حنو الزريـر( مدينة هـ ر ب ت )
تقع إلى الجنوب من مدينة مـأرب على بعد نحو ( 95 كيلومتراً ) ، حنو الزرير هو الاسم الحالي لواحدة من أكبر المدن القتبانية القديمة والتي تطلق عليها النقوش اسم ( هـ ج ر ن / هـ ر ب ت ) .
تقع هذه المدينة القتبانية المهمة عند تقاطع وادي حريب مع وادي عين الذي تشرف عليه من جهتها الشرقية ، وترتفع عن مستوى الوادي بنحو ( 20 متراً ) ، ويحدها من الشرق جبل شقير الضخم ، ومن الجنوب جبل قرن عبيد ، وهي تشرف من موقعها الاستراتيجي على طريق القوافل التجارية الذي يربط وادي بيحان بوادي حريب ، فهي تسيطر على المنفذ الغربي لممر مبلقة ذلك الطريق إلى المعبد الضيق فوق الجبال والذي يؤدي إلى هربت ومنها إلى مأرب ثم إلى الشمال ، وتعد هربت من أكثر المراكز أهمية فهي تمثل المركز الإداري والديني والحرفي والتجاري ومدينة هامة من مدن الدولة القتبانية إضافة إلى أنها تشرف على مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية المروية على وادي عين ووادي حريب .
والمدينة مستطيلة الشكل تقريباً كان يحيط بها سـور هائل قياسه ( 295 مـتراً ) من الشـرق إلى الغرب ، و( 200 متراً ) تقريباً من الشمال إلى الجنوب ، بالإضافة إلى وجود عدة مبانٍ عند مستوى الوادي في الجانب الجنوبي ، وهذا السور قد انهار تماماً ولم يبق منه إلا أجـزاء قليلة بينما الجزء الأكبر من السور لا يمثل إلا أكواماً من الركام ، ويبدو أنه كان يتخلله دخلات وخرجات، أو بمعنى أن السور تشكل من الجدران الخارجية للمباني إذ يظهر تراصف المباني مع بعضها بحيث تبرز إحداها وتتراجع الأخرى لتشكل السور الدفاعي للمدينة ، وربما تمثل بعض هذه المباني أبراج الحماية الخاصة بالسور خاصة وأن بعضها تتقدم عن محور المدينة بحوالي مترين ونصف المتر ، وتحصر هذه المباني فيما بينها ممرات ضيقة تقود إلى المدينة ، وبنى السور من كتل من الأحجار الضخمة ذات اللون الأبيض المائل إلـى الاصـفـرار والتي يـصـل قـيـاس بـعـضـهـا إلى ( 2.40 × 0,60 × 55, م ) والتي أحسن قطعها وصقلها وبنيت بشكل مترابط على هيئة صفوف أفقية وعمودية دون استخدام أي مادة رابطة ، بل اكتفوا بربطها عن طريق ضغط ثقل الأحجار ، ونقش عـلى بعـض أحجار السور عـنـد الطـرف الجنوبي الغربي التميمة المعروفة ( ود ـ اب ) لتعنى أن السور وضع في حماية الإله ( ود ) ، وهناك ـ أيضاً ـ على السور الجنوبي عليها رسم غائر لثعبانين متقابلين برأسيهما ، كما وجدت حجر قريبة من السور عليها نحت رائع لثورين واقفين ذوي قرون طويلة مع عبارة التميمة ( ود ـ اب
أما مداخل المدينة فلا يمكن الاستدلال عليها بوضع المدينة الراهن إذ توجد أكثر من فتحة تبرز من بين الأنقاض ، ولكن يبدو أن مداخل المدينة كانت تقع بين تلك البنايات والأبراج التي تقع إلى الخارج من السور وضمن السور والتي تشكل حماية لهذه المداخل حيث تتشكل بينها ممرات متعاكسة تساعد في القدرة الدفاعية لهذه البوابات ,
وتضم المدينة بقايا أبنية كثيرة شيدت بأحجار مهندمة ، فهناك على الأقل بقايا أكثر من أربعين بناية تبدو بارزة للعيان حتى بدون تنقيب إذ أن الموقع خالٍ من الرمل المتطاير والتصحر ، ويبلغ ارتفاع جدران بعضها حوالي ( 3 متر ) فوق مستوى سطح الأرض ، ويمكن إرجاع تشيد المدينة إلى القرن الأول قبل الميلاد .
الدريب / يلا ( مدينة حفري )
كانت مياه وادي قوقة المحولة بواسطة السد القديم تسقي مزارع الجفنة ومن ثم تتدفق في اتجاه الجنوب الشرقي لتجد طريقها على بـعـد حـوالـي ( 3 كم ) إلى قاع رافد أخر من روافد وادي أذنة وهو وادي يلا الذي يجرى موازياً لوادي قوقة الذي يقع بعيداً إلى الشمال منه ، وزاد هذا من تدفق مجرى مائي كان يتخذ منبعه من جبل السواد المنخفض نسبياً وبالتالي كانت نسبة تدفقه أقل عن وادي قوقة ، وهكذا توفرت مياه كافية لامداد المدينة الكبيرة الـقـديـمـة التي تـعـرف الـيـوم باسم ( الدريب ـ يـلا ) تمييـزاً لها عـن ( الدريب ـ واحة رغوان ) ، مدينـة أثريـة قديمة ترى البعثـة الإيطاليـة إنها أقـدم المدن في اليمن تقع على بعد ( 30 كـم ) إلى الجنوب الغربي من مركز محافظة مأرب في مديرية الجوبة عند الطرف الشمالي لجبل مراد ، يعود تاريخها إلى العصر السبئي الأول ويعتقد العلماء أن منشـآت هذه المدينة مـشابهة لتلك المنشآت الدينية الموجـودة في سفح جبل اللوذ ـ الجوف ـ وهي منطقة خاصة بالشعائر الدينية والطقوس التعبدية وتشمل منطقة العقل والجفنة ويلاحظ حيث كان المكرب السبئي يقوم بممارسة الصيد المقدس وقضاء أوقات الراحة والاستجمام كما تشير إلى ذلك النقوش الموجـودة بكثافة في المنطقة .
يقع هذا المركز السبئي الهام في سهل صغير يتوارى إلى الشرق بواسطة الجزء المحدب من جبل السواد والى الجنوب بجبل السحل الشاهق وإلى الغرب بواسطة السلسلة الجرانيتية التي تشكل حاجزاً مائياً بين وادي قوقة ووادي يلا ، ويحيط بالموقع إلى الشـرق والغـرب عـدد مـن التلال الصغيرة المنعزلة والممتدة بشكل طولي وتنتشر على هذه التلال دور قرية يلا الحديثة الصغيرة .
كان هذا المركز السبئي القديم الذي يعرف اليوم بالدريب مدينة مسورة كبيرة يشبه مخططها مثلثاً ذا أضلاع محدبة ورؤوس تشير إلى جهات الشرق والشمال الغربي والجنوب ، وأقيم الموقع على أرض مرتفعة نسبياً عن مجرى الوادي يصل ارتفاعها ما بين ( 7 - 8 مترات ) ، وعلى أطرافها المطلـة علـى الوادي أقيم سور المدينة يبلغ الطول الكلي للمدينـة ( من الشمال - إلى الجنوب ) ( 230 متراً ) ، وأقصى عرض لها من ( الجنوب الغربي ـ إلى الشمال الشرقي ) ( 170 متراً) ، وتبلغ مساحتها ( 23,000 متراً مربعاً ) يبلغ طول السور المحيط بها ( 580 متراً ) ، لم يبق منه سوى ( 376 متراً ) ويصـل ارتفاعـه مـا بين ( 6 - 7 مترات ) ، وعـرضـه يصـل مـا بـيـن ( 1.6 - 1.2 متراً ) ، ويتألف أسلوب البناء لهذا السور من جدار مزدوج مشيد بأحجار مقطوعة بشكل غير مهندم ، وضعت بشكل صفوف أفقية يربط بين الجدارين الداخلي والخارجي أحجار صغيرة وضعت كحشوة للمدماك ، وقد بني السور عموماً بطريقة الدخلات والخرجـات وهـى الطريقة التي نفذ بها سور مدينة براقش ( يثل ) في الجوف ، يعترض السور على مسافة نحو ( 50 متراً ) قبل الركن الشمالي الغربي برج دفاعي مربع الشكل شيد جداره الخارجي على أساسات السور وبقية الجدران داخل السور يبلغ طول ضلعه ( 6 مترات ) تقريباً ، ويصل ما تبقى من ارتفاعه إلى حوالي ( 8 مترات ) .
يقع مدخله في جداره الغربي ، ويحتوي هذا الجدار ضمن صفوف حجارته على أجزاء نقشين كتبا بخط المسند يتألف كل نقش من سطر واحد ، أما بالنسبة لمحتويات المساحة التي يحيط بها السور فهي تحتوي على بقايا أساسات لعدد من المباني التي كانت تشكل منشآت المدينة القديمة وهناك في الجزء الجنوبي الغربي منها منزل حديث مربع الشكل وجد في ركنه الجنوبي الشرقي نقشـان آخران على ارتفاع ( 4 مترات ) من جدرانه ، وضع أطوالهما بشكل مقلوب في الجدار الشرقي والآخر على الجدار الجنوبي ، ويشكل النقشان جزئين لنقش واحد يتألف من ( أربعة أسطر ) .
ومن خلال الدراسات الأثرية لمخلفات المدينة فقد تم التوصل إلى أنها قد استوطنت في بادئ الأمر في ( القرنين الحادي عشر والعاشر قبل الميلاد ) ، وقد ظل الاستيطان فيها حتى الفترة الإسلامية التي مثلتها مجموعة من القطع الفخارية المنتشرة على سطح الموقع .
أما دراسة النقوش التي عثر عليها في هـذا الموقع فـقـد أمدتنا بالاسم القديـم للمدينـة ، وهو ( ح ف ر ي ) ، ويحتمل أن هذه المدينة قـد دمرت خلال الحروب بين السبئيين والقتبانيين حـيث
يحتمل أن يكون القتبانيون هم الذين دمروها ، لأن حدودهم مع سبأ على مسافة قريبة منها .
ج - المساجد :-
تقع إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب وتبعد عنها نحو ( 27 كيلومتراً ) في منطقة الجوبة قرب الطريق المؤدية من مأرب إلى قرية الجديدة ، يحدها من الشمال جبل المساجد ومن الجنوب وادي الحثلة ومن الشرق جبال المقرون ومن الغرب وادي الحثلة وجبل السحل .
تضم هذه الخربة العديد من الأبنية المشيدة بأحجار غير مهندمة تنتشر في منخفضات محاطة بمرتفعات صخرية بركانية ، وأبرزها بناء كبير يمثل معبداً من معابد الإله ( المقة ) ، ومن خلال نقشين عُثر عليهما في الخربة أمكن معرفة أسمه ( م ع ر ب م ) ، وهذا المبنى ذو مسقط مستطيل الشكل ، أبعاده ( 104 × 37 متراً ) ، وسمك جداره ( 2 متر ) ، وهو مشيد بأحجار مختلفة الأحجـام ، حيث اسـتخدمت أحجـار كبيرة في الأساسات أبعاد أكبرها ( 2.30 × 50, متراً ) ، بينما استخدمت أحجار أصغر في الصفوف التي تلي الأساسات ، وهكذا تصغر أحجام الأحجار كلما ارتفعت صفوف الجدران للأعلى .
ويسند الجدار الممتد بين الركنين الشمالي والشرقي من الخارج أربعة أبراج مضلعة ويحتمل وجود مثيلات لها في الضلع المقابل إلا أنه قد هدم بأكمله ، أما الضلعان الآخران فلا وجود للأبراج الخارجية فيهما بل استعيض عنها بالإسناد الحاصل من أكتاف المرتفعين الصخريين الذين يمتد البناء بينهما ، وهناك بقايا مدخل عرضه ( 2 متر ) في الضلع الممتدة بين الركنين الشرقي والجنوبي ويكون أقرب إلى الركن الأول منه إلى الثاني كان يتقدم هذا المدخل ظلة تستند على ستة أعمدة .
وتشمل الجهة الشرقية داخل البناء أنقاضاً متراكمة تمثل بلا شك المرافق الداخلية الرئيسية تمتد على مسافة ( 34.50 م ) عند الجدار الممتد بين الركنين الشمالي والشرقي ، أما الجهة المقابلة فيحتمل تواجد ساحة المبنى المكشوفة والتقسيمات الأخرى .
شيد هذا المعبد في القرن الثامن قبل الميلاد ، شيده المكرب " يدع إل ذرح " مكرب سبأ ، كما هو
مذكور في النقشين اللذين عُثر عليهما في خربة المساجد في موقع المعبد .
د - قرية الجديدة : تقع هذه القرية إلى الجنوب الغربي من مدينة مـأرب وتـبـعد عنها نحو ( 35 متراً ) ، في منطقة الجوبة ، ويوجد إلى جوار هذه القرية من جهة الغرب موقع أثري تنتشر عليه خرائب مبانٍ قديمة يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام ، يحد هذه الخرائب من الشمال وادي الخانق وجبل المجرشب ، ومن الجنوب وادي شِعب نجه وجبل الجوبة ومن الغرب وادي وجبل شِعب نجه ـ أيضاً ـ ومن الشرق وادي الجوبة .
يبدو هذا الموقع مستطيل الشكل أبعاده ( 250 × 200 متر ) ، ويرتفع عن مستوى سطح الأراضي المجاورة نحو ( 7 مترات ) ، يشرف من جميع جهاته على وديان وسهول خصبة لازالت تستخدم في الوقت الحاضر للزراعة ومن خرائب الموقع ، يظهر أنه كان محاطاً بسور لم يبق منه سوى بعض المعالم البسيطة ، يبلغ سمك جداره ( 3 مترات ) ، وكان يحتوي في بعض أجزائه على أبراج دفاعية هناك بقايا واحد منها في الجانب الجنوبي الشرقي أبعاده ( 5.80 × 1.30 متراً ) ، شيد بأحجار كبيرة مهندمة ، وسطح الموقع عموماً يظهر بشكل مرتفعات متفاوتة أبرزها الموجود في الجانب الجنوبي الذي قد تمثل ( معبداً ) ، ومن بقايا الخرائب يبدو أن مباني الموقع قد أقيمت بأحجار مختلفة الأنواع والأحجام ، ومعظمها غير مهندمة .
تعرض الموقع للسطو والعبث من قبل الأهالي الذين شيدوا قريتهم الجديدة بأحجاره القديمة.
سد الجفنة
يقع جنوب غرب مركز محافظة مأرب بمسافة ( 28 كم ) ويعود تاريخه الأول إلى مرحلة التجارب الأولى التي سبقت بناء السد العظيم في ( منتصف الألف الثاني قبل الميلاد ) ومحاولات إنشاء السدود كان استجابة لمتغيرات ظروف طبيعية ومناخية معينة وحاجة ملحة فرضتها ضرورة السيطرة على المياه في منطقة سيولها لأنها نادرة وتأتي بصورة متقطعة ، وتدل الشواهد الأثرية القديمة إلى تغيرات حادة في اتجاهات الأودية من قوقة يلا إلى مجاريها الحالية حتى مأرب وينبغي البحث عن ذلك في الحركات التكوينة الجديدة الأكثر حداثة ، وسد الجفنة كغيره من السدود حدثت في موقعه تجديدات وتعديلات كثيرة ، وقد أصيب بالتصدع وأعيد بناء جدار السد وقنواته خلال العصر السبئي الأول والعصر السبئي الثاني ، وتتدفق المياه عبر القنوات من الجفنة نحو السهل الفسيح نسبياً لغرض زيادة نسبة رقعة الأرض الزراعية .
الجفـنـة
يقع سهل الجفنة في أسفل مجرى وادي قوقة وأسفل شعب العقل ، وهو سهل فسيح يبدأ في الموضع الذي يغير فيه وادي قوقة وجهته بالانحراف إلى الشمال الغربي ، وهنا في هذا الموضع توجد بقايا سد كان يغلق مجرى الوادي ، يعود تاريخه إلى فترات قديمة من تاريخ دولة سبأ ، وعلى سهل الجفنة تنتشر الكثير من بقايا المباني المتناثرة هنا وهناك كانت تشكل بالتأكيد مدينة متكاملة يعتمد اقتصادها على الزراعة التي كانت تعتمد على مياه السد .
شِعب العقل
يقع شعب العقل في أعلى مجرى وادي قوقة على الامتداد الشمالي لجبل السحل ويصل إليه عبر سهل الجفنة فبعد اجتياز هذا السهل بـ ( 200 متر ) نجد أولى خرائب الموقع ، وينقسم هذا الموقع إلى قسمين أعلى وأسفل .
- الموقع الأسفل : يقوم هذا الموقع على منحدر صخري إلى الجنوب الشرقي للوادي أقيم عليه بناء حجـري رائـع مازال محافظاً على معالمه يتم الوصول إليه بواسطة درجات سلم يبلغ عرضه ( 3.80 م ) وهـذا البـناء يتكون مـن ساحـة تـقـود يـمـيـنـاً إلى غرفة واسعة أبعـادها ( 6.10 × 2.80م ) ، لها نافذة واحدة تفتح في اتجاه الشرق وثلاث نوافذ أخرى تفتح في اتجاه الجنوب وإلى اليسار من الساحة ـ أيضاً ـ توجد بقايا غرفة مربعة تقريباً وبعض الجدران لغرفة شبة إسطوانية ، لقد اعتمد المعمار في بناء منشأة هذا الموقع من الأحجار الجرانيتية الغير مهذبة ولم يستخدم أي مواد رابطة مثل الطين ونحوه وإنما اعتمد على أسلوب معماري هندسي بديع في ربط الأحجار بعضها ببعض لتشكل في النهاية منشأة بديعة .
- الموقع الأعلى : يقع في أعلى مجري الوادي يبعد عن الموقع الأسفل ( 300 متر ) ، وأرضيته متدرجة غير مستوية ذات شكل مستطيل أبعادها ( 17 × 21 متراً ) محاطة بسور على شكل مصاطب في جهاتها الجنوبية والغربية والشمالية ومحمية من الجهة الشرقية بواسطة صخور شديدة الانحدار .
وفي وسط هذا الموقع هناك عدد من الجدران والأساسات لمبانٍ اندثرت معظمها ، وهناك ـ أيضاًـ منشأتان غير هذه المحاطة بسور ، وتقع الأولى إلى الشرق والثانية تقع إلى الجنوب منها .
ويبدو أن هذا الموقع كان يستخدم لأغراض دينية حيث كانت تمارس فيه بعض الطقوس والشعائر الدينية ويدل على ذلك الطريقة الهندسية للمباني وتلك الطريق المرصوفة من أسفل الجبل إلى أعـلاه ، والتي تقع في الجهة الشمالية منه ، إضافة إلى أنه موقع معزول عن العمران يشاهد منه المرء معظم المناطق والأراضي المجاورة .
- نقوش شعب العقل : اكتشفت في صخور هذا الشعب مجموعة من النقوش المسندية ، وهي بالرغم من بساطتها ونصوصها القصيرة إلا أنها قدمت معلومات غاية في الأهمية من حيث زمنها القديم وموضوعها الذي هو على بساطته وتكراره من المواضيع التي قلما طرقتها النقوش حتى الآن ، وهو موضوع ـ الصيد المقدس ـ الذي تحفه جلالة الطقوس وروحانية الشعائر .
- التاريخ : يعود تواريخ هذه النقوش إلى الفترة التاريخية المبكرة من تاريخ الدولة السبيئة " فترة مكاربة سبأ " .
- موضوع النقوش : يدور موضوع النقوش حول طقس الصيد المقدس ، وهو طقس كان يحتل مكاناً هاماً ضمن إطار الممارسات الدينية لمكاربة سبأ فقد كانت له مواسم محددة وفي موسم الصيد هذا يشترك " المكرب " مع حاشيته وكبار رجال دولته حيث يصطادون الحيوانات البرية الصغيرة ، ويتبارى المشاركون في اصطياد الأعداد الكبيرة منها كان هذا الطقس موجـه بصفـة خاصـة للإله ( عثتر ) وكان على المكرب القيام به كجزء من المراسيم الطقوسية التي تؤهله لصلاحية تولي مهام حكم الدولة السبيئة إضافة إلى التقرب للإله لضمان موسم وافر الأمطار .
وادي يــلا
يقع وادي يلا إلى الجنوب الغربي من مدينة مأرب ، وهو جزء من المنطقة التي تقطنها اليوم قبيلة بني ضبيان من قبائل خولان الطيال تحتوى هذه المنطقة ـ خاصة في منابع وادي يلا ووادي قوقة وهما الواديان اللذان يصبان إلى الجهة الشمالية الشرقية إلى وادي أذنة ـ مجموعة من المواقع الأثرية الهامة التي اكتشفتها البعثة الأثرية الإيطالية في عام ( 1985 م ) وأجرت العديد من الدراسات والأبحاث الأثرية على تلك المواقع ، حيث تم اختيار ثلاثة من أهم المواقع في المنطقة ككل وأجرت البعثـة فيها بـعـض التنقيبات والأبحاث الأثرية نشرت نتائجها في سنة ( 1988 م ) وهذه المواقع هـي :
- شعب العقل
- الجفنة
- الدريب ـ يلا ( مدينة حفري )
دار الظافر
يقع إلى الجنوب الغربي من مدينة الواسطة ، وهو عبارة عن دار ـ حصن ـ يقع على تلة ترتفع عن مستوى سطح الوادي قرابة ( 60 متراً ) ، تحيط به بعض المباني السكنية في سطح التلة وتشرف على الوادي ، بينما يقع الدار في وسط التلة تقريباً .شيـد هـذا الـدار ـ الحصن ـ مـن الأحجار ، وهـو عبارة عـن مبنى يبدو مربعاً أبـعاد قاعدته ( 7.45 × 7.30 متراً ) ، بنيت العشرة الصفوف الأولى من الأحجار المهندمة المستطيلة القديمة التي يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام ، ومن بين هذه الأحجار تسعة أحجار مكتوب عليها كتابات بخط المسند .
يتكون هذا المبنى من ثلاثة أدوار ، ويصل ارتفاع واجهته إلى قرابة ( 22 متراً ) ؛ مما جعله يشرف على الوادي من جميع الجهات ، وكأنه قلعة مراقبة ، يعود تاريخ هذه المبنى إلى الفترة الإسلامية ولا يتعدى كأقصى حد القرن السادس عشر الميلادي .
هجر التمـرة
يقع إلى الجنوب الشرقي من ( واسط ) ، وهو عبارة عن تل أثري يرتفع عن مستوى سطح الوادي ما بين ( 5 - 6 مترات ) ، ويصل محيطه إلى ( 67 متراً ) ، يظهر في الجهة الجنوبية من هذا الموقع قطاع مكشوف طبيعياً نحتته السيول ، ويكشف هذا القطاع العمودي للتل عن طبقات استيطانية متتابعة مع طبقات من التربة الطمثية ، ويظهر ـ أيضاً ـ طبقة من الرماد سمكها يصل ما بين ( 25 - 50 مليمتراً ) ، وبعض الجيوب تظهر أسفل طبقة الرماد تتكون من بعض المواد المحترقة وقطع الفخار وبقايا عظام الحيوانات ، بالإضافة إلى جزء من حائط حجري متآكل من الواجهة ، ويحتمل أن ثلث الموقع قد جرفته فيضانات السيول التي تمر في الجهة الجنوبية منه .
ويبدو ـ أيضاً ـ أن هذا الموقع كان يمثل مدينة قديمة يعود تاريخها إلى فترة ما قبل الإسلام ، ولكنه تعرض للحريق ربما في تلك الحروب التي دارت رحاها في القرون الثلاثة الميلادية الأولى .
هجر الريحاني
يقع هجر الريحاني إلى جوار مدينة الجوبة الجديدة ، وهو عبارة عن تل أثري منخفض مسور على شكل المعين ، يحيط به سور بشكل مربع طول ضلعه ( 180 متراً ) ترتفع جدرانه المبنية بالأحجار الكبيرة إلى ( 4 أمتار ) ، كانت تحف جدرانه بعض الأبراج الدفاعية لم يبق منها سوى معالم ثلاثة أبراج تقع في الجنوب الشرقي والجنوب الغربي والشمال الغربي من جدار السور .
وهذا الموقع يبدو أنه كان يمثل مدينة قديمة وذلك بناءاً على نمط بنائه ومعالمه ، إضافة إلى أن الأهالي يطلقون عليه لقب ( هجر ) ، ـ وهو لفظ يمني قديم ورد في النقوش للإشارة إلى المواقع التي تكون عـادة بهيئة ( مدن وحواضر ) ـ .
وادي الجوبة
يقع وادي الجوبة إلى الجنوب والجنوب الغربي من مدينة مأرب على بـعـد نحو ( 32 كيلومتراً ) ، وهذا الوادي يتجه من الجنوب ويصب إلى رملة السبعتين ، يمـتـد طوله نحو ( 20 كيلومتراً ) ، بينما يتراوح عرضه من واحد إلى أكثر من ( 8.5 كيلومتر ) ، أما جوانبه فهي مكونة من قمم جبلية منعزلة وجروف شديدة الانحدار ، الأمر الذي جعلها مجدبة ـ خالية من الأشجار ـ .
جرت في هذا الوادي بعض الدراسات والأبحاث الأثرية من قبل المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان في الأعوام من ( 82 - 1986 م ) خاصة في جزئه الجنوبي ، وقد كشفت هذه الدراسات عن أنواع من المواقـع الأثرية ، تم تمييزها طبقاً لوظائفها حيث توجد ستة أنواع من المواقع هي كالآتي :-
1- المواقع السكنية القديمة : وهي تظهر بشكل تلال أو أكمات أثرية تغطي سطحها شقف الفخار ، أو تظهر عليها بعض المعالم مثل أساسات أو بقايا مبانٍ وجدران .
2- مواقع ثانوية : وهي مواقع القرى والمدن الحالية التي توجد على بعض جدران مبانيها حجارة مكتوب عليها بخط المسند أو أحجار قديمة .
3- مواقع ري : وتتمثل في بقايا منظومة الري ، والسدود والحواجز المائية .
4- أراضي زراعية : وهي مواقع الحقول الزراعية القديمة ، وتتمثل في تلال من الطمي أو
الغريـن .
5- مواقع المقابر القديمة : وتتمثل أشكالها من ركام من الأحجار ذات أشكال مختلفة .
6- مواقع عيون المياه : كانت تقوم مواقع أثرية بالقرب من عيون المياه وهذا أمر محتوم ، فأينما وجد الماء وجدت المستوطنات القديمة أو حتى الحديثة خاصة في الأراضي المقفرة مثل وادي الجوبة ، ومرتفعاته .
وتشكل هذه الأنواع من المواقع التي اكتشفت ما مجموعه ( 61 موقعاً ) مختلفاً ، وسنكتفي هنا بذكر أهم المواقع والتي مازالت معالمها واضحـة وظاهــرة للعيان ، ( ولن نتطرق إلى مواقع عصور ما قبل التاريخ لكونها لا تخدم الجانب السياحي كتلك المواقع التاريخية ) .
منصة المقفز
تقع إلى الشمال الغربي من مدينة مـأرب على بعد نحو ( 115 كيلومتراً ) ، وهـذه المنصة عبارة عن أكمة تشرف على مدينة براقش الأثرية ، كانت قائمة فيها بعض المنشآت المعمارية والتي لا يعرف كنهها بسبب اندثارها مؤخراً بفعل فيضانات السيول ، ولم يبق منها سوى بعض الأساسات الحجرية البسيطة ، ويؤكد موقعها أنها واحدة من منشآت الري القديمة ، خاصة مـن تلك القنوات
التي كانت تشيد بشكل جدار تجرى المياه في أعلاه الذي يشكل بهيئة مجرى .
معبد أوعال ( صرواح )
شيد هذا المعبد بأحجار مهندمة ، وهو عبارة عن مبنى مستطيل الشكل ، يحيط بجداره الشرقي سور بشكل نصف دائري ممتد ، وقد جرت على بعض جدرانه وأجزائه تغييرات في فترات لاحقة حيث استخدم كحصن في الفترة الإسلامية ففتحت فيه بعض المداخل كما سدت بعض الأبواب القديمة واستخدمت كثير من الأحجار التي كتبت عليها نقوش مسندية في تلك التغييرات والتعديلات ، وفي جداره الخارجي تبرز أفاريز لرؤوس الوعول بمقدار ( 3 - 5 سم ) تشاهد على ارتفاعات مختلفة منه ، كما يلاحظ شريط بارز يمتد بمستوى واحد متضمناً نقشاً مكون من سطر واحد ، يدور حول البناء بشكل متقطع ، يبلغ طول هذا النقش ( 21.55 متراً ) ، وارتفاع الحرف فيه ( 26 سم ) ، يذكر هذا النقش ( ي د ع إ ل / ذ ر ح / ب ن / س م هـ ع ل ي ) مكرب سبأ هو الذي بنى هذا المعبد ومعبد ( أوام ) في مأرب في القرن الثامن قبل الميلاد ، وبنمط معماري متقارب .
خربة اللسان
تقع إلى الشمال الغربي من مدينة مأرب ، على بعد نحو ( 100 كيلومتر ) في منطقة قريبة جنوب سد اللسان ، يحدها من الشرق والجنوب وادي الجفرة ، ومن الغرب جبال الفرضة ومن الشمال وادي مجزر .
خربة اللسان يبدو من معالمها أنها كانت مدينة قديمة على وادي اللسان استفاد سكانها من هذا الوادي بإقامة سد لحجز مياهه لاستخدامها للأغراض الزراعية ، وبالفعل تقع المدينة في وسط أراضي زراعية شاسعة ، والخربة تبدو اليوم بهيئة أكمة بيضاوية الشكل كبيرة الحجم ، أبعادها من الشمال الغربي إلى الجنـوب الشرقي ( 210 مترات ) ، ومن الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي ( 154 متراً ) ، وهذه المدينة كانت محاطة بسور من كتل الأحجار الكبيرة ، ولم يبق منه سوى أجزاء بسيطة يصل سمكه إلى ( 1.50 متر ) وهناك بقايا بوابة متهدمة تلاحظ عند الركن الغربي للسور ، ويبلغ اتساع مدخلها ( 2.90 م ) ، وأخرى قري الركن الشرقي ، وثالثة وتعتبر هي البوابة الرئيسية للمدينة تقع في الجدار الشرقي للسور يحفها على جانبيها برجان دفاعيان صغيرين متهدمين في الوقت الحاضر .
ومن بقايا معالم المدينة هناك بعض الوحدات المعمارية كائنة في الجانب الشرقي ، واحدة منها تبرز عن مستوى السور في تلك الجهة ولها مدخل عرضه ( 75 سم ) في جدارها الجنوبي ، وقد شيدت
هذه الوحدات بأحجار مختلفة أكبرها حجماً أحجار الأساسات .
وعند منتصف المدنية تقريباً يلاحظ بناء كبير يعتقد أنه معبد المدينة فهو مشيد بأحجار مهندمة ، تختلف عن أحجار السور ، وأحجار تلك الوحدات المعمارية الكائنة في الجانب الشرقي في المدينة ، والتي بنيت بأحجار لم يحسن هندمتها ، وأحجار هذا المعبد تبدو كبيرة الأحجام عند الأساسات ، وتصغر أحجامها طـريـداً مع ارتـفـاع المبنى وأعـلى ارتفاع لجـدران هـذا المـعبد يصل إلى ( 2.29 متراً ) ولم يعثر في جدرانه على حجارة مكتوب عليها نقوش بخط المسند الأمر الذي أدى إلى جهلنا باسم الإله الذي كان يعبد فيه .
وتوجد ساقية ماء خاصة بالمعبد تبدأ من الجانب الغربي للسور عملت بأحجار مرصوفة مختلفة أحجامها .
وهناك بعض المباني داخل المدينة مشيدة بالبن ، وقد تصلبت جدران هذه المباني بسبب حريق كبير
أصاب المدينة قديماً ، مما جعلها محتفظة بمعظم أجزائها .
وتنتشر على مستوى سطح المدينة بقايا لشقف الفخار ، وأجزاء من مذابح حجرية ، وكسر حجرية من الرخام .
ـ سد اللسان
وسد اللسان هو السد الذي أقيم في وادي اللسان في موضع فيه يسمى خنقة ـ ويعني المكان الضيق من الوادي ـ ، ويعرف باسم الكحاف ، يحده من الشمال الشرقي بئر الكدير ومن الجنوب وادي الجفرة ومن الشرق جبال الندر ومن الغرب جبال الفرضة .
شيد هذا السد من الأحجار المتراصة ، يصل عرضه إلى ( 15 متراً ) وارتفاعه ( 8 أمتار ) عن مستوى سطح الوادي ، وقسمه الجنوبي مازال بحالة سليمة أما الشمالي فهو مهدم عبر الوادي .
يعود تاريخ هذا السد إلى فترة ازدهار مدن معين في منتصف الألف الأول قبل الميلاد ، وتشرف على السـد مـن جهـة الشـرق بنايـة بهيئـة قلعـة مستطيلـة أبـعـادهـا مـن الـخـارج ( 36.50 × 27.50 متراً ) ، مشيدة بحجارة كبيرة ذات لون بني مهندمة بشكل غير متقن وسمك جدرانها الخارجيـة نحو ( واحد متر ) ، وأعـلى ارتفاع متبقٍ لها ( 4 أمتار ) ، وتزين واجهتيها الجنوبية والشمالية ثلاث دخلات بينما في كل من واجهتيها الغربية والشرقية فنلاحظ دخلتين .
ويـقـع مـدخل البناية عند الضلع الشرقي ، ويصل عرضه إلى ( 2.30 متر ) ويتسع بعد مسافة ( 1.75 متر ) فيصبح ( 2.75 متر ) ، ثم يليه ممر يصل طوله إلى (5.10 متر) يؤدي إلى الداخل ، وفي فترة لاحقة ضّيق المدخل بالأحجار من جانبيه ليصبح عرضه ( 90, متر ) ، وهناك مـدخـل آخر صغير في الضلع الغربي قرب الركن الجنوبي الغربي ، عرضه ( 1.40 متر ) وطوله ( 5.20 متر ) .
حصن خضران
يـقع إلى الشمال الغربي مـن مـديـنـة مـأرب على بـعـد نـحـو ( 105 كيلومترات ) حصن خضران ، وهو واحد من الحصون القديمة المنتشرة على الخطوط التجارية القديمة ، حيث يعتقد أن حامية عسكرية كانت تقيم في هذه الحصون لتأمين حركة القوافل التجارية التي كانت تنقل اللبان والبخور من ميناء قنا على البحر العربي مروراً بتمنع عاصمة قتبان أو بشبوة عاصمة حضرموت لتصل بعـدها إلى مأرب ثم شمالاً إلى مدن معين ، ومنها شمالاً إلى شمال الجزيرة العربية ، وحصن خضران هذا يقع في الطريق بين خربة اللسان ومدينة براقش وليس حصن خضران هو الوحيد بل تنتشر على طول الطريق بين خربة اللسان وبراقش الكثير منها ، ويعتبر هذا الحصن نموذجاً لها ولم يبق منه سوى الأساسات فقط