" شارع المطبخ الشامي" بشهادة دوق ولا تدفع
اكثر من 2 كم من الطعام على امتداد شارع واحد
يتمتع شارع الميدان في دمشق بشهرة كبيرة منذ زمن طويل حيث يرتبط في عقول المواطنين "بصاروخ الشاورما وصحن اللحومات و منسف الكنافة بالسمن العربي"
والتي تعتبر من أطايب الطعام الشرقي حيث يتفنن الباعة بتقديمها ويتباهون بنوعيتها ونكهتها المميزة ويعتبر مصنعوها من مشاهير "الحلونجية" والطبيخة في دمشق .
استقلينا سيارة الأجرة وأخبرنا السائق بأن يتجه إلى هناك وعند وصولنا قال "وهي شارع المطبخ الشامي" وأخذ يتغزل بالطعام ويدلنا على أفضل محلات الأكل وأقدمها ، الكل استقبلنا بابتسامة ودودة وأيادي مضيافة حيث شعرنا بالتخمة تحت إلحاح ضيافتهم لتذوق مختلف أنواع الطعام بدءا من الشاورما و انتهاء بالحلويات ، فعلى الرغم من أنه يعتبر أحد الأحياء الشعبية في دمشق إلا أن رواد مأكولاته يتوافدون من جميع المناطق حتى أكثرها رقيا .
منطقة الميدان من أقدم المناطق في دمشق فهي تحتوي على معالم أثرية تجسد مدينة دمشق بقدمها من مساجد وشوارع وحمامات حيث زارت سيريا نيوز أحد هذه الحمامات المخصصة للرجال والواقعة في منتصف الحي هو حمام "الرفاعي" الذي بني في القرن العاشر الهجري ويقول صاحبه محمد رفعت النوري الذي ورثه عن أجداده عام 1925 "تعرض الحمام لقصف من الفرنسيين أثناء الثورة السورية وأعيد بناءه على هذا الشكل فقط في القسم الخارجي أما القسم الداخلي فمازال على وضعه منذ القرن العاشر الهجري, وطبعا هناك رواد دائمين للحمام حتى الآن و في الوقت الحاضر زيارة حمام السوق تحولت إلى سيران أو لحمام العرس في هذه المناطق، وهناك إقبال جيد من السياح الأجانب، والسياح من منطقة الخليج "
وعند قيامنا بتصوير"سيخ الشاورما" في أحد المحلات وجه السيد حسن محمد عقيل دعوة لمشاركته الطعام وعند سؤاله عن المنطقة أجابنا "أنا من مدينة تدمر وأزور دمشق كل فترة بس ما بحب الأكل إلا بالميدان لأنو أكلن طيب ورخيص والمنطقة تفتح النفس على الأكل وكل فترة عم تطور المنطقة بشكل عام".
صادفنا عند محل الحمص والفول في الشارع الرئيس العم محمد علي الصبان الذي كان جالسا على أحد الكراسي ينتظر طلبه فيقول لنا بعد أن أصر أن نجلس برفقته " آتي منذ 15 سنة من عين ترما إلى الميدان لأشتري الحمص والفول من هذا المحل بالذات لأن "لقمتهم طيبة ".
سنين عمره التي تجاوزت الخامسة والسبعين لم تثقل العم أبو محمد عن النهوض والترحيب بنا فيقول "أن دكانه الواقعة في منتصف السوق تعود بالأصل إلى جده وأنا أعمل في منطقة الميدان منذ 65 سنة وفي ذلك الوقت اشتريت محلي ب 500 ليرة فقط أما الآن فهو بالملايين وحركة الزبائن متفاوتة حسب أيام الشهر ففي أول الشهر الحركة جيدة أما في نصفه فهي قليلة جدا".
ويجبنا السيد محمد عثمان رباح الذي مضى على وجوده في منطقة الميدان 40 سنة فيقول " لقد تطورت المنطقة كثيرا عن الأول بسبب ازدياد حجم العمل وتغيرت المحلات وتجدد " وبعد أن يقوم بواجب الضيافة بقطعة من القطايف يضيف "مصلحتنا في الأصل قطايف وقشطه منذ 100 سنة تمارس العائلة هذه المهنة والمفيد في هذه المنطقة وجود الكثير من السياح والأجانب الذين ينعشون السوق، أما عن حركة الزبائن فهي تعتمد على المواسم مثل رمضان حيث يقول "النوري بياخد حلويات على بيتو برمضان".
"منطقة الميدان كانت عبارة عن ميدان للخيل تجري فيه السباقات وتباع الخيول والأغنام،أما المحلات فبدأت تظهر منذ 70 إلى 80 سنة" وهو يعمل في محل الحلويات منذ 70 سنة حيث احترقت منطقة الميدان في الثورة وتم إعادة بنائها لذلك لا يوجد الكثير من البيوت القديمة جدا".
الميدان اشتهرت بحلوياتها العريقة حتى أن بعض المحلات اشتهرت عالميا وأخذت بالتصدير إلى مناطق مختلفة من العالم وهذا ما يؤكده المسؤول عن محلات داوود إخوان للحلويات حيث يقول "إن الكثير من محلات الحلو القديمة والمشهورة أخذت تعدد فروعها وتفتح باب التصدير إلى الخارج حيث يزداد الطلب عليها".
قدم حي الميدان عمل على شهرته باعتباره منطقة أثرية إلا أن طيب أطعمته وتمسك أهله بعاداتهم الشامية القديمة زاد من هذه الشهرة وأغناها فمن لا يعرف حي الميدان كمنطقة قديمة أثرية فلا بد أن يتعرف على الشام عن طريق مطبخها العريق.