العودة   شبكة صدفة > المنتديات الاسلاميه > المنتدى الاسلامى

المنتدى الاسلامى إسلام، سنة، قرآن، دروس، خطب، محاضرات، فتاوى، أناشيد، كتب، فلاشات،قع لأهل السنة والجماعة الذين ينتهجون نهج السلف الصالح في فهم الإسلام وتطبيقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 12-14-2009, 11:18 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

Thumbs up علامات يوم القيامه




خـــروج الـدابـــــــــة، والــــــــدخـــــان
- العلامة الخامسة والسادسة إلى العاشرة من علامات الساعة الكبرى.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
خـــروج الـدابـــــــــة، والــــــــدخـــــان
جاء ذكر خروج الدابة والدخان في القرآن والسنة، فأما في القرآن فمن قوله تعالى: )وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرض تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآياتِنَا لا يُوقِنُونَ ([1]. وقوله تعالى: ) فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ([2].
وأما ذكرهما في السنة، فمن الحديث الذي ذكرناه فيما مضى أن رسول الله r قال: {لن تقوم الساعة حتى يكون قبلها عشر آيات طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وخروج يأجوج ومأجوج والدجال وعيسي بن مريم والدخان وثلاث خسوف خسف بالمغرب} [3].
وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام: {إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى فأيتهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا} [4].
وقوله عليه الصلاة والسلام: {بادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها والدخان ودابة الأرض والدجال وخويصة أحدكم وأمر العامة} [5].
وقد وردت في خروج الدابة جملة من الأحاديث الضعيفة لا تقام بها الحجَّة فعدلنا عنها، ويكفي أن نعلم أنَّ خروج الدابة هوتأكيد على أن باب التوبة أغلق، وختم على كل إنسان عمله، إن كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر، وتأتي الدابة لتبرهن ذلك عملياً، فهي تجلي وجه المؤمن وتخطم أنف الكافر، فيعرف المؤمن نفسه وكذلك الكافر، بل إنهم ليعلم بعضهم بعضا، حيث قال r: {تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم، ثم يعمرون فيكم، حتى يشتري الرجل الدابة، فيقال: ممن اشتريت؟ فيقول: من الرجل المخطم} [6].

وأخرج الإمام أحمد حديثاً قال فيه : {فتخطم أنف الكافر بالخاتم، وتجلو وجه المؤمن بالعصا، حتى إن أهل الخوان الواحد ليجتمعون فيقول هذا: يا مؤمن، ويقول هذا: يا كافر}[7].
والمتفق عليه أن هذه الدابة تخرج فتخطم أنف الكافر، بغض النظر ما الوسيلة التي بها تخطم أنفه، المهم أن تعلمه بعلامة، فلا تفارقه أبداً إلى أن يخرج من هذه الدنيا بموته، فمن خلالها يعرف الكافر نفسه، ويتعرف المؤمن على الكافر، والله أعلم.
قال ابن كثير: (هذه الدابة تخرج في آخر الزمان عند فساد الناس، وتركهم أوامر اللّه، وتبديلهم دين الحق، يخرج اللّه لهم دابة من الأرض. قيل: من مكة، وقيل من غيرها فتكلم الناس على ذلك، قال ابن عباس والحسن وقتادة: تكلمهم كلاماً أي تخاطبهم مخاطبة، وقال عطاء الخراساني: تكلمهم فتقول لهم: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون، ويروى هذا عن علي واختاره ابن جرير (انظر تفسير القرآن العظيم 6/210).

وقد ورد بعض الآثار أن الدابة تخرج من موضع بالبادية قريباً من مكة، ويروى عن ابن عباس أنها تخرج من بعض أودية تهامة، وعن ابن مسعود: (أنها تخرج من صدع بالصفا) انظر مختصر ابن كثيرللصابوني (2/903). والله تعالى أعلى وأعلم

وأما آية الدخان:
فقد جاء في تفسير ابن كثير الآتي: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين)، قال ابن جرير عن أبي مالك الأشعري t قال: قال رسول الله r: {إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان؛ يأخذ المؤمن كالزكمة، ويأخذ الكافر فينتفخ، حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة، والثالثة الدجال} [8].
وروى ابن أبي حاتم عن الحسن عن أبي سعيد الخدري t أن رسول الله r قال: {يهيج الدخان بالناس؛ فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة، وأما الكافر فينفخه، حتى يخرج من كل مسمع منه}[9].
وروى ابن أبي حاتم عن علي t قال: (لم تمض آية الدخان بعد، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، وتنفخ الكافر حتى ينفذ).
وروى ابن جرير عن عبدالله بن أبي مليكة قال غدوت على ابن عباس {ذات يوم فقال ما نمت الليلة حتى أصبحت قلت لم؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذوالذنب فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس { فذكره وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس - حبر الأمة وترجمان القرآن- وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوها مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن قال الله تبارك وتعالى )فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين( أي بين واضح يراه كل أحد.

فالدخان هو العلامة السادسة والأخيرة التي يراها المؤمنون، حيث إنه لا يضرهم شيئا وإنما يصيبهم من الدخان كما يصيب الرجل الزكام، وبهذه العلامة يكون المؤمنون قد شهدوا من العلامات الكبرى الآتي:
الدجال – المسيح # – خروج يأجوج ومأجوج – طلوع الشمس من مغربها – خروج الدابة – الدخان.

وبعدها يمن الله تعالى على عباده المؤمنين بأن تأتي ريح ليِّنة من قبل اليمن، فتقبض أرواح المؤمنين جميعاً حتى لا يروا الأهوال العظيمة لقيام الساعة، ولا تُخَلَّفُ إلا النفس الكافرة تمهيداً لصب العذاب عليهم صباً والحمد لله رب العالمين قال r: {تجيء ريح بين يدي الساعة فيقبض فيها روح كل مؤمن} [10].
وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: {إن الله تعالى يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته}[11]. فيموت المؤمنون بتلك الريح الطيبة التي أرسلت رحمة من رب العالمين، لعباده المؤمنين، فلا يبقى على وجه هذه المعمورة إلا شرار الخلق، لكع ابن لكع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فعليهم تقوم الساعة والعياذ بالله ولهذا جاء عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت رسول الله r يقول: {إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء ومن يتخذ القبور مساجد}[12]. وجاء عن أنس أن رسول الله r قال: {لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله}.
وفي رواية {لا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله} [13]، – أي لا إله إلا الله -.
وقال عليه الصلاة والسلام: {من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء} [14]. وقال r: {يذهب الصالحون، الأول فالأول ويبقى حفالة كحفالة الشعير والتمر لايباليهم الله بالة} [15].

* جاء في لسان العرب معنى الحفالة عدة معان منها: حُفَالةُ الطعام: ما يُخْرَج منه فـيُرْمى به. والـحُفَالة والـحُثالة: الرديءُ من كل شيء. والـحُفَالة أَيضاً: بَقِـيَّة الأَقماع والقُشور فـي التمر والـحَبِّ، وقـيل: الـحُفالة قُشارة التمر والشعير وما أَشبهها. وجاء معناها فـي هذا الـحديث: {وتبقـى حُفَالة كحُفَالة التمر أَي رُذالة من الناس كرَديء التمر ونُفايَتِه}، وهومِثْل الـحُثَالة، بالثاء، قال الأَصمعي: (هومن حُفَالتهم وحُثَالتهم أَي مـمن لا خير فـيه منهم)، قال: (وهوالرَّذْل من كل شيء) انتهى.
قال r: {.. ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لوأن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيقولون بم تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم} [16].
وفي رواية لمسلم أيضاً زيادة وهي: {ويبقى شرار الناس، يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة}، ومعنى يتهارجون تهارج الحمير - أي يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك، والهرج بإسكان الراء الجماع يقال: هرج زوجته أي جامعها.
قاله النووي في شرحه لهذا الحديث: (إذن بعد موت المؤمنين تعود ثانية عبادة الأصنام، تظهر على الأرض بإيعاز من إبليس اللعين.
وجاء عن عائشة قالت سمعت رسول الله r: {يقول لا يذهب الليل والنهار حتى يعبد اللات والعزى}، فقلت: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله: {هوالذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون} أن ذلك تاما، قال: {إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيبقى من لا خير فيه، فيرجعون إلى دين آبائهم}[17].

ويرتفع القرآن أيضاً بعد موت المؤمنين، فلا تبقى منه على وجه الأرض آية، حيث جاء عن الحبيب المصطفى r أنه قال: {يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب؛ حتى لا يدرى ما صيام ولا صلاة، ولا نسك ولا صدقة، ويسرى على كتاب الله في ليلة، فلا يبقى في الأرض منه آية، وتبقى طوائف من الناس؛ الشيخ الكبير والعجوز يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة، يقولون: لا إله إلا الله فنحن نقولها}[18].

وتهدم الكعبة من قبل عدومن أعداء الله - رجل من الحبشة يقال له:– (ذوالسويقتين)، وذلك لدقة ساقه، وإنه أفحج- فيهدمها حجراً حجرا، فعندها يرفع الله الحجر الأسود، فقد جاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله r: {استمتعوا بهذا البيت، فقد هدم مرتين، ويرفع في الثالثة}[19].
وقد جاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: {يخرب الكعبة ذوالسويقتين من الحبشة}[20].
وجاء عن ابن عباس عن النبي r قال{ كأني به أسود أفحج يقلعها حجرا حجرا}[21] .
وجاء أيضاً: {يبايع لرجل بين الركن والمقام، ولن يستحل البيت إلا أهله، فإذا استحلوه فلا تسأل عن هلكة العرب، ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابا لايعمر بعده أبدا، وهم الذين يستخرجون كنزه} [22].

ولكن قبل أن يرى هؤلاء الأشرار أهوال يوم القيام، فهناك أهوال ما دون ذلك لم يروْها بعد؛ وهذه الأهوال هي ما تبقَّى من علامات الساعة الكبرى العشر، وهذا هومحور حديثنا، والذي سنتحدث حوله إن شاء الله تعالى، فمن تلك الأهوال؛ (ثلاثة زلازل مدمرة):
الزلزال الأول يكون في منطقة المشرق، مناطق روسيا والصين وإيران إلى غير ذلك من البلدان، يغير الطبيعة الجغرافية للأرض ومن جرَّاء ذلك الزلزال تخرج النار من المشرق , وفي رواية من قعر عدن - هذا والله أعلم ولست جازماً بذلك - وهذه النار هي آخر أشراط الساعة بالنسبة للترتيب الزمني، وأول أشراط الساعة والتي تأذن بفناء العالم.

وكذلك زلزال مدمر يكون في المغرب، وهذا الزلزال والله أعلم يغير جغرافية الأرض في المغرب - مناطق أوروبا وأمريكا إلى غير ذلك.

وكذلك زلزال مدمر يكون في جزيرة العرب، فتكون المنطقة الحيوية هي بلاد الشام، وهذا تقدير العليم الحكيم، كي تكون بلاد الشام أرض المحشر والمنشر، إذن من أشراط الساعة كما قال r:
{... وخسوف بالمشرق وخسوف بالمغرب وخسوف بجزيرة العرب...)[23].

* انحسار الفرات عن كنز من ذهب.
جاء عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: {لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل الناس عليه؛ فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو}[24]. *
وفي رواية: {يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: والله لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، فيقتتلون عليه، حتى يقتل من كل مائة تسعة وتسعون} [25].

نأتي إلى آخر علامة من العلامات العشر التي أخبر عنها النبي r في هذا الحديث: {لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، والدابة، وثلاثة خسوف؛ خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن؛ تسوق الناس أوتحشر الناس، فتبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم}[26].

إذن آخر علامة من علامات الساعة الكبرى نار من عدن، وهي أول علامة من علامات القيامة الكبرى والتي بعد خروج النار تقوم الساعة والعياذ بالله حيث تقوم على أشر خلق الله على الإطلاق.

وإليك أخي المسلم ما جاء من الأحاديث الشريفة بهذا الخصوص.
جاء عن أنس أن رسول الله r قال: {أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب}[27] .
وجاء عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال: قال رسول الله r: {ستخرج عليكم في آخر الزمان نار من حضرموت تحشر الناس} قال: قلنا: بما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: {عليكم بالشام} [28].
وجاء في حديث آخر قال r: {وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم}. وفي رواية: {نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر}. وفي رواية في العاشرة: {وريح تلقي الناس في البحر}[29] .
قال الحافظ في الفتح (11/378):
وقد أشكل الجمع بين هذه الأخبار، وظهر لي في وجه الجمع أن كونها تخرج من قعر عدن؛ فإذا خرجت انتشرت في الأرض كلها، والمراد بقوله: (تحشر الناس من المشرق إلى المغرب) إرادة تعميم الحشر لا خصوص المشرق والمغرب، أوأنها بعد الإنتشار أول ما تحشر أهل المشرق، ويؤيد ذلك أن أول ابتداء الفتن دائماً من المشرق، وأما جعل الغاية إلى المغرب فلئن الشام بالنسبة إلى المشرق مغرب.

* ماذا تفعل هذه النار بعد خروجها؟
إنها تحشر الناس إلى محشرهم وهي بلاد الشام، جاء عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: {يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق؛ راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، ويحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا}[30].
وعند مسلم في حديث فيه ذكر الآيات الكائنة قبل قيام الساعة كطلوع الشمس من مغربها ففيه: {وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس}.
وفي رواية له: {تطرد الناس إلى حشرهم}. ومعنى (تقيل معهم حيث قالوا .. إلخ) فيه إشارة إلى ملازمة النار لهم، إلى أن يصلوا إلى مكان الحشر.
قال الخطابي: هذا الحشر يكون قبل قيام الساعة تحشر الناس أحياء إلى الشام.
وأما الحشر من القبور إلى الموقف؛ فهوعلى خلاف هذه الصورة من الركوب على الإبل، والتعاقب عليها، وإنما هوعلى ما ورد في حديث ابن عباس في الباب: {حفاة عراة مشاة} قال: وقوله: {واثنان على بعير، وثلاثة على بعير .. إلخ} يريد أنهم يعتقبون على البعير الواحد يركب بعض ويمشي بعض.
وجاء في حديث معاوية بن حيدة جد بهز بن حكيم رفعه: {إنكم محشورون} ونحا بيده نحوالشام {رجالا وركبانا، وتجرون على وجوهكم}[31].
وحديث: {ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها، تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير}[32].

وفي تفسير القرطبي والبغوي عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: من شك أن المحشر ههنا يعني الشام؛ فليقرأ أول سورة الحشر، قال لهم رسول الله r: {يومئذ اخرجوا} قالوا: إلى أين؟ قال: {إلى أرض المحشر}.
وحديث: {ستخرج نار من حضرموت تحشر الناس} قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: {عليكم بالشام}، فمن اغتنم الفرصة؛ سار على فسحة من الظَّهر، ويسرة في الزاد، راغبا فيما يستقبله، راهبا فيما يستدبره، وهؤلاء هم الصنف الأول في الحديث.
ومن توانى حتى قل الظَّهر، وضاق عن أن يسعهم لركوبهم، اشتركوا وركبوا عقبة، فيحصل اشتراك الاثنين في البعير الواحد، وكذا الثلاثة، ويمكنهم كل من الأمرين،
وأما الأربعة في الواحد؛ فالظاهر من حالهم التعاقب، وقد يمكنهم إذا كانوا خفافا أوأطفالا، وأما العشرة؛ فبالتعاقب.
وسكت عما فوقها إشارة إلى أنها المنتهى في ذلك، وعما بينها وبين الأربعة إيجازا واختصارا، وهؤلاء هم الصنف الثاني في الحديث.
وأما الصنف الثالث فعبر عنه بقوله: {تحشر بقيتهم النار} إشارة إلى أنهم عجزوا عن تحصيل ما يركبونه، ولم يقع في الحديث بيان حالهم، بل يحتمل أنهم يمشون أويسحبون، فرارا من النار التي تحشرهم.

وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة t أنه قال: قال r: {تتركون المدينة على خير ما كانت؛ لا يغشاها إلا العوافي، وآخر من يحشر راعيان من مزينة، يريدان المدينة ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحوشا، حتى إذا بلغا ثنية الوداع؛ خرا على وجوههما} . *
قوله: {تتركون المدينة على خير ما كانت} أي على أحسن حال كانت عليه من قبل, {لا يغشاها إلا العوافي} من العفاء، وهوالموضع الخالي الذي لا أنيس به، فإن الطير والوحش تقصده، لأمنها على نفسها فيه. وقال النووي: المختار أن هذا الترك يكون في آخر الزمان عند قيام الساعة, ويؤيده قصة الراعيين فقد وقع عند مسلم بلفظ: {ثم يحشر راعيان} وفي البخاري: {أنهما آخر من يحشر}. ويؤيده ما روى مالك عن أبي هريرة رفعه: {لتتركن المدينة على أحسن ما كانت، حتى يدخل الذئب فيعوى على بعض سواري المسجد أوعلى المنبر}، قالوا: فلمن تكون ثمارها؟ قال: {لعوافي الطير والسباع}[33]. ويشهد له أيضا ما روى أحمد والحاكم وغيرهما من حديث محجن بن الأدرع الأسلمي قال: (بعثني النبي r لحاجة, ثم لقيني وأنا خارج من بعض طرق المدينة، فأخذ بيدي حتى أتينا أحدا, ثم أقبل على المدينة فقال: {ويل أمها قرية! يوم يدعها أهلها كأينع ما يكون}. قلت: يا رسول الله! من يأكل ثمارها؟ قال: {عافية الطير والسباع}2.
وروى عمر بن شبة بإسناد صحيح عن عوف بن مالك قال (دخل رسول الله r المسجد ثم نظر إلينا فقال: {أما والله ليدعنها أهلها مذللة أربعين عاما للعوافي, أتدرون ما العوافي؟ الطير والسباع} .
قوله: {وآخر من يحشر راعيان من مزينة ينعقان}، النعيق زجر الغنم, يطلب الكلأ, يزجرها عن المرعى الوبيل إلى المرعى الوسيم.
قوله: {فيجدانها وحوشا} أي خالية ليس بها أحد, والوحش من الأرض الخلاء, أوكثرة الوحش لما خلت من سكانها.
قال الحافظ في الفتح (6/104): الصحيح أن معناه يجدانها ذات وحوش, ويؤيده أن في بقية الحديث أنهما يخران على وجوههما، إذا وصلا إلى ثنية الوداع, وذلك قبل دخولهما المدينة بلا شك , فيدل على أنهما وجدا التوحش المذكور قبل دخول المدينة، فيقوى أن الضمير يعود على غنمهما، وكأن ذلك من علامات قيام الساعة.
وقد روى ابن حبان من طريق عروة عن أبي هريرة رفعه: {آخر قرية في الإسلام خرابا المدينة} المصدر السابق, وهويناسب كون آخر من يحشر يكون منها.
وعند ذلك تقوم الساعة، روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي r قال: {تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرَّجُلُ يَحْلُبُ اللِّقْحَةَ، فَمَا يَصِلُ الإِنَاءُ إِلَى فِيهِ حَتَّى تَقُومَ، وَالرَّجُلأنِ يَتَبَايَعَانِ الثَّوْبَ، فَمَا يَتَبَايَعَانِهِ حَتَّى تَقُومَ، وَالرَّجُلُ يَلِيطُ فِي حَوْضِهِ، فَمَا يَصْدُرُ حَتَّى تَقُومَ}.
وفي رواية: {ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه}.
ذكر ابن حجر في فتح الباري قوله: (ووقع في حديث عقبة بن عامر عند الحاكم لهذه القصة وما بعدها مقدمة، قال: قال رسول الله r: {تطلع عليكم قبل الساعة سحابة سوداء من قبل المغرب، مثل الترس، فما تزال ترتفع حتى تملأ السماء، ثم ينادي مناد :ٍ أيها الناس ثلاثا، يقول في الثالثة: أتى أمر الله} قال: {والذي نفسي بيده! ان الرجلين لينشران الثوب بينهما فما يطويانه}[34].
قوله: {ولتقومن الساعة وهو} أي الرجل قوله: {يليط حوضه} والمعنى يصلحه بالطين والمدر، فيسد شقوقه ليملأه ويسقي منه دوابه، يقال: لاط الحوض يليطه؛ إذ أصلحه بالمدر ونحوه. {ثم ينفخ في الصور فيكون أول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق} ففي هذا بيان السبب في كونه لا يسقي من حوضه شيئا.
ووقع عند مسلم. {والرجل يليط في حوضه فما يصدر} أي يفرغ أوينفصل عنه حتى تقوم. قوله: {فلا يسقي فيه} أي تقوم القيامة من قبل أن يستقي منه. قوله: {ولتقومن الساعة وقد رفع أُكلته} بالضم أي لقمته {إلى فيه فلا يطعمها} أي تقوم الساعة من قبل أن يضع لقمته في فيه، أومن قبل أن يمضغها، أومن قبل أن يبتلعها، وقد أخرجه البيهقي في البعث من طريق محمد بن زياد عن أبي هريرة رفعه: {تقوم الساعة على رجل أكلته في فيه يلوكها، فلا يسيغها ولا يلفظها}.

وللساعة أهوال، وأمور عظام، قد فاض ذكرها في كتاب الله تعالى، واصفاً إياها، وصفا لها، ومخوفاً وتخويفا بها، لعل العباد يتقون.

وفي الخاتمة: نسأل الله لنا ولكم ولسائر المسلمين حسن الختام، وأن يعيذنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يصرف عن المسلمين وديارهم وأوطانهم كل مكروه وسوء، وأن يوحد كلمتهم، ويجمعهم على الحق، ويهديهم إلى صراط مستقيم .

آميــــــــــــــــــــــ ـــــــن

تمَّ بعون الله تعالى






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009, 11:20 AM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات يوم القيامه

فتنة الدجال
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
ومن علامات الساعة فتنة الدجال، ولكن هذه العلامة لها شأن آخر غير سابقاتها من العلامات، حيث إن كل ما سبق الحديث عنه من أشراط الساعة كان يندرج تحت علامات الساعة الصغرى، ولكن هنا سنتكلم بمشيئة الله تعالى عن أول علامة من علامات الساعة الكبرى، وهي ظهور الدجال - عليه لعنة الله - ولعله تجدر الإشارة هنا إلى الاختلاف بين علامات الساعة الكبرى والصغرى منها:
أن علامات الساعة الكبرى متتابعة - يتبع بعضُها بعضاً الواحدة تلوالآخرى كما أخبر بذلك رسول الله × قائلا: {الآيات خرزات منظومات في سلك فانقطع السلك فيتبع بعضها بعضا}[1].
ومعنى الحديث أن النبي r شبه أشراط الساعة كسلسلة فيها خرزات أوكالمسبحة إذا انقطعت السلسلة تتابع الحبات بالسقوط، وهذه إشارة منه r على سرعة تتابع علامات الساعة الكبرى بل قد تجتمع أكثر من علامة في آن واحد مثل خروج المسيح الدجال عليه لعنة الله، ونزول عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ويعاصر عيسى # أيضاً خروج ويأجوج ومأجوج لعنهم الله لعناً كبيرا.

كما أن علامات الساعة الصغرى تختلف عن الكبرى في كونها كثيرة ومتباعدة وقد اختلف بعض اهل العلم على بعضها من حيث التصحيح والتضعيف وكذلك التأويل، أما علامات الساعة الكبرى فهي محصورة منظومة لا يكاد يختلف عليها اثنان من أهل العلم بل لم يختلفوا عليها، لأنها جاءت محصورة في هذا الحديث الذي رواه مسلم عن حذيفة بن أسيد الغفاري، قال: اطلع النبي r علينا ونحن نتذاكر فقال: {ما تذكرون}؟. قالوا: نذكر الساعة. قال: {إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم} . وفي رواية: {نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر} وفي رواية في العاشرة {وريح تلقي الناس في البحر} .
وفي هذا الحديث ذكر رسول الله r العلامات دون ترتيب، ولكن جاء من طرق أخرى من أحاديث الصحابة ومن أقوال أهل العلم ما بين ذلك الترتيب وكذلك جاءت أحاديث نبوية تبين ضمنياً ترتيب تلك العلامات والتي سيكون أولها (خروج المسيح الدجال)، وهوما سنبدأ الحديث عنه إن شاء الله تعالى.

ومما يميز هذه العلامات– أي علامات الساعة الكبرى عن أخواتها الصغرى - أنَّ في أشراط الساعة الصغرى لا يحدث أي تغير يذكر في هذا الكون من الأمور المعلومة بين الناس مما كان عليه الكون منذ أن أوجده الله تعالى، أما في علامات الساعة الكبرى سيحدث هناك تغيير لبعض الأمور التي هي مألوفة عند الناس، مثل: تغيير في شروق للشمس وغروبها، ومن تَكَلُّم الدواب والمواشي والسباع للإنس، ومن تسيير الجبال ووقوفها وكذلك النار تقيل مع الناس حيث قالوا وتسير معهم حيث ساروا، إلى غير ذلك مما سنذكره إن شاء الله تعالى في هذه العلامات. وإليكم التفاصيل:

المسيح الدجال: لماذا سميَّ بالمسيح وما أصل اشتقاق كلمة الدجال؟
كلمة (المسيح) تطلق على الدجال وتطلق على عيسى بن مريم #، فإذا أريد بها الدجال، قيل (المسيح الدجال) أو- مسيح الضلالة -، كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، وإذا أريد بها عيسى بن مريم #، قيل (المسيح ابن مريم)، أو- مسيح الهدى -، وبعض الناس يتنطعون في هذا ويكلِّفون أنفسهم بما لا علم لها به حيث أرادوا أن يفرِّقوا بين المسيح الدجال والمسيح عيسى بن مريم فقالوا بدل كلمة (المسيح)، - المسيخ-: غير الحاء إلى خاء وهذا من بدع القول ومن المحدثات التي لم يأت بها نص شرعي من حديث للنبي r ولا من الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون فيجب التوقف على ما سمَّاه به الحبيب المصطفى r (المسيح الدجال) أو- مسيح الضلالة - وجاء في فتح الباري قال الحافظ ابن حجر(20/136): وبالغ القاضي بن العربي فقال: ضل قوم فرووه المسيخ بالخاء المعجمة وشدد بعضهم السين ليفرقوا بينه وبين المسيح عيسى بن مريم بزعمهم، وقد فرق النبي r بينهما بقوله في الدجال مسيح الضلالة فدل على أن عيسى مسيح الهدى فأراد هؤلاء تعظيم عيسى فحرفوا الحديث.
ومعنى المسيح المنسوبة للدجال إما أن يكون سمي بها لأنه ممسوح العين اليمنى طافئة لا شعاع لها، ممسوح الحاجب الأيمن، أولأنه يسيح في الأرض كلها.
وكلمة (الدجال): أصلها التغطية كما أورد صاحب كتاب لسان العرب، ومعنى الدجال أي الكذَّاب، والكذَّاب هوالذي يغطي حقيقة الشيء بالكذب ويموِّهه، يموه الحق بالباطل.

وقد جاءت أحاديث كثيرة عن النبي r التي تخبر عن الدجال وخروجه ووصفه إلى غير ذلك ما بلغ منها درجة التواتر، فقد نقل أحاديثه أكثر من ثلاثين صحابيا رضوان الله عليهم أجمعين، والمسيح الدجال حي الآن يرزق بل كان حياً في عصر النبوة، نبوة محمد r، ولكنه محبوس إلى أجل مسمى، إلى أجل موقوت وقته الله تعالى لخروجه، الله أعلم به.

وهناك علامة عامة ومعنوية لموعد خروجه أوقرب خروجه وهي: قوله عليه الصلاة والسلام: {لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره، وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر}. رواه عبد الله بن أحمد وصححه ابن معين وذكر الألباني في كتاب قصة المسيح الدجال.
وقال رحمه الله تعالى: ولقد صدق هذا الخبر على أئمة المساجد، فتركوا ذكر الدجال على المنابر وهم خاصَّة الناس؛ فماذا يكون عامتهم؟! وإذا كان الله تبارك وتعالى قد جعل بحكمته لكل شيء سبباً؛ فلست أشك أن سبب هذا الإهمال لذكره – مع اهتمام الرسول r أشد الاهتمام في التحذير من فتته، كما ستراه فيما يأتي في أول قصته – إنما هوتشكيك بعض الخَّاصة في الأحاديث الواردة فيه، تارة في ثبوتها وعدم ورودها بطريق التواتر – زعموا – وتارة في دلالتها كما تقدم بيانه، فكان من الواجب أن يقوم أهل العلم بواجبهم، فيبينوا للأمة ما حدثهم به رسول الله r من فتنة الدجال وقتل عيسى # إياه؛ بنفس الطريق التي تتلقي الأمة به عن النبي r كل ما يتعلق بدينها – من عقائد وعبادات ومعاملات وأخلاق وغيرها، ألا وهوالحديث النبوي.

وهناك علامتان فعليتان بيَّنها لنا الحبيب المصطفىr أول تلك العلامتين أن وقت خروجه بعد فتح المؤمنين لقسطنطينة كما بينا آنفاً وهذه العلامة الأكثر تأكيداً ، حيث جاء عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول اللهr : {عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح قسطنطينية خروج الدجال}[2].

والعلامة الثانية: تبدأ قبل خروج الدجال بثلاث سنوات وهي مجيء سنوات الجدب والقحط والجوع والبلاء والغلاء كما بينه الحبيب المصطفىr في هذا الحديث الذي قال فيه: {… وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد يصيب الناس فيها جوع شديد يأمر الله السماء السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ويأمر الأرض أن تحبس ثلث نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثانية فتحبس ثلثي مطرها ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ثم يأمر السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله فلا تقطر قطرة ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء فلا يبقى ذات ظلف التهليل والتكبير والتحميد ويجزئ ذلك عليهم مجزأة الطعام} [3].
فعلامة خروج الدجال إذاً الفساد العام في الأرض والاضطرابات، والفتن والحروب والمجاعات، وجفاف الأنهار والبحيرات، وتزايد المشاكل والأزمات العالمية، هذا هوالمناخ المناسب لظهور هذا الكائن الشيطاني الذي تكون عامة فتنته في المأكل والمشرب، نسأل الله العافية.

الدجال إذن هومحبوس الآن ومكان حبسه دَيْر بجزيرة، أين هذا الدير؟ ومن الذي حبسه؟ استمع لهذا الحديث الذي أورده مسلم في صحيحه عن فاطمة بنت قيس حيث قالت: سمعت منادي رسول الله r : ينادي الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله فكنت في صف النساء التي تلي ظهور القوم فلما قضى رسول اللهr جلس على المنبر وهويضحك؛ فقال: {ليلزم كل إنسان مصلاه} . ثم قال: {هل تدرون لم جمعتكم}؟. قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: {إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا، فجاء فبايع وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم به عن المسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر، فأرفؤوا إلى جزيرة حين تغرب الشمس، فجلسوا في أقرب سفينة، فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر، قالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة قالوا: وما الجساسة؟ قالت: أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير، فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة قال: فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان ما رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يده إلى عنقه، ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحرية، فلعب بنا البحر شهرا، فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا دابة أهلب، فقالت: أنا الجساسة، اعمدوا إلى هذا في الدير، فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة فقال: أخبروني عن نخل بيسان – وهي منطقة في فلسطين يكثر فيها زراعة النخيل – قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل تثمر؟ قلنا: نعم. قال: أما أنها توشك أن لا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية – وهذه البحيرة في فلسطين وقريبة من الأراضي السورية - قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قلنا هي كثيرة الماء. قال: أما أن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر – وهذه العين في فلسطين أيضاً قريبة من الحدود السورية -. قالوا: وعن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم، هي كثيرة الماء، وأهله يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قلنا: قد خرج من مكة ونزل يثرب - أي المدينة المنورة -. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب، وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أما أن ذلك خير لهم أن يطيعوه وإني مخبركم عني: إني أنا المسيح الدجال، وإني يوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج، فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة، هما محرمتان علي كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة أوواحدا منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها}. قال رسول الله r - وطعن بمخصرته في المنبر -: {هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة} يعني -المدينة - {ألا هل كنت حدثتكم}؟ فقال الناس: نعم! فإنه أعجبني حديث تميم{ أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة. ألا إنه في بحر الشأم أوبحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ماهو، من قبل المشرق ماهو، من قبل المشرق ماهو}(وأومأ بيده إلى المشرق) رواه مسلم.
وفي رواية أخرى في سنن الترمذي وهي صحيحة، عن فاطمة بنت قيس أن نبي اللهr صعد المنبر فضحك فقال: {إن تميما الداري حدثني بحديث ففرحت فأحببت أن أحدثكم، حدثني أن ناسا من أهل فلسطين ركبوا سفينة في البحر فجالت بهم حتى قذفتهم في جزيرة من جزائر البحر فإذا هم بدابة لباسة ناشرة شعرها فقالوا ما أنت قالت أنا الجساسة قالوا فأخبرينا قالت لا أخبركم ولا أستخبركم ولكن ائتوا أقصى القرية فإن ثم من يخبركم ويستخبركم فأتينا أقصى القرية فإذا رجل موثق بسلسلة فقال أخبروني عن عين زغر قلنا ملأى تدفق قال أخبروني عن البحيرة قلنا ملأى تدفق قال أخبروني عن نخل بيسان الذي بين الأردن وفلسطين هل أطعم قلنا نعم قال أخبروني عن النبي هل بعث قلنا نعم قال أخبروني كيف الناس إليه قلنا سراع قال فنزى نزوة حتى كاد قلنا فما أنت قال أنا الدجال وإنه يدخل الأمصار كلها إلا طيبة وطيبة المدينة}.

إخوتي في الله! نعلق على بعض النقط في هذا الحديث بإيجاز حيث إن فقرات هذا الحديث مفهومة على الأغلب عند الجميع.

أولاً: هل الدجال الذي رآه تميم الداري هوابن صياد اليهودي؟ وابن صياد هذا غلام يهودي كان يسكن المدينة المنورة في عهد رسول الله r ، وكان فيه صفات المسيح الدجال وكان كاهناً ودجالاً من الدجاجلة واشتبه أمره على الصحابة بل وعلى النبيr حيث لم يوح إليه فيه شيء. قال النووي: (قال العلماء: قصة ابن صياد مشكلة وأمره مشتبه ولكن لا شك أنه دجال من الدجاجلة، والظاهر أن النبي لم يوح إليه من أمره بشيء، وذلك استناداً لما رواه مسلم عن ابن عمر أن النبي مر بابن صائد في نفر من أصحابه، فيهم عمر بن الخطاب، وهويلعب مع الغلمان عند أطم بني مغالة - الأطم بناء من الحجارة مرفوع كالقصر - وهوغلام، فلم يشعر حتى ضرب رسول الله r ظهره بيده ثم قال: {أتشهد أني رسول الله}؟ قال: فنظر إليه ابن صياد، فقال: أشهد أنك رسول الأميين، ثم قال ابن صياد للنبيr : أتشهد أني رسول الله؟ فقال له النبي: {آمنت بالله ورسله} ثم قال له النبيr : {ما يأتيك}؟ قال: يأتيني صادق وكاذب، - أي من أمور الشياطين والسحر - فقال له النبيr : {خلط عليك الأمر} ثم قال رسول الله: {إني قد خبأت لك خبيئة}وخبأ له {يوم تأتي السماء بدخان مبين} قال ابن صياد: هوالدخ، فقال رسول الله r : {اخسأ فلن تعدوقدرك} حيث كان ابن صياد هذا يتعامل مع الشياطين شأنه شأن الكهنة، يأخذ خبر السماء منهم، وقد جاء في صحيح البخاري وغيره عن عائشة < أن النبيr قال: {إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم}.
وروى البخاري عن أبي هريرة >، أن النبي: {إذا قضى الله تعالى الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا للذي قال الحق وهوالعلي الكبير فيسمعها مسترقوالسمع ومسترقوالسمع هكذا واحد فوق آخر فربما أدرك الشهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه وربما لم يدركه حتى يرمي بها إلى الذي يليه إلى الذي هوأسفل منه حتى يلقوها إلى الأرض فتلقى على فم الساحر فيكذب معها مئة كذبة فيصدق فيقولون: ألم تخبرنا يوم كذا وكذا يكون كذا وكذا فوجدناه حقا للكلمة التي سمعت من السماء} .

ومما يدل أيضاً على أن ابن صياد كان يتعامل مع الشياطين وأنه دجال من الدجاجلة، لما جاء في هذا الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري أنه قال: خرجنا حجاجاً أوعماراً ومعنا ابن صياد قال: فنزلنا منزلاً فتفرق الناس وبقيت أنا وهو، فاستوحشت منه وحشة شديدة مما يقال عليه، قال: وجاء بمتاعه فوضعه مع متاعي. فقلت: إن الحر شديد؛ فلووضعته تحت تلك الشجرة. قال: ففعل … إلى أن قال ابن صائد لأبي سعيد: أبا سعيد لقد هممت أن آخذ حبلاً فأعلقه في شجرة ثم أختنق مما يقول لي الناس، يا أبا سعيد! من خفيَ عليه حديث رسول الله r ما خفيَ عليكم معشر الأنصار، ألست من أعلم الناس بحديث رسول الله r ؟ أليس قد قال رسول اللهr : هوكافر – أي الدجال – وأنا مسلم؟ أوليس قد قال رسول اللهr : هوعقيم لا يولد له، وقد تركت ولدي في المدينة؟ أوليس قد قال رسول اللهr : لا يدخل مكة ولا المدينة وقد أقبلت من المدينة وأنا أريد مكة؟ قال أبوسعيد الخدري: حتى كدت أن أعذره، ثم قال: - وهنا الشاهد من أنه يتعامل مع الشياطين بأخذ الأخبار منهم – أما والله إني لأعرفه وأعرف مولده وأين هوالآن. قال: قلت تباً لك سائر اليوم}، وفي رواية {أما والله إني لأعلم الآن حيث هو، وأعرف أباه وأمه. وقيل له: أيسرك أنك ذاك الرجل؟ فقال: لوعرض علي ما كرهت} رواه مسلم.
فقال عمر: يا رسول الله، ائذن لي فأضرب عنقه، فقال رسول الله r : {إن يكن هوفلن تسلط عليه} يعني الدجال {وإلا يكن هوفلا خير في قتله}.

فهذا يعني – إن يكن هوفلن تسلط عليه لأن الذي سيقتل الدجال هوفقط المسيح ابن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وإن لم يكن هوفلا جدوى من قتله لأن الذي نتحدث عنه وعن فتنته هوالدجال ولم يكن هوالذي نريد – يعني ذلك أن الله تعالى لم يوح لنبيه من أمر ابن صياد بشيء، ولذلك نحن نتوقف في هذه المسألة ونكل علم ذلك إلى الله تعالى، ونقول إنه من العلم الذي لا يضر الجهل به، فهولا ينبني عليه عمل، ولكن للمعلومة الصحيحة أن الدجال هومحبوس الآن في الدير وكان كذلك في عهدهr استناداً لهذا الحديث والذي نحن بصدده.

ثانياً: من الذي حبسه؟ هذا مما ليس لنا به علم حيث لم يصح أثر عن النبيr ولا عن السلف الصالح تقام به الحجة، المهم في هذه المسألة أنه قد حبس في دير، بوثاق من حديد قد أُحكِم، وشُدت الأغلال عليه إلى أن يأتي اليوم الموعود لخروجه.

ثالثاً: أين مكان الدير المحبوس فيه؟ هومن قبل المشرق جزماً، لقوله r {ويأتي المسيح – أي المسيح الدجال – من قبل المشرق …} [4].
ويتوجه إلى إقليم (خراسان) تحديداً، بعد خروجه من حبسه الذي كان فيه مقيد بالأغلال – حيث وكما علمنا من حديث تميم الداري أنه رآه محبوس في جزية من الجزر، وتلك الجزيرة قد تكون أقرب بلد يابسي لها هي إقليم خراسان والله أعلم.
حيث قال عليه الصلاة والسلام: {إن الدجال يخرج من أرض بالمشرق، يقال لها خراسان} [5]، - ما تعني كلمة خراسان وأين موقعها؟: خراسان هي كلمة فارسية، معناها بلاد الشمس المشرقة - أي الشرق - وهي بلاد واسعة تشكل الشمال الشرقي في إيران وتمتد بين جرجان وطبرستان من جهة، وبين ما وراء النهر من جهة أخرى. وكان يتبعها من الناحية السياسية بلاد ما وراء النهر وسجستان – أفغانستان الحالية – وفي أيام العرب كان هذا الإقليم ينقسم إلى أربعة أرباع، نسب كل ربع إلى إحدى المدن الكبرى وهي: نيسابور، ومرو، وهراة، وبلخ. وفي العهد الطاهري نقل الأمراء الطاهريون دار الإمارة إلى ناحية الغرب فجعلوا مدينة نيسابور عاصمة الإقليم والذي يعرف الآن بإسم خراسان، وهويضم أكثر من نصف خراسان القديمة أما بقية الإقليم فتابع لأفغانستان، وهي البلاد التي تمتد شرقاً من الخط الذي يبدأ من سرخس في الشمال ويتجه صوب الجنوب مباشرة ماراً بمنتصف المسافة بين مشهد وهراة. أما المنطقة الممتدة من مروحتى نهر جيحون فتدخل في الأراضي الروسية). قاصداً قرية يهودية تدعى - أصبهان–
وعرَّف الدكتور يحيى سامي في كتابه (موسوعة المدن العربية والإسلامية) أصبهان بقوله: (إنها من كبيرات مدن إيران - حوالي مليون نسمة - وهي بوابة التاريخ كما تسمى وتقع في وسط هضبة إيران، وتبعد عن العاصمة طهران حوالي- 700 كلم- باتجاه الجنوب، ويمر بها نهر زندروذ، كلمة أصبهان مركبة من شطرين: الأول أصب: وهي تعني البلد،
والثاني: هان وتعني الفارس، فمعناها: بلد الفرسان .
وتنقسم أصبهان إلى مدينتين وبين كل مدينة مقدار ميلين، المدينة الأولى وهي أكبرها تعرف باليهودية)
وهي التي نتكلم عنها. والثانية تُعرف بــ شهرستان وهما أخصب مدن الجبال وخراسان. قال عليه الصلاة والسلام: {يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا، عليهم الطيالسة} [6].

أما بالنسبة لقصة الجساسة والتي أتى ذكرها في الحديث، فإنها دابة كثيرة الشعر، ومن كثرة الشعر التي عليها لا يعرف مقدمتها من مؤخرتها، ومهمتها مراقبة الدجال لحكمة لا يعلمها إلا الله تعالى.

ونأخذ من هذا الحديث أن الدجال حي وموجود الآن، بل ومنذ عهد رسول الله r ، كما بيَّنا ذلك، وأنَّه موثق وثاقاً شديدا بالحديد. ومهما تقدم العلم وتطورت التقنية فإنَّ أحداً لن يستطع الوصول إليه فضلاً من أن يطلق سراحه، - وكذلك الحال بالنسبة ليأجوج ومأجوج وسيأتي الحديث عنهما لاحقا إن شاء الله تعالى - لأن له وقتاً مقدراً من قبل علاَّم الغيوب قد كتبه سبحانه فلا يتقدم عنه ساعة ولا يتأخر . وأن خروج الدجال سيسبقه علامات يعرفها هو، منها جفاف بحيرة طبريا ونخل بيسان وغيرها كما جاء في هذا الحديث، وكذلك في حديث- الثلاث سنين شداد والتي تسبق خروج الدجال لعنه الله.
وكما نستفيد من هذا الحديث أن المكان الآمن من الدجال مكة والمدينة فهما محرمتان عليه أن يدخلهما وكذلك بيت المقدس وجبل الطور في فلسطين كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وكذلك نستفيد من هذا الحديث أن رؤية الدجال من قبل تميم الداري وهوفلسطيني من فلسطين هووأصحابه كان ذلك سبباً في إسلامه.

نأتي إلى فقرة أخرى من هذه الحلقة، وهي وصف المسيح الدجال كما جاء ذلك من أحاديث الحبيب المصطفىr ، نذكر منها الآتي:
الدجال رجل من بني آدم يهودي ممسوخ الخلقة شيطاني النشأة والنزعة، شيطاني الشكل والصورة، تحيط به الشياطين، حيث جاء من حديث جابر أن النبيr قال: {…ويبعث الله معه الشياطين تكلم الناس …} [7]. ذكره الألباني واستشهد به رحمه الله في قصة المسيح الدجال.

وأما عن شكله وصورته فقد بيَّنها لنا رسول الله r بياناً شافياً كافياً، لا يدع معه شكاً ولا تردداً في التعرف عليه، ففيه علامات تظهر من بعيد، وعلامات تظهر عن قريب.

فإذا نظرت إليه قادماً من بعيد رأيت رجلاً قصيراً ضخم الجثة جداً، آدم – أسمر- أحمر - أدمته صافية قد احمرت وجنته عظيم الرأس كأن رأسه أصلة – أي الأفعى - وقيل هي الحية العظيمة الضخمة القصيرة – جعد الشعر قطط - شديد الجعودة - كأنه مضروب بالماء والرمل، جفال، جفال - حبك، حبك - كثير ملتف – كأن شعره أغصان شجرة، أفحج) تدانت صدور قدميه وتباعدت عقباها.

فإذا اقتربت منه رأيت شبهاً شيطانياً فشق وجهه الأيسر ممسوح العين والحاجب، وعينه اليمنى متقدة خضراء كأنَّها كوكب دري، كأنها زجاجة خضراء ، ليست بناتئة ولا حجراء، جاحظة متدلية على وجنته كأنها عنبة طافية.

فهوإذن أعور العينين، اليسرى طائفة لا شعاع فيها واليمنى ناتئة طافية جاحظة متدلية على وجنته.
وكان هذا القدر من وصفه الدقيق كافياً، ولكن الله سبحانه وتعالى جلت قدرته شاء أن يستبين لنا أمره فلا يخفى طرفة عين فوصف رسول الله r أبلغ وصف وبينه شافياً فقال r : {مكتوب بين عينيه (كفر) تهجَّاها رسول الله r : (ك، ف، ر) يقرؤها كل مؤمن قارئ وغير قارئ ، ولا أظنه يخفى بعد ذلك على أحد.
وإليك أخي في الله الأحاديث الصحيحة والتي من خلالها استندنا إلى ما وصفنا به المسيح الدجال، لعنه الله لعناً كبيرا.
فعن عبد الله بن عمر، أن رسول الله r قال: {… ثم إذا أنا برجل جعد قطط، أعور العين اليمنى، كأن عينة عنبة طافية، … فسألت من هذا؟ فقالوا: هذا المسيح الدجال} [8]، متفق عليه. وفي رواية: قال في الدجال: {رجل أحمر جسيم، جعد الرأس، أعور عين اليمنى، أقرب الناس به شبها ابن قطن}.
وجاء في كتاب السنة المجلد الأول عن عبادة أن رسول اللهr قال: {إني قد حذرتكم الدجال حتى قد خشيت أن لا تعقلوا إن المسيح الدجال رجل قصير أفحج أدعج ممسوح العين ليس بناتئة ولا حجرا فإن ألبس عليكم فأعلموا أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور وإنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا}[9].
وجاء أيضاً من قوله عليه الصلاة والسلام: {إن من بعدكم الكذاب المضل، وإن رأسه من بعده حبك حبك'' ثلاث مرات} 3.
وجاء أيضاً في كتاب قصة الدجال تأليف المحدث العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى، من قوله عليه الصلاة والسلام: {فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي}،وفي حديث عبادة: {إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت ألا تعقلوا، ...إنه أعور، - ممسوح - العين اليسرى -، - عليها ظفرة غليظة -، - خضراء كأنها كوكب دري -، -عينه اليمنى كأنها عنبة طافية -، - ليست بناتئة، ولا حجراء-، - جفال الشعر - …} .

وجاء أيضاً في كتاب قصة الدجال: {ما بعث الله من نبي إلا قد أنذره أمته، لقد أنذره نوح r أمته، والنبيون عليهم الصلاة والسلام من بعده، ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور، ألا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور} [10]. وزاد في رواية: {وأنه بين عينيه مكتوب: كافر؛ يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب}[11]. وجاء أيضاً: عن أنس، قال: قال رسول الله r : {ما من نبي إلا أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور، وإن ربكم ليس بأعور، مكتوب بين عينيه: ك ف ر} [12]. وجاء أيضاً في سلسة الأحاديث الصحيحة المجلد الثالث عن النبي r قوله: {الدجال أعور، هجان أزهر - وفي رواية: أقمر، كأن رأسه أصلة، …}. وجاء أيضاً في كتاب قصة المسيح الدجال عن النبي r قوله: {ما خفي عليكم من شأنه؛ فلا يخفين عليكم - إن ربكم ليس بأعور-، ألا ما خفي عليكم من شأنه، - فلا يخفين عليكم أن ربكم ليس بأعور-، - ثلاثا -، - وأشار بيده إلى عينيه -، - وأنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا -، - إنه يمشي في الأرض، وإن الأرض والسماء لله - إنه شاب قطط، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن -، - قصير، أفحج، دعج -، - هجان -، - وإنه آدم، جعد -، - جفال الشعر}. وجاء أيضاً في صحيح ابن ماجه عن حذيفة قال: قال رسول الله r : {الدجال أعور عين اليسرى جفال الشعر …}.

انظر أخي في الله وفقني الله وإياك إلى مايحب ويرضاه إلى هذه الأحاديث الصحيحة التي نطق بها من لا ينطق عن الهوى عن وصف الدجال والتي وصفه بها مما جعل القارئ لهذه الأحاديث كأنه يراه رأي العين، هذا وإن دل على شيء يدل على الحرص الشديد للحبيب المصطفى r وخوفه من أن يقع أحد من أمته في شباك هذا الدجال الخبيث عدوالله، وكل مؤمن سيعاصر زمن الدجال سَيُعصَم بإذن الله إلا من أبى، قياساً على ما جاء في الحديث: {كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى} 4.
سيُعصَم من أخذ أحاديث رسول الله r الواضحة والجلية عن الدجال وعن وصفه مأخذ الجد بل وصدَّقها وآمن بها وعرفها كما يعرف أبناءه، فهذا سيعصمه سبحانه وتعالى بعونه جلَّ وعلا.

وأما من أعرض عن هذه الأحاديث، وعطَّلها وأولها؛ بأن الدجال هوالتلفاز أومثابة الشر والحرب والفتنة إلى غير ذلك مما أسلفنا الذكر عنه، هذا لا محالة ستدركه فتنة الدجال ويقع في شراكه والعياذ بالله، أعاذنا الله وإياكم من فتنته. هذه الفتنة والتي طالما حذَّرَ منها الحبيب المصطفى r أصحابه، بل وعلَّمهم من الأدعية والأذكار والتي بها يتعوذون بالله العظيم من هذا العدواللَّئيم، وجعل ذلك ورداً لهم يدعون ربهم به في كل صلاة كما يقرؤون السورة من القرآن الكريم وذلك من عظم فتنته قاتله الله ولعنه لعناً كبيرا، حيث مما جاء من أحاديثه عليه الصلاة والسلام والتي تحذِّر من فتنته: فعن إبي أمامة > قال، قال r : {يا أيها الناس! إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال وإن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهوخارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم} [13] وفي رواية: عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله r : {ما أهبط الله تعالى إلى الأرض- منذ خلق آدم إلى أن تقوم الساعة- فتنة أعظم من فتنة الدجال، وقد قلت فيه قولا لم يقله أحد قبلي: إنه آدم جعد، ممسوح عين اليسار، على عينه ظفرة غليظة، وإنه يبرئ الأكمه والأبرص، ويقول: أنا ربكم. فمن قال: ربي الله، فلا فتنة عليه، ومن قال: أنت ربي. فقد افتتن، يلبث فيكم ما شاء الله، ثم ينزل عيسى ابن مريم مصدقا بمحمد > على ملته، إماما مهديا، وحكما عدلا، فيقتل الدجال}[14]. وجاء أيضاً: عن عمران بن حصين، قال: سمعت رسول الله r يقول: {ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال}[15]. وفي رواية: {ولا تكون حتى تقوم الساعة} ، وقال أيضاً: {وهوخارج فيكم لا محالة، إنه لحق، وأما إنه قريب، فكل ما هوآت قريب، وإنما يخرج لغضبة يغضبها، ولا يخرج حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة} [16].
وجاء أيضاً: عن سالم، عن أبيه قال: قام رسول الله r في الناس فأثنى على الله بما هوأهله، فذكر الدجال فقال: {إني لأنذركموه، وما من نبي إلا قد أنذره قومه، لقد أنذره نوح قومه …}[17].
وجاء أيضاً: عن النواس بن سمعان الكلابي قال: {ذكر رسول الله r الدجال الغداة فخفض فيه ورفع حتى ظننا أنه في طائفة النخل …}[18]. يشير الحديث إلى المبالغة في تحذير رسول الله r أصحابه من الدجال حتى أعتقدوا رضوان الله عليهم أجمعين أنه في طائفة النخل، وهي ناحية من نواحي المدينة.
وأخبر رسول الله r ، أن الناس يهربون منه في الجبال خوفاً من فتنته، فقد جاء عن جابر بن عبد الله قال حدثتني أم شريك أن رسول الله r قال: {ليفرن الناس من الدجال حتى يلحقوا بالجبال} قالت أم شريك: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟! قال: {هم قليل}.

وأما ما جاء من أحاديثه عليه الصلاة والسلام والذي يأمر بها أمته ويرشدهم بالتعوذ من فتنه:
أولاً: الاستعاذة بالله تعالى من شر فتنته، والإكثار منها؛ لا سيما في التشهد الأخير في الصلاة، فقد جاء من حديث أبي هريرة مرفوعا: {إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أ ربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال}[19]. وثبت في (الصحيحين) وغيرهما عن جمع من الصحابة – منهم عائشة < -: أن النبي r كان يستعيذ من فتنته، بل إنه أمر بالاستعاذة من فتنته أمراً عاماً كما جاء في سلسة الأحاديث الصحيحة من حديثه r لأصحابه: {إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا، - أي تتركوا أمواتكم بالعراء من غير دفن - لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه. قال زيد: ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: تعوذوا بالله من عذاب النار. قالوا: نعوذ بالله من عذاب النار. فقال: تعوذوا بالله من عذاب القبر. قالوا: نعوذ بالله من عذاب القبر. قال: تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن. قال: تعوذوا بالله من فتنة الدجال. قالوا: نعوذ بالله من فتنة الدجال} 4.

ثانياً: أن يحفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، فقد جاء عن أبي الدرداء قال: قال رسول اللهr : {من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال}[20].

ثالثاً: أن يبتعد عنه، ولا يتعرض له؛ إلا إن كان يعلم من نفسه أنه لن يضره؛ لثقته بربه، ومعرفته بعلاماته التي وصفه بها النبي r بها؛ لما جاء من سنن أبي داود أول كتاب الملاحم بسند صحيح عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله r : {من سمع بالدجال فلينأ عنه، فوالله إن الرجل ليأتيه وهويحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من الشبهات، أولما يبعث به من الشبهات}.

رابعاً: أن يسكن مكة والمدينة، فإنهما حرمان آمنان، لقوله عليه الصلاة والسلام: {يجيء الدجال فيطأ الأرض إلا مكة والمدينة فيأتي المدينة فيجد بكل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة} [21].
ومثلهما المسجد الأقصى والطور، حيث جاء في كتاب قصة المسيح الدجال وصححه الألباني، قال عليه الصلاة والسلام: {وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه؛ إلا أربع مساجد: مسجد مكة، ومسجد المدينة، والطور، والمسجد الأقصى}.

واعلم أن هذه البلاد المقدسة إنما جعلها الله عصمة من الدجال لمن سكنها وهومؤمن ملتزم، وإلا مجرد استيطانها وهوفي حياته بعيد عن التأدب بآداب المؤمن فيها فمما لا يجعله في عصمة منه، حيث وكما جاء في حديث الإمام الباهلي وسيأتي سياقه إن شاء الله قريباً في هذه الرسالة، أن الدجال عليه لعنات الله، حين يأتي المدينة النبوية وتمنعه الملائكة من دخولها؛ ترجف بأهلها ثلاث رجفات، فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، وصاروا من أتباعه كاليهود! وعلى العكس من ذلك؛ فمن كان فيها من المؤمنين الصادقين في إيمانهم؛ فهم مع كونهم أنهم في عصمة من فتنته؛ فقد يخرج إليه بعضهم متحدياً وينادي في وجهه: هذا هوالدجال الذي كان رسول اللهr يحدثنا حديثه، وسيأتي الحديث عنه في هذا السياق أيضاً إن شاء الله تعالى، فالعبرةإذن بالإيمان والعمل الصالح، فذلك هوالسبب الأكبر في النجاة، وأما السكن في هذه الأماكن المقدسة، فهوسبب ثانوي، فمن لم يأخذ بالسبب الأكبر، لم يفده تمسكه بالسبب الأصغر، وقد أشار إلى هذا النبي r بقوله للذي سأله عن الهجرة: {ويحك! إن شأن الهجرة لشديد فهل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فهل تؤتي صدقتها؟. قال: نعم. قال فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا}[22].
وما أحسن ما رواه الإمام مالك في (الموطأ 2 / 235) عن يحيى بن سعيد: أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي: أن هلمَّ إلى الأرض المقدسة. – يعني الشام -. فكتب إليه سلمان: (إنَّ الأرض المقدسة لا تقدس أحداً، وإنما يقدس الإنسانَ عملهُ). وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [23].

* نأتي الآن إلى الحديث عن الأحداث والفتن التي تكون بخروج هذا الخبيث اللعين.
انتهينا في الحلقة الماضية والتي تحدثنا فيها عن المهدي إلى حين وصولهم الشام – أي جيش المهدي - بعد رجوعهم من قسطنطينة، عندها يكون قد ظهر الدجال اللعين، فَيُسمَع به عند وصوله، منطقة بين الشام والعراق، كما قال عليه الصلاة والسلام: {إنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله اثبتوا..}[24]. وبالطبع ليس هذا المكان، مصدر خروجه، وإنما يسمع المؤمنون بخروجه عند وصوله هذا المكان، وأما مصدر خروجه هي الجزيرة والتي جاء ذكرها في قصة تميم الداري، والله أعلم أين تلك الجزيرة، ويكون سبب خروجه غضبة يغضبها فتنحل عنه تلك الأغلال التي كانت عليه، ولا يكون ذلك إلا بعلم الله تعالى ومشيئته حيث جاء عن حفصة زوج النبيr، إنها قالت لأخيها عبد الله بن عمر: {أما علمت أن رسول الله r قال: {إنما يخرج من غضبة يغضبها} [25].
ثم يكون أول اتجاه له منطقة خراسان كما جاء في الحديث، والشياطين تحيط به تعينه على ضلالته قاصداً منطقة أصبهان حيث السبعون ألفا من يهودها بانتظاره، كلهم ذوسيف محلى وساج، لاعتقاد يعتقدونه عندهم أنه هومخلصهم وأنه هومن سيعيد لهم الأرض المقدسة أرض الميعاد بزعمهم، بعد تحريرها من نجسهم ودنسهم-كما بيَّنا ذلك في رسالتنا والتي أسميناها - نهاية دولة اليهود على ضوء الكتاب والسنة فراجعها).
وجاء في الحديث من قوله r: {إن الدجال يخرج من قبل المشرق من مدينة يقال لها: خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة}[26].
وجاء أيضاً من قوله عليه الصلاة والسلام: {يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة}[27]. ومعه أيضاً: جنة مزعومة ونار، وكذلك جبلان من طعام وماء ليغوي بهما من لم يعصمهم الله منهم منتهزاً حالة القحط والجفاف والتي عمت الكرة الأرضية بدأت قبل خروجه بثلاث سنوات وبلغت ذروتها في سنة خروجه كما أسلفنا ذكره سابقاً، وأما المؤمنون الصابرون المحتسبون يكون شأنهم في هذه الظروف كشأن الملائكة، حيث التسبيح والتهليل والتكبير يجري فيهم مجرى الطعام والشراب.
استمع معي إلى هذه الأحاديث:
قال عليه الصلاة والسلام يوماً لأصحابه: {أنذركم الدجال، أنذركم الدجال، أنذركم الدجال، فإنه لم يكن نبي إلا وقد أنذره أمته، وإنه فيكم أيتها الأمة، وإنه جعد آدم، ممسوح العين اليسرى، وإن معه جنة ونارا، فناره جنة وجنته نار، وإن معه نهر ماء، وجبل خبز، وإنه يسلط على نفس فيقتلها ثم يحييها، لا يسلط على غيرها، وإنه يمطر السماء ولا تنبت الأرض، وإنه يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل، وإنه لا يقرب أربعة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، والمسجد المقدس والطور، وما شبه عليكم من الأشياء، فإن الله ليس بأعور - مرتين} 3.
وجاء أيضاً: {وإن من فتنته، أن معه جنة ونارا، - ونهرا وماء -، - وجبل خبز -، - وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار -، فناره جنة، وجنته نار} انظر قصة الدجال للألباني (1/133)،- وسأله المغيرة بن شعبة عنه؟ فقال: قلت: إنهم يقولون: معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء؟ قال: {هوأهون على الله من ذلك}4.
وفي حديث آخر: {معه نهران يجريان، أحدهما- رأي العين- ماء أبيض، والآخر- رأي العين- نار تأجج} 5 .
وجا أيضاً من قوله عليه الصلاة والسلام: {السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله، فلا تقطر قطرة، ويأمر الأرض فتحبس نباتها كله، فلا تنبت خضراء، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت؛ إلا ما شاء الله. قيل: فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال: التهليل، والتكبير، والتسبيح، والتحميد، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام} . وفي رواية أخرى عن أسماء بنت يزيد < سألت رسول الله r: {وما يجزي المؤمنين يومئذ؟ قال: يجزيهم ما يجزي أهل السماء , قالت: يا نبي الله! ولقد علمنا أن لا تأكل الملائكة ولا تشرب. قال: ولكنهم يسبحون ويقدسون، وهوطعام المؤمنين يومئذ وشرابهم} [28].

كم الفترة الزمنية التي سيمكثها في الأرض بعد خروجه؟ هذا السؤال سأله الصحابة لحبيبهم المصطفى r، قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال: {أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم قال فاقدروا له قدره قال قلنا فما إسراعه في الأرض قال كالغيث استدبرته الريح} [29]. وهنا إشارة إلى أنَّ هناك تغييرات حقيقية ستكون، تبدأ في العالم السفلي - أي في أرضنا هذه - ثم بعد ذلك تتبعها تغييرات في العالم العلوي، كطلوع الشمس من مغربها وغير ذلك، وكل ذلك يبدأ بخروج الدجال لعنه الله، ومن تلكم التغييرات: أن يوماً واحداً من الأربعين يوما والتي سيمكثها الدجال في الأرض بعد خروجه هومقدار سنة على الحقيقة وليس مجازاً أومعنوياً، والشاهد لذلك هوسؤال أصحابه له عليه الصلاة والسلام: أيكفي فيه الخمس صلوات؟ قال عليه الصلاة والسلام فاقدروا له قدره، وهذا نص الحديث والذي رواه أبوداود عن النواس بن سمعان الكلابي، قال: ذكر رسول الله r الدجال فقال: {إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جواركم من فتنته}،
قلنا: وما لبثه في الأرض؟ قال: {أربعون يوما: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم}، فقلنا: يارسول الله، هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: {لا، اقدروا له قدره، …} [30].
أي سيكون ذلك اليوم كسنة على الحقيقة وليس على المجاز، وكذلك اليوم الذي هوكشهر واليوم الذي هوكجمعة، ثم سائر الأيام كما هي، أي يكون مكثه في الأرض حوالي: سنة - شهر - جمعة (أي سبعة أيام) - سبع وثلاثين-، وهي المتبقية من الأربعين يوما، = أربعة عشر شهراً وستة أيام، هذا مكثه في الأرض.

وأما سرعته في الأرض – وهذه إفادة إلى سرعة فتنته أيضاً – وصفها النبي r: {كالغيث - أي المطر - استدبرته الريح} .

وما وسيلة التنقل له هل بواسطة حاملة الطائرات أوالغواصات أوالطائرات أوالسيارات، بالطبع كل ذلك لا يكون لأن ذلك يصبح في وقته في خبر كان، إذن ما وسيلة التنقل له؟ وسيلة التنقل له تكون عجيبة غريبة خبيثة على شاكلته، هي: حمار عجيب جاء وصفه على لسان رسول الله r، حيث قال: {وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعا} [31] , ولا يبقى مكان إلا ووطئه هذا اللعين إلا الأماكن التي حماها الله منه (مكة المكرمة – المدينة المنورة – بيت المقدس – جبل الطور بالقدس). قال ابن تيمية في كتاب اقتضاء الصراط "وجبل طور سيناء الذي ببيت المقدس 1/424

فما الذي يفعله هذا الخبيث في الأرض؟ استمع إلى هذا الحديث والذي جمع فأوعى: قال عليه الصلاة والسلام: {يا أيها الناس! إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال} أي فتنة الدجال الخبيث ليس لها نظير من الفتن التي حدثت على وجه الأرض، من فتنة فرعون، إلى فتنة النمرود إلى فتنة أصحاب الأخدود، إلى فتنة اليهود وأمريكا وأسلحة الدمار الشامل، وغير هذا من الفتن والبلاء الذي حدث والذي سيحدث مستقبلاً، كل ذلك لا يعتد إذا ما قورنت بفتنة الدجال والعياذ بالله من فتنته. وقال r: {وإن الله عز وجل لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهوخارج فيكم لا محالة فإن يخرج وأنا بين أظهركم فأنا حجيج لكل مسلم وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم}.
فلعظم فتنة هذا اللعين ما بعث الله نبياً إلاَّ وأوحى إليه أن أنذر قومك من هذا اللعين الدجال، علماً أن الله سبحانه وتعالى قدَّر أن يكون خروج الدجال في أمة محمد، ولكن لهول أمره ولعظيم فتنته أن كان وحي الله لجميع الأنبياء والمرسلين أن يحذِّروا قومهم منه، وكان يعطيهم بعض صفاته وليست كلها والتي بينها لها الحبيب المصطفى r، والتي بينها لكم في هذه الرسالة. وقال أيضاً: {وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا وشمالا}، ذكرنا أن أول ما يسمع بخروجه المؤمنون عندما يصل إلى أرض بين الشام والعراق فيعيث فساداً يميناً وشمالاً فلا يدع بيت حجر ولا شجر إلا وقد أصيب من فتنته إلا من عصمه الله منه. وقال أيضاً: {يا عباد الله! أيها الناس! فاثبتوا فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلي نبي إنه يبدأ فيقول: أنا نبي ولا نبي بعدي ثم يثني فيقول: أنا ربكم ولا ترون ربكم حتى تموتوا وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وإنه مكتوب بين عينيه: كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب أوغير كاتب}، يحث عليه الصلاة والسلام الناس جميعاً عباد الله المؤمنين أن يثبتوا بالإيمان بالله والعمل الصالح من شر هذا الخبيث، ووصفه عليه الصلاة والسلام بوصف خَلقي وهذا ما بيَّناه في هذه الرسالة وبوصف قولي، حيث أول ما يبدأ بفتنته أنه يدعي النبوة، وبالطبع لا نبي بعد محمد r، لقوله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [32].
وجاء عن أبي أمامة إنه قال: سمعت رسول الله r يقول: {إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم …}[33]. ثم لا يلبث إلا قليلا، وإذا به يدعي الألوهية، تعالى الله الواحد الأحد الفرد الصمد، حيث هذا الخبيث معه ما يفتتن الناس به، فقال عليه الصلاة والسلام ولا ترون ربكم حتى تموتوا، وهذا مما قضاه سبحانه وتعالى على نفسه أنه سبحانه لا يري ذاته لأحد من خلقه إلا بعد قيام الساعة والوقوف بين يديه، قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلأ وَحْياً أَومِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَويُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [34].
وجاء عن أبي ذر قال: يا رسول الله! هل رأيت ربك؟ قال: {نور أنى أراه؟! } . وفي رواية: {رأيت نورا} [35]. وأما قوله تعالى: ?ثم دنا فتدلى?: إنما هوجبريل #، كما ثبت في (الصحيحين) عن عائشة أم المؤمنين، وعن ابن مسعود، وكذلك هوفي (صحيح مسلم) عن أبي هريرة، ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة في تفسير هذه الآية بهذا). وأعظم متعة يتمتعها أهل الجنة عندما يمن الله تعالى عليهم بالنظر إلى وجهه الكريم في جنات النعيم فتكون تلك أعظم نعمة أنعمها سبحانه على عباده المؤمنين.قال تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [36].
وقال عليه الصلاة والسلام: {وإن من فتنته أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلي بناره فليستغث بالله وليقرأ فواتح الكهف} وفي حديث آخر: {ومعه جبال من خبز، والناس في جهد؛ إلا من تبعه، ومعه نهران- أنا أعلم بهما منه- نهر يقول: الجنة، ونهر يقول: النار، فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهوالنار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهوالجنة}
ولا يعتقد أحدكم أن هذه هي الجنة المعروفة التي وصفها الله تعالى ورسوله أوالنار، فقد جاء فى قصة المسيح الدجال تأليف الألباني ما صح عنه r: {وإن من فتنته؛ أن معه جنة ونارا، - ونهرا وماء -، - وجبل خبز -، - وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار -، فناره جنة، وجنته نار. - وسأله المغيرة بن شعبة عنه؟ فقال: قلت: إنهم يقولون: معه جبال من خبز ولحم ونهر من ماء؟ قال: هوأهون على الله من ذلك}، وفي حديث آخر: {معه نهران يجريان، أحدهما- رأي العين- ماء أبيض، والآخر- رأي العين- نار تأجج -، - فمن أدرك ذلك منكم، فأراد الماء؛ فليشرب من الذي يراه أنه نار -، - وليغمض عينيه -، ثم ليطأطئ رأسه ؛ فإنه يجده ماء - باردا عذبا طيبا -، - فلا تهللوا -}. وفي أخرى: {فمن دخل نهره حط أجره، ووجب وزره، ومن دخل ناره وجب أجره، وحط وزره} فمن ابتلي بناره؛ فليستغث بالله، وليقرأ(عليه) فواتح سورة (الكهف)، فإنها جواركم من فتنته {وإن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك}. من المعلوم أن من طبيعة خلق الجن أنهم يتمثلون بالصورة التي يريدونها إلا من استثناهم الله تعالى من خلقه، ومن ذلكم نبينا الحبيب محمد r، فإن الشيطان لا يتمثل به، حيث قال عليه الصلاة السلام: {من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي} . وفي رواية أخرى: عن جابر>، عن رسول الله r أنه قال: {من رآني في المنام فقد رآني إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي}، وتابع عليه الصلاة والسلام حديثه بقوله: {وإن من أشد فتنه أن يقول للأعرابي: أرأيت إن أحييت لك إبلك عظيمة ضروعها طويلة أسنمتها تجتر؛ تعلم أني ربك؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيتمثل له الشياطين (على صورة إبله، فيتبعه)، قال: ويقول للرجل: أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك وأمك؛ أتعلم أني ربك؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيتمثل له الشياطين (على صورهم، فيتبعه} [37].

وإن من فتنته {أن يسلط على نفس واحدة فيقتلها ينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين ثم يقول: انظروا إلى عبدي هذا فإني أبعثه ثم يزعم أن له ربا غيري فيبعثه الله ويقول له الخبيث: من ربك؟ فيقول: ربي الله وأنت عدوالله أنت الدجال والله ما كنت قط أشد بصيرة بك مني اليوم}.
وهذه النفس التي سُلِّطَ عليها فهي لشاب مؤمن قد ملأ بالإيمان قلبه يخرج من المدينة المنورة والتي هي معصومة من الدجال، فيخرج هذا الشاب إليه متحدياً، كما جاء عن أبي سعيد الخدري قال: حدثنا رسول اللهr عن الدجال حديثا طويلا فقال: {فيما حدثنا أنه يأتي المدينة وهومحرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فيخرج إليه رجل - ممتلئ شباباً - وهويومئذ خير الناس أومن خيرهم فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله r حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلته ثم أحييته أتشكون في الأمر فيقولون لا فيسلط عليه فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحيا ما كنت فيك أشد بصيرة فيك مني الآن فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه}، قال أبوبكر فالله سلطه في الابتداء على قتله وإحيائه ثم منعه من الثانية.
وفي رواية أخرى: {يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين فيلقاه المسالح، - مسالح الدجال؛ أي حرسه من جيشه- فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج فيقولون له: أوما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم – يعنون بذلك الدجال قاتلهم الله أنَّى يؤفكون - أن تقتلوا أحدا دونه؟ فينطلقون به إلى الدجال فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله r فيأمر الدجال به فيشبح فيقول: خذوه وشجوه فيوسع بطنه وظهره ضربا فيقول: أما تؤمن بي؟ فيقول: أنت المسيح الكذاب فيؤمر به فينشر بالمنشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، ثم يمشي الدجال بين القطعتين ثم يقول له: قم فيستوي قائما ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس فيأخذه الدجال فيذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا فلا يستطيع إليه سبيلا فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به فيحسب الناس إنما قذفه في النار وإنما ألقي في الجنة هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين} [38].

وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه فلا يبقى لهم سائمة إلا هلكت، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا) وجاء في رواية أخرى: {فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم – أي إبلهم ومواشيهم - أطول ما كانت درا – أي من اللبن - وأشبعه ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم} [39].
وقال أيضاً: {ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب'[40]' النحل}. وقال أيضاً: {يخرج في زمان اختلاف من الناس، وفرقة، وبغض من الناس، وخفة من الدين، وسوء ذات بين، فيرد كل منهل، فتطوى له الأرض طي فروة الكبش} . {وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا مكة والمدينة لا يأتيهما من نقب من أنقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الضريب الأحمر عند منقطع السبخة فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فلا يبقى فيها منافق ولا منافقة إلا خرج إليه فتنفي الخبيث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص قيل: فأين العرب يومئذ؟ قال: هم يومئذ قليل}1 .
وفي رواية عن محجن بن الأدرع: أن رسول الله r خطب الناس فقال: {يوم الخلاص، وما يوم الخلاص؟ يوم الخلاص، وما يوم الخلاص؟ يوم خلاص وما يوم الخلاص؟} - ثلاثا-، فقيل له: وما يوم الخلاص؟ قال: {يجيء الدجال فيصعد أحدا، فينظر المدينة، فيقول لأصحابه: أترون هذا القصر الأبيض؟ هذا مسجد أحمد – وهذا من معجزات النبوة ومما يزيد المسلم إيماناً فقد أخبر النبي rأن الدجال آخر الزمان سينظر إلى مسجد رسول الله r، ويقول لأتباعه: (انظروا إلى هذا القصر الأبيض) مع أن مسجد عليه الصلاة والسلام كان في عهده من سعف النخيل والجريد والحصباء، وقد صار اليوم فعلاً أبيض، صدق الحبيب المصطفى r - ثم يأتي المدينة، فيجد بكل نقب منها ملكا مصلتا، فيأتي سبخة الجرف – مكان من نواحي المدينة المنورة -، فيضرب رواقه- أي يعسكر هناك فترة من الوقت-، ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات، فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه، فذلك يوم الخلاص}[41]. في رواية: {لا يدخلها، - أي المدينة - فإذا كان كذلك؛ رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات، لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه، وأكثر – يعني- من يخرج إليه النساء، وذلك يوم الخلاص، وذلك يوم تنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد، يكون معه سبعون ألفاً من اليهود، على كل رجل منهم ساج وسيف محلّى، فتضرب رقبته بهذا الضرب الذي عند مجتمع السيول}.[42]
فتحول الملائكة وجهه إلى الشام فيتحول إليها وإمامهم رجل صالح - وهوالمهدي وذلك كما أشرنا سابقاً، ما إن يسمع المهدي ومن معه من المؤمنين بخروج الدجال؛ حتى يرجعوا إلى الشام حيث يعلمون علم اليقين أنه لا قبل لأحد بقتال الدجال فضلاً عن قتله، إلا المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فيلجؤون إلى الحصنَيْن الحَصينَيْن بأمر الله تعالى بعد مكة والمدينة وهما بيت المقدس وجبل الطور - فيأتي هذا الخبيث إلى إيليا (القدس) بعد أن صرفت الملائكة وجهه قبل الشام - فيلقى المؤمنون منه شدة شديدة، ويفر الناس من الدجال في الجبال، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عليهم عيسى بن مريم الصبح.
فما يكون من شأن المؤمنين بعد نزول عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وما سيحدث لعدوالله الدجال لما يرى عيسى #، وكذلك ما سيكون من أمر السبعين ألفا من يهود أصبهان الذين أتوا مع مخلصهم – زعموا – الدجال إلى غير ذلك. هذا سنبينه إن شاء الله تعالى في العلامة الثانية من علامات الساعة الكبرى






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009, 11:22 AM رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات يوم القيامه

خروج يأجوج ومأجوج
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
* العلامة الرابعة من علامات الساعة الكبرى خروج يأجوج ومأجوج:
ثم يأذن الله تعالى لقوم يأجوج ومأجوج بالخروج وهم من كل حدب ينسلون كما وصفهم الله تعالى بقوله: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}
[1].

* فمن هم قوم يأجوج ومأجوج؟:
قال الحافظ في الفتح (10/129): يأجوج ومأجوج قبيلتان من ولد يافث بن نوح، قال ابن كثير: وقد حكى النووي رحمه الله في شرح مسلم عن بعض الناس؛ أن يأجوج ومأجوج خلقوا من منيٍّ خرج من آدم فاختلط بالتراب، فخلقوا من ذلك، فعلى هذا يكونون مخلوقين من آدم وليسوا من حواء، وهذا قول غريب جدا، لا دليل عليه لا من عقل ولا من نقل، ولا يجوز الاعتماد هنا على ما يريه بعض أهل الكتاب ما عندهم من الأحاديث المفتعلة. والله أعلم.
قال بعض العلماء: هؤلاء –أي قوم يأجوج ومأجوج- من نسل يافث أبي الترك، أي أبناء عم- أهل الصين وروسيا واليابان ومنغوليا ومن شابههم، وقد أقام ذوالقرنين السد بين هذه القبائل وبين قوم يأجوج ومأجوج لفسادهما وطغيانهم عليهم، وقال ابن كثير في تفسيره للقرآن العظيم (5/195): إنما سمي هؤلاء تركًا لأنهم تركوا من وراء السد من هذه الجهة، وإلا فهم أقرباء أولئك، لكن كان في أولئك بغي وفساد وجراءة.
وقد ذكر ابن جرير هنا عن وهب بن منبه أثرًا طويلاً عجيبًا، في سير ذي القرنين وبنائه السد، وكيفية ما جرى له، وفيه طول وغرابة ونكارة؛ في أشكالهم وصفاتهم، وطولهم وقصر بعضهم وآذانهم. وروى ابن أبي حاتم عن أبيه في ذلك أحاديث غريبة لا تصح أسانيدها والله أعلم.

أين هم؟
بين الله تعالى في سورة الكهف عن قصة ذي القرنين - والذي أمده الله تعالى بالقوة حتى بلغ مشارق الأرض ومغاربها، – ثم أنه أتى بعد ذلك على قوم عجم كما قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً ([2]. ومعنى بين السدين، قال ابن كثير: وهما جبلان متناوحان، بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على بلاد الترك، فيعيثون فيها فسادًا، ويهلكون الحرث والنسل.
ويأجوج ومأجوج من سلالة آدم # كما بينا آنفا: )وجد من دونهم قومًا لا يكادون يفقهون قولا ( -أي لاستعجام كلامهم وبعدهم عن الناس-.
) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً ([3]. قالوا: يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض، - أي يدمرون البلاد والعباد، ويهلكون الحرث والنسل- فهل نجعل لك خرجًا) قال ابن عباس: أي أجرًا عظيمًا، يعني أنهم أرادوا أن يجمعوا له من بينهم مالاً، يعطونه إياه حتى يجعل بينه وبينهم سدًا فقال ذوالقرنين بعفة وديانة وصلاح وقصد للخير: )قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً([4]، ومعنى (ما مكني فيه ربي خير) أي أن الذي أعطاني الله من الملك والتمكين؛ خير لي من الذي تجمعونه، ولكن ساعدوني بقوة، أي بعملكم وآلات البناء، )أجعل بينكم وبينهم ردمًا آتوني *** الحديد ( (والزبر جمع زبرة وهي القطعة وهي كاللبنة)، )حتى إذا ساوى بين الصدفين (، أي وضع بعضه على بعض من الأساس حتى إذا حاذى به رءوس الجبلين طولا وعرضًا ) قال انفخوا ( أي أجج عليه النار حتى صار كله نارًا ) قال آتوتي أفرغ عليه قطرا (، قال ابن عباس: هوالنحاس. ويستشهد بقوله تعالى: {وأسلنا له عين القطر}، أي جعل ذوالقرنين سداً منيعا، وحصنا حصينا، بين أولئك القوم وبين يأجوج ومأجوج، فكان ذلك السد مكونا من حديد ونحاس، حتى تكون له قوة عظيمة، وكما قال الله تعالى: )فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً([5].
يقول تعالى مخبرًا عن يأجوج ومأجوج؛ أنهم ما قدروا على أن يصعدوا من فوق هذا السد، ولا قدروا على نقبه من أسفله، ولما كان الظهور عليه أسهل من نقبه قابل كلا بما يناسبه فقال: )فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبًا(، وهذا دليل على أنهم لم يقدروا على نقبه ولا على شيء منه، وهذا بالطبع ليس على إطلاقه، حيث من المعلوم أن السنة جاءت شارحة للقرآن، فمما جاء في السنة بهذا الخصوص ما رواه البخاري ومسلم عن زينب < وهي إحدى زوجات رسول الله r: أن النبي r دخل عليها فزعا يقول: {لا إله إلا الله! ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه} وحلق بين أصبعيه الإبهام والتي تليها. فقلت: يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: {نعم! إذا كثر الخبث}، - أي هناك ثقب قطره كقطر حلقة الإبهام والسبابة من اليد، فتح من ردم يأجوج ومأجوج - بهذا الحديث علمنا أن السد منذ بنائه إلى حين بعثة رسول الله r كان السد وكما أخبرنا الله تعالى:
) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا ( *ولكن ببعثة رسول الله r وهي أول علامة من علامات الساعة الصغرى، لقوله عليه الصلاة والسلام: {لست من الدنيا وليست مني إني بعثت والساعة نستبق} سبق تخريجه. *وفي رواية لمسلم عن جابر t قال: كان رسول الله r إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول: {صبحكم ومساكم} ويقول: {بعثت أنا والساعة كهاتين} ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، وتحديداً لما دخل عليه الصلاة والسلام على زوجه زينب < وأخبرها بقوله: {فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج..} الحديث {بدأ قوم يأجوج ومأجوج بمحاولتهم المتكررة لفتح السد، وإن دل هذا يدل على قرب الساعة الوشيك كما قال تعالى: ) حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ ([6].

* ماذا يفعلون كل ليلة: -
يخبرنا رسول الله r في حديثه هذا: {إن يأجوج ومأجوج ليحفرون السد كل يوم، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس، قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا. فيعيده الله أشد ما كان، حتى إذا بلغت مدتهم، وأراد الله أن يبعثهم على الناس؛ حضروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس؛ قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله. واستثنوا، فيعودون إليه وهوكهيئته حين تركوه، فيحفرونه ويخرجون على الناس}[7].
ولهذا قال تعالى: )قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ([8].
فيأجوج ومأجوج إذن هم محبوسون خلف السد الذي بناه عليهم ذوالقرنين قديما، وذلك بسبب فسادهم وشرورهم كما بيَّنا ذلك، وما يزالون محبوسين إلى اليوم الوقت المعلوم لخروجهم.

وقد روي أن مكان ذلك السد في منقطع بلاد الترك مما يلي أرمينيا وأذربيجان، أي على الحدود التركية الروسية قريباً من جبال القوقاز، والله أعلم.
ذلك السد الحصين المنيع الثخين السميك، المرتفع الشاهق، المصنوع من الحديد والنحاس المصهور، لا يستطيعون نقبه لثخانته – إلا ما أسلفنا ذكره، - ولا الظهور عليه – أي تسلقه – لعلوه وارتفاعه، إلا ما كان تحت إرادة الله ومشيئته.

* ماذا يفعلون بعد خروجهم؟؟
استمع معي لقول الحبيب المصطفى r بما أخبر عنهم قال: {تفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس، كما قال الله عز وجل: )من كل حدب ينسلون ( فبينما هم كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني أخرجت عبادا لا يدان لأحد بقتالهم – وفي رواية لمسلم: {فإني قد أنزلت عباداً لي لا يَدَيْ لأحد بقتالهم}- فحرز عبادي إلى الطور، فيغشون الناس، وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم، ويضمون إليهم مواشيهم، ويشربون مياه الأرض، حتى إن بعضهم ليمر بالنهر فيشربون ما فيه، حتى يتركوه يبسا، حتى إن من يمر من بعدهم ليمر بذلك النهر، فيقول: قد كان هاهنا ماء مرة …}، وفي رواية أخرى: {فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها ويمر، آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء …} وقال: {فينشفون الماء، ويتحصن الناس منهم في حصونهم} ، {فيقول قائلهم: لقد كان بهذا المكان مرة ماء، ويظهرون على الأرض، فيقول قائلهم: هؤلاء أهل الأرض، قد فرغنا منهم، ولننازلن أهل السماء حتى إن أحدهم ليهز حربته إلى السماء، فترجع مخضبة بالدم، فيقولون قد قتلنا أهل السماء} رواه ابن ماجه عن أبي سعيد الخدري وقال الألباني حسن صحيح، انظر صحيح ابن ماجه (2/1363).
وفي رواية {حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أحد في حصن أومدينة، قال قائلهم: هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقي أهل السماء، ثم يهز أحدهم حربته، ثم يرمي بها إلى السماء، فترجع إليه مختضبة دما، للبلاء والفتنة} وفي رواية لمسلم: {ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهوجبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل من في السماء. فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة، دما ويُحصَر نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله - أي بوصول أولئك القوم إلى بيت المقدس – أي يأجوج ومأجوج وهم أعداد هائلة وسنبين عددهم لاحقاً في هذه الحلقة على وجه التقريب وليس للجزم - وفي جبل الطور يُحَاصر نبي الله عيسى ومن معه من المؤمنين الذين لجأوا إليه بأمر الله تعالى، ويبلغ الحصار والضيق عليهم مبلغه حتى لا يكادوا يجدون ما يقتاتون به، وحتى يصل الحال برأس الثور والذي قبل الحصار ما كان يساوي شيئاً من الدريهمات، أصبح الآن أفضل من مئة دينار ذهبي لأنه غير متوفر، حيث إن قوم يأجوج ومأجوج بأعدادهم الهائلة ما تركوا خلفهم أخضر ولا يابسا، سوى ما ضمه المسلمون إليهم في حصارهم اليسير من مواشيهم، وبعد أن بلغت القلوب منهم الحناجر، فعند ذلك يلجأ عيسى {ومن معه إلى التضرع إلى الله بالدعاء (فيرغب عيسى بن مريم إلى الله وأصحابه) قال القاضي: أي يرغبون إلى الله تعالى في إهلاكهم، وإنحائهم عن مكابدة بلائهم , ويتضرعون إليه فيستجيب الله، فيهلكهم بالنغف كما قال r: {فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ويهبط نبي الله عيسى وأصحابه، فلا يجدون موضع شبر إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم ودماؤهم}. - معنى: (فيرسل الله عليهم) أي على يأجوج ومأجوج (النغف) هودود يكون في أنوف الإبل والغنم
(فيصبحون فرسى) هلكى, وهوجمع فريس، كقتيل وقتلى، من فرس الذئب الشاة إذا كسرها وقتلها ومنه، فريسة الأسد (كموت نفس واحدة) لكمال القدرة وتعلق المشيئة قال تعالى: {ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة} رواه أحمد والحاكم عن أبي سعيد وصححه الألباني (صحيح الجامع 2973)..
وفي رواية عند الإمام أحمد وهي حسنة: {فبينما هم على ذلك – أي مأجوج ومأجوج في فسادهم – إذ بعث الله عز وجل دودا في أعناقهم، كنغف الجراد، الذي يخرج في أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس، فيقول المسلمون: ألا رجل يشري لنا نفسه، فينظر ما فعل هذا العدو- أي يبيع نفسه لله تعالى، كما جاء من قوله تعالى: ) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ( - فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول، فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض، فينادي: يا معشر المسلمين! ألا أبشروا إن الله عز وجل قد كفاكم عدوكم. فيخرجون من مدائنهم وحصونهم، ويسرحون مواشيهم، فما يكون لها مرعى إلا لحومهم، فتشكر عنه، كأحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط} انظر المصدر السابق.
أي عندما ينزل عيسى {ومن معه من المؤمنين من حصنهم لم تجد مواشيهم شيئاً تأكله إلا أجساد يأجوج ومأجوج، فيأكلون منها فتسمن وتضر دروعها بما لم تعهده تلك المواشي من قبل، ولكن مهما أكلوا، لايأكلون إلا قليل القليل منهم نسبة لأعدادهم الهائلة مما أدى إلى تعفن أجسادهم وتنتنها، وهذا مما حدا بعيسى {ومن معه بالدعاء إلى الله تعالى أن يطهر الأرض من أجسادهم.
بهذا أخبر عليه الصلاة والسلام، فقد جاء في صحيح الترمذي من قوله عليه الصلاة والسلام: {… ويهبط عيسى وأصحابه فلا يجد موضع شبر إلا وقد ملأته زهمتهم ونتنهم ودماؤهم، قال: فيرغب عيسى إلى الله وأصحابه، قال: فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت، قال: فتحملهم فتطرحهم بالمهبل} .- البخت: نوع من أنواع الإبل- معنى (فيرسل الله عليهم طيرا كأعناق البخت) - نوع من الإبل أي طيرا أعناقها في الطول والكبر كأعناق البخت , (فتطرحهم بالمهبل) هوالهوة الذاهبة في الأرض.
ثم قال r: {ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين. قال، ويرسل الله عليهم مطرا لا يكن منه بيت وبر ولا مدر. قال: فيغسل الأرض فيتركها كالزلفة}
معنى (ويستوقد المسلمون من قسيهم) جمع قوس والضمير ليأجوج ومأجوج (ونشابهم) أي سهامهم (وجعابهم) جمع جعبة، أي يوقد المسلمون منه سبع سنين لكثرته. ومعنى لا (يَكِنُّ): أي لا يستر ولا يصون شيئا (منه) أي من ذلك المطر (بيت وبر) أوصوف أوشعر (ولا مدر) وهوالطين الصلب , والمراد تعميم بيوت أهل البدووالحضر (فيغسل) أي المطر (فيتركها كالزلفة) وهي المرآة , والمراد أن الماء يعم جميع الأرض بحيث يرى الرائي وجهه فيه.
قال: ثم يقال للأرض: أخرجي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتى إن الفئام من الناس ليكتفون باللقحة من الإبل، وإن القبيلة ليكتفون باللقحة من البقر، وإن الفخذ ليكتفون باللقحة من الغنم} [9]. وفي رواية لابن ماجه وهي صحيحة: {وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، يجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات}.

من المعلوم -كما جاء في السنة- أن طول آدم {كان ستين ذراعا، وعرضه سبعة أذرع، وكان كل شيء يحيطه يتناسب معه، أي بمعنى أن الحيوانات التي خلقها الله تعالى في عهد آدم لابد أنها تتناسب معه، وكذلك الفاكهة والخضراوات، وإلا كيف كان سيعيش {ويأكل ويشبع، ويركب إذا كانت الحيوانات والنباتات كما هي في أيامنا هذه؟ وصدق الحق جل في علاه حيث قال: )وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً ([10]. فيخبر الحبيب المصطفى r أن الأرض لما تتطهر من خبث الكفر والكافرين، والشرك والمشركين عند ذلك يمن الله تعالى على الأرض وأهلها بهذه الخيرات، وهذه سنة الله في خلقه ولن تجد لسنة الله تبديلا، ولن تجد لسنة الله تحويلا، فمما جاء من سنن الله تعالى التي سنها على خلقه، من قوله تعالى: )وَلَوأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرض ([11].
* معنى مفردات الحديث: (تأكل العصابة) أي تأكل الجماعة من الرمانة (ويستظلون بقحفها) أي بقشرها، (ويبارك في الرسل) أي اللبن – الحليب - (حتى إن الفئام) وهي الجماعة الكثيرة (ليكتفون باللقحة) وهي القريبة العهد بالولادة وجمعها لقح واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح (وإن الفخذ)،
قال النووي: قال أهل اللغة الفخذ الجماعة من الأقارب وهم دون البطن , والبطن دون القبيلة.

* كم كان عدد يأجوج ومأجوج؟؟ استمع معي لهذا الحديث:
ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أنه قال، قال رسول الله r: {إن الله تعالى يقول: يا آدم فيقول لبيك وسعديك، فيقول: ابعث بعث النار. فيقول: وما بعث النار؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة، فحينئذ يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها. فقال: إن فيكم أُمَّتين ما كانتا في شيء إلا كثرتاه؛ يأجوج ومأجوج}.
وفي رواية أخرى له قال r: {يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين. فعندها يشيب الصغير، وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} قالوا: يا رسول الله! وأين ذلك الواحد؟! قال: {أبشروا! فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف، والذي نفسي بيده أرجوأن تكونوا ربع أهل الجنة، أرجوأن تكونوا ثلث أهل الجنة، أرجوأن تكونوا نصف أهل الجنة، ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أوكشعرة بيضاء في جلد ثور أسود، أوكالرقمة في ذراع الحمار}3. *
وهذان الحديثان يشيران ضمنياً إلى أن أعداد يأجوج ومأجوج، يفوق مئات الملايين بل بالمليارات، وهي نسبة وتناسب مع المسلمين من أمة محمد من سيدخل الجنة منهم برحمة الله تعالى، فانظر كم عدد المسلمين من أمة محمد من سيدخل الجنة برحمة الله تعالى، والذين سيكونون نصف سكان أهل الجنة لهذا الحديث، بل ثبت في حديث آخر أنهم ثلثا أهل الجنة بأمر الله تعالى وبمشيئته ورحمته، لما جاء في هذا الحديث الذي رواه الترمذي عن بريدة عن أبيه أن النبي r قال: {الجنة عشرون ومائة صف؛ ثمانون منها من هذه الأمة، وأربعون من سائر الأمم}[12].
ومن المعلوم أن الجنة مئة درجة، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض.
وجاء أيضاً عن عتبة بن غزوان قال: {لقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهوكظيظ من الزحام} [13].
فانظر معي أخي في الله إلى هذه النسبة: كل واحد من أمة محمد r في الجنة، يقابله والعياذ بالله تسعمائة وتسعون في النار، أعاذنا الله وإياكم منها – آميـن – ولنقرب المسألة أكثر، جاء من قوله عليه الصلاة والسلام: {ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا} [14].
ومن المعلوم مما أخبرنا به الحبيب المصطفى r: {أن من هذه الأمة المحمدية من يدخل الجنة دون حساب ولا عذاب}، وهؤلاء مما شملهم هذا الحديث، بل جاء أعم منه وهوقوله عليه الصلاة والسلام: {أعطيت سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل، فزادني مع كل واحد سبعين ألفا} [15].
وجاء حديث آخر أعم من هذا الحديث أيضاً، وهو ما جاء عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله r يقول: {وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي}[16]. حيث ذهب أهل العلم إلى أن الحثية من الله تعالى أكثر عددا من السبعين ألفا ومع كل واحد سبعين ألفا، وهذا من عظيم رحمة الله تعالى وفضله ومنِّه وكرمه، فهؤلاء من يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، وهناك من سيحاسب حساباً يسيرا وبالطبع سيكون عددهم أكثر من أعداد ما سبق، ومنهم من سيناقش الحساب وهم الذين سيُعَذَّبون ولكن لا يخلدون في نار جهنم ما داموا موحدين. روى البخاري ومسلم عن عائشة < أنها قالت: قال رسول الله r: {من حوسب يوم القيامة عذب}قالت عائشة: أوليس يقول الله: )فسوف يحاسب حسابا يسيرا( قال: {ليس ذلك بالحساب إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب يهلك}. *
فلوأخذنا فقط حديث سبعين ألفا من سيدخل الجنة مع كل واحد بعون الله سبعين ألفا، كم سيكون العدد يا ترى؟؟
70000 x 70000 = 4-900-000000 العدد هوأربعة مليار وتسعمائة مليون أي ما يقارب على الخمسة مليارات فلوضربنا هذا العدد بألف وهم مخرج أهل النار كما جاء في الحديث الآنف الذكر = 490-000-000-000 = أربعمائة وتسعين مليارا ولونقصنا منهم العدد السابق وهومن كل ألف واحد يدخل الجنة =
490-000-000-000 - 4-900-000-000 = 485-100-000-000 = أربعمائة وخمسة وثمانين مليارا ومائة مليون من يأجوج ومأجوج، وهذا بالطبع ليس للحصر ولا للجزم وإنما مثال للتقريب على أعدادهم الهائلة، ونحن ولله الحمد لسنا ممن يرجمون بالغيب ولكن نأخذ من المعطيات التي تحدث بها الحبيب المصطفى r والله أعلى وأعلم، وما يعلم خلقه إلا هوسبحانه الذي أحاط بكل شيء علما.
ومما يشير أيضاً إلى أعدادهم الهائلة (شربهم الأنهار التي تصادف طريقهم وشربهم بحيرة طبريا، أعاذنا الله تعالى وإياكم منهم ومن شر فتنتهم.

ثم بعد ذلك ما يكون من أمر عيسى # بعد مقتل يأجوج ومأجوج، اسمع معي لقوله r: {فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا، وإماما مقسطا، يدق الصليب ويذبح الخنزير، ويضع الجزية ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة، حتى يدخل الوليد يده في في الحية فلا تضره، وتُفِرُّ الوليدة الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة، فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها، وتسلب قريش ملكها، وتكون الأرض كفاثور الفضة، تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، يجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم، ويكون الثور بكذا وكذا من المال، ويكون الفرس بالدريهمات}[17].
ويقصد سيدنا عيسى # الكعبة المشرفة حاجاً ومعتمرا، لقوله r: {والذي نفسي بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أومعتمرا أوليثنينهما} [18].
وهكذا تبقى الأرض في رغد من العيش ونعيم، ولكن لفترة وجيزة وهي فترة مكث عيسى # على ظهرها، ثم يتوفاه الله تعالى، وهذا أمر الله تعالى، فهوماضٍ في جميع خلقه، حيث قال سبحانه وتعالى: )وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ([19].
أورد الحافظ روايةً عن الطبراني أنه قال: {يدفن عيسى # مع رسول الله # وأبي بكر وعمر، فيكون قبرا رابعا} [20].
وروى الترمذي عن عبد الله بن سلام قال: (مكتوب في التوراة صفة محمد وعيسى بن مريم يدفن معه) قال أبومودود: وقد بقي في البيت موضع قبره. ولكن الألباني رحمه الله ضعَّف هذا الحديث''[21].
وبعد وفاته بفترة من الزمن وقد يتعدى جيلاً كاملاً أوأكثر الله أعلم بذلك، ثم تبدأ من جديد ظهور البدع والفسوق والفجور، والتي تكون سُلَّما للشرك حتى ينتهي الأمر بعد ذلك إلى الكفر وعبادة الأصنام والعياذ بالله، كما بدأ ذلك قبل بعثة نوح #، حيث من المعلوم أن الله خلق عباده على الفطرة وهو- التوحيد - ثم لم تدعهم الشياطين حتى اجتالتهم عن دينهم وشتتهم فرقا وأشياعا، فكانوا كل حزب بما لديهم فرحون، قال الله تعالى في الحديث القدسي: {وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا} [22]. فطرأ الشرك على المؤمنين بعد أن كانوا موحدين بسبب إغواء الشياطين، لقد وردت عن جماعة من السلف روايات كثيرة في تفسير قول الله سبحانه في قوم نوح: ) وَقَالُوا لأ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلأ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلأ سُوَاعاً وَلأ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ([23]. إن هؤلاء الخمسة ودا (ومن ذكر معه كانوا عبادا صالحين) فلما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يعكفوا على قبورهم، ثم أوحى إلى الذين جاءوا من بعدهم أن يتخذوا لهم أصناما، وزين لهم ذلك بأنه أدعى لهم على أن يذكروهم فيقتدوا بأعمالهم الصالحه، ثم أوحى إلى الجيل الثالث أن يعبدوهم من دون الله تعالى، وأوهمهم أن آباءهم كانوا يفعلون ذلك، فأرسل الله لهم نوحا #، آمرا لهم أن يعبدوا الله تعالى وحده فلم يستجيبوا له إلا قليلا منهم). وقد حكى الله عزوجل قصته معهم في سورة نوح، فكان أول الشرك على الأرض سببه البدع وهي "تصوير التصاوير والتماثيل لأناس صالحين " فكان أول ما عبد غير الله في الأرض، (ود ومن معه).

ومن المعلوم أنَّ الشيطان عليه اللعنة لما عصى الله تعالى برفضه أمره سبحانه وتعالي له وهوالسجود لآدم #، وحلول اللعنة عليه من الله تعالى، فهويأبى أن يدخل النار لوحده، فإنه لا يهدأ ولا يهنأ له عيش ولا يذوق غمضاً إلا أن يرى السواد الأعظم من بني آدم معه في النار والعياذ بالله، لأنه بزعمه يعتقد أن آدم هوالسبب في حل لعنة الله عليه، ودخوله نار جهنم أبد الآبدين؛ فلهذا الغرض سأل هذا الملعون ربه أن ينظره إلى يوم يبعثون، كما أخبر الله تعالى عنه: )قَالَ رب فأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِين* إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرض وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلأ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ([24]. فرد الله تعالى عليه بقوله: ) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ* إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلأ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ* وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ* لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ([25].
وأخبرنا الحبيب المصطفى r بقوله: {إن الشيطان قال: وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم. فقال الرب: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني}[26].

*- خروج القحطاني.
جاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله r {لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه}[27] .
- قحطان قبيلة من قبائل اليمن -
* جاء في كتاب البدء والتاريخ للمقدسي 1/319، قوله : واختلفوا فيه من هو؟ قيل: إنه رجل صالح، وروي عن كعب أنه قال: (يموت المهدي ويبايع بعده القحطاني)[28].
وقال الحافظ في الفتح ما نصه-: لَمْ أَقِف عَلَى اِسْمه، وَلَكِنْ جَوَّزَ الْقُرْطُبِيّ أَنْ يَكُون جهجاه، الَّذِي وَقَعَ ذِكْره فِي مُسْلِم مِنْ طَرِيق أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ: {لأ تَذْهَب الأَيَّام وَاللَّيَالِي حَتَّى يَمْلِك رَجُل يُقَال لَهُ: جهجاه}، أَخْرَجَهُ عَقِب حَدِيث الْقَحْطَانِيّ.
قَوْله: (يَسُوق النَّاس بِعَصَاهُ)
هُوكِنَايَة عَنْ الْمُلْك، شَبَّهَهُ بِالرَّاعِي وَشَبَّهَ النَّاس بِالْغَنَمِ، وَنُكْتَة التَّشْبِيه التَّصَرُّف الَّذِي يَمْلِكهُ الرَّاعِي فِي الْغَنَم، وَهَذَا الْحَدِيث يَدْخُل فِي عَلأمَات النُّبُوَّة مِنْ جُمْلَة مَا أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل وُقُوعه وَلَمْ يَقَع بَعْد.
وَقَدْ رَوَى نُعَيْم بْن حَمَّاد فِي الْفِتَن مِنْ طَرِيق أَرَطْأَة بْن الْمُنْذِر - أَحَد التَّابِعِينَ مِنْ أَهْل الشَّام - أَنَّ الْقَحْطَانِيّ يَخْرُج بَعْد الْمَهْدِيّ، وَيَسِير عَلَى سِيرَة الْمَهْدِيّ .

*- خروج الجهجاه.
جهجاه رجل سيملك الدنيا ، وخروجه من علامات الساعة ونص الحديث هو:
جاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: {لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له: الجهجاه}. وفي رواية: {حتى يملك رجل من الموالي يقال له الجهجاه} [29].
* أصل الجهجهة الصياح بالسبع يقال: (جهجهت بالسبع أي زجرته بالصياح وهذه الصفة توافق ذكر العصا والله أعلم)[30].






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009, 11:24 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات يوم القيامه

خروج المهدي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
من أشراط الساعة خروج المهدي، فالمهدي هوعبارة عن حلقة الوصل بين علامات الساعة الصغرى والكبرى، حيث يعاصر t ويعايش ثلاث علامات من علامات الساعة الكبرى على الأرجح، وهي: خروج الدجال - لعنه الله -، ونزول عيسى - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-، وخروج يأجوج ومأجوج - لعنهم الله - وهم من كل حدب ينسلون ! !!!

قبل الشروع بالحديث عن المهدي نُذَكِّر بالحديث الذي حدَّث به رسول الله r مخبراً عن الأحقاب الزمنية التي ستعاصرها هذه الأمة وكل حقبة من سيحكمها، وبشارته عليه الصلاة والسلام بالخلافة الإسلامية في آخر تلك الأحقاب، فقال عليه الصلاة والسلام: {تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فيكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم يكون ملكا جبريا، فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت} [1].
ومن العلامات الدالة على قرب خروج المهدي، بل هي أكثر دلالة وتأكيدا، هي ما أخبر عنها النبي r في حديثه: {لتملأن الأرض جورا وظلما، فإذا ملئت جورا وظلما، بعث الله رجلا مني، اسمه اسمي، فيملؤها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما}[2].
فإذن المهدي t يخرج في وقت عمًّ الفساد والظلم والجور أنحاء المعمورة فيأذن الله سبحانه وتعالى بخروج المهدي tليملأها قسطاً وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

وهناك أيضاً علامتان تحدث قبل خروج المهدي، العلامة الأولى تحرير فلسطين وتهيئتها كي تكون أرض الخلافة القادمة بمشيئة الله تعالى، وهذا يكون قبل المهدي وليس كما يظن البعض أن الذي سيحرر فلسطين هوالمهدي، وقد ذكرنا ذلك في رسالة لنا أسميناها نهاية دولة اليهود على ضوء الكتاب والسنة فراجعها على موقعنا في الانترنيت www almojahed. info - - ولا بد أن نتناول الحديث عن بعض فقراتها في هذه الحلقة إن شاء الله تعالى.

العلامة الثانية وهي: انتهاء كل تطور تقني طرأ على الأرض من أقمار صناعية إلى مركبات فضاء إلى طائرات وسفن بحرية والأسلحة والحاسوب وغير ذلك، وستفتقر الأرض إلى هذا كله وستعود إلى سابق عهدها قبل تطورها،- البعض يقول إن هذا ظني الدلالة لا قطعي، أقول إن كان عند البعض ظني إلا أنه عند ي قطعي للأدلة التي سأوردها إن شاء الله تعالى في حينها.

من هوالمهدي وما هي صفته وما هي العلامة المؤكدة والمميزة لظهوره؟
ما هي الحروب والملاحم والفتن الذي سيقود فيها المهدي جيوش المسلمين في الأيام الأخيرة بين يدي الساعة…… الخ؟؟؟؟؟.
المهدي رجل من المسلمين من آل بيت النبي r من ولد الحسن بن علي بن فاطمة بنت رسول الله r، واسم المهدي كاسم النبي r، واسم أبيه كاسم أب النبيr
والأرض تنتظر ظهور المهدي في وقت سيقدره الله سبحانه وتعالى، إذ لا يعلم وقت ظهور المهدي ملك مقرب ولا نبي مرسل، فهومن الأمور الغيبية التي اختص الله سبحانه وتعالى نفسه بعلمها؛ ويخرج المهدي في آخر الزمان يؤيد الله به الدين ويمكث سبع سنين أوثماني أوتسعا وعلم ذلك عند علاَّم الغيوب، فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا، وتنعم الأمة خلال عهده نعمة لم تنعم بها قط، بعد أن تكون ذاقت شتى أنواع الابتلاء من جوع وخوف وقتل وغير ذلك، فتخرج الأرض في عهده نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويعطي المال بغير عدد – نسأل الله أن يعجل بخلافته.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى(النهاية في الفتن والملاحم 1/18): (وفي زمانه – أي المهدي - تكون الثمار كثيرة والزروع غزيرة والمال وافراً والسلطان قاهراً والدين قائماً والعدوراغماً والخير في أيامه دائماً)، ووصف النبي عليه الصلاة والسلام المهدي وصفا دقيقا، كما وصف عيسى # وكما وصف الدجال عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وصف النبي r المهدي بأنه أجلى الجبهة – أي واسع الجبهة ــ، وقال r أنه أقنى الأنف، وهوالأنف الذي له أرنبة دقيقة وله حدة في الوسط أودقة في الوسط، وهذا وصف يدل على جمال الخلقة وحسن الصورة والمنظر، فقد جاء عن أبي سعيد الخدري أن النبي rقال: {المهدي مني أجلى الجبهة (الجلي هوانحسار الشعر عن مقدم الرأس)، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، ويملك سبع سنين}. [3]
يصلحه الله في ليلة كما جاء عن النبيr قال: {المهدي منا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة[4]{.
وقد وقف أهل العلم عند قوله r: {يصلحه الله}، فقالوا: - يصلحه الله أي يطهره الله من كل ذنب.
والقول الثاني: أي يهيئه الله عز وجل ويعده للخلافة، - كما يقول أحدكم لخادمه أولأهله أصلحوا لنا المكان سيأتينا زوَّار الليلة، أي هيِّئوا لهم المكان - وهذا القول هوالأكثر وضوحا، يصلحه الله في ليلة، أي يهيئه الله عز وجل للخلافة في أيام الفتن والملاحم الأخيرة التي ستكون بين يدي الساعة، يؤيده الله عز وجل بنصره وعونه إذ إن ظهور المهدي ليس أمرا كسبيا منه، أي لا ينبغي أن يقول أحد – إنني سأجتهد في العبادة والطاعة لأكون المهدي، فإن الله يظهره ويؤيده لأن ظهور المهدي ليس أمرا كسبيا كما أن النبوة ليست أمرا كسبيا وإنما لأن ظهور المهدي أمرٌ قدري في وقت يريده الله الرب العلي.
والأحاديث التي وردت بشأن المهدي t بلغت حد التواتر، والمتواتر عند جمهور العلماء يفيد العلم القطعي، أي العلم به واجب والإيمان به فرض عين على كل مسلم ومسلمة، وهذه الأحاديث الواردة في شأن المهدي عن النبي الصادق r نذكر منها: -
ما رواه أبوسعيد الخدري t قال: قال الحبيب المصطفى r: {يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحا، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعا أوثمانيا}[5].
وجاء عن عبد الله بن مسعود t قال: قال رسول الله r: {لا تذهبوا أولا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي بواطئ اسمه اسمي}[6].
وفي رواية: {لولم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل من أهل بيتي بواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا} [7].
وقال أيضاً: {لتملأن الأرض جورا وظلما فإذا ملئت جورا وظلما يبعث الله رجلا مني اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما فلا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها يمكث فيكم سبعا أوثمانيا فإن أكثر فتسعا}[8].

وهناك تعليق لشيخنا المحدث العلاَّمة - محمد ناصر دين الألباني- بمناسبة ذكر هذا الحديث حيث قال رحمه الله: ما أظن أنَّ هذا أوان ظهوره – أي المهدي – فهذا مقتضى السنة الكونية، وما أحسب المهديَّ يقدر خلال سبع سنين على أن يحدث من التغيير في العالم أكثر مما أحدثه رسول الله r خلال ثلاثٍ وعشرين سنة، وظني أن المهدي سيكون رجلاًً فريدًا في كل باب: فريداً في علمه، فريداً في روعه، فريداً في عبادته، فريداً في خلقه، وأنه سيظهر وقد تهيَّأ للعالم الإسلامي وضع صَلُحَ فيه أمر الأمة، وتمت فيه مرحلتا " التصفية والتربية، ولم يبقَ إلا ظهور الزعيم المصلح الذي يقوده وهوالمهدي.

وقال رحمه الله تعالى عن المهدي: فهوفي الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة – كما صح عنه r: يبعث الله على رأس كل مائة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها – فكما أن ذلك لا يستلزم ترك السعي وراء طلب العلم، والعمل به، لتجديد الدين، فكذلك خروج المهدي لا يستلزم التواكل عليه، وترك الاستعداد والعمل لإقامة حكم الله في الأرض؛ بل والعكس هوالصواب، فإن المهدي لن يكون أعظم من نبينا r، الذي ظلَّ ثلاثة وعشرين عاماً، وهويعمل لتوطيد دعائم الإسلام، وإقامة دولته؛ فما عسى أن يفعل المهدي، لوخرج اليوم، فوجد المسلمين شيعاً وأحزاباً، وعلماءهم – إلا القليل منهم – اتخذهم الناس رؤوسا، لما استطاع أن يقيم دولة الإسلام؛ إلا بعد أن يوحد كلمتهم، ويجمعهم في صف واحد، وتحت راية واحدة، وهذا – بلا شك – يحتاج إلى زمن مديد، الله أعلم به. فالشرع والعقل معاً يقضيان: أن يقوم بهذا الواجب المخلصون من المسلمين، حتى إذا خرج المهدي، لم يكن بحاجة إلا أن يقودهم إلى النصر، وإن لم يخرج فقد قاموا بواجبهم، والله تعالي يقول:
) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ([9]. انتهى كلامه رحمه الله.

ونستأنف ذكر الأحاديث:
وقال r أيضاً: {المهدي من عترتي من ولد فاطمة}[10].
وقال أيضاً: {يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده} [11]. وفي رواية: قال: {يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، ولا يعده عدا} [12].
ومما مضى من الأحاديث يتبين أن الأحاديث الواردة في شأن المهدي متواترة تواترا معنويا كما ذكرت سلفا.

ونأتي إلى سؤال مهم وهو: كيف نعلم بظهور المهدي؟
لقد خرج أناس كثيرون كل يدعي أنه المهدي، فكيف نعلم أن هذا الرجل الذي يقول في مكة أنه المهدي، أنه هوالمهدي حقا الذي أخبر عنه الحبيب النبي r؟!
- علماً أن المهدي نفسه لا يعلم انه المهدي إلا في الليلة التي يصلحه الله تعالى فيها - وهذا أمر مهم جدا…..؟
والجواب أن النبي r قد ذكر لنا علامة أكيدة مميزة للمهدي t دون غيره من الأدعياء الكذابين؛ ولنتدبر قول الصادق الأمين r.
وروى مسلم عن عَائِشَةَ < أنها قَالَتْ: عَبَثَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي مَنَامِهِ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ فَقَالَ: {الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ} فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ؟ قَالَ: {نَعَمْ فِيهِمْ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى يَبْعَثُهُمْ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ}.
حديث آخر: {يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم} قيل: يا رسول الله! فكيف بمن كان كارها؟ قال: {يخسف به معهم ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته} [13].
حديث آخر: {سَيَعُوذُ بِهَذَا الْبَيْتِ يَعْنِي الْكَعْبَةَ قَوْمٌ لَيْسَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلا عَدَدٌ وَلاعُدَّةٌ يُبْعَثُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنْ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ}، قَالَ يُوسُفُ أحد رواة الحديث: (وَأَهْلُ الشام يَوْمَئِذٍ يَسِيرُونَ إِلَى مَكَّةَ)[14].

قد يسأل سائل: قد علمنا أن المهدي لا يعلم نفسه أنه هوالمهدي إلا في الليلة التي يصلحه الله فيها، فكيف عرف ممن هم حوله والذين يعوذون بالبيت معه كما في الحديث الذي ذُكِرَ آنفا؟ كيف عرف هؤلاء أن الذي نصروه وآزروه هوالمهدي الذي نبَّأَ النبي r بخروجه؟!!!

أقول وبالله التوفيق: إن نبينا r وصف لنا المهدي صفته الخَلقية بوصف دقيق كما بينَّا سابقاً، وكذلك اسمه وكنيته، وكذلك الفترة الزمنية التي يعيشها المسلمون قبيل خروجه من ظلم وتعسف وجور وهذا ليس مقصوراً على المسلمين فحسب؛ بل سيتعدى غيرهم إلى أن يسود أنحاء المعمورة كما بيَّن الحبيب المصطفى وأخبر صلوات الله وسلامه عليه، ويزداد يقيناً عند متبعيه أنه هوالمهدي بإصلاح الله له وهذه العلامة وغيرها لا يعلمها عامَّة الناس إلا من منَّ الله عليه بهذا العلم الصحيح المنهجي، ويهديهم الله تعالى لذلك، فتتجلى الحقيقة أمامهم وتتضح كوضوح الشمس وسط النهار فيسارعون إلى بيعته بين الركن والمقام كما بيَّن رسولنا الكريم وأخبر، حيث جاء في الصحيحة(2/78) من قوله r:
{ يبايع لرجل بين الركن والمقام ….} .أخرجه أحمد عن أبي هريرة
فيذاع خبر المهدي وظهوره وبيعة الناس له في مكة حتى يصل إلى مسامع الحكام الظلمة من العرب والمسلمين، فيجهِّزون جيشاً عظيماً لقتاله في مكة وفي وسط الكعبة كما أخبر بذلك النبي r، كما جاء في الصحيحة (المصدر السابق): {… ولن يستحلَّ البيت إلا أهله، فإذا استحلُّوه فلا تسأل عن هلكة العرب} فيهلكهم الله تعالى بالخسف، ويزلزل الله سبحانه وتعالى الأرض من تحتهم عند وصولهم بيداء من الأرض وهومكان بين مكة والمدينة، كما بين المصطفى r بالأحاديث التي ذكرناها سابقا، وهذا فضل من الله تعالى ومنَّة، أنه سبحانه كفى الفئة القليلة من المؤمنين هذا الجيش العرمرم الكبير، وهنا يتجلَّى مصداق قوله تعالى:
)إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ* أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ([15].

وكيف ستتم عملية الخسف؟ نذكرها على النحوالتالي:
خسف في وسط الجيش، تنشق الأرض وتبتلعهم فيعلوصراخ الجند أثناء الخسف بهم فيضطرب الجنود المدججون بالسلاح الذين في مقدمة الجيش وينادون من هم في المؤخرة ماذا حدث؟
وإذا بالخسف الثاني يعقب الخسف الأول يعقبه خسف في أوله ثم خسف بآخره فلا يبقى منهم إلا الذي سيذيع خبر مصرعهم. وهنا يتجلى قول الحق جلَّ علا: ) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ([16].
قال r: {ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأوسطهم وينادي أولهم أخرهم ثم يخسف بهم فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم}[17].
يُبقِي الله عز وجل رجلا ليخبر الناس خلفه عن الخسف الذي نزل بأمر الله عز وجل وحلَّ بالجيش، ليشتهر وينتشر أمر المهدي وخبره، وهذه هي العلامة الأكيدة والمميزة لظهور المهدي t، فإذا ظهر رجل في مكة وأعلن عن نفسه أنه المهدي وبايعه على ذلك فئة قليلة في بادىء الأمر، وخرج على أثر ذلك جيش لقتاله فخسف الله عز وجل بهذا الجيش الأرض، علمنا بأن هذا الرجل هوالمهدي، وإن كل المسلمين على وجه الأرض في هذه اللحظة سيعلمون أن الرجل الذي ظهر بمكة هوالمهدي، وحينئذ يرحل كل مسلم على وجه الأرض ليبايعه، وتصبح البيعة هنا واجبة فرض عين. ثم يتقدم المهدي هذه الجحافل المؤمنة الطائعة ليقود بهم الملاحم الأخيرة.

فما هي أهم الملاحم والحروب التي سيقود فيها المهدي t كتائب المسلمين في آخر الزمان؟؛ وهذا درس من أهم الدروس التي تملأ قلوب المستضعفين من المسلمين الآن بالأمل في أن الإسلام بموعود الله وبموعود الصادق رسول الله r سيظهره الله على الدين كله، وهذا مما أوحى الله تعالى إلى نبيه r، وبشر عليه الصلاة والسلام أمته بذلك، فقال رسول الله r: {بعثت بجوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم رأيتني أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي} [18].
وعن ثوبان، قال: قال رسول الله r: {إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها …} [19].
وقال أيضاً: {ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أوذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر}[20]. وليبلغن هذا الأمر أي الدين ما بلغ المشرق والمغرب ولا شك أنهما يبلغان جميع الكرة الأرضية -.
وفي رواية: {لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله كلمة الإسلام بعز عزيز أوذل ذليل إما يعزهم الله عز وجل فيجعلهم من أهلها أويذلهم فيدينون لها} [21].
إذن فما إن يخسف الله عز وجل بالجيش الذي خرج لملاقاة المهدي الأرضَ ويعلوذكر المهدي وينتشر خبره، حتى يأتيه المسلمون من كل بقاع الدنيا لبيعته فيقوي الله سبحانه وتعالى شوكة المهدي t ويشد عضده بالمؤمنين الصادقين الذين يشتاقون للجهاد في سبيله تحت رايته فهوالخليفة الذي سيرفع راية التوحيد بعون الله تعالى وتأييده، على نهج السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين وإقامة دولة الإسلام، فيشد المسلمون على يد المهدي ليبايعوه على النصرة وعلى الجهاد، ولإعلاء كلمة الله عز وجل تحت شعار إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة - أسأل الله أن يرزقنا الشهادة في سبيله – فيجمع المهدي جيشاً كبيراً جدا من الموحدين من كل بقاع الأرض، فيكون هذا الجيش خير أجناد أهل الأرض يومئذٍ، ولا يجد هذا الجيش بقيادة المهدي وقتا للراحة أوللنوم، وإنما يخوضون كثيرا من الحروب والملاحم والمعارك التي يرتفع فيها صهيل الخيول وتسمع فيها قعقعة السيوف والرماح، وتبلغ فيها القلوب الحناجر، ويسقط فيها كثير من القتلى والجرحى، حتى تخوض الخيول في برك من الدماء والأشلاء، ولنا أن نتصور أن العالم كله سيقف على قلب رجل واحد لقتال المهدي، ولنا البُشرى فما من معركة سيخوضها المهدي إلا وسينصره الله وهوالقوي العزيز، القائل:
) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ(.[22]

المعركة الأولى: - غزوجزيرة العرب.
المعركة الثانية: - غزوبلاد فارس.
المعركة الثالثة: - غزوبلاد الروم، أي: - أوروبا وأمريكا.

ملاحظة: هناك فتح لروما الفاتكان على الأرجح في زمن المهدي والله أعلم، حيث جاء عن أبي قبيل، قال: كنا عند عبدالله بن عمروبن العاص وسئل أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أورومية؟ فدعا عبدالله بصندوق له حِلَق، قال: فأخرج منه كتابا، قال: فقال عبدالله: بينما نحن حول رسول الله r نكتب، إذ سئل رسول الله r أي المدينتين تفتح أولا أقسطنطينية أورومية؟ فقال رسول الله r: {مدينة هرقل تفتح أولا}[23]. يعني قسطنطينية. وقد تحقق الفتح الأول على يد الفاتح العثماني بعد ثمانمائة سنة من إخبار النبي r بالفتح وسيتحقق الفتح الثاني بإذن الله تعالى ولا بد. – انتهى.

لمعركة الرابعة: - فتح القسطنطينية.
المعركة الخامسة: - قتال الدجال واليهود والنصر عليهم.

لوتصورنا بعد هذه المعارك التي سيخوضها المهدي، سنجد أن معظم العالم سيقاتل المهدي عليه السلام.
وجاء عن نافع بن عتبة أن النبي r قال} : تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله}[24].
وفي الحديث الذي رواه معاذ بن جبل t أن النبي r قال: {عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال[25]{.
وفي الحديث الذي رواه أبي هريرة أن النبي r قال: {لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود} [26].

ونأتي الآن إلى تفصيل هذه المعارك:
المعركة الأولى: فتح بلاد العرب: - أول جيش سيخرج لقتال المهدي من بلاد العرب كما ذكرنا سابقاً – يغزوجيش الكعبة - فيخرج هذا الجيش لقتال المهدي فينصر الله عز وجل المهدي بمدد غيبي من عنده سبحانه وتعالى، أي بأمر قدري لا دخل فيه لبشر، ولا دخل فيه لجيش، فيؤيد الله المهدي في هذه المعركة الأولى والتي ستبين للمسلمين في الأرض أن هذا الرجل هوالمهدي حقا، فيخسف الله بهذا الجيش الذي خرج لملاقاة المهدي، وبعد هذه المعركة يخرج المهدي t ويبسط سلطانه على كل الجزيرة العربية التي ستفتح أبوابها بعد هذا النصر الغيبي له، - وقد يكون هناك بعض المعارك المحلية في جزيرة العرب ولكن تكون خفيفة، حيث قذف الله في قلوبهم الرعب بخسف جيشهم الجرار - ويتحقق فورا قول النبي r: {تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله {رواه مسلم عن نافع

المعركة الثانية: فتح بلاد فارس- بعد سيطرة المهدي على الجزيرة العربية كلها ستخرج بلاد فارس بحدها وحديدها لملاقاة المهدي الذين هم من الشيعة، الذين لا يرقبون في مؤمن من أهل السنة إلا ولا ذمة، يخرجون لقتال المهدي # - لأنهم يعتقدون أن المهدي المنتظر هو- محمد بن الحسن العسكري -، وأنَّه دخل في سرداب في سامرَّاء وكان له من العمر خمس سنين وينتظرون خروجه منه ولن يخرج أبداً، قال ابن كثير: "وهذا من خرافاتهم وهذيانهم وجهلهم وضلالهم وترهاتهم"[27]،
فيهزمهم المهدي شر هزيمة، ويتحقق قول النبي: r {ثم تغزون فارس فيفتحها الله{، فيمتد سلطان المهدي من جزيرة العرب، ويتجه إلى ناحية الشرق إلى بلاد فارس، فيسيطر عليها سيطرة كاملة بموعود الحق تبارك وتعالى وبموعود الرسول عليه الصلاة والسلام.

المعركة الثالثة: الملحمة الكبرى: - وصف النبي هذه المعركة كأنه يحارب في هذا الجيش، والذي يقود كتائبه المهدي #. والمعركة هي قتال الروم أي - أوروبا وأمريكا -، وهي الملحمة الكبرى، وهي أشد الملاحم وأعنفها على الإطلاق، وأما سبب هذه المعركة فهوكما أخبر النبي r أننا سنصالح الروم - أي النصارى – يعني أوروبا وأمريكا كما تسمى اليوم - صلحاً ثم نغزووإياهم عدواً، والعلم عند علاَّم الغيوب أن هذا العدوالمشترك للمسلمين وللنصارى، والأكثر احتمالاً هم الشيوعيون الوثنيون من روس وصينيين وغيرهم ممن هم على شاكلتهم، حيث جاء في الحديث الذي رواه أبي هريرة أن النبي rقال: {لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا وكرمان من الأعاجم، حمر الوجوه فطس الأنوف صغار الأعين كأن وجوههم المجان المطرقة{ [28].
وفي رواية لمسلم من حديث أبي هريرة أن النبي r قال: {لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون الترك، قوما وجوههم كالمجان المطرقة، يلبسون الشعر ويمشون في الشعر}. وفي رواية أخرى للبخاري من حديث أبي هريرة أن النبي r قال: {لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر، وحتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة}.
وهذا الوصف ينطبق عليهم، وقد حدثت معارك كثيرة بين المسلمين والترك في السابق وكان زعيم الترك آنذاك جنكيز خان ثم خلفه هلاكووقد عتوْا في الأرض فسادا ودمَّروا الخلافة الإسلامية وقتئذٍ وبقي الأمر على ذلك سنين طويلة حتى قيَّض الله للمسلمين تقي الدين قطز الذي طهَّر البلاد من نتنهم. وجاءت الأحاديث تبين أن معارك أخرى ستدور بيننا وبينهم، فقد يكون هذا هوالعدوالمشترك الذي سنهزمه نحن والنصارى وننتصر عليه والعلم عند الله – أما بالنسبة للمهدي فإنه هوالذي سيقاتلهم - أي يقاتل الترك – نقول: إن هذا القول لا دليل له من أحاديث المصطفى r والأولى التوقف عنده.

والبعض يعتقد أن العدوالمشترك، هم بلاد فارس – أي الرافضة (الشيعة) إيران ومن كان على شاكلتهم – وأنا أستبعد هذا القول ولوكان الأمر كذلك لما كان لهم أي شوكة بعد هزيمتهم، في أن يقاتلوا المهدي # عند خروجه، إذن إنَّ الذي يغزوفارس هوالمهدي كما جاء في حديث المصطفى r، فالأكثر احتمالاً أن العدوالمشترك هومن بلاد الترك كما أسلفنا ذكره والله تعالى وأعلم.

وبعد فترة المصالحة أي الهدنة، بين المسلمين والنصارى وبعد الانتصار المؤزر الذي حققوه على عدوهم، وفي طريق العودة للجيش المنتصر تتكشف حقيقة النصارى حيث يرفع أحدهم الصليب ويقول انتصر الصليب، فيغار رجل من المسلمين المؤمنين على دينه - دين التوحيد -، فيقوم إلى ذلك الرجل فيدفعه ويقتله، فعندئذ يغدر الروم بالمسلمين وتقع الملحمة الكبرى التي أخبر عنها الصادق الصدوق عليه الصلاة والسلام وهنا يتجلَّى قول الحق جلَّ وعلا )وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ( [29].
وإليك أخي المسلم نص الحديث قال r: {ستصالحون الروم صلحا آمنا فتغزون أنتم وهم عدوا من ورائهم فتسلمون وتغنمون ثم تنزلون بمرج ذي تلول فيقوم رجل من الروم فيرفع الصليب ويقول: غلب الصليب! فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فيغدر القوم وتكون الملاحم فيجتمعون لكم فيأتونكم في ثمانين غاية مع كل غاية عشرة آلاف} [30] - أي ثمانمائة ألف جندي -.
وفي رواية أخرى قال r: {اعدد ستا بين يدي الساعة: موتي، ثم فتح بيت المقدس، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا}[31]. أي حوالي تسعمائة وستون ألف جندي وهذا على الأغلب.

وهنا لنا وقفة للتوضيح وهي: أن هذا الصلح مع الروم الذي أخبر عنه النبي r يكون بعد تحرير أرض فلسطين من أيدي المغتصبين اليهود، إخوان القردة والخنازير بعون الله تعالى، والدليل على ذلك:
أن المهدي # عندما ينصره الله سبحانه وتعالى بخسف الأرض بأعدائه ويشد الله عزيمته بتأييد المؤمنين له وبيعته ويظهره الله علي جزيرة العرب كافة، بعد ذلك يقيم الخلافة في بيت المقدس، حيث جاء عن عبد الله بن حوالة الأزدي، قال: وضع رسول الله r يده على رأسي أوقال: على هامتي، ثم قال: {يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك} [32].
والمقصود من قوله عليه الصلاة والسلام: {فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام} أي لقرب الساعة وعلاماتها الكبرى تكون وقتئذٍ على الأبواب، حيث أول تلك البلابل خروج المسيح الدجال عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وخروج يأجوج ومأجوج لعنهم الله وغير ذلك وسنأتي لتفصيل ذلك عند بدء الحديث عن أشراط الساعة الكبرى إن شاء الله تعالى.
وقال أيضاً: {خراب يثرب عمران بيت المقدس} ومعنى خراب يثرب أي هجران أهلها لها باتباعهم للمهدي ونزولهم في بلاد الشام لأنها ستكون خير بقاع المسلمين وقتئذٍ، كما أخبر الحبيب المصطفى r وأوصى أصحابه للعيش بها، حيث قال r: {يتركون المدينة على خير ما كانت؛ لا يغشاها إلا العوافي (يريد: عوافي السباع والطير)، وآخر من يحشر راعيان من مزينة يريدان المدينة، ينعقان بغنمهما، فيجدانها وحشا…}[33].
ومعنى عمران بيت المقدس أي سيعمر بيت المقدس ويتنفس الصعداء بأهله الموحدين المؤمنين المخلصين الذين سيقيمون دار الخلافة فيه، بينما كان يرضخ لأحقر وأذل قوم على وجه الأرض خلال أسره في أيدي إخوان القردة والخنازير، ومما صحَّ عن الحبيب r من الأحاديث في هذا الباب نذكر منها: قوله r: {صفوة الله من أرضه الشام، وفيها صفوته من خلقه وعباده}[34]. وقال أيضاً: {عقر دار المؤمنين بالشام} رواه الطبراني عن سلمة بن نوفل وهوفي صحيح الجامع (4014)
وقال أيضاً: {يوشك أن تطلبوا في قراكم هذه طستا من ماء فلا تجدونه، ينزوي كل ماء إلى عنصره، فيكون في الشام بقية المؤمنين والماء}[35]. أي يكون الخير كله هناك – وبلاد الشام، تشمل فلسطين وهي قلب الشام وسوريا ولبنان والأردن - وتخص فلسطين بأنها أرض الرباط لقوله r: {أول هذا الأمر نبوة ورحمة ثم يكون خلافة ورحمة ثم يكون ملكا ورحمة ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر فعليكم بالجهاد وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان} [36].
وقال أيضاً: {لا تزال من أمتي عصابة قوامة على أمر الله عز وجل، لا يضرها من خالفها، تقاتل أعداءها، كلما ذهب حرب نشب حرب قوم آخرين، يزيغ الله قلوب قوم ليرزقهم منه، حتى تأتيهم الساعة، كأنها قطع الليل المظلم، فيفزعون لذلك، حتى يلبسوا له أبدان الدروع}، وقال رسول الله r: {هم أهل الشام، ونكت رسول الله r بإصبعه يؤمئ بها إلى الشام حتى أوجعها}[37].
وجاء أيضاً عن ابن أبي قتيلة عن ابن حوالة قال: قال رسول الله r: {سيصير الأمر إلى أن تكونوا جنودا مجندة، جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق}، قال ابن حوالة: خر لي يارسول الله إن أدركت ذلك، فقال: {عليك بالشام فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبى إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمنكم، واسقوا من غدركم، فإن الله توكل لي بالشام وأهله} [38].
وجاء أيضاً: عن زيد بن ثابت الأنصاري t قال: سمعت رسول الله r يقول:
{ يا طوبى للشام! يا طوبى للشام! يا طوبى للشام}! قالوا: يا رسول الله وبم ذلك؟ قال: {تلك ملائكة الله باسطوا أجنحتها على الشام} [39].
وجاء أيضاً: عن عبد الله بن عمروقال: قال رسول الله r: {إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي، فنظرت فإذا هونور ساطع عمد به إلى الشام، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام} [40].
وجاء أيضاً: عن عبد الله بن حوالة أنه قال: يا رسول الله، اكتب لي بلدا أكون فيه، فلوأعلم أنك تبقى لم أختر على قربك. قال: {عليك بالشام - ثلاثا} فلما رأى النبي r كراهيته للشام قال: {رأيت ليلة أسري بي عمودا أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة، قلت: ما تحملون؟ قالوا: نحمل عمود الإسلام، أمرنا أن نضعه بالشام، وبينا أنا نائم رأيت كتابا اختلس من تحت وسادتي، فظننت أن الله تخلى من أهل الأرض، فأتبعت بصري، فإذا هونور ساطع بين يدي، حتى وضع بالشام، فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه، وليستق من غدره، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله} [41].
وجاء أيضاً: عن سالم بن عبد الله عن أبيه  قال: قال رسول الله r: {ستخرج نار في آخر الزمان من حضرموت تحشر الناس} قلنا: بما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: {عليكم بالشام} [42].
وجاء أيضاً: عن بهز بن حكيم بن معاوية القشيري، عن أبيه، عن جده قال: قلت يا رسول الله أين تأمرني؟ فقال: {هاهنا وأومأ بيده نحوالشام …}[43].
وجاء أيضاً: عن واثلة بن الأسقع t قال: قال رسول الله r: {يجند الناس أجنادا جند باليمن وجند بالشام وجند بالمشرق وجند بالمغرب}، فقال رجل: يا رسول الله خر لي إني فتى شاب فلعلي أدرك ذلك فأي ذلك تأمرني قال: {عليك بالشام}[44].
وجاء أيضاً: عن أبي هريرة t: أنه سمع رسول الله r يقول: {إذا وقعت الملاحم بعث الله من دمشق بعثا من الموالي أكرم العرب فرسا، وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم الدين} [45].
وجاء أيضاً أن النبي r دعا للشام بالبركة فقال: {اللهم بارك لنا في مكتنا اللهم بارك لنا في مدينتنا اللهم بارك لنا في شامنا وبارك لنا في صاعنا وبارك لنا في مدنا}. فقال رجل: يا رسول الله وفي عراقنا. فأعرض عنه فرددها ثلاثا، كل ذلك يقول الرجل: وفي عراقنا فيعرض عنه، فقال: {بها الزلازل والفتن وفيها يطلع قرن الشيطان}[46].

فالخلافة إذاً ستنزل في بيت المقدس، وهل يُعقل أن خلافة إسلامية تكون في بيت المقدس واليهود ما زالوا فيه بالطبع هذا هراء، وقد يقول قائل:
إن المهدي هوالذي سيحرر فلسطين من براثن اليهود ثم يقيم الخلافة هناك. أقول:
إذا كان الأمر كذلك فهل هذا الشيء غاب عن النبي r الذي أخبر عن المعارك التي سيقودها المهدي ضد أعداء الله، ولم يأت ذكر معركة مع اليهود، باستثناء هذا الحديث الذي أخبر عنه النبي r قائلا: {لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود}[47].
فهذا الحديث يدعم الذي قلناه وهوبعد أن يمُنَّ الله تعالى على عباده المؤمنين بنصرهم على أعدائهم الروم، وفتح قسطنطينة يرجعون إلى بيت المقدس مقر الخلافة، فيخرج الدجال عليه لعنة الله عندئذٍ يتبعه سبعون ألفاً من يهود أصبهان، فيأتون من خارج فلسطين وليس من داخلها ويحاصرون الخلافة الإسلامية في بيت المقدس، وبعد مقتل عدوالله الدجال على أيدي المسيح ابن مريم # فيختبئ اليهود وراء الأحجار والأشجار فيتتبعهم المهدي # ومن معه من المؤمنين لقتلهم، وسيأتي الحديث عن هذه المعركة بالتفصيل إن شاء الله تعالى عند ذكر الدجال لعنه الله تعالى…….
إذن إن الصلح مع الروم سيكون بعد تحرير فلسطين من السرطان الأكبر في قلب العالم الإسلامي كما ذكرنا، حيث لم يأت من الأحاديث التي تشير إلى ذكر لليهود في الصلح مع الروم ولا في القتال ضد العدوالذي سيغزوه جيوشهم - أي جيش المسلمين وجيش الروم، وكذلك عندما يغدر الروم بالمسلمين على أثر مقتل رجل منهم على يد رجل مسلم غيور على دينه، فيأتون في ثمانين غاية مع كل غاية عشرة ألاف وفي رواية اثني عشر ألفاً لم يكن هناك ذكر لليهود مطلقاً بهذه المعركة والتي هي الملحمة الكبرى كما سماها النبي r في بعض الأحاديث التي سنوردها لاحقاً.
فلما يفتح الله فارس في وجه الجيش الإسلامي وقائدهم الخليفة الراشد المهدي محمد بن عبد الله عندئذٍ يأتي جيش الروم الجرار وينزلون بالأعماق أوبدابق، وهما موضعان بالشام بالقرب من حلب وقيل هي بشمال سوريا. فيخرج إليهم جيش المسلمين بإمرة المهدي من المدينة المنوَّرة، والله أعلم أن المهدي # ومن معه من المؤمنين لما ينتهون من فتح فارس يلجؤون إلى المدينة المنورة ولما يسمعون بخروج الروم يخرجون إلى الشام فيقيمون معسكر قيادتهم بالغوطة أوما يسمى - بغرفة العمليات - كما جاء في الحديث: {فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بأرض يقال لها الغوطة، فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ}[48].
وبعد ذلك ما الذي يحصل! ! استمع لحبيبك المصطفى r ماذا يقول في حديثه الذي رواه أبي هريرة t قال: {لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أوبدابق فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل الأرض يومئذ، فإذا تصافوا قالت الروم: خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم فيقول المسلمون: لا والله لا نخلي بينكم وبين إخواننا، فيقاتلونهم، فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا، ويقتل ثلثهم هم أفضل الشهداء عند الله، ويفتتح الثلث لا يفتنون أبدا، فيفتتحون قسطنطينية، فبينما هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون إذ صاح فيهم الشيطان إن المسيح قد خلفكم في أهليكم، فيخرجون، وذلك باطل، فإذا جاءوا الشام خرج، فبينما هم يعدون للقتال، ويسوون الصفوف، إذ أقيمت الصلاة، فينزل عيسى بن مريم فإذا رآه عدوالله - الدجال - ذاب كما يذوب الملح في الماء، فلوتركه لذاب حتى يهلك، ولكن الله يقتله بيده، فيريهم دمه على حربته{[49].
فبين هذا الحديث أنَّ الجيشين لما يصطفان للقتال يقول الروم للمسلمين سلِّموا لنا الذين أصابوا منَّا - سواء بالقتل أوبالأسر- كي نقتلهم، فيرفض المسلمون أن يسلِّموا أحداً من إخوانهم لأعداء الله وأعدائهم.
ولما يرفض المسلمون طلب الروم وعندما يتحقق وقوع القتال بينهم ينخذل ثلث جيش المسلمين فيجبنون فلا يستطيعون القتال فيفرون من أرض المعركة فأولئك يتبرَّأ الله منهم فلا يتوب عليهم أبداً - أي من ذلك الإثم، إثم الفرار من الزحف -، والثلث يستشهدون فيكونون خير شهداء أهل الأرض يومئذٍ والثلث الباقي ينتصرون يفتح الله عليهم فهؤلاء يعصمهم الله من الفتن فلا تضرهم بعد ذلك فتنة ما دامت السماوات والأرض.
وإلى تفاصيل أحداث تلك المعركة إليك أخي المسلم الآتي:
فقد جاء في الحديث المرفوع برواية مسلم عن يسير بن جابر قال: (هاجت ريح حمراء بالكوفة، فجاء رجل ليس له هجير فقال: يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة جاءت الساعة، فقعد عبد الله بن مسعود فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا ونحاها نحوالشام ثم قال: عدويجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام، قلت: الروم تعني، قال: نعم، وتكون عند ذلكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة، فإذا كان اليوم الرابع، نهد إليهم أهل الإسلام، فيجعل الله الديرة عليهم (على الروم)، فيقتتلون مقتلة لم يُرَ مثلها، حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعادوا بنوالأب كانوا مئة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد فبأي غنيمة يفرح أوبأي ميراث يقاسم).
نتبيَّن من هذا الحديث كيف سيكون سريان تلك المعركة، ستكون المقتلة أوالمعركة عظيمة في نزال متواصل لمدة أربعة أيام لا تهدأ فيها السيوف إلا بليل يحجز بينهم وبنهاية اليوم الرابع تتمخَّض الحرب عن النتائج الآتية:
1- ينهزم الروم هزيمة منكرة لم يروا مثلها ويقتل منهم أعداد كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى، فيهلك معظمهم ويجعل الله الدائرة عليهم .
2- ينصر الله تعالى عبده المهدي # بعد أن يلاقي المسلمون شدة وبلاء عظيمين وبعد أن تبلغ القلوب الحناجر وبعد أن يبتلوا بخذلان ثلث جيشهم، وقد زلزلوا زلزالا شديدا عندها يأتيهم نصر الله تعالى الذي وعد به عباده المؤمنين وكان أمر الله مفعولا، وهنا يتجلَّى قول الحق جلَّ في علاه: ) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرض كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ([50]. وقوله تعالى: )…ِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ([51].
وهنا لنا وقفة للتبيان وهي كما ذكرنا سابقاً أن خروج المهدي سيكون بعد تحرير فلسطين بعون الله تعالى، وبعد بطلان السلاح الحديث على أغلب الظن، وذكرنا الأدلة على أن تحريراً سيكون بعون الله تعالى قبل المهدي، وأما أدلة بطلان الأسلحة الحديثة التقنية فهوالآتي:

* أدلة بطلان الأسلحة الحديثة على ضوء الكتاب والسنة.

أولاً: آية في كتاب الله تبين أن الحضارة والتقدم سيصلان إلى ذروتهما وعند ذلك يظن أهل الأرض من علماء وباحثين وصانعين أن يكون بإمكانهم عمل أي شيء أوتنفيذ أي اختراع فعند ذلك يأتي أمر الله تعالى إلى الأرض فتصبح قفراً بعدما أغناها الله به من حضارة وتقدم والدليل في قول الله جل وعلا:
) إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرض مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الأَرض زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَونَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ[52](.

ثانياً: أخبرنا رسول الله × أنه سيكون بيننا وبين الروم مقتلة عظيمة لم يُرَ مثلها عند مرج دابق في الشام – وللتعرف إلى مرج دابق فإن مرجا تعني: السهل الكبير الواسع بالإضافة إلى بعض الوديان تتخله وفيه بعض التلال، وأما كلمة دابق: هواسم مذكر لبلد وهوفي الأصل اسم نهر.
ومرج دابق هي قرية تقع في شمال سورية وهي إحدى قرى مدينة تمزاز التي تتبع بدورها لمدينة أومحافظة حلب، وتبعد عن مدينة حلب أربعة فراسخ – الفرسخ ثلاثة أميال، والميل = 1748متراً.
وهي مرج معشب كثير العشب، وكان ينزل به بنومروان، كذلك فيها قبر الخليفة سليمان بن عبد الملك، كذلك يحده شرقاً قرية صغيرة يقال لها دويبيق، كذلك في هذا السهل كانت هناك المعركة الفاصلة في التاريخ بين المماليك والعثمانيين وانتصر فيها العثمانيون سـنة (1516)م.
ويكون عدد الروم تسعمائة وستون ألف جندي مع قلة عدد المسلمين وقد نبأنا رسول الله × بذلك في الحديث الصحيح فقد قال رسول الله × في الحديث الذي رواه مسلم {.. فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب ثم يشترط المسلمون شرطة للموت ….} [53] إلى نهاية الحديث حتى يأتي اليوم الرابع فيفتح الله على المسلمين بالنصر المؤزر بعونه تعالى، وفي هذا الحديث إشارة واضحة أن هذا القتال يدور بالنهار فقط حتى يحجز الليل بين المسلمين والكفار وهذا خير دليل على أن الحرب ستكون حينئذ بالسيف والرمح وغير ذلك وليس بالسلاح الحديث الذي نعرفه الآن لأننا نعرف جميعاً أن أفضل أوقات الحرب للمعركة في زمننا هذا هوالليل أوعلى الأقل لا يحجز الليل بين المتقاتلين ولا يكون سبباً لتوقف القتال وكذلك بين الحديث أن المسلمين والروم رغم كثرة العدد يتجمعون في مكان واحد متقابلين وهذا لا يستساغ فهماً ولا يُقبَل عقلاً بأي حال من الأحوال مع بقاء السلاح الحديث، ولعدة أسباب أيضاً منها: أن منطقة مرج دابق هي منطقة تعد صغيرة فلا تكاد تستوعب تلك الجيوش الجرارة بسلاحها الأبيض وهي الرماح والسيوف والنشب، فكيف إذا كانت تلك الجيوش مدججة بكافة الأسلحة الحديثة، هذا محال ولا يكون ذلك إلا في الخرافات أوفي قصص ألف ليلة وليلة، وهنالك بعض المعلومات العسكرية التي نستند إليها بكلامنا هذا وقد أخذناها من بعض الخبراء العسكريين أصحاب الخبرة حول تجهيز الجيوش والذي أفادنا ببعض المعلومات وهي:
1- أن الجيش يتكون من أربعة فرق وهوقابل للزيادة في حالة الحرب.
2- والفرقة أربعة ألوية وإذا كانت مجحفلة يصل تعدادها ما يقارب من 15 ألفا إلى 20 ألف جندي.
3 - واللواء يتكون من أربع كتائب.
4 - والكتيبة تتألف من أربع سرايا وفي حالة الحرب قد تصل الكتيبة إلى ست سرايا.
5 - والسرية تتكون من 11 دبابة.
6 - والدبابة تغطي مداها 21 k)) مثل الدبابة مركافا وهي صناعة يهودية ومثل الدبابة (54 T-). ××
نفهم من هذا أن الكتيبة تتكون من -48- دبابة، واللواء يتكون من- 484=192- دبابة، والفرقة تتكون من - 1924=768- دبابة مع -20- (عشرين ألف جندي)، فكيف إذا كان جيش تعداده -960 - ألف جندي أي ما يقارب المليون جندي فكم يكون تعداد الآليات معه؟؟! !! وأي بلاد تستوعبه! !.
وأيضاً هناك وفي الجهة المقابلة الجيش الآخر وهوفي هذه المعركة جيش المسلمين، وإن كان تعداده أقل من جيوش الكفر ولكنه يشكل مساحة على الأرض. ولوكان القتال بالسلاح الحديث فيجب أن يكون هناك مسافات بينهما وهي على النحوالتالي:
2 - نقطة تجمع اللواء المكون من أربع كتائب يبعد عن خط القتال من - 35 إلى 40 كم - هذا في الهجوم وهوخلاف الدفاع الذي يكون فيه خط الدفاع الرئيسي عن الحدود - 65 كم -.
3 - وخط انتشار الكتائب في الهجوم من - 8 إلى 12 كم - من خط القتال.
4 - وخط انتشار السرايا في الهجوم من- 4 إلى 6 كم - من خط القتال.
5 - وخط انتشار الفصائل في الهجوم من – 2 إلى 3 كم - من خط القتال.
وكذلك هناك تغطية جوية من طيران مقاتل إلى مروحيات وغير ذلك ومن المعلوم عند المتخصصين ان مرحلة هجوم الطائرات المروحية من مسافة انتظار - 35 كم - وتبدأ بالقصف من مسافة - 8 كم إلى 15 كم - ومرحلة استخدام الطائرات المقاتلة تبدأ بالهجوم من مسافة - 70 كم إلى 80 كم - فبعد هذا كله أيقول عاقل إن هذه المعركة ستكون بالسلاح الحديث؟؟!!

ثالثاً: بين الحبيب × أنه بعد قتال الروم ستفتح قسطنطينة وأن المؤمنين عندها يقسمون الغنائم بينهم وقد علقوا سيوفهم على شجر الزيتون وهنا يذكر الرسول × أن القتال سيكون بالسيف ولا نرى أننا يجب أن نؤوِّل حديث الرسول إلى غير تأويله.

رابعاً: عندما يسمع المسلمون صياح الشيطان يخبرهم بخروج المسيح (الدجال) عند ذلك يبعثون جماعة لاستطلاع الأمر مكونة من عشرة فرسان من خيرة فرسان أهل الأرض يومئذ كما قال الرسول × ثم قال × {إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم} ولوكان سلاحنا الحديث هنا موجودا مثلاً لاختلف وضع الاستطلاع كما نعرف جميعاً ولكن هذه إشارة واضحة جلية أن هذا السلاح لن يكون موجوداً في ذلك الزمان، بل يكون في خبر كان!.
خامساً: خروج الدجال في آخر الزمان يصاحبه سبعون ألفاً من أتباعه من اليهود كلهم ذوسيف محلى وساج كما جاء في حديث الرسول r الذي رواه أبوأمامة الباهلي t وقد بين هذا الحديث أن الدجال لم يأت بطائرات ولا آليات مدرعة، ولم يأت مستخدماً السلاح الذي نعرفه الآن وإنما ذكر الرسول × أنه يأتي يتبعه سبعون ألفاً عليهم الطيالسة.
وكذلك عندما يَمُن الله على المؤمنين بمقتل الدجال على يد المسيح # يرى المؤمنون دم الدجال على حربة السيد المسيح # ثم بعد ذلك اختباء اليهود وراء الأحجار والأشجار، كل هذا يدل على اختفاء السلاح الحديث الذي نعرفه الآن، حيث من المعلوم أن اليهود لا يقاتلون جميعاً إلا في قرى محصّنة أومن وراء جدر، كما أخبر بذلك الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز، وهذا ما نشاهده اليوم على الحقيقة،
فكيف لهؤلاء الجبناء أن يتَّققُوا من الطائرات والصواريخ والمدافع وحتى البنادق الصغيرة خلف الحجر والشجر والدواب؟!! هل يقول بهذا عاقل؟.
سادساً: خروج يأجوج ومأجوج بالرماح والنشب وليس بحاملات الطائرات ولا بالآليات المدرعة ولا بحاملات الجنود ولا بغيرهم، إذ أخبر الرسول × أن المسلمين سيوقدون سبع سنين من قسيهم ونشبهم وأترستهم بعد القضاء عليهم من قبل جند الله تعالى الذي أرسله عليهم.

سابعاً: قال الرسول × {----- يا عباد الله فاثبتوا – أي عند خروج الدجال - قالوا يا رسول الله ما لبثه في الأرض قال أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم قالوا يا رسول الله فذلك اليوم كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا اقدروا له} [54].

ثامناً: ليلة طلوع الشمس يكون مقدار تلك الليلة بليلتين أوثلاث من باقي الليالي، ولا يعرف ذلك إلا المتنفلون أي الذين يقيمون الليل، فيرقدون ثم يستيقظون لصلاة الليل، ثم ينامون ثم يستيقظون وهكذا والفجر لم ينفجر بعد - وهذا ما سنذكره عند آية طلوع الشمس من مغربها - الشاهد هوأن التوقيت الزمني بالساعات يذهب هوالآخر، وإلا هذا المتنفل كان بإمكانه أن يضبط منبهه على الوقت الذي يريده من الليل وانتهى أليس كذلك؟.

تاسعاً: في آخر علامة من علامات الساعة الكبرى وهي (نار تخرج من قعر عدن تحشر الناس إلى محشرهم)، الشاهد أن الناس يفرون من تلك النار العظيمة لا بطائراتهم ولا بسفنهم ولا بمركباتهم، بل على الإبل، وصفة هذه النار (أنها تقيل مع الناس حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا)، ومن المعلوم عند كل ذي لب أن الفار من الموت لا بد أن يستخدم أسرع ما يملك من وسائل النقل للفرار منه، فكيف إذا كان الموت بواسطة نار عظيمة هي أعظم نار عرفتها الدنيا فبالله عليك هل يفر منها الفار على ظهر بعير قد لا تتجاوز سرعته ثلاثين أوأربعين كيلومترا في الساعة وعنده الطائرات النفاثة والسفن الحديثة والمركبات وغير ذلك، فهل هذا يعقل؟!!!
إذن التوقيت الزمني بالساعة يذهب ولا يبقى من مظاهر حضارتنا العلمية هذه شيئاً أبداً وإن كنا لا نعرف الكيفية التي ستنتهي بها هذه الحضارة ولكننا نصدق ما جاء على لسان رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ونود أخيراً أن نقول إن من يَرُد أحاديث الحبيب المصطفى × فهوعلى شفا هلكة ولوحديثاً واحداً، كما روي عن الإمام أحمد أنه قال: {من رد حديثاً صحيحاً عن رسول الله فهوعلى شفا هلكة}.
ولا يجوز أن نصرف أحاديث رسول الله r على غير الوجه الذي ذكره، - أي لا نأولها ونحملها على أنها مَجاز - إلا إذا لم تقبل ذلك المعنى.
فيتبين من خلال هذه الأحاديث أن المعركة العنيفة بين المسلمين وبين الروم والتي سميت بالملحمة الكبرى، التي لم يُرَ مثلها، كما قال النبي r، وستدور رحاها في بلاد المسلمين في سوريا أودمشق، أي في بلاد الشام بمكان يسمى الأعماق أودابق كما بيَّنا ذلك ومكان موقعها.
والروم حين يجمعون للمسلمين يأتون تحت ثمانين غاية أوراية وتحت كل راية اثنا عشر ألفا كما ذكر النبي r، فيقولون: للمسلمين خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا نقاتلهم، فيقول المسلمون لأهل الروم: لا والله لا نخلي بيننا وبين إخواننا، وهذا يدل على أن كثيراً من النصارى – نصارى الغرب - '' أوروبا وأمريكا " ــ سيسلمون ويقاتلون مع المسلمين، فيريد الروم أن يبدءوا المعارك مع المسلمين لينتقموا من أولئك الذين تركوا معسكرهم وأسلموا لله عز وجل، فتبدأ المعركة التي قال فيها النبي r: {ستقتتلون مقتلة عظيمة لم يُرَ مثلها} رواه مسلم وينصر الله عز وجل المهدي # في هذه المعركة وكتائب جيش التوحيد بمنَّة من الله وفضل. وبعد انتهاء المعركة العنيفة والتي لم يُرَ مثلها كما بيَّن الحبيب r وأخبر، يستريح المسلمون بعد ذلك ويعلقون سيوفهم على شجر الزيتون، ويبدؤون بتقسيم الغنائم والحزن يعتلي قلوبهم لفقد آبائهم في تلك المعركة وأبنائهم وإخوانهم كما قال r: {… فيتعادُّ بنوالأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا رجل الواحد، فبأي غنيمة يُفرَح أوأي ميراث يُقسَم ….} رواه مسلم.
ولكن هل انتهت المعارك بين أهل الإيمان وأهل الكفر بانتهاء هذه المعركة؟ بالطبع لا، فسرعان ما ينتهون من هذه المعركة ويأخذون قسطاً من الراحة يسارع الأمير المبارك المهدي # بإعطاء أوامره بالتحرك إلى قسطنطينة حيث إن العمل ما زال أمامه كبير وعمره t على تحصيله قليل فهوموقن يقينا قطعياً لا تشوبه شائبة أنه سيمكث في هذه الأرض بضع سنين بعد خروجه تصديقاً لما أخبر به الحبيب المصطفى r.

وهنا تبدأ المعركة الرابعة: فتح القسطنطينية: - وهي الأستانة أوأسطنبول وهي تركيا حيث من المعلوم أنها كانت عاصمة الخلافة الإسلامية ولزمن بعيد حتى جاء عدوالله العميل الاستعماري كمال مصطفى أتاتورك فألغى الخلافة الإسلامية وارتضى العلمانية بدلاً عنها - وقد أخبر النبي الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام بأن القسطنطينية ستفتح بقيادة المهدي #، ولكن العجب أن القسطنطينية لن تفتح برمح ولا بسيف ولا بخيل، وإنما تفتح بسلاح عظيم لا يفوقه سلاح ولواستخدمته الأمة بحق ويقين ما استطاع أن يصمد أمامها أعتى جنود الأرض، وذلك السلاح الرباني، سلاح التوحيد وهي: لا إلـه إلا الله، الله أكبر.
فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: {سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر}- قالوا نعم يا رسول الله سمعنا بها، فقال عليه الصلاة والسلام: {لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحق، فإذا جاءوها نزلوا، فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم، قالوا: لا إله إلا الله، والله أكبر فيسقط أحد جانبيها الذي في البحر، ثم يقولون: لا إله إلا الله، والله أكبر فيسقط جانبها الآخر، ثم يقولون لا إله إلا الله، والله أكبر فيفرج لهم، فيدخلونها، فيغنمون، فبينما هم يقتسمون الغنائم، إذ جاءهم الصريخ فقال: إن الدجال قد خرج فيتركون كل شئ ويرجعون}، وفي رواية: {فبينا هم يقتسمون الغنائم قد علقوا سيوفهم بالزيتون،إذ صاح فيهم الشيطان: إن المسيح قد خلفكم في أهليكم فيخرجون}، وذلك باطل- أي كذب من الشيطان حتى لا يتم على المؤمنين فرحتهم بنصر الله المؤزر لهم، فيرفضون – أي يتركون - ما في أيديهم، ويقبلون فيبعثون عشر فوارس طليعة). قال رسول الله r: {إني لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم، وألوان خيولهم، هم خير فوارس، أومن خير فوارس، على ظهر الأرض يومئذ} [55].
ذكر النبي r الفوارس وأنه يعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، وإن من المسلمين من لا يصدق هذا الكلام ولوكان من عند المصطفى الصادق عليه الصلاة والسلام، وهؤلاء الذين يعبدون العقل من دون الله عز وجل، ويقدمون العقل على النقل وإن صح، وإننا لا نقلل من شأن العقل، ولكن نور العقل لا يصطدم مع نور الوحي أبدا.
إن نور الوحي لا يطمس نور العقل أبدا، بل يباركه ويزكيه ويقويه)، لكن لا ينبغي على الإطلاق أن يقدم العقل على صحيح النقل، وإن صح النقل عن الله ورسوله، بل ينبغي أن نسلم وأن نعلم يقينا بأن الله سيهئ الكون في لحظة يريدها ليقع ما أخبر به نبيه الصادق المصدوق والذي لا ينطق عن الهوى، وليس لمخلوق على وجه الأرض أن يقف على كيفية ذلك. وهكذا تفتح القسطنطينية بلا قتال ولا سلاح ولا سهام.

وأخيراً هل انتهت المعارك التي يشارك بها المهدي # بعد فتح قسطنطينة؟
الجواب - لا - لم تنته معارك المهدي ومن معه من المؤمنين الصادقين المتقين.







آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009, 11:26 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات يوم القيامه

نزول المسيح عليه الصلاة والسلام من السماء
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـد
*- ومن علامات الساعة الكبرى نزول المسيح عليه الصلاة والسلام من السماء وقبل أن نبدأ الحديث عن عيسى r وعن وصفه والأعمال التي يقوم بها بعد نزوله، لذلك لا بد من أن نشير إلى الأدلة في الكتاب والسنة التي تثبت نزول عيسى r وتدحض كثيراً من أقوال المتشدقين والمجادلين الذين لا يرون نزول عيسى r من السماء حقيقة واقعة لا محالة، وقد أشرنا في مقدمة هذه الحلقات إلى تأويل بعض أولئك لنزول عيسى r بأنه رمز معنوي للخير والعطاء والهداية إلى غير ذلك - أي يكون نزولاً معنوياً وليس حسِّياً حقيقياً -، بل وصل الحال بالبعض إلى أن ذهبوا بالقول أبعد من ذلك حيث قالوا: هل بقي عيسى r حياً؟ وسينزل إلى الأرض ليجدد دعوة دين الله بنفسه؟ أم المراد بنزول عيسى هوانتصار دين الحق، وانتشاره من جديد على أيدٍ مخلصة تعمل على تخليص المجتمع الإنساني من الشرور والأثام؟ إلى غير ذلك، فإليك أخي في الله نقض هذا وذاك بأدلة البيان من الكتاب والسنة والله المستعان.


أولاً قال تعالى: ) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ([1]. قال ابن كثير في تفسيره: المراد بالوفاة هاهنا النوم كما قال تعالى: )وهوالذي يتوفاكم بالليل( الآية وقال تعالى: )الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها( الآية وكان رسول الله r يقول إذا قام من النوم: {الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور} [2].وقال تعالى: )وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَاناً عَظِيماً * وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ( ، إلى قوله: )َمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً * بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً * وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً( (النساء من الآية 156 إلى 159).
والضمير في قوله: {قبل موته} عائد على عيسى r أي وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى وذلك حين ينزل إلى الأرض قبل يوم القيامة على ما سيأتي بيانه، فحينئذ يؤمن به أهل الكتاب كلهم لأنه يضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام أوالقتل، وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن أنس عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: {إني متوفيك} يعني وفاة المنام رفعه الله في منامه.
وهذا امتحان الله لعباده لما له في ذلك من الحكمة البالغة، وقد أوضح الله الأمر وجلاه وبينه وأظهره في القرآن العظيم الذي أنزله على رسوله الكريم، المؤيد بالمعجزات والبينات والدلائل الواضحة فقال تعالى وهوأصدق القائلين ورب العالمين المطلع على السرائر والضمائر، الذي يعلم السر في السموات والأرض، العالم بما كان وما يكون وما لم يكن لوكان كيف كان يكون:) وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم(
أي رأوا شبهه فظنوه إياه، وجاء عن ابن عباس في تفسير هذه الآية نحومن هذا وهو:

أنه لما تيقن عيسى عليه السلام أن بني يهود أتوْا لقتله، وكان في بيت ما من إحدى البيوت، وكان معه بعض أصحابه الحوارين، قال لهم عيسى عليه السلام : (من يجلس في مكاني فيلقي الله عليه شبهي ويكون رفيقي في الجنة؟) فبادر لذلك شاب منهم، ورفع الله تعالى عيسى إليه، فدخل المجرمون من بني يهود، فقتلوا ذلك الشاب وصلبوه، ووضعوا على رأسه الشوك وطافوا به إلى غير ذلك، فشاع الخبر بين الناس أن المسيح عليه السلام قد قتل ثم صلب.
ولهذا قال تعالى: )وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ( يعني بذلك من ادعى أنه قتله من اليهود، ومن سلمه إليهم من جهل النصارى كلهم في شك من ذلك وحيرة وضلال وسعر. أورده ابن كثير في تفسيره (2/449) 0

وفي هذه المناسبة أود أن أذكر هذه الأبيات كتبها بعض أهل العلم الأجلاء، ردَّاً على زعم النصارى أن المسيح هوابن الله، وأنَّ الله تعالى أنزله إلى الأرض ليفدي خطايا الناس بدمه، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا، وأنَّ اليهود قد قتلوه ثم صلبوه، وإليك أخي المسلم هذه الأبيات:

عجبا للمسيح بين النصارى وإلى الله ولدا نسبوه
أسلموه إلى اليهود وقالوا إنهم من بعد قتله صلبوه
فلئن كان ما يقولون حقا وصحيحا فأين كان أبوه
حين خلى ابنه رهين الأعادي أتراهم أرضوه أم أغضبوه
فإذا كان راضيا بأذاهم فاشكروهم لأجـل ما صنعوه
وإذا كان ساخطا غير راضٍ فاعبدوهـم لأنهّــم غلبوه

وقال آخر
يا عُبَّاد المسيح لنا سؤالٌ نريد جواباً ممن وعاه
إن مات الإلــه بصنع قومٍ أماتوه فهل هذا إلـــه
ويا عجباً لقبرٍِ ضمَّ رباً وأعجب منه قبرٌ وعاه
فقام هناك تسعاً من الشهور من دم حيضٍ غزَّاه
ثمَّ شقَّ الفرج مولودٌ ضعيفٌ فاتحٌ للثدي فاه
يأكل ويشرب ثم يأتي بلازم ذاك فهل هذا إلـــه
تعالى الله عن إفك النصارى سَيُساَل كلهم عما افتراه

قال تعالى: )وما قتلوه يقينا( أي وما قتلوه متيقنين أنه هو، بل شاكين متوهمين )بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا( أي منيع الجناب لا يرام جنابه ولا يضام من لاذ ببابه )حكيم( أي في جميع ما يقدره ويقضيه من الأمور التي يخلقها وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة والسلطان العظيم والأمر القديم )وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ( أي برفعي إياك إلى السماء )وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ(.
وقوله تعالى: )وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ( معنى ذلك )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته( يعني قبل موت عيسى يوجه ذلك إلى أن جميعهم يصدقون به إذا نزل لقتل الدجال فتصير الملل كلها واحدة وهي ملة الإسلام الحنيفية دين إبراهيم # .
ذكر من قال ذلك: حدثنا ابن بشار عن ابن عباس )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته( قال: قبل موت عيسى بن مريم # وقال العوفي عن ابن عباس مثل ذلك، وقال أبومالك في قوله: )إلا ليؤمنن به قبل موته( قال: ذلك عند نزول عيسى قبل موت عيسى ابن مريم عليه السلام لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به. وقال ابن جرير عن الحسن: )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته( قال: قبل موت عيسى والله إنه لحي الآن عند الله، ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون.
وقال ابن أبي حاتم: قيل للحسن: يا أبا سعيد ما تقول في قول الله عز وجل )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته(؟ قال: قبل موت عيسى، إن الله رفع إليه عيسى وهوباعثه قبل يوم القيامة، مقاما يؤمن به البر والفاجر، وكذا قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد، وهذا القول هوالحق كما سنبينه بعد بالدليل القاطع، إن شاء الله وبه الثقة وعليه التكلان.

ثانياً: جاء من قوله تعالى في محكم تنزيله: ) وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ * وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُومَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ * إِنْ هُوإِلا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائيلَ * وَلَونَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأرْضِ يَخْلُفُونَ*وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ([3].
وقوله تعالى )وإنه لعلم للساعة( جاء في تفسير القرآن العظيم لابن كثير(2/47) قوله: أي هذا عائد على عيسى عليه الصلاة والسلام فإن السياق في ذكره ثم المراد بذلك نزوله قبل يوم القيامة كما قال تبارك وتعالى: )وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته( أي قبل موت عيسى عليه الصلاة والسلام )ثم يوم القيامة يكون عليهم شهيدا( ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى: {وإنه لعَلَمٌ للساعة} أي أمارة ودليل على وقوع الساعة، قال مجاهد: )وإنه لعلم للساعة ( أي آية للساعة خروج عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام قبل يوم القيامة.
وهكذا روي عن أبي هريرة وابن عباس وأبي العالية وأبي مالك وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله r أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا.
وقوله تعالى: )فلا تمترن بها( أي لا تشكُّوا فيها إنها واقعة وكائنة لا محالة )واتبعون( أي فيما أخبركم به )هذا صراط مستقيم(.

وجاء عن الشنقيطي رحمه الله قوله: وإيضاح هذا أن الله تعالى قال: )وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ( ثم قال تعالى: )وَمَا قَتَلُوهُ( أي عيسى، )وَمَا صَلَبُوهُ( أي عيسى )وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ( أي عيسى )وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ( أي عيسى، )لَفِي شَكٍّ مِنْهُ(أي عيسى، )مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ( أي عيسى )وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً( أي عيسى، )بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ( أي عيسى، )وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلأ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ( أي عيسى، ) قَبْلَ مَوْتِهِ( أي عيسى، )وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً( أي يكون عيسى عليهم شهيداً.وكذلك في قوله تعالى: )وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ(، )وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ( أي عيسى ابن مريم وهذه الآية عائدة على ما قبلها )مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلأ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ([4]، )إِنْ هُو( أي عيسى، )إِلأ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ( أي أنعم الله تعالى على عيسى وهي الرسالة والمعجزات )وَجَعَلْنَاهُ( أي عيسى،) مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائيلَ([5]،) وَإِنَّهُ( أي عيسى، )لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ( أي عيسى إنه من علامات الساعة )فلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ([6].

ثالثاً: قال تعالى: )وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ([7]، أي عيسى بن مريم حيث جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى: )إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ([8].
جاء هنا تفسيران أومعنيان لأهل العلم لكلمة - كهل - كما جاء في تفسير القرآن للقرطبي، فمنهم من قال: يكلم الناس في المهد (آية) ويكلمهم كهلاً (بالوحي والرسالة) آية أخرى.
ومنهم من قال: كلمهم في المهد وقد حدث، وسيكلمهم وهوكهل وهذا بعد نزوله بأمر الله تعالى من السماء، كما قال أبوالعباس: كلمهم في المهد حين برَّ أمه فقال: {إني عبد الله} وأما كلامه وهوكهل فإذا أنزله الله تعالى من السماء؛ أنزله على صورة ابن ثلاث وثلاثين سنة وهوالكهل فيقول لهم: {إني عبد الله} كما قال وهوفي المهد
[9]، قال النحاس: إنما الكهل عند أهل اللغة من ناهز الأربعين (انظر تفسير القرطبي 4/ 91).

فبهذا يتبين لنا أن عيسى # كلَّم الناس وهوفي المهد، ولكن لم يكلمهم وهوكهل وخاصة بعد ما علمنا من علماء اللغة كما قال النحاس أن الكهل ما بلغ الأربعين، وما كان فوق ذلك. وقد ثبت في السنة عن أنس قال: قال رسول الله r لأبي بكر وعمر: {هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، لا تخبرهما يا علي} [10].
ومعنى الحديث: أنهما أي أبا بكر وعمر كانا خيرا كهلين وجدا على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين، فهما في الجنة كذلك، علماً أن أعمار أهل الجنة في سن ثلاثٍ وثلاثين لا يتجاوزه، لقوله عليه الصلاة والسلام: {يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا كأنهم مكحلون أبناء ثلاث وثلاثين} [11]. ولكن كناية على ما كانا عليه في الأرض من العمر, والله أعلم.
ومن المعلوم عند علماء التفسير أن عيسى عليه السلام رفع إلى السماء وهوابن ثلاث وثلاثين سنة، وينزل من السماء إلى الأرض وهو في هذا العمر.
وقد يسأل البعض: كيف رفع وهوابن ثلاث وثلاثين وينزل وهوفي نفس العمر ابن ثلاث وثلاثين؟ نقول:

أولاً: إن الأمر كله بيد الله تعالى فله الأمر من قبل ومن بعد.

ثانياً: إن السماء وما فيها من مخلوقات الله تعالى لا يجري عامل الزمن عليها كما هوالحال على الأرض، حيث إن الشمس والقمر اللذين جعلهما الله تعالى سبباً لمعرفة عدد السنين والحساب في هذا الكون وما فيه من أراض ٍ وكواكب وكل ذلك في ما دون السماء الدنيا، فعامل الزمن إذاً في السماوات مختلف عن عامل الزمن في الأرض وما شابهها من الكواكب، قال تعالى: )وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ([12]. وقد ثبت في السنة أن عيسى عليه السلام في السماء الثانية، كما صح ذلك عن الحبيب المصطفى r في قصة الإسراء والمعراج في حديث طويل نذكر منه: {… ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بابني الخالة: عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا فرحبا بي ودعوا لي بخير; …}[13].

وهنا يحضرني حديث للحبيب المصطفى r يبين فيه أن الله تعالى حفظ عيسى عليه السلام من أن يدخل فيه القرين – أي قرين الشيطان والذي لم ينج منه أحد حتى رسول الله r كما ثبت عن عائشة، قال لها رسول الله r: {أغرت} قالت: وما لمثلي لا يغار على مثلك. فقال لها رسول الله r: {لقد جاءك شيطانك} قالت: أومعي شيطاني؟ قال: {ليس أحد إلا ومعه شيطان} قالت: ومعك؟ قال: {نعم ولكن أعانني الله عليه فأسلم} رواه مسلم عن عائشة ، وقد يكون ذلك عائدا لما قدره الله تعالى على عيسى بن مريم أن سيلبث فترة من الزمن يسكن فيها السماء والله أعلم، حيث قال r: {كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب}[14].
أوقد يكون أصابته مع أمه دعوة ابنة عمران وهي أم مريم عندما دعت الله تعالى أن يحصنها ويحفظها من الشيطان الرجيم كما أخبرنا الله تعالى بذلك: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}
[15]. فاستجاب الله تعالى لدعائها كما جاء في حديثه عليه الصلاة والسلام {ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم وأمه} [16]. والله أعلى وأعلم.


رابعاً: لقد جاءت أحاديث النبي r التي وصلت حد التواتر والتي يشير فيها عليه الصلاة والسلام إلى نزول عيسى بن مريم عليه السلام آخر الزمان من السماء إلى الأرض، ويعيش فيها سنين عديدة بعد أن يقتل عدوالله الدجال ويتزوج ويحج البيت إلى غير ذلك.
وإليك أخي القارئ بعض هذه الأحاديث , فعن أبي هريرة عن النبي r قال: {لا تقوم الساعة حتى ينزل عيسى ابن مريم حكما مقسطا وإماما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد} [17].
وعنه أيضاً قال: قال رسول الله r: {والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم، حكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها}. ثم يقول أبوهريرة: فاقرؤا إن شئتم ) وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته(}[18].
قال ابن القيم رحمه الله تعالى (عون المعبود –خروج الدجال 9/361): فلا يخفى على كل منصف أن نزول عيسى بن مريم عليه السلام
إلى الأرض حكما مقسطا بذاته الشريفة ثابت بالأحاديث الصحيحة والسنة المطهرة واتفاق أهل السنة، وأنه الآن حي في السماء لم يمت بيقين. وأما ثبوته من الكتاب فقال الله عز وجل ردا على اليهود المغضوب عليهم الزاعمين أنهم قتلوا عيسى بن مريم عليه السلام : )وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ( ففي هذه الآية الكريمة أخبرنا الله تعالى أن الذي أراد اليهود قتله وأخذه، هوعيسى بجسمه العنصري لا غير، رفعه الله إليه ولم يظفروا منه بشيء كما وعده الله تعالى قبل رفعه بقوله: ) وما يضرونك من شيء( وبرفع جسده حيا فسره ابن عباس كما ثبت عنه بإسناد صحيح.
فثبت بهذا أن عيسى عليه السلام رفع حيا ويدل على ما ذكرناه الأحاديث الصحيحة المتواترة المذكورة , المصرحة بنزوله بذاته الشريفة , التي لا تحتمل التأويل. فثبت أن عيسى عليه السلام لم يمت بل يموت في آخر الزمان ويؤمن به كل أهل الكتاب. , وقد تواترت الأخبار عن رسول الله r أنه أخبر بنزول عيسى عليه السلام قبل يوم القيامة إماما عادلا وحكما مقسطا.. انتهى.

فهذه الآيات الكريمة والنصوص الصحيحة الثابتة عن رسول الله r تدل دلالة واضحة على نزول عيسى ابن مريم عليه السلام من السماء إلى الأرض عند قرب الساعة ولا ينكر نزوله إلا ضال مضل معاند للشرع مخالف لكتاب الله وسنة رسوله واتفاق أهل السنة، انتهى كلامه رحمه الله.
* وقد جاء وصف المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام على لسان الحبيب المصطفى r
، فبين صفة خلقه، ومتى ينزل وما وسيلة المواصلات لنزوله أوبمعنى أصح هبوطه من السماء، وعن هيئته حين نزوله وأين أول محطة لنزوله، مما لا يدع لأحد الحجة أن يستدرك بشيء تبليغ ما أوحى الله إليه، ومما يقطع به شك المتشككين ممن أعمى الله بصرهم وبصيرتهم عن هذا الحق المبين.

فقد جاء في الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام: {الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى، ودينهم واحد، أي دين التوحيد - وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه ليس بيني وبينه نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه؛ رجل مربوع، إلى الحمرة والبياض، …}2
وقال أيضاً: عليه الصلاة والسلام: {.. ينزل بين ممصرتين كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل،..} [19]،.
وجاء أيضاً من قولهr: {ليلة أسري بي رأيت موسى وإذا هورجل ضرب كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى فإذا هورجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس …}[20].
وجاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
r قَالَ: {أَرَانِي لَيْلَةً عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَرَأَيْتُ رَجُلاً آدَمَ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ أُدْمِ الرِّجَالِ، لَهُ لِمَّةٌ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنْ اللِّمَمِ، قَدْ رَجَّلَهَا فَهِيَ تَقْطُرُ مَاءً، مُتَّكِئًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَوعَلَى عَوَاتِقِ رَجُلَيْنِ، يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَسَأَلْتُ مَنْ هَذَا؟ فَقِيلَ: هَذَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}[21]. وشبَّهه النبي r بأحد أصحابه وهوعروة بن مسعود.
* وأما وسيلة هبوطه من السماء فتكون بأمر الله تعالى بواسطة ملكين من ملائكته سبحانه، وأول محطة وصول له عليه السلام
هي المنارة البيضاء شرقي دمشق. وزمن هبوطه من السماء يكون في الوقت الذي أمضى الدجال لعنه الله تعالى في الأرض مدة الأربعين يوماً التي منحه الله تعالى إياها بعد خروجه من مكان حبسه – وهي كما بينا سابقاً يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وباقي الأيام تكون على هيئتها الحالية.

قال r: {… فبينما هوكذلك – أي المسيح الدجال عليه لعنة الله - إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين، واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذ طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ …}[22].
فعيسى عليه السلام رجل شاب مربوع أي بين الطويل والقصير، أبيض مع احمرار ممزوج في البياض، وهذا من جمال الخلقة، حيث وصفه النبي r كأحسن ما أنت راءٍ من أُدْمِ الرجال، سبط الشعر أي ناعم الشعر يقطر بالماء له لمة – أي شعره ناعم مضروب على الكتفين – قد رجَّلَه – أي سرَّحه - وكأنه خارج من حمام، إذا طأطأ رأسه قطر منه الماء، وإذا رفعه تحدَّر منه حبات كاللؤلؤ، ينزل لابساً ثوبين؛ إزارا ورداء مصبوغين (بين مهرودتين) قال النووي: معناه لابس مهرودتين: أي ثوبين مصبوغين بورس, ثم بزعفران. وقيل هما شقتان , والشقة نصف الملاءة. (ممصرتين) - الممصرة من الثياب- التي فيها صفرة خفيفة , واضعا يده على أجنحة ملكين، أول نزول له يكون شرقي دمشق عند المنارة البيضاء، قال النووي: هذه المنارة موجود اليوم شرقي دمشق. ويكون هناك معسكر للمسلمين على رأسهم المهدي، والله أعلم يكون ذلك المعسكر في منطقة الغوطة، حيث ذلك المكان كان عبارة عن معسكر للقيادة الإسلامية أثناء المعارك التي خاضتها جيوش المهدي ضد أعدائها أمثال الروم وغيرهم، وعندما يخرج الدجال عليه اللعنة، تعود بعض تلك الجيوش إلى الغوطة والبعض الآخر إلى بيت المقدس وجبل الطور، لعلمهم اليقين أنه لا قبل لأحد على قتال الدجال وقتله إلا المسيح ابن مريم عليه السلام، وذلك كما أخبر عنه الحبيب المصطفى r في الأحاديث التي سنذكرها إن شاء الله تعالى في هذه الرسالة.
روى أبوداود عن مكحول، أن رسول الله r
قال: {موضع فسطاط المسلمين في الملاحم أرض يقال لها: الغوطة} [23].
وجاء في الحديث عن أبي الدرداء
t أنه سمع رسول الله r يقول: {في الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها: الغوطة فيها مدينة يقال لها: دمشق خير منازل المسلمين يومئذ}[24].
فيكون وقت نزوله عند الفجر، تحديداً بعد الإقامة لصلاة الفجر، وبعد أن يتقدم المهدي عليه السلام ليؤم القوم وقد كبَّر للصلاة، وإذا به يسمع أصواتا تنبعث من خلفه، وتبشر بنزول نبي الله عيسى عليه السلام
من السماء، وأنه أصبح بين أظهرهم وهوعلى الوصف الذي وصفه به رسول الله rكما بيَّنا ذلك آنفا، فيرجع المهدي إلى الوراء مقدِّماً المسيح عليه السلام ليؤم هوبالنَّاس، فيأبى ذلك ويضع يده على كتف المهدي ويقول: أنت صلِّ بالناس، ثم لما ينتهي المؤمنون من صلاتهم ينهضون قياماً، ويسلِّمون على نبي الله عليه السلام ، ويبلِّغونه السلام من الرسول r تنفيذاً لوصيته عليه الصلاة والسلام، والتي وصَّى بها أصحابه حيث قال: {من أدرك منكم عيسى ابن مريم، فليقرئه مني السلام} [25]. وبهذا أخبر الحبيب المصطفى r فقال: {.. وإمامهم رجل صالح فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح؛ إذ نزل عليهم عيسى ابن مريم الصبح، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشي القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول له: تقدم فصل فإنها لك أقيمت. فيصلي بهم إمامهم …} رواه ابن ماجه عن أبي أمامة وهوفي صحيح الجامع, .
وجاء أيضاً من قوله r: {لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال: فينزل عيسى بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا،إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة}. رواه مسلم عن جابر
وعن أبي هريرة قا ل: قال رسول الله r
: {كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم}[26].

وجاء أيضاً عند مسلم: {كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم}، وفي رواية: {منكم}؟، فرجع ذلك الإمام ينكص- يمشي القهقرى – ليتقدم عيسى، فيقول: تعال صل لنا، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: {لا؛ إن بعضكم على بعض أمراء؛ تكرمة الله هذه الأمة}، تقدم فصل، فيصلي بهم إمامهم.
قال الحافظ في الفتح: وجاء عند أحمد أيضاً من حديث جابر في قصة الدجال ونزول عيسى: {وإذا هم بعيسى, فيقال تقدم يا روح الله , فيقول: (ليتقدم إمامكم فليصل بكم} وقال أبوالحسن الخَسْعِيّ الآبِدِيّ في مناقب الشافعي: تواترت الأخبار بأن المهدي من هذه الأمة، وأن عيسى يصلي خلفه، حدثنا الجوزقي عن بعض المتقدمين قال: معنى قوله: {وإمامكم منكم} يعني أنه يحكم بالقرآن لا بالإنجيل. وقال ابن التين: معنى قوله: {وإمامكم منكم} أن الشريعة المحمدية متصلة إلى يوم القيامة, وأن في كل قرن طائفة من أهل العلم، وهذا والذي قبله لا يبين كون عيسى إذا نزل يكون إماما أومأموما, وعلى تقدير أن يكون عيسى إماما فمعناه أنه يصير معكم بالجماعة من هذه الأمة.
قال الطيبي: المعنى؛ يؤمكم عيسى حال كونه في دينكم. ويعكر عليه قوله في حديث آخر عند مسلم - فيقال له: {صل لنا, فيقول: لا, إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة} وقال ابن الجوزي: لوتقدم عيسى إماما لوقع في النفس إشكال ولقيل: أتراه تقدم نائبا أومبتدئا شرعا , فصلى مأموما لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله r: {لا نبي بعدي}. انظر الفتح ((10/251).

والصحيح بين هذا وذاك (أن عيسى عليه الصلاة والسلام في حال أول نزول له عند المنارة البيضاء شرقي دمشق عند صلاة الفجر، يكون مأموماً وليس إماماً، كما صح الخبر من الأحاديث الصحيحة التي أوردناها آنفاً، ثم بعد ذلك لما يتحول إلى فلسطين تحديداً إلى بيت المقدس، وهي المحطة الثانية له، بعد نزوله عليه الصلاة والسلام شرق دمشق، كذلك يكون عند صلاة الفجر، فيكون هوالإمام، وبذلك يكون قد انتهى الإشكال إن شاء الله تعالى.

وقبل أن أنتقل بكم للحديث عن المحطة الثانية لنزوله عليه الصلاة والسلام، فلي مداخلة هنا لا بد منها وهي: من المعلوم من الضرورة في التوحيد أن أعظم ركن في الإسلام هي هذه الكلمة الطيبة: (أشهد أن لا إلـه إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله)، المعنى في الشطر الأول من الكلمة: أن لا معبود بحق إلا الله، ولا نعبد إلا الله، ولا نعبد الله إلا بما شرع الله، نفهم من هذا أن الأمر من قبل ومن بعد كله لله تعالى، ولا يكون العبد عبداً بحق لله تعالى إلا إذا تقيد والتزم بكل أوامر الله تعالى، وهذا عيسى عليه الصلاة والسلام كان مثال العبد المخلص والملتزم والمتقيد بأوامر سيده سبحانه وتعالى، خلقه الله سبحانه وتعالى من أمه العذراء البتول بكلمة منه فكان من أم دون أب، بمشيئة الله تعالى، وأوصاه سبحانه بهذه الوصية، والتي نطق بها من أول يوم من ولادته بأمر الله تعالى، فقال أول ما نطق: )قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنْتُ ( وهذه وصية الله له: )وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً * وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً}. وقال: {وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً ([27]. ثم لما شب وبلغ رشده، أوحى الله إليه ومنَّ عليه بالنبوة، وبعثه برسالة سماوية وهي الإنجيل إلى بني إسرائيل، فكان عليه السلام من الخمسة الأفاضل من أولي العزم من الرسل، وهم: ((نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد)) صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. ثم لما ينزله الله تعالى إلى الأرض بعد أن رفعه إليه، تتمثل العبودية عنده لله تعالى حينما يصلي مؤموماً خلف رجل من أمة محمد r، وهوفي المكانة التي ذكرناها آنفاً.
وهنا الشاهد من هذه المداخلة، وهو: تكبُّر بعض الناس من هذه الأمة المحمدية من أخذ العلم ممن هم أعلم منهم، وكذلك من الصلاة خلفهم وإن كانوا أقرأ لكتاب الله منهم، وكذلك التعصب لآرائهم وإعجابهم بأنفسهم واتباعهم الهوى، وهذا كله ما كان ليكون لوأنهم قاموا بأداء دورهم بأنهم عباد حق لله تعالى، وأنهم لم يقدموا بين يدي الله ورسوله (قولاً ولا فعلاً) وكانوا ممن قال فيهم الحق جلَّ وعلا في علاه: )وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ([28]، وقوله تعالى: )إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ([29]، وقوله تعالى: )فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً([30].

* ذكرنا فيما مضى من قصة الدجال لعنه الله أنه وكما قال r: {لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه؛ إلا مكة والمدينة} ، وأنه أيضاً: {لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة} . ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام، تحديداً جبل القدس كما جاء في الحديث: {ثم يأتي جبل إيليا، فيحاصر عصابة من المسلمين "[31]. وهناك {فيلقى المؤمنون شدة شديدة، فقالت أم شريك بنت أبي العكر: يا رسول الله! فأين العرب يومئذ؟ قال: {هم يومئذ قليل}[32].
وفي رواية أخرى أيضاً صحيحة من قوله r: {ثم يأتي الدجال جبل (إيلياء)، فيحاصر عصابة من المسلمين، فيقول لهم الذين عليهم: ما تنتظرون بهذا الطاغية [إلا] أن تقاتلوه حتى تلحقوا بالله، أويفتح لكم، فيأتمرون أن يقاتلوه إذا أصبحوا، فبينما هم يعدون للقتال، ويسوون الصفوف؛ إذ أقيمت الصلاة - صلاة الصبح -، فيصبحون ومعهم عيسى ابن مريم، فيؤم الناس، فإذا رفع رأسه من ركعته قال: سمع الله لمن حمده، قتل الله المسيح الدجال، وظهر المسلمون} رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير علي ابن المنذر وهوثقة، عن أبي هريرة وصححه الألباني، انظر قصة الدجال (144) .

ذكرنا سابقاً أن المسيح عليه السلام أول ما ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، وهناك يصلي مأموماً خلف المهدي، ثم يتحول هوومن معه من جيش المؤمنين على رأسهم المهدي إلى العصابة المُحاصَرَة من المسلمين من قبل الدجال والذين هم في بيت المقدس، فَيُقَدَّم عيسى عليه السلام للإمامة، فيصلي بهم فلما يرفع رأسه من الركوع – والله أعلم أن ذلك في الركعة الثانية، حيث صح عن النبي r {القنوت في الفجر، في حال نزل نازلة بالمسلمين، في الركعة الثانية من الفجر، بعد رفعه من الركوع، وقوله سمع الله لمن حمده، (فيكون قول عيسى عليه الصلاة والسلام): قتل الله المسيح الدجال وظهر المسلمون}، هوعبارة عن دعاء نازلة وبشرى من الله تعالى في الوقت نفسه، فإذا انصرف قال: {افتحوا الباب. فيفتح، ووراءه الدجال – أي خلف أبواب بيت المقدس - معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذوسيف محلى وساج، - فيطلبه عيسى عليه الصلاة والسلام-، - فيذهب عيسى بحربته نحوالدجال -، فإذا نظر إليه الدجال، ذاب كما يذوب الملح في الماء، - فلوتركه لانذاب حتى يهلك، ولكن يقتله الله بيده، فيريه دمه في حربته}، قال أبوحازم: قال أبوهريرة: (فيذوب كما تذوب الإهالة في الشمس) الإهالة هي: السمن أوالدهن أو ما يذوب من الألْية -، وقال عبد الله بن عمرو: كما يذوب الملح في الماء).
وأرى كأنه مادية هلامية أوكالحيوان داخل الحلزونة؛ إذا وضع عليه الملح يبدأ بالذوبان، فلما ينطلق عدوالله هارباً، يقول له عيسى عليه السلام : إن لي فيك ضربة لن تسبقني بها، فيدركه عند باب اللُّدِّ الشرقي، فيقتله (فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق)، فعندما يسمع اليهود بمقتل مخلِّصهم المزعوم، ويأتي عيسى عليه السلام بدمه على حربته ويراها المؤمنون، فيصيحون بالتكبير والتهليل، فعند ذلك يأتي الوقت الذي يتخلص فيه المؤمنون من آخر شرذمة من اليهود، ليريحوا العباد والبلاد من نتنهم، بل ويُسخِّر الله تعالى كل شيء للقتال مع عباد الله المسلمين، حتى الحجر والشجر والدواب ينطقهم الله جميعاً، يصيحون بأعلى صوت: {يا مسلم يا عبد الله، فإن هناك خلفي يهودي تعال فاقتله}، فيكون ذلك المسلم المجاهد في أمان بعلمه ويقينه بربه سبحانه وتعالى؛ بأنه سخر له كل حجر وشجر، وحائط ودابة، أن يخبروه عن كل يهودي مختبئ خلفهم، بهذا نطق الحبيب المصطفى r.
ولكن تبقى هناك شجرة خبيثة من شجر اللئام، من إخوان القردة والخنازير، لا تنطق بشيء، وهي شجرة (الغَرْقَد)، والتي أخبر عنها الصادق المصدوق أنها من شجر اليهود، فيعمد إليها ذلك المؤمن الذي آمن بكل ما أخبر به الحبيب المصطفى r من الأمور الغيبية متيقناً أن خلفها يهودي، فينقلب السحر على الساحر كما يقال، فبدلاً من أن تكون تلك الشجرة ملجأ لأولئك الخنازير الأنجاس فإذا هي تصبح أكبر علامة لملجئهم ومخبئهم، ليس باختيارها ولا بإرادة منها، ولكن رغم أنفها، وذلك بفضل الله ورحمته على عباده المؤمنين، الذين استجابوا لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، فكان النصرُ المؤزرُ حليفَهم في الدنيا، والفوز بالجنان حليفَهم في الآخرة، لما رواه أحمد والنسائي عن ثوبان t أن النبي r قال: {عصابتان من أمتي أحرزهما الله من النار: عصابة تغزوالهند، وعصابة تكون مع عيسى بن مريم عليه السلام } قال الألباني صحيح، انظر صحيح الجامع (7459).
وجاء أيضاً من حديث النواس بن سمعان t أنه قال: قال رسول الله r: {…فيطلبه - أي عيسى عليه السلام ، يطلب الدجال - حتى يدركه بباب (لُدٍّ) فيقتله، ثم يأتي عيسى ابنَ مريم قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة}[33].
وإليك أخي المسلم الأحاديث التي وردت في قتال اليهود:
روى مسلم عن أبي هريرة
t أن النبي r قال: {لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أوالشجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود} .
قد يقول قائل: إن هذا الحديث عام بقتال اليهود، لم يأت فيه تخصيص إن ذلك في زمن المهدي والمسيح عيسى بن مريم عليه السلام كما أسلفت ذكره، نرد عليه بهذا الحديث وهو:
قوله عليه الصلاة والسلام: {… فيدركه عند باب لد الشرقي فيقتله، فيهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله عز وجل يتواقى به يهودي؛ إلا أنطق الله ذلك الشيء، لا حجر ولا شجر، ولا حائط ولا دابة؛ إلا الغرقدة فإنها من شجرهم لا تنطق؛ إلا قال: يا عبد الله المسلم! هذا يهودي فتعال اقتله، فيكون عيسى بن مريم في أمتي حكما عدلا وإماما مقسطا …}[34].
وبعد أن تستريح البلاد والعباد من نتن اليهود، يبدأ المسيح عليه الصلاة والسلام يطهر الأرض من الكفرة والكافرين، وذلك بأمر يسير خصَّ الله به عيسى عليه الصلاة والسلام وهو: (أن منحه الله تعالى ريحا طيبة زكية تنبعث من جسده الطاهر الشريف، تعم جميع أنحاء البلاد التي تقع تحت نظره عليه السلام ، فتكون تلك الريح الطيبة كالمبيد القاتل لكل خبث ورجس، فعندها لا يحل لكافر أن يجد ريحه إلا ومات. و
يبقى النصارى من أهل الكتاب، يكسر المسيح عليه السلام صليبهم، ويقتل خنزيرهم، ولا يقبل منهم إلا الإسلام أوالقتل، لا يقبل منهم جزية، مما يصل الحال إلى كثير منهم أن يدخلوا الإسلام مستسلمين، ومذعنين لله رب العالمين، ومن أصرَّ على عناده وكفره منهم، فعندها يصيبه ما أصاب إخوانه الكفرة والملحدين، من الموت المحتم لهم أجمعين، وهنا يتجلى قول الحق جلَّ وعلا في علاه:
) وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلأ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً} [35]. ويدعم قولنا السابق؛ ما نطق به الفم الطاهر الطيب الزكي، فم الحبيب المصطفى r، والذي لا ينطق عن الهوى إن هوإلا وحي يوحى: {فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه} رواه أحمد والترمذي ومسلم عن الواس بن سمعان .
وجاء أيضاً: {فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام}[36].
قد يقول قائل: لماذا عيسى عليه الصلاة والسلام يكسر الصليب، ويضع الجزية أي لا يقبلها، وهذا الفعل لم يفعله النبي r؟! مما قد يصل الحال بالبعض أن يظن بعيسى عليه الصلاة والسلام أنه لا يحكم بشرع نبينا r، فما الصحيح في هذا؟ نرد عليه بقول الحافظ بن حجر رحمه الله بما أورده في كتابه العظيم (فتح الباري 10/250) قال في شرحه للحديث:
الذي جاء من قوله عليه الصلاة والسلام: (حكما) أي حاكما , والمعنى أنه ينزل حاكما بهذه الشريعة فإن هذه الشريعة باقية لا تنسخ , بل يكون عيسى حاكما من حكام هذه الأمة، وقوله: {فيكسر الصليب ويقتل الخنزير} أي يبطل دين النصرانية؛ بأن يكسر الصليب حقيقة، ويبطل ما تزعمه النصارى من تعظيمه, قوله: {ويضع الحرب}، في رواية الكشميهني (الجزية) , والمعنى أن الدين يصير واحدا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدى الجزية. وقال النووي رحمه الله في شرحه لصحيح مسلم:
قوله r: {ليوشكن أن ينزل فيكم عيسى بن مريم عليه السلام حكما مقسطا فيكسر الصليب , ويقتل الخنزير , ويضع الجزية , ويفيض المال حتى لا يقبله أحد} أما {ليوشكن} ومعناه ليقرين. وقوله: {فيكم} أي في هذه الأمة وإن كان خطابا لبعضها ممن لا يدرك نزوله. وقوله r: {حكما} أي ينزل حاكما بهذه الشريعة لا ينزل برسالة مستقلة , وشريعة ناسخة , بل هوحاكم من حكام هذه الأمة. والمقسط العادل. وقوله r: {فيكسر الصليب} معناه يكسره حقيقة ويبطل ما يزعمه النصارى من تعظيمه، وفيه دليل على تغيير المنكرات وآلات الباطل , وقتل الخنزير من هذا القبيل. وأما قوله r: {ويضع الجزية} فالصواب في معناه أنه لا يقبلها، ولا يقبل من الكفار إلا الإسلام، ومن بذل منهم الجزية لم يكف عنه بها، بل لا يقبل إلا الإسلام أوالقتل.
هكذا قاله الإمام أبوسليمان الخطابي وغيره من العلماء رحمهم الله تعالى. وقال أيضاً رحمه الله أن الذي شرَّع بنسخه – أي الجزية - ليس عيسى عليه السلام ، بل نبينا r هوالمبين للنسخ. فإن عيسى يحكم بشرعنا، فدل على أن الامتناع من قبول الجزية في ذلك الوقت هوشرع نبينا محمد r.

- ولي مداخلة هنا لتبسيط المسألة وهي: أن شريعة محمد عليه الصلاة والسلام هي قائمة بأمر الله تعالى إلى قيام الساعة، حيث لا نبي بعده، وأن هناك تشريعات شرعها رسول الله r من ضمن هذا التشريع العظيم الذي شرعه الله تعالى وأمر به نبيه r أن يبينه للناس، فإن منه من له زمانه وأسبابه، فمن أصاب ذلك الزمان أوتلك الأسباب، يتحقق عنده ذلك التشريع، وليس بمن يقوم بتحقيق هذا التشريع يكون هوالمشرع له، بل بالعكس يكون هوالمنفذ لما أمر به رسول الله r طاعة لله وللرسول، وإليك أخي المسلم بعض الأمثلة:
لما قاتل أبوبكر الصديق مانعي الزكاة، هل أتى بتشريع غير شرعة محمد r، علماً أن ذلك لم يكن في عهده r، وهوأن أحداً لم يمنع زكاة ماله فيأمر رسول الله عليه الصلاة والسلام بقتله، ولكن بقتاله y لمانعي الزكاة حقق قوله عليه الصلاة والسلام وهو: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله} [37].
وكذلك ألم يشرع النبي r بقتال الخوارج علماً أنه عليه الصلاة والسلام لم يرهم بعد، فقد جاء عن علي t قال: سمعت رسول الله r يقول: {سيخرج قوم في آخر الزمان أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة} [38].
وكذلك عندما أمر عليه الصلاة والسلام بلعن الكاسيات العاريات، واللاتي لم يكن منهن واحدة في زمانه، فهذا تشريع لزمن ما سيظهر فيه هذا الذي أخبر عنه r، وقد ظهر هذا بزماننا والعياذ بالله من فتنة النساء، فقد جاء عن عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله r يقول: {يكون في آخر أمتي رجال يركبون على سرج كأشباه الرحال، ينزلون على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف، العنوهن فإنهن ملعونات} [39].
وجاء أيضاً عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا قال رسول الله
r: {ليأتين عليكم أمراء؛ يقربون شرار الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا، ولا جابيا ولا خازنا} [40].
وكذلك أرشد رسول الله r أمته إلى تحديد أوقات الصلوات عندما يصبح اليوم كسنة، واليوم كالشهر، واليوم كالجمعة، وذلك في وقت خروج الدجال لعنه الله، وغير ذلك كثير من هذا القبيل من التشريع، فهذا كله من التشريع والذي شرعه الله تعالى في كتابه العزيز، أوسنه نبيه r، سواء كانت قولية، أوفعلية، أوإقرارية، وهذا الذي سيفعله عيسى عليه الصلاة والسلام من قتلٍ للخنزير، وكسرٍ للصليب، وهذا كله ما هوإلا عبارة عن سنة تشريعية، قولية وإقرارية، للحبيب المصطفى r تكون في زمانه عليه السلام .
فعند ذلك يتحقق قول الحبيب المصطفى r: كما جاء في الحديث: {ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أوذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر} [41]. أي يبلغ هذا الدين مشارق الأرض ومغاربها، عند ذلك يكون كما قال r: {وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم} أخرجه أبوداود عن أبي هريرة مرفوعا وقال الألباني صحيح، انظر الصحيحة 2182.
ويكون أيضاً {ولتذهبن الشحناء، والتباغض، والتحاسد، وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد} [42]، وفي رواية: {ويضع الجزية ويترك الصدقة، فلا يسعى على شاة ولا بعير، وترفع الشحناء والتباغض}، {حتى تكون السجدة الواحدة خيراً من الدنيا وما فيها، وتكون الدعوة واحدة لرب العالمين} .
يتبين لنا مما سبق؛ أنَّ الله تعالى يمُنُّ على هذه الأمة في زمن المهدي وعيسى بن مريم عليه السلام أن الله يخلص الأرض من فساد الدجال واليهود.
وكذلك يُهْلِكُ الله تعالى في زمانهما جميع الملل إلا الإسلام.
ويبلغ هذا الإسلام العظيم مشارق الأرض ومغاربها.
وتصبح راية الإسلام مظللة على جميع أنحاء المعمورة.
وتكثر الخيرات، والبركات، ويكثر المال.
وترفع العداوة من بين الناس، حتى يصل الحال إلى الحيوانات، فتصبح المفترسة منها أليفة، والسَّامة منها لا تضر.
ويكثر المال حتى يفيض، وهنا يتحقق قول الحق جلَّ وعلا: ) وَلَوأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرض ([43]، ويتحقق قوله عليه الصلاة والسلام كما جاء في سلسة الأحاديث الصحيحة: {ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، أوذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر}. أي سيبلغ هذا الدين بأمر الله ومشيئته وعونه الكرة الأرضية جمعاء، ما بلغ الليل والنهار، أي مطلع الشمس ومغربها، وهذا أيضاً مصداق قوله عليه الصلاة والسلام حيث قال: {إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها، وأعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض} [44].
يخبر هنا عليه الصلاة والسلام أن الله تعالى زوى له الأرض، فأراه المشرق والمغرب، وهذا كناية عن رؤية الكرة الأرضية كلها، حيث لا يوجد مكان في الكرة الأرضية، إلا وعمه المشرق والمغرب، معنى ذلك أن ملك هذه الأمة سيعم الأرض كلها، كما ذكرنا آنفا.
ويبرهن على ذلك أيضاً هذا الحديث الذي جاء عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله r: {لا تذهب الدنيا حتى يملكَ العربَ رجلٌ من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي} [45].
وفي رواية له: {لولم يبق من الدنيا إلا يوم؛ لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلا مني - أومن أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا}[46]. فقوله عليه الصلاة والسلام {يملأ الأرض قسطاً وعدلا}، أي تلك الأرض التي زويت له عليه الصلاة والسلام.

قد يقول قائل: كيف ستمتلأ الأرض قسطاً وعدلاً، وسيبلغ هذا الدين مشارقها ومغاربها، وهناك قوم مفسدون لا زالوا على ظهرها وهم قوم يأجوج ومأجوج؟
والرد عليه بأمر يسير: وهوأن الله تعالى جعل أمر يأجوج ومأجوج أمرا غيبيا، بل إن أحداً مهما علت رتبته سواء كانت دينية أودنيوية؛ لن يستطيع العثور على أولئك القوم، لأن الله تعالى مكَّن فقط لذي القرنين وهوالوحيد من خلقه سبحانه أن جعل له سلطانا عليهم، حيث قام بحبسهم، وذلك ببناء سور من معدن مكون من حديد ونحاس، فحال ذلك السور بينهم وبين باقي خلق الله، المقيمين في شتى أنحاء المعمورة، لكف شرهم وفسادهم عنهم، بهذا أخبرنا الحق سبحانه وتعالى عنهم في محكم تنزيله، حيث قال سبحانه: )حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْماً لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرض فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدّاً * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقّاً ([47].
إذن هم الآن محبوسون، ولا يخرجون من حبسهم إلا في اليوم المعلوم، وفي الوقت المعلوم الذي يأذن الله فيه لهم بالخروج من سجنهم، ومعنى أنهم محبوسون، أي أنهم لا سلطان لهم على أحد، بل لن يعثر عليهم أحد أبداً، وإنما هم الذين يخرجون للناس في وقت معلوم، لا يعلمه إلا علام الغيوب، وسيأتي الحديث عنهم إن شاء الله تعالى، وذلك عندما نتكلم عن العلامة الثالثة من علامات الساعة الكبرى .

إذن يعم الأمن والأمان في عهدهما، أي- المهدي والمسيح عليهما السلام-، وتكثر الأموال كما صح ذلك عن جابر t، حيث قال: قال رسول الله r: {يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده} . وفي رواية: قال: {يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، ولا يعده عدا} [48].
وجاء عن أبي سعيد الخدري قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث، فسألنا نبي الله r فقال: {إن في أمتي المهدي، يخرج يعيش خمسا أوسبعا أوتسعا)- زيد العَمِّيُّ الشاك أحد رواة الحديث – قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: (سنين). قال: (فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي أعطني أعطني قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله} [49].
وجاء أيضاً {يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع، وإلا فتسع، فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتى أكلها ولا تدخر منهم شيئا، والمال يومئذ كدوس، فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول خذ} [50].
وتبقى الأرض كلها على هذه الحالة الطيبة، ويبقى المؤمنون في هذا الخير مدة سبع سنين، ويكون في آخر هذه السنوات السبع، موت المهدي عليه السلام والله أعلم، وبعد أن تحقق وعد الله ووعد رسوله في زمانه من نصر للمؤمنين، والتمكين لهم في البلاد، قال r: {ثم يلبث الناس بعده سنين سبعا ليس بين اثنين عداوة}. أي بعد مقتل الدجال لعنه الله تعالى، انظر قصة الدجال للألباني رحمه الله.

تم بحمد الله وانتظروا رسالتنا الثانية والتي هي بعنوان خروج يأجوج ومأجوج






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
قديم 12-14-2009, 11:28 AM رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أحمد اسماعيل

الصورة الرمزية أحمد اسماعيل

إحصائية العضو







أحمد اسماعيل غير متواجد حالياً

 

افتراضي رد: علامات يوم القيامه

طلوع الشمس من مغربها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعـــد
* العلامة الرابعة من علامات أشراط الساعة الكبرى من حيث الترتيب الزمني، والأولى لتغيير العالم العلوي - طلوع الشمس من مغربها.
لقوله عليه الصلاة والسلام: {إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها…}[1].
قال الحافظ في الفتح (11/353): (فالذي يترجح من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم، وأن طلوع الشمس من المغرب هوأول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب)
وروى البخاري عَنْ أَبِي ذَرٍّ t قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ r لأَبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتْ الشَّمْسُ: {أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَبُ؟} قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: {فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ فَيُؤْذَنُ لَهَا، وَيُوشِكُ أَنْ تَسْجُدَ فَلا يُقْبَلَ مِنْهَا، وَتَسْتَأْذِنَ فَلا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: )وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(.
وقد جاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله r: {لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها: فإذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها، فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيرا} [2].
وهذا الحديث يفسر ما جاء في قوله تعالى: ) يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوكَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ([3].
جاء في تفسير الطبري لهذه الآية: (لا ينفع كافرا لم يكن آمن قبل الطلوع إيمان بعد الطلوع، ولا ينفع مؤمنا لم يكن عمل صالحا قبل الطلوع عمل صالح بعد الطلوع، لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ حكم من آمن أوعمل عند الغرغرة، وذلك لا يفيد شيئا، كما قال تعالى: ) فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ( وكما ثبت في الحديث الصحيح {إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر.}.
وقال ابن عطية: في هذا الحديث دليل على أن المراد بالبعض في قوله تعالى: (يوم يأتي بعض آيات ربك) طلوع الشمس من المغرب وإلى ذلك ذهب الجمهور. ومعنى الآية أن الكافر لا ينفعه إيمانه بعد طلوع الشمس من المغرب، وكذلك العاصي لا تنفعه توبته، ومن لم يعمل صالحا من قبل ولوكان مؤمنا لا ينفعه العمل بعد طلوعها من المغرب.
وقال أيضاً: يختم على عمل كل أحد بالحالة التي هوعليها. والحكمة في ذلك أن هذا أول ابتداء قيام الساعة بتغير العالم العلوي؛ فإذا شوهد ذلك حصل الإيمان الضروري بالمعاينة، وارتفع الإيمان بالغيب، فهوكالإيمان عند الغرغرة وهولا ينفع فالمشاهدة لطلوع الشمس من المغرب مثله.
وقال الحافظ في الفتح 11/353: (طلوع الشمس يسبق خروج الدابة ثم تخرج الدابة في ذلك اليوم أوالذي يقرب منه. قلت - أي الحافظ -: والحكمة في ذلك؛ أن عند طلوع الشمس من المغرب يغلق باب التوبة، فتخرج الدابة تميز المؤمن من الكافر، تكميلا للمقصود من إغلاق باب التوبة.
وقال أيضاً (الفتح 11/354): إن حديثه عليه الصلاة والسلام: {من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه} ، مفهومه أن من تاب بعد ذلك لم تقبل.
ولأبي داود والنسائي من حديث معاوية رفعه: {لا تزال تقبل التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها} [4]. وللطبراني عن عبد الله بن سلام نحوه.
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرورفعوه: {لا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت طبع الله على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل} انظر تحسين شعيب الأرنؤوط للحديث (1/192).
وأخرج أحمد عن معاوية رفعه: {لا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها}.
وأخرج الطبري عن ابن مسعود موقوفا: {التوبة مفروضة ما لم تطلع الشمس من مغربها}.
وفي حديث صفوان بن عسال، سمعت رسول الله r يقول: {إن بالمغرب بابا مفتوحا للتوبة مسيرة سبعين سنة لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه} [5].
وفي حديث ابن عباس نحوه عند ابن مردويه وفيه: {فإذا طلعت الشمس من مغربها رد المصراعان، فيلتئم ما بينهما، فإذا أغلق ذلك الباب؛ لم تقبل بعد ذلك توبة، ولا تنفع حسنة، إلا من كان يعمل الخير قبل ذلك، فإنه يجري لهم ما كان قبل ذلك} وفيه فقال أبي بن كعب: فكيف بالشمس والناس بعد ذلك؟ قال: {تكسي الشمس الضوء، وتطلع كما كانت تطلع، وتقبل الناس على الدنيا، فلونتج رجل مهرا؛ لم يركبه حتى تقوم الساعة} انظر فتح الباري 11/355.
*كيف يتم طلوع الشمس من مغربها؟؟:
من المعلوم أن الشمس منذ خلق الله السماوات والأرض تطلع كل يوم من المشرق وتغرب في المغرب، وتستأذن في ذلك ربها جل وعلا فيأذن لها أن تعيد الكرة. حتى إذا جاء الوقت الموعود؛ استأذنت ربها أن تطلع كعادتها فلا يأذن لها، ثم يقال لها: ارجعي من حيث أتيت. فبينما الناس كعادتهم ينتظرون الشمس تشرق كعادتها من مشرقها؛ وإذا هي تبهتهم بطلوعها من المغرب، فتروعهم روعا عظيما.
بهذا أخبر الحبيب المصطفى r، حيث سأل أصحابه قائلاً: {أتدرون أين تذهب هذه الشمس إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة، فلا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي أصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها، أتدرون متى ذاكم حين؟ {لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيرا} [6].
ذكر الحافظ في الفتح 11/355: (جاء في حديث عبد الله بن عمروبن العاص عند نعيم بن حماد في كتاب الفتن، وعبد الرزاق في تفسيره عن وهب بن جابر الخيواني قال: (كنا عند عبد الله بن عمروفذكر قصة قال ثم أنشأ يحدثنا قال: (إن الشمس إذا غربت سلمت وسجدت، واستأذنت في الطلوع، فيؤذن لها، حتى إذا كان ذات ليلة فلا يؤذن لها، وتحبس ما شاء الله تعالى ثم يقال لها: اطلعي من حيث غربت، قال: فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل}.
وأخرج أيضا من حديث عبد الله بن أبي أوفى قال: {تأتي ليلة قدر ثلاث ليال، لا يعرفها إلا المتهجدون، يقوم فيقرأ حزبه ثم ينام، ثم يقوم فيقرأ، ثم ينام، ثم يقوم، فعندها يموج الناس بعضهم في بعض، حتى إذا صلوا الفجر وجلسوا، فإذا هم بالشمس قد طلعت من مغربها، فيضج الناس ضجة واحدة، حتى إذا توسطت السماء رجعت}. وعند البيهقي في - البعث والنشور - من حديث ابن مسعود نحوه - فينادي الرجل جاره: يا فلان ما شأن الليلة؟ لقد نمت حتى شبعت، وصليت حتى أعييت، ثم يقال لها: اطلعي من حيث غربت، وذلك يوم لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أوكسبت في إيمانها خيراً} المصدر السابق.
نسأل الله سبحانه وتعالى لنا ولكم حسن الختام.
تم بحمد الله تعالى






آخر مواضيعي 0 مباراة الأهلي ووفاق سطيف الجزائري
0 دعاء يوم الجمعة
0 روسيا تسلم محطة تشيرنوبل النووية إلي أوكرانيا
0 دعاء آخر يوم في شعبان
0 فضل الصيام
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Content Relevant URLs by vBSEO 3.6.0 (Unregistered) Trans by

شبكة صدفة

↑ Grab this Headline Animator