أعــدكـــم .. ياذكــــور !!
(( يا فاطمة العبدالله,
الذين يحملون النور على أكتافهم يخيفون الظلام ، ولا يخيفهم مايخفيه الليل لعابر طريق ...))
أرجو أن أحمل نوراً ..
ولذلك أنا هنا !
بعد أيام يعتلي أوباما عرش العالم ، وسط ضجيجٍ عسكري يصمّ الآذان ، ومن العرب من يتطلّع إلى عهدٍ جديدٍ تهدأ فيه آلة الحرب الصهيونية ، وتعود الموازين إلى نصابها ،
هل لازال بعضنا يصدّق هذه الأكاذيب ؟!
فأصغر أطفالنا يعلم أنه لم يجلس على هذا الكرسي إلا بعد لعق أحذية . . بل أقدام اليهود العفنة
ما أصغر همومنا . . وما أبسط مصائبنا أمام ما يحدث اليوم . .
ما أشد القهر . . وما أبشع الظلم . .وكم هو قاتلٌ قاتلٌ قاتلٌ الشعور بالعجز . .
العجز . .
كلمةٌ صغيرةٌ لا تكفي قواميس اللغة لتفصيل ألمها . . وكربها . . وشدتها على النفس الأبية !
كم هو قاتل . . أن تسرق منك القدرة . . وتترك عاجزاً . . محبطا !!
هل تعرف شعور الحر إذا شعر بالعجز ؟؟
قهر . . نار . . ألم . . انغراس في الأرض . . مع رغبة عارمة بالتحليق !
تتـزلزل خلايا جسدك تطلب . . ولا تملك إلا أن تعيش هذا الزلزال . . وأنت مثبتٌ بأضعاف أضعاف وزنك . . . . لا تملك أن تحرك عضواً كما تريد !
أنت متهمٌ إن تحدثت . . ومتهمٌ إن بكيت . . وإرهابي إن حاولت !
ما أجمل الحلم . . كم هو نعمة عظيمة . .لا يحاسبك عليه أحد . . ولا يسرقه منك أحد . . تصوغه وتشكّله كما تشتهي نفسك وتحلق معه في عوالم من الحرية الكاملة الآمنة التي لا توجد على الأرض . . لك الحمد إلهي على هذه النعمة . . و لك الحمد أنك ستكافئني وتأجرني عليها !! ( من مات ولم يحدث نفسه بالجهاد مات على شعبة من نفاق ) . .
دعوني احلق . . دعوني أحلم . . فالوقت فجراً ولازلت أشعر بالنعاس !
كم نعشق نحن النساء الأحزمة وكم نعشق ارتداءها وعصر خواصرنا بها .. والمحسودة من لم يتعد خصرها شبراً ونصف !!!
كم أحلم أن أرتدي حزاماً يجعل مقاس خصري خمسة أشبار !!
كم تتوق نفسي أن أرتديه . . وأشعره يثقل خاصرتي . . كما أثقلها يوماً حزام ملعونٌ من الذهب . . عفا الله عني ! وعن كل نائمة في الحرير والعسل . .
كم أتوق أن أنتثر مِـزقاً ناشـرةً رائحة دم مسلم عربي زكي . .
كم أود أن أُفحّــم أجسادهم . . وأزيدها سواداً . . وقبحاً . . ويشاعةً !
ولتختلط أشلائي المتوضئة بأشلائهم النجسة . .
لهم الجسد . . فليشبعوه تحليلاً وبحثاً فلن يجدوا فيه خلية مطابقة . . ولن ينسبوه إلى مكانٍ في هذه الأرض !
سيجدون خلايا غريبة . . لا وجود لها في هذا العالم . . وسيجدون بصمات لا تطابق بصمة في هذا العالم . . فقد بعثتها إلي ذات منام نسيبة بنت كعب . . وسمية ابنة خياط . . وأسماء بنت أبي بكر ..كل خلاياهن انتظمت في جسدي الآن . .
أما الروح ( إن قبلها الله ) فستشتعل نوراً وجمالاً تتسابق ملائكة السماء لحملها وتقديمها . . وأثق بالله أنهن سينتظرنني على أبواب السماء . .لأخبرهن ضاحكة ماذا فعلت بهم !
لهم الجسد . . لكنه لن يدلهم على أحد !
وستقيد القضية ضد مجهول أو سكرانٍ أو معتوه !
سأرتديه . . وكل خلية في جسدي تحمل لوناً . . ونكهةً . . من وطني الكبير . .
نجدية ذابت فضة القمر في وجهها . .وتلحف الليل ذوائب شعرها . .ورشح الخزامى بين ثناياها . .
مصرية بنداوة النيل ورائحة اللوتس ..
شامية بحلاوة السكر المسكوب فوق بقلاوة الشام ..
سودانية تنقش الحنا جمالاً وترفا على أطرافها . .
خليجية شبعت ترفاً ونعيماً . .!
يمنية قلبها بخضرة سفوح اليمن . . وعزمها بقسوة جبالها !
إرهابيةٌ أنا !
متطرّفةٌ أنا !
أصوليةٌ أنا !
نعم . . أنا كلّ ذلك . . وسأهدي كل ذلك . .
سأهديه لكل أهلي في فلسطين أولاً . وأنا أحمل جنسيتي . . بكل فخر . . لأقول لهم . . لا تأسوا . . و لا تعتبوا فلكم العتبى . . لا تخلطوا الأوراق . . ولا تحكموا على المحكوم بفعل الحاكم !
سأهديه خاصة لكل شيوخ وعجائز فلسطين وحلمي أن أحتوي شيخوختهم وضعفهم وانكسارهم . .
كم ارسلت لهم كل صباح قبلة مع قبلتي لرأس والدي . . وكف والدتي . .
ليتهم يشعروا بها . . وليتها تمسح بعض أساهم !
وأقول لرجال أمتي ومثقفيها ثانياً . . ناموا بأمان . .واتركوا لنا الميدان ..
تلحّفوا أوراق مقالاتكم . .وتوسدوا حروف استنكاركم فهي في نعومة الريش . . نحن لا نجيد في نظركم القراءة ولا نتقن فنون التحليل السياسي . . وبناء الفكر والثقافة . .ولا نصبر على قراءة المجلدات الضخمة . .وسنبقى في نظر الكثيرين منكم مخلوقات جميلة أكثر ما تجيد الطهو وفنون المساء . .!
ولا تنسوا . . أوصيكم بأخواتي خيراً ..ارعوا حقوقهن . . وكفوا أقلامكم عن شجب مواقعهن المتأخرة في صفوف المثقفين . .
و لمشائخ أمتي الرسميين . .اجمعوا أوراق فتاواكم وسدوا بها فوهة كل مدفع يريد أن ينطلق . . ولو كان فماً جفّ قهراّ ..وأبشركم بالرغم من ثقافتي الدينية المتواضعة أنكم أول من سيحاسب ..
ماذا فعلتم بقوله تعالى : ( لتبيننه للناس ولا تكتمونه ) !
انتهى الإهداء . .
فهؤلاء هم الصفوة التي لازلت أرجو منهم وفيهم خيراً . . .
أخيراً . .
كم يخجلني أن أكون شجاعة لأرتدي حزاماً . . وأجبن أن أذيل كلماتي باسمي الكامل !!!
ولكني أبقى مسلمة تربت في وطنٍ سقفه منخفض . . فنمت قامتي ركوعاً !!
وكلما شمخت القامة . . زاد العذاب والألم ..
فليهنأ الأقزام بالراحة !
حلمي هذا . .
كان الباب الذي خرجت منه . . ووجدت نفسي بلا سقف !!
كم هي بعيدة هذه السماااااااااااء . . !
كم هو فسيح ذلك الكون . .
كم هو مريح أن أفرد قامتي . .
كم هو نظيفُ منعش الهواء . .
كم هو جميل أن أكتشف كم أنا شاااااااااااامخة . . سااااااااامقة . .
أكاد ألامس السماء . . ولكني أقف ثابتة عالية !!
ومن ذاق لذة الشموخ . . لن يعود إلى جحره ليعيش عذا ب الانحناء !
ولو سموا هذا الجحر وطناً . . فالعراء أرحم وأفسح لكل قامة شامخة . .
لنعش في العراء . .
ولو كان حلماً . .!
أنا في حلمي غريبة مهاجرة خارج جحري . .
أنا في غزة . .
كملاك خرافي وهبه الله كل القدرة . .
أنا طبيبة تداوي الجرحى . .
لا . . بل متطوعة كأسماء تجوب البلاد وتنقل أخبار العدو . .
لا . . بل غنية تنثر المال وتبني البيوت وتقضي الحاجات وتشتري الأدوية و الأسلحة وأعدكم ( ياذكـور .. !!!! ). . في حلمي لن أشتري الأسلحة إلا من خونة اليهود وما أكثرهم . . فما أجمل قتلهم بسلاحهم !!
لا . . بل مجاهدة تتمزق في نقاطهم وقبل أن تصل روحها إلى أعالي السماء تتضرع باكية لربها أن تنحدر من جديد إلى الأرض . . . . لتتفجر كأجمل قنبلة . . كل مساء !
أنا كل غزة . .
كل المسلمين . .
كل الأحرار . .
أنا كل شيء . .
كل شيء . .
كل شيء .
كل شيء
ولكن الحقيقة الرهيبة أنني اللحظة . .
لاشيء . .
لاشيء . .
لاشيء . . !!!!
تشربت حلمي فظننته حقيقة . .
وهاهم يردونني إلى واقعي المرير !
فاليوم جمعة . . والأسرة تجتمع في هناء . .
أشعر بآلام رهيبة في ظهري . . ليس سببها الإنحناء على لوحة المفاتيح منذ ساعة . .
فأنا الآن أنحني لأدخل وطني !
سألتفت قبل الانحناء من جديد . .
سألتفت مادمت في لحظة شموخ ..لأحييكم . .
صباح الخير يا غزة . .
صباح الخير يا شيوخ غزة . .
صباح الخير يا نساء غزة . .
صباح الخير يا أطفال غزة . .
صباح الخير يا شباب غزة . .
صباح الخير . . صباح الخير . .
أعذروني لتحيتي القصيرة . .فهم ينادونني للفطور . .
وسنأكله على أنغام ( ألغام ) تغطية الجزيرة لغزة . . ونحن نتجرع غصصنا بالشاي !!!
أنا اللحظة لاشيء . . لاشيء . .وإن لوّحت لكم بلوعة ..وشهقة . .لأني أنحني الآن لأدخل جحري من جديد ..
وسأبقى (إلى أن يشاء الله ) مسلمةٌ عربيةٌ لا تكون شيئاً إلا في أحلامها !!
وسيتحقق الحلم . . .
* فاطمة العبدالله *
الرياض / الجمعة 19 /1 / 1430هـ
01-27-2009, 08:28 PM
أعــدكـــم .. ياذكــــور !!
