال وسعة الرزق وتقديره ، فإنه سبحانه يوسع على الكافر لا لكرامته ، ويقتر على المؤمن لا لإهانته ، إنما يكرم من يكرمه بمعرفته ومحبته وطاعته ، ويهين من يهينه بالإعراض عنه ومعصيته ، فله الحمد على هذا وعلى هذا ، وهو الغني الحميد .











آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:55 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين




القسم الثالث : من له نوع عبادة بلا استعانة ، وهؤلاء نوعان :

أحدهما : القدرية القائلون بأنه قد فعل بالعبد جميع مقدوره من الألطاف ، وأنه لم يبق في مقدوره إعانة له على الفعل ، فإنه قد أعانه بخلق الآلات وسلامتها ، وتعريف الطريق ، وإرسال الرسل ، وتمكينه من الفعل ، فلم يبق بعد هذا إعانة مقدورة يسأله إياها ، بل قد ساوى بين أوليائه وأعدائه في الإعانة ، فأعان هؤلاء كما أعان هؤلاء ، ولكن أولياءه اختاروا لنفوسهم الإيمان ، وأعداءه اختاروا لنفوسهم الكفر ، من غير أن يكون الله سبحانه وفق هؤلاء بتوفيق زائد أوجب لهم الإيمان ، وخذل هؤلاء بأمر آخر أوجب لهم الكفر ، فهؤلاء لهم نصيب منقوص من العبادة ، لا استعانة معه ، فهم موكولون إلى أنفسهم ، مسدود عليهم طريق الاستعانة والتوحيد ، قال
ابن عباس رضي الله عنهما : الإيمان بالقدر نظام التوحيد ، فمن آمن بالله وكذب بقدره نقض تكذيبه توحيده .

النوع الثاني : من لهم عبادات وأوراد ، ولكن حظهم ناقص من التوكل والاستعانة ، لم تتسع قلوبهم لارتباط الأسباب بالقدر ، وتلاشيها في ضمنه ، وقيامها به ، [ ص: 103 ] وأنها بدون القدر كالموات الذي لا تأثير له ، بل كالعدم الذي لا وجود له ، وأن القدر كالروح المحرك لها ، والمعول على المحرك الأول .

فلم تنفذ قوى بصائرهم من المتحرك إلى المحرك ، ومن السبب إلى المسبب ، ومن الآلة إلى الفاعل ، فضعفت عزائمهم وقصرت هممهم ، فقل نصيبهم من "
إياك نستعين " ولم يجدوا ذوق التعبد بالتوكل والاستعانة ، وإن وجدوا ذوقه بالأوراد والوظائف .

فهؤلاء لهم نصيب من التوفيق والنفوذ والتأثير ، بحسب استعانتهم وتوكلهم ، ولهم من الخذلان والضعف والمهانة والعجز بحسب قلة استعانتهم وتوكلهم ، ولو توكل العبد على الله حق توكله في إزالة جبل عن مكانه وكان مأمورا بإزالته لأزاله .

فإن قلت : فما معنى التوكل والاستعانة ؟ .

قلت : هو حال للقلب ينشأ عن معرفته بالله ، والإيمان بتفرده بالخلق والتدبير والضر والنفع ، والعطاء والمنع ، وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس ، وما لم يشأ لم يكن وإن شاءه الناس ، فيوجب له هذا اعتمادا عليه ، وتفويضا إليه ، وطمأنينة به ، وثقة به ، ويقينا بكفايته لما توكل عليه فيه ، وأنه ملي به ، ولا يكون إلا بمشيئته ، شاءه الناس أم أبوه .

فتشبه حالته حالة الطفل مع أبويه فيما ينويه من رغبة ورهبة هما مليان بهما ، فانظر في تجرد قلبه عن الالتفات إلى غير أبويه ، وحبس همه على إنزال ما ينويه بهما ، فهذه حال المتوكل ، ومن كان هكذا مع الله فالله كافيه ولا بد ، قال الله تعالى
ومن يتوكل على الله فهو حسبه أي كافيه ، والحسب الكافي ، فإن كان مع هذا من أهل التقوى كانت له العاقبة الحميدة ، وإن لم يكن من أهل التقوى فهو .

القسم الرابع : وهو من شهد تفرد الله بالنفع والضر ، وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ، ولم يدر مع ما يحبه ويرضاه ، فتوكل عليه ، واستعان به على حظوظه وشهواته وأغراضه ، وطلبها منه ، وأنزلها به ، فقضيت له ، وأسعف بها ، سواء كانت أموالا أو رياسة أو جاها عند الخلق ، أو أحوالا من كشف وتأثير وقوة وتمكين ، ولكن لا عاقبة له ، فإنها من جنس الملك الظاهر ، والأموال لا تستلزم الإسلام ، فضلا عن الولاية والقرب من الله ، فإن الملك والجاه والمال والحال معطاة للبر والفاجر ، والمؤمن والكافر ، فمن استدل بشيء من ذلك على محبة الله لمن آتاه إياه ورضاه عنه ، وأنه من أوليائه المقربين ، [ ص: 104 ] فهو من أجهل الجاهلين ، وأبعدهم عن معرفة الله ومعرفة دينه ، والتمييز بين ما يحبه ويرضاه ، ويكرهه ويسخطه ، فالحال من الدنيا ، فهو كالملك والمال إن أعان صاحبه على طاعة الله ومرضاته ، وتنفيذ أوامره ألحقه بالملوك العادلين البررة ، وإلا فهو وبال على صاحبه ، ومبعد له عن الله ، وملحق له بالملوك الظلمة ، والأغنياء الفجرة .










آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:56 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين


ثم أهل مقام " إياك نعبد " لهم في أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالإيثار والتخصيص أربع طرق ، فهم في ذلك أربعة أصناف :

الصنف الأول : عندهم أنفع العبادات وأفضلها أشقها على النفوس وأصعبها .

قالوا : لأنه أبعد الأشياء عن هواها ، وهو حقيقة التعبد .

قالوا : والأجر على قدر المشقة ، ورووا حديثا لا أصل له " أفضل الأعمال أحمزها " أي أصعبها وأشقها .

[ ص: 107 ] وهؤلاء : هم أهل المجاهدات والجور على النفوس .

قالوا : وإنما تستقيم النفوس بذلك ، إذ طبعها الكسل والمهانة ، والإخلاد إلى الأرض ، فلا تستقيم إلا بركوب الأهوال وتحمل المشاق .

الصنف الثاني ، قالوا : أفضل العبادات التجرد ، والزهد في الدنيا ، والتقلل منها غاية الإمكان ، واطراح الاهتمام بها ، وعدم الاكتراث بكل ما هو منها .

ثم هؤلاء قسمان :

فعوامهم ظنوا أن هذا غاية ، فشمروا إليه وعملوا عليه ، ودعوا الناس إليه ، وقالوا : هو أفضل من درجة العلم والعبادة ، فرأوا الزهد في الدنيا غاية كل عبادة ورأسها .

وخواصهم رأوا هذا مقصودا لغيره ، وأن المقصود به عكوف القلب على الله ، وجمع الهمة عليه ، وتفريغ القلب لمحبته ، والإنابة إليه ، والتوكل عليه ، والاشتغال بمرضاته ، فرأوا أن أفضل العبادات في الجمعية على الله ، ودوام ذكره بالقلب واللسان ، والاشتغال بمراقبته ، دون كل ما فيه تفريق للقلب وتشتيت له .

ثم هؤلاء قسمان ، فالعارفون المتبعون منهم إذا جاء الأمر والنهي بادروا إليه ولو فرقهم وأذهب جمعيتهم ، والمنحرفون منهم يقولون : المقصود من العبادة جمعية القلب على الله ، فإذا جاء ما يفرقه عن الله لم يلتفت إليه ، وربما يقول قائلهم :



يطالب بالأوراد من كان غافلا فكيف بقلب كل أوقاته ورد
. ثم هؤلاء أيضا قسمان ، منهم من يترك الواجبات والفرائض لجمعيته ، ومنهم من يقوم بها ويترك السنن والنوافل ، وتعلم العلم النافع لجمعيته .

وسأل بعض هؤلاء شيخا عارفا ، فقال : إذا أذن المؤذن وأنا في جمعيتي على الله ، فإن قمت وخرجت نفقت ، وإن بقيت على حالي بقيت على جمعيتي ، فما الأفضل في حقي ؟

فقال : إذا أذن المؤذن وأنت تحت العرش فقم ، وأجب داعي الله ، ثم عد إلى موضعك ، وهذا لأن الجمعية على الله حظ الروح والقلب ، وإجابة الداعي حق الرب ، ومن آثر حظ روحه على حق ربه فليس من أهل "
إياك نعبد " .

الصنف الثالث : رأوا أن أنفع العبادات وأفضلها : ما كان فيه نفع متعد ، فرأوه [ ص: 108 ] أفضل من ذي النفع القاصر ، فرأوا خدمة الفقراء ، والاشتغال بمصالح الناس وقضاء حوائجهم ، ومساعدتهم بالمال والجاه والنفع أفضل ، فتصدوا له وعملوا عليه واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم الخلق كلهم عيال الله ، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله رواه أبو يعلى .

واحتجوا بأن عمل العابد قاصر على نفسه ، وعمل النفاع متعد إلى الغير ، وأين أحدهما من الآخر ؟ .

قالوا : ولهذا كان فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب .

قالوا : وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم وهذا التفضيل إنما هو للنفع المتعدي ، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته يصلون على معلمي [ ص: 109 ] الناس الخير وبقوله صلى الله عليه وسلم إن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض ، حتى الحيتان في البحر ، والنملة في جحرها .

واحتجوا بأن صاحب العبادة إذا مات انقطع عمله ، وصاحب النفع لا ينقطع عمله ، ما دام نفعه الذي نسب إليه .

واحتجوا بأن الأنبياء إنما بعثوا بالإحسان إلى الخلق وهدايتهم ، ونفعهم في معاشهم ومعادهم ، لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع عن الناس والترهب ، ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على أولئك النفر الذين هموا بالانقطاع للتعبد ، وترك مخالطة الناس ، ورأى هؤلاء التفرق في أمر الله ، ونفع عباده ، والإحسان إليهم ، أفضل من الجمعية عليه بدون ذلك .

الصنف الرابع ، قالوا : إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته ، فأفضل العبادات في وقت الجهاد : الجهاد ، وإن آل إلى ترك الأوراد ، من صلاة الليل وصيام النهار ، بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض ، كما في حالة الأمن .

والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا القيام بحقه ، والاشتغال به عن الورد المستحب ، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل .

[ ص: 110 ] والأفضل في أوقات السحر الاشتغال بالصلاة والقرآن ، والدعاء والذكر والاستغفار .

والأفضل في وقت استرشاد الطالب ، وتعليم الجاهل الإقبال على تعليمه والاشتغال به .

والأفضل في أوقات الأذان ترك ما هو فيه من ورده ، والاشتغال بإجابة المؤذن .

والأفضل في أوقات الصلوات الخمس الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه ، والمبادرة إليها في أول الوقت ، والخروج إلى الجامع ، وإن بعد كان أفضل .

والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه ، أو البدن ، أو المال الاشتغال بمساعدته ، وإغاثة لهفته ، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك .

والأفضل في وقت قراءة القرآن جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه ، حتى كأن الله تعالى يخاطبك به ، فتجمع قلبك على فهمه وتدبره ، والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك .

والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك .

والأفضل في أيام عشر ذي الحجة الإكثار من التعبد ، لاسيما التكبير والتهليل والتحميد ، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين .

والأفضل في العشر الأخير من رمضان لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم ، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم ، وإقرائهم القرآن ، عند كثير من العلماء .

والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته عيادته ، وحضور جنازته وتشييعه ، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك .

والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم ، دون الهرب منهم ، فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه .

والأفضل خلطتهم في الخير ، فهي خير من اعتزالهم فيه ، واعتزالهم في الشر ، فهو [ ص: 111 ] أفضل من خلطتهم فيه ، فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم .

فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال ، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه .

وهؤلاء هم أهل التعبد المطلق ، والأصناف قبلهم أهل التعبد المقيد ، فمتى خرج أحدهم عن النوع الذي تعلق به من العبادة وفارقه يرى نفسه كأنه قد نقص وترك عبادته ، فهو يعبد الله على وجه واحد ، وصاحب التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره ، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت ، فمدار تعبده عليها ، فهو لا يزال متنقلا في منازل العبودية ، كلما رفعت له منزلة عمل على سيره إليها ، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى ، فهذا دأبه في السير حتى ينتهي سيره ، فإن رأيت العلماء رأيته معهم ، وإن رأيت العباد رأيته معهم ، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم ، وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم ، وإن رأيت المتصدقين المحسنين رأيته معهم ، وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم ، فهذا هو العبد المطلق ، الذي لم تملكه الرسوم ، ولم تقيده القيود ، ولم يكن عمله على مراد نفسه وما فيه لذتها وراحتها من العبادات ، بل هو على مراد ربه ، ولو كانت راحة نفسه ولذتها في سواه ، فهذا هو المتحقق ب "
إياك نعبد وإياك نستعين " حقا ، القائم بهما صدقا ، ملبسه ما تهيأ ، ومأكله ما تيسر ، واشتغاله بما أمر الله به في كل وقت بوقته ، ومجلسه حيث انتهى به المكان ووجده خاليا ، لا تملكه إشارة ، ولا يتعبده قيد ، ولا يستولي عليه رسم ، حر مجرد ، دائر مع الأمر حيث دار ، يدين بدين الآمر أنى توجهت ركائبه ، ويدور معه حيث استقلت مضاربه ، يأنس به كل محق ، ويستوحش منه كل مبطل ، كالغيث حيث وقع نفع ، وكالنخلة لا يسقط ورقها وكلها منفعة حتى شوكها ، وهو موضع الغلظة منه على المخالفين لأمر الله ، والغضب إذا انتهكت محارم الله ، فهو لله وبالله ومع الله ، قد صحب الله بلا خلق ، وصحب الناس بلا نفس ، بل إذا كان مع الله عزل الخلائق عن البين ، وتخلى عنهم ، وإذا كان مع خلقه عزل نفسه من الوسط وتخلى عنها ، فواها له ! ما أغربه بين الناس ! وما أشد وحشته منهم ! وما أعظم أنسه بالله وفرحه به ، وطمأنينته وسكونه إليه ! ! والله المستعان ، وعليه التكلان .










آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 05:58 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
نور

الصورة الرمزية نور

إحصائية العضو







نور غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين



فاعلم أن سر العبودية ، وغايتها وحكمتها إنما يطلع عليها من عرف صفات الرب عز وجل ، ولم يعطلها ، وعرف معنى الإلهية وحقيقتها ، ومعنى كونه إلها ، بل هو الإله الحق ، وكل إله سواه فباطل ، بل أبطل الباطل ، وأن حقيقة الإلهية لا تنبغي إلا له ، وأن العبادة موجب إلهيته وأثرها ومقتضاها ، وارتباطها بها كارتباط متعلق الصفات بالصفات ، وكارتباط المعلوم بالعلم ، والمقدور بالقدرة ، والأصوات بالسمع ، والإحسان بالرحمة ، والعطاء بالجود .

فمن أنكر حقيقة الإلهية ولم يعرفها كيف يستقيم له معرفة حكمة العبادات وغاياتها ومقاصدها وما شرعت لأجله ؟ كيف يستقيم له العلم بأنها هي الغاية المقصودة بالخلق ، والتي لها خلقوا ، ولها أرسلت الرسل ، وأنزلت الكتب ، ولأجلها خلقت الجنة والنار ؟ وأن فرض تعطيل الخليقة عنها نسبة لله إلى ما لا يليق به ، ويتعالى عنه من خلق السماوات والأرض بالحق ، ولم يخلقهما باطلا ، ولم يخلق الإنسان عبثا ولم يتركه سدى مهملا ، قال تعالى
أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون أي لغير شيء ولا حكمة ، ولا لعبادتي ومجازاتي لكم ، وقد صرح تعالى بهذا في قوله وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون فالعبادة هي الغاية التي خلق لها الجن والإنس والخلائق كلها ، قال الله تعالى أيحسب الإنسان أن يترك سدى أي مهملا ، قال الشافعي : لا يؤمر ولا ينهى ، وقال غيره : لا يثاب ولا يعاقب ، والصحيح الأمران ، فإن الثواب والعقاب مترتبان على الأمر والنهي ، والأمر والنهي طلب العبادة وإرادتها ، وحقيقة العبادة امتثالهما ، وقال تعالى ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار [ ص: 119 ] وقال وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وقال وخلق الله السماوات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت .

فأخبر أنه خلق السماوات والأرض بالحق المتضمن أمره ونهيه ، وثوابه وعقابه .

فإذا كانت السماوات والأرض وما بينهما خلقت لهذا ، وهو غاية الخلق ، فكيف يقال إنه لا علة له ، ولا حكمة مقصودة هي غايته ؟ أو إن ذلك لمجرد استئجار العباد حتى لا ينكد عليهم الثواب بالمنة ، أو لمجرد استعداد النفوس للمعارف العقلية ، وارتياضها بمخالفة العوائد ؟ .

فليتأمل اللبيب الفرقان بين هذه الأقوال ، وبين ما دل عليه صريح الوحي يجد أن أصحاب هذه الأقوال ما قدروا الله حق قدره ، ولا عرفوه حق معرفته .

فالله تعالى إنما خلق الخلق لعبادته ، الجامعة لكمال محبته ، مع الخضوع له والانقياد لأمره .

فأصل العبادة : محبة الله ، بل إفراده بالمحبة ، وأن يكون الحب كله لله ، فلا يحب معه سواه ، وإنما يحب لأجله وفيه ، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه ، فمحبتنا لهم من تمام محبته ، وليست محبة معه ، كمحبة من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحبه .

وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها ، فهي إنما تتحقق باتباع أمره ، واجتناب نهيه ، فعند اتباع الأمر واجتناب النهي تتبين حقيقة العبودية والمحبة ، ولهذا جعل تعالى اتباع رسوله علما عليها ، وشاهدا لمن ادعاها ، فقال تعالى
قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله فجعل اتباع رسوله مشروطا بمحبتهم لله ، وشرطا لمحبة الله لهم ، ووجود المشروط ممتنع بدون وجود شرطه وتحققه بتحققه فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة ، فانتفاء محبتهم لله لازم لانتفاء المتابعة لرسوله ، وانتفاء المتابعة ملزوم لانتفاء محبة الله لهم ، فيستحيل إذا ثبوت محبتهم لله ، وثبوت محبة الله لهم بدون المتابعة لرسوله .

ودل على أن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي حب الله ورسوله ، وطاعة أمره ، ولا يكفي [ ص: 120 ] ذلك في العبودية حتى يكون الله ورسوله أحب إلى العبد مما سواهما ، فلا يكون عنده شيء أحب إليه من الله ورسوله ، ومتى كان عنده شيء أحب إليه منهما فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله لصاحبه البتة ، ولا يهديه الله ، قال الله تعالى
قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين .

فكل من قدم طاعة أحد من هؤلاء على طاعة الله ورسوله ، أو قول أحد منهم على قول الله ورسوله ، أو مرضاة أحد منهم على مرضاة الله ورسوله ، أو خوف أحد منهم ورجاءه والتوكل عليه على خوف الله ورجائه والتوكل عليه ، أو معاملة أحدهم على معاملة الله فهو ممن ليس الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وإن قاله بلسانه فهو كذب منه ، وإخبار بخلاف ما هو عليه ، وكذلك من قدم حكم أحد على حكم الله ورسوله ، فذلك المقدم عنده أحب إليه من الله ورسوله ، لكن قد يشتبه الأمر على من يقدم قول أحد أو حكمه ، أو طاعته أو مرضاته ، ظنا منه أنه لا يأمر ولا يحكم ولا يقول إلا ما قاله الرسول ، فيطيعه ، ويحاكم إليه ، ويتلقى أقواله كذلك ، فهذا معذور إذا لم يقدر على غير ذلك ، وأما إذا قدر على الوصول إلى الرسول ، وعرف أن غير من اتبعه هو أولى به مطلقا ، أو في بعض الأمور ، ولم يلتفت إلى الرسول ولا إلى من هو أولى به ، فهذا الذي يخاف عليه ، وهو داخل تحت الوعيد ، فإن استحل عقوبة من خالفه وأذله ، ولم يوافقه على اتباع شيخه ، فهو من الظلمة المعتدين ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا .







آخر مواضيعي 0 أنا أَيضاً يوجعنى الغياب
0 ﺃﻋﺪُﻙ !
0 ذاكرة الجسد...عابر سرير ...لاحلام مستغانمي
0 أنا وانتي.. حكاية بريئة
0 إنيِّ طرقتُ البابَ ياربّ
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:45 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator