العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى إسلام، سنة، قرآن، دروس، خطب، محاضرات، فتاوى، أناشيد، كتب، فلاشات،قع لأهل السنة والجماعة الذين ينتهجون نهج السلف الصالح في فهم الإسلام وتطبيقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10-17-2009, 01:55 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرح مميز وفكرة داعية لكل الخير
مااجمل خطب تخاطب الوجدان والروح
عساها تهدى ضال او ترشد نفس حائرة
سلمت اختى
طرح اكثر من قيم ورووحانى بفكرته
واتمنى من الاعضاء المشاركة بفاعلية لتحقيق الهدف منه
يتم التثبيت لفترة لقيمته الدينية
موفقة باءذن الله لما فبيه الخير ورضى الله

جزاكِِِِ الله خير

شاكره مرورك






آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
قديم 10-17-2009, 02:01 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

ان الله مع الصالحين

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ
مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي
تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً
[النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا
قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً
[الأحزاب:70-71] أما بعـد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ
صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة،
وكل ضلالةٍ في النار.


أيها المسلمون: لقد ندبنا الله عز وجل لعمل الصالحات، وأثنى على الذين آمنوا
وعملوا الصالحات، وذكر الصالحين في مقامٍ عظيم، فقال عز وجل: وَمَنْ يُطِعِ
اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ
أُولَئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ [النساء:69-70].

الصالحون وما أدراك ما الصالحون؟! الذين اتقوا ربهم فأطاعوه في ما أمر،
واجتنبوا ما نهى عنه وزجر، الذين اقتفوا سنة النبي صلى الله عليه وسلم
والتزموا بها، الصالحون الذين يورثهم الله تعالى الأرض، كما قال الله عز وجل:
إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ [الأعراف:128] وقال: أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا
عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105]. فهم ورثة الأرض، الله يستخلفهم فيها،
وينصرهم على عدوهم، فيقيمون شرع الله فيها، والعاقبة لهم، وإن تغلب الكفار
حيناً من الزمن فإن العاقبة للمتقين الصالحين. أيها المسلمون: إن هذه المرتبة
العظيمة؛ مرتبة الصالحين التي دعا النبي صلى الله عليه وسلم عند موته أن يلحق
بها، فقالت عائشة رضي الله عنها، كما جاء في صحيح مسلم : (سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وأخذته بحة يقول: مع الذين أنعم الله عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، قالت: فظننته خُيِّر
حينئذٍ بين البقاء في الدنيا وبين الرحيل ليكون معهم، فاختار الرحيل ليكون
معهم، وهم الرفيق الأعلى، وحسن أولئك رفيقاً، واختارهم النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال: بل الرفيق الأعلى). هؤلاء الصالحون آنية الله في الأرض، كما قال
النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي رواه الطبراني : (إن لله تعالى
آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين، وأحبها إليه ألينها
وأرقها).

مصير النفس الصالحة:
لقد انتدب النبي صلى الله عليه وسلم الناس للصلاة على رجلٍ؛ لأنه من الصالحين
مع أنه لم يمت بينهم، وإنما مات بعيداً عنهم، ولكن لأنه من الصالحين، قال
النبي صلى الله عليه وسلم: (قد توفي اليوم رجلٌ صالح من الحبشة، فهلم فصلوا
عليه، قال: فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن معه صفوف) كأن الجنازة
موضوعة أمامهم، كما جاء في صحيح البخاري رحمه الله تعالى؛ جنائز الصالحين
تختلف عن جنائز غيرهم، قال عليه الصلاة والسلام: (إذا وضعت الجنازة واحتملها
الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحةً، قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحةٍ،
قالت: يا ويلها أين يذهبون بها، يسمع صوتها كل شيءٍ إلا الإنسان، ولو سمعه
صعق) رواه البخاري . فالصالح إذا رفعت جنازته على الأكتاف، وحملت وسير بها،
فإنها تتكلم بكلامٍ حقيقي، تقول: قدموني؛ لأنها تريد ما أعد الله لها، وتتشوق
إلى ما بعد الموت من الجزاء الحسن. أما في القبر، فإن الصالح منزلته عظيمة،
وثوابه جزيل وحاله حسن، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الميت تحضره
الملائكة، فإذا كان الرجل صالحاً، قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة، أخرجي
حميدة، وأبشري بروحٍ وريحان، وربٍ غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج،
ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقالُ: من هذا؟ فيقول: فلان، فيقال:
مرحباً بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروحٍ
وريحان، وربٍ غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهى بها إلى السماء التي
فيها الله تبارك وتعالى). وبعد ذلك يكون في القبر من أنواع النعيم ما فيه،
فإنه يفسح له سبعين في سبعين، ويجعل عليه خضراً إلى يوم يبعثون، وينور له،
ويأتيه عمله الصالح في أحسن صورة، ويفتح له بابٌ إلى الجنة، فيأتيه من طيبها
وروحها وريحانها ما الله به عليم، هذا جزاؤه في القبر.

أما في الآخرة، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (أعددت
لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فاقرءوا
إن شئتم: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
[السجدة: 17]) رواه البخاري رحمه الله تعالى. والله عز وجل يتولى الصالحين،
فينصرهم ويحوطهم، ويرعاهم ويكلؤهم ويحفظهم عز وجل، يتولاهم الله بصلاحهم،
ويدافع عنهم، ويطرح لهم القبول في الأرض، ويجعل الألسنة تلهج بذكرهم، وتثني
عليهم، ويقتدي الناس بهم، يثبتهم الله، فينزل عليهم بركةً ورحمةً من عنده،
وسكينةً يسكنهم بها، ويجعل قلوبهم عامرة، ويجعلهم محبين له مثنين عليه.

فوائد الصلاح:
من فوائد الصلاح: أن الله يحفظ أصحابه، ألم تسمع إلى قول النبي صلى الله عليه
وسلم: (إذا أوى أحدكم إلى فراشه، فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما
خلفه عليه، من دابةٍ أو أذى ونحو ذلك) ثم يقول: (باسمك ربي وضعت جنبي وبك
أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها -وفي روايةٍ: (فاغفر لها) وكلاهما في البخاري -
وإن أرسلتها -أي: لم تقض عليها بالموت في تلك النومة وفي تلك الليلة، وكتبت
لها الحياة- وإن أرسلتها، فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين) فالله يحفظ
الصالحين ويتولاهم، بل إن الله يحفظ أولادهم وأحفادهم بصلاحهم وعبادتهم، قال
الله عز وجل في قصة موسى مع الخضر لما أقام الجدار: وَأَمَّا الْجِدَارُ
فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ
لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا
أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الكهف:82]
بصلاح أبيهم، قال ابن كثير رحمه الله:" وكان أبوهما صالحاً" فيه دليلٌ على أن
الرجل الصالح يحفظ في ذريته، وتشملهم بركة عبادته في الدنيا والآخرة بشفاعته
فيهم، ورفع درجتهم إلى أعلى درجةٍ في الجنة، لتقر عينه بهم، كما جاء في القرآن
ووردت السنة به: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ
بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور:21] ولو كانت الذرية
أدنى منه في العمل؛ فإن الله يلحق ذريته به في الجنة، لتكون قرة عينٍ له،
فيفرح بهم، وبمصاحبتهم حين يكونون معه.

انظروا إلى الصلاح -أيها المسلمون- ما فائدته العجيبة، يرفع ناساً في الجنة من
منزلة إلى منزلةٍ أعلى لصلاح الأب، ويحفظ مال اليتيم بصلاح أبيه وجده، بل ربما
بصلاح أجداده، فإن الدعوة تبلغ في الذرية مبلغاً عظيماً، من قبل الرجل الصالح.
قال ابن كثير رحمه الله: قال سعيد بن جبير عن ابن عباس : حفظ بصلاح أبيهما ولم
يذكر لهما صلاحاً، ما ذكر لنا أنه لما بلغا أشدهما كانا صالحين، وإنما ذكر
أنهما حفظا وحفظ المال لهما بصلاح أبيهما، ولم يذكر لهما صلاحاً، وتقدم أنه
كان الأب السابع على ما قاله بعض المفسرين، الصالح دعوته تبلغ في ذريته مبلغاً
عظيماً، ودرجةً بالغة. والصالحون -أيها المسلمون- تنفعهم أعمالهم في اللحظات
الحرجة، والمواقف الدقيقة، ولذلك لما انطبقت الصخرة على الثلاثة في الغار، لم
يكن لهم طريقٌ للخروج إلا أن يدعو كلٌ منهم الله عز وجل بعملٍ صالحٍ كان قد
عمله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (انطلق ثلاثة رهطٍ ممن كان قبلكم حتى
آووا المبيت إلى غار، فدخلوه فانحدرت صخرةٌ من الجبل فسدت عليهم الغار،
فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فقال
رجلٌ منهم: اللهم كان لي أبوان.. الحديث) في الصحيحين وغيرهما دليلٌ على أن
الأعمال الصالحة تنقذ الإنسان من الورطة، والعمل الصالح والولد الصالح ينفع
أباه، كما أن الأب الصالح ينفع ولده، كما تقدم قبل قليل. فقال النبي صلى الله
عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو
علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعو له) يؤتى بالرحمة بسبب صلاح ولده، يرفع في
الجنة، يقول مم ذاك؟ فيقال: بدعوة ولدك لك، صلاح الولد نفع الأب، تأمل عظم
الصالح عند الله تعالى وشرف منزلته.

والأعمال الصالحة حماية من النار، لو كان الإنسان عليه مظالم، فإنه يؤخذ من
أعماله الصالحة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كانت له مظلمةٌ لأخيه
من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينارٌ ولا درهم، إن كان له
عملٌ صالحٌ أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات، أخذ من سيئات صاحبه،
فحمل عليه، ثم طرح في النار). فالعمل الصالح حماية، ورؤيا الرجل الصالح تختلف
عن رؤيا غيره، إن منام الرجل الصالح ليس كمنام عامة الناس، منام الرجل الصالح
له منزلةٌ خاصة، له قيمة عظيمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رؤيا الرجل
الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين جزءاً من النبوة) رواه مسلم . ولذلك فيها وضوحٌ
وصدقٌ، فيها فائدةٌ وتحذيرٌ وتبشيرٌ: (رؤيا الرجل الصالح جزءٌ من ستةٍ وأربعين
جزءاً من النبوة) فتأمل -يا عبد الله- حتى المنامات تتأثر بصلاح أصحابها،

ثم إن الرجل الصالح إذا مرض أو سافر أو اعتل أو أصابه شيء، فإن عمله الصالح لا
يزال يجري له مع أنه قعد عنه بمرضه وعلته. فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(إذا كان العبد يعمل عملاً صالحاً، فشغله عنه مرضٌ أو سفرٌ، كتب له كصالح ما
كان يعمل وهو صحيحٌ مقيم) فهذا من بركة الصالح، أن الله يمضي له أجر العمل وهو
لا يقوم به؛ لأنه معتل أو مسافر؛ لأنه كان صالحاً في أيام صحته وإقامته، فيجري
له مثل أجر ما كان يعمل. الصالحون هم الوسط الذي يُعاش فيه، الصالحون هم الجو
الذي تحيا فيه النفوس، الصالحون هم الرفقة والأخلاء الذين لا يندم من صاحبهم،
فالرجل الذي قتل مائة نفس نصحه العالم بالذهاب من قريته إلى قريةٍ أخرى؛ لأن
فيها قوماً صالحين، ليعبد الله معهم فهم الذين يذهب إليهم، ويسافر إليهم،
يخالطون ويُعاش معهم وبينهم.


الرجل الصالح أمنية ألم يأتك حديث البخاري في قصة سعد رضي الله عنه من مناقبه،
قالت عائشة : أرق النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة؛ أصابه الأرق لم يأته
النوم، فقال: ( ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة ) تمنى أمنية (ليت
رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة إذ سمعنا صوت السلاح، قال: من هذا؟ قال:
سعد يا رسول الله! جئت أحرسك -قيظ الله لنبيه رجلاً صالحاً هو سعد يأتيه
فيحرسه- فنام النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا غطيطه) قرت عينه واطمأنت
نفسه ونام لحراسة الرجل الصالح، فالرجل الصالح أمنية، فالرجل الصالح هو الجدير
بالاستئجار والتوظيف، قال الله عز وجل: إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ
الْقَوِيُّ الْأَمِينُ [القصص:26] وعنون عليه الإمام أبو عبد الله محمد بن
إسماعيل في صحيحه باب استئجار الرجل الصالح. إن الرجل الصالح جديرٌ بالتزويج،
قال الله عز وجل: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ
عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ
فَضْلِهِ [النور:32]. فلا تتوقف لضعف وظيفته وقلة راتبه وضآلة ماله، فالله
يبارك ويكثر ويغني من فضله، المهم أن يكون صالحاً. المرأة الصالحة أمنية
الأمنيات، قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأنها: (الدنيا متاعٌ، وخير متاع
الدنيا المرأة الصالحة، إذا غاب عنها حفظته في ماله وعرضه) إذا جاءها رعته
وأطاعته، المرأة الصالحة أمنية.


الصالحون من أسباب النصر على الأعداء، وكان بعض القواد يأتي بالصالحين معه مع
أنهم ليسوا من أصحاب الحرب، يرجو بركة دعائهم وصلاحهم، يستعينون ببركة دعائهم
وصلاحهم فينصر الله الجيش، الصالحون عملة نادرة، الصالحون أسباب إنقاذ
المجتمع، الصالحون هم الراحلة، وهم الرواحل التي تحمل المسئوليات. اللهم
اجعلنا من الصالحين، اللهم أصلح ذات بيننا، وأصلح شأننا، وأصلح عملنا، وأصلح
ألسنتنا وقلوبنا، وأصلح مكاننا عندك يا رب العالمين! اللهم أصلح زوجاتنا
وذرياتنا، إنك أنت خير مسئولٍ وأنت أرحم الراحمين. أقول قولي هذا، وأستغفر
الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

أجر الصالحين:
الحمد لله معزِّ من أطاعه ومذلِّ من عصاه، الحمد لله الذي كتب الصلاح لمن شاء،
وكتب الشقاء على من شاء، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، له الملك وله
الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، وأصلي وأسلم على نبينا محمد رسول الله المبعوث
رحمةً للعالمين، هو البشير النذير والسراج المنير، بلغ الدعوة، وأدى الأمانة،
ونصح الأمة، وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه
عليه وعلى أصحابه الذين نصروه، وعلى آله وأزواجه وذريته الطيبين الطاهرين،
وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعلى الصالحين. أيها المسلمون: الصالحون
عملةٌ نادرة لا يبقون كثيراً، فإن الله يحبهم، وبما أنه أعد لهم أجراً عظيماً،
فإنه سرعان ما يقبضهم إليه، ويبقى شرار الناس في آخر الزمان لا يوجد رجلٌ
صالحٌ واحد، تقوم الساعة على شرار الخلق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يقبض
الصالحون الأول فالأول، وتبقى حثالة كحثالة التمر والشعير- والحثالة هي:
الرديء من كل شيء- لا يعبأ الله بهم شيئاً) رواه البخاري رحمه الله. والصالحون
قد يشدد عليهم، فيبتلون ويضطهدون، ويؤذون في ذات الله فيصبرون، قال النبي عليه
الصلاة والسلام: (إن الصالحين يشدد عليهم، وإنه لا يصيب مؤمناً نكبةٌ من شوكةٍ
فما فوق ذلك، إلا حطت عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة) حديثٌ صحيحٌ رواه
الإمام أحمد وغيره.


والآن انتبه معي -أيها الأخ المسلم- لما يصيب الصالحين من الفائدة العظيمة في
كل صلاة ٍنصليها ويصليها غيرنا من المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وفي كل
صلاةٍ صلاها الأنبياء والشهداء والصديقون، والسابقون الأولون والمهاجرون
والأنصار والذين اتبعوهم، وكل صلاةٍ صلاها إمام من أئمة السلف أو المهتدين من
الخلف، كل صلاةٍ صليت في العالم وتصلى إلى قيام الساعة تحدث فيها فائدة عظيمة
للصالحين، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم
فليقل: التحيات لله والصلوت والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتموها، أصابت كل
عبدٍ لله صالحٍ في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله) رواه البخاري.

فكل صلاةٍ فيها التحيات صُليت وتُصلى وستُصلى، فإن للصالحين منها نصيباً، كم
صلاة صُليت من قبل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم إلى يوم الدين؟
وستُصلى؟ وفي كل صلاة فائدة للصالحين، ودعوة لهم، تصيب الدعوة الصالحين،
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، تصيب كل عبدٍ صالحٍ لله في الأرض وفي
السماء. والله تعالى أخبرنا عن دعاء بعض أنبيائه وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ
فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19] .. رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً
وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [الشعراء:83]. اللحوق بالصالحين منية، إنها
أمنية أن نكون صالحين، أن يكون الرجل صالحاً فهذا شيءٌ عظيم، وأجره جزيل،
ومقامه رفيع، وثوابه لا يُعلم عند الله عز وجل مكتوب.

السيئات تخرج الإنسان من مسمى الصالحين:
تأملوا -أيها المسلمون- الآن: كم واحد منا أخرج نفسه من الصالحين بأعمالٍ
فاسقة؟ كم واحد أخرج نفسه من اسم الصالحين بفاحشةٍ ارتكبها ويرتكبها؟ وبغناءٍ
سمعه ويسمعه؟ وبنظرةٍ محرمةٍ يلحظها بعينه؟ وبمسلسلٍ وفلمٍ يتابعه؟ وبمحرمٍ
يكسبه؟ وبكذبٍ يلفظ به؟ وبخيانةٍ يأتي بها؟ وبرشوةٍ يقبضها؟ وبسيئةٍ يقترفها؟
كم واحدٍ منا أخرج نفسه من عداد الصالحين، وحرم نفسه هذه البركة بالسيئات؟!
أليست خسارة؟! أليس فوات مغنم أن نخرج أنفسنا من مسمى الصالحين؟ نخرج أنفسنا
من لقبهم، ونحرم أنفسنا من درجتهم، ومما تقدم ذكره من أجرهم وفائدتهم وغير
ذلك، نخرج أنفسنا من ذلك بفسقنا وسيئاتنا وإسرافنا وتقصيرنا ومعصيتنا لله،
وعودتنا إلى السيئات بعد رمضان. اللهم أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، وتب
علينا يا أرحم الراحمين، اللهم اجعلنا من الصالحين، واجعلنا معهم واحشرنا في
زمرتهم، واجعلنا في درجتهم يا أكرم الأكرمين!


الشيخ محمد المنجد







آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
قديم 10-18-2009, 11:23 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

خطبة للعلامة السعدي في الحث على الصبر



الحمد لله الذي وعد الصابرين أجرهم بغير حساب ،وجعل لهم العواقب الجميلة في هذه الدنيا ويوم المآب ،وأشهد أن لا إله إلا الله،وحده لا شريك له ،الرحيم التواب ،الكريد الودود الوهاب ،وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ،الذي أنزل عليه الحكمة وفضل الخطاب ،اللهم صلّ على محمد وآله وأصحابه صفوة الصفوة ولبّ اللباب وسلّم تسليمًا .


أما بعد : أيها الناس ،اتقوا الله تعالى ، واعلموا أن الصبر من الإيمان، بمنزلة الرأس من الجثمان ،فمن لا صبر له فليس له يقين ولا إيمان؛وقد أمر الله بالاستعانة بالصبر والصلاة على جميع الأمور ،وأخبر أن الصابرين لهم الدرجات العالية والخير والأجور ،فقال مخبرًأ عن دار أهل القرار: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)


فإن سألتم عن حقيقة الصبر ،فإنه حبس النفس وإلزامها ما يشق عليها ابتغاء وجه الله، وتمرينها على الطاعة وترك المحارم ، وعلى الأقدار المؤلمة رضى بقدر الله .فمَن عرف ما في طاعة الله من الخير والسعادة هان عليه الصبر والمداومة عليه. وما في معصية الله من الضرر والشقاء ،سهل عليه إرغام النفس والإقلاع عنها .


ومَن علم أن الله عزيز حكيم ،وأن المصائب بتقدير الرؤوف الرحيم،أذعن للرضى ورضي الله عنه وهدى الله قلبه للإيمان والتسليم .
فيا من انتابته الأمراض وتنوعت عليه الأوصاب ،أذكر ما جرى على أيوب كيف أثنى الله عليه بالصبر وحصول الزلفى حيث قال : إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (44)


ويامَن فَقَد سمعه أو أَخَذ الله عينيه :أما علمت أن الله لا يرضى بعوض سوى الجنة لمن صبر حين يأخذ حبيبتيه ؟

ويا من فجع بأحبته وقرة عينه وأولاده وأخدانه ،أما علمت أن مَن حمد واسترجع بَنَى الله له بيت الحمد في دار كرامته ، وكان زيادة في إيمانه وثقلًا في ميزانه ،وأن مَن مات له ثلاثة من الولد أو اثنان أو واحد فصبر واحتسب كان حجابًا له من النار ورفعةً له في دار القرار ؟أما سمعتَ أن من صبر على الفقر والجوع والخوف ونقص الأموال والأنفس والثمرات ،فإنّ له البشارة بالهداية والرحمة من ربه والثناء والصلوات ؟



ويا مَن أصيب بآلام أو جروح أو أمراض تعتري بدنه وتغشاه،أما سمعت قوله-صلى الله عليه وسلم- :

لا يصيب المؤمن من همٍّ ولا غمٍّ ولا أذىً حتى الشوكة يشاكّها إلا كفّر الله بهت من خطاياه .


عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير :إن أصابته سرّاء كر فكام خيرًا له ،وإن أصابته ضرّاء صبَرَ فكان خيرًا له؛وليس ذلك إلا للمؤمن
رواه مسلم في صحيحه .

فعليكم بالصبر على ما أصابكم والاحتساب ،فإن ذلك يخفف المصيبة ويجزل لكم عند ربكم الثواب؛ألا وإن الجزع يزيد في المصيبة ويحبط الأجر ويوجب العقاب؛ فيا سعادة مَن رضي بالله ربًا ،فتمشى مع أقداره ،بطمأنينة قلب وسكون ،وعلم أن الله أرحم به من والديه فلجأ إليه وأنزل به جميع الحوائج والشؤون وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ ....(155) إلى آخر الآيات .



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم

المصدر :
كتــاب اللآليء والدرر السعدية
للعلّامة : عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 10-18-2009, 11:30 AM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

السعاده

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدآ صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله .
أمابعد
فالكل يبحث عن السعادة المؤمن والكافر هي الهدف الأسمى الذي يسعى الناس منذ القدم الى تحقيقه والوصول اليه .
حار الناس في السعادة هل هي في المال وعند أصحابه؟
أم هي في المنصب والجاه والحسب والنسب؟
أم هي الصحه والسلامه؟
أم هي في الشهره والصيت من فن وتمثيل ولعب كره وغيرها ؟
لو قلنا أنها في المال فالسعداء هم الأغنياء ولكن هيهات كم من غني يشكو الحزن والقلق والخوف على ماله فأصبح المال نقمه وكم هم قتلى المال فنكبات سوق
الأسهم والخسائر كم قضت على رجال كان همهم جمع المال أصبحوا ولم يمسوا وأمسوا ولم يصبحوا .
ولو قلنا إنها في الجاه والملك والسلطان فيتبادر للذهن أنه لا يوجد بينهم حزين وكئيب وتعيس والواقع يقول غير ذلك فهم أكثر الناس خوفا وأكثر الناس أعداء يخافون على ملكهم ويعاديهم كل طامع حالم في الملك محاطون بالأعداء عدد الأصدقاء وربما يزيد.
ولو قلنا أنها في الصحة والسلامة تنافي الواقع فكم من مريض سعيد وكم من مبتلى رضي بقضاء ربه يجد سعادة عظيمة ترافق مرضه
وكم مصاب سعيد بفقد عضو من جسده !
وكم معافى وهم كثر تعساء ناقمون قلقون لا يتذوقون طعم السعادة .
ولو قلنا أنها في الشهرة والصيت في الفن وغيره فهم أكثر الناس تعاسة يتظاهرون بالسعادة وهم أتعس الناس وأشقاهم فالفنان يخاف أن يأتي اليوم الذي يتوارى فيه عن الأضواء فهو في خوف وقلق دائم كثير المشاحنات والعداوات يخاف من مجرد مرور الزمن وتقدمه في العمر ثم تطوى صحيفة شهرته فينتهي فهو يسير وراء سراب كلما اقتراب منه أزداد بعدا.
قال تعالى:"كم تركوا من جنات وعيون(25 ) وزروع ومقام كريم(26) ونعمة كانوا فيها فاكهين(27) كذلك وأورثناها قوما آخرينفما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين "سورة الدخان .
السعادة : هي الإيمان والعمل الصالح في أي مكان كان العبد وعلى أي حال كان وجدها كثير ممن طرقوا هذا الباب ممن الهجوا ألسنتهم في الذكر وساروا في دروب الخير من صدقة وصيام وأمر بمعروف ونهي عن منكر ، وجدها إبراهيم عليه السلام في ترك ابنه وأمه وحيدين في الصحراء ووجدها عند مسائل ابنه ليذبحه
ووجدها يونس وهو في بطن الحوت عندما اشتغل بالذكر والتسبيح حين قال: (سبحان إلا إله إلا أنت إني كنت من الظالمين)
ووجدها محمد صلى الله عليه وسلم وهو يدعو وُيصدمن صناديد قريش ويعذب هو وأصحابه رضوان الله عنهم .
ووجدها كثير من تابعهم كالإمام أحمد بن حنبل وابن تيميه .
ووجدها إبراهيم بن أدهم عندما قال وهوينام في الطرقات لا يجد ما يأكل:
(والذي لا إله إلا هو إنا في عيش ؛لو علم به الملوك لجلدونا عليه بالسيوف)
ووجدها كثير في زماننا من ابتعد وعن الفضائيات وحرّموا الدش في بيوتهم.
السعادة لا تكون إلا لأصحاب الإيمان والعمل الصالح وهؤلاء هم السعداء حقا.فمن مللك المال بلا إيمان وعمل صالح "فأن له معيشة ضنكا " ومن ملك الإبداع والموهبة بلا إيمان وعمل صالح "فأن له معيشة ضنكا " .

أيها الباحثون عن السعادة إنها في ذلك الصراط المستقيم إن خريطة الوصول إليها في كتاب كريم محكم الآيات هو القرآن العظيم ، وفي ثنايا السنة تجد إشارات تسرع بك أيها الساعي إلى السعادة الدنيوية ومن بعدها سعادة الخلود في جنات عدن السعادة الدائمة والله المستعان على كل أمر وفي كل آوان ومكان .

والحمد لله رب العالمين......












آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 10-21-2009, 10:04 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
احمد الغول

الصورة الرمزية احمد الغول

إحصائية العضو








احمد الغول غير متواجد حالياً

 
إرسال رسالة عبر Yahoo إلى احمد الغول

افتراضي رد: منبر المنتدى

ام معاذ

جزاكى الله خيرا

بفكرة الموضوع الروحانى

وجزاكى كل الخير بكل ما نقلتى

من خطب فى غايه الروعة

تقبلى تحياتى واعجابى بالموضوع

ولى مشاركات قادمه باذن الله تعالى







آخر مواضيعي 0 ولادك يامصر
0 مبروك عليه الفرحة
0 ----- فلسطين-------
0 لما بقعد مع نفسي--------
0 كلماتك فى حب رسول الله
رد مع اقتباس
قديم 10-22-2009, 03:32 PM رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
ام معاذ

الصورة الرمزية ام معاذ

إحصائية العضو







ام معاذ غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

يألفون ويؤلفون-د. فيصل بن سعود الحليبي



الحمد لله نعمه تترى ، وإحسانه لا يحد ، أحمده سبحانه وأشكره ، وأتوب إليه وأستغفره ، أعطى فأجزل ، وأنعم فأسعد ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبد الله ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، القدوة في البر والإحسان ، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
} يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ { .
أيها الأحبة في الله : المؤمنون الصادقون قوم يألفون ويؤلفون ، يأنس بعضهم ببعض، لا يشعر من يجالسهم بوحشة أو ضيق نفس، بل يرى فيهم انشراح الصدر، وبشاشة المحيا، والتودد والمحبة، حتى لا يمل مجالستهم ، ولا يطول بهم الوقت معهم .
وما أمس حاجة الإنسان إلى الألفة ، فبها يتعايش مع كل من حوله، من أهل وجيران وأصدقاء وزملاء ، بل هي الطريق إلى انسجام هذه الأرواح، وأمر الانسجام أمر ليس بالهين ، حيث اختلاف الآراء ، وتنوع وجهات النظر، وقل كذلك : تلوّن النفوس وطبائعها المتغيرة، فمنهم أهل الصفاء ، ومن هم الحاسدون ، ولم أجد مثل الألفة تستطيع بها بعد الله تعالى أن تجمع هذه المختلفات، وتألف بينها في نسق ، يبعث بالراحة والألفة .
قال الماوردي : (( إن الألفة الجامعة هي إحدى القواعد المهمة التي يصلح بها حال الإنسان ، وذلك أن الإنسان مقصود بالأذية، محسود بالنعمة، فإذا لم يكن آلفًا مألوفًا تخطفته أيدي حاسديه، وتحكمت فيه أهواء أعاديه، فلم تسلم له نعمة، ولم تصف له معيشته ، إلا إذا كان آلفًا مألوفًا انتصر بالألفة على أعاديه ، وامتنع من حاسديه ، فسلمت نعمته منهم ، وصفت له معيشته معهم ،وإن كان صفو الزمان عسرًا وسلمه خطرا ) أدب الدنيا والدين .
والألفة بلا ريب توفيق من الله تعالى، لأنه الذي بيده القلوب سبحانه، ولا أعظم من أكبر ألفة في التاريخ ، حينما ألف الله تعالى للنبي ‘ بين أصحابه رضي الله عنهم فقد امتن الله تعالى على حبيبه فقال تعالى : { وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال ‘ : ( الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ ) متفق عليه .
ولا أخفيك أيها الحبيب : أن الألفة تحتاج منك إلى شيء من الجهد، والتضحية، والتنازل عن بعض الحقوق، وعدم الاكتراث ببعض المواجهات ولو كانت عنيفة أحيانًا بين الإخوان، وتاج ذلك كله نية صالحة، وقول جميل، فمثل هذا هو الذي يستطيع أن يتآلف مع الناس ، أما من يتمادح بقوة المجادلة، والانتصار في النقاش، ويعد التنازل عن بعض الحقوق إهدار لكرامته، فهذا أبعد ما يكون من الألفة، وعليه أن يتأمل هذا الموقف النبوي الكريم الذي ينم عن حكمة النبي ‘ وطيب نفسه ومحبته لأصحابه جميعًا وحرصه على تأليف قلوبهم :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ : لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ قَالَ مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ قَالَ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا أَتَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رِحَالِكُمْ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا الْأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ ) رواه البخاري .
أخي الحبيب : إن تآلفك مع أحبابك وانسجامك معهم لن تجد منه فقط محبة من حولك فقط، بل هو طريق إلى الخيرية التي قال عنها النبي ‘صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( المؤمن مؤلِّف ، ولا خير فين لا يألف ولا يؤلف ) رواه أحمد وإسناد حسن .
واحذر كل الحذر أن تقيم صلب الألفة على الحاجات الدنيوية الزائلة، فإنها سرعان ما تزول، أو تنهار فجأة، حينما تبرز الروحان على حد المنافسة في أي شأن، بعكس من تقاربت روحهما حتى التقت على محبة الرحمن، فإن ترى كل معني الإخاء تتخذ مكانها من نفسيهما، فالحب، والإيثار، والنصرة، وصنع المعروف، تراها ماثلة في حياتهما، هذا التأليف الحقيقي بين القلوب.
قال الإمام ماللك ’ : ( الناس أشكال كأجناس الطير، الحمام مع الحمام، والغراب مع الغراب، والبط مع البط ، وكل إنسان مع شكله ) .
وتأمل كيف رسم أبو حاتم توأم الروح حينما قال : ( إن من الناس من إذا رآه المرء يعجب به، فإذا ازداد به علمًا ازداد به عجبًا ، ومنهم من يُبغض حين يراه، ثم لا يزداد به علمًا إلا إذا ازداد له مقتًا، فاتفاقهما يكون باتفاق الروحين قديمًا، وافتراقهما يكون بافتراقهما ، وإذا ائتلفا ثم افترقا فراق حياة من غير بغض حادث، أو فراق ممات، فهنالك الموت الفظيع، والأسف الوجيع، ولا يكون موقفٌ أطولَ غمة، وأظهر حسرة، وأدوم كآبة، وأشد تأسفًا، وأكثر تلهفًا ، من موقف الفراق بين المتواخيين، وما ذاق طعمًا أمرَّ من فراق الخلين ، وانصرام القرينين ) .
وإني لأتساءل : كيف يعيش من لا يذوق لذة الألفة مع الآخرين ؟ كيف يبستم ، كيف يقوم بعمله، كيف يستلذ طعم الأكل والشرب والمنام !! وهو يشعر بثقله على الآخرين، أو لا يشعر، لكن الآخرين يشعرون بذلك .
ربما حال الكبر دون الألفة، وربما البطر، وربما النسب أو الحسب ، أو الجاه والمنصب، وهو لا يعلم أن الذكر الحسن هو الذي سيتبع جنازته ويتخلى عنه ذلك كله .
وإذا كنا نتكلم بألفة المرء مع الناس، ونذكر بحث الدين عليها، فما بالك بمن يفقدها بين أفراد أسرته ، بسبب غلظته وبطشه، أو بهجرانه لهم، أو نفرته منهم ، أو بخله عليهم، وماذا سنقول بمن لا يسعى حتى في تآلفه مع زوجه، قد أعرض أو أعرضت بوجهها عنه، فأي نجاح نحققه على مستوى الأسر والوطن والأمة ، وما أسرع ما يتربص العدو أو الحاقد كثر أو قل ، كبر أو صغر ، بلبنات هشة ضعفت ألفتها وتلاشت محبتها !!
لنكن كما قال النبي ‘صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وكونوا عباد الله إخوانا ) .
فما تبصر العينان والقلب آلفٌ ولا القلب والعينان منطبقان
ولكن هما روحان تعرض ذي لذي فيعرف هذا ذي فيلتقيان
اللهم على الخير قلوب المسلمين ، أستغفر الله فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم .

الخطبة الثانية : الحمد لله جعل لكل شيء قدرا، وأحاط بكل شيء خبرا، وأسبل على خلقه بلطفه رحمة وسترا. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون، واعلموا أن القسوة في القلوب، والغلظ في الأخلاق قد تكون في الإنسان دليلا على نقص كبير، كما أنها في تاريخ الأمم قد تكون علائم فساد خطير. فلا عجب أن قد حذر منها القرآن الكريم واعتبرها علة الفسق عن أمر الله، وسر الشرود عن صراطه المستقيم يقول سبحانه: ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا تكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون [الحديد:16].
أما إذا زاد الإيمان في القلب وعمرت النفس بذكر الله.. ازدادت السماحة وازداد الحلم، واتسع الصدر للناس، فلا يقابل الجاهل بمثل جهله ولكنه قول سلام وإعراض عن اللغو: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين . وقال في وصف عباد الرحمن : { وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما } .
وليس من معاني طلب الألفة أن تموت الغيرة على دين الله تعالى ، حتى يصل بالإنسان الأمر ألا يتمعر وجهه إذا رأى المنكر الذي لا يستطيع تغييره لا بلسانه ولا بيده ، أو أن يستمرأ المعصية ويألفها ويرى الإنكار على أصحابها من التشدد والتزمت ، بل كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله ، وإنما يغضب هذا الغضب رحمة بأمته أن يصيبها عذاب أو تحل بها نقمة ، ولم تكن الحكمة والموعظة الحسنة تفارقه حتى إذا غضب عليه الصلاة والسلام ، بل أمرك لأخيك وأهلك بالمعروف ونهيك لهم عن المنكر هو من محبتك لهم ، ولكن رفيقًا بهم ودودًا بهم .
فاتقوا الله ربكم وأخلصوا في القول والعمل، وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة .
اللهم اجعلنا ممن يمتثلون أمرك ، ويتبعون سنة نبيك محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ويسلكون درب هدايتك وشرعك ، ويتخلقون بخلق كتابك ونبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
اللهم إنا نسألك الجنة ، ونعوذ بك من النار ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في كل مكان ، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم ، ووحد صفوفهم ، وبارك لهم في قوتهم وعتادهم ورميهم ، اللهم ارفع البأساء والضراء عن كل مستضعف مسلم يا رب العالمين ، اللهم من أراد المسلمين وديارهم ومقدساتهم بسوء فأشغله في نفسه ، واجعل تدبيره تدميرًا له ، اللهم افجع اليهود وأعوانهم وكل عدو للإسلام في أهليهم وأموالهم وديارهم ، اللهم اجعلهم غنيمة للإسلام والمسلمين بقوتك وعزتك يا أكرم الأكرمين ، اللهم وفق أمرنا إلى ما تحبه وترضاه وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه ، اللهم اغفر لنا ولوالدينا ولأحبابنا ، ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين ، وصلوا وسلموا على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .










آخر مواضيعي 0 الرئيس محمد حسني مبارك يعلن تنحيه عن منصب رئيس الجمهورية
0 رساله عاجله الى المعتصمين فى ميدان التحرير والى كل المتناحرين على الحكم
0 تحكيم شرع الله ضرورة شرعية وعقلية
0 صور من تعامل السلف مع الحكام
0 الجمع بين الخوف والرجاء - لفضيلة الشيخ ابن عثيمين في شرح كتاب رياض الصالحين
رد مع اقتباس
قديم 10-23-2009, 12:34 PM رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

الخطبة بعنوان اسباب محبة الله




الحمد لله الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد . نحمده حمدا لا يحدّ ، ونشكره شكرا لا يعد .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا صاحبة ولا ولد ، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله إلى الأبيض والأحمر والأسود . اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد ، الداعي إلى سبيل الرشد ، وعلى آله وصحبه ومن جد في متابعته واجتهد .. .أما بعد : فيا عباد الله ، اتقوا الله تعالى حقّ التقوى ، فهي وصيّة الله لكم في محكم كتابه ، حيث قال جل من قائل عليم : ]يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون[ . اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك والعلم الذي يبلغنا حبك. أما بعد:
كنا قد تكلمنا في جمعة مضت عن محبة الله أما اليوم فإننا نتحدث بعون الله وتوفيقه عن اسباب محبة الله
روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: بينما أنا ورسول الله خارجين من المسجد، فلقينا رجلاً عند سدة المسجد، فقال: يا رسول الله متى الساعة؟ قال رسول الله : ما أعددت لها؟ } قال: فكأن الرجل استكان. ثم قال: يا رسول الله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام ولا صدقة ولكني أحب الله ورسوله. قال: فأنت مع من أحببت.
وفي رواية أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحاً أشد من قول النبي : { فإنك مع من أحببت }.
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: فأن أحب الله ورسوله وأبا بكر وعمر، فأرجوا أن أكون معهم، وإن لم أعمل بأعمالهم.
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - عن المحبة:
( المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون، وإليها شخص العاملون، وإلى عملها شمَّر السابقون، وعليها تفانى المحبون، وبروح نسيمها تروح العابدون، وهي قوت القلوب، وغذاء الأرواح، وقرة العيون وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام، تالله لقد ذهب أهلها بشرف الدنيا والآخرة، إذ لهم من معية محبوبهم أوفرنصيب ).
فإلى من إراد أن يرقى من منزلة المحب لله، إلى منزلة المحبوب من الله، أقدم لك هذه الأسباب العشرة التي ذكرها الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في كتابه العظيم ( مدارج السالكين ) مع شرح مختصر لها.
السبب الأول: قراءة القرآن بتدبر والتفهم لمعانيه، وما أريد به، كتدبير الكتاب الذي يحفظه العبد ويشرحه ليتفهم مراد صاحبه منه.
نعم فمن أحب أن يكلمه الله تعالى فليقرأ كتاب الله، قال الحسن بن على: ( إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار ).
قال ابن الجوزي رحمه الله: ( ينبغي لتالي القرآن العظيم أن ينظر كيف لطف الله تعالى بخلقه في إيصاله معاني كلامه إلى أفهامهم وأن يعلم أن ما يقرأه ليس من كلام البشر، وأن يستحضر عظمة المتكلم سبحانه، بتدبر كلامه ).
قال الإمام النووي رحمه الله: ( أول ما يجب على القارىء، أن يستحضر في نفسه أنه يناجي الله تعالى ).
ولهذا فإن رجلاً من أصحاب النبي استجلب محبة الله بتلاوة سورة واحدة وتدبرها ومحبتها، هي سورة الإخلاص التي فيها صفة الرحمن جل وعلا فظل يرددها في صلاتة، فلما سُئل عن ذلك قال: ( لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأها ) فقال النبي : { أخبروه أن الله يحبه } [البخاري].
وينبغي أن نعلم أن المقصود من القراءة هو التدبر، وإن لم يحصل التدبر إلا بترديد الآية فليرددها كما فعل النبي وأصحابه.
فقد روى أبو ذر عن النبي أنه قام ليلة بآية يرددها: إن تُعَذّبهُم فَإِِنّهُم عِبَادُكَ وَإن تَغفِر لَهُم فَإنّكَ أنتَ العَزِيز الحَكيمُ [المائدة:118].
وقام تميم الداري بآية وهي قوله تعالى: أَم حَسِبَ الّذِينَ اجتَرَحُوا السّيِئَاتِ أن نّجعَلَهُم كَالّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ سَوَآءً مّحيَاهُم وَمَمَاتُهُم سَآءَ مَا يَحكُمُون [الجاثية:21].
السبب الثاني: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها موصلة إلى درجة المحبوب بعد المحبة.
قال رسول الله في الحديث القدسي عن رب العزة سبحانه وتعالى: { من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشىء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه } [البخاري].
وقد بين هذا الحديث صنفان من الناجين الفائزين.
الصنف الأول: المحب لله مؤد لفرائض الله، وقافٌ عند حدوده.
الصنف الثاني: المحبوب من الله متقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل. ( وهذا مقصود ابن القيم رحمه الله بقوله: ( فإنها موصلة إلى درجة المحبوبية بعد المحبة ).
يقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله: ( أولياء الله المقربون قسمان:
ذكر الأول، ثم قال: الثاني: من تقرب إلى الله تعالى بعد أداء الفرائض بالنوافل، وهم أهل درجة السابقين المقربين، لأنهم تقربوا إلى الله بعد الفرائض بالإجتهاد في نوافل الطاعات، والإنكاف عن دقائق المكروهات بالورع، وذلك يوجب للعبد محبة الله كما قال تعالى في الحديث القدسي: { لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه } فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والحظوة عنده ).
والنوافل المتقرب بها إلى الله تعالى أنواع: وهي الزيادات على أنواع الفرائض كالصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة.
السبب الثالث: دوام ذكره على كل حال، بالسان والقلب والعمل والحال، فنصيبه من المحبة على قدر نصيبه من الذكر.
قال رسول الله : { إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه } [صحيح ابن ماجه للألباني] وقال الله تعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152].
وقال رسول الله : { قد سبق المفردون } قالوا: ومن المفردون يا رسول الله؟ قال: { الذاكرون الله كثيراً والذاكرات } [مسلم].
وقال يبين خسارة من لا يذكر الله: { ما يقعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب } [صححه أحمد شاكر في تخريجه للمسند]. ويقول : { ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا من مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة } [صحيح سنن أبي داود للألباني].
لذلك لما جاء رجل إلى النبي فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع فقال: { لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله } [صحيح سنن ابن ماجه للألباني].
وقد فهم الصحابة رضوان الله عليهم تلك الوصية وفقهوا معناها الثمين حتى إن أبا الدرداء قيل له: ( إن رجلاً أعتق مائة نسمة. قال: إن مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله عز وجل ) [أحمد في الزهد].
وكان يقول: ( الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك ).
السبب الرابع: إيثار محابه على محابك عند غلبات الهوى والتسنم إلى محابه وإن صعب المرتقى.
يقول ابن القيم في شرح هذه العبارة: ( إيثار رضى الله على رضى غيره، وإن عظمت فيه المحن، وثقلت فيه المؤن، وضعف عنه الطول والبدن ).
وقال رحمه الله: ( إيثار رضى الله عز وجل على غيره، وهو يريد أن يفعل ما فيه مرضاته، ولو أغضب الخلق، وهي درجة الإيثار وأعلاها للرسل عليهم صلوات الله وسلامه، وأعلاها لأولى العزم منهم، وأعلاها لنبينا محمد ).
وذا كله لا يكون إلا لثلاثة:
1 ـ قهر هوى النفس.
2 ـ مخالفة هوى النفس.
3 ـ مجاهدة الشيطان وأوليائه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ( يحتاج المسلم إلى أن يخاف الله وينهي النفس عن الهوى، ونفس الهوى والشهوة لا يعاقب عليه، بل على أتباعه والعمل به، فإذا كانت النفس تهوى وهو ينهاها، كان نهيه عبادة لله، وعملاً صالحاً ) [10/635 مجموع الفتاوى].
السبب الخامس: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته، ومشاهدتها ومعرفتها، وتقلبه في رياض هذه المعرفة، فمن عرف الله بأسمائه وأفعاله، أحبه لا محالة.
قال ابن القيم رحمه الله: ( لا يوصف بالمعرفة إلا من كان عالماً بالله وبالطريق الموصل إلى الله، وبآفاتها وقواطعها، وله حال مع الله تشهد له بالمعرفة. فالعارف هو من عرف الله بأسمائه وصفاته وأفعالة، ثم صدق الله في معاملته، ثم أخلص له في قصده ونيته ).
فمن جحد الصفات فقد هدم أساس الإسلام والإيمان وأتلف شجرة الإحسان فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.
ومن أول الصفات فكأنما يتهم البيان النبوي للرسالة بالتقصير إذ لا يمكن أن يترك النبي أهم أبواب الإيمان بحاجه إلى إيضاح وإفصاح من غيره لإظهار المراد المقصود الذى لم تبينه العبادات في النصوص.
وثبت عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: { إن لله تسعاً وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة }.
السبب السادس: مشاهدة بره وإحسانه، وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته.
العبد أسير الإحسان فالإنعام والبر واللطف، معاني تسترق مشاعره، وتستولي على أحاسيسه، وتدفعه إلى محبة من يسدي إليه النعمة ويهدي إليه المعروف. ولا منعم على الحقيقة ولا محسن إلا الله، هذه دلالة العقل الصريح والنقل الصحيح، فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى، ولا مستحق للمحبة كلها سواه، وانتدب لنصرته وقمع أعدائه، وأعانه على جميع أغراضه، وإذا عرف الإنسان حق المعرفة، علم أن المحسن إليه هو الله سبحانه وتعالى فقط، وأنواع إحسانه لا يحيط بها حصر: وإِن تَعُدُوا نِعمَتَ اللّهِ لاَ تُحصُوهَآ إنّ الإِِنسَانَ لَظََلُومٌ كَفّارٌ [
إبراهيم:34].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بمافيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم


الحمد لله الذي اهتدى بهديه ورحمته المهتدون ، وضلّ بعدله وحكمته الضالون ، ]لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون[ . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، بلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة ، ونصح الأمّة ، وجاهد في الله حقّ جهاده ، وتركنا على المحجّة البيضاء ، ليلُها كنهارها ، لا يزيغ عنها إلا هالك . صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه وأتباعه ، وسلّم تسليماً كثيراً
السبب السابع: وهو من أعجبها: انكسار القلب بكليته، بين يدي الله تعالى، وليس في التعبير عن المعنى غير الأسماء والعبارات.
والإنكسار بمعنى الخشوع، وهو الذل والسكون.
قال تعالى: وَخَشَعَتِ الأَصوَاتُ لِلرّحمَنِ فَلاَ تَسمَعُ إِلاهَمساً [طه:108].
يقول الراغب الأصفهاني: ( الخشوع: الضراعة، وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح، والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد في القلب، ولذلك قيل إذا ضرع القلب: خشعت جوارحة ).
وقال ابن القيم: ( الحق أن الخشوع معنى يلتئم من التعظيم والمحبة والذل والانكسار ).
وقد كان للسلف في الخشوع بين يدي الله أحوال عجيبة، تدل على ما كانت عليه قلوبهم من الصفاء والنقاء.
كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا قام في الصلاة كأنه عود، من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لاتحسبه إلا جزع حائط.
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفّر لونه، فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء. قال: ( أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟.
السبب الثامن: الخلوة به وقت النزول الإلهي، لمناجاته وتلاوة كلامه والوقوف بالقلب والتأدب بأدب العبودية بين يديه، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.
قال تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ يَدعون ربهم خوفاً وَطَمَعاً وَمِمّا رَزَقناهُم يُنفِقُونَ [السجدة:16].
إن أصحاب الليل هم بلا شك من أهل المحبة، بل هم من أشرف أهل المحبة، لأن قيامهم في الليل بين يدي اللّه تعالى يجمعُ لهم جلّ أسباب المحبة التي سبق ذكرها.
ولهذا فلا عجب أن ينزل أمين السماء جبريل عليه السلام على أمين الأرض محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقول له: ( وأعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزه استغناؤه عن الناس ) [السلسلة الصحيحة].
يقول الحسن البصري رحمه اللّه: ( لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل فقيل له: ما بال المجتهدين من أحسن الناس وجوهاً فقال لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره ).
السبب التاسع: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقي أطايب الثمر، ولا تتكلم إلا إذا ترجحت مصلحة الكلام وعلمت أن فيه مزيداً لحالك ومنفعة لغيرك.
قال رسول الله : { قال الله عز وجل: وجبت محبتي للمتحابين فيّ، ووجبت محبتي للمتجالسين فيّ، ووجبت محبتي للمتزاورين فيّ } [صححه الألباني: مشكاة المصابيح].
قال رسول الله : { أوثق عرى الإيمان أن تحب في اللّه وتبغض في الله } [السلسلة الصحيحة:728]
فمحبة المسلم لأخيه المسلم في الله، ثمرة لصدق الإيمان وحسن الخلق وهي سياج واق، ويحفظ الله به قلب العبد، ويشد فيه الإيمان حتى لا يتفلت أو يضعف.
السبب العاشر: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل.
فالقلب إذا فسد فلن يجد المرء فائدة فيما يصلحه من شؤون دنياه ولن يجد نفعاً أو كسباً في أخراه. قال تعالى: يَومَ لَا يَنفَعُ مَالٌ ولاَ بَنُوُنَ إِلاّ مَن أَتَى اللهَ بِقَلبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 10-23-2009, 12:36 PM رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى


من الامور التى تسعدنا جميعاً وأسعدتنى بقوة


ظهور موضوع أم معاذ فى النتائج الاولى للبحث فى جوجل

أكتبوا منبر المنتدى

تجدوه فى الصفحة الاولى من جوجل


جعله الله فى ميزان حسناتكم وأسعدكم بكل الاوقات

تسلمى ام معاذ على مجهودك الرائع .. لكى الاجر والثواب






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 10-23-2009, 12:44 PM رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: منبر المنتدى

عنوان الخطبة التفكر في آيات الله



أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فالتقوى سبيل المؤمنين، والنجاة في الدنيا والآخرة بها ويوم يقوم الناس لرب العالمين، قال جل وعلا: يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [آل عمران:102].

عبادَ الله، عنوان هذه الخطبة: التفكر في آيات الله في الكون.

في عتمة الليل وسحره وفي غلسه وبلجته، إذا أظلم الليل ودَجا، وادلهمّ وسجى، وظهرت آيات من آيات الله كانت الموعظة والذكرى، قال جل وعلا: إِنَّ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱخْتِلَـٰفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ لاَيَـٰتٍ لأوْلِى ٱلألْبَـٰبِ [آل عمران:190]، دعوةٌ إلى التدبر في الكون وتأمّل مدى دقته وتناسق نواصيه وأجزائه.

عباد الله، إن الخالق عز وجل الذي لا تدركه أبصارنا لم يتركنا هكذا في بيداء الحياة، بل أظهر آياته في كتاب منظور نراه ونحسّ به، وكتاب نقرؤه ونرتّله ألا وإنه معجزة النبي الخالدة، إنه القرآن الكريم بآياته وعظاتة، يعمد إلى تنبيه الحواسّ والمشاعر وفتح العيون والقلوب إلى ما في هذا الكون العظيم من مشاهد وآيات، تلك التي أفقدتها الأُلفة غرابتها، وأزالت من النفوس عبرتها، قال عز وجل: كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلألْبَـٰبِ [ص:29]، وقال: قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَمَا تُغْنِى ٱلآيَـٰتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [يونس:101].

يعرض القرآن الكريم هذه الآيات بأسلوب أخّاذ ليعيد طراوتها وجدَّتها في الأذهان، فكأنها تُرى لأول وهلة، يلفتُ النظر على هذه الأرض الفسيحة، وقد سُقيت ورويت بماء الحياة، فتغلغل إلى أعماقها، فاكتضّت أعاليها بالنعم الوافرة من أنهار جارية وأشجار مثمرة وزروع نضرة وجبال شامخة راسية وبحار واسعة مترامية، رفّت في جوانبها الطيور المغرّدة، قال جل وعلا: وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَاء ثَجَّاجًا لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّـٰتٍ أَلْفَافًا [النبأ:14-16]، وقال تعالى: وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَـٰهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَـٰهَا وَٱلْجِبَالَ أَرْسَـٰهَا مَتَـٰعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ [النازعات:30-33]، وقال جل وعلا: فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَـٰنُ إِلَىٰ طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا ٱلْمَاء صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا ٱلأَرْضَ شَقًّا فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَـٰكِهَةً وَأَبًّا مَّتَـٰعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَـٰمِكُمْ [عبس:24-32]، وقال جل وعلا: أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى ٱلسَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى ٱلأرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ [الغاشية:17-20].

إن التأمّل في مطلع الشمس ومغيبها، التأمّل في الظلّ الممدود ينقص بلطف ويزيد، التأمل في الخضمّ الزاخر والعين الوافرة الفوّارة والنبع الرويّ، التأمّل في النبتة النامية والبرعم الناعم والزهرة المتفتّحة والحصيد الهشيم، التأمّل في الطائر السابح في الفضاء والسمك السابح في الماء والدود السارب والنمل الدائب، التأمل في صبح أو مساء في هدأة الليل أو في حركة النهار، إن التأمل في كل ذلك يحرّك القلبَ لهذا الخلق العجيب، ويشعر العبدَ بعظمة الخالق تبارك وتعالى، قال جل وعلا: وَمِنْ ءايَـٰتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ [الشورى:29]، تَبَارَكَ ٱلَّذِى جَعَلَ فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَ ٱلَّيْلَ وَٱلنَّهَارَ خِلْفَةً لّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا [الفرقان:61، 62].

عباد الله، إن الناظر في الكون وآفاقه يشعر بجلال الله وعظمته، الكون كلّه عاليه ودانيه، صامتة وناطقه، أحياؤه وجماداته، كلها خاضع لأمر الله، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، تُسَبّحُ لَهُ ٱلسَّمَـٰوٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [الإسراء:44].

عباد الله، هذه المجرات المنطلقة، والكواكب التي تزحم الفضاء وتخترق عباب السماء، معلّقة لا تسقط، سائرة لا تقف، لا تزيغ ولا تصطدم، وَٱلشَّمْسُ تَجْرِى لِمُسْتَقَرّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَـٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِى لَهَا أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيْلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِى فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [يس:38-40].

من الذي سيّر أفلاكها؟! ومن الذي نظّم مسارها وأشرف على مدارها؟! من أمسك أجرامها ودبّر أمرها؟! قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِى خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام:91]، إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مّن بَعْدِهِ [فاطر:41].

عباد الله، إن الله تبارك وتعالى خلق كلَّ شيء فقدَّره تقديرًا، هذا وضعُ الشمس أمام الأرض مثلاً، ثم على مسافة معينة، لو نقصت فازداد قربها من الأرض لأحرقتها، ولو بعدت المسافة لعمّ الجليد والصقيع وجه الأرض وهلك الزرع والضرع، من الذي أقامها في مكانها ذاك وقدّر بعدها لننعم بحرارة مناسبة تستمر معها الحياة والأحياء؟! صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء [النمل:88].

عباد الله، إن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها ولا تؤدّي مفعولها إلا للقلوب الذاكرة الحية، القلوب المؤمنة، تلك التي تنظر في الكون بعين التأمل والتدبّر، تلك التي تُعمل بصائرها وأبصارها وأسماعها وعقولها، ولا تقف عند حدود النظر المشهود البادي للعيان، لتنتفع بآيات الله في الكون، ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰمًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِى خَلْقِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَـٰطِلاً سُبْحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:191].

أما الكفار، فهم عُميُ البصائر غُلف القلوب متحجّرو العقول، إنهم لا يتبصّرون الآيات وهم يبصرونها، ولا يفقهون حكمتها وهم يتقلّبون فيها، فأنى لهم أن ينتفعوا بها؟! يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مّنَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ ٱلآخِرَةِ هُمْ غَـٰفِلُونَ [الروم:7]، وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِنَ ٱلسَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكّرَتْ أَبْصَـٰرُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ [الحجر:14، 15].

عباد الله، وكذا بعض طرق البحث العلمي لن تؤتي ثمارها في معزل عن الإيمان بقطع الصلة بين الخلق والخالق، فهذه الحضارة الحديثة، وإن شعّ بريقها فظهرت أنها تكشف الآيات العظيمة، ثم تقف حيث يجب أن تنطلق، تظهر الأسباب وتسدل الستارَ على ربّ الأسباب، وكأنه لا وجود له، أو لا عمل له، وكأن هذه الأسباب التي يفسّرون بها حصول الكسوف والخسوف والزلازل والبراكين ونزول الأمطار وغيرها كأن هذه الأسباب هي الفاعل الحقيقي، وما عداها وهمٌ، وهذا ضلال بعيد.

أما المنهج الإيماني فإنه لا ينقص شيئًا من ثمار البحث العلمي، لكنه يزيد عليه بربط هذه الحقائق بخالقها وموجدها ومدبّرها ومصرّفها، ليقدر العباد ربّهم حقَّ قدره، وليعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علمًا، فلا يستحقّ العبادة إلا هو، ولا يُتوجّه بخوف أو رجاء إلا إليه، ولا يُخشى إلا هو، ولا يذلّ إلا له، ولا يطمَع إلا في رحمته.

إن المزيد من العلم ينبغي أن يقود إلى المزيد من الإيمان القويّ والتقوى.

عباد الله، ماذا لو اختلّ نظام هذا الكون قيدَ شعرة؟! إنه سينهار بكل ما فيه ومن فيه. ماذا لو تصادمت أفلاكه؟! ماذا لو تناثر ما في الفضاء من أجرامه؟! ماذا لو حجِبت عنه عناية الله طرفةَ عين أو أقل من ذلك أو أكثر؟! إننا سنهلك ويهلك كل من معنا، ٱللَّهُ خَـٰلِقُ كُـلّ شَىْء وَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْخَـٰسِرُونَ [الزمر:62، 63].

لله فــي الآفــاق آيــات لعــلّ أقلَّهـا هـو مـا إليـه هداكـا

ولعـلّ مـا فـي النفـس مـن آياتـه عجب عجاب لو ترى عيناكـا

والكـون مشحـون بأســــرار إذا حاولت تفسـيرًا لهـا أعياكـا

قـل للطبيـب تخطّفتـه يـد الـردى: من يا طبيـب بطبّـه أرداكـا؟

قـل للمريـض نجا وعـوفي بعدمـا حجزت فنون الطب: من عافاكا؟

قـل للصحيـح يموت لا مـن علـّة: من بالمنايا يا صحيـح دهاكـا؟

يا أيهـا الإنسـان مهـلاً مـا الـذي باللـه جـل جـلاله أغـراكـا؟

سيجيـب مـا في الكون من آياتـه عجب عجاب لو تـرى عينـاكا

ربِّ لـك الحمـد العظيـم لذاتــك حمــدًا وليـس لواحـد إلاَّكـا

عباد الله، ما مرّ معنا من الآيات الكونية وغيرها كثير تحملنا على أن نفرّ إلى ربنا، وأن نغسل إساءتنا، وأن نمحو ذنوبنا.

إن المسلم إذا احتمى بربه واستعان به واستجار به فهو في أعز جوار وآمن ذمار. إن كل شيء إذا خفته هربتَ منه، وإذا خفت الله عز وجل هربت إليه، فَفِرُّواْ إِلَى ٱللَّهِ إِنّى لَكُمْ مّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ [الذاريات:50].

وهكذا يبقى الكون كتابًا مفتوحًا، يُقرأ بكلّ لغة، ويدرَك بكل وسيلة، قال تعالى: تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ [ق:8].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما سمعنا من الآيات والذكر الحكيم.

عباد الله، توبوا إلى الله واستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.










آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:54 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator