محمد نبيل الشيمي
جمال عبد الناصر لم يمت ... ولن يموت
عفوا لا احد فوق الموت فهو سنة الله في خلقه " كل من عليها فان" ولكن عندما أقول أن عبد الناصر لم يمت ولن يموت فأنى اقصد عبد الناصر الثائر الوطني- العف – النظيف – عبد الناصر الإنسان ...كنت قد كتبت مقالا بعنوان عبد الناصر في ذكرى مولده ... على موقعي بالحوار المتمدن وتغلبت عاطفتي على عقلي ولم اكتب كل ما جمعته عن مناقب وعطاء هذا الزعيم الخالد ... وقد يسأل البعض ما أسباب حبي لعبد الناصر ؟ .... أقول أنا ابن جيل تربى على قيم النخوة والاعتزاز بمصريته وعروبته ... أنا ابن جيل وفرت له ثورة عبد الناصر كل مقومات الحياة الحرة الكريمة من تعليم وفرص عمل وتأمين صحي وفضلا عن الإحساس بالعزة والكرامة ... واحمد الله أنى عشت عصر ناصر العظيم .
... أما لماذا عدت للكتابة عن ناصر ... يعود ذلك إلى مقاله السيد السفير بهي الدين الرشيدي تحت عنوان " عيد الناصر والثورة المضادة " الأهرام 3/2/2010 وتتعلق المقالة بما نشر من تعليقات حول مذكرات الطبيب مصطفى محمود والتي تضمنت فقرات تركزت كلها في الهجوم على ثورة يوليو وزعيمها ناصر من منطلق متطرف يهيل التراب على المرحلة الناصرية وادعاء إنها كانت ضد مصالح الشعب وإنها كانت مقبرة للحريات والكرامة ومرتعا للفساد والطغيان وإنها كانت مرحلة سيطر فيها أصحاب السلطة وعملاؤهم على مصادر الثروة فضلا عن أن السد العالي وتأميم القناة والإصلاح الزراعي.... كل هذه الانجازات لم تقدم خيرا لمصر ... استفزني هذا ووجدت أن من الإنصاف أن نتصدى لهذه الأقاويل المضللة الكاذبة التى تنم عن جهل وعصبية وكره وعدم الموضوعية .
وعلى الرغم من ادراكى أن الأقلام الظالمة لن تنال من الرجل إلا اننى كغيري من الناصرين وهم والحمد لله كثر على امتداد مصرنا الغالية ,,, وفى ربوع وطننا العربي الكبير ... وغيرهم من الذبن عرفوا ناصر وثورته على امتداد دول العالم الثالث ... رأيت أن أرد علبهم وليسمح لى القارئ فى البداية ان استعير بعضا مما كتب عن عبد الناصر من أشخاص لم يكونوا أبدا من الناصرين ولكن تكلموا بموضوعية وبرؤية عادلة فهذا سيد على الكاتب بالأهرام يقول في عموده الاسبوعى بالاهرام .
" لم أكن في حياته وبعد مماته ناصريا ولكن مع الأيام أترحم عليه وعلى أيامه وعلى كبرياء أمه"
.... كان جمال عبد الناصر بطلا ... وقائدا الهمة الله القدرة على القيادة بالعزيمة والشجاعة والاعتزاز بالنفس والإيمان بحق شعبه في العيش بكرامة وعزة .... كانت عقيدته الراسخة تؤكد على أن من حق كل مواطن على ارض مصر الحصول على حقه في الحياة وهو مرفوع الرأس بغير وساطة أو من ... كان عبد الناصر رحمه الله رجلا كغيره من أبناء مصر البررة المخلصين يعيش بين الناس حاملا همومهم وأتراحهم ويشاركهم أفراحهم وتطلعاتهم ... نجح بعبقرية يحسد عليها في تحرير المصريين من الخوف أولا سواء الخوف من القصر وأحزابه القمعية العميلة أو الخوف على نفوسهم ولقمة العيش ... نجح ناصر في ذلك من خلال أشعار المصريين بان كرامتهم استبيحت وحقوقهم أهدرت بسبب وجود مستعمر غاصب وملك فاسد وأحزاب رجعية تمثل الإقطاع ورأس المال الجشع ولكن بسبب ضعف الشعب عن المطالبة بحقوقه .... وهكذا نجح عبد الناصر في استخراج روح المقاومة الكامنة في نفوس المصريين ... يقول الكاتب الكبير الأستاذ السيد ياسين تحت عنوان ثورة يوليو في ميزان التقييم التاريخي ( الأهرام 30/7/2009 .)
هل كانت الثورة مجرد انقلاب عسكري قامت به حفنة من الضباط المغامرين كما تحذلق في وصفها بعض أساتذة القانون الدستوري فور قيامها . وكما ما زالت تصر على وصفها الكتابات الوفدية والاخوانية وهل صحيح أن الثورة حين قامت لم يكن لديها برنامج واضح المعالم وهل كان هدف الضباط الأحرار مجرد تغيير النظام ثم الانسحاب يعد ذلك إلى الثكنات كما تؤكد بعض المقالات التي لا تستند إلى اى دليل تاريخي ؟
في تقديرنا أن الثورة حين هبت جاءت ومعها مشروعها الذي أسس شرعيتها التاريخية عبر الزمن ومن خلال الممارسة ولولا هذا لما كانت سوى انقلاب عسكري من أين استمدت الثورة مشروعها وما هي عناصره ؟
الجواب بكل بساطة هو ان مشروع الثورة لم يكن سوى مشروع الحركة الوطنية للتغيير الاجتماعي الذى المحنا من قبل الى ملامحه الاساسية والدليل التاريخى على ما نقول ان قانون الاصلاح الوراعى الاول صدر بعد ستة اسابيع فقط من قيام الثورة .
غير ان الثورة لم تستسلم مشروعا مكتمل البنيان لانه كان فى الواقع مشروعا فى سبيل التبلور والتكوين بعض عناصره كانت تتسم بالعمومية الشديدة والتى هى اقرب الى الشعارات منها الى المبادئ المحددة وبعضها كان يتناقض – لدرجة كبيرة او صغيرة – مع عناصر أخرى – الم نقل ان المشروع كان محصلة صراع وتفاعل بين كل التيارات السياسية والفكرية المصرية بدون استثناء ؟
ان العمل الابداعى للثورة أنها كسبت هذا المشروع – وبالتدريج وعبر الزمن ومن خلال المحاولة والخطأ – التناسق الفكري الضروري لاى مشروع حضاري قومى غير انه اهم من ذلك انها انزلت المشروع من عالم الافكار المجردة والدعوات المطلقة الى ارض الواقع من خلال الممارسة
وأثبتت الممارسة الثورية المصرية أنها – كأي ممارسة تاريخية فى العالم – لابد لها ان تبتعد قليلا او كثيرا عن المثل العليا والقيم المطلقة التى انطوى عليها المشروع لانه فى عالم الواقع – ليست هناك نظرية واحدة ايا كان مصدرها دينيا كان او وضعيا – يمكن ان تطبق بصورة نقية خالية من الشوائب والأخطاء .
ومن هنا كما أصابت الثورة أخطأت وأحيانا كانت الأخطاء جسيمة وفادحة وغير مبررة .
ولعل ابرز أخطائها التلكؤ في الانفتاح السياسي والديمقراطي بعد أن ثبتت عدم فعالية صيغة التنظيم السياسي الواحد واهم من ذلك هزيمة يونيو 1967 والتي كشفت عن خلل جسيم في بنية القيادة السياسية التي لم تستطع أن تسيطر على جموح المؤسسة العسكرية .
ولكن هل تنفى هذه الأخطاء أن ثورة يوليو وضعت مصر على مستوى القرن العشرين في مجال تحرير الإنسان من الاستغلال الطبقي – وتحويل الرعايا إلى مواطنين واسترداد الكبرياء الوطني في مواجهة الهيمنة الأجنبية ومحاولة القضاء على التخلف من خلال جهود ابداعية في مجال التنمية – وتأسيس قوات مسلحة حديثة وعصرية أثبتت قدرتها الفائقة على الدفاع عن التراب الوطني كما ثبت في حرب أكتوبر 1973
ونستطيع أن نؤكد انه لن تبقى فاعلة سوى مواقف الكتاب الذين لم يتحولوا ليس بسبب جمود فكرى أو تعصب عقائدي ولكن لأنهم يؤمنون بأصالة النضال المصري ضد التبعية والاستغلال والرجعية وأعضاء هذه الكتيبة المناضلة لن يكونوا أبدا منظرين لليأس ولا داعين للاستلام ولكنهم يضعونهم أمام موجات الإرهاب الفكري والمادى يفتحون أمام شعبنا المصري العربي في ظل تراثنا الزاخر فى الوحدة الوطنية والقومية العربية والانفتاح الفكري أبواب الامل في غد مشرق سترتفع فيه رايات العقلانية والعصرية والديمقراطية .
وها هو الكاتب عمرو عبد السميع يكتب تحت عنوان الشارعيزم وعبد الناصر في مقالته المشورة بجريدة الاهرام يقول
ومن نافلة القول الحديث عن عداء قوى الشوارعيزم على مشهد الحياة فى مصر اليوم مع المشروع السياسى والوطنى الذى يحمل اسم الزعيم جمال عبد الناصر . والذى تواصلت معركتها معه حتى اللحظة الراهنة على الرغم من رحيله الى رحاب الله قبل تسعة وثلاثون عاما بالتمام والكمال .
موجات تلو موجات من التهجم والهجوم واصبة محاولاتها لوصم خيارات الرجل السياسية وفكره الاجتماعى . مستمدة المدد من بعض القرى الاقليمية والدولية ومتعدية بالقول والاشارة والتشويه والتزييف على كل منجزه الوطنى والعروبى ، عامدة الى ضرب كل المؤسسات والشخوص الذين قام عليهمم نظام عبد الناصر وصولا حتى الى جهاز الامن القومى متخذة من واقعة محدودة تتعلق بالمرحوم المشير عبد الحكيم عامر – ثم حساب الضالعين فيها وقتها ، متكأ لمحاولات انكار الدور البطولى والوطنى الذى اضطلع به ذلك الجهاز لحماية البلد ونظامها .
ومن نافلة القول كذلك الاشارة الى تناقض المصالح التى تعبر عنها تحالف الشوارعيزم بعناصره المعروفة رجال الاعمال المتمولون ورجال الحكومة المتنفذون (ارهابيو الصوت والقلم من الاعلاميين المأجورين ) فى مشهد الحياه اليوم – مع تلك التى نذر مشروع ثورة يوليو جل جهده للدفاع عنها وتعظيمها ، واعنى مصالح المستضعفين ، والبسطاء ، ملح الارض ، ووقود الحياه.