أنتِ الحياة
لماذا تظل بعض الأمور في حياتنا مسميات فقط..؟؟!
نركنها على رفوف الحياة.. لا نلقي لها بالاً..
ولا ننظر لها رغم أهميتها..
رغم قربها منا إلا أننا نبني بيننا وبينها حواجزَ من فولاذ..
شاهقة تعيق التواصل..
آلمني حالها..
لكم كانت رفيقة درب..
أحببتها من أعماق قلبي..
احتضنتها جدران نفسي..
كم حلقنا سويا في عالم رائع..!
عالم من الأماني قد رسمناها سويا..
نقشنا أحلامنا بنور أرواحنا النابضة بالحياة..
عشقتها بكل كياني..
فكانت جزءاً لا يتجزأ من ذاتي..
لا أنكر أني قد كنت مقصرة بعض الشيء في حقها..
لكنها رغم كل شيء كانت سيدة القلب.. وأميرة الحروف...
امتعض أبنائي حين ذكّرتهم بها..
غضبوا مني وأداروا لي الظهر ...
توسلوا لي بأن أتركها.. أن أبتعد عنها.. أن أنساها..
فما لنا حاجة بها..
سحوا الدموع.. واعتصرت قلوبهم الطرية ألماً..
تسببت في إيذائهم دون قصد مني...
ألهذا الحد هم يرفضونها..؟!
لقد صعقت من تصرف أبنائي..
مسكينة هي..
حتى القلوب الصغيرة لا تطيقها..
لا تشعر بانتمائها لها..
رغم وفائها اللامتناهي للجميع..
لِمَ هذا العقوق وهي البارة على مر العصور؟!
لِمَ هذا النكران وهي حافظة العهد.. ذات السبق والفضل؟!
توشحت بالسواد حداداً على شباب ضُيِّع في دهاليز النكران والعقوق..
لكم تجرعت بأيدينا كؤوساً مترعةً سماً زعافاً هالكاً..
وأدْناها وأهلنا عليها تراب ذلنا وتقاعسنا حين تركنا نصرتها..
كممنا أفواه بنياتها في صناديق مغلقة وأحكمنا غطاءها..
ثم رحنا نغني على جثث موتاها..
ما سكبنا دمعاً حسرةً لفقدها...
ولا تألمنا غصةً على إقصائها..
بل كان وجودها بيننا عارٌ علينا..
نواري وجوهنا خجلاً.. ونخفض أصواتنا وجلاً...
حتى لا نتعثر بألفاظنا.. ونتلعثم بأخطائنا..
لله درها ما أنقاها!! ما أجملها!!
ما أحلى بنياتها!! ما أروع منطقها وبيانها!!
أيعقل أن يجود الزمان بمثلها؟!!
هيهات.. هيهات..
تعددت الوجوه لكن وجهها الأجمل..
تجمل المنطق لكن منطقها الأروع..
كم طرَّز الشعراء أثواب حب سرمدي.. نقشوها بياناً وسحراً..
رصعوها ياقوتاً ودراً..
رشوها فلاً وعطراً..!!
فكانت هديتها على مر العصور والأزمان..
وكم تغنت قيثارة الحياة..
بألحان عذاب..!!
سطرت مآثرها وخلدت ذكرها..
عانقت المجد في أوجه وكماله..
وصافحت أكف النجوم.. ونافست القمر في بدر تمامه..
كم نالت شرف السمو والارتقاء..!
وخلدت رغم فناء الأشياء..!
وما زالت تختال عزة وإباء...
رغم عقوق العاقين..
وتنكر البائسين..
وغرور المتغطرسين..
لحروفها خريرٌ ينساب في أخاديد الآذان فيطربها ريًّا وانتعاشاً....
حفظها القرآن فسال النور مع حروفها..
وجال الفكر ببديع بيانها..
فذكرها في غير موضع فقال:
( إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون )
وقال: ( قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون )
قرآنا عربيا..
فلبست بنور الله ووحي السماء إكليل الخلود والبقاء..
لغـــة حبـــــاها الله حــــرفاً خـــالداً ** فتوضعت عـبــقاً علــــى الأكوان
وتــلألأت بالضــــــاد تشمخ عـــزةً ** وتســيل شــــهداً في فم الأزمـــان
ولأنها الحياة..
لابد أن نصارع من أجل بقائها..
من أجل نضارتها وبهائها..
أئِمّـة اللغـة الفصحـى وقادتهـا ** ألا بدارًا فإنّ الوقـت مـن ذهـبِ
ردّوا إلى لغـة القـرآن رونقهـا ** هيّا إلى نصرها في جحفل لّجِـبِ
وختاماً:
فاحذر أخي العربي من غدر المدى ** واغرس بذور الضاد في الوجدان
ماكــــان حرفك من "فرنسا" يقتدى ** أو كان شعرك من بني "ريــغان"
ولئــــن نطقت أيــاً شـــقيقي فلتقــل : ** خيـــر اللغات فصـــــاحة القرآن.
م0ن
11-22-2008, 11:16 PM
أنتِ الحياة
